الصفحة السابقة بيان المحتويات الصفحة التالية

تمهيد من المدير العام

يسعدني أن أعرض هذا الإصدار السادس من تقرير تقييم البرامج في منظمة الأغذية والزراعة، على المجلس والمؤتمر. ويأتي التقرير في وقت تجرى فيه زيادة تعزيز نظم التقييم لدى المنظمة إعمالا لالتزامنا بتقوية المنظمة كمنظمة تتعلم وكمركز للخبرات الرفيعة، حسبما أوضح في استراتيجية ضمان الخبرة الرفيعة الشاملة لوحدات المنظمة.

وكنت قد أصدرت، في نوفمبر/تشرين الثاني 2001، نشرة المدير العام بشأن تقوية نظام التقييم في المنظمة. وإثر هذه النشرة، وتماشيا مع التوصيات التي أصدرتها الأجهزة الرياسية، فإننا نعمل الآن على تحسين الرصد والتقييم السنوي من قبل مدراء البرامج، وعلى تطبيق التقييم الذاتي المنتظم لجميع الكيانات البرامجية. كما أن الأموال من خارج الميزانية، سواء لدعم عمل المنظمة الميداني أو للبرامج المعيارية، تخضع بدورها لإجراءات رصد وتقييم مشددة. وهو ما من شأنه أن يعزز أكثر إعداد الميزانية والتخطيط البرامجي القائم على النتائج، مما يتفق مع الاستراتيجية الرامية إلى الاستمرار في تحسين عملية الإدارة حسبما حددت في الإطار الاستراتيجي.

وتبعا للتقاليد المرعية الآن، فقد سعيت للحصول على مشورة لجنة البرنامج وقبلت بها فيما يتعلق بمجالات العمل التي ينبغي تقييمها خلال الفترة المالية. وعلى نحو مماثل، استمر التقليد المتبع في عرض تقارير التقييم على لجنة البرنامج مصحوبة باستجابة الإدارة على الاستنتاجات والتوصيات، مما أتاح إجراء مناقشات متعمقة في اللجنة بشأن ما هو مجد وممكن.

واتسمت جميع أعمال التقييم بالدقة والاستقلالية، مركزة على حصيلة البرامج ومنافعها بالنسبة للدول الأعضاء ومردودية تكاليفها. وجمعت، على نحو متكامل، بين دراسة التعاون الفني والأعمال ذات الطابع المعياري بقدر أكبر.

ولقد خضعت لعملية التقييم هذه مبادرتان رئيسيتان، اتفق عليهما مع المؤتمر عندما تقلدت منصبي أول مرة، وهما البرنامج الخاص للأمن الغذائي وبرنامج الوقاية من طوارئ الآفات والأمراض الحيوانية والنباتية العابرة للحدود (الجراد الصحراوي وجوانب صحة الحيوان معا)، وجاءت عمليتا التقييم في الوقت المناسب، فكلا البرنامجين الآن راسخان، وأصبحا برنامجين هامين لبلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض. وتطور هذان البرنامجان منذ إنشائهما تبعا للخبرة المكتسبة والملاحظات التي أبدتها عمليات التقييم، مما كان له أبلغ الفائدة في مزيد من تنظيم عمل البرنامجين لفائدة الدول الأعضاء. وكان ترحيب لجنة البرنامج بالنهج المرن الذي يركز على الإنسان، والذي نتبعه في البرنامج الخاص للأمن الغذائي، مبعث تشجيع عظيم.

كذلك يعكس تقرير تقييم البرامج لعام 2003 التوجه الذي أيدته لجنة البرنامج، والرامي إلى تقييم عملنا أكثر فأكثر على ضوء الأهداف الاستراتيجية للمنظمة حسبما اتفق عليها في الإطار الاستراتيجي للفترة 2000 - 2015. ويضم التقرير الحالي موجزا لتقييم العمل الجاري بشأن الهدف الاستراتيجي ألف-3 "التأهب لحالات الطوارئ الغذائية والزراعية والاستجابة الفعالة والمستدامة لها". ومن السمات المؤسفة لأوضاع العالم والأمن الغذائي أن باتت مساعدة المعرضين للطوارئ على استئناف أنشطتهم الزراعية عقب الطوارئ، جزءا من أعمال المنظمة. وتتبدى فائدة التقييم في تحديده للدروس التي ينبغي استخلاصها لكي نعزز أكثر من فعالية هذا الدور.

إن الفصل الخامس من التقرير الحالي هو تلخيص لتقييم الدستور الغذائي والأعمال الأخرى التي تضطلع بها المنظمة ومنظمة الصحة العالمية في مجال مواصفات الأغذية، والذي شاركنا في إجرائه مع شركائنا في منظمة الصحة العالمية، وهذا البرنامج ظل دائما برنامجا رئيسيا للمنظمة، وأكد أهميته لجميع البلدان التقييم نفسه والاهتمام الذي توليه إياه جميع الدول الأعضاء، حيث تدارسته دورة خاصة لهيئة الدستور الغذائي. وكما سيتضح من استجابة الإدارة، فإننا من جانبنا قد اتخذنا خطوات مشاركة مع منظمة الصحة العالمية لتنفيذ الكثير من التوصيات. إلا أن الكثير يظل رهنا باستعداد أعضاء الدستور الغذائي لتبسيط طرائق عملهم وأولوياتهم، بحيث تشمل بصورة أكبر، في ذات الوقت، البلدان النامية واحتياجاتها.

وعالج تقييم الأنشطة الإحصائية للمنظمة (الفصل السادس من التقرير الحالي) واحدة من الوظائف الأساسية للمنظمة. ويؤكد التقييم أهمية وفائدة الوظائف الإحصائية، ولكنه يسلط الضوء على الصعوبات التي تواجهها الكثير من البلدان النامية في كفالة استمرارية نظمها الوطنية وتحسينها، والتي تعتمد عليها نوعية الإحصاءات التي تصدرها المنظمة. كما يؤكد التقييم الحاجة إلى استعراض الأولويات بغية أن يتم على نحو أفضل تلبية المتطلبات الأساسية من المعلومات من بين الطلبات المتنوعة المتزايدة. وتعتزم الإدارة الاستفادة من هذه التوصيات في تحقيق مزيد من التقدم في هذا المجال الهام من الأعمال المعيارية.

ولقد لاحظت، في كل حالة، أن عمليات التقييم أظهرت ضرورة توسع مخرجات المنظمة في أوجه معينة. وهو مبعث ارتياح عظيم لدى المنظمة، ويقف شاهدا على قيمة ما نبذله من جهود. ونحن نعمل معكم، أنتم أعضاء المنظمة، ونعمل مع شركائنا الآخرين، في سبيل التغلب على قيود الموارد التي تجعل من العسير الاستجابة لهذه التوصيات. بيد أننا، في إطار مسعانا المستمر إلى بلوغ قدر أكبر من مردودية التكاليف، طلبنا من إدارة التقييم أن تطرح في عمليات التقييم القادمة، البدائل التي تكفل التحسين في نطاق الموارد المتاحة، إضافة إلى تحديد الأولويات للتمويل الإضافي.

إن دور التقييم في المنظمة يعكس ما أسعى إليه من شفافية كاملة ومساءلة لا يقتصران فقط على استخدام الموارد، بل ويشملان أيضا النتائج المتحققة منها. ولقد رحبت لجنة البرنامج مرات عديدة بالدراسة الصريحة والناقدة للتأثيرات والقضايا المضمنة في تقارير التقييم. واتفق مع هذا المفهوم، وإن قاد الإدارة، أحيانا، إلى رد صريح ومماثل على الملاحظات والتوصيات التي نرى أنها لا تقبل التطبيق. وعلى هذا النحو فإني أرى أن أعمال التقييم ذات أهمية متعاظمة، سواء في النقاش الداخلي أو في تدعيم الحوار مع الدول الأعضاء، بشأن سبل تقديم الخدمات المثلى.

ومن هذا المنطلق، فإنني أتطلع إلى تعليقات المجلس والمؤتمر على الاستنتاجات والقضايا التي يثيرها التقرير الحالي.

جاك ضيوف
المدير العام


الصفحة السابقة أعلى الصفحة الصفحة التالية