الصفحة السابقةبيان المحتوياتالصفحة التالية

الفصل الرابع

التوقعات

مقدمة

كجزء من الدراسة عن الزراعة على مستوى المنطمة في العقود القادمة، (1) طلبت مصلحة مصايد الأسماك في المنظمة وضع دراسات عن استهلاك الأسماك في المستقبل. ووضعت هذه الدراسات حول نماذج اقتصادية للعرض والطلب وتجارة الأسماك (2) في الأسواق الرئيسية. إن أحد حدود هذه الدراسات- بما في ذلك دراسات المنظمة- أنها توضع عادة مقابل خلفية "الأعمال كالعادة" فيما يتعلق بالسياسات العامة وتغير التكنولوجيا. ويعني هذا أن يفترض في هذه النماذج عدم تغير الأسعار (الحقيقية)، مما يتضمن أن أي تغييرات في السياسة أو تطورات تكنولوجية يفترض أنها تؤثر على جميع المنتجين والمستهلكين بطريقة موحدة ومماثلة. وهذه نادرا" ما تكون الحالة.

في القسم الأول من هذه المقالة يرد وصف العمل الجاري والذي يحتوي على النتائج الأولية من الدراسات التي يجري الاضطلاع بها للتنبؤ باستهلاك الأسماك بحلول الفترة 2015-2030، على أساس وضع النماذج الاقتصادية.

ويمثل الجزء الثاني الجهد المبذول من أجل التخفيف من أثر ضعف وضع النماذج الاقتصادية. ويدرس سيناريو "الأعمال كالعادة" معرفة ما اذا كان من الواقعية، على الأقل في المستقبل القريب، أن نتوقع ألا يؤثر تغير السياسة والتكنولوجيا على مستويات استهلاك الأسماك في المستقبل. ومن ثم، فالقسم الثاني محاولة للتنبؤ بأثر التغييرات على السياسات العامة المتعلقة بمصايد الأسماك وتريية الأحياء المائية من جانب وأثر التطورات في التكنولوجيا التي يمكن أن يطبقها الصيادون ومريو الأحياء المائية، من الجانب الآخر.

 

الاتجاهات في التوقعات طويلة الأجل في إنتاج الأسماك واستهلاكها

من أجل التنبؤ بإنتاج المصايد والأسماك طلبت المنظمة إحراء ثلاث دراسات لتوقعات أسواق الأسماك طويلة الأجل في اليابان و 28 بلدا أوروبيا(3) والولايات المتحدة وكذلك دراستين عالميتين. (4) (تمت محاولة إجراء تحليل للصين، ولكن ثبتت صعوبة تحقيقه في هذا الوقت.) وعلى أساس النماذج الاقتصادية للطلب والعرض والتجارة في أسواق الأسماك الرئيسية، تعتبر هذه الدراسات مفيدة في توفير تحليل مقبول للاتجاهات في الإنتاج والاستهلاك والتجارة. ويظهر من هذه التحليلات مجموع الاتجاهات الخمس التالية من الإنتاج والاستهلاك حتى عام 2030:


 

انتاج المصيد و تربية الحياء المائية

بين الجدول 16 اعلاه توقعات استهلاك الاسماك و الصادرات الصافية و اتجاهات الانتاج حتى عام 2030. و ستقوم اميركا اللاتينية و اوروبا و الصين يتوريد معظم الاسماك المستخدمة في استعلامات اخرى غير الاغذية. وستواصل الانواع البحرية الصغيرة السيادة على انواع الاسماك المستخدمة كمدخلات لانتاج تربية الاحياء المائية (عبر عناصر المسحوق السمكي في علاف الاسماك).

ومن المتوقع ان تاتي اكبر حصة في زيادة الانتاج العالمي من المصيد طوال فترة التوقع من امريكا الللاتينية يعاضد من وضعها كونها المنتج الرئيسي في انتاج المصايد و المصجر الصافي الرائد و. و ستواصل الاسماك الصغيرة البحرية و اسماك الاعماق تشكيل المجموعات الاسماك الرئيسية في مجموع المصايد.

و طوال العقد الماضي, تميز الانتاج الاوروبي بالركود في انتاج المصيد و زيادة قوية في انتاج تربية الاحياء المائية. و مع انخفاض بمقدار 8.7 مليون طن في عهم 1990 و ارتفاع بلغ 10.8 مليون طن في عام 1995, وصل متوسط الانتاج من 28 بلداً 10,4 مليون طن بين عام 1994 و عام 1998. ومن مجموع الانتاج هذا , كانت نسبة 15 في المائة من الاسماك البحرية الصغيرة و 22 في المائة من الاسماك القاعية. و خلال نفس الفترة زادت حصة انتاج تربية الاحياء المائية باستمرار من 10 في المائة من مجموع الانتاج في عام 1989 الى 15 في المائة في عام 1998. وتكشف توقعات الإنتاج في دراسة في الدول الثمانية والعشرين عن ركود إنتاج المصايد. بلغت ذروة الإنتاج المحلي الياباني 12 مليون طن في عام 1974 وانخفض بعد ذلك إلى النصف تقريبا بمقدار 6،72 مليون طن في عام 1997؛ ويتوقع أن يظل الإنتاج من المصايد عند مستوى عام 1997 بحوالي 6 مليون طن. ويتوقع أن يتضاعف إنتاج تربية الأحياء المائية إلى 1,5 مليون طن في ثلاثة عقود. ويتوقع زيادة مجموع الإنتاج بنسبة 11 في المائة طوال فترة 30 سنة، بحيث تظل الأنواع الصغيرة البحرية والقاعية والرخويات في قمة مجموعات الأنواع الثلاث المنتجة قطريا. يتوقع أن تختلف الاتجاهات في إنتاج الأغذية البحرية واستهلاكها وتجارتها في الولايات المتحدة اختلافا" كبيرا" فيما بين الأنواع. وستتفاوت الاتجاهات أيضا نتيجة تغيرات "جانب العرض " في ما بعد المصيد والاختلافات في المدى الذي يمكن أن تتوسع فيه تربية الأحياء المائية وزيادة إنتاجها، وكذلك اختلافات "جانب الطلب " فيما بين الأنواع نظرا لآثار تغير أفضليات المستهلك. ومع زيادة دخل الفرد في الولايات المتحدة من المحتمل أن يتحول الطلب من الأنواع منخفضة الأسعار إلى الأنواع مرتفعة الأسعار. لقد قامت توقعات إنتاج الأغذية البحرية واستهلاكها في الولايات المتحدة على أساس نموذج بسيط من الافتراضات عن التغييرات في عرض الأسماك والطلب عليها في الولايات المتحدة وفي باقي العالم، وكذلك مرونة أسعار عرض الأسماك والطلب عليها. وفي النموذج، تحدد الأسعار والاستهلاك والتجارة الصافية بين الولايات المتحدة وباقي العالم في نفس الوقت عند مستويات يتوازن فيها العرض والطلب العالميين. ومع ملاحظة بساطة هيكل النموذج وافتراضاته، ينبغي النظر في توقعات النموذج لتوضـيح إمكانيات التغيرات في المستقبل بدلا" من الاعتماد على توقعات ما سيحدث فعلا". ويوجز الجدول 17 توقعات الاستهلاك لعام 2030 لأربعة سيناريوهات أو مجموعة من الافتراضات: النمو المتوسط والنمو البطيء لتربية الأحياء المائية والطلب المرتفع والتجارة المفيدة/ الجزئية. وفي جميع السيناريوهات، يكون الدافع وراء التغييرات من فترة الأساس (متوسط الفترة1995-1997) زيادة إنتاج تربية الأحياء المائية والزيادة على الطلب، وكلاهما أعلى في بقية العالم عن الولايات المتحدة.

سيكون الدافع وراء الزيادات في الإنتاج العالمي في تربية الأحياء المائية الزيادات في الإنتاج الصيني، على أن تساهم جنوب آسيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي وأوروبا بزيادات بسيطة. وسوف تسود أنواع المياه العذبة والرخويات إنتاج تربية الأحياء المائية. (5) من المقدر أن ينتج مجموع زيادات الإنتاج الإجمالي في الحجم من الزيادات في إنتاج تربية الأحياء المائية وذلك لتلبية احتياجات الاستهلاك المتزايد المتوقع في أوروبا. وبالفعل، يقدر النموذج احتمال مضاعفة الإنتاج المستزرع بحلول عام 3030، بحيث يتجاوز 2.5 مليون طن في عام 2015 ويصل إلى 4 مليون طن في عام وفي الولايات المتحدة، من المحتمل أن يزداد إنتاج تربية الأحياء المائية بسرعة أقل عن البلدان الأخرى بسبب التكاليف المرتفعة للعمل والأرض واللوائح البيئية الصارمة والمتعلقة بالصحة وسلامة الأغذية. ونتيجة لهذا، يتوقع أن تائي الحصة المتزايدة من استهلاك الأسماك في الولايات المتحدة من الواردات.

 

الاستهلاك

بالرغم من التنبؤ بزيادة الاستهلاك السنوي العالمي للفرد من الأسماك مع مرور الوقت، من حوالي 16 كيلوجرام اليوم إلى ما بين 19و21 كيلوجراما (6) (مرادف الوزن الحي ) في عام 2030/ ستكون الصورة الإقليمية متنوعة جدا". ويتوقع زيادة استهلاك الفرد من الأسماك في بعض مناطق: جنوب آسيا (بحوالي 60 في المائة) وأمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي (بحوالي 50 في المائة) والصين حوالي أكثر من 84 في المائة) باعتبارها مناطق الزيادة تلاث الرئيسية. ومع ذلك، قد يحدث ركود أو انخفاض في مناطق أخرى، بما في ذلك: أفريقيا (انخفاض بنسبة 3 في المائة) والشرق الأدنى في آسيا (انخفاض بنسبة 17 في المائة) وإقيانوسيا، الدول النامية فيها (انخفاض بنسبة 8 في المائة) وبلدان الاتحاد السوفييتي السابق (انخفاض نسبة 4 في المائة). ومن المتوقع زيادة استخدام الأسماك لغير الأغذية ببطء عن إجمالي العرض، مشكلا بالتالي انخفاضا" في الحصة بمرور الوقت.(7)

تبين التوقعات التي تمخضت عن الدراسات الخمس (اليابان وأوروبا والولايات المتحدة والدراسة العالمية 1 والدراسة العالمية 2) التي يجري إعدادها حاليا أن مستويات الاستهلاك في المستقبل ستكون منخفضة بصورة هامشية (حوالي 10 في المائة) عن المستويات التي اقترحتها دراسة مبكرة للمنظمة. وتشير الدراسات الحالية إلى أن متوسط استهلاك الفرد يقدر حاليا بما يعادل 19 إلى 21 كيلوجرام في العالم ككل، عكس إحدى الدراسات السابقة التي بينت أنه في حدود 22,5 كيلوجرام.(8) وعالميا، تعكس التغييرات في أنماط لاستهلاك زيادة الطلب على المنتجات الجاهزة للطهي أو الجاهزة للأكل. إن ظهور حصص المتاجر الكبيرة وزيادتها في توزيع الأغذية البحرية يتواصل في تيسير دخول منتجات الأغذية البحرية في مناطق بعيدة عن البحر. وأدى الوعي المتزايد بالصحة إلى تغيير أنماط الاستهلاك. لقد بين قطاع تجهيز صناعة الأسماك قدرة على التعديل والابتكار، وكان لزيادة أهمية توزيع المتاجر الكبيرة للأسماك أثر واضح على مصدر وشكل المنتجات السمكية للاستهلاك البشري. (9) لقد استفاد موفرو المنتجات السمكية بصورة عامة من جميع هذه التغييرات من خلال توفير تنوع أوسع من الأطباق المطبوخة بما في ذلك الأسماك. زاد الطلب على منتجات المصايد (10) في آسيا، جزئيا بسبب زيادة عدد السكان والدخول. وتتصدر اليابان استهلاك الفرد في الإقليم مع مستويات تاريخية تصل إلى 70 كيلوجرام للفرد، تشكل حوالي 10 في المائة من الطلب العالمي على المنتجات السمكية. وفي الدراسة اليابانية، وجد بديل ضعيف وآثار مكملة بين الأسماك ومصادر البروتين الأخرى. (11) ويرد في الشكل 49 الطلب الياباني طوال فترة 30 سنة لفئات مختلفة من الأسماك. ولا يتوقع تغيير استخدام غير الأغذية طوال هذه الفترة، بينما يتوقع زيادة متوسط الاستهلاك للفرد بنسبة 16 في المائة. ومرة ثانية، يتوقع زيادة الأسعار في كل تجمع بمرور الوقت، مع تضاعف أسعار الأسماك القاعية والحيوانات المائية. في عام 1998، كانت الأنواع الرئيسية المستهلكة في أوروبا هي الرخويات (7 في المائة من كل الاستهلاك الظاهر) تبعها الكود (7 في المائة) والتونة(6 في المائة) والرنجة (6 في المائة) والرأسقدميات (الحبار والأخطبوط والسبيط- 5 في المائة) والسردين (5 في المائة) والسلمون (4 في المائة). وتشمل الأنواع المهمة الأخرى الأربيان (4 في المائة) والتروت (3 في المائة). وعلى أساس مجموع الكمية المستهلكة، فإن الأسماك البحرية الصغيرة مثل الرنجة والسردين والأنشوجة والبلشار هي مجموعة الأنواع الرئيسية وتمثل 15في المائة من الاستهلاك الشامل، إلا أن حصتها في السوق على أساس القيمة منخفضة نسبيا نتيجة لانخفاض أسعار الوحدة.وعلى العكس، تعتبر الأنواع القاعية (ولا سيما مجموعة أنواع السمك الأبيض) المجموعة الرئيسية للأنواع على أساس القيمة، سواء للاستهلاك المباشر أو للاستخدام في صناعات التجهيز الأولية أو الثنائية في أوروبا.(13) وفي عام 1998، بلغت هذه المجموعة 15 في المائة من الاستهلاك من حيت الحجم، ولكن كانت حصتها في السوق أعلى على أساس القيمة.

 

يرتكز توقع الاتجاهات في إنتاج الأسماك واستهلاكها في المستقبل في 28 بلدا أورويا على أساس قدرات الإنتاج المتوقعة ودالات الطلب والإطار السياسي للاتحاد الأوروبي والنتائج التفصيلية للنموذج الذي يمكن بيانه على أساس النسبة المئوية للتغييرات في فترة الأساس (متوسط الفترة1994- 1998) . وبالرغم من توقع انخفاض التقديرات المطلقة للأسماك من أجل الاستهلاك الغذائي هي في ثلاثة بلدان فقط (استونيا ولاتفيا وأسبانيا)، يتوقع انخفاض استهلاك الأسماك للفرد في نفس البلدان الثلاثة زائدا النرويج والبرتغال والسويد، نتيجة للتغيرات السكانية. وستوفر الأسماك البحرية (التونة والأسماك البحرية الصغيرة والقاعية وأخرى) غالبية مجموع الاستهلاك. ومع ذلك، ستكون الزيادة في الاستهلاك أكبر بالنسبة للرأسقدميات والقشريات وأسماك المياه العذبة والأسماك المهاجرة من البحار إلى الأنهار. ويتوقع أن تسود الأسماك المجمدة والمجهزة و/ أو المحفوظة فئة الأسماك للاستهلاك الغذائي. في جميع السيناريوهات الأربعة لنموذج الولايات المتحدة يتوقع زيادة الصادرات الصافية والاستهلاك، إلا أن الزيادة في مجموع استهلاك الأسماك متواضع نسبيا، بنسبة تقل عن 25 في المائة في أعلى سيناريو. وينتج عن النمو البطيء لتربية الأحياء المائية في زيادة أقل في الاستهلاك. وينتج عن الطلب الأعلى في باقي العالم زيادة أقل في استهلاك الولايات المتحدة ووارداتها بسبب الزيادة العالية على الطلب في باقي العالم بسبب الحصة الأكبر للإنتاج العالمي التي تستهلك في بلدان أخرى. وينتج عن تقليص الزيادة في تجارة الأسماك زيادة أقل في نمو الواردات، وبالتالي زيادة أقل في الاستهلاك. وكما في أماكن أخرى من العالم، فإن استهلاك الولايات المتحدة من أسماك ما بعد المصيد في المستقبل غيرمؤكد ومن غير المحتمل زيادته. وفي الواقع، فإن أحجام الأسماك المحتمل توافرها للاستهلاك في الولايات المتحدة وأسعار الأسماك المتعلقة بالبروتين الحيواني الآخر ستتأثر تأثرا" كبيرا" ما لم يحددها إنتاج ما بعد المصيد العالمي وتربية الأحياء المائية. ومن ثم، فإن الزيادة السريعة في استهلاك الفرد في الولايات المتحدة من الأربيان والسلمون المستزرع المستورد يقدم مثالا على نوع التغييرات واستهلاك الأسماك والتجارة في الولايات المتحدة التي ستكون مهمة في المستقبل.إن الاتجاهات التاريخية، في حد ذاتها، للعقود العديدة الماضية لا توفر إشارة واضحة عن كيفية تغير استهلاك الأسماك في الولايات المتحدة في المستقبل. لقد كان مجموع استهلاك الأغذية البحرية للفرد في الولايات المتحدة مستقرا نسبيا" طوال ستة عقود قبل عام 1970، ولكنه زاد بسرعة خلال السبعينات والثمانينات، وشهد تغيرا" بسيطا" خلال التسعينات. وتبين أنواع الأسماك ومنتجاتها المختلفة اتجاهات متفاوتة كبيرة الدافع إلى كثير منها التغيرات في أوضاع المصايد. إن الاتجاه الطويل الأجل الأوضح هو زيادة استهلاك الفرد من منتجات تربية الأحياء المائية مثل الأربيان والسلمون والسلور.

 

التدفقات التجارية العالمية

على أساس عام، يبين توزيع الصادرات الصافية على المستوى القطري/ الإقليمي:

وبسبب اعتماد اليابان المتزايد على وارداتها كمصدر للإمداد، وبسبب أن هذه الواردات تمثل 30 في المائة من التجارة العالمية في المنتجات السمكية، من المقبول التنبؤ بأن التحولات في اتجاهات الاستهلاك الياباني سيكون لها آثار مهمة على الأسواق العالمية. (13) تعتبر أوروبا، بما في ذلك الجماعة الأوروبية، إحدى الأسواق الثلاث المهمة للمنتجات السمكية. ومن بين 480 مليون مستهلك في أوروبا، يعيش 370 مليون في البلدان الأعضاء في الجماعة الأوروبية، مما يجعل الجماعة الأوروبية مستوردا مهما للأسماك كما هو الحال مع اليابان والولايات المتحدة. وبالإضافة إلى ذلك، وبسبب أفضليات المستهلكين المختلفة، هناك تجارة قوية فيما بين الأقاليم في المنتجات السمكية.

 

ستحدث أهم التطورات التي تؤثر على استهلاك الأسماك وتجارتها في الولايات المتحدة في المستقبل خارج الولايات المتحدة. وبإختصار، ستتأثر حصة الإنتاج العالمي التي تستهلكها الولايات المتحدة من خلال الطلب العالمي على الأسماك. ومحليا، يتوقع أن تتواصل كميات ما بعد المصيد في التفاوت طوال فترة من الزمن نتيجة لعوامل طبيعية مثل التغيرات في أوضاع البحار، رغم الاضطرار لإدارة مصايد الأسماك في الولايات المتحدة منعا للإفراط في الصيد، ورغم أن الصيد في المخزونات من أهم الأنواع التجارية في الولايات المتحدة لا يعتبر مفرطا.

وبصورة عامة، تعتبر الأنواع المستوردة في الدول المتقدمة والمستهلكة فيها أنواعا عالية القيمة (على أساس نقدي). وعلى العكس من ذلك، تصنف الأنواع المستوردة في الدول النامية والمستهلكة فيها على أنها أنواع منخفضة القيمة، ومصدرا مهما للبروتين لنسبة كبيرة من فقراء العالم وكمدخلات في إنتاج الأسماك والماشية.

تعتبر صادرات المنتجات العالية القيمة من البلدان النامية مصادر مهمة للدخل وقد يعوضها الانخفاض في الوصول إلى الأسواق المحلية من الأنواع العالية القيمة. ومع ذلك، من الضروري إجراء بحوث إضافية قبل تقييم آثار أنماط التجارة هذه على الأمن الغذائي.

 

التوقعات طويلة الأجل

إن توقع حدوث تغيرات طويلة الأجل في مجال إنتاج الأغذية البحرية واستهلاكها والتجارة فيها مهمة معقدة للغاية وتتسم بالتحدي. إن العوامل التي تؤثر على نتائج النماذج ذات العلاقة تشمل:

تقدم هذه العوامل تحديات كبيرة وتعني أن أي توقعات طويلة الأجل حتى عام 2030 ينبغي تفسيرها بعناية إن افتراضات وضع نماذج عملية وحدودها تجعل من المفيد تفسير نتائج النماذج في سياق التكنولوجية الممكنة والتغيرات التي تطرأ في السياسة. وبالرغم من هذه الصعوبات والتقليل منها، توفر هذه النماذج فرصة لاحتمال الاستنتاجات العامة للاتجاهات طويلة الأجل، بناء على الحالة الراهنة من المعرفة. إن تماثل نتائج النماذج المختلفة في مواجهة المناهج المتفاوتة ومصادر البيانات والافتراضات، توفر إعادة التأكيد بأن الاتجاهات التي تم التنبؤ بها للنماذج ليست غيرمعقولة. (14)

 

الأغذية والعمالة: التوقعات

يستعرض القسم الثاني هذا التفاعل بين إمكانيات الإنتاج (كما يحدها النظام الإيكولوجي والتكنولوجيا المتاحة) وسياسات القطاع العام في الأجلين القصير والمتوسط. وقد نفذ الاستعراض من وجهة نظر الصيادين ومربي الأحياء المائية وواضعي السياسات. وبسبب وجود وجهات نظر ومصالح مختلفة داخل هذه المجموعات، يعتبر التحليل واضحا ولا ينطبق على جميع أعضاء المجموعات؛ إلا أن هناك بعض الاستثناءات.

إن واضعي سياسات القطاع العام يعنون في المقام الأول بما تساهم به تريية الأحياء المائية والمصايد في مجالات العمالة والإمداد بالأغذية. ويقومون بصياغة سياسات القطاع العام للمصايد وتربية الأحياء المائية، واضعين في عين الاعتبار مدى ما يخلقه هذان القطاعان من الاقتصاد في مجالي الأغذية والعمالة. إن الشواغل الرئيسية للصيادين ومزارعي الأسماك هي نفسها الجوانب التي تشغل واضعي السياسيات- الأغذية والعمالة- ولكن على نطاق صغير. ويحاولون تحسين دخولهم من خلال تحسين معداتهم وطرق الصيد. وعامة، يوجد لدى كل فرد اتجاه طبيعي يحاول من خلاله الالتفاف حول الحدود التي تفرضها الطبيعة (النظام الإيكولوجي) وسياسات القطاع العام.

 

الإطار 12

الحدود الموروثة في توقعات الأسماك طويلة الأجل

استخدمت دراسات منظمة الأغذية والزراعة الافتراضات التالية من باب التتبع الزمني: . أنواع الأسماك متجانسة كل في نطاق مجموعتها.

عند وضع نماذج لإنتاج الأسعار واستهلاكها، بشكل عدد أنواع الأسماك ومنتجاتها وتنوعها أحد التحديات الرئيسية وحتى في نطاق مجموعات أنواع مماثلة تقريبا، تتفاوت توقعات إنتاج المصيد أو تريية الأحياء المائية في المستقبل (مثل السلمون أو القشريات). وبالمثل، قد يختلف الطلب في المستقبل من نوع إلى آخر وقد تتفاوت الأنواع المخثلفة في مدى استبدال بعضها بالآخر. وكلما زاد الاعتماد على هذه الفروق، كلما أصبحت مهمة وضع النماذج معقدة أكثر على أساس التحليلات الإحصائيه والرقابة العامة وعلى العكس، كلما تم جمع الأنواع أو مجموعات الأنواع المختلفة معا" كلما قل الاعتماد على النتائج أو ظهرت "فوائدها".

إن الافتقار إلى البيانات وعدم اتساقها يمثل تحديا رئيسيا آخر في وضع نماذج لإنتاج الأسماك واستهلاكها. وغالبا ما تقدم بيانات الاستهلاك والتجارة باعتبارها وزن المنتج ووزن الأسماك الحية للإنتاج- أو الإنزال- ولهذا من الضروري وجود أسعار تحويل دقيقة لتتمشى مع مجموعتي البيانات. وفي بعض الأحيان، لا توجد بيانات عن الأسعار، تستخدم قيم مرجحة للتجارة. ومن أجل التبسيط، قد يفترض سعر عالمي واحد، وبالرغم من فقد معظم هذه المعلومات عند تجاهل تغير الأسعار بهذه الطريقة (مثل الحواجز أمام التجارة وتكاليف النقل). وكما هو الحال مع تنوع الأنواع، قد يصبح نوع ونوعية البيانات قيدا على هيكل النموذج والمنهجية العامة التي يمكن استخدامها.

ويشكل تحسين نوعية البيانات وإيجاد حل لهذه المسائل جهدا" رئيسيا" متواصلا" للبحوث في منظمة الأغذية والزراعة.

المصدر:: C.De Young.FAO Fisheries Department

الصيادون

كما ورد في حالة موارد المصايد (الجزء 1، صفحة 21)، كان معظم رصيد الصيادين إما مستغلا أو مستغلا استغلال مفرطا، وفي أغلب الأحيان تحت أوضاع للوصول تشابه أوضاع الوصول المفتوح. ويعني هذا، في الأجل الطويل، أن الصيادين كمجموعة، لا يمكن توقع قيامهم بزيادة حجم الأسماك المصيدة- أو الأرباح- ببساطة عن طريق العمل الشاق أو زيادة الصيد، ومن وجهة نظر المجتمع يعتبر هذا إهدارا للموارد. ويشكل ذلك مشكلة للصيادين. وفي الاقتصادات النامية هي مشكلة متزايدة لأن الصيادين، وبمرور الوقت، سيتخلفون أكثر وأكثر عن مواطنيهم الذين يعملون في قطاعات أخرى. ولتحسين مستوى معيشتهم بنفس معدل باقي المجتمع، يحتاج االصيادون إلى زيادة دخولهم (الفعلية) الصافية كل عام. وللقيام بذلك، ينبغي عليهم أن يحصلوا على مكاسب أكثر، ويعني هذا صيد للأسماك أكثر، حيث أنه من الصعب زيادة أسعار الأسماك من جانب واحد. إن زيادة حجم المصيد للفرد سنويا مسألة غيرذي جدوى ما لم يترك بعض الصيادين الصناعة طوعا. وفي هذه الحالة، فإن استخدام التكنولوجيا أو طرق الصيد المتطورة سيؤدي إلى مصيد أعلي، دون أن تسوء حالة بعض الصيادين الآخرين. يفسر انخفاض عدد الصيادين خلال العقود الماضية في عدد من بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن اقتصاديات الدول الغنية تسجل نموا اقتصاديا مضطردا، وأن مصايد الأسماك تزيد من انتاجيتها عن طريق اعتماد مواد ومعدات جديدة وتبني أساليب جديدة للصيد. وفي الغالب تنكمش قوة العمالة لأن كبار السن من الصيادين يتوقفون عن الصيد وقليل من الشباب ينضم إلى مهنة الصيد. ومع ذلك، نجد في بعض المصايد أن طابع الصيد (الذي يجمع بين الخواص البيولوجية للأنواع والبيئة) لا يمكن الصيادين من أن يصبحوا فاعلين بطريقة أكثر، حتى عند انخفاض عدد العاملين في الصيد التجاري. وبالإضافة إلى ذلك، هناك حالات يتوقف فيها الصيد التجاري تماما بعد فترة من الزمن، بالرغم من أن مخزونات الأسماك تظل صحية. وتنطبق هذه الحالة على المصايد الداخلية في المناخ المعتدل، ولا سيما في البحيرات والأنهار الصغيرة. ومن المحتمل أن تسود هذه الحالة بالتدريج في المصايد البحرية صغيرة النطاق، مبدئيا في مناطق المناخ المعتدل .

وفي البلدان الفقيرة والبلدان ذات الاقتصادات الراكدة يقوم معظم الصيادين بصيد المخزونات المستغلة بالكامل أو المفرط في استغلالها. وتؤدي زيادة عدد السكان وفرص العمالة المحدودة خارج قطاع المصايد إلى حالة لا يجد الشباب فيها أي خيار إلا محاولة الانضمام إلى هذا القطاع، ومن ثم يزداد عدد الصيادين أو يظل ثابتا على الأقل. إن النمو الاقتصادي فقط في إطار الاقتصاد ككل يجعل من الممكن استخدام التكنولوجيا التي تزيد الإنتاجية- مما يتوازى مع انخفاض عدد العاملين الفعليين.

وإيجازا نقول، يبدو من الواضح أن التكنولوجيا لن تساعد المصايد على التغلب على الحدود الحالية للإنزال العالمي. ومن المشكوك فيه أن تطورات التكنولوجيا ستستمر في جعل صيد مخزونات الأسماك الصغيرة ولا سيما في المساحات المائية الصغيرة مسألة جذابة اقتصاديا.

وخلال التسعينات، أصبح من الواضح أن قدرة أساطيل الصيد مجتمعة لا ينبغي زيادتها، وأن في حالات كثيرة كانت الأساطيل كبيرة فعلا. فقد استخدمت بلدان عديدة تدابير للرقابة وخفض قدرة الصيد. وبينما قام من يعنيهم الأمر بتحليل كيفية الوصول إلى هذه الحالة، تطور اتفاق في الآراء بأن إدارة المصايد ينبغي أن تقوم على أساس ضمان حقوق من يعملون في الصيد التجاري. وفي نفس الوقت، في بلدان عديدة ولا سيما في اقتصاديات الأسواق الغنية، تعتبر النتائج الاقتصادية لبعض أنشطة القطاع العام تتعارض مع مصالح القطاع والمجتمع ككل. ونتيجة لذلك، يجرى الترويج لثلاث سياسات محددة للقطاع العام: خفض الدعم أو حتى القضاء على المتبقي منه. اعتماد المنهج القائم على النظام الإيكولوجي في إدارة المصايد. وفي البلدان ذات الأسواق المفتوحة، الدعوة لقيام الدولة بتعويض تكاليف إدارة قطاع المصايد. وحيثما تعتمد هذه السياسات ويتم الترويج لها، ستؤدي إلى زيادة متوسط التكاليف للكيلوجرام من الأسماك التي تنتجها المصايد. وفي بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، تم تسجيل تحويلات مالية تتمشى ما بين 3 إلى 90 في المائة من قيمة الإنزال. (16) فقد قدرت تكاليف إدارة المصايد على أنها ما بين 3 و20 في المائة من القيمة التي تم إنزالها. (17) ومن الواضح أن زيادة مثل هذه التكاليف قد تكون كبيرة إذا قدمت جميعها إلى الصناعة في نفس الوقت. ولم يكن من الممكن تقديم هذه التكاليف فجأة إلى المستهلك. ومع ذلك، وحتى مع تحويلها بالتدريج إلى صناعة الصيد، ومن الصناعة تدريجيا إلى المستهلك، فالتأثير سيكون انكماش حجم سوقى الأسماك المصادة طبيعيا نظرا لارتفاع الأسعار الفعلية للمنتجات السمكية. ومن ثم يتقلص الإنتاج.

وقد تساهم هذه السياسات أيضا في زيادة أحجام الكميات التي يجرى إنزالها. ومع ذلك، وبعد فترة من الزمن، ستواجه المصايد حدا أعلى جديدا- تفرضه الأوضاع الطبيعية للنظام الإيكولوجي المائي. إن الزيادات في الإنتاج العالمي نتيجة للإدارة المحسنة قدر بملايين قليلة من الأطنان، ولكن من المهم الملاحظة بأن الإدارة الرشيدة تؤدي إلى مصايد أصغر ولكنها اقتصاديا أكثر صحة.

وإذا نفذت نفس السياسات في البلدان الفقيرة (عدم وجود الدعم المالي ومنهج النظام الإيكولوجي في الإدارة واستعادة التكاليف)، سوف تزداد التكاليف، بالرغم من أنها أقل في الاقتصادات المتقدمة. وهناك أسباب عديدة لهذا، منها: الضعف الحالي أو حتى غياب إدارة المصايد الذي يعني أن هناك تكاليف أقل لاستعادتها؛ والافتقار إلى موارد للإدارة القائمة على النظام الإيكولوجي؛ ومحدودة الأموال الخاصة بالتحويلات المالية.

ومن المحتمل أن الترويج لهذه السياسات سيتم أولا في الاقتصادات الغنية وذات الأسواق المفتوحة. وحتى لو تم الترويج لها في البلدان النامية، ستكون الزيادات في التكاليف أكثر وضوحا في الاقتصادات الغنية. وستكون النتيجة الصافية تكثيف الطلب على الواردات "الرخيصة" في أمريكا الشمالية وأوروبا، وربما، في اليابان. ومن المحتمل زيادة الصادرات من البلدان النامية مما يعكس الثغرة المتزايدة في الأسعار بين الأسواق المحلية وأسواق التصدير.

 

مربو الأحياء المائية

يفضل النظام الإيكولوجي والتكنولوجيات المستخدمة مربي الأحياء المائية بالمقارنة بصيادي الأسماك. ويستفيد مربو الأحياء المائية من حقيقة أن في بحثهم عن تكاليف منخفضة للإنتاج وعائدات صافية عالية، يمكنهم من العمل على تحسين الأسماك وطرق الإنتاج، بينما الصيادون يمكنهم عمل القليل أو لا شيء من أجل الأسماك، (18) ومن ثم عليهم التركيز على معدات الصيد وطرقه. ومع ذلك، تحد من حرية مربي الأحياء المائية لتحسين الأسماك اعتبارات آثار الأسماك الجديدة أو المحورة على النظام الإيكولوجي والصحة البشرية.

لقد استفاد الكثير من مربي الأحياء المائية ليس من التربية المختارة للأسماك (19) فحسب، بل أيضا من الأداء الأفضل للأعلاف والأمصال والتناول الأوتوماتيكي للأعلاف، وكذلك من الأسماك التي يتم انتاجها. ومن المحتمل استمرار هذه الحالة. لقد كانت الآثار مهمة على أساس زيادة إنتاج بعض الأنواع المعنية. ويمكن القول أن التنمية في هذا المجال استفاد منه المنتجون والمستهلكون عندما انخفضت أسعار الأنواع التي يجرى تربيتها نتيجة لزيادةالإنتاج. (20) وكما هو طبيعي في اقتصاديات السوق، تحولت الوفورات إلى المستهلكين، مما أدى إلى فتح أسواق غير تقليدية (سلمون المحيط الأطلسي في آسيا والأربيان البحري الاستوائي في أوروبا). ومن المؤكد أن هذا الاتجاه سيتواصل.

يتألف الجزء الأكبر من إنتاج تربية الأحياء المائية من عدد صغير من الأنواع. وفي عام 2000، بلغ عدد الأنواع 29 نوعا يشكل 78 في المائة من الإنتاج. ولا يوجد سبب واضح لعدم تربية أنواع أخرى من بين آلاف الأنواع التي تستغلها المصايد اقتصاديا في بيئة تخضع للرقابة.

إن الإطار القانوني لمعظم تكنولوجيات تربية الأحياء المائية الحديثة معروفة. وهي مطبقة في الاقتصادات الغنية حيث تعتبر تربية الأحياء المائية نشاطا اقتصاديا ويجرى تطويره في الاقتصادات النامية. وفي الاقتصادات المتقدمة، تكون حصة تكاليف الإدارة وتنفيذها من قيمة المنتج منخفضة في تربية الأحياء المائية عنها في مصايد الأسماك. وفي الوقت الحالي، يأتي أكثر من 90 في المائة من الإنتاج من آسيا، بالرغم من عدم وجود سبب موروث لا يجعل تربية الأحياء المائية نشاطا شائعا وقابلا للنمو ومستداما خارج آسيا. وزاد الإدراك بأن من الممكن الترويج لتربية الأحياء المائية بفاعلية من خلال سياسات ملائمة، وفي آسيا- وخاصة الصين (انظر تنمية تربية الأحياء المائية في الصين: دور سياسات القطاع العام، الجزء4)- زادت تربية الأحياء المائية استجابة للسياسات الموضوعة الهادفة لتعزيزها. إن إدارة تربية الأحياء المائية ليست مشابهة للإدارة العامة للزراعة؛ ومن ثم فهي أرخص من إدارة المصايد بصورة عامة.

ولهذا، فإن تطبيق السياسات الثلاث في الاقتصادات المتقدمة سيؤدي إلى بعض الزيادة في تكاليف إنتاج تربية الأحياء المائية، ولكن كقاعدة عامة، ستكون هذه الزيادة أصغر كثيرا مما لو كانت لمنتجات المصايد. وفي الاقتصادات النامية، من المحتمل أن تكون التكاليف مرتفعة بعض الشيء. من المتوقع أن يتواصل انخفاض التكاليف الفعلية للنقل والاتصالات- ولو ببطء. ونتيجة لذلك، سيتعرض مربو الأحياء المائية في اقتصادات المناطق المعتدلة الغنية إلى المنافسة مع المنتجين من المناطق البعيدة. ويمكن لمربي الأحياء المائية في المناطق المعتدلة المنافسة، معتمدين على معدل التطور التكنولوجي والاستخدام. ومع ذلك، من المحتمل أن يجدوا صعوبة في منافسة منتجات تربية الأحياء المائية من البلدان الفقيرة (الاستوائية والمعتدلة). وإلى حد ما، سيعتمد الناتج إلى مدى كبير على ما إذا كانت جماعة الضغط المناهضة للدعم ستنجح في حجتها العالمية الحالية، !ذا نجحت، ما إذا كان الحظر على الدعم سيمتد إلى عمليات تربية الأحياء المائية ومنتجاتها. وفي تلك الحالة، فإن إمكانيات الحث على زيادة تربية الأحياء المائية وتعزيزها في اقتصادات الأسواق المفتوحة الغنية سيحد منها، وأن النمو في بلدان غير بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية سيجرى تشجيعه.

 

واضعو السياسات

إن الشاغل التقليدي لواضعي سياسات المصايد وتربية الأحياء المائية هو الإنتاج الغذائي والعمالة. وبينما تتواصل أهداف السياسات في هذه المجالات في كونها صالحة، يحتاج واضعو السياسات بصورة متزايدة إلى إيلاء الانتباه إلى الطلبات على الاستخدامات غير الاستهلاكية والترويحية للموارد المائية والطلب الملح من المجتمع المدني بحفظ النظام الإيكولوجي ككل وصيانته.

وخلال العقود الماضية، كانت مساهمة تربية الأحياء المائية والمصايد في الأغذية والعمالة مختلطة. وعامة، حققت تربية الأحياء المائية مكاسب أكثر من المصايد. وعلى أساس النسبة المئوية، زاد الإنتاج والعمالة بسرعة في تربية الأحياء المائية عن المصايد وذلك منذ عام 1990 (أنظر الشكل 1 والشكل 12).

بالرغم من أن معظم نظم تربية الأحياء المائية ليست كثيفة العمالة، فقد أصبحت مصدرا مهما للعمالة في بلدان كثيرة. ففي النرويج، ارتفعت العمالة من صفر تقريبا إلى 3500 عاملا في عام 1999. وفي الصين، ينعكس التوسع في إنتاج تربية الأحياء المائية في الزيادة السريعة لعدد العاملين.

وفي الماضي القريب، تعارض الطلب على الاستخدامات غير الاستهلاكية والترويحية للموارد المائية، في بعض الحالات مع مصالح المصايد التجارية. وبالرغم من أن هذه الخلافات مهمة عندما تحدث، لا تتكرر كثيرا، وينظر إليها من منظار شامل، فهي ليست عائقا امام المصايد التجارية. ومن المحتمل أن تظل هذه الحالة، على الأقل للمصايد الترويحية، بسبب أن غالبية هذه المصايد سوف تنجذب إلى المساحات المائية الأصغر وتكتفي بالمصيد الصغير. أي أنها سوف تستولي على المصايد التي تصبح غير مهمة اقتصاديا للمصايد التجارية. إن المصالح المتعارضة للمستعملين غير المستهلكين والمصايد التجارية، من ناحية، قد تظل أو حتى قد تزداد. ستكون السياسات التي تهدف إلى صيانة النظام الإيكولوجي أثر على كل من الصيادين ومربي الأحياء المائية، وسيضطر صانعو القرار إلى ضمان مصداقية سياساتهم عند التطبيق. ومن المحتمل أن يتعايش مربو الأحياء المائية كبيرة النطاق والتجارية مع هذه السياسات من خلال اختيار مواقع تربية وتكنولوجيات ملائمة. وستكون تكاليف منتجات التربية أعلى في غياب هذه السياسات، غير أن الأنشطة ستتطور.

إن بعض الصيادين في موقف أقل حظا. وما قد يبدو لهم صيدا عاديا قد يحكم عليه آخرون بأن له نتائج سلبية على البيئة المائية. وإذا كانت المصايد صغيرة أو غيرمتطورة قد يكون من الملائم اقتصاديا أن تقوم الحكومة بغلقها أو منع تنميتها.

وقد تكون تكاليف تعويض المصايد الحالية (بما في ذلك إعادة التدريب) أقل من التكاليف المتكبدة في إدارة و/ أو تنمية المصايد. ولا يعني هذا أن تربية الأحياء المائية لن تواجه أية صعوبات. فقد واجهت بعض العقبات (تدمير البيئة والأمراض) في الماضي وسوف تواجهها في المستقبل. ومع ذلك، وحتى الآن، تم التغلب على العقبات الرئيسية، بالرغم من أن أنواعا عديدة وجدت نفسها في الصعوبات، كان النمو الشامل مطردا. وباختصار، من المحتمل أن يجد الكثير من صانعي القرار، بشكل متوازن، أن تربية الأحياء المائية تتكيف أفضل من المصايد مع أهداف السياسات العامة من أجل الأغذية والعمالة والبيئة والاستعمال غير الغذائي للموارد المائية. وعلى أساس ملموس، من المحتمل أن تصبح الأسماك التي تنتجها المصايد تكلف أكثر، وفي بعض الحالات أكثر ندرة بينما ستصبح الأسماك التي تنتجها تربية الأحياء المائية شائعة أكثر وقد تتجه أسعار أنواع التربية في الارتفاع، إلا أن من المحتمل انخفاضها.

ولن يتعين على بعض واضعي السياسات أن يختاروا بين دعم المصايد أو دعم تربية الأحياء المائية. ومع ذلك، سوف يسترعي ممثلو أي من المجموعتين- الصيادين ومربي الأحياء المائية- انتباه صانعي القرار والجمهور العام إلى الفوائد الموجودة في قطاعهم أكثر من الموجودة في القطاع الأخر.

 

الاستنتاجات

1- يبدو من المقبول، في الأجل المتوسط، في كل من البلدان المتقدمة والنامية، أن السياسات العامة تفضل تربية الأحياء المائية، ولكن ليس بالضرورة على حساب المصايد. ومن المقبول هنا أن صانعي السياسات سيجدون من الأسهل الدفاع عن دعم الجمهور لتربية الأحياء المائية أكثر من المصايد، بالرغم من أن من يضعون البيئة قبل العمالة وتوليد الدخل سيوجد من بينهم من يجادل بأن حالة الطوارئ التي ينبغي معالجتها هي المصايد التي لاتدار أو التي تدار بطريقة سيئة وليست تربية الأحياء المائية.

2- يدعو جزء من التحليل في القسم السابق إلى التساؤل عن الافتراض الشائع حول مستقبل المصايد: إن المصيد من الأسماك كغذاء قد استقر وسيظل على مستوياته الحالية خلال العقود القادمة. وإذا كان التحليل صحيحا، قد تنخفض عمليات الإنزال من الأنواع المصيدة، ليس بسبب الجهود المفرطة ولكن بسبب انخفاض الجهود. وبالطبع سيكون ذلك تطورا تدريجيا قد لا نلاحظه في هذا العقد.

3- النمسا، بلجيكا- لوكسمبرج، بلغاريا، قبرص، الجمهورية التشيكية، الدانمرك، استونيا، فنلندا، فرنسا، ألمانيا، اليونان، المجر، أيرلندا، ايطاليا، لاتفيا، ليتوانيا، مالطة، هولندا، النرويج، بولندا، البرتغال، رومانيا، سلوفاكيا، سلوفينيا، اسبانيا، السويد، المملكة المتحدة.

4- سيجري الانتهاء من نتائج التقارير الخمسة هذه ونشرها باعتبارها منشورات لمنظمة الأغذية والزراعة بحلول علم 2003.

5- ومع ذلك، كما أشير في القسم الفرعي السابق، من المحتمل أن يزداد دعم السياسة العامة لتربية الأحياء المائية على مستوى العالم. وتكون الآثار المترتبة على ذلك التوسع في الناتج بالمعدلات المتضمنة هنا، حيى اذا لم يصـل الإنتاج الصـيني إلى المستويات المتوقعة

6- توقع تقرير الزراعة في العالم عم 2015/2030 أن يكون الاستهلاك السنوي للفرد ما بين 19 و20 كيلوجراما.

7- هناك بعض عدم تيقن في تقديرات انتاج الأسماك للاستخدام من غير الأغذية بسبب عدم معرفة نسبة الأسماك الطازجة التي تستخدم مباشرة كمدخلات في تربية الأحياء المائية، وليست للاستهلاك كأغذية كما تم الاعتقاد في السابق. فمثلا"، في ميزانيات الأغذية لمنظمة الأغذية والزراعة، عند إدراج تقديرات الأسماك على أنها مدخلات مباشرة في تربية الأحياء المائية، يقدر استهلاك الفرد في الصين بواسطة خفض حوالي 3 كيلوجرام.

8- FAO. 1999. Historical consumption and 8 future demand for fish and fishery products: exploratory calculations for the . .years 2015/30, by Y. Ye. FAO Fisheries Circular No.946 .Rome. 31 pp

9- في عام 1986، كانت حصة تجار الأسماك في المملكة المتحدة 51 في المائة من سوق الأسماك الطازجة، بينما زادت حصة المتاجر الكبيرة 15 في المائة. وبحلول عام 1996، اختلفت الحالة تماما: انخفضت حصة تجار الأسماك في السوق إلى 30 في المائة، بينما زادت حصة المتاجر الكبيرة الى 50 في المائة تقريبا. وفي فرنسا تعتبر المتاجر الكبيرة الآن مصدر حوالي 60 في المائة من مبيعات الأسماك القطاعي. وفي أسبانيا، من المقدر أن أسواق الأسماك التقليدية أنتجت أقل من 40 في المائة من المبيعات القطاعي في عام 1998 وسوف تتواصل في خسارة حصة السوق في المستقبل.

10- تتألف تجمعات الأسماك والمنتجات السمكية من: أسماك المياه العذبة والأسماك المهاجرة من البحار إلى الأنهار والتونة البحرية والأسماك البحرية الصغيرة والأسماك البحرية القاعية والأسماك البحرية الأخرى والقشريات والرخويات والرأسقدميات والحيوانات المائية والنباتات المائية.

11- تتراوح مرونة السعر ما بين أقل من 12،. إلى أقل من 80،. (للأعشاب البحرية والشلبة)، بينما تتراوح المرونة في الدخول ما بين0,07 إلى 0,80 (الأسماك الصغيرة البحرية إلى الحيوانات المائية). ونتيجة لهذا، تشمل الدراسة الإقليمية اليابانية تحليلا" اقتصاديا إحصائيا تفصيليا للطلب على المنتجات السمكية بهدف تقدير أسعارها بدقة ومرونة الدخول من عدد كبير من فئات أنواع الأسماك. ويجري تحليل البدائل فيما بين مصادر البروتين (أي الأسماك ولحوم البقر والخنزير والدجاج والبيض) باستخدام نضام "طلب مـثالي تقريبا". ويستخدم تحليل الاتجاه الزمني المنفصل للتنبؤ بالدخول في عام 3030، ثم يجري تغذيته في دالة الطلب المقدر السابق وذلك لتقدير الطلب على الأسماك حتى

12- تشمل الأنواع الرئيسية في هذه المجموعة أسماك الكود والنزلي والحدق والأبيض.

13- انظر الحاشية 11 صفحة 115

14- بالرغم من بيان المستويات المختلفة للتفاصيل (مثل المستويات المختلفة لتجمعات مجموعات الأنواع والأقاليم الجغرافية)، هناك تشابهات في الطرق التي يمكن عن طرقها وضع النماذج. وقام المؤلفون بتحليل الاتجاهات التاريخية أولا لتحديد مرونة الدخول والأسعار والاستهلاك والإنتاج وأنماط التجارة المتعلقة بالأسماك والمنتجات السمكية. ثم باستخدام تقنيات تحليل الاتجاهات ومجموعة من الافتراضات المحتملة عن المستقبل، وقام المؤلفون بوضع توقعات على العرض والطلب على الأسماك والمنتجات السمكية في المستقبل. وتم بعد ذلك تنسيقا اختلال التوازن، سواء من خلال آلية تبادل الأسعار أو من خلال التقلبات في التجارة.

15- انظر: حالة الموارد السمكية و تربية الأحياء الماءية 2000, الصفحات 13-17, روما

16- OECD. 2000. Transition to responsible fisheries: economic and policy implications,p.131.Paris.

17- E.William,R.Arnoson and R.Haneson,eds.In press.The cost of 17 fisheries management.Aldershot,UK,Ashgate Publishing

18- FAO. 2001. The economics of ocean 18 ranching. Experiences, outlook and theory, by R. Arnason. FAO .Fisheries Technical Paper No.413.Rome

19- ساهمت التربية المختارة في تحسين المصيد وكانت النتائج للأسماك (الشبوط والسلمون والبلطي) أكتر من الأربيان أو الرخويات ذات العمامين.

20- طوال فترة خمسة عشر عاما منذ منتصف الثمانينات انخفض متوسط تكاليف انتاج السالمون في المزارع السمكية في النرويج بنسبة الثلثين. أنظر: J.L. Anderson. 2002. Aquaculture and the future, why fisheries economists should care. Marine ResourceEconomics,17(2):133-151

الصفحة السابقةأعلى هذه الصفحةالصفحة التالية