الصفحة السابقة بيان المحتوياتالصفحة المقبلة

الجزء الثاني

بعض، القضايا التي تواجه الصيادين ومربي الأحياء المائية

 

تربية الأحياء المائية المعتمدة على المصايد الطبيعية (28)

القضية

تتسم تربية الأحياء المائية المعتمدة على المصايد الطبيعية، بأنها عملية جمع زريعة الأسماك (المواد الخام)- منذ مراحل حياتها المبكرة حتى النضوج- من موائلها الطبيعية، ومن ثم تربيتها في الأسر حتى بلوغها الحجم التسويقي، باستخدام تقنيات تربية الأحياء المائية. وتشمل هذه الفئة تربية بعض أصناف الأسماك الزعنفية، ومعظم الرخويات، وبعض أشكال التربية الموسعة للأربيان البحري. ومن الصعب تحديد نطاق هذا النشاط من الناحية الكمية، نظرا لأن السجلات الإحصائية لا تفرق بين الإنتاج من تربية الأحياء المائية المعتمدة على المصايد الطبيعية هذه والأشكال الأخرى لتربية الأحياء المائية، حيث تخزن صغار أسماك التربية في المزارع. ومن جهة أخرى تشير التقديرات إلى أن نحو 20 في المائة من الحجم الإجمالي لإنتاج أسماك الطعام يتحقق من خلال هذا الأسلوب في تربية الأحياء المائية. وباستخدام بيانات المنظمة لعام 2001، يتبين أن هذا الإنتاج يتجاوز 7.5 مليون طن سنويا، معظمها من الرخويات. إن تربية الأسماك الزعنفية، لاسيما أصناف اللواحم (بما في ذلك السمك اللبني والأخفس والتونة والتونة صفراء الزعانف والإنقليس)، بهذا الأسلوب تحظى بمعظم الاهتمام في الوقت الراهن (29).

أما البيانات الإحصائية المقدمة عن الإنتاج إلى المنظمة بشأن بعض هذه المجموعات من الأصناف، فهي كما يعتقد أقل من الواقع. ويتضمن الجدول 11 بعض التقديرات الأعلى بشأن التونة صفراء الزعانف والإنقليس والأخفس والتونة ذات الزعانف الزرقاء، وبلغت قيمة الإنتاج من تربية الأحياء المائية المعتمدة على المصايد الطبيعية من هذه المجموعات في عام 2000، باستخدام بيانات المنظمة أكثر من 1.7 مليار دولار. ويتوقع أن يتجاوز الإنتاج من التونة ذات الزعانف الزرقاء في إطار مشروعات التربية بمفردها أكثر من 25000 طن في عام 2004. ومع أن السوق الرئيسية لهذا النوع من التونة هي اليابان، فإن التقديرات تشير إلى أن هناك طلبا في الوقت الراهن في الولايات المتحدة يبلغ 45000 طن، معظمه يتركز على استهلاك السوشي والساشيمي وعلى الشواء أيضا.

وتعد هذه الأساليب في تربية الأحياء المائية تداخلا بين المصايد الطبيعية والتربية الفعلية للأحياء المائية. وهي توفر إحدى سبل المعيشة البديلة للمجتمعات الساحلية المحلية في البلدان النامية لكنها تواجه العديد من المشكلات المهمة التي تنجم عن التأثيرات على الأطراف الثالثة والناجمة عن الأسلوبين الشائعين في هذا النوع من التربية وهما: استخدام "البذور الطليقة" واستخدام الأسماك الخام كعلف وأيضا بسبب أساليب إدارية أخرى مثيرة للتساؤل من الناحية البيئية. كذلك لم تتوافر حتى الآن طريقة عملية بشأن رصد إنتاج تربية الأحياء المائية المعتمدة على المصايد الطبيعية. ومن المهم حل هذه القضايا، ذلك لأن الأسلوب المذكور يوفر فرصا مهمة للعمالة في البلدان النامية وفي المجتمعات الساحلية المحلية في بعض البلدان الصناعية. كذلك نجح هذا الأسلوب في إيجاد منافذ تسويقية شعبية جديدة بما في ذلك سد الفجوة القائمة بين فئتي الأغذية (رفيعة الجودة/ غالية وقليلة الجودة/ رخيصة) من التونة ذات الزعانف الزرقاء في السوق اليابانية وتوفير مصدر للأخفس الذي يقل ثمنا عما يعادله من الأصناف الطليقة. كذلك يتيح هذا النوع من تربية الأحياء المائية المعتمدة على مصايد الأسماك الطبيعية فرصا لاستنباط منتجات قليلة المخاطر وجيدة النوعية تلبي متطلبات مدونات السلوك والممارسة.

استخدام "البذ ور" الطليقة

تقوم تربية الأحياء المائية المعتمدة على المصايد الطبيعية، بحسب التعريف، على استخدام "بذور" طليقة (وهذا اصطلاح يشمل زريعة الأسماك وصغارها، وفي بعض الحالات الأسماك الكبيرة) لوضعها في مرافق التربية كالخزانات أو الأقفاص. ويبدو أن هذا المصدر من البذور قابل للاستدامة في الأمد القصير، لكنه غير ملائم في الأمد الطويل، نظرا لأن المصيد من الزريعة، سواء منها صغار الأسماك أو البالغات مقابل كل وحدة من وحدات مجهود الصيد يبدو منخفضا. فأماكن التربية وموائل الناضجات (المنغروف وأعشاب البحر والشعب المرجانية) تتعرض على نحو متزايد للتلف بسبب التلوث وممارسات الصيد المدمرة، فضلا عن التأثيرات الأخرى التي تلحق بالبيئة. بيد أن أغلب الظروف الفعلية لهذه الموارد تظل مجهولة إلى حد كبير. وكثيرا ما يحدث إفراط في صيد الموارد المستهدفة أثناء أنشطة الصيد العادية، لكن ذلك يتفاقم بسبب متطلبات تربية الأحياء المائية المعتمدة على المصايد الطبيعية. كذلك فإن جمع البذور لأغراض التربية، يمكن أن يؤدي إلى نفوق الأصناف غير المستهدفة وتدمير الموائل وتعكيرها وتنجم عنه مرتجعات، وبالتالي يسبب نضوبا في الموارد الأخرى. إضافة إلى ذلك فإن نقل البذور إلى هذا النوع من مزارع التربية يتميز بمعدلات نفوق مرتفعة (وبالتالي فقدانا للموارد) ومنازعات مع المستخدمين الآخرين للموارد (إعاقة المجاري المائية التي يسببها سحب الأقفاص المحتوية على التونة زرقاء الزعانف).

استخدام الأسماك الخام كأعلاف

يستخدم العديد من أساليب تربية الأحياء المائية المعتمدة على المصايد الطبيعية صغار الأسماك كأعلاف (ويشار إليها أحيانا أسماك النفايات). وتوجد، حتى الآن، تقييمات غير ملائمة للتأثيرات المتعلقة بالبيئة، كنضوب الأرصدة المستخدمة واحتمال انتقال ناقلات المرض إلى الأسماك المستزرعة، وربما لبقية الأسماك التي تعيش معها في نفس المسطح المائي. كما يحتمل أن تنتقل إليها الجراثيم التي تصيب الإنسان. ونظرا لأن الأسماك الخام أصبحت تستبدل بأعلاف مائية مركبة فإن الاعتماد على الموارد البحرية كمكونات علفية، يتجه نحو الاستمرار، ذ لك لأن مستويات عليا من الزيوت السمكية ودقيق الأسماك تستخدم في تغذيتها.  

تأثير إدارة تربية الأحياء المائية المعتمدة على المصايد الطبيعية

إن الأسلوب الذي تحدد بموجبه مواقع مزارع التربية المعتمدة على المصايد الطبيعية وتشغيلها يثير عددا من المشكلات حيث أن هذه التربية تظهر العديد من القضايا المتعلقة بالبيئة والسلامة التي تشمل الافتقار إلى نظم ملائمة لتقييم مردودية التكاليف والتأثيرات البيئية لما يضمن اختيارا ملائما للموقع من شأنه أن يقلل من المواد المترسبة ويحول دول تلوث منتجات التربية (بالسموم وغيرها).

وفى بعض الأحيان، تشتمل عمليات التربية على تقنيات غير ملائمة كالنظم العلفية غير الملائمة ونظم الإرساء الرديئة والعيوب في هياكل الأقفاص. كذلك فإن محدودية المعرفة بالظروف المثلى لمرافق التربية والافتقار إلى الأشخاص المدربين (في العمليات العديدة التي نفذت على المستوى الحرفي والتي أدت إلى رداءة الأداء وفقدان الأسماك وغير ذلك) تؤثر أيضا في مدى استدامة هذه الأساليب في تربية الأسماك واستزراعها. كذلك فإن عدم معالجة النفايات المتخلفة من مزارع التربية هذه من شأنه أن يؤذي البيئة الساحلية ويلحق أضرارا بالسكان الذين يقطنون المناطق الساحلية.

رصد إنتاج تربية الأحياء المائية المعتمدة على المصايد الطبيعية

هناك أيضا صعوبات كبيرة فى تحديد كمية إنتاج هذا الأسلوب في التربية. وثمة إدراك بأن المصيد السمكي من الأصناف الطليقة لأغراض التربية يعتبر حصيلة للمصايد الطبيعية، وأن الوزن المضاف من خلال التسمين يعتبر إنتاجا للتربية المعتمدة على المصايد الطبيعية. وبالنسبة لأنشطة التربية التي تعتمد على المصيد من الأسماك الصغيرة الطليقة، فهذا الأمر لا يعد مشكلة، ذلك لأن وزن صغار الأسماك يكون ضئيلا جدا. لكن هذا الأمر ليس صحيحا في تربية التونة، ذلك لأن الأسماك المصيدة لأغراض التسمين تكون ناضجة فعلا. وهذا يعني أن وزنها لا يمكن إغفاله، بل ينبغي تقديره.

الحلول الممكنة

إمدادات "البذور" ونقلها

تجري بحوث عديدة ومتطورة على تقنيات استزراع الأصناف التي توضع كزريعة في تربية الأحياء المائية المعتمدة على المصايد الطبيعية. وإذا ما ثبتت كفاءة هذه التقنيات من الناحية الاقتصادية، فإن الزريعة الناتجة تستبدل في نهاية الأمر محل الزريعة الطليقة (في الوقت الذي تصبح تربية هذه الأصناف تربية فعلية للأحياء المائية وليست تربية تعتمد على المصايد الطبيعية). ومن جهة أخرى، يستبعد أن يصبح الأمر سليما من الناحية التجارية لتربية بذور في ظروف خاضعة للسيطرة حيث أنه بدلا من أن تتكون البذور من زريعة صغيرة فإنها تتكون من صغار الأسماك أو الأسماك الناضجة (كتلك التي تستخدم غالبا في تربية الأحياء المائية المعتمدة على المصايد الطبيعية من التونة ذات الزعانف الزرقاء). ويتوقع لهذا الأسلوب من التربية أن يستمر في اعتماده على إمدادات من البذور ا لطليقة، ليس من الأصناف التي تربي حاليا فحسب، بل وأيضا من تلك الأصناف التي يمكن أن تربى في المستقبل استجابة لقوى السوق.

ولذا ينبغي البحث عن حلول لمشكلات البذور هذا بما في ذلك إدخال التحسينات في إدارة المصايد بشأن الأصناف المستخدمة قي تربية الأحياء المائية المعتمدة على المصايد الطبيعية. وهذا يستلزم مزيدا من الدراسات حول بيولوجيا هذه الأصناف وإجراء بحوث خاصة حول المزيد من معدات الصيد الإنتقائية. وهناك حاجة إلى تقنيات جديدة لنقل الأسماك الطليقة إلى مزارع التربية لتقليل معدلات النفوق. وفضلا عن ذلك، هناك حاجة لاستنباط سياسات بعينها وأطر قانونية بشأن التربية المعتمدة على المصايد الطبيعية التي توخد بين قطاعات الصيد وقطاعات التربية وتؤدي إلى تداخلات في ما بينهما.

الفرق بين استخدام نفايات الأسماك الخام والأعلاف المركبة في مصايد الأسماك الطبيعية

من المتوقع حدوث انطلاقة مهمة عندما تستنبط أعلاه مركبة ومربحة بالنسبة لكل صنف من الأصناف وتحظى بالقبول لدى المربين. فاستبدال الأسماك الخام بأعلاف مركبة من شأنه أن يقلل الاعتماد على المصايد الطبيعية، وبالتالي يحمي بصورة غير مباشرة الموارد البحرية كذلك من شأنه أن يقلل التلوث الناجم عن الأعلاف الفاقدة ويروج لتوازن بيئي موات ويؤدي إلى مراقبة التوازن الغذائي ويضمن معدلات كفؤة في تحويل الأعلاف، وبالتالي تقليص تكاليف المناولة والتغذية (رغم أن المكاسب الاقتصادية النهائية من خلال التحسينات تعتمد على تكاليف الوحدة النسبية للأعلاف البديلة وأيضا على معدل كفاءة التحويل). واستخدام الأعلاف المركبة من شأنه أن يقضي على المخاطر الصحية لأسماك التربية التى تنجم عن عدم مراقبة نوعية الأسماك الخام. وفي هذا الصدد، يلزم مراعاة عوامل أخرى من بينها قبول المستهلكين في نهاية المطاف بمنتجات الأعلاف البديلة، وبالتالي قبول قيمتها. وهذه العوامل مهمة لأنها تؤثر بشدة على رغبة المربين في التحول عن الاستخدامات الراهنة للأعلاف.

تحسين المواقع المتوافرة

إن إدخال المزيد من التحسينات في المعدات والتكنولوجيا للتربية في الأقفاص بعيدا عن السواحل، من شأنه أن يؤدي إلى تحسين نوعية المياه وصحة الأسماك. ويستلزم استخدام مواقع بعيدة عن السواحل، إدخال تحسينات على نظم الأعلاف ويتطلب فوارق أكبر للخدمة، كما يستلزم تقنيات جديدة لإصلاح ا لشبكات وتنظيفها وصيانة نظم الإرساء. ومن بين الحلول الممكنة، زيادة الميكنة والرصد الإلكتروني واستخدام نظم الإرساء بالشد .

إدارة المخلفات

من المفيد لصناعة تربية الأحياء المائية المعتمدة على المصايد الطبيعية، مراقبة المخلفات والحد منها. والأساليب المستدامة لا تقتصر على الحفاظ على البيئة والحد من إمكانات حدوث منازعات مع بقية المستخدمين الساحليين، بل توفر منتجات يحتفظ بها المستهلكون سليمة (وبالتالي تحسين إمكانات تسويقها). ويلزم إتباع منهج متكامل ومتعدد التخصصات لتطوير إمكانات الاستدامة وتحفيفها. كذلك فإن استنباط برامج سريعة ومتجددة وقليلة التكاليف لتقييم التأثير البيئي، فضلا عن الرصد المنتظم استنادا إلى مؤشرات الأداء الرئيسية البيئية، يفيد كثيرا في مجال تربية الأحياء المائية المعتمدة على المصايد الطبيعية.

الرقابة القانونية والمؤسسية لأنشطة تربية الأحياء المائية المعتمدة على المصايد الطبيعية

يجب أن يصبج تطبيق أساليب الانتاج الرشيدة نمطا قي التربية المعتمدة على المصايد الطبيعية. وفي العديد من الحالات يمثل هذا النمط من التربية الخطوة الأولى (بل أبعد من ذلك أحيانا، كما هو الحال في إنتاج الإنقليس) صوب التربية القعلية للأحياء المائية. ومن جهة أخرى، فإن هذا التطور لن يؤثر في خصائص بعض أشكال تربية الأحياء المائية المعتمدة على المصايد الطبيعية الراهنة كتربية التونة الكبيرة زرقاء الزعانف فضلا عن ذلك، تبرز تربية الأحياء المائية المعتمدة على المصايد الطبيعية لأصناف جديدة. ولهذا، ينبغي للحكومات ان تتحرى وتطور الصكوك القانونية والمؤسسية التي تعترف بأن تربية الأحياء المائية المعتمدة على المصايد الطبيعية تمثل قطاعا متميزا، كذلك يلزم إدماجها في تخطيط استخدام الموارد وتنميتها. كما ينبغي صياغة الاتفاقات الدولية بشأن بعض الإجراعات الخاصة في قطاع التربية هذا، وتوقيع هذه الاتفاقيات من جانب كل البلدان التي تتقاسم موارد مشتركة. ويلزم تحسين إدارة هذا الأسلوب في التربية، وبخاصة عندما يكون الأسلوب المتبع غير قابل للاستدامة. وينبغي للحكومات كذلك أن تروج على نحو فعال لتربية الأحياء المائية في المصايد الطبيعية، إذ ربما تؤدي إلى تربية أصناف جديدة من الأحياء المائية، وبالتالي تقليص الضغط على المخزونات الطليقة الموجودة

رصد إنتاج تربية الأحياء المائية المعتمدة على المصايد الطبيعية

دأبت المنطمة منذ أكثر من عقد على تنقيح الاستبيانات المتعلقة بإنتاج الأحياء المائية والتى ترسلها عادة إلى الدول الأعضاء. وقد صممت هذه المبادرات لمساعدة هذه البلدان في تحديد ماهية الأنشطة الانتاجية التي تؤدي إلى إنتاج الأحياء المائية (من وجهة نظر إحصائية) والتي ينبغي اعتبارها كمنتجات للمصايد الطبيعية. ففي عام 2001، عالج فريق العمل لتنسيق الاحصاءات الخاصة بمصايد الأسماك قضية خاصة تتعلق بتربية الأحياء المائية المعتمدة على المصايد الطبيعية للتونة، وقرر وجوب تسجيل أوزان اسماك التربية كإنتاج للمصايد الطبيعية، وبالتالي يجب تسجيل النمو المتزايد في محتجزات التربية كإنتاج للأحياء المائية. وهذا من شأنه أن يبعد الازدواجية في الحساب (30)

ومع أن هذا الحل يعد مثاليا من الناحية النطرية، إلا أن هناك صعوبات عملية تتعلق بوزن الأسماك، سواء في بداية نشاط التربية أو في نهايته. ولذا فإن هذه المسألة لا تزال قيد البحث (31) ويلزم حلها على نحو مرض. وريثما يتم الوصول إلى هذا الحل، تبقى هناك بعض الصعوبات في تفسير البيانات الإحصائية المتعلقة بتلك الأصناف من التونة التي تربي في إطار تربية الأحياء المائية. وهناك ضرورة للتعاون بين المنظمة وصناعة تربية الأحياء المائية المعتمدة على المصايد الطبيعية للتونة لاستنباط معدلات ملائمة بشأن قياس الزيادات مع مضي الوقت، وبالتالي يمكن تصحيح نسب إجمالي الانتاج تبعا للنتائج الإحصائية للمصايد الطبيعية وإنتاج تربية الأحياء المائية المعتمدة على المصايد الطبيعية.

وليست هناك في الوقت الراهن مشكلات إحصائية مماثلة تتعلق بتربية الأحياء المائية المعتمدة على المصايد الطبيعية للإنقليس والأخفس وذات الذيل الأصفر، نظرا لأن الحيوانات المصيدة من المياه الطليقة لوضعها في وحدات التربية ضئيلة جدا في وزنها. وفي هذه الحالات فإن الإنتاج الإجمالي يسجل كتربية أحياء مائية. ومن جهة أخرى، يمكن أن تحدث مشكلات إحصائية في الإبلاغ عن الإنتاج من الأصناف الأخرى قيد التربية، والتي يمكن صيدها، كالأسماك الكبيرة وتربيتها في إطار تربية الأحياء المائية المعتمدة على المصايد الطبيعية في المستقبل.

 

أحدث الإجراءات

"بذور" الاستزراع

قطعت خطوات واسعة نحو الإنتاج المستزرع لبعض الأصناف التي تربى حاليا في إطار تربية الأحياء المائية المعتمدة على المصايد الطبيعية. وهذا من شأنه أن ينقل بصورة تدريجية بعض أجزاء القطاع الفرعي لتصبح أقرب إلى التربية الفعلية للأحياء المائية، ويقلص التأثير الأيكولوجي لاستيعاب البذور الطليقة. والتقدم على هذا النحو يسهل في نهاية المطاف برامج تعزيز المصايد.

وقد أنجزت اليابان تقنيات لتعزيز تريية الأسماك ذات الزعانف الزرقاء في الأقفاص بعيدا عن السواحل، وفي نظم الشباك الاعتراضية المغلقة من أجل تعزيز المصايد. ولاحقا لهذا، فقد تحققت هناك قي عام 2002 التربية الأولى بالدورة المغلقة للتونة زرقاء الزعانف. وهناك جهود مماثلة تبذل في كل من أستراليا والبحر المتوسط كما أن هناك جهودا تبذل للمحافظة على التونة زرقاء الزعانف في عدد من المواقع الأخرى من بينها كاليفورنيا، الولايات المتحدة وقامت هيئة التونة الإستوائية في البلدان الأمريكية بتربية التونة صفراء الزعانف على نطاق تجريبي في بنما منذ 1996، وتتواصل الأعمال التجريبية لتحسين ظروف تربية يرقات التونة.

وفي 1999، أمكن الحصول فى هاواي، الولايات المتحدة على البيوض الطبيعية للجاك العنبري والجاك طويل الزعانف، ومنذ ذلك الحين استخدمت الأرصدة المدجنة من هذين النوعين كأرصدة للتربية. أما المتبقي على قيد الحياة من إصبعيات المزارع من مختلف أصناف الأسماك الزعنفية البحرية التي ربيت في آسيا، بما في ذلك الأخفس، فلا يزال إلى عهد قريب ضئيلا ومتباينا. ومن جهة أخرى هناك توسع ملحوظ في إنتاج إصبعيات الأخفس في إندونيسيا مثلا وبخاصة من "المزارع الخلفية" في بالي. وكان الإنتاج الرئيسي من هذه المزارع من نوع آخر كان يربى مع البذور الطليقة وبالتحديد الأسماك اللبنية. وتشير التقديرات إلى أن ما بين 15 و30 في المائة من الأخفس المربى في إندونيسيا يأتي من هذه المزارع. ويبدو أن هناك أملا ضئيلا في الوقت الراهن في إمكانية توفير بذور الإنقليس في تربية الأحياء المائية المعتمدة على المصايد الطبيعية من خلال إغلاق دورته الحياتية على أساس تجاري. ومن جهة أخرى، أشارت التقارير(32) أن هناك بارقة أمل في نجاح البحوث، على الأقل، على نوع الإنقليس من نوع أنجويلا.

تطور صناعة الأعلاف

من الملاحظ أن منتجي تربية الأحياء المائية المعتمدة على المصايد الطبيعية لا يتحمسون عادة في تغيي أساليب التربية، ذلك لأن الفشل المحتمل في البدائل تترتب عليه مخاطر اقتصادية (خصوصا في تربية التونة زرقاء الزعانف) وهذا يعني أن العديد من المربين يخشون المخاطر. ورغم هذا، هناك ميل إلى الاستبدال ا لجزئي للأسماك الخام بأعلاف مصنعة.

وهناك أبحاث تتعلق بأعلاف التونة قيد التنفيذ في أستراليا منذ 1997 لكنها تواجه عراقيل بسبب صعوبات إجراء تجارب تحت المراقبة على مثل هذه الأسماك الثمينة. ومن بين المشكلات أيضا التكاليف المرتفعة لإنتاج الأعلاف والقبول شبه الأمثل للأعلاف المكورة للتونة. إضافة إلى ذلك، ظهرت بعض أشكال المقاومة لدى مستهلكي التونة (وبعض الأنواع الأخرى المنتجة بالتربية المعتمدة على المصايد الطبيعية) التي تستخدم في تربيتها الأعلاف الاصطناعية.

وفي معرض الجمعية العالمية لتربية الأحياء المائية الذي عقد في هاواي، الولايات المتحدة عام 2004، عرضت شركة أعلاف أمريكية علفا للتونة يستخدم في المكسيك كمكمل بنسبة 25 إلى 50 في المائة من العلف لكن بعض المربين أشاروا إلى أنهم يتطلعون إلى علف جاف بنسبة 100 في المائة للتونة التي يربونها.

أما فى مزارع التربية الكثيقة للإنقليس، حيث يتواصل استخدام الديدان المائية الصغيرة والأسماك الطرية في الأيام القليلة الأولى للاستزراع، هناك تحول من خلال مرحلة انتقالية تتمثل في العلف الاصطناعية على شكل عجينة طرية، يليها في نهاية المطاف علف يتكون من كريات مضغوطة بالبخار لأغراض التربية.

ويظل أسلوب التربية الذي يعتمد على السمك الخام (النفايات) أكثر الأساليب المستخدمة شيوعا في علف الأخفس، رغم مضي عقود من البحث لإنتاج بدائل مكورة بيد أن هناك محاولات متواصلة تبذل لإنتاج أعلاف الأخفس لأغراض تجارية. فعلى سبيل المثال، وفي أعقاب تجربة تجارية ناجحة على الأخفس البرتقالي المنقط فإن مصنعا لإنتاج أعلاف الأحياء المائية بدأ يبيع علف الأخفس فى الفلبين في عام 2002.

ولا يزال السمك الخام مستخدما فى تربية الأحياء المائية المعتمدة على المصايد الطبيعية لتغذية الأسماك ذات الزعانف الصفراء في اليابان، لكن لما أصبح المربون على دراية بالأخطار البيئية الناجمة عن استخدامه، أصبحت الكريات الطرية وشبه الطرية والناعمة الجافة تستخدم على نحو متزايد منذ أوائل التسعينات ففي عام 1998، استخدم ما يزيد على000 120 طن من الأعلاف الاصطناعية. ورغم هذا، لا تزال هناك مشكلات في إيجاد أعلاف اصطناعية حقيقية ملائمة لذوات الزعانف الصفراء التي يزيد وزنها عن 3 كيلوغرامات، وهذه الأنواع تفضل الأسماك الخام على الكريات.

والاستبدال الجزئي أو الكلي للموارد البحرية كمغذيات طبيعية لا يقتصر فقط على تربية الأحياء المائية المعتمدة على المصايد الطبيعية، ولكنه يناسب أيضا الأسماك التي تقتات على غيرها من الأسماك وأنواع القشريات (33).

آفاق المستقبل

تعد تربية الأحياء المائية المعتمدة على المصايد الطبيعية نشاطا إقتصاديا قابلا للاتساع في الأجل القريب سواء بالنسبة لأصناف الأسماك الزعنفية قيد الاستغلال، أو بالنسبة للأصناف الأخرى التي ستختار للتربية قي المستقبل. وفي حالة أصناف الأسماك غير الزعنفية كما هوالشأن في الأصناف ذات الصدفتين (كالرخويات)، فمن المؤكد أن تربية الأحياء المائية المعتمدة على المصايد الطبيعية سواء تستمر إلى ما لا نهاية نطرا للعدد الكبير جدا من المشيجات التي تفرزها. لكن تربية الأحياء المائية المعتمدة على المصايد الطبيعية لأصناف مختارة من الأسماك الزعنفية تعد أمرا أكثر غموضا. وعندما تصبح هذه التربية منافسا مباشرا للمصايد المائية، فسيبقى حتما من يجادل بوجود قيود صارمة في وجه هذا التشاور ولهذا فمن المهم جدا وجود وسائل سليمة إقتصاديا لتربية هذه الأصناف طوال دورة حياتها الكاملة. وعندما يتحقق هذا الهدف فإن مستقبل إنتاج تربية الأحياء المائية المعتمدة على المصايد الطبيعية لن يكون مضمونا لهذه الأصناف فحسب بل ربما تم البحث عن جدوى برامج لإعادة التربية لتعزيز مصايدها الطبيعية.

ورغم الفرص المتاحة لتوسيع أسواق الأصناف المنتجة من تربية الأحياء المائية المعتمدة على المصايد الطبيعية هناك ميل مؤكد (كما حدث في تربية السلمون والقاروس والشبوط على سبيل المثال) أن تنخفض أسعار تسليم المزرعة مع زيادة العرض. ولهذا، فإن التوسع سوف يكون مجديا فقط إذا ما استطاع المربون تقليص التكاليف. ومن الناحية الفنية فإن العقبة الرئيسية للتوسع في إمدادات الزريعة. وفي حالة تغذية التونة في مشروعات تربية الأحياء المائية المعتمدة على المصايد الطبيعية، فإن التوسع في المستقبل سوف تقيده حصص المصايد المحدودة كذلك فإن تربية الإنقليس مقيدة فعلا بسبب نفص الزريعة، ويحتمل أن يضيق التوسع في المستقبل بسبب الرقابة على صيد صغار الإنقليس. وبما أن الأضرار التي تلحق بالبيئة (بسبب جمع زريعة الأخفس) قد تؤدي إلى فرض ضوابط من شأنها الحد من التوسع في التربية، هناك اهتمام متزايد في مجال تربية الأصناف صفراء الزعنقة، لكن القيد هنا، مرة أخرى، هو توفير إمدادات الزريعة.

وينبغي عدم تجاهل المنافع المحتملة طويلة الأجل لتربية الأحياء المائية المعتمدة على المصايد الطبيعية. وبالنسبة للأخفس، فإن التحول من تربية الأحياء المائية التقليدية إلى التربية القعلية في إندونيسيا مثلا، كان من نتيجته أن الإمدادات من صغار الأسماك المستزرعة دفعت المربين إلى استبدال صيد الأحواض بالسيانيد بتربية الأحياء المائية المعتمدة على المصايد الطبيعية في الشعب المرجانية. وتثير هذه التطورات تصورا مهما بشأن مستقبل تربية أسماك الشعب المرجانية كبديل لتطبيقات المصايد الطبيعية المدمرة ليس فقط في إندونيسيا، بل وعلى الصعيد العالمي.

وهكذا، فإن المزيد من البحوث والتطوير وبناء القدرات فى القطاعين العام والخاص يعد أمرا ضروريا لتحقيق النجاح. وقد داب الباحثون، على المستوى العالمي لسنوات طويلة يدرسون دورات تكاثر العديد من الأصناف وحققوا نتائج تتراوح بين قليل من النجاح في حالة الإنقليس ونجاحات جزئية في حالة التونة زرقاء الزعانف وأصناف مختارة من الأخفس. وسوف تصبح هذه الدراسات أكثر أهمية إذا ما تهددت المصايد الطبيعية لأصناف الأحياء المائية التي تعتمد على استخدام الزريعة في المصايد الطبيعية. وهذا هو الحال بالنسبة لمصايد الإنقليس. ومن الممكن فرض حظر على صيد وتصدير صغار الإنقليس، وإذ ما حدث هذا، فإن تربية الإنقليس سوف تتوقف ما لم توجد الوسائل الإقتصادية لتربيته إصطناعيا بمقدار حجم الإستزراع المطلوب .

والخلاصة أن تطوير إنتاج الزريعة على نطاق تجاري سليم إقتصاديا، وابتكار تقنيات للتربية تضمن ا ستمرار تربية تلك الأصناف في ظروف بيئية مقبولة بأسلوب تربية الأحياء المائية المعتمدة على المصايد الطبيعية يظلان قضيتين أساسيتين مطروحتين للمستقبل. والإخفاق في معالجتهما قد يسفر عن نتائج وخيمة بشأن مستقبل كل من تربية الأحياء المائية وبعض المصايد الطبيعية.

(28) يعتمد هدا الجزء على مطبوعة صدرت عن المنظمة بعنوان Capture-based aquaculture, by F, Ottolenghi, C. Silvestri, P. Giordano k A.Lovatelli, and MB. New. RomE فضلا عن مصادر أخرى: Anonymous, 2004 Burris tuna diet "extends shelf life" Fish Farming International, 31(4): 42; FAO. 2003. FAO Yearbook of Fishery Statistics 2001 Aquaculture Production. Volume 92/2. Rome ، C.W. Laidle and R.J. Shields. 2004 Amberjack culture progresses at Oceanic Institute Global Aquaculture Advocate , 7(1) 42-43; M. Rimmer,S.-Y.Sim K. Seguma and M. Phillips. 2004. Alternatives for reef fishing can aquaculture replace unsustainable fisheries?Global Aquaculture Advocate, 7(1): 44-45; V. Scholey, D. Margulies, J. Wexler and S. Hunt.2004 Larval tuna research mimics ocean conditions in Iab.Global Aquaculture Advocate, 7(1):38;I.Q. Tan.2003.Success with formulated feeds for groupers. Asian Aquaculture Magazine, September/October: 16-18, T. Wray. 2004. The rise and rise .of tuna. Fish Farming International
(29) أنظر على سبيل المثال: RL Naylor, R. J Goldburg, J Primavera, N. Kautsky, M.C.M. Beveridge. J.Clayk C. Folke
J Lubchenco, H. Mooney, M. TroelI Effect of aquaculture on world fish supplies. Nature,405: 1017-1024

(30) تقريرالإدارة التاسعة عشرة لفريق العمل لتنسيق الإحصاءات الخاصة بمصايد الأسماك تقرير مصايد الأسماك رقم 656، روما
(31) مثلا، فإن هذا المقال سيشكل جزءا من منداولات مجموعة العمل الخاصة حول أساليب التربية المستدامة للتونة في البحر المتوسط ،وهي المجموعة المنبثقة عن الهيئة العامة لمصايد أسماك البحر المتوسط/ الهيئة الدولية لصيانة التونة في الأطلسي.
(32) Anonymous, 2003 Dana Feed Research Project reproduction of European eel is almost within reach.Eurofish,2/2003:36.
(33) FAO. 2002 Use of fishmeal and fish oil in aquafeeds: further thoughts on the fishmeal trap, by M.B. New and U.N. Wijkstrom FAO Fisheries Circular No. 975. Rome.

 

الصفحة السابقة اعلى هذه الصفحةالصفحة المقبلة