NERC 2004




المؤتمر الإقليمي السابع والعشرون للشرق الأدنى

الدوحة، دولة قطـر، 13 - 17 مارس/آذار 2004

متابعة مؤتمر القمة العالمي للأغذية ومؤتمر القمة العالمي للأغذية:
خمس سنوات بعد الانعقاد – الأبعاد الإقليمية

بيان المحتويات

 

الفقرات

أولا- مقدمة

1-3

ثانيا- الأداء المقارن للأقاليم نحو تحقيق هدف مؤتمر القمة العالمي للأغذية

4-5

ثالثا- توقعات الأمن الغذائي العالمي

6-12

رابعا- الطريق إلى المستقبل

13

خامسا- المنظور من وجهة إقليم الشرق الأدنى

 

ألف- عرض عام لاتجاهات الأمن الغذائي في إقليم الشرق الأدنى

14-26

باء- القضايا الرئيسية التي تؤثر على الأمن الغذائي في إقليم
الشرق الأدنى

27-38

جيم- آفاق تعزيز الأمن الغذائي بزيادة الإنتاج الغذائي

39-44

سادسا- الاستنتاجات

45-47

أولا- مقدمة

1- تحتوي هذه الوثيقة على ملخص لأهم أعمال المتابعة على المستويين الإقليمي و شبه الإقليمي لتنفيذ خطة عمل مؤتمر القمة العالمي للأغذية. فعندما يحل موعد انعقاد المؤتمر الإقليمي التالي، في عام 2006، تكون جميع البلدان قد قطعت نصف الشوط نحو تحقيق هدف مؤتمر القمة العالمي للأغذية بتخفيض عدد ناقصي التغذية إلى النصف بحلول عام 2015. وبناء على ذلك، فإن المؤتمر الإقليمي لعام 2004 يتيح فرصة ثمينة للتأمل الجماعي فيما تحقق من تقدم حتى الآن. والهدف الرئيسي من هذه الوثيقة هو إبراز الاحتياجات الخاصة للإقليم، والفرص المتاحة، ونقاط الضعف الموجودة. وقد أجري هذا الاستعراض للتأكيد على دوائر النجاح والصعوبات التي واجهتها جميع البرامج الموجودة التي تهدف إلى الحد من الجوع، وإعطاء معلومات عن هذه البرامج، وتبريرها، وإجراء مشاورات حولها، وطلب المشورة بشأنها.

2- وإن وجود الجوع في عالم من الوفرة ليس مجرد عيب أخلاقي، بل إنه قصر نظر من الزاوية الاقتصادية أيضاً. فالإنسان الجائع هو عامل فقير، وهو دارس متخلف (هذا إذا كان يذهب إلى المدرسة أصلاً) وهو معرض للمرض، ويلقى حتفه صغيراً. والجوع ينتقل من جيل إلى جيل، حيث أن الأم التي لا تتغذى جيداً تلد أطفالاً ناقصي الوزن يعانون فيما بعد من نقص في نشاطهم العقلي والبدني. فانتشار الجوع يعيق إنتاجية الأفراد وتطور أمم بأسرها. ومن هنا فإن لكل بلد مصلحة ذاتية في استئصال الجوع.

3- وإن إحراز أي تقدم سريع في الحد من الجوع المزمن في البلدان النامية أمر ممكن لو توافرت الإرادة السياسية. والأمر بحاجة إلى نهج ذي شقين: تشجيع النمو الزراعي الذي يستجيب بسرعة والذي يقوده صغار المزارعين، وبرامج موجهة لضمان حصول الجياع الذين لا يملكون القدرة على إنتاج طعامهم ولا السبل لشراء مثل هذا الطعام على إمدادات كافية منه. فمثل هذه النهج يساند كل منها الآخر، والبرامج التي تهدف إلى زيادة الحصول المباشر والفوري على الأغذية، تتيح منافذ جديدة للتوسع في الإنتاج. والبلدان التي انتهجت هذا النهج تجني الآن منافعه.

ثانيا- الأداء المقارن للأقاليم نحو تحقيق هدف مؤتمر القمة العالمي للأغذية

4- على مستوى العالم ككل، تشير آخر التقديرات إلى أن هناك 798 مليون نسمة يعانون من نقص التغذية في الفترة 1999-2001 في العالم النامي، وهو ما يمثل انخفاضاً بنحو 19 مليون نسمة فقط منذ 1990-1992، وهي الفترة المرجعية التي اعتمد عليها مؤتمر القمة العالمي للأغذية. ومعنى هذا أن متوسط الانخفاض السنوي منذ انعقاد مؤتمر القمة لم يتعد 2.1 مليون نسمة، وهو ما يقل كثيراً عن المستوى المطلوب لتحقيق هدف المؤتمر. ومعنى هذا مرة أخرى أن الأمر يحتاج إلى الإسراع بهذا الرقم للوصول به إلى 26 مليون نسمة سنوياً، أي ما يقرب من 12 مثل المعدل الحالي لانخفاض عدد الجياع، حتى يتسنى تحقيق هدف المؤتمر..

5- ومع ذلك، فإن عددا محدودا من البلدان استطاع إحراز تقدم في تخفيض عدد ناقصي التغذية. فالصين وحدها حققت انخفاضاً وصل إلى 58 مليون نسمة منذ 1990-1992. كما استطاعت إندونيسيا وفيتنام وتايلند والبرازيل وغانا وبيرو تحقيق انخفاض زاد على 3 ملايين نسمة، مما ساعد على الحد من الزيادة التي وصلت إلى 75 مليون نسمة في 57 بلداً لم تحرز أي تقدم ولكننا إذا استبعدنا الصين وهذه البلدان الستة جانباً، فسنجد أن عدد ناقصي التغذية في باقي أنحاء العالم النامي قد زاد بأكثر من 60 مليون نسمة منذ الفترة المرجعية التي اعتمد عليها مؤتمر القمة العالمي للأغذية.

ثالثا- توقعات الأمن الغذائي العالمي

6- استهلاك الأغذية(1)، الذي يقاس بالسعرة الحرارية/للفرد/في اليوم هو أهم متغير يستخدم لقياس وتقييم تطور حالة الأغذية في العالم. فقد أحرز العالم تقدماً كبيراً في زيادة استهلاك الفرد من الأغذية. والأرجح أن تزيد مستويات المتوسط القطري لاستهلاك الفرد من الأغذية من 2680 سعرا حراريا في 1997-1999 إلى 2850 سعرا حراريا في 2015، لتقترب من 3000 سعر حراري بحلول عام 2030 (الجدول 1). ومعنى هذا أن نسبة السكان ناقصي التغذية في البلدان النامية ككل، قد ينخفض من 776 مليون نسمة في 1997/1999 إلى 610 ملايين نسمة في 2015، ثم إلى 440 مليون نسمة بحلول عام 2030.

الجدول 1: استهلاك الفرد من الأغذية (سعر حراري / للفرد /في اليوم)

 

1964/1966

1974/1976

1984/1986

1997/1999

2015

2030

العالم

358 2

435 2

655 2

803 2

940 2

050 3

البلدان النامية

054 2

152 2

450 2

681 2

850 2

980 2

أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى

058 2

079 2

057 2

195 2

360 2

540 2

الشرق الأدنى وشمال أفريقيا

290 2

591 2

953 2

006 3

090 3

170 3

أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي

393 2

546 2

689 2

824 2

980 2

140 3

جنوب آسيا

017 2

986 1

205 2

403 2

700 2

900 2

شرق آسيا

957 1

105 2

559 2

921 2

060 3

190 3

البلدان الصناعية

947 2

065 3

206 3

380 3

440 3

500 3

البلدان التي تمر بمرحلة تحول

222 3

385 3

379 3

906 2

060 3

180 3

بنود

           

1- العالم النامي باستثناء البلدان التي تمر بمرحلة تحول

261 2

341 2

589 2

795 2

930 2

050 3

2- البلدان النامية باستثناء الصين

104 2

197 2

381 2

549 2

740 2

900 2

3- شرق آسيا باستثناء الصين

988 1

222 2

431 2

685 2

830 2

980 2

4- أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى باستثناء نيجيريا

037 2

076 2

057 2

052 2

230 2

420 2

© منظمة الأغذية والزراعة، الزراعة في العالم نحو عام 2015-2030، ص 30.
7- تشير آخر تقديرات الأمم المتحدة إلى أن متوسط عدد سكان العالم الذي كان 5.9 مليار نسمة في فترة الثلاث سنوات 1997/1999، ينتظر أن يزيد إلى 7.2 مليار في 2015 وإلى 8.3 مليار في 2030. ورغم ذلك، فإن هذه الزيادة في الأرقام المطلقة تعبر عن نقص في معدل زيادة سكان العالم؛ فقد وصل هذا المعدل إلى ذروته في النصف الثاني من الستينات، حيث كان 2.04 في المائة ثم هبط إلى 1.35 في المائة سنوياً بحلول النصف الثاني من التسعينات. وسوف يستمر هذا الانخفاض ليصل إلى 1.0 في المائة في الفترة 2010-2015، ثم إلى 0.7 في المائة في 2025-2030. ومن الناحية العملية فإن الزيادة بأكملها والتي تصل إلى ما يقرب من 70 مليون نسمة في المتوسط حتى عام 2015، ستحدث في البلدان النامية.

8- وبغض النظر عن التقدم البطيء في تقليل الأرقام المطلقة لأعداد ناقصي التغذية، فلا ينبغي التقليل من شأن التحسن الكلي الملموس في الأرقام المتوقعة. فسوف يتزايد عدد السكان الذين يعيشون في بلدان يتراوح استهلاك الفرد من الأغذية فيها بين المتوسط والمرتفع. وكمثال، فبحلول عام 2015، سوف يكون هناك 81 في المائة من سكان العالم يعيشون في بلدان تزيد قيمة هذا المتغير على 2700 سعر حراري / فرد / يوم، مقابل 61 في المائة فقط في الوقت الحاضر و33 في المائة فقط في منتصف السبعينات. أما هؤلاء الذين يعيشون في بلدان يربو فيها هذا المتغير على 3000 سعر حراري، فسوف يمثلون 48 في المائة من سكان العالم في 2015، و53 في المائة في عام 2030، مقابل 42 في المائة فقط في الوقت الحاضر.

9- أما عدد البلدان التي يرتفع فيها عدد ناقصي التغذية (أكثر من 25 في المائة من عدد سكانها) والتي يحتاج أغلبها إلى تدخلات من جانب السياسات الدولية فسينخفض انخفاضاً كبيراً: من 35 بلداً في 1997-1999 إلى 22 بلدا في 2015 ثم إلى 5 فقط في عام 2030. ولن يكون من بينها أي بلد من الفئة المزدحمة بالسكان (أكثر من 100 مليون نسمة في 1997 – 1999). وسوف تمثل نسبة متناقصة باستمرار ممن يعانون من نقص التغذية، أي 72 مليون نسمة من أصل 440 مليونا في عام 2030 (في 1997-1999 كانوا 250 مليون نسمة من أصل 776 مليون نسمة).

10- وهناك علاقة قوية بين النمو الاقتصادي وتراجع الجوع. ولكن هذه النتيجة لا تحدث بالطبع بصورة تلقائية، وإن كان من الممكن ملاحظة أن البلدان التي لم تحقق نمواً اقتصادياً بل وانخفض نصيب الفرد فيها من الناتج القومي المحلي لم تستطع تخفيض عدد من يعانون من سوء التغذية فيها، بل وواجهت زيادة كبيرة في أعدادهم. ولذا فإنه من المرجح أن تعجز معدلات النمو الاقتصادي في العديد من البلدان التي تنخفض فيها معدلات استهلاك الأغذية والتي ينتشر فيها نقص التغذية، عن الأداء المطلوب لإحداث انخفاض ملموس في معدلات الفقر حتى عام 2015.

11- وطبقاً لآخر تقديرات البنك الدولي عن الفترة 2000-2015، فمن المنتظر أن يعقب النمو البطيء في السنوات الخمس الأولى من الفترة المقترحة، نمو أسرع في السنوات العشر التالية، أي ما بين 2005 – 2015، وينتظر أن يصل هذا النمو بشكل عام إلى 1.9 في المائة في السنة من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي. ومن المتوقع أن تكون هناك معدلات نمو أعلى بالنسبة لجميع الأقاليم ومجموعات البلدان (وعلى الأخص حدوث تغير في انخفاض اقتصاديات البلدان التي تمر في مرحلة تحول وعودتها إلى الارتفاع) باستثناء بلدان آسيا الشرقية.

12- وافتراضات النمو الاقتصادي الخارجي المستخدمة هنا، مع معدلات النمو السكاني، هما العاملان الرئيسيان اللذان يحددان الاستهلاك المتوقع للأغذية، وبالتالي معدلات انتشار نقص التغذية.

رابعا- الطريق إلى المستقبل

13- ما هي أهم الصكوك والآليات ذات الكفاءة لتحقيق أهداف التنمية للألفية؟ فيما يلي عرض سريع لبعض المبادرات الأخيرة في المنظمة:

× برنامج مكافحة الجوع يرسم نهجاً ذا شقين لتخفيض عدد الجياع بسرعة وبصورة دائمة. وهو يدعو إلى الحصول على الأغذية والى تقديم الإغاثة الفورية لأكثر المحتاجين إليها. كما أنه يعتبر قناة لتكريس الاستثمار للتنمية الزراعية والريفية المستدامة، وزيادة الإنتاجية، والدخل وإحياء الأمل في المناطق الريفية في بلدان العالم النامي حيث يعيش أكثر من ثلاثة أرباع فقراء العالم وجياعه. يقترح هذا البرنامج عناصر رئيسية لوضع إطار للسياسات المطلوبة لتعظيم تأثير هذه الاستثمارات بضخ تدفقات مكملة من الاستثمارات الخاصة وتمكين الفقراء والجياع من تحقيق كل إمكانياتهم الإنمائية.
× ويعني الحق في غذاء كاف، الذي يعترف به في العديد من الصكوك في إطار القانون الدولي، حق كل إنسان في التمتع بمستوى معيشة مرضية، بما في ذلك الغذاء الكافي والملبس والمسكن، وفي تحسن مستمر في ظروف معيشته. والقيمة التي أضافها هذا النهج القائم على الحقوق، هي أنه أفصح عن التزامات ومسؤوليات كل من عليه واجب ينبغي أن يؤديه. فهو يعطي الأفراد والجماعات حقاً في مقابل الدولة والدول التي تعمل معاً لاحترام حقهم في الحصول على غذاء كاف، وحماية هذا الحق والوفاء به. وتقوم المنظمة في الوقت الحاضر بتزويد أمانة مجموعة العمل الحكومية الدولية لوضع مجموعة من الخطوط التوجيهية الطوعية لدعم التحقيق التدريجي للحق في غذاء كاف في إطار الأمن الغذائي القطري. وبمجرد تطبيق هذه الخطوط التوجيهية، ينتظر أن تساعد البلدان الأعضاء على وضع الأساس القانوني والمؤسسي اللازم لتحقيق الأمن الغذائي الشامل لتحديد المسؤوليات عن إنجازه.
× التحالف الدولي ضد الجوع باعتباره إحدى نتائج مؤتمر القمة العالمي للأغذية: خمس سنوات بعد الانعقاد، يقر "بالحاجة العاجلة إلى تعزيز جهود جميع الشركاء المعنيين كتحالف دولي ضد الجوع، من أجل تحقيق أهداف مؤتمر القمة لعام 1996". والهدف الأول والأهم لهذا التحالف هو تيسير المبادرات على المستويين المحلي والقطري، والتي يستطيع الفقراء والجياع بفضلها تحقيق الأمن الغذائي على أساس مستدام، بحشد الإرادة السياسية، والخبرة التقنية، والموارد المالية.
× أما فريق المهام المعني بمكافحة الجوع، وهو جزء مكمل لمشروع الألفية، فيسعى إلى وضع خطة تنفيذية تسمح لجميع البلدان النامية بالحد من عدد الجياع ومن يعانون من سوء التغذية بنحو 400 مليون نسمة بحلول 2015. وسوف يسعى هذا الفريق إلى التوصية ببرامج تحقق التوجهات الستة التالية خلال ثلاث سنوات:

• إحداث زيادة هائلة في الأمن الغذائي للمزارعين في الأقاليم النائية والبيئات المعرضة لمخاطر جسيمة؛
• التوسع في ملكية الأسر والمجتمعات الفقيرة للأصول الطبيعية وإدارة هذه الأصول؛
• تحسين أسواق المدخلات والمنتجات الزراعية والترابط مع دوائر الأعمال لمصلحة الفقراء؛
• تقديم برامج لتغذية المجتمعات المحلية في دورة حياتها؛
• تحسين تدابير الوقاية من المجاعة؛
• إدراج استراتيجيات للحد من الجوع ضمن السياسات القطرية.

خامسا- المنظور من وجهة إقليم الشرق الأدنى

(أ) - عرض عام لاتجاهات الأمن الغذائي في إقليم الشرق الأدنى

14- يتصف إقليم الشرق الأدنى بمناخ قاحل وشبه قاحل وأمطار قليلة ومتقطعة. ويتألف من عدد من البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط. ويبلغ تعداد سكانه نحو 663 مليون في 2001، يعتمد زهاء 238 مليون منهم اعتمادا مباشرا على الزراعة – بما فيها صيد الأسماك والثروة الحيوانية. ويواجه الإقليم مشكلات خاصة فيما يتعلق بتحقيق الأمن الغذائي، بالنظر إلى الندرة النسبية للموارد، الأراضي الزراعية والمياه، وما يترتب على ذلك من فجوة بين الإنتاج الغذائي المحلي والطلب من المستهلكين. ويلزم زيادة كميات واردات الأغذية لتلبية احتياجات العدد المتزايد بسرعة من السكان. وفي ذات الوقت، هناك اختلافات كبيرة في معدل الدخل للفرد وفي الإمدادات الغذائية فيما بين بلدان الإقليم وداخل هذه البلدان. وعلى الرغم من أن الإمدادات الغذائية التجميعية في الإقليم قد تكون كافية عموما، لا يزال الفقر وسوء التغذية يسودان الإقليم.

1- اتساع الفجوة الغذائية في الشرق الأدنى

15- حسبما يتضح من الجدول 2، فإن كل الأقاليم الفرعية في الشرق الأدنى ستواجه حالات عجز غذائي ضخمة نسبيا بحلول عام 2010، باستثناء تركيا التي تتمتع بموارد زراعية كبيرة. ومن المتوقع بحلول عام 2010 أن تزيد الفجوة الغذائية في الإقليم بنحو 54 في المائة مقارنة مع الفجوة التي رصدت عام 1995، مما يعني معدل نمو سنوي قدره 2.9 في المائة. وهناك تفاوت كبير بين مساهمة الإنتاج في تلبية الطلب على الغذاء في الأقاليم الفرعية في مقابل حجم سكان هذه الأقاليم الفرعية. وستشكل وسط آسيا، التي تضم 45 في المائة من سكان الإقليم، ما لا يزيد عن 22 في المائة فقط من هذه الفجوة الغذائية، وفي الطرف الأقصى الآخر سيواجه شبه الجزيرة العربية، الذي لا يزيد عدد سكانه عن 7.5 في المائة فقط من سكان الإقليم، نحو 24 في المائة من هذه الفجوة.

الجدول 2: العجز الغذائي المتوقع في إقليم الشرق الأدنى في 2010 (آلاف الأطنان)

الإقليم الفرعي

الإنتاج

الطلب

العجز

بلدان المغرب العربي

49,850

77,654

27,804

شمال شرق أفريقيا

72,045

88,081

16,027

شبه الجزيرة العربية

17,754

41,811

24,057

غرب آسيا

26,665

56,729

20,064

وسط آسيا

157,101

178,935

21,834

تركيا

107, 470

102,515

4,955
(Surplus)

إجمالي 2010

440,885

545,723

99,883

إجمالي 1995

299,659

364,595

64,936

© المصدر: الزراعة في العالم عام 2010، منظمة الأغذية والزراعة.

الجدول 3: النسب المتوقعة للاكتفاء الذاتي في الأغذية في نخبة مختارة من البلدان في الشرق الأدنى في 2010

أقل من 60 في المائة

60-80 في المائة

أكثر من 80 في المائة

ليبيا

تونس

المغرب

المملكة العربية السعودية

مصر

تركيا

الجزائر

سورية

الصومال

موريتانيا

لبنان

السودان

اليمن

جمهورية إيران الإسلامية

أفغانستان

العراق

 

باكستان

الأردن

   

© المصدر: الزراعة في العالم عام 2010، منظمة الأغذية والزراعة.

16- ويمكن تجميع البلدان تبعا للنسب المتوقعة للاكتفاء الذاتي في الأغذية فيها (نسبة الاكتفاء الذاتي: الإنتاج الغذائي/ الطلب الكلي)، كما يظهر الجدول 3. وستحقق نحو نسبة الثلث من هذه البلدان معدل اكتفاء ذاتي يقل عن 60 في المائة. وهي تضم ثلاثة من البلدان الغنية بالنفط واثنتين من البلدان ذات الدخل المنخفض. وستواجه البلدين الأخيرين محنة عصيبة بالنظر إلى طاقتيهما المحدودة لاستيراد الأغذية. وفي حين أن كل من العراق والأردن وهما من البلدان ذات الدخل المتوسط، سيواجهان مشكلات مماثلة ما لم تزيد مواردهما من النقد الأجنبي بصورة تناسبية. وتضم المجموعة الثانية البلدان ذات الدخل المتوسط التي لا بد لها من توليد ما يكفي من النقد الأجنبي لتمويل استيراد ما يتراوح بين 20 إلى 30 في المائة من احتياجاتها المحلية. وستتمكن كل من المغرب وتركيا، من المجموعة الثالثة، من تلبية الطلب على الأغذية من الإنتاج المحلي لديهما. أما البلدان الثلاثة الأخرى في هذه المجموعة فهي من البلدان ذات الدخل المنخفض التي تتمتع بموارد زراعية كافية؛ وفي كلتا الحالتين، فإن المعدل العالي للاكتفاء الذاتي سيتحقق في ظل مستويات تغذوية منخفضة وبغض النظر عن الاختلافات بين البلدان، فإن واقع الأمر هو أن الإقليم بأكمله (باستثناء تركيا) سيظل إقليما يعاني العجز الغذائي.

2- الأوضاع التغذوية

17- تبعا لزيادة معدل الاستهلاك الفردي، ارتفعت المستويات التغذوية على نحو كبير منذ 1970. وفي عام 1995، كانت السعرات الحرارية المتاحة للفرد أعلى في الشرق الأدنى عنها في أي إقليم نام آخر في العالم. ومع ذلك، مازال هناك من الدلائل ما يبعث على القلق. وفي الكثير من بلدان الإقليم، وخاصة بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض، يبدو متوسط المتحصل اليومي للفرد من الطاقة غير كاف لتحقيق الأمن الغذائي العام. وتشير الدلائل إلى أن نحو 5 إلى 35 في المائة من السكان يعانون نقص الأغذية، عموما، عندما يكون المعدل الفردي من الإمدادات الغذائية يتراوح بين 2200-2500 سعر حراري/ يوميا. ومن الواضح أن نسبة كبيرة من سكان مجموعة بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض يعانون من نقص التغذية.

18- وتظهر مؤشرات التغذية المتاحة أن انتشار معدلات الأطفال ناقصي الوزن في الإقليم شهدت تحسنا طفيفا من 15 في المائة في 1985 إلى 13 في المائة في 1990. كما انخفضت معدلات وفيات الرضع بصورة سريعة في التسعينات. ويرتبط معظم هذا التحسن بزيادة عائدات صادرات النفط، والتي شملت منافعها البلدان الأشد فقرا في الإقليم بفضل هجرة اليد العاملة و/ أو المعونة المباشرة. وتشير الاسقاطات للإقليم ككل حتى عام 2010، إلى تباطؤ معدلات نمو السكان، ومعدل الدخل الفردي، وبالتالي تباطؤ الطلب على الأغذية. ومع ذلك، سيواصل معدل الاستهلاك الفردي من الأغذية ارتفاعه، كما ستتحسن المستويات التغذوية في مجموعها، وإن لم يشمل ذلك بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المتوسط والدخل المنخفض. وسترتبط هذه التغييرات بزيادة الواردات الغذائية وتراجع معدلات الاكتفاء الذاتي.

3- التجارة الزراعية

19- يظل أداء التجارة داخل الإقليم، بما فيها التجارة الزراعية، يتسم بالانخفاض والركود. ويتعذر في ظل قلة البيانات المستكملة والتفصيلية إجراء دراسة شاملة لهيكل وأداء المبادلات التجارية الزراعية فيما بين بلدان الإقليم. وعلى ضوء البيانات القليلة المتوافرة، يمكن رصد السمات الهامة للتجارة الزراعية الإقليمية عموما، فيما يلي:

20- انخفاض حصة التجارة الإقليمية البينية من مجموع التجارة الكلية: ظلت حصة التجارة الزراعية الإقليمية البينية من إجمالي التجارة الزراعية في إقليم الشرق الأدنى على ركودها وتتراوح بين 8 إلى 10 في المائة. وأصبح الإقليم معتمدا أكثر فأكثر على السوق العالمية في الحصول على إمداداته الغذائية. وثمة اختلافات واسعة فيما بين المجموعات الإقليمية الفرعية والبلدان المختلفة فرادى، فيما يتعلق بحصتها من التجارة البينية وتطور هذه الحصة. ففي بلدان مجلس التعاون لدول الخليج العربية، هناك اتجاه باد بالزيادة في نسبة الصادرات الزراعية الموجهة للشرق الأدنى، في حين تظهر المجموعات الأخرى اتجاها بالتراجع في هذه التجارة.

21- اتجاهات انخفاضية في الصادرات الزراعية: صادرات المنتجات الزراعية أساسية للنمو الاقتصادي للكثير من بلدان الشرق الأدنى، نظرا للدور الهام للزراعة في معظم هذه الاقتصاديات. وقيمة إجمالي الصادرات الزراعية من الشرق الأدنى، والتي بلغت 14.4 بليون دولار في 2001، تنمو بصورة بطيئة للغاية إذ لم تتجاوز 12 بليون دولار في 1990. وتشهد حصة الشرق الأدنى من الصادرات الزراعية العالمية تراجعا مستمرا، من 7 في المائة في الفترة 1971-1980 إلى 3 في المائة في 1991-2000.

22- وفي حين أن بعض المنتجات، مثل الحيوانات الحية، خيوط القطن، البقول والحبوب تشكل صادرات زراعية رئيسية لقلة من بلدان الشرق الأدنى، فإن صادرات الفاكهة والخضر هي صادرات هامة لجميع بلدان الإقليم تقريبا (الملحق 1). وشكلت صادرات الفاكهة والخضر نحو 40 في المائة، في المتوسط، من القيمة الكلية لصادرات الإقليم الزراعية، خلال الفترة 1992-1996. وتجاوزت هذه الحصة 50 في المائة في كل من الجزائر ولبنان والمغرب وجمهورية جمهورية إيران الإسلامية الإسلامية. وينتظر أن تشهد هذه النسب زيادة أخرى في المستقبل، استنادا إلى احتمال أن تضطر زيادة ندرة المياه في الإقليم ككل الكثير من البلدان للتحول أكثر فأكثر إلى إنتاج الفاكهة والخضر، التي تتميز بعائدات أكبر مقابل استخدام المياه.

23- الاعتماد الشديد على الواردات الغذائية: معظم بلدان الشرق الأدنى هي مستورد صاف للأغذية، بحيث أصبح هناك اعتماد شديد على الواردات الغذائية. وبالنسبة للإقليم ككل، زادت الواردات من الحبوب، على أساس نسبة من إجمالي الاستهلاك السنوي، من 15 في المائة في الفترة 1970-1975 إلى 37 في المائة في 1995-2001. ويتفاوت هذا الاعتماد كثيرا فيما بين البلدان. ففي الفترة 1995-2000، استوردت كل من مصر والجزائر واليمن، على سبيل المثال، نحو 44، 70، و90 في المائة على التوالي، من احتياجاتها من القمح ودقيق القمح – الغذاء الأساسي في هذه البلدان.

24- والاعتماد الشديد على الواردات الغذائية يعني جعل البلدان عرضة لبعض المخاطر. فلقد ولّدت اتفاقية جولة أوروغواي مخاوف واسعة النطاق في الإقليم، نظرا لما يتوقع من تخفيض لإعانات دعم الصادرات الغذائية جراء الاتفاقية وما ينشأ من بعض الزيادة في الأسعار العالمية للأغذية. وفي حين من المستبعد أن تواجه البلدان المصدرة للنفط تحديات هامة فيما يتعلق بقدراتها على استيراد الأغذية، فإن البلدان غير المصدرة للنفط تواجه تحديات هائلة. فبلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض، على وجه الخصوص، تواجه صعوبات في إيجاد عائدات النقد الأجنبي الكافية لتمويل الواردات الغذائية.

25- الاعتماد البالغ على تصدير السلع الأولية: يعتمد الكثير من بلدان الشرق الأدنى اعتمادا عظيما على بضعة سلع أولية في عائداتها من الصادرات مما يجعلها، بالتالي، عرضة لتأثيرات التقلبات الشديدة في أسعار السلع الدولية. والاعتماد المفرط على مجموعة صغيرة من المنتجات تترتب عنه عواقب وخيمة: فهو يعرض المزارعين بلا داع لتقلبات المناخ، وللآفات والأمراض وتقلبات الأسعار؛ ويؤدي إلى تقلبات في دخل المزارعين وفي إيرادات الحكومات؛ ويسهم في تعرض البيئة للتدهور؛ إضافة إلى تأثيراته السلبية على النظام الغذائي وعلى الصحة.

26- وهناك حاجة جلية إلى تنويع الإنتاج وقاعدة الصادرات (أفقيا ورأسيا على حد سواء) والانتقال من المنتجات الزراعية ذات القيمة المنخفضة إلى المنتجات ذات القيمة المضافة. ويتمثل التحدي في بدء هذا التنويع واستمرارية وتيرته سعيا إلى تحقيق الإمكانات الهائلة التي يذخر بها الإقليم بلا شك.

(ب) - القضايا الرئيسية التي تؤثر على الأمن الغذائي في إقليم الشرق الأدنى

في حين أن هناك اختلافات هامة فيما بين البلدان المختلفة في الإقليم فيما يتصل بالموارد لتحقيق الأمن الغذائي، فإنها تتلاقى في عدد من القضايا والاهتمامات المشتركة.

1- إدارة الموارد الطبيعية الضئيلة

27- إن تزايد ندرة الموارد في ظل بيئة مادية قاسية نسبيا، يضع الاستفادة من إمكانات الإقليم غير المستغلة والحفاظ على حجم ونوعية الموارد المنتجة في صدارة الاهتمامات. والإقليم تسوده الأراضي القاحلة وشبه القاحلة، حيث تحد الأمطار القليلة والمتقطعة بقدر كبير من إنتاج المحاصيل الغذائية وتتسبب في عدم استقرار الإنتاج. وقرابة 70 في المائة من إجمالي المساحة قاحل أو شبه قاحل، بحيث تتسنى فقط الزراعة المروية باهظة التكاليف والرعي المحدود عند الرحل. وتبعا لذلك، فإن التقلبات السنوية في إنتاج المحاصيل أعلى عن مقابلتها في الأقاليم النامية الأخرى.

28- وفي 2001، كان مجموع الأراضي الصالحة للزراعة 50 مليون هكتار، منها زهاء 34 في المائة أراضي مروية. والجدير بالذكر أن مساحات الأراضي التي يمكن ريها دون مغالاة في الاستثمار، أو نحو 40 مليون هكتار، مستغلة بالفعل في معظمها. وتمثل المياه السطحية المستخدمة في الري 90 في المائة من الري؛ بينما تستمد 10 في المائة من مصادر المياه الجوفية. والمياه الجوفية، ومعظمها أحفورية وبالتالي من مصدر غير متجدد، ذات أهمية أولى في العديد من البلدان. وفي حين أن تحقيق مزيد من النمو في الإنتاج الزراعي من المساحات المروية قد لا يكون كبيرا، فإن هذه المساحات تتطلب توفير الموارد لضمان استمرارية المستوى الحالي للإنتاجية. كما أن المزيد من تنمية الري لابد من أن يعتمد، بقدر الإمكان، على طرائق وتقانات زهيدة التكاليف تكيف بما يتلاءم مع الظروف المحلية. ومن أمثلة ذلك، تجميع المياه، استخدام مضخات رفع المياه رخيصة الثمن، واستغلال المياه الجوفية الضحلة التي تستلزم طرائق بسيطة لاستخلاص المياه. كما يجب أن تركز الأساليب الجديدة للري، على تنمية المهارات وزيادة الحافز والإدارة التشاركية لموارد المياه.

2- حجم الأراضي ونوعيتها

29- الأراضي المتاحة للمزارعين والرعاة تؤثر بشكل مباشر على مستويات إنتاجهم. والنمو السكاني وتفتت قطع الأراضي وحقوق الإرث التقليدية/ الدينية أفضت إلى صغر حجم الحيازات. كما أن نوعية الأراضي رديئة جراء تدهور التربة، وتناقص الخصوبة، والمغالاة في الاستخدام، والتعرية بفعل الرياح والمياه. والرعاة الفقراء الذين يعتمدون في كسب عيشهم على المراعي وموارد المياه ذات الملكية المشاع، تضرروا بالفعل من زحف المجتمعات الحضرية والريفية، وبالسياسات الحكومية السابقة التي شجعت إنتاج الشعير، والرعي الجائر، والميكنة باستخدام الأدوات غير الملائمة لإعداد الأرض. علاوة على ذلك، فإن سياسات حيازات المراعي المتشددة والمنظمات الاجتماعية الضعيفة، جعلت من المستحيل وضع برامج فعالة لإدارة الممتلكات المشتركة التي تشجع المنتفعين بها على استخدام المراعي والحفاظ عليها على نحو مستدام بقدر أكبر.

3- المؤسسات

30- في حين أن الشرق الأدنى يزخر بالتقاليد الدينية والثقافية المحلية في أوساط القبائل والعشائر وذوي القرابة، فإن الأشكال الجديدة من الروابط بين سكان المناطق الريفية والتي قد تعينهم على التفاعل مع المؤسسات السياسية والإدارية والاقتصادية، تظل غير متطورة إلى حد ما. ومازال نطاق وعدد مجموعات المواطنين والمؤسسات غير الرسمية في الإقليم محدودان للغاية. وتبعا لذلك، لا يتمكن فقراء سكان الريف من المطالبة بحقوقهم ومستحقاتهم؛ وقدراتهم التفاوضية مع مجموعات الصفوة الأقوى نفوذا لا أثر لها؛ وينتابهم الاضطراب عند التعامل مع المؤسسات الحكومية الرسمية؛ إضافة إلى ضعف صوتهم في السياسة المحلية.

4- التقانة

31- من المعوقات التي يعاني منها فقراء الريف ضآلة الاستثمارات غير المتكافئة في تقانات الإنتاج الزراعي البعلي، مقارنة مع عدد الأسر التي تعول عليه. وتتبدى هذه المعوقات في ضعف انتشار أصناف المحاصيل المحسنة المقاومة للجفاف أو الملوحة، والاستخدام المحدود لتقانات الاقتصاد في المياه، وقلة الاستثمار في البحوث وضآلة الاهتمام بتقنيات الإدارة المحسنة للمراعي. كما أن سلالات الحيوانات المحسنة، أو التقانة المطبقة في الإنتاج هي، بدورها، غير متوافرة في المناطق الفقيرة أو أنها نتيجة تكاليفها العالية، بعيدة عن متناول الفقراء.

5- البنية الأساسية الريفية والخدمات الاجتماعية

32- قلما توافرت للفقراء من سكان الريف في إقليم الشرق الأدنى إمكانات البنية الأساسية المادية، مثل الطرق والمياه المأمونة النظيفة والصحة العامة، وشبكات الاتصالات والمعلومات، علاوة على ما يعانون من نقص في البنية الأساسية الاجتماعية من مدارس وعيادات علاجية ومراكز تدريبية. كما أن التخفيض في الإنفاق العام إثر تنفيذ برامج الاصلاحات الهيكلية أدى إلى مزيد من التخفيض في الاستثمارات الحكومية في المناطق الريفية. وفي ظل قلة إمكانات الحصول على الخدمات التي تكفل الارتقاء برأس المال البشري، لا يتسنى لفقراء الريف الاشتغال بالأنشطة الاقتصادية المجزية. وتبعا لذلك، وخاصة في المناطق النائية مثل المناطق الجبلية في المغرب وتركيا واليمن، بات فقراء الريف في غالب الأحيان معزولين عن بقية أهل البلاد اقتصاديا وماديا وفكريا واجتماعيا.

6- الخدمات المالية

33- تظل مؤسسات القطاع العام تهيمن بصورة مكثفة على الخدمات المالية، خاصة فيما يتصل بتمويل الزراعة والأنشطة الاقتصادية الأخرى في المناطق الريفية. ولقد درجت الحكومات، في الماضي، على استخدام المؤسسات المالية الحكومية في المناطق الريفية لتنفيذ برامج التنمية والتخطيط القطرية، وتوزيع إعانات الدعم وتقديم المدخلات على أساس قروض. وكانت سياسات مؤسسات الإقراض هذه، في العادة، لصالح كبار المزارعين وأصحاب الأعمال الذين يمتلكون الضمان المالي، وبالتالي استبعد منها فقراء الريف. فالأسر الريفية ذات الدخل المنخفض لا يتاح لها إلا القليل من مصادر التمويل البديلة، ونادرا ما وجدت في الإقليم مؤسسات التمويل غير الرسمية أو مجموعات الادخار والائتمان القائمة على المجتمعات المحلية.

7- التوزيع غير المتساوي للموارد وهجرة اليد العاملة

34- إن الانقسام إلى فئتين فيما يتصل بتوزيع الموارد، وخاصة فيما بين البلدان المصدرة للنفط والبلدان ذات الفائض في اليد العاملة في الإقليم، هو عائق وفرصة في آن واحد. ولقد ظل واحد من العوامل الهامة التي تؤثر على الأداء الاقتصادي والزراعي في الإقليم، تدفقات اليد العاملة من بلدان العجز الرأسمالي إلى بلدان الفائض الرأسمالي. وبلغ عدد العمال المهاجرين في البلدان المصدرة للنفط، في ذروته عام 1985، ما يزيد عن 5 ملايين، منهم 3.5 مليون عامل من بلدان في الإقليم. وعلى الرغم مما شهده عدد المهاجرين من تقلبات واسعة، تعكس على وجه الخصوص التغييرات في سوق النفط والتطورات السياسية، فإن التحويلات المالية من العمال المهاجرين تظل تشكل مصادر هامة للنقد الأجنبي.

8- حماية البيئة من أجل الأمن الغذائي

35- من أكبر القضايا التي تعوق من الإنتاج الزراعي المستدام في كافة أنحاء الإقليم، التدهور الخطير الذي حاق بالموارد الطبيعية جراء تعرية التربة، والتصحر، والتغدق والملوحة. وبالفعل فإن إدارة الموارد الطبيعية بكفاءة وعلى نحو مستدام أصبحت الآن أهم القضايا الحيوية للإنتاج الغذائي في الإقليم. وتعرضت الأراضي لشتى درجات التدهور. ومن المعتقد أن التعرية بفعل الرياح تشمل 35 في المائة من المساحة الكلية، في حين تؤثر التعرية بفعل المياه على 17 في المائة. والكثير من المنحدرات حجرية وعارية بفعل المياه والرياح. ولقد أفضت هذه العملية إلى التصحر الذي لا أمل في علاجه في الكثير من المناطق. أما في الأماكن التي يستخدم فيها الري بصورة مكثفة، مثل مصر والعراق، فإن الملوحة أصبحت مشكلة كبرى. وفي هذه الحالات التي نشأ فيها تدهور الأراضي بصورة رئيسية عن الري الزائد عن الحد، فإن السياسات الرامية إلى تصحيح الاختلالات في الأسعار في السابق، وعلى الأخص الري المجاني أو المدعوم، حرية بأن تساعد على تخفيف حدة مشكلات الإفراط في استخدام المياه وتأثيره السلبي في إحداث تدهور الأراضي.

9- تحرير الأسواق

36- طبقت جميع بلدان الشرق الأدنى عمليات الإصلاح الاقتصادي الموجه للسوق، وإن يكن بدرجات متفاوتة من الالتزام والنجاح، وفي ظل صعوبات اقتصادية وسياسية واجتماعية جمة في بعض الحالات. وتخلت الحكومات، عموما، عن الممارسات السابقة المتمثلة في مشتريات الحبوب الكبيرة من المنتجين بأسعار عالية مضمونة. وتعمدت إبقاء الزيادات السنوية في أسعار الدعم أو أسعار المشتريات، عند مستويات منخفضة في الكثير من بلدان الإقليم.

37- كذلك ألغيت الاحتكارات التي كانت بها المؤسسات شبه الإقليمية على المشتريات والتسويق، وشجع القطاع الخاص على التنافس مع المؤسسات شبه الحكومية في هذه الأنشطة. وظهرت اتجاهات مماثلة، خاصة تخفيض إعانات الدعم وزيادة قيام القطاع الخاص بأنشطة البيع بالتجزئة، لبعض المدخلات مثل الأسمدة. ومن النماذج الرائدة في هذا المضمار إصلاحات السياسات التي طبقتها مصر خلال السنوات الأربع الماضية. ومن الإصلاحات الرئيسية التي أنجزت: إنهاء القيود على الأنماط الزراعية؛ إلغاء التسليم الإلزامي للمحاصيل، ومن بينها القمح والأرز؛ رفع القيود على نقل الأرز وضربه التي يقوم بها القطاع الخاص؛ إلغاء الحظر على التسويق ورفع الرقابة على إنتاج الخبز. وهناك برامج تحرير كبرى مماثلة جارية على قدم وساق في العديد من بلدان الشرق الأدنى.

38- وفي حين أن عملية الإصلاح لم تكتمل بعد، فإن بعض البلدان حققت، بالفعل، مكاسب في إنتاجية ودخل المزرعة بفضل تقليل التدخلات المتعلقة بإنتاج المزرعة وعمليات التسويق، وتخفيض الحواجز أمام التجارة وتحرير الأسعار. بيد أن تخفيض المستويات العالية السابقة لدعم أسعار المدخلات والأغذية نشأت عنه الحاجة إلى برامج وتدابير خاصة لحماية المزارعين الفقراء والمستهلكين والفئات الضعيفة من السكان.

(ج) - آفاق تعزيز الأمن الغذائي بزيادة الإنتاج الغذائي

39- بالنسبة للكثير من بلدان الإقليم، ستكون آفاق التقدم الاقتصادي والأمن الغذائي في مقبل السنوات رهنا، إلى حد كبير، بأداء القطاع الزراعي. فلهذا لابد من نمو الإنتاج الزراعي بقدر كاف للحد من الاتكال على ا لواردات الغذائية، ولتلبية الاحتياجات المتزايدة لسكان المناطق الحضرية، وتحسين الدخل والأمن الغذائي للفئات الفقيرة من السكان على وجه الخصوص.

40- وعلى الرغم من معوقات الموارد والظروف المناخية المعاكسة، مازالت هناك إمكانات لم تستغل. ووفقا لاسقاطات منظمة الأغذية والزراعة، يمكن زيادة إنتاج الأغذية بحلول عام 2010 بأكثر من 70 في المائة، مقارنة مع مستويات الإنتاج خلال الفترة 1988-1990. ومن الممكن تحقيق ذلك بتوليفة تجمع بين زيادة الغلات والتكثيف الزراعي وبعض التوسع في الأراضي المزروعة. ومن المنتظر أن يكون تحسين الغلات مصدر نحو 70 في المائة من الزيادة المتوقعة في الإنتاج المحصولي خلال هذه الفترة. وهذا المجال الواسع لتحسين الغلات يعكس التفاوت الكبير في الغلات فيما بين البلدان، حيث يقل كثيرا متوسط الغلات، في الوقت الحاضر، في معظم البلدان عن ما يحققه المنتجون ذوي الغلات العالية. وفي حين أن هناك الكثير من العوامل التي تلعب دورها في هذا الصدد، فإن الغلات العالية التي يحققها أصحاب الأداء الأفضل تؤكد أنه حتى في ظل الاعتماد على التقنيات الحالية (ومثلا الأصناف ذات الغلات العالية، تحسين إدارة الأراضي والمياه، الاستخدام الحصيف للمدخلات الحديثة، وخاصة الأسمدة، ومدخلات وقاية المحاصيل، والممارسات الزراعية الحسنة وغيرها) مازال هناك مجال واسع لزيادة الغلات بصورة مستدامة.

41- ولقد حققت العديد من بلدان الإقليم إنجازات عظيمة في مجال الإنتاج البستاني في إطار التحكم في البيئة، الموجه للسوق المحلية وأسواق الصادرات. وعلاوة على توليد النقد الأجنبي وفرص العمل الموسمي، فإن هذه النظم الزراعية تتميز بإنتاجيتها العالية، والتحكم في استعمال الكيماويات الزراعية والاقتصاد في استخدام المياه.

42- ستظل الزيادة في عدد قطعان الحيوانات ومعدلات الانتخاب (معدلات استغلال وبيع الحيوانات من القطيع الكلي) هي المصادر الأساسية لنمو الإنتاج من اللحوم في الإقليم. وينتظر أن يسهم المصدر الأول بقرابة 35 في المائة من نمو إنتاج اللحوم خلال العشرين سنة القادمة، في حين يسهم المصدر الأخير بنسبة 27 في المائة. وتستلزم زيادة الإنتاج على هذا النحو التوسع في قاعدة موارد الأعلاف بزيادة تكثيف استخدام المراعي وبالتوسع في استخدام المركزات العلفية والمنتجات الزراعية الفرعية. وإيجاد التوازن المستدام بين عدد الحيوانات وتوافر الأعلاف الخضراء وبقية الأعلاف له أهمية عظمى في ظل الظروف شبه القاحلة التي تسود الإقليم.

43- وفي الكثير من بلدان الإقليم، فإن الافتقار إلى إمكانات التوسع في مناطق الري، يعني زيادة أهمية ارتفاع الإنتاجية لكل حيوان كمصدر لهذا النمو. وانتشرت في الكثير من بلدان الإقليم نظم الإنتاج المكثف وشبه المكثف، مثل منتجات الألبان والدواجن التي تستجيب بقدر أكبر لظروف السوق. وسيكون تحسين نظم الإنتاج وصحة الحيوان، والتوسع في قاعدة الأعلاف في الإقليم وتحديثها، عناصر أساسية لتحقيق النمو المتوقع في الإنتاج الحيواني.

44- وسيكون الهدف الشامل للإقليم هو تخفيض مستوى نقص التغذية بهامش كبير. ووفقا للمنظمة، فمن الممكن تخفيض معدلات نقص التغذية من 16 في المائة من المجموع الكلي للسكان في الفترة 1990-1992 إلى 11 في المائة بحلول عام 2010. وستبقى مع ذلك العديد من بلدان الإقليم التي تضم نسبا عالية من السكان الذين يعانون نقص التغذية (40-50 في المائة في بلدان مثل أفغانستان والصومال والسودان)، ويستلزم بذل جهود خاصة في هذه البلدان من أجل تحقيق تخفيض حاد في عدد من يعانون نقص التغذية. كما سيتطلب ذلك زيادة معدلات النمو السنوي في الإنتاج الغذائي في الإقليم ككل (3.1 في المائة كحد أدنى بدلا عن 2.9 في المائة)، ولكنه سيتطلب تسريعا قويا وصعبا في البلدان التي تتسم بمستويات عالية لنقص التغذية.

سادسا- الاستنتاجات

45- الغاية الرئيسية من هذه الوثيقة هي تقديم ملخص لإجراءات المتابعة ذات الصلة التي اتخذت في إقليم الشرق الأدنى لتنفيذ خطة العمل الصادرة عن مؤتمر القمة العالمي للأغذية، وتسليط الضوء على الاحتياجات النوعية للإقليم والفرص المتاحة له وأوجه القصور التي يعانيها.

46- ويوضح الاستعراض بجلاء أن القضية الكبرى التي تعوق الإنتاج الزراعي المستدام في معظم أنحاء الإقليم، هي التدهور الخطير الذي لحق بالموارد الطبيعية، خاصة موارد الأراضي والمياه. ويرجع هذا إلى الاستخدام غير الكفوء وغير المستدام لموارد المياه، وتعرية التربة، والتصحر، والتغدق والملوحة. وبالفعل، فإن إدارة الموارد الطبيعية، خاصة موارد المياه، بكفاءة وعلى نحو مستدام تشكل، بصورة واضحة، التحدي الأعظم الذي يواجه الإنتاج الغذائي في الإقليم في مقبل السنوات.

47- الإجراءات الموصى بها

1- تدعى البلدان الأعضاء إلى القيام بما يلي:

- إيلاء اهتمام كاف وعاجل لوضع استراتيجيات قطرية للإدارة المستدامة لموارد المياه بهدف تحسين كفاءة الإنتاج الزراعي للزراعة المروية والبعلية؛
- تطبيق إصلاحات السياسات واللوائح اللازمة الرامية إلى تعزيز كفاءة توزيع المياه وتشجيع تبني تقانات وممارسات الري الحديثة التي تكفل الاقتصاد في استخدام المياه؛
- تقييم الخيارات غير التقليدية من أجل زيادة إمدادات المياه، مثل معالجة المياه العادمة والمالحة، ودراسة إمكانية الاستثمار في معامل معالجة المياه العادمة؛
- تشجيع التعاون الوثيق فيما بين بلدان الإقليم سعيا إلى إرساء موقف منسق في إطار المفاوضات التجارية الزراعية المتعددة الأطراف؛
- إيلاء اهتمام كاف لتعزيز التعاون البيني في الإقليم، وكذلك التعاون مع البلدان النامية الأخرى، وبغية الاستفادة التامة من الإمكانات الموجودة وأوجه التكامل فيما يتصل بالموارد الزراعية لديها؛
- الاستفادة من الفرص التي يتيحها تعزيز التجارة الزراعية والحصول على التقانة الزراعية المحسنة، سعيا إلى توجيه القطاعات الزراعية نحو إنتاج السلع التي تكفل أعلى العائدات الاقتصادية للموارد الطبيعية الندرة، خاصة المياه؛
- تشجيع مبادرات التعاون الإقليمي، مثل تشجيع التجارة الزراعية البينية في الإقليم والاحتياطيات والمخزونات الغذائية شبه الإقليمية، وتنسيق التشريعات واللوائح والإجراءات في مجال جودة الأغذية وسلامتها، وحقوق الملكية الفكرية، والرسوم الجمركية والحواجز الفنية الأخرى أمام التجارة؛
- تعزيز المؤسسات القطرية للبحوث الزراعية ونقل التقانة، وإعادة توجيه برامجها بحيث تستجيب على نحو أفضل للأولويات والاحتياجات المتغيرة للقطاع الزراعي المحلي، ضمن سياق البيئة الاقتصادية الإقليمية والعالمية المتغيرة.

2- تدعى المنظمة والمنظمات الدولية والإقليمية الأخرى المعنية للقيام بما يلي:

- زيادة دعمها لجميع جوانب التنمية الزراعية والريفية، وخاصة في مجالات إدارة المياه، صحة الحيوان والإنتاج الحيواني، مكافحة الجراد الصحراوي، زيادة الغطاء الحرجي، وتدريب الخبراء القطريين على المفاوضات التجارية الزراعية المتعددة الأطراف وغيرها من المفاوضات في إطار منظمة التجارة العالمية؛
- تقديم الدعم المالي والفني للشبكة الإقليمية المعنية بإدارة الجفاف في الشرق الأدنى وشمال افريقيا، بالنظر إلى العواقب السلبية الوخيمة جرّاء حالات الجفاف المتكررة، على الإنتاج الزراعي والغذائي في الإقليم.
- تشجيع استثمارات إضافية من القطاع الخاص (من الموارد المحلية ومن الاستثمارات الخارجية المباشرة) بغية تسريع وتيرة التقدم في الحد من الجوع وبلوغ هدف مؤتمر القمة العالمي للأغذية؛
- مساعدة البلدان الأعضاء في تسريع وتيرة إصلاحات السياسات الرامية إلى تهيئة وتعزيز بيئة اقتصادية مواتية لمزيد من الاستثمارات الخاصة في الزراعة، وإلى زيادة قدرات القطاع الزراعي على التأقلم بسرعة مع التحديات والفرص الجديدة الناشئة عن نظام تجاري عالمي مفتوح بقدر أكبر.

الملحق 1
المصدر: الزراعة في العالم عام 2010، منظمة الأغذية والزراعة (2002).

التجارة الزراعية في إقليم الشرق الأدنى: الصادرات والواردات الرئيسية (المتوسط السنوي 1998-2002)

 

إجمالي صادرات الإقليم
(ألف طن متري)

المصدرون الرئيسيون

إجمالي واردات الإقليم
(ألف طن متري)

المستوردون الرئيسيون

إجمالي الصادرات كنسبة من إجمالي الواردات

القمح

3071

تركيا

35236

جمهورية إيران الإسلامية، مصر، الجزائر، المغرب

9

الأرز

2604

باكستان، مصر

4827

جمهورية إيران الإسلامية، السعودية، الإمارات العربية المتحدة، تركيا

54

الحيوانات الحية (الأغنام) آلاف الرؤوس)

5101

سورية، السودان

9298

المملكة العربية السعودية، الكويت، الإمارات العربية المتحدة، عمان

55

اللحوم ومنتجات اللحوم

80

المملكة العربية السعودية، تركيا، السودان، جمهورية إيران الإسلامية

1324

المملكة العربية السعودية، مصر، الإمارات العربية المتحدة

6

السكر

3594

باكستان، تركيا، الإمارات العربية المتحدة، السودان

8424

جمهورية إيران الإسلامية، الإمارات العربية المتحدة، الجزائر، مصر، المملكة العربية السعودية

43

الفاكهة والخضر

8519

تركيا، جمهورية إيران الإسلامية، المغرب، مصر، سورية

7342

المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، باكستان

116

الزيوت والدهون

1068

تركيا، جمهورية إيران الإسلامية، الإمارات العربية المتحدة، تونس

7060

باكستان، جمهورية إيران الإسلامية، تركيا، مصر، الجزائر

15

البقول

495

تركيا، جمهورية إيران الإسلامية، سورية

1297

باكستان، الجزائر، مصر، تركيا

38

الألبان ومنتجات الألبان

604

المملكة العربية السعودية، عمان، الأردن

6894

الجزائر، المملكة العربية السعودية، مصر الإمارات العربية المتحدة

9

البيض

52

جمهورية إيران الإسلامية، تركيا، المملكة العربية السعودية

92

الإمارات العربية المتحدة، عمان، اليمن،الكويت

57

المصدر: الزراعة في العالم عام 2010، منظمة الأغذية والزراعة (2003).

1 () المصطلح الأصح لهذا المتغير هو "المتوسط القطري لاستهلاك الأغذية الظاهري"، حيث أن البيانات تأتي من موازين الأغذية القطرية لا من مسوحات استهلاك الأغذية.