لجنة مشكلات السلع

الجماعة الحكومية الدولية
المختصة باللحوم ومنتجات اللحوم

الدورة التاسعة عشرة

روما، 27-29 أغسطس/ آب 2002

تطورات السوق بالنسبة إلى اللحوم ومنتجات الألبان العضوية:
الانعكاسات على البلدان النامية
(1)

بيان المحتويات

الفقرات

أولاً - مقدمة                                                                               1 - 2

ثانياً – تعريف المنتجات المنتجة بطريقة عضوية                                              3 - 5

ثالثاً – شروط تصدير اللحوم ومنتجات الألبان المنتجة بطريقة عضوية                         6 - 10

رابعاً – اتجاهات تنمية السوق                                                           11 - 15

خامساً – المستهلكون                                                                    16 - 17

سادساً – الانعكاسات على صناعات اللحوم والألبان                                       19 - 21

سابعاً – المنتجات الحيوانية المنتجة بطريقة عضوية في البلدان النامية                       22 - 24

ثامناً – الاستنتاجات                                                                    25 - 28


 

أولاً - مقدمة

1- شهد العقد المنصرم نمواً ملحوظاً في سوق المنتجات العضوية بسبب تغيّر أفضليات المستهلكين. ويتركز قطاع المنتجات العضوية بشكل أساسي في البلدان النامية، سواء من حيث السوق أو من حيث التموين. ويشكل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة السوقين الرئيسيتين ؛ (2) لكن حتى في البلدان التي يشهد قطاع الإنتاج العضوي في أسواقها توسعاً سريعاً، لا يزال نصيبها من مجموع مبيعات الأغذية ضئيلا، وتتراوح عادة بين واحد وثلاثة في المائة.

2-       وفي ظل ازدياد الطلب، توجد فرص تسويق بالنسبة إلى البلدان النامية على الرغم من أنّ المستهلكين يفضلون أحياناً المنتجات المنتجة محلياً أو إقليمياً بطريقة عضوية. إلاّ أنّ بعض منتجي اللحوم ومنتجات الألبان في البلدان النامية نجحوا في إنتاج وتصدير منتجات حيوانية عضوية، رغم صعوبة تلبية متطلبات شهادات الاعتماد ومواصفات النوعية في الأسواق الخارجية. لذا توصى البلدان الراغبة في تطوير إنتاج اللحوم ومنتجات الألبان المنتجة بطريقة عضوية والموجهة إلى الأسواق الخارجية العناية بإجراء أبحاث وتحاليل دقيقة.

ثانياً – تعريف المنتجات المنتجة بطريقة عضوية

3-   إن المنتجات التي تحمل بطاقة توسيم كتب عليها "عضوي" هي تلك التي اعتمدت باعتبارها أنها أنتجت بواسطة طرق إنتاج عضوية واضحة التحديد(3). بعبارة أخرى، عبارة "عضوي" هي تنويه بعملية الإنتاج أكثر مما هي تنويه بالمنتج بحد ذاته. وتُعرف الزراعة العضوية عادة بأنها طريقة زراعة لا تستخدم فيها الأسمدة أو مبيدات الآفات الاصطناعية. وتعرّف هيئة الدستور الغذائي الزراعة العضوية كما يلي:


" إن الزراعة العضوية هي نظم كلية لإدارة الإنتاج تشجع سلامة النظم الزراعية الإيكولوجية وتنهض بها، بما في ذلك التنوع البيولوجى، والدورات البيولوجية، والنشاط البيولوجى للتربة. وتركز على استخدام أساليب الإدارة تفضيلا لها عن استخدام المدخلات من خارج المزرعة، مع مراعاة أن الظروف الجهوية تتطلب نظما تتكيف مع الواقع المحلى. ويتم ذلك باستخدام طرق زراعية هندسية وبيولوجية وميكانيكية كلما أمكن، على النقيض من استخدام المواد التخليقية، من أجل القيام بأي وظيفة محددة في إطار النظام."(4)

4-       ومن العناصر الأساسية التي تميّز الزراعة العضوية عن غيرها من أنواع النظم الزراعية هو وجود مواصفات للإنتاج وإجراءات لشهادات الاعتماد؛ لكنّ هذه الأخيرة لا تحظى بعد بقبول في جميع الدول. وكانت الاتحادات الخاصة أول من بادر إلى وضع مواصفات للإنتاج العضوي والإجازة للأعضاء فيها باستخدام العلامات التجارية وبطاقات التوسيم العضوية للاتحادات المعنية عند تسويق منتجاتهم. وقام الاتحاد الدولي لحركات الزراعة العضوية وهو منظمة غير حكومية تروّج الزراعة العضوية على المستوى الدولي، بوضع خطوط توجيهية جرى اعتمادها على نطاق واسع في الإنتاج والتجهيز العضويين. وتعتبر تلك الخطوط التوجيهية "المواصفات الدنيا"، ما يترك المجال مفتوحا أمام وضع متطلبات مفصّلة بحسب الظروف الإقليمية أو المحلية.

ومع انتشار الزراعة العضوية أكثر فأكثر، حدد العديد من البلدان المتقدمة مواصفات خاصة بها للإنتاج العضوي. فدول الاتحاد الأوروبي أقرت مثلاً مواصفات عضوية موحّدة للإنتاج الحيواني(5). كما اعتمدت كل من كندا واليابان والولايات المتحدة مواصفات وأنظمة للإنتاج العضوي. ووضع عدد من البلدان النامية مثل الأرجنتين والبرازيل والصين وتايلند مواصفات وأنظمة قطرية للمنتجات العضوية. وفي بعض الحالات، كما في الأرجنتين، وضعت المواصفات والأنظمة لتفي أو تتخطى تلك المطلوبة في أسواق الاستيراد الرئيسية.

s

ثالثاً – شروط تصدير اللحوم ومنتجات الألبان المنتجة بطريقة عضوية

6-       شهد الطلب على المنتجات العضوية أسرع معدل نمو في البلدان المتقدمة. ففي بلدان الاتحاد الأوروبي مثلاً، صنّفت 3 في المائة تقريباً من الأراضي الزراعية في فئة الزراعة العضوية عام 2001 - أي ما يعادل 3.7 مليون هكتار و000 129 مزرعة. ومن شواهد اندراج الزراعة العضوية في المسار الاقتصادي العام، ما عمد إليه العديد من كبرى شركات إنتاج اللحوم والألبان من تنمية الإنتاج العضوي باعتباره عنصراً من عناصر نشاطها. وتشكل مزارع إنتاج الألبان التقليدية الكبيرة، بالنسبة إلى منتجات الألبان المنتجة بطريقة عضوية، الموردين الرئيسيين لمنتجات الألبان العضوية في بلدان اسكندينافيا وفرنسا وهولندا ومن المتوقع أن ينتشر هذا الاتجاه إلى بلدان أوروبية أخرى وأنحاء أخرى من العالم.

7-       وتفيد التقارير أن أكبر قطاعات الإنتاج الحيواني العضوية وأكثرها تطوراً في البلدان النامية توجد في الأرجنتين والبرازيل. ورغم قلة البيانات في الأقاليم الأخرى، إلا أنّ الاهتمام بالمنتجات الحيوانية المنتجة بطريقة عضوية على ازدياد ليس فقط للاستجابة للطلب الكبير على تلك المنتجات في الأسواق القطرية وأسواق التصدير، بل أيضاً للإمكانات التي قد تعطيها للمحافظة على خصوبة التربة.

8-       ويتعين على المنتجين والمصدّرين الراغبين في تصدير اللحوم ومنتجات الألبان العضوية الحصول على شهادة اعتماد عضوية. وفي الوقت الحاضر، فإن أجهزة إصدار الشهادات في البلدان المستوردة هي التي تتولى إصدار شهادات اعتماد صادرات البلدان النامية، وإن تكن هناك بعض الاستثناءات البارزة مثل الأرجنتين. فيستفيد بالتالي المصدّر من واقع أنّ المستهلكين في البلدان المستوردة يعرفون تماما شعارات تلك الأجهزة ويثقون بها، مما يُبرز المنتج بشكل أفضل ويزيد من ميزاته التجارية. أما العقبة الرئيسية، فهي أنّ هذا النوع من شهادات الاعتماد قد يكون باهظ التكلفة لاسيما عندما يتعيّن على المفتشين السفر من البلد الذي ينتمي إليه جهاز إصدار الشهادة. لذا عمد العديد من أجهزة إصدار شهادات الاعتماد الدولية مثل Ecocert، OCIA، BCS-Öko إلى إنشاء فروع محلية لها في البلدان النامية. وفي حال عدم وجود فروع محلية، يمكن اللجوء إلى فرع محلي في بلد مجاور للقيام بعمليات التفتيش وإصدار الشهادات.

9-       وحتى ضمن مجموعة من الدول، كما هي الحال في الاتحاد الأوروبي مثلاً، حيث تم الاتفاق على مواصفات موحدة لإصدار الشهادات العضوية، لا تزال هناك اختلافات بين الأجهزة القطرية لإصدار الشهادات. فرفض مثلاً الجهاز الرئيسي لإصدار الشهادات في المملكة المتحدة السماح باستخدام شعاره من قبل منتجي لحوم الخنزير المنتجة بطريقة عضوية في الدانمرك على اعتبار أنّ مواصفاته لا تجيز وضع حلقة في أنف الخنزير لمنعه من الإسراف في قلب التربة. وفي ألمانيا، تطبّق مجموعة مزارعين عضويين مواصفات عضوية أكثر تشدداً من تلك المحددة في أنظمة الاتحاد الأوروبي، مما أثار مخاوف البعض من ظهور مستويين من الأغذية العضوية وما يرتبط بذلك من تكاليف إنتاج. وفي المقابل، اعتبر المنتجون في السويد أنّ أنظمة الاتحاد الأوروبي لا تلبي الشروط المحلية الخاصة بالدواجن العضوية وأنهم عاجزون بالتالي عن إنتاج الدجاج بطريقة عضوية تكون مجزية اقتصاديا.

10-     وترتكز البيانات الخاصة بالمنتجات العضوية المتبادلة بين البلدان، بحكم الضرورة، على تقديرات غير رسمية، إذ أنّ سلطات الجمارك وغيرها من السلطات الرقابية لا تميّز بين المنتجات الغذائية المنتجة بطريقة عضوية أو تقليدية. فلا تظهر بالتالي المنتجات العضوية كبند محدد في بيانات التجارة التي تنتشر(6). ويؤكد هذا من جديد الحاجة إلى إجراء بحث متأن للأسواق المحتملة قبل البدء في إنتاج اللحوم ومنتجات الألبان العضوية الموجهة إلى التصدير.

رابعاً – اتجاهات تنمية السوق

11-     شهدت الكثير من البلدان نمو كبير غير مسبوق، بالنسب المئوية، في مبيعات المنتجات العضوية. إذ بلغ نمو منتجات الألبان المنتجة بطريقة عضوية 26 في المائة في السوق الأوروبية عام 2001(7) بحسب إحدى التقديرات. لكن لابد من التشديد على أنّ من المستبعد أن تستمر معدلات النمو هذه على المدى البعيد نظراً لأن السوق تنمو انطلاقاً من قاعدة صغيرة. ونتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج والمناولة، تُباع عادة المنتجات العضوية بسعر أعلى من المنتجات التقليدية. ويتفاوت حجم الفرق في الأسعار من بلد إلى آخر ويختلف باختلاف درجة نمو الأسواق والمنتجات، لكن يلاحظ عادة فارق يتراوح بين 20 و30 في المائة وقد يزيد كثيرا تبعا للعرض والطلب.

12-     وتتحوّل سوق الأغذية المنتجة بطريقة عضوية أكثر فأكثر، تبعا لما شهدته من نمو في العشر سنوات الماضية، إلى قنوات التسويق والتوزيع السائدة. وقد استفادت المنتجات الحيوانية من ازدياد عدد المتاجر المتخصصة في المنتجات العضوية ومن توسع الأقسام المخصصة للمنتجات العضوية في المتاجر الكبرى، على اعتبار أنّ نقاط البيع المعتادة للمنتجات العضوية – محال الأغذية الصحية وأسواق المزارع – قلما توافرت لها طاقات كافية للتبريد والتخزين لمناولة اللحوم ومنتجات الألبان وعرضها. كما أنّ شريحة من عملاء محال الأغذية الصحية لا يستهلكون بروتينات حيوانية. وفي أوروبا الغربية بالإجمال، استحوذت المتاجر الكبرى عام 2001 على 63 في المائة من عائدات بيع منتجات الألبان المنتجة بطريقة عضوية . وسجّلت أعلى حصة من مبيعات منتجات الألبان العضوية في المتاجر الكبرى والبالغة 90 في المائة في اسكندينافيا. والوضع سيّان بالنسبة إلى اللحوم. ففي أيرلندا والمملكة المتحدة مثلاً، تتم ثلاثة أرباع مبيعات اللحوم المنتجة بطريقة عضوية في المتاجر الكبرى؛ لكن جميع البلدان لم تنحُ هذا المنحى. حيث أنّ المنافذ الرئيسية للبيع بالتجزئة للأغذية المنتجة بطريقة عضوية في ألمانيا وهولندا والولايات المتحدة وكندا هي محال الأغذية المتخصصة – والتي قد يشبه العديد منها المتاجر الكبرى من حيث طريقة ومرافق العرض.

13-     وسيشكل في المستقبل اندماج الأغذية المنتجة بطريقة عضوية في الاتجاه السائد للبيع بالتجزئة، لاسيما المتاجر الكبرى، أهم عوامل زيادة حجم السوق وذلك من خلال تمكين شريحة أكبر من الجمهور من الحصول على الأغذية المنتجة بطريقة عضوية. أما العنصر الذي يحول دون انتشار هذا النوع من الأغذية في قطاع البيع بالتجزئة العام، فهو أنّ من يشترون الأغذية المنتجة بطريقة عضوية هم عادة من ذوي الدخول العالية. وهذا يدفع المتاجر الكبرى إلى اجتذاب هؤلاء العملاء من خلال تقديم تشكيلة واسعة من الأغذية، بما في ذلك المنتجات العضوية. وإنّ ازدياد مشاركة المتاجر الكبرى بما تتمتع به من نظم شراء وتوزيع مركزية، قد يسفر عن ضغوط تسهم في تخفيض الفرق في الأسعار بين المنتجات العضوية والمنتجات التقليدية. وفي مظهر آخر لهذا الاتجاه، استحدثت بعض المتاجر الكبرى "علامة تجارية خاصة" للحوم ومنتجات الألبان المنتجة بطريقة عضوية وبأسعار أقل من أسعار العلامات التجارية المنافسة.

14-     وعلى المستوى الدولي، من شأن ازدياد أهمية المتاجر الكبرى فيما يتصل بتوزيع المنتجات العضوية أن تساعد على تنمية الطلب المحلي في البلدان التي لا تزال فيها تلك المنتجات حديثة النشأة. وبالتالي فإن سلسلة متاجر كبرى عاملة في أوروبا ستتوافر لها الخبرة اللازمة للتعامل مع المنتجات العضوية وترويجها في أسواق أخرى، مثل آسيا أو أمريكا اللاتينية، حيث لا تزال سوق المنتجات العضوية في بداياتها. وبما أنّ العديد من أهمّ المتاجر الكبرى تستورد منتجاتها مباشرة، فهي تشكل نقطة اتصال تسويقية ممكنة بالنسبة إلى المصدّرين.

15-     وفي حين تفيد التقارير من بلدان كثيرة بنمو كبير في الطلب على اللحوم ومنتجات الألبان المنتجة بطريقة عضوية، فان الطلب في عدد من الحالات كان أكبر من العرض. فأدّى ذلك إما إلى انخفاض حاد في فرق الأسعار بين المنتجات العضوية والمنتجات التقليدية أو إلى بيع المنتجات العضوية وكأنها منتجات تقليدية. وهذا يدفع إلى التساؤل عن مدى إمكانية تحقيق أهداف بعض دول أوروبا الغربية لزيادة نسبة المنتجات العضوية في الاستهلاك المحلي للأغذية لديها خلال العقد الحالي في ظل الإمدادات الزائدة وما يترتب عليها من انخفاض في الأسعار قد يقضي على ربحية الإنتاج العضوي. فقبل عام 2001 مثلاً، عندما نمت أسواق التصدير، كان هناك إمدادات زائدة من الخنازير المنتجة بطريقة عضوية في السوق المحلية في الدانمرك وكانت الأسعار منخفضة. وفي أماكن أخرى، تباع 20 إلى 30 في المائة من اللحوم المنتجة بطريقة عضوية في أيرلندا على اعتبارها لحوماً منتجة بطريقة تقليدية بينما تشير التقارير من سويسرا إلى بيع عدد من الحيوانات المنتجة عضوياً – وبنوع خاص الخنازير – على اعتبارها حيوانات تمت تربيتها بطرق تقليدية. وفيما يتعلق بالألبان، يباع نسبة الثلث فقط من كميات الألبان المنتجة بطريقة عضوية بهذه الصفة في النمسا والدانمرك والمملكة المتحدة، بينما يباع ما تبقى على اعتبارها ألبانا تقليدية. وفي ظل هذا الواقع، حذّرت مؤخراً بعض جمعيات المزارعين في الاتحاد الأوروبي من تحول المزارع بسرعة إلى الإنتاج العضوي وأبدت تخوفها من عجزها عن مواكبة النمو في الطلب.

خامساً – المستهلكون

16-     من السمات المشتركة لدى الأشخاص الذين يشترون منتجات منتجة بطريقة عضوية أنهم يهتمون عادة بالصحة والبيئة وعلى استعداد لدفع سعر أعلى أو يتكبّدون عناء إنجاز مشترياتهم من محال معينة، شرط الحصول على أغذية تلبي توقعاتهم. فقد أظهر استطلاع لمستهلكي الأغذية المنتجة بطريقة عضوية  في فرنسا أنّ 30 في المائة تقريباً ممن شملهم الاستطلاع يهتمون بالصحة والمذاق الأطيب، بينما ذكر 20 في المائة منهم الاتفاق مع المعتقدات الشخصية والاهتمام بالبيئة. وفي المملكة المتحدة، أظهر استطلاع آخر مواضع الانشغال الستة الأولى لمن يشترون المنتجات العضوية كما يلي: مبيدات الآفات في المحاصيل؛ المواد المضافة إلى الأغذية؛ المضادات الحيوية في اللحوم؛ الليستريا والسالمونيلا؛ وبكتيريا Escherichia Coli؛ ومرض جنون البقر. ويزيل الإنتاج العضوي بعض مصادر القلق هذه مثل خلوّه من المضادات الحيوية؛ فيما تشكل الليستريا والسالمونيلا وبكتيريا Escherichia Coli مثلاً مسائل تتعلق بالصحة العامة إجمالاً وهي قد تنقل أيضاً في المنتجات العضوية إذا لم يتم تخزين ومناولة سلعة ما على الوجه السليم. وعلى المدى البعيد، ومع ازدياد وعي المستهلكين لطبيعة المنتجات العضوية، فإن فهم طبيعة إنتاجها الذي يولي عناية واجبة للبيئة ورعاية الحيوانات ويتم وفقا للمواصفات القطرية والدولية المتفق عليها، سيكتسب أهمية أكبر.

17-     ومع اتساع السوق، سيتعيّن على موزعي المنتجات العضوية استخدام مجموعة متنوعة أكثر من تقنيات التسويق والترويج نظراً إلى ازدياد تنوّع المستهلكين المستهدفين. وفي هذا الإطار، وفي بعض البلدان التي توجد فيها أسواق متطورة أكثر للمنتجات العضوية، يبدو أنّه أمكن تلبية طلب مجموعة أساسية من المشترين الذين هم على أتمّ الاستعداد لشراء منتجات عضوية بحيث قد لا تكون هناك إمكانية للتوسع أكثر(8). وتبعا لذلك فإن نمو هذا القطاع مستقبلاً سيكون بطيئا في ظل سعي المنتجات العضوية إلى تكوين سوق وسط المستهلكين الرئيسيين. وقد يتفاوت استهلاك المنتجات العضوية ضمن الأسرة الواحدة. إذ قد يُعطى الأولاد أغذية منتجة بطريقة عضوية بينما يتناول الآباء أغذية غير منتجة بطريقة عضوية. وتتراوح مثلاً حصة الأغذية المنتجة بطريقة عضوية المخصصة للأطفال في المتاجر البريطانية الكبرى بين 25 و60 في المائة من مجموع المبيعات، فيما لا تتعدى حصة المنتجات العضوية من رقم المبيعات الإجمالي للأغذية نسبة 3 في المائة فقط.

18-     وتتسم المنتجات الحيوانية بميزة خاصة في أسواق المنتجات العضوية بما أنها غالباً ما تتميز، كما هو الحال مع الفاكهة والخضر الطازجة، بعدم تجهيزها أو تجهيزها بنسبة ضئيلة فتجتذب بالتالي المستهلكين الذين يبحثون عن منتج "طبيعي". وفيما تُباع اللحوم وتُستهلك عادة من دون تجهيز نسبياً، يختلف الوضع بالنسبة إلى بعض منتجات الألبان. ودليلا على درجة التجهيز، فإن مبيعات اللبن والزبادي المنتجة بطريقة عضوية في أوروبا تبلغ نحو 85 في المائة من قيمة مبيعات منتجات الألبان المنتجة بطريقة عضوية، بينما لا تتعدى مبيعات الجبن المنتج بطريقة عضوية في الإقليم 10 في المائة. ومن منظور المصنعين، وبالنظر إلى ضرورة وجود سلسلة تجهيز منفصلة للأغذية العضوية، ثمة ميزات لإنتاج أغذية لا تتطلب درجة عالية نسبياً من التجهيز. وفي ما يتعلق بالجبن، يتم الإنتاج في معامل صغيرة نظراً إلى مشكلة الفصل بين الألبان المنتجة بطريقة عضوية والألبان التقليدية. ومن الناحية الإيجابية، فإن إنتاج منتج مجهّز بطريقة عضوية، مثل النقانق واللبن واللحوم التي تحمل العلامة التجارية للمزرعة والجبن المنتج بطريقة عضوية، قد تشكل وسيلة فعالة لصغار المنتجين لتكوين هوية مميزة ومكانة خاصة في السوق ويعطي إمكانات جديدة لتلبية طلب الأسواق القطرية والدولية. ومن العوائق التي تبرز تبعا للانتقال من مرحلة لأخرى في سلسلة التجهيز، معرفة ما إذا كان يلزم إنتاج المكونات، كمكسبات النكهة ومواد التحلية، في الزبادي أو المثلجات بنكهة معينة مثلاً، استناداً إلى مواصفات عضويّة كي يصنّف المنتج المجهّز في فئة "عضوي". وفي ذات الوقت، فإن تنمية أغذية مجهّزة أخرى قد يؤدي، بحد ذاته، طلباً على المنتجات العضوية مثل مساحيق الألبان أو الزبد، عند استعمالها مكونات في البسكويت والحلويات.

سادساً – الانعكاسات على صناعات اللحوم والألبان

19-     إنّ ارتفاع تكاليف بدء المشاريع ومتطلبات التحوّل وارتفاع كلفة العلف العضوي وصعوبة الحصول على شهادات اعتماد عضوية تعيق توسّع الإنتاج الحيواني العضوي. كما أنّ الظروف الخاصة لتربية الحيوانات التي تتضمن دورة بيولوجية أطول من دورة المحاصيل، ومتطلبات التربية العضوية للحيوانات، وارتفاع كلفة الحصول على مدخلات عضوية واستخدامها، تزيد من تكاليف ومخاطر التحول من الإنتاج الحيواني العادي إلى الإنتاج الحيواني العضوي. كما أن متطلبات إنجاز الإنتاج الحيواني العضوي بدون اللجوء إلى العقاقير والمواد الاصطناعية المضافة إلى العلف ومحفّزات النمو، يبيّن أهمية الإدارة والتغذية الصالحة للحيوانات والكثافة الملائمة للقطعان وموارد وراثية وانتقاء الجنبات لأجل مكافحة الأمراض. وتعني عادة تلبية متطلبات شهادات الاعتماد العضوية ارتفاع تكاليف الإنتاج. وعلى سبيل المثال، أفادت التقارير أنّ كلفة إنتاج لحوم الأبقار بطريقة عضوية في المملكة المتحدة هي 20 في المائة أعلى مما هي عليه بالطرق التقليدية. وفي بعض الحالات، أدّى ارتفاع كلفة التحول إلى إنتاج اللحوم والألبان بطريقة عضوية إلى دفع الإعانات للمزارع كما حصل في الاتحاد الأوروبي مثلاً. ولا يستفيد المنتجون من مثل هذا الدعم في البلدان النامية عموما، مع أنّ المساعدات الإنمائية التي قدمها الاتحاد الأوروبي استخدمت في بعض الحالات، كما في البرازيل، في بدء الإنتاج الحيواني العضوي.

20-     وفي ظل ما تتعرض له ممارسات الإنتاج الحيواني التقليدية من فحص وانتقاد بصورة متكررة في سياق انتشار الأمراض الحيوانية مؤخراً وازدياد المخاوف بشأن سلامة الأغذية، هناك ضغط متزايد من جانب المستهلكين وصانعي السياسات لتطبيق مواصفات سلامة أكثر تشدداً "من الحافر إلى الطبق". وغالباً ما تعني هذه السياسات الابتعاد عن الاستخدام الشائع للمضادات الحيوية والمواد المضافة إلى العلف وتدعيم المواصفات بشأن رعاية الحيوانات. وقد يؤدي اعتماد هذه المواصفات من جانب منتجي المنتجات الحيوانية التقليدية إلى الحد من الطلب العام على المنتجات العضوية. إذ تعتبر هذه المنتجات حلاً وسطاً بين الزراعة العضوية والزراعة التقليدية.

21-     ويجدر بالمنتجين الاعتراف بالشكوك الكبيرة التي تكتنف الفوارق المستقبلية في أسعار المنتجات الحيوانية المنتجة بطريقة عضوية مقارنة مع المنتجات التقليدية، نظرا لأن الحجم النهائي للسوق وكذلك نطاق المنافسة المرتقبة غير معروفين. لكن نظراً إلى اعتماد إنتاج اللحوم ومنتجات الألبان بطريقة عضوية أكثر على العمالة المكثفة مقارنة مع أساليب الإنتاج التقليدي، قد تكسب البلدان النامية ميزة نسبية على المدى الطويل.

سابعاً – المنتجات الحيوانية المنتجة بطريقة عضوية في البلدان النامية

22-     يمكن ذكر إنتاج اللحوم بطريقة عضوية في الأرجنتين نموذجا لبلد نام يقوم بتموين الأسواق الخارجية. وفي حين أنّ الصناعة العضوية في الأرجنتين حديثة النشأة نسبياً، إذ تأسست أول جمعية للإنتاج العضوي عام 1985، فإن الظروف المناخية الملائمة ودرجة الخصوبة العالية للتربة جعلت الأرجنتين موقعاً مناسباً للإنتاج العضوي. وحددت الحكومة الأرجنتينية مواصفات قومية للمنتجات العضوية. وهي لا تقل تشدداً عن مواصفات الاتحاد الدولي لحركات الزراعة العضوية والاتحاد الأوروبي. ولا تقدم الحكومة أي مساعدة لمنتجي المنتجات بطرق عضوية؛ لكنّ بعض المنتجين استفادوا من المساعدة في إطار مشروع الاتحاد الأوروبي لتشجيع الإنتاج العضوي.

23-     والصناعة العضوية في الأرجنتين موجهة نحو التصدير بشكل أساسي حيث تبلغ قيمة الصادرات 85 في المائة (تقدر قيمتها عام 2001 بمبلغ 32 مليون دولار أمريكي)؛ لكن سوقاً محلية برزت في بوينس أيرس. وعام 2000، ساهمت اللحوم والمنتجات الحيوانية بنحو 200 3 طن من الإنتاج الإجمالي البالغ 000 40 طن من المنتجات العضوية أو ما يعادل 8 في المائة. وتم تصدير 000 35 طن منها، شكلت اللحوم والمنتجات الحيوانية فيها 3 في المائة. مما يعني أنّ نسبة كبيرة من اللحوم المنتجة بالطرق العضوية استهلكت في السوق المحلية. لكن النسبة التي بيعت على شكل لحوم منتجة بطريقة عضوية ونسبة المبيعات التقليدية لم تتضح بعد. واشترى الاتحاد الأوروبي الذي يشكل الوجهة الأساسية لصادرات لحوم الأبقار المنتجة بطريقة عضوية من الأرجنتين، أكثر من 500 طن عام 2000. وعام 2001، انخفضت صادرات اللحوم المنتجة بطريقة عضوية من الأرجنتين بشكل ملحوظ نتيجة الحظر المفروض على الواردات في الأسواق الرئيسية بعد انتشار مرض الحمى القلاعية. أما بالنسبة إلى الألبان، فيقتصر حالياً استهلاك الإنتاج العضوي في الأرجنتين على السوق المحلية ولا يتم تصديره.

24-     وفي الدول الأخرى، تسعى البرازيل وأوروغواي(9) إلى تنمية صادرات اللحوم المنتجة بطريقة عضوية. فقد عمدت البرازيل إلى تنمية إنتاج لحوم الأبقار بالطرق العضوية في مستنقعات منطقة Pantanal الرطبة في ولاية Mato Grasso do Sul في وسط البلاد، بفضل مشروع يموّله الاتحاد الأوروبي. وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها إنتاج لحوم الأبقار بطرق عضوية بالكامل في البرازيل ويتوقع أن يبلغ الإنتاج السنوي من اللحوم 000 15 طن. كما يتوقع أن يكون الاتحاد الأوروبي السوق الرئيسية للإنتاج في إطار هذا المشروع، إلى جانب إيجاد سوق محلية لقطع وفضلات اللحوم. وتعتبر السلطات البرازيلية المشروع أداة لدعم دخول منتجي منتجات الأبقار المحليين، مع تقليل الضرر البيئي في ذات الوقت الذي تسببت به الأساليب التقليدية لتربية الأبقار. وفي حين يتم تصدير 90 في المائة من إجمالي الإنتاج العضوي في البرازيل، تنمو السوق الداخلية للأغذية المنتجة بطريقة عضوية بمعدل 25 في المائة سنوياً. وكما هي الحال بالنسبة إلى الأرجنتين، يقتصر بيع الألبان المنتجة بطريقة عضوية على السوق المحلية فقط.

ثامناً – الاستنتاجات

25-     يستند القسم الأكبر من تحاليل سوق المنتجات العضوية إلى تقارير غير رسمية وغير مخصصة نظراً إلى حداثة نشوء هذه السوق والنقص في البيانات التجارية الرسمية وغيرها من المصادر الإحصائية للتمييز بين المنتجات العضوية والمنتجات التقليدية. وفي هذا الإطار، هدفت هذه الورقة إلى رصد بعض النواحي الرئيسية التي تتسم بها سوق المنتجات العضوية، بما في ذلك إنتاج قطاع الثروة الحيوانية، كي تشكل منطلقاً للنقاش خلال اجتماع الجماعة الحكومية الدولية المختصة باللحوم ومنتجات الألبان ووثيقة أساسية للندوة بشأن المنتجات العضوية التي ستعقد بعد اجتماع الجماعة الحكومية الدولية مباشرة.

26-     ويمكن اختصار النقاط الأساسية التي برزت على ضوء المعلومات الواردة في هذه الورقة بما يلي:

·         شهدت سوق المنتجات العضوية نمواً ملحوظاً في بعض البلدان المتقدمة وبدأت في التوسع في بعض البلدان النامية؛

·    انطلق نمو الطلب من قاعدة صغيرة ومن غير المؤكد بعد ما إذا كان سيستمر أم لا عندما تصبح حصة المنتجات العضوية من استهلاك الأغذية أكبر (أكثر من 1-3 في المائة) في بلد معيّن؛

·    مع أنّ التعريفات بشأن ما يعتبر زراعة "عضوية" قد تختلف من حيث التفاصيل بين دولة وأخرى، مع اكتساب التجارة أهمية أكبر، هناك الآن منحى تقاربي بين تلك التعريفات؛

·         كذلك نتيجة التجارة، يتجه إصدار الشهادات نحو مواصفة مقبولة دولياً مع أنّ ذلك لم يتحقق حتى الساعة؛

·         يعتبر إصدار الشهادات عنصراً أساسياً بالنسبة إلى أي دولة ترغب إما في التصدير أو في تطوير سوقها الداخلية؛

·    مع اكتساب القنوات الرئيسية للبيع بالتجزئة المزيد من الأهمية من أجل توزيع الأغذية المنتجة بطريقة عضوية، سينعكس هذا إيجاباً على مبيعات اللحوم ومنتجات الألبان المنتجة بطريقة عضوية؛

·         يختلف فهم المستهلكين لطبيعة الزراعة العضوية وكذلك أسباب اختيار تناول أغذية منتجة بطريقة عضوية؛

·         قد تستفيد اللحوم ومنتجات الألبان المنتجة بطريقة عضوية من ازدياد عدد المستهلكين الذين يبحثون عن منتجات "طبيعية"؛

·         لا تزال مشاركة البلدان النامية في تصدير اللحوم ومنتجات الألبان المنتجة بطريقة عضوية محدودة جداً في الوقت الراهن.

27-     باختصار، قد توجد فرص للتسويق في البلدان النامية لتصدير اللحوم ومنتجات الألبان المنتجة بطريقة عضوية، لاسيما في البلدان التي تكون الظروف المناخية والايكولوجية فيها مواتية لقيام نظم إنتاج حيواني مكثّفة. لكن تلبية مقتضيات إصدار الشهادات ومواصفات النوعية التي تفرضها الأسواق الخارجية قد تكون متطلّبة جداً. كما ليس ثمة ما يضمن استمرار النمو الكبير في الطلب الذي شهدناه في السنوات القليلة الماضية بنفس المستوى في السنوات القادمة.

28-     لذا توصى أي دولة راغبة في تطوير إنتاج اللحوم ومنتجات الألبان المنتجة بطريقة عضوية والموجهة إلى الأسواق الخارجية بإجراء أبحاث وتحاليل دقيقة.



(1) ملاحظة: في موازاة الجماعة الحكومية الدولية المختصة باللحوم ومنتجات الألبان، ستنظم في 28 أغسطس/آب ندوة تمتد على نصف نهار عن أسواق اللحوم ومنتجات الألبان المنتجة بطريقة عضوية (للمزيد من المعلومات أنظر الوثيقة CCP:ME 02/1 – جدول الأعمال المؤقت، وملاحظات عليه، والجدول الزمني). ستُبحث خلال الندوة العديد من النواحي الواردة في هذه الورقة بشكل مفصل أكثر.

(2) وفقا لاحدى التقديرات فإن حجم السوق العالمية للأغذية العضوية بلغ 26 مليار دولار أمريكي عام 2001، مع تقدير نمو السوق بنحو 23 في المائة مقارنة مع السنة السابقة. ويشكل الاتحاد الأوروبي فيه 12 مليار دولار أمريكي والولايات المتحدة 10 مليارات دولار. ولا تقل السوق اليابانية أهمية. المصدر: مرصد الصناعات العضوية، اقتباس وارد في World Organics News، 15/11/2001.

(3) يستند هذا القسم إلى الأسواق العالمية للفاكهة والخضر العضوية – المركز التقني للتعاون الزراعي والريفي ومركز التجارة الدولية المشترك بين الأونكتاد ومنظمة التجارة العالمية ومنظمة الأغذية والزراعة – روما، 2001.

(4) أنظر الموقع: http://www.codexalimentarius.net/STANDARD/standard.htm

(5) نظام صادر عن المجلس (الاتحاد الأوروبي) 1804/1999.

(6) أعدّت منظمة الأغذية والزراعة استبياناً رائداً يسعى إلى جمع البيانات بشأن الإنتاج والتجارة العضويتين. وهو قيد الاختبار حالياً.

(7) المرصد العضوي، مقتبس في World Organic News، 9/5/2002.

(8) يشتري 7 في المائة من السكان في المملكة المتحدة 57 في المائة من الأغذية المنتجة بطريقة عضوية.

(9) ستعرض حالة أوروغواي خلال ندوة الجماعة الحكومية الدولية المختصة باللحوم ومنتجات الألبان في 28 أغسطس/آب 2002.