الصفحة السابقة بيان المحتوياتالصفحة المقبلة

حالة الموارد السمكية

المصايد البحرية

بعد زيادة من نحو 79 مليون طن في 1998 إلى 87 مليون طن في 2000، انخفض الإنتاج العالمي من المصايد البحرية الطبيعية إلى نحو 84 مليون طن في 2001وظل عند هذا المستوى في 02 20. ويعزى الانخفاض البالغ 2.5 في المائة من المصيد العالمي بين عام 2000 وعام 2002 أساسا إلى الانخفاضات بنسبة 12 في المائة و 7 في المائة على التوالي في الإنتاج من جنوب شرق المحيط الهادي وشمال غرب المحيط الهادي.

ويعتبر شمال غرب المحيط الهادي أكثر مناطق الصيد إنتاجية في العالم حيث يتراوح المصيد العادي بين 20 و24 مليون طن (بما في ذلك الصين) منذ أواخر الثمانينات (الشكل 18). وتعزى تقلبات المصيد الكبيرة فى المنطفة أساسا إلى المخزونات الوفيرة من البلشار الياباني (أو السردين الياباني) وبلوق ألاسكا. وقد أظهرت هذه المخونات اتجاها هبوطيا منذ أواخر الثمانينات نتيجة للأفراط في الصيد والعوامل البيئية التي تؤثر على الإنتاجية. وعلى الرغم من وجود زيادة في مصيد الأصناف الأخرى، بما في ذلك الأنشوجة اليابانية، إلا أن ذلك لا يكفي لتعويض الانخفاض في كميات السردين والبلوق وكذلك تعويض الإنخفاض المستمر في إنتاج المصايد الذي بلغ 3 قي المائة سنويا منذ 1998.

وفي جنوب شرق المحيط الهادي، هناك ثلاثة أصناف تستأثر بنحو 80 في المائة من المصيد الإجمالي وهي أنشوجة بيرو وجاك شيلي وبلشار أمريكا الجنوبية (أو السردين). ومن الأمور العادية حدوث تقلبات قي كميات المصيد في المنطقة بسبب الأحوال المناخية الدورية، حيث أن التقلبات المناخية المصاحبة لظاهرة النينيو تؤثر على جهود الصيد والإنتاجية. فمثلا انخفض المصيد من أنشوجة بيرو انخفاضا شديدا بعد الأحوال المناخية المعاكسة التي صاحبت ظاهرة النينيو في 1997-1998 ثم تلت ذلك أحوال مناخية مواتية أدت إلى تحقيق مصيد قياسي بلغ 11 مليون طن في عام 2000، ثم انخفض مصيد أنشوجة بيرو بعدذلك إلى 9.7 مليون طن في 2002، مما تسبب في حدوث نقص في صافي الإنتاج الإجمالي للمصايد بالمنطقة.

وأظهرت مناطق الصيد الباقية في المحيط الهادي إتجاها صعوديا في المصيد منذ عام 2000. ففي شمال شرق المحيط الهادي وصل إنتاج المصايد ذروته حيث بلغ 3.6 مليون طن في 1987 ثم أخذ في الانخفاض بعد ذلك، ثم حدث انتعاش طفيف عندما بلغ الانتاج 2.7 مليون طن في 2001 و 2002. ويعتبر بلوق ألاسكا الصنف الوحيد الأكثر أهمية في شمال شرق المحيط الهادي ويستأثر بمعظم التقلبات في المصيد الإجمالي. وفي غرب وسط المحيط الهادي حقق إنتاج مصايد الأسماك زيادة منتظمة منذ 1950 و اقترب المصيد من 10 ملايين طن في 2001. وفي شرق وسط المحيط الهادي ظل المصيد الإجمالي يتراوح بين 3. 1 و 8. 1 مليون طن منذ 1981. أما الزيادة الأخيرة في إنتاج المصايد في المنطفة فتعزى إلى بلشار كاليفورنيا (أو سردين كاليفورنيا)، حيث بلغت الغلة نحو 670000 طن في 2001 و 2002، وهو أعلى مصيد قياسي لهذا الصنف منذ 1950- أما المصيد الإسمي في جنوب غرب المحيط الهادي فقد بلغ رقما قياسيا قدره 000 917طن في 1992 ثم أخذ ينخفض تدريجيا إلى أن بلغ 000 714 طن في عام 2000، ثم طرأ عليه انتعاش طفيف منذ ذلك الوقت.

وفي الأطلسي زاد المصيد في مناطق الصيد في الشمال الغربي والجنوب الشرقي. وبلغ الإنتاج أدنى مستوياته في مصايد شمال غرب الأطلسي في عام 1994 ومرة أخرى في عام 1998مع انهيار أرصدة أسماك القاع قبالة السواحل الشرقية لكندا. ومنذ ذلك الحين أخذ المصيد يزيد ببطء من قرابة 2 مليون طن في 1994إلى 2.26 مليون طن في 2002. وفي جنوب شرق الأطلسي يأخذ المصيد اتجاها صعوديا منذ 1996، ويعزى ذلك أساسا إلى أسماك السطح الصغيرة حيث اقترب إنتاجها من1.7 مليون طن في 2002. ومن الأمور العادية حدوث تقلبات في المصيد في المنطقة بسبب المتغيرات البيئية الكبيرة في نظام تيار بنغويلا .وفي مناطق أخرى مثل جنوب غرب وشرق وسط الأطلسي طرأ ا نخفاض ملحوظ على إنتاج مصايد الأسماك منذ عام 2000. ويدخل الإنخفاض بنسبة 7 في المائة في المصيد الإجمالي من شرق وسط الأطلسي فى إطار تقلبات المصيد، من 2.9 مليون طن إلى 4.1 مليون طن، التي لوحظت في الإقليم منذ 1990. وتأتي التقلبات الملحوظة في المصيد نتيجة لآثار التغيرات فى جهود الصيد في المياه البعيدة والتغيرات التي تعزى إلى البيئة، في إنتاجية أسماك السطح الصغيرة الوفيرة وفي جنوب غرب الأطلسي جاء الانخفاض في المصيد بسبب العجز الذى بلغ 45 في المائة في مصيد الحبار الأرجنتيني قصير الزعانف خلال الفترة من 2000 إلى 2002. وكان هذا الصنف يستأثر بنحو 33 في المائة من المصيد الإجمالي في جنوب غرب الأطلسي في 2001، ثم أخذ اتجاها هبوطيا منذ عام 1999 عندما تم الإبلاغ عن مصيد قدره 1.1 مليون طن.

وكان رصد حالة المصايد في المحيط الهندي أمرا صعبا بسبب ضعف نظام إحصاءات مصايد الأسماك في الإقليم بوجه عام، واتضح ذلك من النسبة العالية نسبيا في المصيد الذي تم الإبلاغ عنه على أنه أصناف لم يتم تحديدها في الإحصاءات الرسمية سوى بأنها "أسماك بحرية متنوعة". وهذه أيضا من المشاكل المهمة الموجودة في مناطق أخرى مثل جنوب غرب وشرق وغرب وسط الأطلسي وشمال غرب وغرب وسط المحيط الهادي. بيد أن هناك زيادة مستمرة في مجموع كميات المصيد المبلغ عنها في غرب وشرق المحيط الهندي حيت حقق إنتاج المصايد عام 2002 في كلا المنطقتين أعلى معدلاته القياسية.

ويحقق إنتاج مصايد الأسماك في أعالي البحار معدلات عالية للغاية في المحيط الهادي يليه المحيط الأطلسي ثم المحيط الهندي. وتعتبر أسماك التونة المصادر الأكثر أهمية التي تستغل في أعالي البحار. كما توجد في بعض مناطق المحيط الأطلسي والمحيط الهادي كميات كبيرة من المخزونات متداخلة المناطق من أسماك الجاك والحبار وأسماك القاع تنتشر في المناطق البحرية المرتفعة. أما إسهام أسماك القرش في مجموع المصيد المبلغ عنه فهو قليل بالمقارنة بالمصادر ا لأخرى في المحيطات، حيث يعتبر عدم الإبلاغ عن المصيد الفرعي وعمليات إعادة الإلقاء في البحر مصدرا للقلق عند التصدي لهذه النوعية من الأسماك. وقد زاد المصيد العالمي لسبعة أصناف رئيسية من التونة التجارية من أقل من 0.5 مليون طن في أوائل الخمسينات إلى نسوة قدرها 4 ملايين طن فى 2002، مع وجود اتجاه نحو الإستقرار منذ 1998 . وتستأثر التونة الوثابة بنحو 50 في المائة من المجموع حيث تفيد التقارير أن المصيد منها يبلغ 2 مليون طن، وبذلك تأتي على رأس قائمة أصناف المصيد العالمي.

وهناك نمط متكرر في بعض المناطق وهو التغيرات طويلة المدى في تركيبة المصيد بعد نضوب المخزونات التقليدية والاتجاه نحو الأصناف الأقل قيمة والتي كانت تستغل استغلالا ضئيلا أو لا تستغل على الإطلاق (الشكل 18) ، فمثلا في شمال غرب الأطلسي كانت هناك زيادة في صيد الأسماك اللافقارية (القشريات والرخويات) وانخفاض في صيد أسماك القاع. وفي شمال شرق الأطلسي تم تعويض الإنخفاض المستمر في مصيد القد منذ أواخر الستينات بزيادة المصيد من أصناف الأسماك التي كانت تعتبر متدنية القيمة من قبل مثل القد الأزرق وثعابين السمك الرملية. وفي جنوب غرب الأطلسي صاحب الانخفاض قي النازلي الأرجنتيني اتجاها متزايدا في مصيد الحبار قصير الزعانف. وفي شمال غرب المحيط الهادي أمكن تعويض الانخفاض في مصيد البلشار (أو السردين) والبلوق إلى حد ما بزيادة المصيد من الأنشوجة اليابانية والأسماك كبيرة الرأس كثيفة شعر الذيل والحبار. ويمكن أن تكون هناك أسباب مختلفة لهذه التغييرات في تركيبة أصناف المصيد، من بينها تكيف الصناعة والأسواق مع ما كان يعرف من قبل بالموارد ذات القيمة المتدنية، وتأثير مصايد الأسماك إلى هيكل التجمعات البحرية والتغييرات في النظم البيئية التي تؤثر على إنتاجية المخزونات وغالبا ما تتداخل هذه الآثار ويصبح من الصعب اكتشافها في معظم الأحيان، وخاصة فى المناطق التي لا يوجد بها تطور كبير في مجال البحوث ورصد الموارد والعمليات البيئية.

وترصد المنظمة حالة استغلال المخزونات أو مجموعات الموارد الرئيسية من الأسماك التي تتوافر معلومات بشأنها. ويمضي الوضع العالمي حاليا في ذات الاتجاه العام الذي شهدته السنوات الأخيرة وتفيد التقديرات بأن ربع المخزونات التي تم رصدها عام 2003 لا تستغل استغلالا كافيا أو تستغل بصورة معتدلة (3 في المائة و 21 في المائة على التوالي) بينما الفرصة سانحة لإنتاج المزيد. ويجري استغلال نصف المخزونات تقريبا (52 في المائة) استغلالا كاملا يقترب من الحدود القصوى للاستدامة، أما الربع الأخير فيتسم بالإفراط في الاستغلال أو النضوب أو الإنتعاش بعد النضوب (16 في المائة و 7 في المائة وواحد في المائة على التوالي) ويستلزم الأمر إعادة بنائه. وابتداء من عام1974 حتى عام 2003 كان هناك اتجاه هبوطي مستمر في نسب المخزونات التي توجد إمكانية لزيادتها وفي الوقت ذاته كانت هناك زيادة في نسبة المخزونات التي نضبت واستغلت بطريقة مفرطة من 90 في المائة في منتصف السبعينات إلى قرابة 25 في المائة فى أولى سنوات الألفية الجديدة (الشكل 19).

ومن الأصناف العشرة الأولى التي تستأثر بنحو 30 في المائة من الإنتاج العالمي لمصايد ر الأسماك الطبيعية من حيث الكمية (الشكل 6) هناك سبعة منها تعتبر مخزوناتها مستغلة بالكامل أ و مستغلة بصورة مفرطة (الأنشوجة وجاك ماكريل شيلي، وبلوق ألاسكا والأنشوجة اليابانية، والقد الأزرق والكابلين ورنجة الأطلسي) وهو ما يعني أنه لا يمكن توقع زيادات كبيرة في المصيد من هذه الأصناف. وهناك نوعان ربما يتحملان الإفراط في الصيد (وهما التونة الوثابة والشوب ماكريل) وحالة إحدى هذه الأصناف غير معروفة (الأسماك كبيرة الرأس كثيفة شعر الذيل).

وفي جنوب شرق المحيط الهادي تضافرت ضغوط الصيد العالية والأحوال البيثية المعاكسة، بما في ذلك أحوال النينيو القاسية في 1997-1998 ، ونتج عن ذلك إنخفاض حاد في المصيد من النوعين الرئيسيين، هما الأنشوجة وجاك ماكريل شيلي، إخلال أواخر التسعينات. وفي حين انتعشت مخزونات الأنشوجة كما يتضح من المصيد الذي بلغ 10 ملايين طن منذ عام 2000، بلغ مجموع المصيد من جاك ماكريل شيلي 1.7 مليون طن في عام 2002، وهو ما يمثل 50 في المائة من الإنتاج القياسي الذى تحقق في عام 1994 . وفي شمال المحيط الهادي طرأت تغيرات كبيرة على المصيد إثر الصيد الكثيف والتذبذب الطبيعي في إنتاجية البلشار (أو السردين)، والأنشوجة والبلوق. وبعد بلوغ أرقام مصيد قياسي في الثمانينات انهارت مصايد السردين (أو البلشار اليابانية في منتصف التسعينات ثم تبعتها إعادة بناء تجمعات الأنشوجة التي تحملت المصيد بكميات تقترب من 2 مليون طن منذ 1998. وهذا التناوب بين السردين والأنشوجة إنما يمضي على نمط شوهد في أقاليم كثيرة أخرى من العالم، ويبدو أنه يتأثر بالنظم المناخية التي تؤثر على إنتاج المخزون. وتستغل مخزونات البلوق في شمال غرب المحيط الهادئ بصورة مفرطة أما المخزونات الموجودة في شمال شرق المحيط الهادي فهي تعتبر مستغلة بالكامل. وكان مصيد البلوق قد بلغ ذروته في أواخر الثمانينات في كلا المنطقتين ثم أخذ ينخفض منذ ذلك الحين، على الرغم مما ظهر من انتعاش متواضع في الآونة الأخيرة في شمال شرق المحيط الهادي. وفي شمال شرق الأطلسي بلغ مصيد القد الأزرق أعلى معدل يتم الإبلاغ عنه وهو 1.8 مليون طن في 2001 ثم انخفض قليلا في 2002. ويتعرض المخزون الآن للصيد الكثيف ويتطلب الأمر اتخاذ تدابير إدارية تقييدية. ويتم استغلال الكابلين والرنجة استغلالا كاملا وينظر إليهما الآن على أنهما في الحدود الآمنة بيولوجيا. وزاد المصيد من التونة الوثابة زيادة منتظمة منذ 1950 وحقق إنتاجه أعلى قيمة تاريخية مبلغ عنها وهي 2 مليون طن تقريبا في 2002، وهو ما يمثل نصف المصيد الإجمالي من التونة التجارية. أما حالة مخزونات التونة الوثابة فتحيط بها الشكوك إلى حد كبير، إلا أن هناك من الدلائل ما يشير إلى وجود إمكانية لبعض الزيادة في المصيد في شرق وغرب ووسط المحيط الهادي وفي المحيط الهندي، بشرط ألا تؤدي أي زيادات أخرى في مصيد التونة الوثابة إلى زيادات في المصيد من الأصناف الأخرى التي تستغل بالكامل أو تستغل بصورة مفرطة مثل التونة ذات العيون الكبيرة والزعانف الصفراء.

وهناك تفاوت كبير في النسبة المئوية للمخزونات التي تستغل عند أقصى مستويات الاستدامة أو أكثر من ذلك في مناطق العالم المختلفة، ابتداء من شرق وسط المحيط الهادي، حيث يستغل 33 في المائة فقط من المخزونات التي توجد معلومات بأنها مستغلة بالكامل، و النسبة الباقية تستغل بشكل قليل أو بشكل معتدل، وانتهاء بغرب وسط وشمال شرق الأطلسي وغرب المحيط الهندي، حيث توجد مخزونات تتوافر معلومات بأنها تستغل بالكامل (73 في المائة و 59 في المائة و 75 في المائة على التوالي) أو يجري استغلالها بما يجاوز هذا المستوى (الشكل 20). وفي 12 من بين 16 من الأقاليم الإحصائية لمنظمة الأغذية والزراعة، هناك ما لا يقل عن 70 في المائة من المخزونات التي يتم استغلالها بالكامل أو تستغل بشكل مفرط، مما يشير إلى أنه قد تم بلوغ الطاقة القصوى للصيد وإن ا لأمر يستلزم اتخاذ تدابير إدارية تقييدية أكثر حرصا. ويؤيد هذا الرأي تحليل الاتجاه في إنتاج مصايد ا لأسماك في تلك الأقاليم. وهناك أربعة من بين 16 إقليما عند أقصى مستوياتها التاريخية للإنتاج، في حين انخفض الإنتاج في 12 منها انخفاضا طفيفا وانخفض في أربعة منها انخفاضا حادا بما في ذلك شمال غرب الأطلسي (انخفاض بنسبة 50 في المائة عن الذروة في 1968) وجنوب شرق الأطلسي (انخفاض بنسبة 47 في الماثة عن الذروة في 1978) وجنوب شرق المحيط الهادي (انخفاض بنسبة 31 في المائة عن الذروة في 1994) . وفي معظم الحالات كان الإفراط في الصيد هو العامل الرئيسي المسؤول عن الانخفاضات وفي بعض الأحيان ارتبط ذلك بالأحوال البيئية شديدة التغير. وعلى وجه العموم، تتجه المعلومات المتاحة إلى تعزيز تقديرات المنظمة في أوائل السبعينات بأن الفدرة العالمية لمصايد الأسماك الطبيعية البحرية تبلغ 100 مليون طن تقريبا منها 80 مليون طن يمكن تحقيقها.

كما تؤكد تلك المعلومات بأنه على الرغم من أوجه الاختلاف الحالية، فإنه قد تم بلوغ هذا الحد بوجه عام. كما تدعم المعلومات المذكورة سلفا الدعوة إلى القيام بخطط أكثر صرامة فى مجال إنعاش وإعادة بناء المخزونات التي نضبت من جراء الإفراط في الصيد، وتحول دوان استغلال تلك المخزونات إلى الحد الأقصى أو ما يقارب ذلك.

واستجابة للشواغل العامة العالمية أخذت البلدان، من خلال منظمة الأغذية والزراعة ومؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة الذي عقد في جوهانسبرغ بجنوب أفريفيا عام 2002، تعمل على توسيع نطاق السياسات العادية والاهتمامات الإدارية بحيث لا تقتصر على مخزونات الأسماك وحدها بل تمتد إلى النظم الأيكولوجية. وهذا يتضمن ضرورة التفهم الأفضل لعدد كبير من العمليات التي تؤثر على مصايد الأسماك أو تتأثر بها مع رصد هذه العمليات. وتتمثل بعض الشواغل المهمة للإدارة الآن في آثار مصايد الأسماك على الموائل والمجتمعات البحرية والتفاعل الأيكولوجي (مثل العلاقات بين المفترسات والفريسة) وكذلك آثار الأنشطة التي تمارس على الأرض وتأثير التغيرات المناخية على مصايد الأسماك. ويعتبر غياب الأسلوب الانتقائي في مصايد عديدة والذى يؤدي إلى زيادة المصيد الجانبي عادة الإلقاء في البحر (المصيد غير المرغوب فيه لأصناف غير مستهدفة وما يستتبع ذلك من إعادة إلقائها في البحر) شاغلا إضافيا من شواغل الإدارة حيث أن المصيد الجانبي يمكن أن يؤدي إلى زيادة ضغط عمليات الصيد على الموارد التي تستهدفها مصايد أخرى، ما يمكن أن يؤدي إلى تفاقم عمليات الإفراط في الصيد، كما يمكن أن يكون له آثار غير مرغوب فيها على الأصناف التي تتعرض للخطر وتجرر حمايتها مثل سلحفاة البحر وبعض أنواع الثدييات البحرية وطيور البحر وسمك القرش. وتعتبر عمليات إعادة الإلقاء في البحر للأصناف والأنواع الفرادية غير الصالحة للأكل، وغير التجارية، أو صغيرة الحجم من الأضرار غير المباشرة للنظام الأيكولوجي، ومضيعة للموارد كما أنها تعتبر إفراطا في الصيد يحتاج إلى تصحيح.

ويمكن للتنمية الساحلية (بما في ذلك التوسع الحضري والصناعي وتربية الأحياء المائية) والأنشطة الاقتصادية فى المناطق المتاخمة للسواحل أن تشكل تهديدات خطيرة على حالة النظم الإيكولوجية ا لبحرية عندما تكون مصدرا للتلوث وسببا في تدهور الموائل الساحلية. وتؤثر هذه التغييرات البرية والساحلية على الأحوال المعيشية لمجتمعات الصيد الساحلية وعلى الصناعات بطرق كثيرة منها تخفيض الغلات المستدامة للمخزونات السمكية، وتغيير تركيبة الأصناف التي تمثل موردا، كما تؤثر على الصحة والتنوع وتزيد من عدم استقرار النظام الإيكولوجى وتنوعه وتؤثر على جودة طعام البحر والسلامة. ويمكن للظواهر البيئية مثل النينيو أن يكون لها آثار قاسية على التجمعات السمكية مما يؤدي إلى انهيار مصايد الأسماك (مثل مصايد أنشوجة بيرو في جنوب شرق المحيط الهادي فى أوائل السبعينات). وعلى المدى الطويل يتأثر الكثير من الأرصدة السمكية بالتقلبات العقدية التي تحدث بسبب الدورات المناخية الطبيعية. ويتفاقم تأثير المناخ على مصايد الأسماك في حالة الإفراط في الصيد عندما تصبح الأرصدة السمكية وصناعات الصيد أكثر تعرضا لديناميات البيئة الطبيعية. ولايزال تقدير هذه الأمور وغيرها من عمليات التفاعل بين النظم الإيكولوجية ومصايد الأسماك في المهد ويلزم معرفة الكثير عن مدى تأثيرها على الموارد السمكية، ومجتمعات الصيد، والصناعة، وأسبابها واتجاهاتها، وكيف يمكن التعامل والتكيف معها. ولا تسمح الحالة التي وصلت إليها الموارد السمكية ونظمها ا لإيكولوجية بأي تأخير في تنفيذ التدابير التي كان ينبغي أن تتخذ خلال العقود الثلاثة الماضية.

لذلك فإن المنهج الوقائي تجاه مصايد الأسماك والذي أوصى به مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية، واتفاقية الأمم المتحدة للأرصدة السمكية (13)، ومدونة السلوك بشأن الصيد الرشيد الصادرة عن منظمة الأغذية والزراعة (14) يحتاج إلى وضعه موضع التنفيذ.

المصايد الداخلية

خلافا للمخزونات السمكية البحرية الرئيسية، لا يوجد تحديد دقيق للمخزونات السمكية الداخلية، حيث إنها تتواجد على مساحات جغرافية أقل مثل البحيرات وحقول الأرز أو الأنهار، أو فوق مساحات شاسعة مثل مستجمعات المياه العابرة للحدود والتي غالبا ما تكون في مناطق يصعب الوصول إليها. لذلك فإن رصد استغلالها وحالة الأرصدة السمكية بها أمر مكلف. وفي الواقع،

لا يستطيع القيام بذلك غير عدد قليل جدا من البلدان. ونتيجة لذلك تقوم غالبية البلدان بالإبلاغ عن جزء صغير من مصيدها الداخلي مقسما بحسب الصنف، الأمر الذي يزيد من تعقيد مشكلة إجراء تقييم دقيق. لذلك فإن المنظمة ليست في وضع يتيح لها إمكانية الإدلاء ببيانات عالمية عن حالة هذه الموارد.

وورد في تقرير حالة الموارد السمكية وتربية الأحياء المائية في العالم 2000، أن موارد المصايد الداخلية تقيم بأقل من قدرها وأنها تتعرض للتهديد من جراء تغير الموائل والتدهور وأنشطة الصيد غير المستدامة. ويبدو أن هذا الاتجاه لايزال مستمرا لسوء الحظ وقد لاحظت الندوة الدولية الثانية لإدارة الموارد السمكية بالأنهار الكبيرة وهي ندوة عقدت مؤخرا لإدارة مصايد الأنهار الكبيرة (9)، أن المعلومات العالمية عن مصايد الأنهار هزيلة، وأن 50 في المائة من أصناف الأسماك الداخلية تتواجد بالأنهار وأن الأنهار تحتوي على نسبة عالية من الكائنات الحية المصنفة على أنها أكثر تعرضا للخطر أو للتهديد عن معظم النظم الإيكولوجية الأخرى. ويوجد في الكثير من أحواض الأنهار، وخاصة في البلدان النامية، موارد سمكية كثيفة، وفي كثير من الأحيان يزيد المصيد، على الرغم من حدوث تغيرات في تركيبة الأصناف، مع انخفاض كميات كبيرة من الأصناف التى يتأخر نضجها. ولاتزال المصايد النهرية تتيح قدرا كبيرا من المصيد في البلدان النامية حتى في مواجهة الاستغلال الكثيف. بيد أنه، في نهر ميكونغ، ظهر لأول مرة ما يدل على الإفراط في صيد المخزونات (96). وهناك ما يشير إلى إفراط في استغلال مصايد الأسماك في عدة بحيرات. ففيبحيرة فيكتوريا، على سبيل المثال، انخفض مصيد البرش النيلي من رقم قياسي بلغ 526 371 طنا في 1990 إلى 130 241 طنا في 2003. كما انخفض مصيد الاستورجون في البلدان المحيطة ببحر قوين من نحو 20000 طن في 1988 إلى أقل من 400 1 طن في 2002، بسبب الصيد غير المشروع، والإفراط في الصيد وتدهور الموائل. وتوصف أسماك المصايد الداخلية بوجه عام بأنها مجموعة الفقريات التي يستخدمها الإنسان والتي تتعرض لأكبر قدر من الأخطار (17).

بيد أنه تم إدخال تحسينات على حالة بعض الموارد السمكية الداخلية في كثير من المناطق عن طريق برامج التزويد بالأسماك، وإدخال أصناف جديدة وتنظيم الموائل وتحسينها. وفي كثير من البلدان النامية، وخاصة في آسيا، يتم تعزيز حقول الأرز والمناطق المروية لزيادة إنتاج التنوع الحيوي المائي بخلاف الأرز، وتحسين الحالة الغذائية للأسر الريفية (98). ويمكن لعمليات التعزيز هذه أن تجعل الموارد أكثر استقرارا وقيمة وأسهل حصادا.

الاستخدامات السمكية

في عام 2002، تم استخدام 76 في المائة (100.7مليون طن) من الإنتاج العالمي التقديري من الأسماك للاستهلاك البشري المباشر (الجدول1). ووجهت النسبة الباقية وهي 24 في المائة (32 مليون طن) للمنتجات غير الغذائية، وخاصة لصناعة المساحيق السمكية والزيوت. وإذا ما تم استبعاد الصين، سيكون التوزيع 74 في المائة (65.5 مليون طن) للاستهلاك البشري المباشر و 26 في المائة (23 مليون طن) للمنتجات غير الغذائية (الجدول2 والشكل 2). وفي الصين يوجه أكثر من 79 في المائة (35 مليون طن) من إنتاج الأسماك المبلغ عنه (44 مليون طن) على ما يبدو نحو الاستهلاك البشري المباشر، وتكون غالبيته طازجة (5. 75 في المائة). أما الكمية الباقية (تقدر بنحو 9.1 مليون طن) فتوجه نحو المساحيق السمكية والاستخدامات الأخرى غير الغذائية بما في ذلك استخدامها كعلف مباشر للأحياء المائية.

وفي عام 2002 أيضا، تم تجهيز 70 في المائة (62 مليون طن) من الإنتاج العالمي من الأسماك بطرق مختلفة، باستثناء الصين. وقد تم استخدام 63 في المائة (39 مليون طن) من هذه الأسماك ا لمجهزة في صناعة منتجات من أجل الإستهلاك البشري المباشر والباقي لاستخدامات غير غذاثية. وتتيح البدائل الكثيرة في عمليات التجهيز قدرا كبيرا من التنوع في الأذواق وطريقة التقديم، مما يجعل الأسماك أكثر السلع الغذائية من حيث تعدد الاستعمالات ومع ذلك، وبخلاف كثير من المنتجات الغذائية الأخرى، لا يؤدي التجهيز إلى زيادة سعر المنتج النهائي ولاتزال الأسماك الطازجة هي الأسماك التي يزيد الإقبال عليها قي السوق. وخلال التسعينات زادت نسبة الأسماك التي تم تسويقها حية/ طازجة على المستوى العالمي بالمقارنة بمنتجات أخرى (الشكل 21). فقد زاد حجم الأسماك الحية/ الطازجة مع استبعاد الصين، من 17 مليون طن في 1992 إلى 26 مليون طن في 2002، أي بزيادة من 20 إلى 30 في المائة من مجموع الإنتاج. وقد ظل حجم الأسماك المجهزة الموجهة للاستهلاك البشري (مجمدة ومملحة ومعلبة) ثابتا عند نحو 39 مليون طن. ويعتبر التجميد الوسيلة الرئيسية لتجهيز الأسماك من أجل استخدامها كغذاء وبلغت نسبة التجميد 53 في المائة من مجموع الأسماك المجهزة للاستهلاك البشري في 2002 يليها التعليب (27 في المائة) ثم التمليح (0 2 في المائة). وفي البلدان ا لمتقدمة توجد زيادة مستمرة في نسبة الأسماك المجمدة بلغت 42 في المائة من الإنتاج في 2002. وبالمقارنة، فإن نسبة المنتجات المجمدة بلغت 13 في المائة من إجمالي الإنتاج في البلدان النامية حيث كانت تجارة الأسماك الطازجة/المبردة هي الغالبة.

ويكشف استخدام الأسماك عن اختلافات ملحوظة على مستوى القارات والمستوى الإقليمي والقطري.إذ تزيد نسبة الأسماك المملحة في أفريقيا (16 في المائة في 2002) وفي آسيا (11 فى المائة) بالمقارنة بالقارات الأخرى. وفي عام 2002، كان أكثر من ثلثي الأسماك الموجهة للاستهلاك البشري في أوروبا وأمريكا الشمالية يباع في صورة أسماك مجمدة ومعلبة. وفي أفريفيا وآسيا توجد زيادة بوجه خاص في نصيب الأسماك الحية أو المجمدة التي تباع في الأسواق. ولسوء الحظ فإنه من غير الممكن تحديد كمية الأسماك التي تباع في الأسواق في صورة حية تحديدا دقيقا من واقع الإحصاءات المتاحة. وتزيد مبيعات الأسماك الحية للمستهلكين والمطاعم في جنوب شرق آسيا والشرق الأقصى بصفة خاصة.

 

وجاءت جميع المنتجات السمكية المستخدمة للأغراض غير الغذاثية في عام 2002 من المخزونات الطبيعية لأسماك السطح الصغيرة والتي تمثل 37 في المائة من مجموع إنتاج المصايد الطبيعية. ويستخدم معظم هذه المنتجات السمكية كمادة خام لإنتاج العلف الحيواني والمنتجات الأخرى. وقد ا ستخدم 90 في المائة من الإنتاج العالمي من الأسماك (باستثناء الصين) الموجه للأغراض غير الغذائية في إنتاج المساحيق السمكية/الزيوت، واستخدمت النسبة المتبقية وهي 10 في المائة كعلف مباشر للأحياء المائية والحيوانات ذات الفراء. أما حجم أسماك السطح المستخدمة كعلف حيواني (21 مليون طن) فقد زاد زيادة طفيفة (3 في المائة) عن عام 2001، عندما انخفض الإنتاج بنسبة 13 في المائة عن مستويات 2000، وإن ظل أقل بكثير من مستويات الذروة التي بلغها في منتصف التسعينات عندما سجل رقما يزيد عن 29 مليون طن.

(13)اعتمد اتفاق تنفيذ أحكام اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، المؤرخة 10 ديسمبر/ كانون الأول 1982 ، بشأن حفظ وإدارة الأرصدة السمكية المتداخلة المناطق والأرصد ة السمكية الكتيرة الإرتحال، وفتح باب التوقيع عليه في عام 1995 لمزيد من المعلومات يرجى الرجوع إلى:http://www.un.org/Depts/Ios/convention_agreements/convention_overview_ fish_stocks.htm
(14) اعتمدها المؤتمر العام الثامن والعشرون للمنظمة في أكتوبر/ تشرين الأول عام 1995 لمزيد من المعلومات يرجى الرجوع إلى: http://www.fao.org/DOCREP/OO5/v9878e/v9878e00.htm
( 15) الندوة الدولية الثانية لإدارة الموارد السمكية بالأنهار الكبيرة: الحفاظ على الحياة المعيشية والتنوع البيولوجي في الألفية الجديدة بنوم بنه كمبوديا، 11- 14 فبراير/شباط 2003. لمزيد من المعلومات أنظر http://www.lars2.org
( 16) C.Barlow وحدة مصايد الأسماك، هيئة نهر ميكونغ، اتصالا شخصي، أبريل/ نيسان 2004
(17) ,M.N. Bruton. 1995 تحصل الأسماك؟ على طعامها معضلة الأسماك المعرضة للخطر، " البيولوجيا البيئية للأسماك" 43: 1-27.
(18) ,M. Halwart. 2003 الاستخدام التقليدى للتنوع البيولوجي المائي في النظم الإيكولوجية القائمة على الأرز، نشرة 15-الأحياء المائية الصادرة عن المنظمة 29: 9

الصفحة السابقة اعلى هذه الصفحةالصفحة المقبلة