الصفحة السابقةالمحتوياتالصفحة التالية

 

الفصل الثالث

البرازيل )

أولا - مقدمة

تمثل المنتجات الزراعية نحو 30 في المائة من إجمالي حصيلة الصادرات في البرازيل. وتعد البرازيل أكبر منتج للبن والسكر (من القصب) في العالم وأحد أكبر البلدان المنتجة لمنتجات فول الصويا، وعصير البرتقال، والكاكاو، واللحم البقري، والتبغ، والقطن. وبناء عليه وباعتبارها عضوا في مجموعة دول كايرينز، لعبت البرازيل دورا نشطا في المفاوضات الخاصة بالزراعة في جولة أوروغواي.

وقبل إنشاء منظمة التجارة العالمية، كانت البرازيل قد نفذت من جانب واحد سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية وتابعت هذه الإصلاحات بعد ذلك في سياق إقليميي، مع قيام السوق المشتركة للجنوب في 1995. وفي السنوات السابقة على ذلك، كانت أسعار المنتجات الزراعية والإنتاج تخضع لتدخلات شديدة من جانب الحكومة. وقد أظهرت دراسات كثيرة أن هذا الموقف السابق إزاء الزراعة، والسياسات الاقتصادية العامة قد أسفر عن تعرض القطاع الزراعي لضرائب ضمنية صافية. بيد أن هذا الموقف تغير بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة مع وجود هيكل للحوافز من المعتقد أنه لا يحابي قطاعات معينة على حساب القطاعات الأخرى.

ورغم أن عمليه التصنيع تمضي بخطى سريعة، فلم تفقد الزراعة أهميتها، إذ هى تمثل نحو 11 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي وتوفر نحو 25 في المائة من مجموع فرص العمل. وبإضافة جميع الأنشطة المرتبطة بالزراعة، يمثل القطاع الزراعي 35 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. ولقد حقق هذا القطاع نموا كبيرا جدا: ففي التسعينات، ارتفع إجمالي الإنتاج الزراعي (عند حسابه بالأسعار الثابتة) بنسبة 40 في المائة تقريبا. ومع ذلك، فإن عملية التحول لم تكن بلا متاعب. ومازالت البرازيل تشهد تحولات كبيرة تؤدي إلى زيادة الأعباء الاجتماعية في العديد من الحالات. ويعد ارتفاع المديونية بالمناطق الريفية، وارتفاع درجة التفاوت في الدخل بين صغار وكبار المزارعين، واستمرار الفقر والافتقار إلى الأمن الغذائي من بين الأعباء الانتقالية المترتبة على تدابير الإصلاح والتحولات الاقتصادية. وقد برز الإصلاح الزراعي كإحدى القضايا الرئيسية. وهناك توافق فى الآراء بين قطاع واسع من السياسيين على وجود فوائد اجتماعية صافية لعملية تحرير تجارة المنتجات الزراعية رغم الأعباء الاجتماعية التي يجب أن تتعامل معها الحكومة من خلال برامج المساعدات التي تهدف إلى التخفيف على الفئات المتضررة خلال المرحلة الانتقالية.

 

ثانيا - تجربة تنفيذ اتفاقية الزراعة

2 – 1 النفاذ إلى الأسواق

قبل جولة أوروغواي، كانت البرازيل قد ربطت الرسوم الجمركية على 5 في المائة فقط من جميع بنود التعريفة الجمركية على المنتجات الزراعية (6 في المائة على جميع المنتجات). وفي جولة أوروغواي تم ربط جميع التعريفات الجمركية الزراعية في حدود ما بين صفر-55 في المائة، مع تطبيق المعدلات القصوى وهي إما 35 في المائة أو 55 في المائة على معظم المنتجات. وبذلك كان المتوسط البسيط للمعدلات المربوطة على 24 مجموعة سلعية من المنتجات الزراعية الرئيسية التي يشملها النظام المنسق للرسوم الجمركية تتجاوز نسبة 40 في المائة في خمس مجموعات، هي: منتجات الألبان (الفصل 4 من النظام المنسق)، والحبوب (الفصل 10)، ومنتجات المطاحن (الفصل 11)، ومنتجات اللحوم المجهزة (الفصل 16)، والمشروبات الخفيفة والكحولية والخل (الفصل 22). وكان المتوسط البسيط لمعدلات التعريفة الجمركية المربوطة على جميع المنتجات الزراعية هو 36 في المائة(2).

ولقد كانت المعدلات المطبقة منذ 1995 أقل بكثير من المعدلات المربوطة. ففي 1996 كان المتوسط البسيط للمعدلات المطبقة على جمع المنتجات الزراعية هو 11 في المائة، في حين كانت المعدلات المربوطة بنسبة 36 في المائة. وكانت الرسوم الجمركية المطبقة على بعض مجموعات المنتجات أعلى نسبيا من ذلك، وهي منتجات الألبان (التي كان معدل التعريفة الجمركية المطبقة عليها بنسبة 16 في المائة في المتوسط)، ومنتجات اللحوم (16 في المائة)، والسكر (17 في المائة)، والكاكاو ومنتجات الكاكاو (16 في المائة)، ومنتجات الحبوب (17 في المائة). والمعتاد هو أن تكون المعدلات المطبقة أدنى من المعدلات المربوطة بما يتراوح بين الثلث والخمس (أنظر الجدول 1).

وترجع الأوضاع الحالية إلى عاملين رئيسيين. أولهما، أن تحرير تجارة المنتجات الزراعية كان جزءا من إصلاحات اقتصادية أوسع أخذت بها البرازيل حتى قبل قيام منظمة التجارة العالمية (3). وعلى سبيل المثال، نفذت البرازيل في 1990 برنامجا جديدا لإصلاح التعريفات الجمركية أدى إلى خفض متوسط التعريفات الجمركية من 36 في المائة إلى 14 في المائة خلال ثلاث سنوات. كذلك أدى تنفيذ قواعد السوق المشتركة للجنوب إلى فرض قيود أخرى على هيكل التعريفات الجمركية المطبقة في البرازيل. وعلاوة على ذلك، كان الحرص على الإبقاء على معدلات التضخم منخفضة، وخصوصا بالنسبة للمنتجات الغذائية، يمثل أحد أهداف السياسات التي طبقتها الحكومة عن عمد للإبقاء على الأجور منخفضة في القطاع الصناعي إبان ذروة عملية التصنيع.

 

 

وقد أدى تطبيق البرازيل للتعريفة الخارجية المشتركة في إطار السوق المشتركة للجنوب في يناير / كانون الثاني 1995 إلى تحريك عملية إصلاح وخفض التعريفات الجمركية خطوة أخرى إلى الأمام. إذ تقضي التعريفة الخارجية المشتركة، بأن تتراوح جميع التعريفات بين صفر و 20 في المائة، وأن تكون بحسب القيمة، وتطبق على القيمة "سيف ". وقد استفادت البرازيل، شأنها شأن بقية الدول الأعضاء في السوق المشتركة للجنوب، من نظام الأستثناءات من التعريفة الخارجية المشتركة، بما في ذلك الاستثناءات الممنوحة لكثير من المنتجات الزراعية، وخصوصا المواد الغذائية.

وفيما يتعلق بالتزامات النفاذ إلى الأسواق، فقد فتحت البرازيل حصصا للتعريفة المجمركية في جولة أوروغواي للتفاح، والكمثرى والقمح. وبلغت الحصة بالنسبة للتفاح والكمثرى 10000 طن وكان معدل التعريفة الجمركية المطبقة على الحصص هو 15 في المائة. وأبلغت البرازيل لجنة الزراعة بمنظمة التجارة العالمية بأن حصص التعريفة الجمركية لم تعلن بالنسبة للكمثرى والتفاح خلال الفترة 1995-1998 لأن تعريفة الدولة الأولى بالرعاية التي تطبقها السوق المشتركة للجنوب كانت تقل من التعريفة المطبقة على الحصص وهي 15 في المائة. وبالنسبة للقمح، بلغت حصة التعريفة الجمركية 750000 طن معفاة من الرسوم الجمركية، ولكن هذه الحصة لم تطبق لأسباب إدارية (فقد كانت البرازيل قد تقدمت خطوات في سبيل تحرير تجارة القمح من القواعد والضوابط). وعلى أي حال، فقد قيل إن حصة القمح صغيرة مقارنة بواردات البرازيل التي تصل إلى نحو 4 ملايين طن سنويا. وفي سبتمبر/ أيلول 1997، أعلنت البرازيل أنها تعتزم سحب حصص التعريفة الجمركية الخاصة بالقمح، وأنها تتفاوض في هذا الشأن مع عضوين من أعضاء منظمة التجارة العالمية بموجب المادة الثامنة والعشرين من اتفاقية الجات.

ولما لم تكن البرازيل قد أعلنت تطبيق عملية التعرفة في جولة أوروغواي، لم يكن بوسعها الاستفادة من أحكام التدابير الوقائية الخاصة التي تنص عليها اتفاقية الزراعة. ورغم أنه كان بوسعها أن تلجأ إلى تدابير مكافحة الإغراق وتدابير الرسوم الجمركية المقابلة في عدد من الحالات، فقد كان من الأيسر اللجوء إلى التدابير الوقائية الزراعية لو أن ذلك كان بوسعها.

وعموما، لا تواجه البرازيل متاعب كبيرة في الامتثال للقواعد التي تنص عليها اتفاقية الزراعة وفي التقيد بالتزاماتها الخاصة بالتعريفة الجمركية. ومع ذلك، فقد كان من بين الصعوبات التي نشأت أن معدل التعريفة الجمركية المشتركة في إطار السوق المشتركة للجنوب بالنسبة لبعض المنتجات كان أعلى من المعدل الذي ارتبطت به البرازيل أمام منظمة التجارة العالمية، وكان ذلك يمثل خرقا للالتزامات في إطار اتفاقية الزراعة. وقد أثيرت هذه القضية في لجنة الاتفاقيات التجارية الإقليمية التابعة لمنظمة التجارة العالمية في 1996، حيث تعهدت البرازيل بالتفاوض بشأن هذه التعريفات من جديد مع أعضاء منظمة التجارة العالمية الذين يهمهم الأمر، موضحة أن معدلات التعريفة الجمركية المشتركة لن تطبق حيثما تكون أعلى من المعدلات التي ارتبطت بها البرازيل أمام منظمة التجارة العالمية. كذلك ترتبط بعض المشكلات المتصلة بالتعريفة الجمركية المشتركة بان أعضاء السوق المشتركة للجنوب لم يتفقوا بعد على سياسة زراعية مشتركة معينة- وهي السياسة التي تعد من المقتضيات المعتادة لقيام اتحاد جمركي. و أخيرا، كان من الضروري أحيانا زيادة التعريفات الجمركية لمواجهة مشاكل محددة تواجه قطاعا معينا، إما لأسباب محلية أو لتغير الأسعار في السوق العالمية نتيجة للمنافسة الحادة من جانب الواردات.

 

2 - 2 الدعم المحلي

يوضح الجدول 2 حجم الإنفاق على تدابير الدعم المحلي، التي أبلغت لمنظمة التجارة العالمية عن فترة الأساس (1986-1988). ويتضح من هذه البيانات أن نحو 73 في المائة من مجموع الإنفاق كانت على تدابير الصندوق الأخضر، يليه الإنفاق على مقياس الدعم الكلى السلعي (14 في المائة)، ثم المعاملة الخاصة والتفضيلية (9 في المائة)، ثم مقياس الدعم الكلي غير السلعي (4 في المائة).

 

 

وقد أنفقت نسبة 75 في المائة من مجموع الإنفاق على تدابير الصندوق الأخضر على الخدمات العامة (مثل البحوث)، و 9 في المائة على الإدارة و التخطيط، و 6 في المائة على المظمات الزراعية، و 4 في المائة على التأمين الزراعي، و 4 في المائة على حماية الموارد و البيئة. ومنذ ذلك الحين، شهدت برامج الدعم الزراعي تغيرين رئيسيين، أولهما أن إجمالي الإنفاق على الدعم المحلي انخفض بشكل ملحوظ؛ ففي 1995/1996 بلغ 53 في المائة من مستوى 1986-1988، وفي 1996/1997 بلغ 45 في المائة فقط (الجدول 3). ثانيا حدث تغير ملحوظ في توزيع الإنفاق. فقد ألغي تماما عدد من تدابير الدعم المتنوعة التي كانت تمثل 21 في المائة من مجموع الإنفاق على الدعم المحلي في 1986-1988. ونتيجة لذلك، بلغ عدد الأنواع الواسعة لتدابير الدعم ثلاثة أنواع فقط في 1995/1996 و أربعة أنواع في 1996/1997. وكان اثنان من أنواع تدابير الدعم الجديدة هما دعم الاحتفاظ بمخزونات عامة للأمن الغذائي والمعونة الغذائية المحلية. ومن الجدير بالملاحظة أنه رغم أن المعونة الغذائية المحلية كانت تمثل ما يقرب من 40 في المائة من مجموع الإنفاق على الدعم المحلي في 1995/1996، فإن المبلغ الذي أنفق على ذلك في السنة التالية كان أقل كثيرا ن ذلك بالأرقام المطلقة و النسبية على السواء.

 

 

كان الإخطار الأصلي الذي أبلغته البرازيل لمنظمة التجارة العالمية بشأن مقياس الدعم الكلي السلعي يشير إلى أن الدعم ينفق على 22 محصولا. وخلال السنتين الأخيرتين اللتين تتوافر بيانات بشأنهما، كان مستوى الدعم أقل كثيرا مما كان عليه في فترة الأساس؛ ففي 1995-1996 كان يمثل 20 في المائة فقط من مستوى فترة الأساس، وفي 1996-1997 كان يمثل 16 في المائة فقط. وتعد مستويات مقياس الدعم الكلي الجارية أقل بنسبة 30 في المائة من مستويات الحد الأقصى التي التزمت بها البرازيل (الجدول 4). وبمعنى آخر، لا تكاد البرازيل تكون قد استفادت من المرونة الكبيرة التي توفرها لها أحكام اتفاقية الزراعة لتتقديم الدعم للمزارعين. وتتفق هذه التخفيضات الكبيرة في نفقات الدعم مع التغيرات الشاملة التي بدأ ادخالها على السياسات الأقتصادية في أواخر الثمانينات. وعلى سبيل المثال، كانت الحكومة في الماضي تشتري كميات كبيرة من المنتجات الغذائية بموجب برنامج الحد الأدنى المضمون لأسعار التوريد. كذلك فإن آلية تحديد الإفراج عن المخزونات التي تحدد الحد الأدنى والحد الأقصى للأسعار، والتي كان قد بدأ العمل بها في 1988، صرف النظر عنها في 1993 نظرا لقلة الموارد، كما ألغيت مجالس السكر، والبن، والكاكاو، والقمح (4) في 1990. وهذا يفسر الانخفاض الحاد في مقياس الدعم الكلي بالنسبة للبن، وفول الصويا، والأرز والقمح.

 

(1) الشعير، و الفاصوليا الشمعية البرازيلية، والكاشونات، والكسافا، وزيت الخروع، والقطن، والفول، والثوم، والعنب، والجوت، والقرطم، والفول السوداني، والشيلم، والسيزال، والذرة الرفيعة.

المصدر: أنظر الجدول 3.

 

ويوضح الجدول 5 الحالة بالنسبة لمقياس الدعم الكلي غير السلعي. ففي فترة الأساس، كانت ضريبة الدخل التي تضيع ضمنيا على الحكومة تمثل 77 في المائة من المجموع، تليها التسهيلات الائتمانية الإنتاجية (20 في المائة). وكانت أهم التغيرات الملحوظة حدوث انخفاض حاد في قيمة ضريبة الدخل التي كانت تضيع على الحكومة والتي كانت نسبتها 70 في المائة فيما بين 1986-1988 و 1996-1997، إلى أقل من مستوى الحد الأدنى المسموح به للبلدان النامية وهو 10 في المائة.

 

 

وأخيرا، يوضح الجدول 6 حجم الإنفاق على فئة المعاملة الخاصة والتفضيلية. ولقد كانت التسهيلات الائتمانية التي تقدم لأغراض الاستثمار الزراعي- وهى التي تخصص لها البرازيل برنامجا كبيرا- تمثل 76 في المائة من المجموع في فترة الأساس. وكما هو الحال بالنسبة لأنواع التدابير الأخرى، انخفض مجموع الإنفاق على المعاملة الخاصة والتفضيلية في 1995-1996 إلى 30 في المائة من مستوى 1986-1988، وكان الإنفاق أكثر قليلا من ذلك في 1996-1997. ويدل ذلك أساسا على التغيرات التي طرأت على السياسات الزراعية في البرازيل في السنوات الأخيرة مع مراعاة أن الإنفاق على المعاملة الخاصة والتفضيلية مستثنى من التزامات الخفض.

 

 

ورغم الامتثال الكامل لأتفاقية الزراعة، وجِهت إلى البرازيل أسئلة معينة في لجنة الزراعة التابعة لمنظمة التجارة العالمية. فقد تساءل بعض الأعضاء: كيف يمكن أن تندرج بعض تدابير الصندوق الأخضر التي أبلغت إلى منظمة التجارة العالمية ضمن تلك الفئة، واستشهدوا على ذلك ببعض التدابير مثل برامج الإنتاج النباتي والحيواني والإنتاجية ودرجة الجودة وإنتاج البذور المحسنة وتسويقها، والمساعدات الاجتماعية لعمال الزراعة، وخدمات الميكنةالتي تقدم للمزارعين ذوي الدخل المنخفض، ونظام التخزين والصوامع من أجل تحسين توزيع المنتجات الزراعية، والرعاية الاجتماعية لعمال الريف.

كذلك أثيرت أسئلة عن النفقات المتصلة بالاحتفاظ بالمخزونات لأغراض الأمن الذاتي وعن المعونة الغذائية المحلية. وعلى سبيل المثال، تساءل الأعضاء عما إذا كان عنصر دعم الأسعار في البرنامج محسوبا ضمن مقياس الدعم الكلي المبلغ إلى منظمة التجارة العالمية، وما إذا كان التدبيران اللذان لم يكونا مطبقين في فترة الأساس سوف يبلغان إلى المنظمة ضمن السياسات الجديدة أو المعدلة.

كذلك سئلت البرازيل عن كيفية تعريف "الإنتاج المستوفي لشروط الدعم" في حساب مقياس الدعم الكلي، وكان ردها على ذلك هو أن 111 "الإنتاج المستوفي لشروط الدعم" هو الإنتاج الذي تنطبق عليه سياسة دعم الأسعار وبالتالي فهو لا يغطي جميع الإنتاج. وتساءل بعض الأعضاء عما إذا كانت الصناعة قد حصلت على أي حوافز من أجل إنتاج الكحول المستخدم في أغراض الوقود، وإذا كان الأمر كذلك، هل كان هناك ما يضمن عدم استفادت منتجي السكر أيضا من هذه الحوافز. وكان ردها على ذلك هو أنه لا وجود لمثل هذه الحوافز وبالتالي لا يوجد احتمال لحدوث دعم مزدوج. كذلك أثار "برنامج علاوات زيادة الإنتاجية" في البرازيل اهتماما كبيرا، وكان الاهتمام الرئيسي يتصل بمدى الشفاف فيما يتعلق بتدفق الإعانات على المنتجين.

وباختصار، توضح تجربة البرازيل في هذا المجال أنه ليست هناك حتى الأن قضايا ذات طابع خاص فيما يتصل باتفاقية الزراعة. وقد كان الإنفاق على التدبيرين اللذين يخضعان للضوابط (مستويات مقياس الدعم الكلي) أقل كثيرا من الحد الأقصى الذي التزمث به البرازيل. ومع ذلك فإن طبيعة ومجال الأسئلة التي أثيرت في لجنة الزراعة تشير إلى المجالات التي قد تواجه البرازيل صعوبات فيها في السنوات المقبلة ولذلك فإنها ستكون من بين القضايا المثيرة للاهتمام في المفاوضات المقبلة التي ستجريها منظمة التجارذ العالمية بشأن الزراعة.

 

2 - 3 دعم الصادرات

أعلنت البرازيل، أئناء جولة أوروغواي، أن دعم الصادرات المخصص ل16 منتجا أو مجموعة من المنتجات، والذي كان يبلغ في فترة الأساس (1986-1990) 96 مليون دولار في المتوسط سنويا، سوف يتم تخفيضه بنسبة 24 في المائة ليصل إلى 73 مليون دولار بحلول عام 04 20. ويمثل الإنفاق على دعم السكر نحو 60 في المائة من المجموع، يليه الفواكه والخضر المجهزة (21 في المائة)، وبقية قيمة الدعم موزعة على المنتجات الأخرى الأربعة عشر (الجدول 7). وتعكس كميات الإنتاج المدعوم هذا التوزيع بصفة عامة.

 

 

ورغم أن البرازيل اختارت مواصلة الدعم (بمستوى منخفض)، فإنها لم تمنح أي دعم للصادرات الزراعية خلال فترة التنفيذ. كذلك فقد ألغت بعض التدابير التي كانت قد أبلغت عنها في جداول الالتزامات الأصلية، مثل الإعفاء الضريبي لمجموعة مختارة من المنتجات المجهزة والمبيعات من المخزونات الحكومية. أما ضوابط الصادرات التي كانت تطبق من حين لآخر في الماضى، كما كان يحدث بالنسبة لفول الصويا ومنتجاته، والدُرة والقطن، فقد ألغيت في 1989. وهكذا، تكون البرازيل قد تقيدت بالتزاماتها في هذا المجال، بل وتجاوزت ما تعهدت به.

وفي ضوء ما سبق، لم تواجه البرازيل أسئلة كثيرة في لجنة الزراعة بمنظمة التجارة العالمية. فقد تساءل بعض الأعضاء عن السبب الذي جعلها لا تدعم الصادرات رغم أن ذلك كان بإمكانها. وكان الرد على ذلك هو أن السياسة لم يطرأ عليهـا أي تغيير، وأنه لم تعد هناك حاجة إلى الدعم في الوقت الحاضر، ومع ذلك فمن الممكن تقديم الدعم للصادرات في المستقبل إذا لزم الأمر. كذلك طلب بعض الأعضاء إيضاحات عما إذا كانت بعض حوافز التصدير التي أبلغتها البرازيل إلى لجنة الإعانات وتدابير الرسوم الجمركية المقابلة التابعة لمنظمة التجارة العالمية، مثل التغاضي عن رسوم الاستيراد أو خفضها، تنطوي على تقديم دعم للصادرات الزراعية. وكان الرد على ذلك هو أن برنامج حوافز التصدير ألغي بالتدريج وأنه على أي حال لم يكن يغطي الصادرات الزراعية.

وعلى النقيض من ذلك، وتمشيا مع موقف أعضاء مجموعة كايرينز، لعبت البرازيل دورا نشطا في لجنة الزراعة بمنظمة التجارة العالمية خلال المناقشات التي جرت بشأن دعم الصادرات، وذكرت بكل وضوح أنها تود إلغاءه وأعربت عن قلقها إزاء الأسلوب المطبق في ترحيل دعم الصادرات الذيِ لا يستخدم إلى السنوات التالية. كذلك حثت البرازيل بقوة على تنظيم استخدام التسهيلات الائتمانية التي تقدم للصادرات.

 

ثالثا- تجربة البرازيل في مجال تجارة المنتجات الغذائية والزراعية

3 – 1 تجارة المنتجات الزراعية

سجل مجموع الصادرات الزراعية زيادة خطية بمعدل 235 مليون دولار في السنة خلال الفترة 1985-1994، بل كانت الزيادة أسرع من ذلك في 1995 (الشكل 1). وكان متوسط قيمة الصادرات الزراعية في الفترة 1995-1998 (وهو 14.7 مليار دولار) أعلى بنسبة 53 في المائة في الفترة 1990-1994، وأعلى بنسبة 34 في المائة من القيمة المستقرأة استنادا إلى الاتجاه (الجدول 8). وخلال الفترة1985-1994 سجلت الواردات الزراعية أيضا ارتفاعا حادا وبقيت على هذه المستويات المرتفعة بعد ذلك. وكان متوسط قيمة الواردات الزراعية في الفترة 1995-1998 أعلى بنسبة 105 في المائة مما كانت عليه في الفترة 1990-1994 وأعلى بنسبة 48 في المائة من القيمة المستقرأة استنادا إلى الاتجاه. وتتمتع البرازيل بفائض كبير في الصادرات الزراعية، بلغ نحو 8.5 مليار دولار في المتوسط في الفترة 1995-1998(كانت الواردات تمثل 35 في المائة فقط من الصادرات).

 

 

وانعكاسا لهذه التطورات، كان صافي الصادرات الزراعية يتأرجح بشكل ملحوظ خلال الفترة 1985-1994 (الشكل 1). فقد كان الاتجاه العام بالسالب خلال الفترة 1985-1994، وإن كان بدرجة متواضعة. وفي الفترة 1995-1998، كان صافي الصادرات أعلى بنسبة 29 في المائة مما كان عليه في الفترة 1990-1994، وبنسبة 26 في المائة من المستوى المستقرأ استنادا إلى الاتجاه.

 

الشكل 1: تجارة المنتجات الزراعية، في الفترة 1985-1998 (بمليارات الدولارات، تمثل الخطوط السميكة القيمة الفعلية، وتمثل الخطوط الرفيعة الاتجاه في الفترة 1985-1994، والقيمة المستقرأة حتى عام 1998)

المصدر: قاعدة البيانات الإحصائية (FAOSTAT) التي تحتفظ بها منظمة الأغذية والزراعة

 

ويلخص الجزء المتبقي من هذا الفصل تجربة البرازيل في مجال تجارة الصادرات الزراعية الرئيسية كل على حدة.

استمر النمو السريع الذي شهدته تجارة فول الصويا ومنتجاتها خلال الجزء الأكبر من الثمانينات والتسعينات، واقترن ذلك بزيادة كبيرة في الغلة، مما جعل صادرات البرازيل قادرة على المنافسة في الأسواق العالمية. كذلك ساعد تغيير السياسات على تعزيز الصادرات، وكان من أبرز التغيرات إلغاء قيود الصادرات في أواخر الثمانينات وإلغاء ضرائب الصادرات في 1996. وخلال الفترة 1985-1994، كان اتجاه نمو الصادرات من فول الصويا ومسحوق فول الصويا قويا بينما كان الاتجاه أضعف من ذلك بكثير بالنسبة لزيت فول الصويا. وكان متوسط قيمة الصادرات من منتجات فول الصويا الثالثة مجتمعة، في الفترة 1995-1998، أعلى بنسبة 59 في المائة مما كان عليه في الفترة 1990-1994، وبنسبة 25 في المائة من القيمة المستقرأة من الأتجاه، رغم أن الاتجاه كان إجابيا بدرجة كبيرة (الجدول 9). وقد ارتفعت حصيلة الصادرات نظرا لزيادة الكميات المصدرة وارتفاع أسعار التصدير. ومن المثير للانتباه أن أداء الصادرات كان قويا جدا بالنسبة لزيت فول الصويا رغم أنه يواجه تعريفات جمركية في جميع أسواق الاستيراد الرئيسية (المعدل المربوط لدى منظمة التجارة العالمية بالنسبة لعام 2000 هو 13 في المائة في الولايات المتحدة و14 في المائة في اليابان و6 في المائة في الاتحاد الأوروبي)، بينما يدخل فول الصويا ومسحوق فول الصويا هذه الأسواق بدون رسوم جمركية.

وتعد البرازيل منذ فترة طويلة واحدة من أكبر البلدان المنتجة للسكر في العالم، حيث كان إنتاجها في السنوات الأخيرة يمثل 9 في المائة من الإنتاج العالمي، كما إنها تحتل المرتبة الأولي بين البلدان المنتجة لقصب السكر. وكما هو الحال بالنسبة لفول الصويا، كانت زيادة الغلة بنسبة 3 في المائة في المتوسط سنويا في التسعينات من العوامل الرئيسية وراء نمو الصادرات. وقد بلغت قيمهَ صادرات البرازيل من السكر في أوائل الثمانينات نحو 1000 مليون دولار في المتوسط سنويا، وإن كانت قد انخفضت إلى أقل من نصف هذا المستوى في منتصف الثمانينات، ثم عادت إلى الارتفاع الشديد بعد ذلك. وفي الفترة 1995-1998 كانت الصادرات أعلى بنسبة 171 في المائة مما كانت عليه في الفترة 1990-1994، ومع ذلك فرغم هذا الاتجاه الإيجابي القوي كانت الصادرات أعلى بنسبة 92 في المائة من القيمة المستقرأة من الاتجاه (الجدول 9). ونظرا لأن التغير في أسعار التصدير كان طفيفا، كان الجانب الأكبر من الزيادة في حصيلة الصادرات يرجع إلى الزيادة في الكميات التي تم تصديرها.

 

الجدول 9: صادرات المنتجات الزراعية الرئيسية وقيمة الوحدة في الفترة 1990-1994 والفترة 1995-1998 (المتوسط السنوي)

(1) أنظر الملحوظة رقم 1، الجدول 8

المصدر: محسوبة من واقع البيانات بقاعدة البيانات الإحصائية (FAOSTAT) التي تحتفظ بها منظمة الأغذية والزراعة

 

وتعد البرازيل أكبر منتج ومصدر لعصير البرتقال المركز المجمد في العالم، وقد حققت صادراتها رقما قياسيا في النمو. وخلال الفترة 1985-1994، ارتفعت صادراتها بمعدل خطي بلغ 64000 طن سنويا من حيث الحجم و 24 مليون دولار من حيث القيمة. وقد شهدت الغلة نموا مطردا، حيث ارتفعت بنسبة تصل إلى 2 في المائة سنويا منذ 1989 وكان المتوسط السنوي لقيمة الصادرات في الفترة 1995-1998 (وهو 2. 1 مليار دولار) أعلى بنسبه 14 في المائة مما كان عليه في الفترة 1990-1994، وإن كان هذا الرقم أعلى بنسبة 5 في المائة فقط من القيمة المستقرأة من الاتجاه (لأن الاتجاه كان نحو الهبوط). ونظرا لعدم تغير الأسعار كثيرا فيما بين الفترتين، يرجع هذا الأداء الجيد إلى الزيادة في حجم الصادرات.

ومع ذلك فمن غير المرجح أن تستمر هذه الاتجاهات السابقة لعدد من الأسباب. فمن ناحية تواجه صادرات البرازيل من عصير البرتقال المركز تعريفات جمركية مرتفعة في معظم الأسواق المستوردة. ولم يعد الصقيع في فلوريدا يمثل عائقا كبيرا أمام الإنتاج في الولايات المتحدة- وفي الواقع فإن عددا من الشركات العاملة في البرازيل بدأت تنتقل إلى فلوريدا وأصبحت تمثل بالفعل 30 في المائة من إنتاج عصير البرتقال المركز في ولاية فلوريدا؛ كما أن انتشار مرض نخر الحمضيات يحدث تأثيرا مدمرا في معظم أهم المناطق المنتجة في البرازيل؛ وبدأت أذواق المستهلكين تتحول عن العصير المركز إلى العصير الطازج. كما أن ارتفاع الضرائب المحلية وارتفاع تكاليف النقل الداخلي تؤثر على قدرة الصادرات على المنافسة.

وكان التغير طفيفا جدا في حجم صادرات البرازيل من البن الأخضر فيما بين 1985-1987 و 1996-1998. بيد أن حجم الصادرات كثيرا ما يتغير نظرا لتغير الظروف الجوية. وخلال الفترة 1985-1994، كان اتجاه حصيلة صادرات البرازيل من البن في هبوط، وكان ذلك يرجع أساسا إلى انخفاض الأسعار. وقد تحسن أداء الصادرات بعد ذلك. إذ ارتفعت الحصيلة السنوية الصادرات في الفترة 1995-1998 بنسبة 63 في المائة زيادة على ما كانت عليه في الفترة 1990-1994، وبنسبة 114 في المائة زيادة على القيمة المستقرأة من الاتجاه وعلى نقيض ما سبق، كانت الزيادة ترجع أساسا إلى ارتفاع الأسعار وليس إلى زيادة كمية الصادرات.

وتعد لحوم الأبقار والدواجن أهم منتجات اللحوم الرئيسية التي تصدرها البرازيل. وقد تضاءلت الأهمية النسبية للحوم بمرور الوقت، وكان ذلك في صالح صادرات البرازيل من الدواجن التي تضاعف حجمها في الفترة من 1985-1997 إلى 1996-1998. وكان متوسط كميات اللحم البقري التي تم تصديرها في الفترة 1995-1998 أقل بنسبة 18 في المائة مما كان عليه في الفترة 1990-1994، وأقل بنسبة 15 في المائة من القيمة المستقرأة من الاتجاه ومع ذلك فإن قيمة صادرات اللحم البقري لم تتغير كثيرا نظرا لارتفاع أسعار التصدير.

وكان أداء الصادرات من الدواجن أفضل من ذلك بكثير، إذ كان معدل الزيادة حسب الاتجاه حتى 1994 بمقدار 000 31 طن سنويا من حيث الحجم و48 مليون دولار سنويا من حيث القيمة. كذلك ارتفعت أسعار التصدير، وكان من نتائج ذلك أن المتوسط السنوي لحصيلة الصادرات في الفترة 1995-1998 كان أعلى بنسبة 45 في المائة مما كان عليه في الفترة 1990-1994. بل إن الزيادة في كمية الصادرات (26 في المائة) كانت أعلى من الزيادة في أسعار التصدير(15 في المائة). ومع ذلك، فقياسا على القيمة المستقرأة من ا!تجاه لم تحدث زيادة تقريبا في قيمة الصادرات، بينما انخفض متوسط حجمها بنسبة 6 في المائة. وبمعنى آخر، يكون التباطؤ قد أصاب نمو الصادرات عند النظر إلى اتجاه حركة الصادرات خلال الفترة 1985-1994.

ويعد هذا الأداء، رغم الرسوم الجمركية المرتفعة عموما في جميع الأسواق الرئيسية المستوردة دلالة على حدوث نمو سريع في الإنتاجية وبالتالي حدوث تحسن مطرد في الميزة التنافسية. ومن الواضح أن نداء الصادرات كان من الممكن أن يكون أفضل من ذلك لو أن جولة أوروغواي قد أدت إلى تخفيضات في التعريفات الجمركية على منتجات الدواجن.

ويعد القطن من الواردات الرئيسية غير الغذائية التي أثرت على تطور الواردات الزراعية فى السنوات الأخيرة. ولقد كانت البرازيل من كبريات البلدان المصدرة للقطن في السبعينات، ولكنها أصبحت من كبريات البلدان المستوردة منذ منتصف الثمانينات. فقد انخفض إنتاج القطن، خلال الفترة 1989-1998، بمعدل 7 في المائة سنويا، وكان هذا الأنخفاض يرجع بأكمله إلى حدوث انخفاض بنسبة 11 في المائة سنويا في المساحة المزروعة قطنا، إلا أن الزيادة الكبيرة في الغلة بنسبة 5 في المائة سنويا عوضت هذا الأنخفاض في المساحة وتجاوزته. وفي الفترة 1985-1987، بلغ المتوسط السنوي لقيمة واردات البرازيل من القطن 44 مليون دولار فقط، إلا أنه ارتفع بشدة خلال الفترة 1995-1998 ليصل إلى 680 مليون دولار، وبذلك يكون قد ارتفع إلى ما يقرب من ضعف مستوف الواردات في الفترة 1990-1994 (350 مليون دولار).

 

3 - 2 تجارة المنتجات الغذائية (5)

تمثل المنتجات الغذائية نصف مجموع الصادرات الزراعية تقريبا. وقد ارتفع مجموع الصادرات الغذائية بمعدل خطى بلغ 186 مليون دولار سنويا خلال الفترة 1985-1994، وهو تقريبا نفس معدل الزيادة في مجموع الصادرات الزراعية (الشكل 2). وفي الفترة1995-1998، كان متوسط قيمة الصادرات الغذائية أعلى بنسبة 56 في المائة مما كان عليه في الفترة 1990-1994 وبنسبة 32 في المائة من القيمة المستقرأهَ من الأتجاه التصاعدي القوي (الجدول 10).

 

 

وعلى النقيض من الصادرات، تمثل المنتجات الغذائية الجانب الأكبر (نحو 80 في المائة) من الواردات الزراعية. و أهم المنتجات التي تستوردها البرازيل هي القمح و الدقيق ( 23 في المائة من مجموع الواردات الغذائية)، ومنتجات الألبان (11 في المائة)، والأرز (8 في المائة) و الذرة (3 في المائة). ويشمل النصف المتبقي من مجموع الواردات الغذائية مجموعة من المنتجات التي تستوردها البرازيل في صورتها الأولية أو المجهزة، وهذه ترتفع وارداتها ارتفاعا سريعا نظرا لارتفاع الدخول و الانفتاح التجاري النسبي.

وخلال الفترة 1985-1994، ارتفع مجموع الواردات الغذائية بمعدل خطي بلغ 175 مليون دولار سنويا، أي بنفس معدل الصادرات الغذائية. وقد ارتفعت الواردات ارتفاعا حادا منذ عام 1994: ففي الفترة 1995- 1998، ارتفع متوسط قيمتها إلى أكثر من ضعف مستواها في الفترة 1990-1994 (حيث ارتفعت بنسبة 107 في المائة) وكان هذا المتوسط أعلى بنسبة 56 في المائة من القيمة المستقرأة من الاتجاه الذي كان يشهد ارتفاعا قويا (الجدول 10). وهكذا، لم تكن تجربة البرازيل في مجال الواردات الغذائية إيجابية خلال الفترة 1985-1998. ويلخص الجزء المتبقي من هذا الفصل تجربة البرازيل في تجارة أربعة منتجات غذائية رئيسية.

 

الشكل 2: تجارة المنتجات الغذائية في الفترة 1985-1998 (بمليارات الدولارات، تمثل الخطوط السميكة القيمة الفعلية وتمثل الخطوط الرفيعة الائجاه في الفرة 1985-1994 والقيمة المستقرأة حتى عام 1998 )

المصدر: قاعدة البيانات الإحصائية (FAOSTAT) التي تحتفظ بها منظمة الأغذية والزراعة

 

ففي حالة القمح ، انخفضت الوارد ا ت انخفاضا حادا في الثمانينات و ل كنها شهدت زيادة حادة منذ عا م 1989 . وخل ال السنوات العشر من 1985 ا ل ى 1994 ، ارتفعت واردات القمح ( بما في ذلك الدقيق ) بمعدل خط ي بلغ 392000 طن ( 55 مليون دولار ) فى ا لسنة. وكان متوسط قي مته ا في ا لفترة 1 995-1998 أعلى بنسب ة 69 في المائة مما كان عليه فى الفترة 1990 -1994، وأعلى بنسبة 27 في المائة من القي م ة المستقرأة من الاتجا ه وهو الاتجاه الذي كان قويا ( الجدول 11) . و تعد غلة القمح منخفضة عا دة كما أ نها متقلبة نظرا لعدم م لاءم ة الظروف ا لمناخية. وقد استطاعت البرازيل فى الماضي المحافظة على مستوى الإنتاج عن طرلِق تقد ي م إعانات كبيرة للمزارع وعن طر ي ق ا لتدابير الحدودية، ولكن ا لوضع تغ ي ر بشكل جذري في التسعينات وكان من بين الأسباب ا لتي تكمن وراء ذلك تنفيذ قواعد السوق المشتركة للجنوب.

و تشمل منتجات الألبان الرئيسية التي تستوردها الب ر ازيل ال ل بن المجفف، والجبن والزبد. وخل ال الفترة 1985-1994 ، انخفضت وارداتها من منتجات الألبان بمعدل خطي بلغ 000 30 طن، و إن كانت قيمتها قد ارتفعت بمبلغ 10 م لايين دولار، في السنة، نتيجة للارتفاع الحاد في أسعار الواردات. وقد حدث تحول ملحوظ منذ عام 1995 ، وفي الفترة 1995- 1998، بلغت قيمة الواردات 540 مليون دولار في المتوسط سنويا، وبذلك تكون الواردات قد ارتفعت بمقدار ثلاثة أمثال ما كانت عليه في الفترة 1990-1994 وكانت أعلى بنسبهَ 131 في الما ئة من القيمة المستقرأة من الاتجاه ونظرا للاستقرار النسبى فى أسعار الواردات ، كانت الزيادة الحادة في قيمة الواردات ترجع إلى الزيادة في الكميات المستورد ة

وقد شهد قطاع منتجات الألبان، وما يزال يشهد، تغيرات جوهرية من حيث هيكل الإنتاج. فأمام منافسة ال و اردات، ا ضطر هذا القطاع إ لى إدخا ل تغيرات على طرق الإنتاج لخفض التكاليف ع لى المستويات العالمية. ورغم أن تأ ثير الإنتاجية والإنتاج كان إيجابيا بصفه عامة، فإن هذه العملية ت تسبب أيضا في ارتفاع الأعباء الاجتماعية للتكيف نظرا ل تأ ثيرها على أعداد كبيرة من صغار المزارعين.

 

 

ويعد الأرز من الأغذيه المهمة في البرازيل، لذلك حرصت الحكومة في سياساتها في الماضى على تجنب ارتفاع تكاليف المعيشة بسبب الأرز. أما في الوقت الحاضر فإن قوى السوق هي التى تحدد الأسعار كما إن التجارة حرة ولذلك وغيره من الأسباب، تتزايد واردات البرازيل من الأرز. وخلال 1985-1994 ، ازدادت الواردات بمعدل خطي بلغ 0 0 0 37 طن في السنة. وكان متوسط قيمتها في السنة خلال الفترة 1995- 1998 أعلى بنسبة 51 في المائة مما كان عليه في الفترة 1990-1994 ، و أ على بنسبة 20 في المائة من القيمة المستقرأة َمن الاتجاه ( الجدول 11 ) . وكان الجانب الأكبر من هذه الزيادة يرجع إلى زيادة الكميا ت المستوردة رغم أن أسعار الاستيراد ارتفعت أيضا بنسبهَ 5 في المائة ورغم الانخفاض الحاد فى المساحات المزروعة أرزا ارتفعت الإنتاجية ارتفاعا ملحوظا. ورغم أن مجموع الإنتاج لم يرتقع، هناك تحولات تحدث في الوقت الحاضر ، أخصها بالذكر أ ن الإنتاج بدأ ينتقل إلى المناطق الأكثر ملائمة لزراعة الأرز.

كذلك هناك تغيرات بعيدة الأثر تحدث في الوقت الحاضر في قطاع الذرة نتيجة المستجدات في صناعة الأعلاف وإنتاج الدواجن، مما أدى إلى التوسع في إنتاج الذرة وتحديث طرق الإنتاج. و قد تميزت واردات البرازيل من الذرة بالتقلب خلال الجزء الأكبر من الثمانينات و التسعينات . أما فيما يتعلق بتجربة البرازيل بعد جولة أوروغواي ، فقد كانت قيمة الواردات في الفترة 1995-1998 مساوية تقريبا لما كانت عليه في الفترة 1990-1994 ، ولكنها كانت أقل بنسبة 11 في المائة من القيمة المستقرأة من الاتجاه مما يدل على حدوث تباطؤ في الواردات. فقد أدت عملية تحديث هذا القطاع وزيادة أهمية المزارع المتخصصة إلى ظهور منافسة قوية بين المنتجين. وسوف يعتمد الاتجاه فى المستقبل اعتمادا كبيرا على سرعة النمو في صناعة إ نتاج الدواجن وصناعة الأعلاف.

ويوضح الشكل 3 كيف أن الواردات الغذائية كانت تتفاوت من سنة لأخرى مقارنة بمجموع الصادرات الزراعية. وقد شهدت النسبة بينهما تقلبات حادة من سنة لأخرى ، وكان الاتجاه إيجابيا في الفترة 1985-1994. وفي الفترة 1995-1998 كانت النسبة بينهما 0.32، وبذلك كانت الواردات الغذائية أعلى بنسبة 36 في المائة مما كانت عليه في 1990-1994 ، وبنسبة 15 في المائة من القيمة المستقرأة من الاتجاه مما يشير إلى انخفاض النسبة بينهما قياسا على الإتجاه أ يضا.

 

الشكل 3: نسبة مجموع قيمة الواردات الغذائية إلى مجموع قيمة الصادرات الزراعية، 1985-1998

المصدر: قاعدة البيانات الإحصائية (FAOSTAT) التي تحتفظ بها منظمة الأغذية والزراعة .

 

خامسا- القضايا التي تهم البرازيل في المفاوضات المقبلة بشأن الزراعة

تدخل البرازيل جولة المفاوضات الجديدة الخاصة بالزراعة وهي في موقف يختلف كثيرا عما كانت فيه في بداية جولة أوروغواي. فقد أوضح الاستعراض الوارد في القسم الثاني من هذا الفصل أن البرازيل قد ألغت تماما جميع القيود الكمية على التجارة و أن معدلات التعريفة الجمركية المطبقة كانت منخفضة، بل إنها كانت منخفضة أيضا مقارنة بالمعدلات الت ي ارتبطت بها البرازيل أمام منظمة التجارة العالمية . ويستخلص من ذلك وجود قدر كبير من المرونة بالنسبة لتغيير التعريفات المطبقه تجاوبا مع الصدمات الداخلية والخارجية غير المتوقعة. كذلك لم تكن هناك أي قضايا في ما يتصل بحصص التعريفة الجمركية. وفيما يتعلق بتدابير الدعم المحلي، لم تكن البرازيل في حاجة إلى أن تفعل الكثير في سبيل التقيد بالقواعد التي تنص عليها اتفاقية الزراعة، وبقي أمامها مجال واسع لزيادة نفقات الدعم عند اللزوم. و أخيرا، احتفظت البرازيل بكثير من المرونة في مجال دعم الصادرات ، إلا أنه من غير المرجح أن تلجأ إلى مثل هذه التدابير كثيرا لأن مجموعة كايرينز التي تنتمي إليها تعارض تماما هذا الاتجاه.

وهكذا، لا تهتم البرازيل في المفاوضات الجديدة بما يتعين عليها أن تفعله في الداخل بل بظروف الأسواق العالمية. فسياسات التجارة الداخلية فيها تتناقض تناقضا حادا مع ما تواجهه في الأسواق العالمية. وبمعنى آخر، تعد الاهتمامات الخاصة بالممارسات التجارية ف ي البلدان الشريكة لها، أو التي يمكن أن تكون شريكة لها، على رأس اهتماماتها في الوقت الحاضر. واهتمامات البرازيل ومواقفها التفاوضية في هذا الصدد معروفة تماما، بحكم كونها عضوا في مجموعة كايرينز، وهي تتلخص فيما يلى:

 

النفاذ إلى الأسواق

تشمل صادرات البرازيل الرئيسيه من المنتجاتَ الزراعية المنتجات الغذائية، وخصوصا فول الصويا، والدواجن، ولحوم الأبقار، والسكر والفواكه، وهى منتجات تقوم بتصديرها أيضا البلدان الصناعية الرئيسية. وتعد التعريفات التي تقرض على هذه المنتجات بموجب مبدأ الدولة الأولى بالرعايِة، نتيجة لمفاوضات جولة أوروغواي، شديدة الارتفاع، باسنثناء فول الصويا. وعلاوة على ذلك، فإن شروط النفاذ إلى الأسواق ليست سهلة، لأن التعريفات التي تفرض على بعض المنتجات معقدة (إذ تجمع على سبيل المثال بين التعريفات التي تفرض بحسب القيمة والتعريفات النوعية) بل تفرض تَعريفا! متغيرة على منتجات اخرى.

ويتم تنظيم قدر كبير من الواردات التي تستوردها البلدان الصناعية الرئيسية من هذه المنتجات عن طريق حصص التعريفة الجمركية. ورغم أن زيادة الحصص يمكن أن تكون مفيدة، لا يعد ذلك هو الخيار المفضل بالنسبة للبرازيل نظرا لإمكانياتها الكبيرة فى مجال التصدير وميزتَها التنافسيه حتى بالأسعار الحالية في السوق العالمية- وهي الأسعار التي تعد منخفضة نسبيا. ويبدو أن صادراتها ستظل قادرة على المنافسة، لأن غلة المحاصيل مرتفعة ومستقرة. وبناء عليه، فمن الأرجح أن تستفيد البرازيل من خفض حصص التعريفة الجمركية أكثر بكثير مما تسدفيد من زيادة هذه الحصص.

كذلك فإن ارتفاع مستوى الدعم المحلي للزراعه في البل د ان الصناعية الرئيسية ودعم الصادرلت في بعضها يعد أيضا من المسائل الم ثي رة للقلق بالنسبة للبرازيل.

 

الدعم المحلي

أصبحت البرازيل، نتيجة للإصلاحات الاقتصادية الداخلية الشاملة، في وضع جيد يمكنها من التفاوض من أجل إخضاع تدابير الدعم المحلي لضوابط جوهرية. إذ يعد خفض الدعم المحلي في البلدان المتقدمة من مستوياته الحالية المرتفعة- وهو أمر موثق بشكل جيد في عدد من دراسات منظمهَ التعاون الاقتصادي والتنمية- من الأمور التي تثير اهتماما خاصا بالنسبة للبرازيل، لأن الجانب الأكبر من الدعم يطبق على المنتجات التي تستطيع َصديرها أو كان من الممكن تصديرها. ولذلك، فمن مصلحة البرازيل خفض مستوى الدعم ليس فقط بشكل شامل، كما هو الحال في الوقت الحاضر ، بل بالنسبة لمنتجات معينة. وكما تأكد في دراسة الحالة الخاصة بتايلند، يتعين على البرازيل أن تسعى من أجل وضع ضوابط لمدفوعات الدعم المباشر للدخل، وهو الجانب الذي كثيرا ما يُستثنى من التزامات الخفض على أساس أنه لا يضر بالتجارة وإن كان هذا القول لا يصدق بالضرورة في جميع الحالات (6).

 

دعم الصادرات

أعرب عدد من المنظمات الزراعية، كما أعربت الحكومة، في السنوات الأخيرة عن القلق الشديد إزاء التأثير العكسى الذي تحدثه الصادرات الزراعية المدعومة على المنتجين المحليين- وكثيرا ما يكون ذلك مصحوبا بالزعم بوجود ممارسات غير منصفة في تجارة اللحم البقري ، واللبن المجفف، و القمح، والقطن والأرز. كما يعد إلغاء دعم الصادرات من الخطوات الضرورية للحد من أعباء التكيف الإجتماعي المترتبة على عملِة التحول الجارية في القطاع الزراعي.

 

تدابير مكافحهَ الإغراق

تعرضت صادرات البرازيل الزراعية لتدابير مكافحة الإغراق في العديد من أسواق البلدان المتقدمة. بيد أن هذه التدابير تعد بلا مبرر لأن العامل الرئيسي وراء ارتفاع الصادرات البرازيلية هو أن الإنتاجية شهدت نموا ملحوظا ومتواصلا ومن المتوقع له أن يستمر. وتؤيد البرازيل تشديد القواعد التي تن ظم تدابير مكافحة الإغراق.

 

اتفافيهَ تدابير الصحهَ والصحهَ النباتية واتفاقيهَ العوائق الفنية على التجارهَ

لم تتأثر البرازيل عموما بهات ين الاتفاقيتين. ومع ذلك، فمن مصلحتها ضمان تشديد القواعد الحالية في جميع المجالات "الرمادية" وجعلها أكثر شفافية، لتلافي أي سوء تفسير لهذه القواعد من جانب البلدان المستوردة الرئيسية. ولقد كان من بين المجالات التي واجهت فيها البرازيل بعض التجارب غير المريحة الفواكه الاستوائية التى تتمتع بإمكانيات تصديرية كبيرة فيها.

وخلاصة القول ترحب البرازيل كثيرا بانعقاد جولهَ المفاوضات التجارية الجديدة الخاصة بالزراعة لأنها ترى فيها فرصة لتحقيق إمكاناتها التصديرية وتشجيع التنمية الزراعية. ونظرا للثغرات والاستثناءات الكثيرة التى تتضمنها اتفاقيات جولة أوروغواي ، يتعين على الحكومة أن تتعامل مع هذه المفاوضات بحرص و أن تتعاون مع القطاع الخاص، والباحثين والبلدان التي تتفق معها في التفكير، فى تقدير الأثار التي يمكن أن تترتب على المقترحات الجديدة التي ستطرح للتفاوض.

 

1- استنادا إلى دراسة عامة أعدها Antonio S.P. Brandao ، ريو دي جانيرو، بتكليف من قسم السلع والتجارة.

2 استعراض السياسات التجارية- البرازيل، تقرير صادر عن أمانة منظمة التجارة العالمية، 1996.

3- أنظر:

Brand?o, Antônio Salazar P., Mauro de Rezende Lopes and Lia Valls Pereira, 1997, Trade Liberalisation in Brazilian Agriculture: Qualitative and Quantative Analysis, FAO/World Bank Workshop, Implementing the Uruguay Round Agreement in Latin America: The case of Agriculture, Santiago, Chile, November 28-30, 1995.

4- كانت الحكومة، حتى ذلك الوقت، هي التي تحتكر شراء وبيع القمح، من خلال بنك البرازيل.

5- يراعي أن البيانات الخاصة بتجارة المنتجات الغذائية في قاعدة البيانات الإحصائية التى تحتفظ بها المنظمة (FAOSTAT) لا تشمل منتجات الأسماك.

6- ي تض من عدد متزا ي د من ا لدراسا ت تحليل هذه القض ي ة. أ ن ظر ، على سبيل المثال:

` How decoupled is U.S. agricultural support for major crops?" American Journal of Agricultural Economies, 82 (3), August 2000.

 

الصفحة السابقةاعلى هذه الصفحةالصفحة التالية