الصفحة السابقةالمحتوياتالصفحة التالية


 

الباب الثانى:الوراثة

             الإنقسام الميوزى (الاختزالى)

             الطرز المظهرية والتراكيب الوراثية

             وراثة الصفات الوصفية

                   الصفات الوصفية التى ينتجها جين جسمى واحد

                   الصفات الوصفية التى يتحكم فيها 2 جين جسمى

             وراثة الصفات للكمية

                   التياين المظهرى

                   التباين الوراثى

             دورالبيئة فى التعبيرعن الصفة

 


 

الباب الثاني

الوراثة Genetics

إن الهدف النهائى لأى برنامج إ نتخاب وراثى لابد وإن يكون تحسين القيمة التربوية breeding value للعشيرة. كما هو معروف، تتحكم جينات الكائن فى قيمته التربوية. ومن البديهى أن يأمل المزارع وهو يقوم بتحسين قيمة أسماكه وراثيا أن يواكب ذلك تحسن قيمتها النقدية، والتى يحددها الشكل الظاهرى لأسماكه. وحتى يتحقق ذلك الهدف، فإن المزارع يحتفظ بالأسماك ذات الصفات المرغوبة ويستبعد ما لا يمتلك هذه الصفات على أمل أن برنامج التربية الذى يتبناه سوف ينتج عنه أسماك محسنة وراثبا (التربية هى العلم التطبيقى للوراثة ولهذا فإن المربى هو المزارع الذى يقوم بتنفيذ برنامج إنتخاب وراثى). وإذا ما تم ذلك، فإن أسماك الجيل التالى سوف تكون أعلى قيمة حيث يسمح تركيبها الوراثى بنموها بمعدل أسرع أو لتمتعها بلون أكثر قبولا.

وعلى الرغم من أن الهدف من برنامج الإنتخاب هو إحداث تغيير جينى للعشيرة وبالتالى إنتاج أسماك أفضل خصائصا، فإنه يستحيل قياس، أو فحص هذا التغيير الجينى بشكل مباشر وبدلا من ذلك، يقاس التغيير الجينى بصورة غير مباشرة من خلال الشكل المظهرى (وهو ما يعنى أيضا بالصفات)، والتى ما هى سوى تعبير ملموس للتركيب الوراثى. ولما كان الهدف من برنامج الإنتخاب الوراثي هو التعديل الجينى للأسماك المعنية، فإنه من الأهمية بمكان تفهم كيف تنتقل الجينات من الآباء إلى النسل وكيف تقوم الجينات بإنتاج الصفات الظاهرية. ويساعد تقهم هذه العملية فى تقسير آلية عمل الإنتخاب. وهذا الأمر هام لأنه طالما تم تعريف المزارع بسبب فعل شئ ما، فإنه فى الغالب سوف يؤدى هذا العمل بشكل سليم مما يضمن نجاح التنفيذ. ذلك بالإضافة إلى أن تفهم كيفية إنتاج الجينات للصفات المختلفة تمكن المربى من إختيار برنامج التربية الذى يمكنه من تحقيق الهدف بسرعة وكفاءة.

ولا يستهدف هذا الباب مراجعة لأساسيات الوراثة، حيث يتم تغطية موضوعات قليلة فقط. يناقش الجزء الأول الإنقسام الميوزى (الإختزالى) meiosis والتى من خلالها تنتقل الجينات من الآباء إلى الأمشاج (الجاميطات) سواء كانت بويضات أو حيوانات منوية. أما القسم الثانى فإنه يصف الفرق بين الشكل المظهرى والتركيب الوراثى بينما تفسر الأقسام الباقية كيف يورث الشكل المظهرى.

والمعلومات التى يتضمنها هذا الباب لها أهميتها حيث أن الكثير من المصطلحات المستخدمة فى هذا الباب سوف تستخدم فى البابين الثالث والرابع لتفسير كيفية تنفيذ برامج الإنتخاب الوراثى وآلية عمل هذه البرامج. ليس ضروريا أن تكون عالما فى الوراثة حتى يمكنك تنفيذ برنامج انتخاب وراثى ناجح، ولكن التفهم الأساسى لكيفية توريث الصفات الظاهرية سوف تجعل باقى هذا الدليل أيسر على الفهم وتعين المزارع أيضا لكى يكون مربيا جيدا.

وقد استهدفت محتويات الباب الحالى وعن قصد تقديم معلومات خلفية لهؤلاء الذين ينشدون تفهما أفضل لكيفية تغير الصفات الظاهرية نتيجة الإنتخاب وبالتالى تحسن العشائر كما إن مادة هذا الباب خاصة تلك التى تتعلق بالصفات الكمية هى مقدمة للمرشدين فى مجال الإستزراع السمكى ولذوى مستوى التعليم العالى من مزارعى الأسماك وليس لجموع أو معظم مزارعى الأسماك أو هؤلاء الذين يستهويهم فقط أجزاء من هنا وهناك عن كيفية تنفيذ برنامج الإنتخاب الوراثى دون أن يتوقفوا كثيرا على آلية عملها الأمل فى أن يقرأ المرشدين السمكيين هذه المعلومات، لأنها تقدم أساسا افضل فى تربية الأسماك، وتفهما لكيفية العمل الوراثي للإنتخاب مما يجعلهم يشعرون بالارتياح عند تصميم وتتفيذ برنامج الإنتخاب الور اثى.

أما هؤلاء الذين لا تستهويهم هذه المادة أو الذين لديهم القدر الكافى من أسس الورائة فيمكنهم ترك هذا الباب والانتقال مباشرة إلى الأبواب 3 أو 4 والتى تصف برامج الإنتخاب الوراثي.

الإنقسام الميوزى (الاختزالي)  Meiosis

 

تتواجد الجينات على تركيبات تسمى كروموسومات والتى بدورها تتواجد فى نواة كل خلية وذلك على هيئة أزواج سوى فى حالات استثنائية مما يعنى الكيان الإزدواجى للجين. خلال هذا الدليل، سوف نفترض إزدواج الكروموسومات فى الأسماك المستزرعة. يأتى أحد الكروموسومات من الأم بينما الأب هو مصدر الكروموسوم الثانى. يتباين عدد الكروموسومات تبعا لأنواع الأسماك وإن ثبت هذا العدد للنوع الواحد.

وعلى الرغم من أن كل خلية فى سمكة ما تحتوى على مجموعة الكائن الجينية بالكامل الجينوم genome (التركيب الوراثى للسمكة هو كل جين على كل كروموسوم)، والجينات التى ت تواجد فى الخلية المشيجية gametocytes الأولى هى تلك التى تهم المربى بالدرجة الأولى. كل الجينات فى مختلف خلايا جسم السمكة بالطبع لها أهميتها نظرا لأنها تنتج مختلف الصفات الظاهرية التى يتعامل المربى معها ويختار من بينها فى النهاية. وترجع الأهمية القصوى للجينات التى تتواجد فى الخلية المشيجية الأولى إلى إنها الخلايا التى تتطور اما إلى حيوان منوى أو الى بويضة والأمشاج الأولى التى تحمل الجينات هى التى تنتج الجيل التالى من الأسماك.

تتطور الخلايا المشيجية الأولى إما إلى حيوان منوى أو بويضات من خلال ما يسمى بالإنقسام الميوزى meiosis والذى يعتبر أ حد أهم العمليات البيولوجية نظرا لما ينتج عنه من زيادة كبيرة فى التباين الورائى من خلال العبور crossing over وكذا من خلال التوزيع المستقل independent assortment. وعلاوة على ذلك، فإن أخطاء إزدواج replication الكروموسومات أثناء الإنقسام الميوزى تورث وهذا هو سبب وجود أو خلق أليلات أو جينات جديدة والمحصلة النهائية للإنقسام الميوزى هى خلق منتج أحادى الكروموسومات سواء كان حيوان منوى أو بويضة. ولم يكن بإمكانية الحياة تخطى مرحلة الكائنات وحيدة الخلية فى غياب الإنقسام الميوزى.

وخلال المرحلة الأولى للإنقسام الميوزى، يتضاعف عدد الكروموسومات وينضم كل متناظران homologue من كل زوج معا (يعنى بالمتناظران homologues الكروموسومان اللذان يشكلان زوجا، يأتى أحد النظيران من الأب بينما يأتى نظيره الاخر من الأم). وعملية تضاعف النظائر والتى تتم بإتفان هى عملية لا تنتهى. قد تحدث فى بعض الأحيان أخطاء أثناء عملية التضاعف ينتج عنها عدم تضاعف جين ما بكفاءة كما هو مقدر وتسمى هذه الأخطاء بالطفرات ومعدل الطفرات لجين ما يعد من الأمور النادرة ويتراوح هذا المعدل من واحد من عشرة آلاف إلى الواحد من المائة ألف من عمليات التضاعف. وعلى الرغم من هذه الندرة، فإنه نتيجة قدرة ذكر الأسماك على إنتاج عدة مئات الملايين بل ربما أكئر من بليون حيوان منوى، وقدرة الأنثى كذلك على إنتاج عشرات إلى مئات الآلاف من البيض كل هذا يضمن إنتاج لعدد ولو قليل من الأمشاج التى تحتوى على إحدى الطفرات أو أكثر لكل سمكة وحدوث الطفرات هى عملية بيولوجية هامة جدا نظرا لأنها تزيد من التباين الوراثى من خلال خلق جينات وأليلات جديدة والتى يمكنها بالتالى إنتاج أشكال مظهرية جديدة.

ولأن كل نظرية homolog يتضاعف قبل الإزدواج، فإن الحزمة تتكون من أربعة كروموسومات والتى تسمى رباعى tetrads. ويتميز الكروموسومات فى كل منها بالطول الزائد دونما إكتناز كما يلتف أحدهما حول الاخر. ومع إلتفافهما، تنكسر الكروموسومات، ثم تتحد أجزاء من النظائر المختلفة. يسمى تبادل الجينات من أحد النظيرين للآخر بالعبور crossing over الذى يعد من أهم الأحداث الوراثية نظرا لما ينتج عنه من زيادة فى التباين الوراثى عن طريق خلق توليفات جينية حديثة فى كل جيل. تؤدى هذه التوليفات الجينية بالتالى إلى زيادة التباين المظهرى الذى يساعد المربين على إنتاج أسماك أفضل.

أما ثانى العمليات الهامة التى تحدث خلال الإنقسام الميوزى، هو الإنقسام الإختزالى reduction division والتى يقل أثنائها عدد الكروموسومات من حالتها المزدوجة إلى حالة مفردة. ويطلق على الخلية أو الفرد ثنائى الكروموسوم diploid طالما كانت الكروموسومات على حالتها المزدوجة ( 2N )، ذلك فى حين يطلق أحادى الكروموسومات haploid على الخلية أو الفرد الذى يحتوى على كروموسوم واحد ( N ).

أث ناء الإنقسام الإختزالى، تنفصل النظائر المتضاعفة لكل زوج كروموسوم، حيننذ تنقسم الخلية المشيجية الأولى مكونة خليتين. هذه الخلايا هى الخلية المنوية الثانوية secondary spermatocytes فى الذكور بينما هى الخلية البيضية الثانوية secondary oocyte والجسم القطبى الأول فى الإناث. وننوه إلى أن انفصال النظائر المتضاعفة لكل زوج من للكروموسومات وكذا الإتجاه الذى تسلكه هذه النظائر هو اجراء مستقل عن تلك التى تحدث للكروموسومات الأخرى. وعلى الرغم من أن كل رباعى tetrac يقسم نفسه حول الخطوط الأبوية parental lines (تنفصل النظائر المتضاعفة التى أتت من الأب عن تلك التى أتت من الأم)، فإن إنقسام نظائر كل زوج كر وموسو م هى عملية عشوائية كما أنها مستقلة عن تلك التى تحدث فى كل رباعى ويطلق على الإنقسام العشوائي للكروموسومات الأبوية parental والأموية maternal بالتوزبع المستقل والتى تتم يز بأهميتها الفائقة التى ترجع إلى دورها فى خلق توليفات جديدة للكروموسومات وكذا الجينات والتى تزيد بدورها من التباين الوراثى والذى فى النهاية يزيد من التباين المظهرى. ولأن كل خلية منوية (نطفية) ثانوية secondary spermatocytes وكذا الخلية للبيضية الثانوية secondary oocyte هى أحادية الكروموسوم، نتيجة إحتواء كل منها على نظير واحد من كل زوج.

والخطوة الأخيرة فى الإنقسام الميوزى هى الإنقسام المتماثل equational والذى خلاله ينفصل النظير المتضاعف replicated homologues لكل كروموسوم ويذهب الى أحد خليتى الحيوان المنوى أو قد تتجه الى البويضة أو الجسم القطبى الثانى. وكما كان الحال فى الإنقسام الإختزالى، فإن الإتجاه الذى يتبعه النظير المتضاعف من كل كروموسوم هو عشوائي ومستقل عن ذلك الذي يحدث فى الكروموسومات الأخرى ويؤدى الخلط الأخير للكروموسوما ت والجينات أيضا إلى زيادة التباين الوراثى.

والمحصلة الأخيرة للإنقسام الميوزى هى إنتاج الحيوان للمنوى أو البويضة وكلاهما أحادى الكروموسو مات. تحتوى الجاميطة الواحدة على كروموسوم مفرد من كل من زوج. وعلى الرغم من أن بعض الأسماك تستطيع إنتاج ملايين الجاميطات، فإن القليل من هذه الجاميطات- إذا وجدت- تتطابق تماما نتيجة الطفرات، العبور والتوزيع المسنفل للكروموسومات وهو ما يتم أثناء الإنقسام الإختزالى.

ويعتبر إختزال عدد الكروموسومات من الحالة المزدوجة فى الخلية البيضية الأولية primary oocyte والخلية المنوية الأولية primary spermatocytes إلى الحالة المفردة فى البويضة أ و الحيوان المنوى هى من العمليات الجساسة التى ان لم تتم، لتضاعف عدد الكروموسومات جيلا بعد جيل. ولأن الجاميطة أحادية الكروموسوم، فإن إزدواج الكروموسومات يتم تحقيقه لنوع ما نتيجة إخصاب البويضة بحيوان منوى.

الطرز المظهرية  والتراكيب الوراثية

إن الجين أو مجموعة الجينات تحتوى على برنامج عمل (مخطط) أو تعليمات كيماوية لإنتاج بروتين. هذا البروتين أما أنه يكون أو يساعد فى تكوين مختلف الطرز المظهرية مثل لون الجسم، الجنس، عدد شعاعات الزعنفة الظهرية، طول الزعنفة، طول الجسم والوزن. وهذه العملية يصفها خبير الوراثة بأن التركيب الوراثي للسمكة يسيطر على أو ينتج شكلها المظهرى.

والتركيب الوراثى للسمكة يعنى هيئتها الورائية فهو الجين أو الجينات التى تتحكم فى صفة مظهرية ما. ولأن الكروموسومات تتواجد على هيئة أزواج (باستثناء بعض الحالات التى لن تناقش فى هذا الدليل)، ولهذا فإن التركيب الوراثي genotype هو زوجى الكينونة paired entity. يتواجد أى جين ما على أكثر من صورة وتعرف الصورة البديلة للجين بالألي لا ت alleles. وقد يتواجد الجين على صورة وحيدة فى عشيرة ما ويعنى ذلك وجود أليل واحد على موقع محدد locus ( locus جين) أو قد تتواجد حتى دستة من الأليلات على الموقع.

ولأن الكروموسومات تتواجد على هيئة أزواج، فإن الفرد يمكنه إمتلاك أليل واحد أو أليلين على موقع ما. وحتى ولو كانت هناك عشرة أليلات لجين ما فى العشيرة، فإن الفرد لا يمكنه إمتلاك أكتز من أليلين (فى هذا الدليل سوف نفترض أن جميع الأسماك هى ثنائية الكروموسومات). إذا تطابق الأليلان على موقع معين، فإنه فى هذه الحالة توصف السمكة بأنها متماثلة (أصيلة) homozygous على هذا الموقع. أما إذا لم يتطابق الأليلان فإن السمكة توصف بالخلط heterozygous على هذا الموقع. ووصف التركيب الوراثى بالتماثل أو بالخلط يقصد به جينات محددة وليس المجموعة الجينبة الكاملة للسمكة والتى تشمل عشرات الآلاف من الجينات مكونة مزيجا من متماثلة وخليطة المواقع.

ويرجع السبب فى أهمية الفصل بين الأفراد الأصيلة أو الخليطة إلى أن صور الجين المختلفة (أليلات) تنتج طرزا مختلفة من بروتينات ذلك الجين. ويعنى هذا مسئولية الآليلات المختلفة فى موقع ما عن إنتاج الوان الجسم المختلفة أو معدلات نمو مختلفة. وما يستهوى علماء الوراثة هنا هو في الإختلافات التى يمكن استغلالها من خلال الإنتخاب بهدف إنتاج أسماك أسرع نموا أو أ كنز جاذبية.

والشكل المظهرى ما هو سوى تعبير محسوس لما يمكن لجين ما أو لمجموعة من الجينات أن نتتجه وهو أيضا ما يمكن لنا وصفه مثل اللون أو الجنس أو قياسه كالطول أو الوزن. ويضع المربون الشكل المظهرى فى فئتين رئيسيتين هما الصفات الوصفية والصفات الكمية.

وراثة الصفات الوصفية Qualitative

يعنى بها ببساطة تلك الصفات للتى توصف كاللون، الجنس، أو نمط القشور (الحراشف). والصفات الوصفية هى أيضا تلك التى يسهل وصفها وملاحظتها ذلك ببساطة لوقوع الفرد إما فى فئة واضحة ومحددة أو يقع فى فئة محددة أخرى. فمثلا إذا كانت هناك أسماك زرقاء وصفراء فى مجتمع سمكى ما، فإن السمكة الواحدة إما أن تكون زرقاء أو أن تكون صفراء.

وتتسمم الوراثة الوصفية بالبساطة وهى تعرف غاالبا بالوراثة المندلية إعترافا بفضل العالم Gregor Mendel الذى اكتشفها. والطرز المظهرية فى هذه الوراثة عادة ما يتحكم فيها جين واحد أو إثنان أما بالنسبة للطراز البديع لصفة ما مثل اللون الأزرق مقابل الأصفر، فإن طرز الجين البديلة (أليلات) هى التى نتتجها. عادة ما توصف الاشكال المظهرية العادية بالشائع أو البرى فى حين تطلق لفظ الطفرات على ما يخالف ذلك.

غالبا ما يعبر عن الصفات الوصفية بالمجملات نظرا لأنها تؤثر بالدرجة الأولى على مظهر الفرد، وإن كان ذلك لا يعنى عدم أهميتها حيث يمكن لهذه الطرز الوصفية تحسين الحالة الصحية للكائن كما يمكنها جعل المنتج فى صورة أكثر تقبلا من المستهلك. فمثلا يعتبر التقزم من الصفات المرغوبة فى سلالات عديدة من القمح نتيجة الصلابة التى تتمتع بها سيقان هذه النباتات حيث لا تتحلى أو تنكسر مع تفدم مراحل نموها على عكس النباتات العادية العالية. ومثال آخر يعتبر انعدام القرون فى حيوانات المزرعة صفة مرغوبة لأسباب صحية أو لأسباب أخرى تتعلق بالأمان. كما أن الريش الأبيض من الصفات المرغوبة فى الدجاج نتيجة لما يتركه الريش الداكن بعد نزعه من بقع غير مستحبة على الجلد. وبالمثل، فإن المواصفات الوصفية يمكن أن يكون لها تأتيرها الكبير على قيمة الأسماك المستزرعة ففى الولايات المتحدة الأمريكية نتأتز أسعار الأسماك ال fathead minnow تبعا للونها حيث يقدر سعر الأسماك عادية اللون بستة دولارات للكيلوجرلم بينما يتجاوز سعر اللون الأحمر الوردى منه تمانية دولارات للكيلوجرام. وما على مزارعى الأسماك سوى النظر إلى صناعة أسماك الزينة ليروا أهمية الصفات الوصفية حيث يتحدد قيمة السمكة تبعا للونها، أسلوب تلوينها، شكل الزعنفة، شكل العين وغيرها.

يمكن ت ق سيم الصفات الوصفية إلى فئتين رئيسيتين: الصفات الجسمية وهي تلك التى تتحكم فيها جينات تقع على الكروموسومات الجسمية والتى هي جميع الكروموسومات عدا كروموسومات الجنس. ثم تلك الصفات المظهرية المرتبطة بالجنس، وكما يعبر الأسم عنها، فإن الجينات التى تتحكم فى هذه الصفات تقع على زوج الكروموسومات الجنسية (هناك بعض الاستثناءات كما هو الحال في الأسماك التى تمتلك أكثر من زوج من كروموسومات الجنس، كما تمتلك أنواع أخرى من الأسماك أعدادا فردية من كروموسومات الجنس كأن يكون واحدا أو ثلاثة كروموسومات جنسية). هذا وإن كانت جميع الأسماك المستزرعة الهامة تمتلك زوجا واحد ا من كروموسومات الجنس.

تعبر الجينات التى تقع على الكروموسومات الجسمية عن نفسها وتورث فى الذكور والإناث سواء وبنفس الأسلوب (سوى فى حالة الحاجة إلى هورمون الجنس للتعبير عن شكل مظهرى). هذا فى حين تعبر الجينات المرتبطة بالجنس عن نفسها وتورث فى الذكور بأسلوب مختلف عن الإناث وحتى الآن، فإن كل الصفات الوصفية التى تم معرفة كنهها فى أسماك الإستزراع هى من تلك التى لا علاقة للجنس بها. إن أسماك الزينة خاصة أسماك ألجوبى guppy وال platy fish هي مصدر معظم المعلومات الخاصة بالجينات المرتبطة بالجنس ونمط توريث هذه الصفات. ونظرا لأن الصفات الوصفية التى تم إكتشافها فى أسماك الإستزراع يتحكم فيها جينات جسمية، فإن هذا القسم سوف يتعرض لهذا النوع من الصفات الوصفية ولن يتم التعرض للصفات المرتبطة بالجنس.

ولسهولة العرض، فإن جميع الأمثلة التى سوف تستخدم فى هذا القسم هى جينات لها أليلين، وفي الحقيقة، فإن الجين فى عشيرة ما قد يكون له دستة من الأليلات ويعتبر أسلوب تنتقيط الذيل في أسماك ال platy fish هو أحد الأمثلة لجين له 9 أليلات. وفي حالة ما إذا وجد أكثر من أليلين، فإن عدد الصفات الوصفية التى يمكن لجين إنتاجها يمكن أن تتزايد بشكل كبير، اعتمادا على اسلوب عمل الجين mode of gene action . ويصبح الأمر أكثر تعقيدا عند العمل مع مثل هذه الصفات المظهرية. وعلى الرغم من أن الأمر لا يتطلب سوى بعض التفصيل والإضافة لما تمت مناقشته فى هذا القسم، إلا أنه يتطلب الكثير من الجهد والتسجيل. ولحسن الحظ، فإن مثل هذه الجينات تتسم بالندرة والقليل الذي عرف منها جميعها كان في أسماك الزينة.

الصفات الوصفية الناتجة عن جين جسمى واحد

معظم الصفات المظهرية التى تم معرفة كنهها وراثيا فى أسماك الغذاء يتحكم فيها جين واحد بأليلين لكل موقع على الكروموسومات الجسمية. وبوجه عام، تعبر الجينات عن نفسها إما بالأسلوب التجميعى (التكاملى) additive أو بغير التجميعى. فى الأسلوب التجميعى، يساهم كل أليل بقدر متساوى فى إنتاج الصفة وذلك بأسلوب تدريجى وفى إتجاه واحد، ولذا فإن الشكل المظهرى الخليط ما هو إلأ الوسط بين طرازين مظهريين أصيلين. أما فى حالة الفعل غير التكاملى للجين، فإن الأليل السائد سوف يعبر عن نفسه بشكل أقوى ويصبح تأئيره أكبر على إنتاج الصفة مقارنة بالأليل المتنحى (شكل رقم 1).

 

 

شكل رقم 1: رسم توضيحى لصفات وصفية يتحكم فيها جين ولحد على الكروموسوم الجسمى سواء أكان هذا التأثير كامل أو غير كامل السيادة أو كان تكامليا. التركيب الوراثي موضح أسفل الشكل المظهرى. الجين A ينتج اللونين الأسود والأبيض عن طريق السيادة الكاملة. ولهذا، فإن هناك مظهران فقط. اللون الأسود هو المظهر السائد وينتجه إما التركيب الوراثي السائد الأصيل homozygous dominant) AA ) ، أو الخليط ( Aa (heterozygous ، ذلك فى حين أن اللون الأبيض وهو الشكل المظهرى المتنحى، فأنه يتم إنتاجه بواسطة التركيب المتنحى الاصيل homozygous recessive) aa ) . ينتج الجين B اللونين الأسود والأبيض من خلال سيادة غير كاملة ونظرا لأن سيادة الجين غير كاملة، فإن التركيب الوراثى الخليط Bb ينتج شكلا مظهريا فريدا وهو الاسود الفاتح الذى يشبه في مظهره اللون الأسود السائد الذى ينتجه التركيب الوراثى BB وإ ن إختلف عنه قليلا. هذا في حين أن اللون الأبيض وهو الصفة المتنحية ينتجها التركيب الوراثى المتنحى bb . ينتج الجين C ينتج اللونين الأسود والابيض من خلال ثأثير جينى تجميعى (تكاملى) additive gene action . ولأن أيا من الأليلين ليس سائدا، فإن التركيب الوراثى الخليط ‘ C’C ينتج شكلا مظهريا فريدا (رمادى) والذى يتوسط اللونين الأسود والأبيض الذان ينتجان عن التركيبين الأصيلين ( CC الذى ينتج اللون الأسود وال’ C ’ C الذى ينتج اللون الأبيض). إذا ما كان تأئير الجين تجميعيا، ليس هناك أليلات سائدة أو منتحية وبالتالى ليست هناك صفات سائدة أو متنحية.

فعل الجين كامل السيادة: يحدث الفعل كامل السيادة للجين إذا كان الأليل السائد قويا لدرجة إنتاجه للصفة المظهرية بغض النظر عن التركيب الوراثى وفى هذه الحالة، فإن وجود أليل مفرد سائد يكفى لإظهار الصفة السائدة. ويعنى ذلك أن التركيب الوراثى الأصيل السائد ينتج الصفة السائدة التى هى نفسها ينتجها التركيب الوراثى الخليط. ويعنى ذلك أيضا أن البديل المتنحى لن يمكنه إنتاج الصفة المتنحية إلا إذا كان أصيلا أى فى غياب الأليل السائد ولهذا، فإن هذا الأسلوب من التوريث نتيجته ثلاث تراكيب وراثية يقابلها مظهران فقط كما فى الشكل رقم 1:

الشكل المظهرى
التركيب الوراثى
سائد
سائدأصيل
سائد
سائد خليط
متنحى
متنحى أصيل

 

وعلى سبيل المثال، يتحكم الجين B فى اللون الوردى الفاتح واللون الطبيعى فى البلطى النيلى حيث ينتج الأليل السائد B اللون الطبيعى بينما ينتج الأليل المتنحى b اللون القرمزى. ولأن فعل الجين B هو من النوع تام السيادة، فإن اللون الطبيعى يتم انتاجه أينما وجد الأليل B سواء كان التركيب الوراثى أصيلا BB أو خليطا Bb بينما لا يظهر اللون الوردى سوى بوجود الأليل المنتحى على هيئته الأصيلة bb (شكل رقم 2) . يوضح الجدول رقم 1 نماذج لبعض الصفات المظهرية الوصفية لعدد من الأسماك المستزرعة الهامة والتى يتم انتاجها بواسطة جين مفرد على الكروموسومات الجسمية بأسلوب السيادة الكاملة.

جدول رقم 1: أمثلة للطرز المظهرية فى الأسماك المستزرعة والتى يتحكم فيها جين جسمى واحد فى حالة السيادة الكاملة. جميع الصفات فى هذا الجدول خاصة بلون الجسم فيما عدا التشوه الذيلى.

 

شكل رقم 2. توريث ألوان الجسم ا لعادية والقرمزية فى البلطى النيلى. يتم التحكم فى هذه الصفات الظاهرية بواسطة جين جسمى مفرد ذات فعل سيادى كامل ويسمى الجين B : ينتج الأليل السائد B اللون الطبيعى بينما ينتج الأليل المتنحى b اللون الوردى. ولما كان الأليل B تام السيادة على الأليل b ، فإن كلا من التركيبات الوراثية BB و Bb سوف تنتج اللون الطبيعى فى حين لا ينتج اللون الوردى المتنحى سوى فى الأسماك أصيلة التنحى bb . سوف يستخدم النموذج التصويرى للون الجسم فى هذا الشكل لاحقا فى الشكلين أرقام 3 و9

شكل رقم 3. جميع حالات التزاوج الممكنة بين البلطى النيلى ذو اللون الطبيعى وتلك وردية اللون، وطرز النسل المظهرية الناتجة عن كل تزاوج. النموذج التصويرى المستخدم فى الشكل هى نفسها السابق إستخدامها فى الشكل رقم 2. تم ذكر التركيب الوراثى لكل سمكة أسفلها. تشير الأسهم إلى الأمشاج. تعتبر حالات التزاوج a و f نماذجا لعشائر صادقة التكاتز true breeding` وهو ما يستهدفه برنامج الإنتخاب الوراثى.

يشير ا لشكل رقم 3إلى جميع توليفات التزاوج الممكنة بين البلطى النيلى القرمزى وتلك عادية اللون والطرز المظهرية الناتجة عن كل تزاوج. وكما هو موضح من معدل الطرز المظهرية لنسل كل تزاوج فى نفس الشكل، نجد مثلا 3 أسماك عادية اللون مقابل كل سمكة واحدة قرمزية فى التزاوج d والتى هى نموذج نمطى للصفات الوصفية التى يتحكم فيها جين جسمى واحد كامل ا لسيادة (بفرض عدم وجود تأثير مميت لأى من التركيبات الوراثية).

يستخدم معدل الشكل المظهرى للنسل الناتج عن توليفات تزاوج مختلفة فى التعرف على الوراثة التى تتحكم فى الطرز المظهرية، حيث أن التأثير المختلف للجينات تنتج أشكالا مظهرية بمعدلات مختلفة. وفى دراسة وراثية فى الشكل رقم 3، يعد التزاوج c هو أول التزاوجات التى تمت ويسمى النسل الناتج عن التزاوج المذكور بجيل النسل الأول F 1 والتى بوصولها للنضج الجنسى وتزاوجها معا تنتج ما يسمى بالجيل الثانى F 2 للنسل كما هو موضح فى التزاوج d فى نفس الشكل. ويعد معدل الشكل الظاهرى للجيل الثانى F 2 هو معدل أساسى يستخدم لمعرفة معظم حالات التوريث.

وتمثل حالات التزاوج a و f فى الشكل رقم 3 نماذجا للعشائر صادقة التكاثر والتى هى هدف جميع برامج التربية. وسوف يتم التعرض لبرامج التربية التى يمكن فيها إنتاج عشائر صادقة التكاثر فى الباب الثالث.

السيادة غير الكاملة للجين: توجد السيادة غير الكاملة عندما يستطيع أليل سائد من التعبير عن نفسه بصورة أقوى من الأليل المتنحى ولكن بالدرجة التى لا تعطله وذلك فى التركيب الوراثى الخليط ولهذا، فإن الشكل المظهرى السائد ينتج فقط حالة كون امتلاك السمكة لنسختين من الأليل السائد (أصيل سائد). ولما كان الأليل المتنحى ليس معطلا تماما بنظيره السائد، فإن التركيب الوراثى الخليط ينتج شكلا مظهريا يشبه- وإن لم يتطابق مع- الصفة المظهرية السائدة. وكما هو الحال مع السيادة الكاملة، فإن الشكل المظهرى المتنحى ينتج فقط إذا ما كانت السمكة أصيلة التنحى. ولأن التركيب الوراثى الخليط ينتج مظهرا يشبه المظهر السائد وإن إختلف عنه، وعندما يكون فعل الجين غير كامل السيادة، فإن النتيجة هى ثلاث تركيبات وراثية يقابلها ثلاث أشكال مظهرية أى مظهرا خاصا لكل نزكيب و راثى (الشكل رقم 1):

الشكل المظهرى
التركيب الوراثى
سائد
سائدأصيل
خليط
خليط
متنحى
متنحى أصيل

وعلى سبيل المثال، هناك الجين G الذى يتحكم فى ألوان جسم البلطى الموزمبيقى الثلاث: الأسود (اللون الطبيعى)، البرونزى والذهبى. وينتج الأليل السائد G أسماك داكنة اللون، ولأن الجين G غير تام السيادة، فإن الأليل G لا يطغى على نظيره المتنحى g فى الحالة الخليطة. ولهذا، فإن لكل من التركيب السائد الأصيل GG والخليط Gg ا ل لون الخاص لكل منها الأسود والبرونزى على التوالى. هذا بينما اللون الذهبى هو من نصيب التركيب المتنحى الأصيل gg (الشكل رقم 4). يقدم الجدول رقم 2 أمثلة للمظاهر الوصفية فى الأسماك المستزرعة والتى ينتجها جين مفرد على كروموسومات الجسم فى حالة عدم تمام السيادة.

يوضح الشكل رقم 5 جميع توليفات التزاوج المحتملة بين البلطى الموزمبيقى بألوانها الثلاث (الأسود، البرونزى والذهبى) وكذا معدل الطرز المظهرية للنسل الناتج والتى منها ما نشاهده فى التزاوج d وهى 1 أسود: 2 برونزى: 1 ذهبى والذى هو المعدل النمطى لكافة الصفات الوصفية التى يتحكم فيها جين مفرد جسمى مع سيادة غير تامة (بفرض عدم وجود تركيب وراثى مميت). فى الشكل رقم 5 أيضا، يمثل كلا من التزاوج a و f نموذجان لعشائر صادقة التكاثر، ويعتبر معدل الشكل المظهرى للنسل الناتج من التزاوج d هو المفتاح الذى يستخدم لفك شفرة أسلوب التوريث.

التأثير الجينى التجميعى additive gene action : يتحكم فى الصفات الوصفية جين مفرد من الجينات الجسمية والتى تم إكتشافها فى الأسماك المستزرعة للغذاء سواء كانت السيادة تامة أو غير تامة. وال ا ستثناء الوحيد من هذه القاعدة يخص جين يتحكم فى ألوان أسماك التراوت القوس قزحى الثلاث (الذهبى، والبالومينو palomino والذى هو الصفة المظهرية الخليطة وأخيرا اللون الطبيعى) وذلك عن طريق التأتير الجينى التجميعى. عندما يكون الشكل المظهرى هو نتاج تأثير جينى تجميعى، فإن هذا يعنى أنه لا توجد أليلات سائدة أو أخرى متنحية حيث تشارك الأليلات بالتساوى فى إنتاج الصفة، وبالتالى ينتج التركيب الوراثى الخليط صفة متوسطة بين تلك التى ينتجها التركيبان الوراثيان الأصيلان وعليه، فإذا كان أسلوب التوريث هو الفعل الجينى التجميعى، فإن هناك دائما ثلاث تراكيب وراثية يقابلها ثلاث أشكال مظهرية بواقع مظهر فريد لكل تركيب وراثى.

والفرق بين التأئير التجميعى والسيادة غير الكاملة، أنه فى الحالة الأخيرة يكون التركيب الخليط أقرب ما يمكن للسائد الأصيل. بينما يصبح مظهر التركيب الخليط متوسطا بين التركيبين الأصيلين فى حالة التأثير التجميعى للجين (شكل رقم 1). ولما كانت الصفات الوصفية توصف ولا تقاس، فإنه من الممكن أن تحدث أخطاء فى تصنيف السيادة غير التامة وفعل الجين التجميعى وحتى لو حدث خطأ فى تصنيف طبيعة عمل الجين، فإن ذلك ليست له أهمية عملية فى برامج التربية. ولأن كلا من أسلوبى عمل الجين له ثلاث تراكيب وراثية لكل تركيب منها مظهره المميز، تتطابق برامج التربية التى تستخدم للتحكم فى الصفات المظهرية سواء نتجت عن طريق السيادة غير الكاملة أو بواسطة الفعل التجميعى.

أن توليفات التزاوج ومعدلات الشكل الظاهرى للنسل الناتج يوضحها الشكل رقم 5 والتى يمكن استخدامها كذلك لتوضيح ما الذى يحدث للأشكال المظهرية التى يتحكم فيها جين جسمى مفرد بنظام الفعل التجميعى. يتطابق معدل الطرز المظهرية للصفات سواء نتجت فى ظل الفعل التجميعى أو السيادة غير التامة. الفرق الوحيد هو فى مظهر التركيب الخليط وما إذا كان يقترب من الشكل السائد (سيادة غير تامة) أو هو يتوسط الصفتين الأصيلتين (تجميعى).

شكل رقم 4. توريث لون الجسم الأسود، البرونزى والذهبى فى البلطى الموزمبيقى. يتحكم فى اللون جين جسمى مفرد ذات تأثير غير تام السيادة يسمى الجين G . ولأن الأليل السائد G هو غير كامل السيادة على نظيره المتنحى g ، فإن التركيب الوراثى الخليط ينتج لونا مشابها للتركيب الوراثى السائد وإن اختلف عنه التركيب الوراثى الأصيل السائد GG أسود اللون (اللون الساثد)، بينما الأسماك الخليطة Gg برونزية اللون (اللون الخليط)، فى حين أن اللون الذهبى يخص الأسماك نقية التنحى gg (اللون المتنحى). سوف يتم إستخدام بعض الرسوم التوضيحية فى هذا الشكل لتوضيح لون الجسم فى الأشكال 5، 10، 11، 17، 18 .

شكل رقم ه. جميع التزاوجات الممكنة بين البلطى الموزمبيقى بالألوان الأسود، البرونزى والذهبى وألوان النسل الناتج عن كل تزاوج. الرسوم التوضيحية لكل شكل مظهرى هى نفسها المستخدمة فى الشكل رقم 4. التركيب الوراثي لكل سمكة مدون أسفلها. تشير الأسهم إلى الجاميطات. حالات التزاوج a و f تمتل نماذج لعشائر صادقة التكاثر والتى هى هدف برنامج الإنتخاب الوراثي.

جدول رقم 2.أمثلة لبعض الطرز المظهرية فى الأسماك المستزرعة والتى يتحكم فيها جين جسمى مفرد غير كامل السيادة.

الصفات الوصفية التى يتحم فيها 2 جين جسمى

هناك بعض الطرز الوصفية التى يتحم فيها 2 جين جسمى. من المعروف أنه إذا ما اشترك 2 جين فى إنتاج طرازا مظهريا ما، فإنه عادة ما يوجد نوع من التفاعل يقوم فيه أحد الجينات بالتأثير على آداء الجين الآخر. ويعنى ذلك أن أحد الجينات يغير من إنتاج طرزا مظهرية يتحكم الجين الثانى فيها، ويطلق على هذا التفاعل الجينى بالتفوق epistastis .

ومعظم أمثلة التفوق التى تم التعرف عليها فى الأسماك تلك التى تم إكتشافها فى أسماك الزينة، وإن كان تم التعرف على عدد منها فى أسماك الإستزراع الهامة. وأهم مثالين هما أسلوب توزيع القشور فى أسماك الكارب العادى ولون اللحم فى أسماك ال chinook salmon . ولأن الكارب العادى يعتبر احد أهم أنواع أسماك الإستزراع فى آسيا وأوربا، فإنه من المثير للجدل ما إذا كان نمط القشور فى الكارب العادى تعتبر أهم مجموعة من الصفات الوصفية التى تم التعرف عليها فى أسماك الإستزراع. يساعد نمط القشور فى تحديد طبيعة اللون، وبالتالى قيمة أسماك كارب الزينة koi .

إن طرز القشور (الحراشف) الأربعة فى الكارب العادى- القشرى (وهو نمط القشور العادى)، المرائى، الخطى، والجلدى -- يتحكم فيها 2 جين هما N و S وذلك من خلال ما يسمى بالتقوق السائد. يحدد الجين S نمط القشور الأساسى من خلال سيادة تامة حيث ينتج الأليل السائد S الصفة الظاهرية تامة القشور scaled من خلال التراكيب الوراثبة SS و Ss ، بينما ينتج الأليل المنتحى s فى تركيبه الأصيل طرازا مختزل القشور والمسمى "بالمرائى" ذو التركيب الوراثى ss أما بالنسبة للجين N ، فهو يقوم بتحوير الصفة الظاهرية التى ينتجها الجين S . وهناك أليلان على الموقع N منها الأليل السائد N الذى يحور الصفة الظاهرية كما يلى: للجين تأثيره المميت فى حالته الأصيلة NN حيث يموت الجنين، أما فى الحالة الخليطة Nn ، فإن الأليل N يغير من نظام القشور إلى الطراز الخطى line كما يغير الطراز المرائى mirror إلى الطراز الجلدى leather . هذا فى حين أن الأليل المتنحى n ليس له تأثير على الشكل المظهرى الناتج عن الجين S . إن الطرز المظهرية الخمس (هناك طراز ميت) والأساس الوراثى لها يوضحها الشكل رقم 6.

إن مجموعة الصفات الوصفية يمكن أن يتم التحكم فيها بواسطة أكثر من 2 جين. ومثال ذلك لون الجسم فى الأسماك السيامية المقاتلة Siamese fighting fish هو نموذج لمجموعة من الطرز المظهرية التى يتحكم فيها من خلال تفاعل تفوقى epistatic فيما بين 4 جينات. إن العمل مع هذه الصفات هى عملية بالغة التعقيد نتيجة عدد الجينات المعنية. ولحسن الحظ فإنه لم يكتشف فى أسماك الغذاء حتى الآن أية صفة وصفية نتاج أكثر من 2 جين.

 

الشكل رقم 6. توريث طراز القشور (الحراشف) فى الكارب العادى. يتحكم فى طراز القشور التفاعل التفوقى بين الجينات S و N . يحدد الجين S ما إذا كانت الأسماك مغطاة تماما بالقشور (تركيبات وراثية Ss و ss ) أو أنها من الطراز المرائى ذو التركيب الوراثى ss . يحور الجين N هذه الطرز المظهرية التركيب الوراثى NN له تأثيره المميت على الأسماك ذو التركيبات الوراثية Ss,NN ، ssNN و SS,NN فى حين يغير التركيب الوراثى Nn من الطراز المكسو بالقشور إلى الطراز الخطى بتركيباته الوراثية Ss,Nn و SS,Nn كما تغير من الطراز المرائى إلى الطراز الجلدى ss, Nn . هذا فى حين لا يغير التركيب الوراثى nn من الطرز المظهرية التى ينتجها الجين S . ولهذا فإن الأسماك المغطاة بالقشور تركيباتها الوراثية SS,nn أو Ss,nn بينما التركيب الوراثى للكارب المرائى هو ss,nn .

وراثة الصفات الكمية  Quantitative

إن الصفات الكمية هى تلك التى تقاس مثل الطول، الوزن، عدد البيض لكل كيلوجرام من وزن الأنثى، أو معامل تحويل الغذاء. تختلف الصفات الكمية عن الصفات الوصفية من حيث عدم تواجد الأفراد فى فئات منفصلة غير متداخلة. عندما يصف عالم الوراثة صفة كمية، فهو بذلك يقصد فئة مفردة متل الوزن. ولهذا، فإن الأسماك لا يتم تجمعيعها فى فئات مستقلة مثل خفيف أ و ثقيل حيث بدلا من ذلك، تنظم الأفراد فى توزيع متصل يتم فيه تحديد قيمة الصفة للفرد بوحدات قياس يستخدمها المزارع (ملليمتر، سنتيمتر، جر ام، كيلوجرام،... إلخ).

ولأن قيم الطرز المظهرية للفرد تحددها قياسات (مثل الطول بالملليمتر) وليس فئة وصفية منفصلة مثل اللون، فإن الفروق بين فردين هى مسألة الدرجة (ملليمتر) وليس النوع (اللون). ولأن الفروق بين الأفراد هى مسألة درجات، فإن الصفات الكمية فى عشيرة ما تشكل ما يسمى بالتوزيع المستمر، والذى يمكن وصفه بيانيا، كما هو موضح فى الشكل رقم 7.

شكل رقم 7. يوضح الشكل توزيعا لصفة كمية فى عشيرة. يوضح الرسم البيانى a توزيعا متقنا للصفة ينتج عنه منحنى ناقوسى " 'bell-shaped ذات متوسط يقسم المنحنى إلى نصفين عند قمته أما الرسم البيانى b فهو يمثل توزيع لأطوال أسماك الكارب العادى عند عمر 7 شهور.

 

يرجع السبب فى عدم إنتماء الأفراد إلى فئات محددة بالنسبة للصفات الكمية خلافا للحال مع الصفات الوصفية، فى أنها أكثر تعقيدا من الناحية الوراثية. بوجه عام، يتحكم فى الصفات الوصفية جين واحد أو 2 جين وحتى وإن وجدت حالات يزداد فيها عدد الجينات، إلا أن ذلك يعتبر قليلا. ذلك فى حين يتحكم فى الصفات الكمية عشرات بل حتى مئات الجينات. وجدير بالذكر، أن العدد الحقيقى عادة لا يعرف أبدا ذلك بالإضافة الى أن الجينات تختلط عشوائيا كأوراق اللعب ونلك أثناء الإنقسام الميوزى نتيجة العبور والتوزيع المستفل للكروموسومات، وتؤدى توليفات هذه الأحداث إلى ضمان إستقبال أى من النسل لرسالة وراثية مختلفة قليلا.

وتتأثر الصفات الكمية هى الأخرى بشكل كبير بالمتغيرات البيئية، ويساعد ذلك على إنتاج توزيع مستمر للصفة. تتراوح هذه المتغيرات من تلك الواضحة كمعدلات التخزين إلى تلك التى غالبا لا تلقى الإهتمام مثل حجم وعمر أمهات الأسماك. ويمكن الإحساس ببعض هذه المتغيرات على مستوى العانلة (مثل تاريخ الميلاد وعمر الأم)، بينما يمكن الإحساس بمتغيرات أخرى على المستوى الفردى مثل الحصول على الغذاء.

إن التفاعلات المتزامنة لتلك العوامل الوراثية والبيئية ينتج عنها تكوين طوائف وحيدة المظهر يستحيل معها وصف الفرد سوى بقياسه. ولأن الصفات الكمية هى فئات فردية ذات توزيع مستمر، فإنه لا يمكن تحليل المعدلات أو تحديد النسبة المئوية للعشيرة التى تمتلك شكل مظهرى محدد، كما هو الحال مع معدلات الصفات المظهرية الوصفية. وبدلا من ذلك، يتم تجميع قيم العشيرة وتقارن القيم المظهرية للفرد أو العائلة مع قيم العشيرة. وفى عشيرة ما، توصف الصفات الكمية بمتوسطاتها والذى هو المتوسط الحسابى، وكذا بالانحراف القياسى (المعيارى)، والذى هو الجذر التربيعى للتباين. يعبر المتوسط عن الميل الوسطى بينما يصف الانحراف المعيارى كيف تتوزع القيمة فى عشيرة ما حول المتوسط.

وحتى يمكن تنفيذ نشاط عملى للتربية على مزرعة متوسطة المساحة، فإنه من الأهمية معرفة كيفية حساب المتوسط، حتى يتمكن المزارع من معرفة تأثير برنامج الإنتخاب الوراثى الذى يتبناه. إن المزارع لا يحتاج فى الحقيقة إلى معرفة كيفية تحديد الانحراف القياسى، إلا أنه وعلى الجانب الآخر لابد وأن يكون بمقدور الباحثين والعلماء تحديد الانحراف القياسى. يوضح الشكل رقم 3 كيفية تحديد المتوسط .

ولأن الصفات الكمية وكما أسلفنا يتحكم فيها عشرات إلى مئات الجينات، فإن التعبير الفورى و/أو المتعاقب لتلك الجينات يجعل الأمر مستحيلا فى تحديد الجينات منفردة وإكتشاف أسلوب التوريث وبالتالى، تبرز الحاجة إلى وجود منهج مختلف للعمل مع هذه الصفات وتفهمها. ونظرا لأن الصفات الكمية تتثم بتعقيدها من الناحية الوراثية، فإنه من الصعب العمل مع هذه الصفات التى تعتبر أهم الصفات فى الزراعة أو الإستزراع السمكى (الوزن- الخصوبة... إلخ). ولهذا السبب فإن القيمة الوراثية للأسماك المستزرعة يحددها أساسا الجينات التى تتحكم فى الصفات الكمية والتى غالبا ما يطلق عليها "الصفات الإنتاجية".

جدول رقم 3. كيفية حساب المتوسط لإحدى الصفات الكمية. فى هذا المثال، نقوم بحساب متوسط الطول. وبوجه عام، يتم حساب المتوسط من عينة عشوائية قوامها 30- 200 سمكة.

 

التباين المظهرى

لأن الصفات الكمية تظهر توزيعا مستمرا فى العشيرة، فإن الطريقة الوحيدة للعمل مع هذه الصفات وتحسينها هى فى تحليل التباين فيها وتقسيمه إلى مكون يورث وآخر لا يورث إن التباين المظهرى هو التباين الذى تظهره صفة مظهرية فى عشيرة، إن المتوسط كما يدل الأسم عليه يعبر عن متوسط الصفة، بينما يعبر التباين عن كيفية توزيع الأفراد حول المتوسط (الانحراف القياسى الذى سبق ذكره هو الجذر التربيعى للتباين). أما بالنسبة للتباين المظهرى ( Vp ) فهو يساوى مجموع ثلاث مكونات هى التباين الوراثى ( VG )، التباين البيئى ( VE ) والتباين الخاص بالتفاعل الوراثى- البيئى E - VG . وذلك تبعا للمعادلة التالية:

( Vp ) = ( VG ) + ( VE ) + E - VG

التباين الوراثى

إن التباين الوراثى هو بوضوح المكون التى يحاول المربون تغييره من خلال برنامج التربية. يتكون التباين الوراثى نفسه من ثلاث مكونات، وتمارس برامج التربية المختلفة لإستغلال هذه المكونات.

إن التباين الوراثى VG هو مجموع التباين الوراثى التجميعى VA ، التباين الوراثى السيادى VD والتباين الوراثى التفوقى epistatic VI وكما سبق، فإن هذا يمكن تقديمه تبعا للمعادلة الآتية:

التباين الوراثى ( VG ) = التباين الوراثى التجميعى ( VA ) + التباين الوراثى السيادى ( VD ) + التباين الوراثى التفوقى (VI)

إن المصطلحات تجميعى " additive " سيادى "dominance" وتفوقى "epistatic" لا تشير إلى أسلوب محدد لفعل الجين كما كان الحال عند مناقشة أسلوب توريث الصفات الوصفية ولهذا فإن المصطلحات الصحيحة هى "التباين الوراثى التجميعى" و "التباين الوراثى السيادى" و "التباين الوراثى التفوقى" ( وليس فعل الجين gene action ) ، وتشير هذه المصطلحات إلى مكونات محددة من التباين يتم إنتاجها بواسطة المجموعة الجينية بالكامل، وليس فقط بواسطة جين واحد أو إثنين.

إن التباين الوراثى التجميعى هو المكون الوراثى الذى يرجع إلى تأثير تكاملى لجميع أليلات السمكة. ويمكن النظر إلى هذا الأمر على أن التباين الوراثى التجميعى هو إجمالى القيم التى يساهم بها كل أليل فى إنتاج الصفة. هناك بعض الأليلات التى سوف يكون لها مساهمة أكبر، بينما تقل مساهمة بعضها، فى حين تنعدم مساهمة البعض الاخر على الاطلاق . بل إن هناك من الأليلات ما تساهم فى الصفة بصورة سلبية. تضاف المشاركة التى يقدمها كل أليل، ومجموع هذه الإضافات ما هو سوى مكون التباين الوراثى التجميعى لكل سمكة مفردة .

أما التباين الوراثى السيادى فهو المكون الوراثى الذى يرجع إلى التفاعل الذى يتواجد بين زوج أليلات على كل موقع. ولهذا السبب، فإن التباين الوراثى السيادى لا يمكن توريثه.

إن التفكير فى أن بعض نظم الوراثة لا يمكن توريثها عادة ما يسبب الحيرة، على الرغم من أن ذلك الأمر سهل التفسير. إن التباين الوراثى السيادى يرجع إلى التفاعل بين زوج الأليلات على كل موقع، أى أنه نتاج لحالة إزدواج الكروموسومات ( 2N )، إن السبب فى أن التباين الوراثى السيادى لا يورث يعود إلى أن كل أب يشارك بزيجوت أحادى الكروموسوم N فى إنتاج أى من النسل. إن الجاميطات لا تحتوى على أليلات مزدوجة ( 2N )، نتيجة أن الحالة ثنائية الكروموسوم تختزل إلى الحالة الفردية خلال الإنقسام الميوزى. وخلال الإنقسام الإختزالى، تنفصل كل أزواج الأليلات عندما تمر الكروموسومات بمرحلة التوزيع المستقل، والذى يعنى أن التأثير الوراثى السا ئ د للآباء يتم تدميره خلال الإنقسام الميوزى. ولما كان التباين الوراثى السيادى للفرد يتم تدميره خلال الإنقسام الإختزالى، فإنه لا يمكن نقل هذا المكون من خلال الجاميطات إلى النسل، وبالتالى فإنه لا يورث وعند الإخصاب، يعاد تكوين التباين الوراثى السيادى عندما يقوم الحيوان المنوى أحادى الكروموسوم بإخصاب بويضة أحادية الكروموسوم لإنتاج زيجوت ثنائى الكروموسوم. وعندها، تتو اجد الجينات مر ة أخرى على حالتها الزوجية، والذى يعنى وجود تفاعل بين زوج الأليلات على كل موقع والتى بدورها تعنى تواجد التباين الوراثى السيادى. ونتيجة ذلك، فإن تأثيرات التباين الوراثى السيادى يتحطم ثم يعاد تكوينه فى توليفات جديدة مختلفة فى كل جيل.

أما التباين الوراثى التفوقى فهو المكون الوراثى الذى يعود إلى تفاعل الأليلات بين أو فيما بين المواقع. وبمعنى آخر، هو تفاعل الأليل مع أليلات أخرى خلاف قرينه. إن التباين الوراثى التفوقى هو خليط من تباين مورث وآخر غير مورث. إن جزء التفاعلات الذى هو بين أو فيما بين الأليلات التى إحتوتها الجاميطات هو قابل للتوريث، ذلك فى حين أن الجزء من النفاعل الذى هو بين أو ضمن الأليلات التى جزءا مكونا لحيوان منوى آخر أو إلى الأقسام القطبية polar bodies فهو لا يورث إن النسبة المئوية للتباين الوراثى التفوقى التى تورث تختلف من جاميطة لأخرى بسبب العبور والتوزيع المستقل وكلاهما تميلان إلى تعطيل ( تمزيق) معظم التباين الوراثى التفوقى أثناء الإنقسام الميوزى. ولهذا، فإن ما ينتقل من الآباء لنسلها لا يتعدى عينة عشوائية صغيرة ولهذا السبب أيضا، فإن الذى يورث من التباين الوراثى التفوقى هو جزء صغير عشوائى.

إن الفروق فيما بين التباين الوراثى بمكوناته الثلاث التجميعى، السيادى، والتفوقى وكيفية انتقالها لها أهميتها على المستوى العملى ذلك لأن برامج التربية المختلفة يتم ممارستها بهدف استغلال هذه المكونات من التباين الوراثى علاوة على ذلك، فإن القدر النسبى من التباين المظهرى الذى يمكن أن ينسب لتلك المكونات من التباين الوراثى، يحدد نمط برنامج التربية الذى يمكن إتباعه وكذا فاعليته المتوقعة فى تحسين الصفة.

إن التباين الوراثى التجميعى والتباين الوراثى السيادى هما أكثر المكونات الوراثية أهمية علما بأن معظم مربوا الأسماك يفترضون عدم أهمية التباين الوراثى التفوقى. وقد بنى هذا الإفتراض نتيجة صعوبة التجريب أو الإنتخاب لتوليفات أليلات فى ظل عدم المعرفة بما هو المرغوب من هذه التوليفات ذلك بالإضافة إلى أن التحسن الذى يمكن تحقيقه من خلال الإنتخاب للتأتيرات التفوقية epistalia هى إما قليلة أو يتم الوصول سريعا لنهاية الإنتخاب plateaus . أما بالنسبة للتباين الوراثى التجميعى أو التباين الوراثى السيادى فهما على طرفى نقيض. فأولهما (التباين الوراثى التجميعى) هو نتاج أليلات، وبالتالى فهو نتاج للحالة المفردة للكروموسوم haploid state ذلك فى حين أن التباين الوراثى السيادى فهو نتاج أزواج الأليلات، أى هو نتاج الحالة المزدوجة للكروموسوم ploid . تنتج الأمهات جاميطات أحادية الكروموسوم، وبذا تستطيع نقل التأثير الوراثى التجميعى إلى نسلها، ولكنها لن تستطيع نقل تأثيرها السيادى الذى يتحطم أثناء الإنقسام الميوزى. يتكون التأثير الجينى السيادى فى كل زيجوت بعد الإخصاب. ولهذا، فإن التأتير التجميعى هو نتاج كل من الأبوين، بينما التأثير السيادى هو نتاج تزاوجات محددة. ولأن التأثيرات التجميعية تنتفل من الأب إلى نسله، فإن التباين الوراثى التجميعى عادة ما يطلق عليه تباين القيم التربوية

.“Variance of Breeding Values"

ولأن التباين الوراثى التجميعى ينتقل من الأباء إلى نسلها، فإن الإنتخاب هو برنامج التربية الذى يستخدم لإكتشاف هذا المكون من التباين بهدف تحسين العشيرة. ولأن التباين الوراثى السيادى لا يورث ولكنه صنيعة التزاوج، فإن التهجين يصبح برنامج التربية الذى يستخدم لإستغلال مكون التباين هذا فى تحسين العشيرة.

المكافئ الوراثى (مكافئ التوريث): نظرا لأن إنتقال التباين الوراثى التجميعى من الأباء إلى نسلها يتم بأسلوب يمكن توقعه ويعتمد عليه، فإنه إذا أمكن معرفة النسبة المئوية للتباين المظهرى التى تعود إلى التباين الوراثى التجميعى، فإن المزارع يمكنه أن يتنبأ بحجم التحسين الذى يمكن تحقيقه كنتيجة للإنتخاب، ويمكنه حتى تعديل أسلوب الإنتخاب لتحقيق قدر سبق تحديده من التحسين لكل جيل.

إن القدر النسبى للتباين الوراثى التجميعى يسمى بالمكافئ الوراثى الذى يمكن تقديمه طبقا للمعادلة الآتية:

h² = VA/VP

حيث h² هو رمز لمكافئ التوريث، VA هو التباين الوراثى التجميعى و VP هو التباين المظهرى يعبر عن مكافئ التوريث كنسبة مئوية تتراوح من الصفر- 100 ه/ه أو من الصفر- 1. ولهذا، فإن مكافئ التوريث يقيس النسبة المئوية للتباين المظهرى الذى يورث بأسلوب منتظم.

إن السبب الرئيسى لتحديد المكافئ الوراثى لصفة كمية هو إمكانية إستخدامه للتنبؤ بنتيجة برنامج الإنتخاب الوراثى مستخدمين المعادلة التالية:

Sh² = R

حيث تشير R إلى الإستجابة للإنتخاب (المكسب لكل جيل)، و S تشير إلى الفارق الإنتخابى (تفوق الأسماك المنتخبة بالنسبة لمتوسط العشيرة، ويتم الحصول عليه بطرح متوسط العشيرة من متوسط الأمهات المنتخبة)، و h² هو مكافئ التوريث. يوضح الجدول رقم 4 كيف يمكن إستخدام مكافئ التوريث للتنبؤ بالإستجابة للإنتخاب.

جدول رقم 4. كيفية التنبؤ بالعائد من الإنتخاب إذا ما كان المكافئ الوراثى h² لصفة ما معلوما. فى هذا المثال، سوف نتنبأ بالإستجابة للإنتخاب لزيادة الطول ثم نقوم بحساب متوسط الطول المتوقع للجيل الثانى.

توضح المعادلة السابقة بشكل مؤكد أن المكافئ الوراثى هو العامل الذى يحدد النسبة المنوية من الفارق الإنتخابى الذى يمكن إكتسابه من خلال الإنتخاب. وبمعنى آخر، حدود المكسب الذى يمكن الحصول عليه. وبوجه عام، فإن مكافئ التوريث فى حدود 0،25 يشير إلى أن الإنتخاب سوف يكون عائده جيدا، فى حين يتوقع عدم فعالية الإنتخاب إذا ما تراوح مكافئ التوريث حول 0،15 أو أقل. كما يعتبر مكافئ التوريث كبيرا إذا ما وصل إلى 0،3 أو تجاوز ذلك.

وعلى الرغم من فائدة التعرف على مكافئ التوريث للصفة الكمية قبل تنفيذ برنامج الإنتخاب الوراثى، فإن هذا الأمر ليس حتميا. إذا ما عرف مكافئ توريث ما، فإنه يمكن إستخدامه للتنبؤ بالمكسب، أو يستفاد به فى تضبيط الفارق الإنتخابى اللازم لتحقيق عائد إنتخابى مستهدف، أو للإشارة إلى عدم جدوى برنامج الإنتخاب لدرجة إحتمال صرف النظر عنه. يوضح الجدول رقم 5 كيفية إستخدام مكافئ التوريث فى تعديل الفارق الإنتخابى حتى يمكن تحقيق نتائج مستهدفة للإنتخاب.

وليس ضروريا فى غالب الأحيان القيام بتقدير مكافئ التوريث، ذلك لأن المعلومات الخاصة بذلك متاحة ومنشورة وفى متناول اليد. هناك المئات من مكافئ التوريث التى تم تقديرها فعلا لصفات مثل معدل النمو، معامل تحويل الغذاء، المقاومة للأمر اض، الخصوبة، حجم البيض، عدد البيض، معدل التصافى، تكوين الجسم، وتحمل المبيدات وذلك لكثير من أسماك الإستزراع الهامة. إن قيمة مكافئ التوريث المنشورة ربما ليست هى نفسها الكائنة فى الأسماك المستزرعة، ذلك لأن التوريث له خصوصيته التى تتعلق بالأسماك الجارى تقييمها كما يتأثر بنمط الإستزراع الذى إستخدم فى التجربة، هذا وإن كانت قيم التوريث المنشورة سوف تكون مشابهة لتلك القيم فى معظم العشائر. يتضمن الجدول رقم 6 بعضا من مكافئ التوريث التى تم تحديدها فى أسماك الكارب العادى والبلطى.

جدول رقم ه. كيفية إستخدام مكافئ التوريث h² للصفة المظهرية لتضبيط الفارق الإنتخابى حتى يمكن الحصول على ما أستهدف من الإستجابة المستهدفة للإنتخاب.

 

دور البيئة فى التعبير عن الصفة

على الرغم من أن الجينات هى المخطط التى تستخدم فى إنتاج الطرز المظهرية، فإنها تنتج هذه الصفات فى إقتران مع البيئة. إن للبيئة تأثيرها فى إنتاج جميع الصفات، وإن كانت الصفات الكمية تتأئر بالمتغيرات البيئية بصورة أكبر من الصفات الوصفية. إذا لم تتمكن سمكة ما من الحصول على إحتياجاتها من العناصر الغذائية الأساسية، فإنه لن يمكنها إنتاج بروتينات معينة، وبالتالى فلن تتمكن السمكة من إنتاج صفة مظهرية محددة. ويصبح الأمر هذا صحيحا مع الصفات الوصفية التى تعتمد على صبغات تعجز الأسماك عن تخليقها فمثلا، يضيف مزارعوا الأسماك فى المنطقة الاستوائية مختلف الصبغات النباتية إلى أعلاف أسماك الزينة وذلك لتحسين لونها كما يضيف مزارعوا أسماك السالمون الصبغات إلى العلائق بهدف إنتاج لحوم وردية بدلا من البيضاء. تتراوح العوامل البيئية التى تؤثر فى الصفات الكمية من تلك العوامل الواضحة، مثل معدلات التخزين وجودة الغذاء، إلى تلك التى يصعب الإحساس بها والتى عادة ما لا يتم إعتبارها والتى منها عمر الأنثى، حجم الأنثى، تاريخ التبويض، حجم حبيبات الغذاء، وممارسات التغذية. حتى وإن كانت البيئة تلعب دورا كبيرا فى إنتاج صفة كمية، فإن الدور الذى تلعبه ليس أساسيا فى نجاح برنامج التربية طالما كانت البيئة واحدة لجميع الأسماك. عند تنفيذ برنامج إنتخاب وراثى يستهدف تحسين صفة كمية، فإنه من المحتم إمكانية السيطرة على المتغيرات البيئية ومنع تباينها فيما بين الأفراد، العائلات والأحواض. أما إذا تعذر السيطرة على هذه العوامل البيئية، فإنها سوف ت ؤ ثر على التعبير المظهرى بدرجات متفاوتة، ولن يعرف المزارع ما إذا كانت أسماكه المنتخبة هى الأفضل بسبب تفوقها الوراثى أو لأنها حظيت ببيئة أفضل والفرق كبير فى هذا الأمر، لأن الأسماك المتفوقة وراثيا هى فقط التى يمكنها نقل تفوقها إلى نسلها، والذى هو هدف لجميع برامج الإنتخاب الوراثى.

جدول رقم 6 . مكافئ التوريث h² لبعض الصفات الظاهرية فى الكارب العادى، البلطى النيلى، البلطى الأزرق (الأوريا)، و البلطى الموزمبيقى. إن وجود قيم مختلفة لمكافئ التوريث لصفة مظهرية (على سبيل المثال، وزن الكارب العادى عند عمر العام) يرجع إما لأن تحديد مكافئ التوريث قد قام به باحثون مختلفون أو لإحتمال أن يكون قد تم فى عشائر مختلفة من الأسماك أو لأن هذه الأسماك تمت تربيتها تحت ظروف مختلفة. إن مكافئ التوريث المحقق realized heritability هو ذلك الذى تم تحديده من برنامج إنتخاب وراثى.

الصفحة السابقةاعلى هذه الصفحةالصفحة التالية