فيروس كورونا المستجد (كوفيد-١٩)

إن حياة البشر وسبل عيشهم معرضان للخطر بسبب هذه الجائحة.

ورغم تباطؤ وتيرة انتشار جائحة كوفيد-19 وتراجع عدد حالات الإصابة بها في بعض البلدان، فإنها آخذة في الظهور مجددًا في بلدان أخرى أو يتواصل انتشارها بسرعة. وما تزال هذه الجائحة تمثل مشكلة عالمية تستدعي استجابة عالمية.

وإذا لم نتخذ إجراءات فورية، فإننا نواجه خطر حدوث حالة طوارئ غذائية عالمية يمكن أن تنطوي على آثار طويلة الأجل تطال مئات الملايين من الأطفال والبالغين.

ويعزى ذلك في معظمه إلى عدم إمكانية على الحصول على الأغذية نظرًا إلى انخفاض الدخل وفقدان التحويلات، وفي بعض السياقات، إلى ارتفاع أسعار الأغذية. وفي البلدان المتضررة أصلًا من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، لم يعد الأمر يتعلق بمسألة الحصول على الأغذية فحسب، بل بشكل متزايد بمسألة خاصة بإنتاج الأغذية.

فقد عصفت جائحة كوفيد-19 بالعالم في وقت تتواصل فيه مستويات الجوع أو نقص التغذية في الارتفاع. وتفيد آخر تقديرات الأمم المتحدة أن ما لا يقل عن 83 مليون شخص إضافي، وربما ما يصل إلى 132 مليون شخص، قد يعانون من الجوع في عام 2020 نتيجة للركود الاقتصادي الناجم عن هذه الحائجة.

وسيكون هذا إضافة إلى الأشخاص الذين يعانون من الجوع الآن البالغ عددهم 690 مليون شخص. وفي الوقت نفسه، هناك 135 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد وهم بحاجة إلى مساعدة إنسانية عاجلة.

وعندما يعاني الناس من الجوع أو من نقص التغذية المزمن، فهذا يعني أنه يتعذر عليهم تلبية احتياجاتهم الغذائية –
أي استهلاك ما يكفي من السعرات الحرارية ليعيشوا حياة طبيعية ونشطة – على مدى فترة مطوّلة. وإن ذلك ينطوي على آثار طويلة الأجل بالنسبة إلى مستقبلهم، ويظل يشكّل انتكاسة للجهود المبذولة عالميًا للقضاء التام على الجوع. وعندما يعاني الناس من انعدام أمن غذائي حاد يرقى إلى مستوى أزمة، فهذا يعني أنهم يتمتعون بإمكانية وصول محدود
إلى الأغذية على الأجل القصير جراء الأزمات العرضية والمفاجئة التي قد تعرض حياتهم وسبل عيشهم للخطر. ولكن إذا حصل الأشخاص الذين يواجهون انعدام أمن غذائي حاد يرقى إلى مستوى أزمة على المساعدة التي هم بحاجة إليها، فإنهم لن ينضموا إلى صفوف الجياع ولن تصبح حالتهم مزمنة.

ومن الواضح أنه رغم وجود ما يكفي من الأغذية للجميع على الصعيد العالمي، ما زال عدد كبير جدًا من الناس يعانون من الجوع. وإن نظمنا الغذائية تخفق، ويزيد الوباء الطين بلّة.

ويفيد البنك الدولي أن الأثر الاقتصادي الناجم عن الجائحة يمكن أن يزجّ بقرابة 100 مليون شخص في حالة من الفقر المدقع.

وارتفاع معدلات البطالة وخسائر الدخل وارتفاع تكاليف الأغذية كلّها عوامل تعرِّض الحصول على الأغذية للخطر
في البلدان المتقدمة والنامية على السواء وسيكون لها آثار طويلة الأجل على الأمن الغذائي.

وبالإضافة إلى ذلك، قد تتسبب الجائحة في ركود الاقتصادات الوطنية، ولذلك ينبغي للبلدان اتخاذ تدابير عاجلة للتخفيف من حدة الآثار الطويلة الأجل على النظم الغذائية والأمن الغذائي.

ويشكّل عجز المنتجين على زراعة أراضيهم هذا العام أو عدم زراعة ما يكفي، كما جرت العادة، مصدر قلق بالغ. وإذا لم نساعد المنتجين على الزراعة هذا العام، فهذا سيترجم إلى نقص في الأغذية في وقت لاحق من هذا العام وفي عام 2021.

وثمة أيضا، على نفس الدرجة من الأهمية، التهديد المركّب الذي تشكّله الجائحة بالنسبة إلى الأزمات الحالية - مثل النزاعات والكوارث الطبيعية وتغير المناخ والآفات والأمراض الحيوانية - التي تلقي بكل ثقلها أصلًا على نظمنا الغذائية وتؤدي إلى انعدام الأمن الغذائي في مختلف أنحاء العالم.

وتشير التحليلات الأخيرة للتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي إلى تفاقم يبعث على القلق لحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد في البلدان التي تعاني أصلًا من أزمات أخرى.

وتجنبًا لحدوث حالة طوارئ غذائية، ثمة حاجة ملحة لحماية الفئات الأشد ضعفًا والحفاظ على سلاسل الإمدادات الغذائية العالمية والتخفيف من حدة آثار الجائحة على امتداد النظام الغذائي وحماية إنتاج الأغذية بل وحتى زيادته قدر المستطاع والتطلّع إلى ما وراء الجائحة وإعادة بناء نظم غذائية أفضل وأكثر قدرة على الصمود.

وترى المنظمة أنه بالإمكان القيام بالكثير لإبعاد الناس عن شفا الهاوية الآن.

تفيد آخر تقديرات الأمم المتحدة (تقرير حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم لعام 2020) أن قرابة 690 مليون شخص عانوا من الجوع في عام 2019 - بزيادة قدرها 10 ملايين شخص مقارنة بعام 2018، وحوالي 60 مليون شخص في خمس سنوات. وإن ارتفاع التكاليف وانخفاض القدرة على تحمّلها يعنيان أيضًا أن مليارات الأشخاص لا تستطيع تناول أغذية صحية أو مغذية.

ويتوقع التقرير أن تفضي جائحة كوفيد-19، في مختلف أنحاء العالم، إلى معاناة ما يصل إلى 132 مليون شخص من الجوع المزمن بحلول نهاية عام 2020.

وفي الوقت ذاته، أفاد التقرير العالمي حول الأزمات الغذائية لعام 2020 الصادر في أبريل/ نيسان، أن التقديرات تشير إلى أن 135 مليون شخص في 55 بلدًا وإقليمًا عانوا من مستويات من انعدام الأمن الغذائي الحاد ترقى إلى مستوى أزمة في نهاية عام 2019. وعلاوة على ذلك، عانى 75 مليون طفل من التقزم بينما عانى 17 مليون طفل من الهزال في عام 2019. ويعتبر ذلك أعلى مستوى لانعدام الأمن الغذائي الحاد وسوء التغذية يرقى إلى مستوى أزمة منذ الإصدار الأول للتقرير في عام 2017.

وفي الآونة الأخيرة، قام تحليل أجرته المنظمة وبرنامج الأغذية العالمي في يوليو/تموز 2020، بتحديد 27 بلدًا - لا يوجد أي إقليم في العالم بمنأى عن الجائحة- تقف على خط المواجهة في الأزمات الغذائية الوشيكة التي تتسبب فيها جائحة كوفيد-19، نظرًا إلى أن الآثار الناشئة عن الجائحة تسفر عن تفاقم العوامل المؤدية إلى الجوع الموجودة مسبقًا .

ويدق التحليل ناقوس الخطر، محذرًا من أن هذه "البلدان الشديدة التأثر" عرضة لخطر كبير يتمثل في تفاقم حالة الأمن الغذائي على نحو كبير في الأشهر المقبلة، بما في ذلك تزايد أعداد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد- وهي في بعض الحالات تشهد ذلك فعلًا.

ولهذا السبب، ينتاب المنظمة بالغ القلق من آثار الجائحة على المجتمعات المحلية المستضعفة التي تعاني بالفعل من الجوع أو غيره من الأزمات - بما يشمل تفشي الجراد الصحراوي في القرن الأفريقي ومناطق أخرى، والصدمة الاقتصادية / انعدام الأمن في اليمن أو منطقة الساحل، على سبيل المثال - وكذلك البلدان التي تعتمد اعتمادًا كبيرًا على الواردات الغذائية، مثل الدول الجزرية الصغيرة النامية، والبلدان التي تعتمد على الصادرات الأولية من قبيل النفط.

فعلى سبيل المثال، سجّل السودان أعلى عدد له على الإطلاق، إذ بلغ 9.6 ملايين شخص خلال الفترة الممتدة بين يوليو/تموز وسبتمبر/أيلول 2020 (توقعات التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي– يونيو/حزيران – ديسمبر/كانون الأول 2020).

وفي الصومال، من المتوقع أن يتزايد عدد الأشخاص الذين يعانون من أزمة أو مستويات أسوأ من انعدام الأمن الغذائي الحاد بثلاثة أضعاف تقريبًا قياسًا إلى تقديرات ما قبل تفشي جائحة كوفيد-19 ( وحدة الأمن الغذائي وتحليل التغذية، مايو/أيار 2020).

وفي أفغانستان، يعاني 13.2 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الحاد (التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي 3-4)، وهو ما يمثل زيادة بحوالي مليون شخص منذ تطبيق التدابير ذات الصلة بجائحة كوفيد-19 (توقعات التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي– مايو/ أيار- نوفمبر/تشرين الثاني 2020).

كما ستتأثر البلدان التي تعتمد بشكل كبير على صادرات السلع الأساسية (الأغذية والمواد الخام والوقود)، في الحاضر والمستقبل، بالانخفاض الكبير في الطلب من البلدان المتقدمة. فبلدان أفريقيا ستستمر عائداتها في الانخفاض لعدم قدرتها على تصدير منتجاتها (مثل النفط والقطن). كما أن الأمر أكثر صعوبة بالنسبة إلى الجزر والأقاليم الصغيرة بسبب توقف السياحة التي تشكّل مصدر عائدتها الرئيسي، وربما سيستمر الوضع على هذا النحو أو سيتباطأ بشكل كبير إلى حين توفر لقاح أو علاج لفيروس كوفيد-19. وفي كثير من الحالات، تعتمد الجزر والأقاليم الصغيرة على تصدير النفط. كما أنها تعتمد على التحويلات التي انخفضت بنسبة 20 في المائة، وهي عرضة للصدمات المناخية وتعتمد على الواردات الغذائية.

وتشمل الفئات المستضعفة كذلك صغار المزارعين والعمال المهاجرين والعمال غير النظاميين والرعاة وصيادي الأسماك الذين قد يواجهون ما يؤدي إلى إعاقتهم عن العمل في أراضيهم أو العناية بمواشيهم أو الصيد الأسماك. كما سيواجهون صعوبات في الوصول إلى الأسواق لبيع منتجاتهم أو لشراء المدخلات الأساسية، أو سيعانون بسبب ارتفاع أسعار الأغذية ومحدودية القدرة الشرائية. وقد تضرر العمال غير النظاميين على نحو كبير من فقدان العمل والدخل في مجالي الحصاد والتجهيز.

هذا ويفتقد ملايين الأطفال أيضًا إلى الوجبات الغذائية المدرسية التي أصبحوا يعتمدون عليها، والكثير منهم لا يتمتع رسميًا بإمكانية الحصول على الحماية الاجتماعية، بما في ذلك التأمين الصحي.

وبالإضافة إلى التأثير على الزراعة، من المتوقع أيضًا حدوث تأثيرات قطاعية أخرى. فعلى سبيل المثال، توفر الأسماك أكثر من 20 في المائة من متوسط المتناول من البروتين الحيواني للفرد الواحد لثلاثة مليارات شخص، أكثر من 50 بالمائة في بعض البلدان الأقل نموًا، وتعتبر أيضًا إحدى السلع الغذائية الأكثر تداولًا في التجارة العالمية. وبالتالي، فإن الأثر المترتب على سبل معيشة مجتمعات الصيادين والأمن الغذائي والتغذية والتجارة، خاصة في تلك البلدان التي تعتمد بشكل كبير على قطاع صيد الأسماك، سيكون كبيرًا.

وإن البلدان النامية معرضة للخطر بشكل خاص نظرًا إلى أن جائحة كوفيد-19 يمكن أن تؤدي إلى انخفاض اليد العاملة وأن تؤثر على الدخل وسبل المعيشة وكذلك أشكال الإنتاج التي تتسم بكثافة استخدام اليد العاملة (الزراعة ومصايد الأسماك/ تربية الأحياء المائية). وإن أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، التي يوجد فيها معظم البلدان التي تعاني من أزمات غذائية وتنتشر فيها الجائحة في أوقات حرجة بالنسبة إلى كل من المزارعين والرعاة – أي في الوقت الذي يحتاج فيه الناس إلى الحصول على البذور والمدخلات الأخرى، وإلى الوصول إلى مزارعهم لزراعتها، تشكّل مصدر قلق بالغ.

إن سلسلة الإمدادات الغذائية هي شبكة معقّدة تشمل المنتجين والمستهلكين والمدخلات الزراعية والسمكية والتجهيز والتخزين والنقل والتسويق، وغير ذلك.

وقد تعرضت سلاسل الإمدادات الغذائية في بداية الأزمة للضغط نظرًا إلى قيام الكثير من البلدان بفرض قيود على حركة البضائع والأشخاص عبر الحدود وداخلها. ونتيجة لذلك، لم يتمثل التحدي في توافر الأغذية وإنما في سهولة الوصول إليها.

وقد بادرت بعض البلدان بعد ذلك، جراء ما انتابها من قلق حيال جميع أوجه عدم اليقين ذات الصلة التي تكتنف الإمدادات الغذائية، إلى تقييد صادراتها الغذائية، ممّا زاد الطين بلّة.

وتم اعتماد هذه التدابير الحمائية بشكل جزئي تفاديًا لارتفاع أسعار الأغذية المحلية لأن تصدير المنتجات بدلًا من بيعها محليًا أصبح أكثر ربحية لمنتجي الأغذية جراء ضعف العملات الوطنية. وكان من الممكن أن يكون لما نتج من تضخم في أسعار الأغذية عواقب وخيمة، بما يجعل مستوى الفقر أسوأ ويؤدي إلى حدوث اضطرابات اجتماعية وسياسية.

ولحسن الحظ، تم تفادي الحمائية المفرطة وإزالة الكثير من القيود التي فرضت في بداية الأمر، حيث اعتمدت البلدان بشكل عام نهجًا منضبطًا ومعقولًا.

وعلى الصعيد العالمي، كانت الإمدادات الغذائية كافية وظلت الأسواق مستقرة حتى الآن. فعلى سبيل المثال، فإن مخزونات الحبوب العالمية تبلغ مستويات مريحة والتوقعات بالنسبة إلى القمح والمحاصيل الرئيسية الأخرى لعام 2020 إيجابية.

ولكن ما تزال هناك اضطرابات على امتداد سلاسل الإمدادات الغذائية، وهي تختلف باختلاف الحالات، وما زال هناك الكثير ممّا هو في علم الغيب.

إنتاج الأغذية:

على الرغم من أن حدوث انخفاض في إنتاج السلع ذات القيمة العالية (أي الفواكه والخضار) بات مرجحًا فعلًا، فإن ذلك لم يلاحظ بعد بسبب عمليات الإغلاق والاضطرابات الحاصلة في سلسلة القيمة.

وفي البلدان المتضررة فعلًا بأزمات أخرى، تشير الدراسات الاستقصائية الميدانية التي تجريها المنظمة حاليًا إلى أن صغار المنتجين يواجهون تحديات متزايدة في الحصول على المدخلات - مثل البذور والأسمدة - بسبب ارتفاع أسعار هذه المدخلات؛ والانخفاض الشديد في مداخيل الأسر؛ و/أو عدم توافر هذه المدخلات في الأسواق.

وفي الوقت الذي لا ندرك فيه بعد مدى حجم هذه التبعات على الإنتاج الوطني، ففي بعض البلدان، مثل أفغانستان، تتوقع دراسة استقصائية، أجرتها المنظمة بالتعاون مع الحكومة، حدوث انخفاض هذا العام لأكثر من 50 في المائة من الأغذية، من قبيل الحبوب والفواكه والخضار ومنتجات الألبان. وقد شارك في هذه الدراسة ما يزيد عن 300 1 شخص، بما في ذلك المزارعون والتجار والقائمون على التجهيز/ أصحاب وحدات الطحن والموظفون الزراعيون، من 18 مقاطعة في أفغانستان.

وقد ينطوي تراجع إنتاج الأغذية على آثار وخيمية بالنسبة إلى توافر الأغذية. فإذا انخفضت المساحات المزروعة، ستنحفض المحاصيل أيضًا، ممّا يعني أنه سيتعذر على الأسر المزارعة نفسها، والتي غالبًا ما تكون من بين الفئات الأشد معاناة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، ومجتمعاتها المحلية، الحصول على ما يكفي من الأغذية المغذية في نهاية المطاف.

مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية:

يمكن للآثار المترتبة على قطاع مصايد الأسماك وترية الأحياء المائية أن تكون متفاوتة ومعقدة للغاية. فبالنسبة إلى مصايد الأسماك الطبيعية، يمكن لعجز سفن الصيد على العمل (بسبب محدودية أو انهيار الأسواق وكذلك التدابير الصحية التي يصعب الالتزام بها على متن السفينة) أن يؤدي إلى تأثير متعاقب على طول سلاسل القيمة يتعلق بالإمداد بالمنتجات، بشكل عام، وتوافر أنواع معينة. وبالإضافة إلى ذلك، فبالنسبة إلى مصايد الأسماك الطبيعية وتربية الأحياء المائية، يمكن للمشكلات في الخدمات اللوجستية المرتبطة بالقيود المفروضة على النقل وإغلاق الحدود وتراجع الطلب في المطاعم والفنادق أن تؤدي إلى تغييرات كبيرة في السوق، ممّا يؤثر على الأسعار.

قطاع الثروة الحيوانية:

تؤثر الجائحة على قطاع الثروة الحيوانية بسبب انخفاض إمكانية الحصول على علف الحيوانات وانخفاض قدرات المسالخ (بسبب القيود اللوجستية ونقص اليد العاملة)، كما حدث في الصين.

وفي البلدان المتضررة فعلًا بأزمات أخرى، تشير الأدلة المنبثقة عن تقييمات المنظمة إلى أن قطاع الثروة الحيوانية عرضة بشكل خاص لتأثيرات الجائحة.

فعلى سبيل المثال، تعرضت إمدادات العلف الحيواني، في زيمبابوي، لاضطرابات بسبب تدابير الاحتواء وعدم قدرة شركات الأعلاف على الحصول على المواد الخام والموظفين. وفي أفغانستان، تضرر البدو الكوشيون بشدة جراء تقييد إمكانية وصولهم إلى المراعي ونقص الأعلاف/ المحاصيل العلفية المناسبة وتزايد أسعارها، إضافة إلى تراجع إمكانية الحصول على الخدمات البيطرية المضمونة. وقد أشار حوالي ثلثهم إلى أن التنقل الرعوي إما ممنوع أو محدود، ممّا يسفر عن بعض التوتر على الصعيد المحلي.

النقل:

تعيق عمليات إغلاق طرق النقل بشكل خاص سلاسل إمدادات الأغذية الطازجة، وقد تسببت في زيادة مستويات الفاقد والمهدر من الأغذية. وإن الأسماك الطازجة ومنتجات الأحياء المائية، القابلة للتلف السريع والتي يتعين بالتالي بيعها أو تجهيزها أو تخزينها خلال وقت محدود نسبيًا، معرضة للخطر بشكل خاص.

ومن المرجح أن تؤدي القيود المفروضة على النقل وتدابير الحجر الصحي إلى إعاقة وصول المزارعين وصيادي الأسماك إلى الأسواق، بما يحد ّمن قدراتهم الإنتاجية ويعيق بيعهم لمنتجاتهم. ويمكن لنقص اليد العاملة أن يتسبب في عرقلة إنتاج الأغذية وتجهيزها، لا سيما بالنسبة إلى القطاعات التي تتسم بكثافة استخدام اليد العاملة (كالمحاصيل العالية القيمة واللحوم والأسماك على سبيل المثال).

الأسواق:

يتمخض إغلاق المطاعم ومحلات بيع أغذية الشوارع عن اختفاء سوق رئيسي للعديد من المنتجين والقائمين على تجهيز الأغذية، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى وفرة مفرطة مؤقتة أو خفض الإنتاج الأولي كما يحدث الآن في قطاعي الأسماك واللحوم. وفي بعض الدول النامية، تشهد إمدادات المنتجات الطازجة والطلب عليها في المدن انخفاضًا بسبب القيود المفروضة وعزوف التجار والمستهلكين عن شرائها.

لقد سُجّلت زيادة كبيرة في الطلب في بداية تفشي جائحة كوفيد-19.

ويختلف الإنتاج والطلب باختلاف السلع الغذائية الرئيسية. فعلى سبيل المثال، رغم أوجه عدم اليقين الناشئة عن الجائحة، تشير التوقعات الأولى للمنظمة للموسم 2020/2021 إلى حالة مريحة بالنسبة إلى العرض والطلب على الحبوب.

ومن جهة أخرى، من المتوقع أن يتراجع إنتاج اللحوم الإجمالي في العالم بنسبة 1.7 في المائة في عام 2020، وذلك بسبب أمراض حيوانية واضطرابات الأسواق ذات الصلة بجائحة كوفيد-19 والآثار المستمرة لموجات الجفاف.

وسيتواصل تأثير جائحة كوفيد-19 بشكل كبير هذا العام على أسواق الأغذية البحرية، وخاصة المنتجات الطازجة والأنواع المفضلة لدى المطاعم. وبالنسبة إلى العرض، باتت أساطيل الصيد عاطلة عن العمل وخفّض منتجو تربية الأحياء المائية بشكل ملحوظ أهدافهم المتعلقة بالتخزين.

ومن المتوقع أن تؤثر الجائحة بشدة على الإنتاج العالمي من الجمبري والسلمون على وجه الخصوص. ففي الهند، على سبيل المثال، يتوقع انخفاض إنتاج الجمبري المستزرع بنسبة تترواح بين 30 و40 في المائة.

ويسجّل الطلب العالمي على كل من الجمبري الطازج والمجمّد تراجعًا كبيرًا أيضًا، في حين يتوقع انخفاض الطلب على السلمون بنسبة لا تقل عن 15 في المائة في عام 2020. كما انخفضت مبيعات أسماك السلمون والتروت (السلمون المرقط) الطازجة بالتجزئة بشكل كبير، ولن يشهد ذلك تعافيًا لبعض الوقت.

وستواجه أسواق الأغذية، بشكل عام، عدة أشهر أخرى من عدم اليقين جراء جائحة كوفيد-19، ولكن من المحتمل أن يتحلى قطاع الأغذية الزراعية أكثر من القطاعات الأخرى بقدرة أكبر على الصمود في مواجهة الأزمة الناشئة عن هذه الجائحة.

ويمكن الاطلاع على المزيد من المعلومات عن أحدث التوقعات لاتجاهات الإنتاج والسوق في الفترة 2020-2021 للسلع الغذائية الأكثر تداولًا في العالم .

وتشير التوقعات الزراعية المشتركة بين منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي ومنظمة الأغذية والزراعة للفترة 2020-2029 (يوليو/تموز 2020) إلى أنه يتوقع، على المدى الأطول، أن تؤدي الجائحة إلى تراجع الطلب في السنوات القليلة المقبلة ويمكن أن تزيد من تقويض الأمن الغذائي.

واصلت أسعار الأغذية العالمية ارتفاعها للشهر الثاني على التوالي في يوليو/تموز (بحسب أحدث تحليل)، وقد تصدرت هذه الارتفاعات الزيوت النباتية ومنتجات الألبان. ولكن أسعار اللحوم والأرز سجّلت تراجعًا.

ويمكن الاطلاع على المزيد من المعلومات عن أسعار الأغذية العالمية للسلع الغذائية الأكثر تداولًا هنا.

وعلى الصعيد المحلي، تشهد أسعار بعض السلع الغذائية، في الأسواق ولا سيما في البلدان التي تعاني أصلًا من الجوع وغيره من الأزمات، ارتفاعًا يعزى بالأساس إلى مشاكل لوجستية محلية أو صعوبات في الاستيراد.

وفي أفغانستان، على سبيل المثال، ارتفعت أسعار الأغذية بنسبة تصل إلى 20 في المائة (تقديرات يونيو/حزيران). وفي اليمن، سُجّلت زيادة بنسبة 35 في المائة في أسعار الأغذية في بعض المناطق منذ أبريل/ نيسان. وفي سيراليون، سجّلت أسعار الأغذية الرئيسية فعلًا ارتفاعًا تجاوز بكثير متوسطها الطويل الأجل. وفي سوريا، تم الإبلاغ عن زيادات كبيرة في الأسعار (تصل إلى نسبة تتراوح بين 40 و50 في المائة في المواد الغذائية الأساسية) وبعض النقص في السلع الأساسية منذ منتصف مارس/آذار.

ويساور المنظمة القلق بشأن العواقب المتوسطة والطويلة الأجل الناشئة عن الجائحة. فالتباطؤ الكبير في جميع اقتصادات العالم ولا سيما أكثر الاقتصادات ضعفًا- مع ارتفاع معدلات البطالة والشعور بتأثيرات جائحة كوفيد-19 الاقتصادية بشكل أكبر- سيجعل من الصعب على البلدان، خاصة تلك المعتمدة على استيراد الأغذية، الحصول على الموارد اللازمة لشراء الأغذية.

المصادر:

هناك عدة مصادر للتأثير على الاقتصاد العالمي.

أولًا، إن الأسواق العالمية متكاملة ومترابطة فيما بينها، حيث يساهم الاقتصاد الصيني بنسبة 16 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وبالتالي، فإن أي صدمة تؤثر على الصين الآن لها عواقب أكبر بكثير على الاقتصاد العالمي.

ثانيًا، ستؤثر صدمات الإمدادات الناتجة عن حالات المرض والوفيات، وأيضًا جهود الاحتواء التي تقيّد الحركة وتساهم في ارتفاع تكاليف ممارسة الأعمال بسبب سلاسل الإمدادت المقيّدة وتشديد الائتمان، على الاقتصادات بما يؤدي إلى انخفاض النمو الاقتصادي أو إلى حدوث ركود اقتصادي.

وفي يونيو/حزيران، عمدت منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي إلى خفض توقعاتها للنمو الاقتصادي العالمي في عام 2020 إلى 6.0 في المائة، وارتفعت معدلات البطالة إلى 9.2 في المائة بعد أن كانت 5.4 في المائة في عام 2019. وتوقعت أيضا سيناريو مزدوج سينخفض فيه الإنتاج الاقتصادي إلى 7.6 في المائة قبل أن يرتفع مجددًا إلى 2.8 في المائة في عام 2021. كما توقع البنك الدولي انخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى 5.2 في المائة، وهو السيناريو الذي سيعاني في ظلّه ما يترواح بين 89 و117 مليون شخص من الفقر المدقع في عام 2020. وأخيرًا، أبرز تحديث صندوق النقد الدولي لشهر يونيو/حزيران انخفاضًا في نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى 4.9 في المائة، وهو ما يعني خسارة تراكمية في الإنتاج قيمتها 12.4 تريليون دولار أمريكي.

ثالثًا، سينخفض الطلب أيضًا بسبب تزايد أوجه عدم اليقين وتزايد السلوك التحوطي وجهود الاحتواء وارتفاع التكاليف المالية التي تقلّل من القدرة على الإنفاق.

وأخيرًا، هناك انخفاض كبير في سعر الصرف بالنسبة إلى الدولار الأمريكي، ممّا سيؤثر أيضًا على الدول المعتمدة على الاستيراد.

ورغم أن أسواق الأغذية العالمية ليست بمنأى عن هذه التغييرات، فإنه من المرجح أن تكون أقل تأثرًا من القطاعات الأخرى الأكثر تعرضًا للاضطرابات اللوجستية وضعف الطلب، مثل أسواق السفر والتصنيع والطاقة (المصدر: رصد الأسواق، نظام المعلومات المتعلقة بالأسواق الزراعية، مارس/آذار 2020). ولكن بالنظر إلى مدى تعقيد سلاسل القيمة الغذائية وأهمية التجارة والنقل، فإن هذه التغييرات قد تجعل هذه الأسواق شديدة الضعف.

وفي حين أن الاقتصاد العالمي قد يتعرض لصدمة انكماشية بسبب جائحة كوفيد- 19، وهو ما ينعكس في التحركات المبكرة لمؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الأغذية، فإن التكلفة الحقيقية لنمط غذائي صحي قد ترتفع في الأجل القصير بسبب الزيادة في تكلفة السلع القابلة للتلف، ما من شأنه أن يؤثر سلبًا بشكل خاص على الأسر ذات الدخل المنخفض ويرفع تكلفة إحراز تقدم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

تكتسب التدابير الاستباقية أهمية بالغة وتتسم بتكلفة أقل في الوقت التي تشتد فيه الحاجة إلى الموارد الاقتصادية. وتتضاعف أهمية ذلك بالنظر إلى التوقعات المتزايدة للركود العالمي، حيث ارتبط التباطؤ أو الانكماش الاقتصادي في السنوات الأخيرة بارتفاع مستويات الجوع في 65 من أصل 77 بلدًا، كما حذرت من ذلك المنظمة وشركاؤها في تقرير حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم لعام 2019.

وسعيًا منها إلى التقليل من الآثار المضرة لجائحة كوفيد-19 على الأمن الغذائي والتغذية مع العمل في الوقت ذاته على تغيير النظم الغذائية العالمية لجعلها أكثر مرونة واستدامة وإنصافًا، تدعو المنظمة إلى اتخاذ إجراءات فورية في سبعة مجالات رئيسية ذات أولوية، وهي:

  • تعزيز خطة الاستجابة الإنسانية العالمية لمواجهة جائحة كوفيد-19
  • تحسين البيانات لغرض اتخاذ القرارات
  • ضمان الإدماج الاقتصادي والحماية الاجتماعية للحد من الفقر
  • النهوض بالمواصفات المتعلقة بالتجارة وسلامة الأغذية
  • تعزيز قدرة أصحاب الحيازات الصغيرة على التعافي
  • الحيلولة دون وقوع الجائحة الحيوانية المصدر التالية من خلال اعتماد نهج صحة واحدة معزّز
  • بدء إحداث تحول في النظم الغذائية

لدعم المزارعين ومنظماتهم في الأشهر المقبلة، من المهم السماح بتنقل العمال الموسميين وشركات النقل عبر الحدود المحلية والدولية. وتتمثل إحدى الممارسات الجيدة الأخرى في تحديد مراكز تجميع أقرب إلى المنتجين، على سبيل المثال عن طريق تهيئة مرافق تخزين مثل منصات نظم استلام للمستودعات يمكن فيها للمزارعين تسليم منتجاتهم دون الحاجة إلى الذهاب إلى الأسواق؛ والسماح، إن أمكن ذلك، ببقاء الأسواق المحلية مفتوحة، مع وضع إجراءات صارمة للتباعد الجسدي داخل الأسواق وخارجها؛ ونقل الأسواق، في حال كان ذلك ممكنًا، إلى أماكن أكبر مع ضمان وجود البنية التحتية المناسبة للحفاظ على جودة الأغذية وسلامتها.

ويمكن الاطلاع على المزيد من المعلومات واستراتيجيات السياسات خلال هذه الجائحة هنا.

دعت المنظمة البلدان، في بداية تفشي الجائحة، إلى إبقاء التجارة الدولية مفتوحة؛ وزيادة التجارة الأقاليمية؛ وتوسيع نطاق برامج الحماية الاجتماعية؛ والحفاظ على سلاسل الإمدادت الزراعية؛ والحفاظ على الأنشطة الزراعية حتى تتفادى البلدان ما ارتكب من أخطاء خلال الأزمتين المالية والغذائية اللتين شهدتهما الفترة 2007-2008.

وقد اضطلع ذلك بدور مهم في تجنب الحمائية المفرطة وإلغاء الكثير من القيود التي فرضت في بداية الأمر، حيث بادرت البلدان عمومًا إلى اعتماد نهج منضبط ومعقول.

وحتى يتسّنى للبلدان اتخاذ قرارات مستنيرة والتقليل من آثار الجائحة، ظلت المنظمة توفر معلومات عن سلاسل القيمة الغذائية والأسواق وأسعار الأغذية، وتقدم تحليلات وحلول.

كما قمنا بتعزيز عملنا في البلدان التي تعاني أصلًا من أزمات غذائية وأزمات أخرى والتي يمكن أن يكون فيها لجاحئة كوفيد-19 أثر مدمر. وهذا يشمل: توسيع نطاق برامج النقد والقسائم؛ وتحسين جمع وتحليل البيانات المتعلقة بالجوع حتى تتمكّن المنظمات من الاستجابة بفعالية أكبر؛ والحفاظ على إنتاج الأغذية، بما في ذلك عن طريق تكثيف الأنشطة لكي يتمكّن المزارعون من الاستفادة من مواسم الزرع القادمة؛ وتعزيز الدعم المقدم لأنشطة ما بعد الإنتاج، مثل الحصاد والتخزين وتجهيز الأغذية وحفظها على نطاق صغير، وربط المنتجين بالأسواق لكفالة استمرار عمل سلاسل الإمدادات الغذائية؛ والارتقاء بمستوى الوعي حتى لا يتعرض الأشخاص الذين يتولون إبقاء سلاسل الإمدادات الغذائية قائمة لخطر الإصابة بفيروس كوفيد-19.

وتقوم المنظمة، بغية الاضطلاع بهذا العمل، بتوسيع نطاق التدخلات المبتكرة من قبيل تزويد المجتمعات الريفية المستضعفة بمساعدات نقدية عبر الهواتف المحمولة بهدف التكيّف مع القيود المفروضة على الحركة والمساهمة في الجهود الرامية إلى الحيلولة دون انتشار الفيروس.

وتستمر المنظمة في إتاحة الوصول إلى البيانات الجيدة التي برزت الحاجة إليها بشدة منذ بداية الجائحة. فعلى سبيل المثال، أصدرت المنظمة والتحالف العالمي لتحسين التغذية وتحالف جون هوبكنز منصة إلكترونية خاصة بالأغذية تتضمن بيانات عن النظم الغذائية لأكثر من 230 بلدًا وإقليمًا. وفي يوليو/ تموز 2020، أطلقت المنظمة منصة البيانات الجغرافية المكانية التابعة لمبادرة العمل يدًا بيد للمساعدة في بناء قطاعي أغذية وزراعة أكثر قوة في فترة ما بعد جائحة كوفيد-19. وتحتوي هذه المنصة على أكثر من مليون طبقة جغرافية مكانية وآلاف الإحصائيات لما يزيد عن عشرة مجالات تتعلق بالأغذية والزراعة.

وقد أطلقت المنظمة، في يوليو/تموز 2020، برنامجًا شاملًا جديدًا للاستجابة لجائحة كوفيد-19 والتعافي منها، يهدف إلى الحيلولة دون وقوع حالة طوارئ غذائية عالمية أثناء الجائحة وبعدها مع العمل في الوقت ذاته على الاستجابة الإنمائية المتوسطة والطويلة الأجل لتحقيق الأمن الغذائي والتغذية.

وتدعو المنظمة، في إطار هذا البرنامج، إلى اتخاذ إجراءات فورية في سبعة مجالات رئيسية ذات أولوية، وهي:

  • تعزيز خطة الاستجابة الإنسانية العالمية لمواجهة جائحة كوفيد-19
  • تحسين البيانات لغرض اتخاذ القرارات
  • ضمان الإدماج الاقتصادي والحماية الاجتماعية للحد من الفقر
  • النهوض بالمواصفات المتعلقة بالتجارة وسلامة الأغذية
  • تعزيز قدرة أصحاب الحيازات الصغيرة على التعافي
  • الحيلولة دون وقوع الجائحة الحيوانية المصدر التالية من خلال اعتماد نهج صحة واحدة معزّز
  • بدء إحداث تحول في النظم الغذائية

كما تقوم المنظمة بحشد الحكومات وأصحاب المصلحة المتعددين في دعوة لاتخاذ ما يلزم من إجراءات، إذ توفر المشورة الفنية وخدمات تنمية القدرات عبر مجموعة واسعة من التخصصات، وتقدم الدعم في مجال الاستثمار للاستفادة من جميع أشكال الشراكات والتمويل.

تتطلب الاستجابة لتأثيرات الجائحة تخطيطًا تشغيليًا دقيقًا بالنظر إلى التطور السريع المحتمل للوضع على أرض الواقع. وستركز المنظمة اهتمامها في المقام الأول على سكان المناطق الريفية والساحلية المستضعفين الذين تأثرت سبل معيشتهم المعتمدة على الزراعة ومصايد الأسماك، وعلى دعم الأمن الغذائي للسكان في الأماكن التي تعاني بالفعل من مستويات عالية من الجوع.

وسيتعين على المنظمة مراعاة سيناريوهات مختلفة لاستمرارية الأعمال وضمان سلامة الموظفين والمستفيدين ورفاهيتهم. ولضمان ذلك، يجري حاليًا تخطيط مدى أهمية البرامج على المستوى القطري. وقد تم التخطيط لأنشطة المنظمة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية وسلطات الصحة العامة على المستوى القطري بحيث تكون هذه الأنشطة متسقة وتدعم جهود الاحتواء وتضمن سلامة الموظفين والمستفيدين ورفاهيتهم.

ولم يتوقف العمل الذي نقوم به لمساعدة البلدان والمجتمعات المحلية على التغلّب على الجوع. وبالرغم من أن الفيروس قد منع بعضنا من الذهاب إلى مكان العمل، فإنه لم يتمكّن من توقيف عملنا.

لقد سلّطت هذه الأزمة الضوء على مجالات عدم المساواة في النظام الغذائي، ولا يمكن استمرار الأمور كالمعتاد. ولذلك، تعمل لجنة الأمن الغذائي حاليًا على وضع الخطوط التوجيهية الطوعية بشأن النظم الغذائية والتغذية لإعادة توجيه النظم الغذائية وتحويلها لتكون أكثر استدامة وقدرة على الصمود. وبالإضافة إلى ذلك، نشرت اللجنة وثيقة قضايا مرحلية تتعلق بتأثير جائحة كوفيد-19 على الأمن الغذائي والتغذية، تضاف إلى عملية التفكير الجارية. وتعمل المنظمة بنشاط بشأن طرق تحويل النظم الغذائية لتصبح قادرة على التعامل مع الجوائح، مثل كوفيد-19 ولتسريع وتيرة التقدم نحو تحقيق الهدفين 1 و2 من أهداف التنمية المستدامة ولكن مع العمل في الوقت نفسه على ضمان تقليل جميع المقايضات التي تتم على حساب الطبيعة.

اقترحت المنظمة أن تقوم البلدان بإنشاء لجنة أزمات للتعامل مع تأثير تفشي جائحة كوفيد-19 على الإمدادات الغذائية، تشمل، على سبيل الذكر لا الحصر، وزارات الزراعة والثروة الحيوانية والإمدادات الغذائية والنقل والاقتصاد والتجارة وما إلى ذلك. ولضمان تنفيذ الاستراتيجيات بشكل كامل ودقيق من قبل القائمين على تشغيل الأسواق، من الأهمية بمكان أن تشرك لجنة الأزمات القطاع الخاص من خلال لجنة استشارية أوسع نطاقًا لأصحاب المصلحة المتعددين تضم ممثلين لجميع الجهات الفاعلة في سلسلة الإمدادات الغذائية. وللاطلاع على المزيد من المعلومات، يرجى الرجوع إلى موجز المنظمة.

نتوقع أن يزداد إنتاج الخضار محليًا، إلا أننا لا نتوقع حدوث تغييرات في حركة الأغذية الأساسية (الأرز والذرة) والفواكه واللحوم التي تشكل معظم الأغذية التي يتم نقلها على المستوى العالمي. ومن المجالات التي نأمل أن تشهد تحسنًا التجارة الأقاليمية، وهو ما سيؤدي إلى سلاسل غذائية أقصر وخلق المزيد من الأسواق للمزارعين وتحسين الوصول إلى كل من المدخلات (البذور والأسمدة) والمخرجات (المنتجات الغذائية).