الصفحة السابقةالمحتوياتالصفحة المقبلة

الحالة التغذوية: مؤشرات للعمل

توفر مقاييس الجسم البشري مؤشرا ممتازا على الحالة التغذوية للفئات والأفراد المعرضين. فهي عادة العنصر الرئيسي في نظم الرصد التغذوي التي نشأت خلال الخمسة والعشرين عاما الماضية. ولكي تصبح هذه المقاييس أساسا للعمل، فهي تحتاج في ذات الوقت إلى معلومات أخرى عن أسباب عدم حصول السكان على الغذاء الكافي. ويعتبر تحسين الحالة التغذوية لجميع السكان في جميع البلدان من الأهداف المتفق عليها على نطاق واسع في كثيرمن المؤتمرات الدولية ومؤتمرات القمة التي عقدت خلال الخمسة وعشرين عاما الماضية. وهذا الهدف تشارك فيه أيضا مبادرة "نظام المعلومات عن إنعدام الأمن الغذائي والتعرض لنقص الأغذية ورسم الخرائط " المشترك بين الوكالات (أنظر الصفحة ج)، الذي أنشئ كجزء من خطة عمل مؤتمر القمة العالمي للأغذية لعام 1996. ومن المعروف أن عدم كفاية المتحصلات من السعرات الحرارية أو نقص الأغذية، على النحو الذي تمت مناقشته في المقالات السابقة، يعتبر من الأسباب الرئيسية لسوء الحالة التغذوية بل والموت المبكر في كثير من الأحيان. غير أن من المسلم به على نطاق واسع أيضا أن سوء الحالة التغذوية (أو نقص التغذية) يمكن أن ينجم أيضا عن عوامل أخرى بما في ذلك النظام الغذائي الذي لا يتسم بالتنوع الكافي أو نقص المغذيات الدقيقة الأساسية، ونتيجة لسوء الحالة الصحية التي تجعل الجسم عاجزا عن امتصاص أو استخدام السعرات الحرارية والمغذيات الدقيقة. وكما ورد في الأعداد السابقة من هذا المطبوع، فإن من أكثر الأمور شيوعا هو تقييم الحالة التغذوية للأفراد من خلال استخدام مقاييس الجسم، مثل الوزن والطول، والتى يجري مقارنتها بعد ذلك بالأفراد حسني التغذية في نفس الفئة العمرية أو النوع. ويمكن رصد مقاييس الجسم البشرى باعتبارها مؤشرا للنتائج، أي أنها تعكس النتائج النهائية (في الفرد) الخاصة بجميع العوامل التي تؤثر في الحالة التغذوية. وهناك طرق أكثر تعقيدا لتقييم الحالة التغذوية وخاصة فيما يتعلق بحالات النقص في الفيتامينات والمعادن، إلا أن هذه الطرق تعد أكثر صعوبة عند تطبيقها على نطاق واسع في البلدان التي تعاني قصورا في المرافق الطبية وغير ذلك من الموارد. ويطلق إسم نظم الرصد التغذوي على النظم التي تستخدم في جمع بيانات مقاييس الجسم البشري وغير ذلك من المعلومات التي تستخدم في تفسير السبب في حسن أو سوء الحالة التغذوية وما إذا كانت قد تحسنت أو تدهورت.

وسوف نتناول هنا المؤشرات الأكثر شيوعا في الإستخدام للحالة التغذوية بما في ذلك تطبيقها ضمن نظم الرصد التغذوي وبرامج التحسين:

وثمة أمثلة نوعية عن الإنجازات التي حققتها البرامج القطرية تؤيد سلامة تطبيق هذه المؤشرات.

ما هي مؤشرات الحالة التغذوية؟

يوجز الجدول رقم 5 مؤشرات مقاييس الجسم البشرس الأوسع استخداما في العالم لتقييم الحالة التغذوية للأطفال والبالغين. وتشمل هذه المؤشرات المقاييس المباشرة لطول الفرد ووزنه تليها مقارنة مع المعدلات العادية أو المقبولة بالنسبة للنوع والعمر. وتعتبر المقارنة مهمة بصورة خاصة في حالة الأطفال دون سن الخامسة، حيث يستمر الأطفال الأصحاء في النمو بسرعة في هذه المرحلة من حياتهم.

ولهذه المؤشرات الخاصة بالحالة التغذوية عدد من المزايا:

وتتباين نظم الرصد التغذوي تباينا كبيرا. فبعض هذه النظم يستخدم بيانات خضعت بمعرفة مرشدين صحيين مهنيين في العيادات، وتستخدم نظم أخرى معلومات جمعها المقيمون في المجتمع المحلي الذين تم تدريبهم خصيصا لهذا الغرض. ويستخدم البعض الأخر تقنيات أخذ العينات التي تصمم للخروج بتقديرات قطرية يعتمد عليها، وتستخدم نظم أخرى تقنيات المسح التشاركي التي تجري في مواقع تتسم بخصوصية تمثيلها لفئات معينة، والتى يطلق عليها إسم مواقع الرصد. وغالبا ما تدرج مقاييس الجسم المتعلقة بالوزن والطول نظرا لأنها توفر معلومات مفيدة للغاية بتكاليف منخفضة نسبيا. غيرأنه يمكن قياس مجموعة من المؤشرات الأخرى كأسعار الأغذية ومؤشرات الإنتاج الزراعي وغير ذلك من نظم المعيشة والبيانات المتعلقة بالمرض والوفاة والعامل الذي تشترك فيه نظم الرصد هو المعلومات التي يتم جمعها دوريا خلال فترة زمنية لرصد أي تطور.

الطرق المستخدمة على المستوى القطرى

تحتاج الحكومات وشركائها في التنمية على المستوى الدولى إلى تقديرات قطرية عن الحالة التغذوية لتحديد المناطق التي تظهر أسوأ أداء أو أفضله مقارنة بالمناطق الأخرى. ومن ثم، التخطيط لتخصيص الموارد وتقييم ما إذا كان هناك تقدم في التغلب على نقص التغذية. وتوجد مؤشرات مقاييس الجسم البشري في نوعين أساسيين من نظم الرصد تستخدم على المستوى القطري هما: تلك التي تستند إلى مسوحات العينة المتكررة واسعة النطاق، وتلك المعتمدة على جمع الإحصاءات بواسطة الإدارات الصحية أو الإجتماعية.

المسوحات المتكررة واسعة النطاق ؛ تصمم هذه المساحات لتحقيق متوسطات تفصيلية من الناحية الإحصائية على المستوى القطري. ويجري تقييم الظروف الصحية والظروف الإجتماعية الإقتصادية ذات الصلة وكذلك الحالة التغذوية باعتبار ذلك أساسا لتحسين عملية تخطيط وتقييم برامج الإستثمار القطاعي. وفي البلدان الأكثر فقرا ذات القدرات المؤسسية المحدودة والموارد المالية الضعيفة، كثيرا ما تقدم الوكالات الدولية المساعدة للحكومات إجراء هذه المسوحات. وفى مجال التغذية والصحة، ثمة برنامجان تعاونيان دوليان رئيسيان من هذا النوع هما برنامج المسح الديمغرافى والصحي الذي تشرف عليه الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وبرنامج المسح المتعدد لمجموعة المؤشرات الذي يشرف عليه صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف). وفي المجال الإجتماعي الإقتصادي، تسجل الحالة التغذوية لأفراد الأسرة في بعض الأحيان، بالإضافة إلى مؤشرات أخرى، مثالا يقوم به برنامج مسح مقاييس مستويات المعيشة الذي يشرف عليه البنك الدولي في عدد كبير من البلدان. وتأتي مؤشرات مقاييس الجسم البشري لمختلف البلدان، الممثلة في حالة انعدام الأمن الغذائي في العالم لعام 1999، من هذا النوع من المسوحات القطرية. وتتوافر أحدث تصنيفات مجموعات البينات القطرية هذه في موقع منظمة الصحة العالمية على العنوان: www.who.int/nutgrowthdb

الإحصاءات الإد ارية أو الخدمية: في كثير من الأحيان تجمع البيانات الخاصة بمؤشرات مقاييس الجسم البشري في العيادات الصحية والمدارس. فعلى سبيل المثال، يجري وزن الأطفال حديثي الولادة الذين يتم إحضارهم إلى العيادات وقياسهم كجزء من رصد النمو المعتاد أو عندما يأتى هؤلاء الأطفال للعلاج من حالات معينة أو للتحصين. وغالبا ما ترسل هذه البيانات إلى عاصمة البلد المعني لتجهيزها واستخدامها بعد ذلك. كذلك قد تتطلب نظم الدراسة القطرية أن يقيم جميع الطلبة بتسجيل أعمارهم وقياس طولهم ووزنهم. ومن الواضح أنه إذا كان استخدام المرافق الصحية الرسمية إستخداما إنتقائيا بدرجة كبيرة أو إذا كانت أقلية من الأطفال هي التي تذهب إلى المدارس، فإن الصورة التي تعكسها الحالة التغذوية القطرية سوف تكون متحيزة بصورة كبيرة. غير أنه إذا كانت الغالبية العظمى من السكان تستخدم هذه الخدمات الأساسية فسوف تقدم الإحصاءات الناتجة، إذا ما جمعت وتم تحليلها بعناية، صورة مفيدة- على النحو المبين في الإطار الخاص بكوستاريكا وبنما.

الطرق المستخدمة على مستوىالمجتمع المحلي

تجرى عمليات القياس المباشرة لتقييم الحالة التغذوية للسكان على مستوى المجتمع المحلي حتى عندما يكون ذلك جزءا من برنامج قطري. وهنا سوف نركزعلى طريقتين تستخدمان في مؤشرات مقاييس الجسم البشري وغير ذلك من المؤشرات.

المسوحات المتكررة صغيرةالنطاق: يمكن إستخدام المسوحات صغيرة النطاق المقترنة بمجموعة كبيرة من المحتويات والتي تتسم بأسلوب مرن على مستوى المجتمع المحلي لتحديد الأبعاد الأولية للمشكلة أو لرصد التحسينات عندما يتم توفير الموارد لتحقيق ذلك. وثمة عوامل ثابتة في هذه المسوحات تتمثل في استخدام مؤشرات الحالة التغذوية المعيارية، وجمع المعلومات الإضافية التي تفيد في فهم كل من الأسباب المباشرة لسوء الحالة التغذوية والأسباب المزمنة للفقر الذي يكمن وراءها.

رصد النمو: المقصود هنا هو الرصد المستمر لنمو الأطفال (وهو عادة الوزن والطول مقابل العمر). ويمكن إجراء عمليات رصد النمو بواسطة موظفين مهنيين في العيادات التي تديرها الإدارات الصحية القطرية أو بواسطة أفراد مدربين من المجتمع المحلي في القرى. والهدف الرئيسي من هذه العملية هو تقييم الحالة التغذوية لفئة من الأطفال وتعبئة الموارد المحلية لدعم النشاطات ذات الصلة بالتغذية. ويمكن إعطاء الأسر التي لديها أطفال معرضون للمخاطر أغذية تكميلية و/أو نصائح تغذوية. ويجري عادة قياس الأطفال مرة شهريا.

وتتم عمليات رصد النمو أساسا في العيادات حيث يتعين على الأمهات الوقوف في صفوف ، مما يؤدي إلى ضياع وقت يحتجنه لأغراض أخرى. واليوم يتيح توافر الأنواع الجديدة من موازين التسجيل المباشر إجراء عمليات رصد النمو في مواقع أخرى من المجتمع المحلي وليس العيادات فقط. والموازين الجديدة أكثر دقة ويمكن أن تظل في مكان عام رئيسي في القرية، كالمدرسة مثلا. وعلاوة على ذلك، يتم ربطها بصورة مباشرة بمخططات النمو مما ييسر دخول البيانات. ويستطيع المرشدون الصحيون في المجتمع المحلي التأكد من أن معظم الأمهات وا لأطفال المحرومين يستخدمون هذه الموازين.

وتحظى عمليات رصد النمو في المجتمع المحلي بدعم واسع النطاق من اليونيسيف لمنظمات غير الحكومية الدولية، وفى الفترة أخيرا من البرامج التغذوية الممولة من البنك الدولي. ومن مزايا هذا المنهج أنه يمكن مجتمعات المحلية من العمل على أساس لجانات ذات الصلة بالتغذية التي تقوم هي ذاتها بجمعها وتفسيرها. ويمكن أن يعمل هذا المنهج بصورة جيدة للغاية عندما يتم تدريب مرشدي التغذية في المجتمع المحلي بصورة ملائمة وتزويدهم بالموارد الكافية. كما يمكن أن يوفر تغطية للأطفال دون الخامسة أكثر شمولا من تلك التي يوفرها المنهج المعتمد على العيادات الطبية. ويتناول الإطار الخاص ببنغلاديش نظام رصد النمو المعتمد على المجتمع المحلي على نطاق واسع، ويبرز أهمية الإدارة الفعالة لهذا النظاام. وهكذا، فإن استخدام المؤشرات التغذوية، متى توافرت الإرادة السياسة والموارد الكافية، يمكن المجتمعات المحلية، التي تعمل مع تتظيمات الحكم المحلي، من التعامل بصورة فعالة مع الأسباب المباشرة لسوء الحالة التغذوية للفئات المعرضة (عوامل مثل عدم كفاية المتحصلات من الطاقة والإصابة بالعدوى التي تقلل من المتحصلات الغذائية وامتصاصها). ولكن كيف يمكن لنفس هذه المجموعات أن تتحرك قدما وتتعامل مع الأسباب الكامنة أو الجذرية لانعدام الأمن الغذائي؟ ثمة إتفاق عام على أن تحقيق هذه الخطوة التالية يتطلب المزيد من عمليات الفحص على المستوى المحلي لسلامة واستدامة النطم المعيشية السائدة في المجتمع المحلي (أنظر القسم الخاص بملامح التعرض لنقص الأغذية في غواتيمالا.


الرصد التغذوى في حالات الطوارئ يمكن بصفة عامة إستخدام نفس الطرق الخاصة بمقاييس الجسم البشري لتحديد الحالة التغذوية في الظروف العادية أو في حالات الطوارئ والأوضاع الجارية. غير أن هناك في حالات الطوارئ تركيزا أكبر على استخدام الهزال (إنخفاض الوزن مقابل الطول) كمؤشر، نظرا لأن المشكلات الحادة المتعلقة بالحصول على الأغذية في مثل هذه الأوقات يمكن أن تؤدي إلى فقد الوزن بسرعة. كما أن هناك إختلافات رئيسية في طريقة إجراء أعمال الرصـد التغذوي بسبب التعقيدات اللوجستية والأمنية التي تصاحب عادة حالات الطوارئ. كذلك فإن العوامل الرئيسية قد تختلف حيث يوجد إنهيار جزئي أو كلي في قدرة الحكومة على التدخل لتوفير المساعدة (يحدث ذلك في معظم الأحيان نتيجة للحرب الأهلية)، وأعباء الإغاثة الكبيرة التي تتحملها وكالات المعونة الدولية بدلا من البرامج القطرية.

وتتمثل التوجيهات التي يستخدمها الكثير من منظمات الإغاثة في أن تقديم الأغذية والأغطية في حالات الطوارئ يبدأ عندما تتجاوز معدلات الهزال 20 في المائة. غير أن عدم كفاية الموارد وضيق الوقت يجعل من المستحيل في كثير من الأوقات إستخدام مؤشرات مقاييس الجسم المعيارية إجراء مسح شامل للسكان المعرضين خلال حالات الطوارئ. وفي هذه الظروف، تستخدم مؤشرات أخرى أقل دقة وإن كانت أسرع قياسا مثل قياس منتصف الجزء الأعلى من الذراع مع الإستمرار في تطبيق استراتيجية لنقل العينات يعتمد عليها بصورة معقولة لتغطية الفئات السكانية التي يمكن الوصول إليها.

ويمكن أيضا إستخدام مؤشرات أخرى غير تلك المتعلقة بمقاييس الجسم في عمليات الرصد التغذوي في حالات الطوارئ. ويقدم الإطار الخاص برواندا مثالا عن الكيفية التي ساعدت بها المعلومات التكميلية التي تم جمعها من السكان اللاجئين في تحديد حالات عدم المساواة والمساعدة في نظام توزيع الأغذية.

الصفحة السابقةاعلى هذه الصفحةالصفحة المقبلة