الصفحة السابقةالمحتوياتالصفحة المقبلة

6- تعليقات اخيرة

6-1     نتيجة للتجارب والبحوث الأخيرة أصبحت وسائل تحقيق الإدارة المستدامة للأراضي ومواردها واضحة عما كانت عليه من عشر سنوات أو عشرين سنة سابقة. وهناك اتجاه أولي في الوقت الحاضر هو التوفيق بين الشرعية التي توفرها الدولة والشرعية التي توفرها المؤسسات المحلية، من أجل إدارة حيازة الأراضي. وكثيراً ما تعني لا مركزية الإدارة العقارية الاعتراف بحقوق الحصول على الأراضى القائمة بالفعل والاعتراف بالأشكال المحلية للتحكيم والفصل في النزاعات. ولكن الدولة يجب عليها مع ذلك أن تؤدى دوراً هو توفير الإطار اللازم لتنظيم ترتيبات حيازة الأراضي، وتعزيز الحصول المأمون على الأراضي وأمن المعاملات.

6-2     ومهما تكن الاشكال القانونية وأشكال المؤسسات المختارة، فإن على الدولة ان تشرك المجتمعات المحلية والحكومات المحلية فى إدارة الأراضي وغيرها من الموارد الطبيعية- وهذا الاشتراك لا يعنى التخلي عن السيادة بل إنه يتيح فرصة لإعادة شرعية الدولة بوصفها حكما يفصل فى الأمور. وبهذه الطريقة يصبج مجال حيازة الأراضي واحداً من المجالات الذى يظهر فيه عقد اجتماعي جديد بين الدولة والسكان، وهو أمر ضروري في البلدان التي يعاني فيها الحكم الرشيد من أزمة.

6-3     وبسبب أن حيازة الأراضي لها طبيعة سياسية حساسة، وبسبب الاستراتيجيات التي يسير عليها الأطراف أصحاب الشأن، وخصائص تطور البلدان النامية، تتعقد مسألة وضع سياسات لحيازة الأراضي وتنفيذها. وينبغى في التدخلات قصيرة الاجل مراعاة هذا التعقد، سواء من حيث الطبيعة الخاصة بالحيازة او من حيث العلاقات المتشابكة بين مختلف الحقوق في المجال الزماني والمكاني وفي الموارد. وما لم تكن التدخلات قد راعت هذه الأمور فإنها لن تؤدى إلى تحسينات في الأجل الطويل ولن تستطيع أن تتجنب نزع الحقوق العقارية من الناس بدون قصد.

6-4     ويمكن إدخال تعديلات على أطر حيازة الأراضي في الأجل القصير لتقليل المشكلات في النظام القائم ولتوضيح القضايا. كما قد يكون من الممكن تحسين الأمور بإنفاذ الأحكام التي كانت تطبق من قبل بطريقة سيئة أو لم تكن تطبق على الإطلاق، وبإقامة تسلسل سليم ومناسب بين مختلف أجهزة التحكيم والفصل في المنازعات. وهذه التعديلات الإيجابية قد تكون مناسبة وممكنة فى مشروع ما دون حاجة إلى انتظار الظروف الاجتماعية والاقتصادية الملائمة أو إلى تعبئة شراكات واسعة النطاق حتى يتحقق الإصلاح الأساسي.

6-5     ولا يغيب عن البال دائماً أن تغيير ترتيبات حيازة الأراضي من أجل تحسين ظروف البيئة، ومن أجل تعزيز المساواة الجنسانية، وحل النزاعات، أو تسهيل التنمية الاقتصادية هو أمر أكبر من مجرد تغيير القوانين أو الإجراءات فهذه التغييرات قد تؤدى إلى تحولات رئيسية فى هيكل القوى داخل العائلة أو داخل المجتمع المحلي أو داخل الأمة. وقد تؤدي إلى إعادة تحديد كثير من العلاقات ابتداءً من العلاقة بين الزوج والزوجة إلى العلاقة بين الدولة والمواطن. فأصحاب الحقوق العقارية يملكون دائماً القوة بالنسبة لمن لا حقوق في أيديهم. وينبغي أن يظل مصممو المشروعات واعين بأن التدخلات التي يقترحونها قد تكون لها تأثيرات واسعة النطاق.

 

الصفحة السابقةأعلى هذه الصفحةالصفحة المقبلة