لصفحة السابقةبيان المحتوياتلصفحة المقبلة

الغابات الخاضعة للحماية

زاد الاهتمام كثيرا، خلال العقد الماضي، بصيانة الغابات وخاصة صيانة التنوع البيولوجي. وقد تضمن التقدير العالمي للموارد الحرجية لعام 2000 تقديرا لمساحة الغابات الخاضعة لنظام الحماية في أنحاء العالم، وذلك باستخدام نظام تصنيف المناطق المحمية الخاص بالاتحاد الدولي لصون الطبيعة (أنظر الجدول رقم 9).

وقد اعتمد تقدير الموارد الحرجية لعام 2000 على مجموعتين مستقلتين من الإحصائيات في تقدير مساحة الغابات الخاضعة لنظام الحماية وهما: البيانات التي وفرتها البلدان عن طريق اجابتها على الاستبيان الخاص بتقدير الموارد الحرجية لعام 2000 ؛ وقاعدة البيانات المكانية عن هذه المناطق التي وضعها المركز العالمي لمتابعة الصيانة التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة. وكان معظم الاستبيانات الخاصة بالتقدير العالمي للموارد الحرجية لعام 2000 قد ارسل إلى الوكالات القطرية للغابات، في حين قام المركز العالمي لمتابعة الصيانة بجمع المعلومات من الوكالات القطرية المعنية بصيانة الطبيعة والمتنزهات والمناطق المحمية، وقد بينت المقارنة بين بيانات هذين المصدرين أن هناك حاجة الي الكثير من العمل للتنسيق بين البيانات القطرية والدولية، بما في ذلك البيانات الصادرة عن وكالات مختلفة في القطر نفسه. !ضافة لذلك كثيرا ما يختلف تفسير مفهوم المناطق المحمية اختلافا جوهريا بين البلدان، مما يجعل عملية دمج الإحصاءات على المستوى العالمي غيرممكنة. فبعض البلدان، على سبيل المثال، تعتبر غاباتها كلها خاضعة لوضع الحماية عمليا طبق ا للفئة الخامسة أو السادسة في تصنيف الاتحاد الدولي لصون الطبيعة، وذلك كنتيجة منطقية للتشريع العام للغابات، الذي ينص على إدارة الغابات واستغلالها بصورة توفر مقومات استدامتها.

 

 

وقد تم التوصل إلى بيانات عالمية متسقة، موزعة بحسب الأقطار، بواسطة تطابق قاعدة البيانات المكانية للمركز العالمي لمتابعة الصيانة، علي خريطة الغطاء الحرجي في العالم المعدة في نطاق التقدير العالمي للموارد الحرجية لعام 2000. وقد بينت النتائج أن 12 في المائة من غابات العالم تندرج في فثات المناطق المحمية حسب تصنيف الاتحاد الدولي لصون الطبيعة، والمتسلسلة من الأولى إلى السادسة. وأن أكبر نسبة من غابات اقليم أمريكا الشمالية والوسطى (20 في المائة) هي من المناطق المحمية، تليها في الترتيب أمريكا الجنوبية (19 في المائة)، وتوجد أدنى نسبة في اقليم أوروبا (5 في المائة). ويعزى السبب في جزء منه، إلى أن تصنيف الاتحاد العالمي لصون الطبيعة (وخاصة الفئتين الخامسة والسادسة) لا يتكيف تماما مع الظروف الأوروبية، ويبين الشكل رقم 15 موقع منطق الغابات الرئيسية المحمية.

البارامترات الاضافية المتصلة بإدارة الغابات في البلدان الصناعية

تضمن التقدير الخاص بالبلدان الصناعية، الذي قامت بتنسيقة اللجنة الاقتصادية لأوروبا التابعة للأمم المتحدة مجموعة من المتغيرات أكثر شمولا من تلك التي تضمنها التقدير الخاص بالبلدان النامية، كما أسفر عن معلومات إضافية عن الكثير من الجوانب الهامة للغابات. وفيما يلي شرح لبعض هذه الجوانب

التغيرات في حالة الغابات: تم جمع المعلومات عن العوامل التي تؤثر على الغابات، وبالتالي على إدارتها، لاستخدامها في اعداد التقدير العالمي للموارد الحرجية لعام 2000، فبالاضافة الى الجهود التي بذلت في جمع البيانات عن حجم حرائق الغابات ووتيرة حدوثها على النطاق العالمي (أنظر أيضا المناقشة في الجزء الأول)، تم جمع البيانات من البلدان الصناعية عن حالة الغابات المعتدلة والشمالية، وعن مدى الأضرار التي تلحق بها. وفيما يلي مجمل وجيزعن النتائج:

 


وبالرغم من أن التقدير العالمي للموارد الحرجية لعام 2000 يوفر معلومات عن بعض نماذج الأضرار التي تلحق بالغابات، فإنه لا يزال من غير الممكن اجراء تقدير موضوعي لحالة الغابات، نظرا لاختلاف أسباب الأضرار، وعدم وضوح الحالة التي ينبغي أن تكون عليها الغابة " العادية " أو " السليمة "، والطريقة المثلى لتقدير حالة الغابات هي تقديرها من منظور وظيفتها. ولكن الوظائف تختلف من غابة لأخرى ومن زمن لآخر. وقد أثارت الخطوات المتقدمة التي خطاها التقدير العالمي للموارد الحرجية لعام 2000، في مجال تقدير حالة الغابات المزيد من التساؤلات التي يتعين التصدي لها في المستقبل.

انتاج الأخشاب: لا يزال الإمداد بالخشب وإنتاجه يهيمنان على طريقة إدارة الغابات في أنحاء كثيرة من العالم، وقد بذلت الجهود في إطار التقدير العالمي للموارد الحرجية لعام 2000 لتحديد حجم الأخشاب ومعدل نموها، ومقدار ما يحصد منها. والنتاثج المذكورة هنا خاصة بالبلدان الصناعية.

تحتوي الغابات المعتدلة والشمالية في البلدان الصناعية على 188 مليار متر مكعب من الأشجار القائمة، نصفها تقريبا في الاتحاد الروسي. إلا أن بعض الغابات "ليس متاحا للامداد بالأخشاب" إما لتصنيفه كغابات محمية، أو لأن حصاد الأخشاب سوف يكون غير اقتصادي بسبب بعد هذه الغابات أو وعورة منطقتها (أنظر الشكل رقم 16). وفي أوروبا تعد نسبة 85 في المائة من الغابات متاحة للامداد بالأخشاب مقابل نسبة 70 في المائة في أمريكا الشمالية، و 64 في المائة في بلدان رابطة الدول المستقلة، وفي البلدان الصناعية الأخرى، وخاصة في استراليا، هناك غابات كثيرة غير متاحة لحصاد ا لأ خشاب بسبب بعد المسافة أو لأنها واقعة في المحتجزات الطبيعية، كما إن ثلثي الغابات غير المتاحة للإمداد بالأخشاب في أوروبا، وجميع غابات الولايات المتحدة واليابان التي تدخل ضمن هذه الفئة، هي غابات غير متاحة للأمداد بالأخشاب لأسباب تتعلق بصيانة الغابات وحمايتها.

 

 

أما في كندا والإتحاد الروسي فالأسباب الاقتصادية هي المهيمنة (بعد المسافة أساسا ووجود الغابات في مناطق نائية). وفي سياق زيادة المساحة الإجمالية للغابات، كانت المساحات المتاحة وغير المتاحة للإمداد بالأخشاب آخذة في النمو في معظم البلدان، ولكن المساحات التي تعتبر غير متاحة للامداد بالأخشاب كانت تنمو بمعدل أسرع. ويبدو أن بعض الغابات "المتاحة" يعاد تصنيفها الآن كغابات "غير متاحة" بسبب زيادة مساحة الغابات الخاضعة للحماية.

وتتأتر اقتصاديات الإمداد بالأخشاب تأترا شديدا كذلك بمدى كثافة هذا المورد، أي نمو الأشجار في الهكتار. ويتأتر هذا بدوره جزئيا بظروف المناخ والموقع، وفي جزء آخر بالممارسات الحرجية للقائمين على إدارة الغابات الحاليين والسابقين. وتوجد في هذا المجال اختلافات كبيرة بين البلدان.

ورغم أن منطقة رابطة الدول المستقلة تضم أكبر حجم من الأشجار القائمة في المنطقتين المعتدلة والشمالية، فإن غاباتها هي أقل إنتاجية، وتستغل بصورة أقل كثافة من الغابات الموجودة في أوروبا وأمريكا الشمالية، والزيادة السنوية الإجمالية في كل من رابطة الدول المستقلة وأمريكا الشمالية تتجاوز بقليل المليار متر مكعب، ولكن عند تعديل هذا الرقم بسبب الخسائر الطبيعية (الحشرات ونسبة موت الأشجار، والحرائق وغير ذلك ...) فإن الزيادة السنوية الصافية في أمريكا الشمالية تتجاوز مثيلتها في رابطة الدول المستقلة بنسبة 15 في المائة (11) (أنظر الشكل رقم 17 ).

ومن السمات البارزة للغابات المعتدلة والشمالية أن كمية الأشجار التي يجري قطعها في كل البلدان، باستثناء بلدين (هما قبرص وأرمينيا)، هي أقل، بل أقل بكثير، من الزيادة السنوية الصافية في الغابات المتاحة للإمداد بالأخشاب، وتنجم عن هذا زيادة منتظمة في الأشجار القائمة في البلدان كلها تقريبا. ولا يقطع من الزيادة السنوية الصافية سوى 59 في المائة في أوروبا و 79 في المائة في أمريكا الشمالية، في حين لا يقطع منها في رابطة الدول المستقلة سوى جزء صغير (17 في المائة)، ويعزى هذا في جزء منه إلى بعد المسافة وصعوبة الظروف مما يجعل عمليات الحصاد في بعض غابات الاتحاد الروسي مكلفة للغاية، كما يعزى كذلك إلى الانهيار الواسع لمؤسسات قطاع الغابات في الاتحاد الروسي أثناء المرحلة الانتقالية، فقد بلغ معدل القطع في 1999 قرابة 130 مليون م3، مقارنة بنحو 400 مليون م3 (وهو أقل من الزيادة) في أواخر الثمانينات.

أما بالنسة للبلدان المعتدلة والشمالية ككل، فان الفرق بين الزيادة السنوية الصافية وعمليات القطع في الغابات المتاحة للامداد بالأخشاب يبلغ 2ر1 مليار م3 وهكذا، فإن حجم الأخشاب في الغابات المعتدلة والشمالية يتزايد بنفس هذا الحجم على الأقل كل سنة، في نفس الوقت الذي توفر فيه هذه الغابات جزءا كبيرا من احتياجات العالم من الأخشاب الصناعية.

الملكية والادارة: تتنوع أنماط ملكية الغابات بدرجة كبيرة. فأكثر من نصف الغابات والأراضي الحرجية الأخرى في أوروبا، واليابان، والولايات المتحدة مملوكا للقطاع الخاص، وفي جميع الحالات تقريبا للافراد (12) . وتشكل الأراضي الحرجية برمتها في رابطة الدول المستقلة، و93% منها في كندا، وبين 60 و 70% في استراليا ونيوزيلندا، ملكية عامة. ويملك السكان الأصليون وأهالي القبائل، أكثر بقليل من 5 ر2% - أي 62 مليون هكتار- من مجموع الغابات والأراضي الحرجية الأخرى في البلدان الصناعية، كما هومحدد في اتفاقية منظمة العمل الدولية المعنية بالشعوب الأصلية والقبلية. ويوجد معظم هذه الأراضي في استراليا. ومع ذلك تجري مناقشات سياسية جدية في عدد من البلدان، بما فيها كندا ونيوزيلندا، حول منح أو إعادة ملكية مساحة واسعة جدا من الأراضي، معظمها غابات للسكان الأصليين.

ويشهد نمط الملكية تغيرا جوهريا في بلدان أوروبا الوسطى والشرقية التي تمر بمرحلة التحول، حيث تعاد الأراضي لمالكيها السابقين، أو تنتقل الي القطاع الخاص، وهذه عملية طويلة ومعقدة وتنطوي على قضايا رئيسية قانونية وعملية (13) .

وكثيرآ ما يرتبط حجم الحيازة الحرجية بنمط إدارتها. ففي أوروبا والولايات المتحدة يوجد عدد كبير من الحيازات الصغيرة بل وغاية في الصغر، إلى جانب بعض الحيازات الكبيرة. وتوجد في أوروبا نحو 7 ر. 1 مليون حيازة حرجية خاصة يبلغ متوسط مساحة كل منها 6 ر .1 هكتار، إلى جانب عدة ملايين من ملاك القطاع الخاص الذين تقل ملكياتهم عن 3 هكتار. وهناك أعداد متزايدة من الملاك الغائبين الذين يعيشون ويعملون بعيدا عن غاباتهم، ولا يعتمدون عليها في دخلهم. ويؤثر هذا الوضع تأثيرا واضحآ على أهداف إدارة الغابة. وقد أصبحت مساعدة هؤلاء الملاك على إدارة غاباتهم بصورة صحيحة أحد الأهداف الرئيسية للسياسات الحرجية في بلدان أوروبية كثيرة.  

الترفيه والدخول الى الغابات: أعلنت غالبية البلدان الصناعية أنه يمكن للجمهور الدخول إلى الغابات المملوكة للحكومة لغرض الترفيه وجمع المنتجات الحرجية للاستخدام الشخصي، أما الاستخدام التجاري فيستلزم عادة الحصول علي تصريح. وتتيح غالبية البلدان الدخول إلى الغابات المملوكة للقطاع الخاص كذلك، ولكن مع بعض القيود أحيانا. وهناك قلة من البلدان التي لا تسمح بدخول الغابات الخاصة إلا بتصريح من مالك الأرض. ولم تحدث تغيرات كبيرة بوجه عام بخصوص دخول الغابات، بالرغم من أن زيادة غابات القطاع الخاص في أوروبا الشرقية والوسطى، ولا سيما زيادة المناطق المحمية، قد يؤديان الي خفض المساحات المفتوحة أمام الجمهور علي نحو طفيف. وتتزايد أهمية استخدام الغابات لقضاء أوقات الفراغ والترفيه في المناطق المعتدلة والشمالية. فكثيرا ما تستعمل الغابات في الرحلات وأقامة الخيام والجري وركوب الخيل والدراجات وتسلق الجبال. وتؤكد بلدان كثيرة أهمية الغابات للترفيه بالقرب من التجمعات السكانية، والغابات لها قيمة كذلك في المنافع الاجتماعية غير المرتبطة مباشرة بالترويح عن النفس، مثل تأثيرها على المناطق المناخية الصغيرة، والحد من الضوضاء والأغراض الجمالية، وغير ذلك. وتفيد التقارير الواردة من معظم البلدان أن الطلب يتزايد على القيم الثقافية والتاريخية والروحية والعلمية لغاباتها.

 


الاستنتاجات

إن التقدير العالمي للموارد الحرجية لعام 2000 هو عمل مشترك قامت بانجازه منظمة الأغذية والزراعة بالتعاون مع بلدانها الأعضاء والجهات المشاركة الأخرى، وخاصة اللجنة الاقتصادية لأوروبا التابعة للأمم المتحدة.

ويحتوي التقدير على كمية هائلة من المعلومات عن حالة الغابات واتجاهاتها في العالم، وعن إدارة الغابات، والمتغيرات الإضافية ذات الصلة بالغابات. وقد وفر التقدير كذلك نتائج جرد الغابات. وغير ذلك من المعلومات الهامه الضرورية لصنع السياسات. واتخاذ القرارات، لدعم جهود البلدان من أجل تحقيق الإدارة المستدامة للغابات، ورغم أوجه القصور، المسلم بها، في المعلومات المتاحة التي استند إليها التقدير العالمي للموارد الحرجية لعام 2000، فإنه يمثل المسح الأساسي، الأكثر شمولا وموثوقية واختصاصا، عن الموارد الحرجية على المستوي العالمي، كما يوفر قاعدة ممتازة لتحسين المعلومات عن الغابات في العالم في المستقبل.

وفيما يلي الاستنتاجات الرئيسية التي خلص إليها التقدير العالمي للموارد الحرجية لعام 2000، وذات الصلة بالموضوعات التي تناولها هذا الفصل:

وتوفر الدروس المستفادة من عمليات التقدير العالمي للغابات الأساس لاستنباط طرق جديدة ومحسنة، تفضي إلى معلومات موثوقة عن غابات العالم، فهناك حاجة ملحة لمتابعة السعي وراء الحصول علي معلومات أكثر دقة وموضوعية للمسوحات العالمية التي ستجيم في المستقبل، ولتدعيم قدرات البلدان على تنفيذ عمليات الجرد ورصد التغيرات التي تشهدها مواردها الحرجية. ويعتبر تحسين قاعدة المعلومات عن الموارد الحرجية أمرا ضروريا لصياغة وتنفيذ سياسات وبرامج الإدارة المستدامة للغابات.

وسوف تعمل منظمة الأغذية والزراعة على مواصلة جهودها، بالتعاون مع البلدان والجهات المشاركة الأخرى، في هذا الميدان، عن طريق استحداث تقنيات جديدة وتدريب العاملين في مجال جرد الغابات.

 

(11) قد تكون التقديرات مفرطة، نظرا لأن كندا لم تتمكن من تقديم بيانات عن الخسائر الطبيعية.

(12) تملك الصناعات الحرجية في كندا، وفنلندا، واليابان، والسويد، والولآيات المتحدة فقط أكثر من مليون هكتار.

(13) من هذه القضايا صعوبة العثور على المالكين السابقين أو ورثتهم وتحديدهم بدقة بعد 50 سنة من نزع الملكية، ورسم حدود الملكية على الأرض، وتقديم الدعم والإرشاد لآلاف الملاك الجدد للغابات، وكثير منهم يبدو تشككا تجاه السلطة المركزية .

لصفحة السابقةاعلى هذه الصفحةلصفحة المقبلة