CCP 2005/13
فبراير/شباط 2005




لجنة مشكلات السلع

الدورة الخامسة والستون

روما، إيطاليا، 11-13/4/2005

قضايا وأعمال إدارة مخاطر أسواق السلع القطرية والدولية

أولاً- مقدمة

ثانياً - ما هي إدارة مخاطر السلع وما هي آليات تنفيذها؟

ثالثاً - نظم التأمين القائمة على الأسواق لمساعدة البلدان منخفضة الدخل المعتمدة على السلع على مواجهة عدم استقرار الأسعار العالمية

رابعاً - إنشاء مرفق لتمويل الواردات الغذائية لتنفيذ "قرار مراكش"

خامساً - الخلاصة وقضايا للمناقشة

أولاً- مقدمة

1- لوحظ خلال الدورة الرابعة والستين للجنة مشكلات السلع أن "العديد من البلدان أخذ يبحث عن التكيف مع الانخفاض المستمر في الأسعار وتذبذبها في أسواق السلع، ولاسيما بالنسبة إلى سلع نوعية محددة ذات أهمية حاسمة بالنسبة إلى اقتصادياتها. أما الاستراتيجيات التي من المنتظر وضعها فتشمل آليات مناسبة كفيلة بمواجهة المخاطر الناجمة عن عدم استقرار الأسعار، وتنويع قطاعاتها الزراعية. وأعرب العديد من الوفود عن الحاجة إلى زيادة المعلومات والتحليلات والمساعدات لوضع مثل هذه الاستراتيجيات وتنفيذها". وعلى نفس المنوال، وبالتوازي مع ذلك، يعد تنفيذ ما يسمى بقرار مراكش في منظمة التجارة العالمية، أي "قرار مراكش بشأن التدابير المتعلقة بالتأثيرات السلبية المحتملة لبرنامج الإصلاح على أقل البلدان نمواً والبلدان النامية المستوردة الصافية للأغذية" قد تأخر كثيراً. وقد اعترف وزراء البلدان الأعضاء في منظمة التجارة العالمية في هذا القرار بأن "بلداناً نامية معينة قد تواجه صعوبات في تمويل المستويات المعتادة من الواردات التجارية"، نتيجة لما أسفرت عنه جولة أوروغواي. وقد أظهرت التحليلات التي أجرتها منظمة الأغذية والزراعة والأونكتاد فيما بعد أن هذه المخاطر والصعوبات على المدى القصير ستنشأ إلى حد كبير من جراء التطورات السعرية غير المتوقعة في الأسواق الدولية للسلع أو حدوث تطورات معاكسة في الإنتاج المحلي. كذلك أظهرت هذه التحليلات أن العقبة الرئيسية التي تواجه البلدان النامية منخفضة الدخل المستوردة للمواد الغذائية هي سقوف الائتمان التي تفرضها البلدان المتقدمة على تمويل واردات هذه البلدان.

2- وتستعرض هذه الوثيقة القضايا الناجمة عن عدم استقرار الأسواق الدولية للسلع والإجراءات التي يمكن اتخاذها لإدارة المخاطر المترتبة على ذلك في الأسواق. وهناك تاريخ طويل للمناقشات، والبحوث، والمقترحات والإجراءات الخاصة بالتدابير اللازمة للتخفيف من النتائج السيئة المترتبة على هذه المخاطر. ومع ذلك، فعلى الرغم من هذه الاهتمامات والمناقشات الممتدة، والعديد من الإجراءات التي تستهدف التعامل مع هذه المشكلة، يبدو أن المخاطر التي تواجهها البلدان النامية اليوم بنفس الضخامة التي كانت عليها منذ خمسين عاماً مضت. ويوجد أكثر من خمسين بلداً من البلدان النامية تعتمد على ثلاث سلع فقط أو أقل في تحقيق أكثر من نصف حصيلة صادراتها. وتعتمد جميع البلدان المثقلة بالديون على السلع الأساسية في تحقيق جانب كبير (كثيراً ما يكون أكثر من النصف) من حصيلة صادراتها من البضائع التصديرية. والكثير من البلدان التي تعتمد على تصدير السلع هي أيضاً من البلدان التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي. وكانت هناك طريقتان أساسيتان حاولت من خلالهما البلدان المعتمدة على الصادرات السلعية، وكذلك المجتمع الدولي، معالجة عدم استقرار أسواق السلع. وكانت الطريقة الأولى هي محاولة التدخل المباشر في أسواق السلع بغرض تغيير توزيع أسعار السلع ذات الصلة. وكان من بين هذه الجهود جميع الاتفاقات الدولية الخاصة بالسلع، والخطط القطرية والدولية الخاصة بتكوين مخزونات وقائية، والعديد من الجهود القطرية الأخرى التي كانت تستهدف التحكم في الإنتاج. وفي الوقت الذي فشلت فيه معظم الاتفاقات الدولية ولم تعد الآن على جدول الأعمال الدولي، مازالت هناك سياسات قطرية تحاول السيطرة على الأسواق المحلية للسلع الزراعية في كثير من البلدان النامية وكذلك في البلدان المتقدمة.

3- وكانت الطريقة الثانية للتعامل مع عدم استقرار أسواق السلع هي تعويض هذه البلدان بعد تعرض حصيلة صادراتها أو قيمة وارداتها لتأثيرات ضارة من جراء التقلبات التي تحدث في الأسواق. وكان من أهم هذه الأدوات التي طبقها الاتحاد الأوروبي "خطة تثبيت حصيلة الصادرات" (STABEX) و"نظام ضمان إنتاج وتطوير الخامات المعدنية" (SYSMIN) التي كانت تستهدف دول افريقيا والكاريبي والمحيط الهادي. ومن الآليات الأخرى القائمة "تسهيل التعويض التمويلي والطارئ، في صندوق النقد الدولي". بيد أن جميع هذه الترتيبات لم تتعامل مع المخاطر التي تواجه البلدان منخفضة الدخل التي تعتمد على تصدير السلع قبل وقوع تلك المخاطر.

ثانياً - ما هي إدارة مخاطر السلع وما هي آليات تنفيذها؟

4- تنشأ المخاطر من التصرفات التي لا يمكن التنبؤ بنتائجها. وعدم القدرة على التنبؤ بالنتائج يولد حالة من عدم اليقين، كما أن التصرفات التي لا تكون نتائجها مضمونة هي التي تخلق المخاطر. ولقد كانت الآثار الضارة لعدم القدرة على التنبؤ بالأوضاع التي ستكون عليها السلع محل مناقشات وبحوث منذ عهد بعيد. وقد قال كينـز1 (1942) إن التقلبات التي تطرأ على أسعار السلع أدت إلى إضاعة الموارد بلا ضرورة، وترتبت عليها آثار ضارة بالاستثمار في القدرات الإنتاجية الجديدة، بل انها كانت تُبقي على دورة الاعتماد على السلع. وقد نقحت الأدبيات الأخيرة هذا الرأي وتوسعت في تفنيده. وتتمثل الرؤية الأساسية الجديدة في أن وجود حالة عدم اليقين في ذلك الوقت لم يعد من الممكن فيه الحصول على قروض لتخفيف تأثير الصدمات السلبية التي يتعرض لها الدخل، مما يدفع المعنيين بالأمر إلى تكوين احتياطيات احترازية سائلة (يمكن أن تكون أموالاً نقدية أو عينية). وفي بيئات البلدان الفقيرة، يجب أن تكون هذه الاحتياطيات سائلة بالقدر الكافي حتى يمكن التصرف فيها بسرعة في وقت الحاجة. وهذا المستوى الإيجابي والسائل من الاحتياطيات يعني أن الموارد المخصصة للمخزونات الوقائية أو ما كان يسمى "التخفيف من مشاكل الاستهلاك" لا يمكن استخدامها في استثمارات مُربحة ولكنها غير سائلة، وهذا يؤدي إلى تأثيرات سلبية على النمو عموماً2.

5- وتباين النتائج في حد ذاته لا يؤدي إلى عدم اليقين، بل انه قد لا يكون ضاراً. وعلى سبيل المثال، فإذا كانت حصيلة صادرات أي بلد تتراوح سنوياً بين مائة ومائتي مليون دولار أمريكي، وإذا كانت هذه النتيجة معلومة لحكومة البلد المعني عن يقين قبل سنة من حدوثها، عندئذ يكون من الممكن التنبؤ تماماً بحصيلة الصادرات في السنة المقبلة، وبالتالي لا يكون هناك شيء من عدم اليقين بشأنها عند مناقشتها من منظور سنة مقبلة. وبطبيعة الحال، فإن قرار الحكومة بشأن كيفية التعامل مع هذا التباين الذي يمكن التنبؤ به في حصيلة الصادرات أمر آخر، ولكن النقطة هنا هي هل الحكومة تستطيع أن تخطط لذلك بوسيلة أو أخرى. ومع ذلك، فإذا لم يكن من الممكن معرفة المتغيرات الوشيكة قبل حدوثها بسنة، ينشأ عدم اليقين بشأن حصيلة الصادرات، وتزداد صعوبة مشكلة التخطيط. وتشمل إدارة المخاطر السلعية جميع الاستراتيجيات والسياسات المتعلقة بالتعامل مع النتائج التي لا يمكن التنبؤ بوقعها قبل وقوعها. وتعتمد هذه الاستراتيجيات على الإمكانيات المتاحة للبلد. فما لم تكن هناك شبكة أمان خارجية (في شكل إمكانية الحصول عل أموال بدون مقابل أو في شكل قرض أو مبادلة المخاطر التي يواجهها البلد)، عندئذ تكون هناك ثلاث طرق للتعامل مع المخاطر. الطريقة الأولى تتعلق بتغيير المخاطر، عن طريق التأثير المباشر على الأسواق التي تخلق هذه المخاطر. ولقد كانت هذه الطريقة في التعامل مع المخاطر هي النموذج السائد لفترة طويلة في كثير من البلدان، بل ومازالت مطبقة على نطاق واسع في العديد منها (ومن بينها كثير من البلدان المتقدمة). ولكن تجربة السيطرة على السلع الدولية كانت مخيبة للآمال، ولم يعد ينظر إليها الآن كخيار دولي مفيد. فقد ثبت أن التحكم الداخلي في أسعار السلع إما عن طريق السياسات التجارية أو التدخل المباشر في الأسواق أمر مكلف للغاية، من الناحية المالية أو من منظور النمو. والسبب في ذلك أنه يؤدي على الدوام تقريباً إلى تشويه الإشارات التي تصدر عن الأسواق، وبالتالي يؤثر على تخصيص الموارد، بما يمكن أن يترتب عليه من نتائج ضارة بالنمو. وكذلك يترتب عليه تكاليف باهظة، كما تبين للكثير من البلدان المتقدمة.

6- والخيار الثاني في التعامل مع المخاطر التي يتعرض لها الدخل هو تعديل الأوضاع التي تؤدي إلى التعرض للمخاطر، أي تنويع الصادرات. وقد أدى التوسع في تنويع الصادرات وتقليل الاعتماد على الواردات إلى التقليل من التعرض للمخاطر المترتبة على التقلبات التي تطرأ على حصيلة الصادرات أو حدوث ارتفاع حاد في أسعار الواردات.

7- والطريقة الثالثة للتعامل مع مخاطر الدخل على المستوى الفردي، وكذلك على مستوى البلد، هي استراتيجيات التأمين أو ما أطلق عليه "مواجهة المخاطر". وعلى المستوى الجزئي، تقوم هذه الاستراتيجيات أساساً إما على التأمين الفردي من خلال تكوين المخزونات الاحترازية أو التصرف فيها (في صورة أموال نقدية أو عينية) أو عن طريق شبكات التأمين المتبادل التي يمكن أن توفر تحويلات في وقت الحاجة. وعلى المستوى الكلي، تشمل الاستراتيجيات المماثلة تكوين احتياطيات من النقد الأجنبي أو التصرف فيها على مستوى كل بلد على حدة، أو بعقد اتفاقات للمعونة المتبادلة بين الحكومات الصديقة (وعادة ما تكون التكلفة والمنفعة في هذه الاتفاقات من الأمور الضمنية).

8- وقد افترضت المناقشة السابقة عدم وجود نظم تأمين خارجية أو شبكات أمان أو أدوات لتنويع المخاطر يمكن أن تحصل عليها الكيانات المعنية (أي الأفراد في البلدان) التي تتعرض لمخاطر سلعية. بيد أن الأمر ليس كذلك في حالة الكيانات في البلدان المتقدمة. فمزارعو ومستهلكو المنتجات الزراعية (شأنهم شأن جميع الأطراف في سلسلة التسويق) في البلدان المتقدمة لديهم تشكيلة من الأدوات القائمة على السوق يستطيعون بمساعدتها إدارة المخاطر التي يواجهونها. وعلى سبيل المثال فإن المضاربين الذين يشترون الحبوب من المزارعين في الولايات المتحدة يربطون مشترياتهم من المزارعين بسوق العقود المستقبلية أو سوق الخيارات. كذلك فإن المشترين في أسواق البن والكاكاو الدولية يديرون المخاطر السلعية في أسواق العقود المستقبلية أو الخيارات الدولية. وقد وضع المنتجون والمستهلكون في البلدان المتقدمة استراتيجيات معقدة لإدارة المخاطر على أساس الأسواق لمواجهة المخاطر السلعية، كما أن وضع تشكيلة من الأدوات المالية خلال العقدين الماضيين (العقود المستقبلية، وعقود الاختيار، والمبادلة، وغيرها) قد وسّع من إمكانيات إدارة المخاطر. وكانت النتيجة أن الوكلاء في البلدان المتقدمة يستطيعون مبادلة المخاطر التي يواجهونها مقابل ثمن معين في الأسواق المنظمة وكذلك في الأسواق الأقل تنظيما بالتعامل في الأسواق خارج البورصة3.

9- وعلى الرغم من أن الأسواق الحديثة لأدوات إدارة المخاطر مفتوحة للجميع، لم تنشط الكيانات داخل البلدان النامية كثيراً في الاستفادة منها. وكان من الأسباب التي أدت إلى ذلك وجود العديد من جوانب القصور المؤسسية والمعوقات المالية4. وهذا يعني أن المعونة التي تكون في شكل شبكات أمان إضافية مرتبطة بالسلع القطرية أو المحلية المستهدفة من المرجح أن تكون مفيدة، وليس هذا فحسب بل انها تساعد على النمو والتخفيف من حدة الفقر. وقد شكل البنك الدولي في الفترة الأخيرة فريق مهمات دولي لإدارة المخاطر السلعية، وحاول هذا الفريق تحسين إمكانيات استفادة كيانات البلدان النامية من أدوات إدارة المخاطر السلعية5.

ثالثاً - نظم التأمين القائمة على الأسواق لمساعدة البلدان منخفضة الدخل المعتمدة على السلع على مواجهة عدم استقرار الأسعار العالمية

10- وأهم المخاطر التي تواجهها البلدان منخفضة الدخل التي تعتمد على تصدير السلع في الأسواق الدولية للصادرات والواردات هي انخفاض أسعار وكميات السلع المصدرة على غير المألوف أو ارتفاع أسعار وكميات الأغذية الأساسية المستوردة، وبالتالي انخفاض إيرادات التصدير أو ارتفاع مصروفات الاستيراد. ويتصل نوع التأمين الدولي الذي تحتاجه البلدان منخفضة الدخل التي تعتمد على تصدير السلع بإمكانية تغطية بعض العجز في حصيلة الصادرات أو في مصروفات الاستيراد. ولما كانت أسعار معظم السلع الزراعية الغذائية منها وغير الغذائية، كثيراً ما تطرأ عليها زيادات حادة، وتتعرض لفترات طويلة من الكساد، فإن نوع التأمين الذي يكون مناسباً لها يشبه الشراء بموجب عقود خيارات البيع أو خيارات الشراء.

11- فعقد خيار البيع الخاص بسلعة يعطي لمشتري عقد الخيار إمكانية بيع كمية معينة من السلعة بسعر محدد من قبل (سعر الإحراز)، خلال فترة معينة. فإذا كان سعر السلعة في الوقت الذي يريد البائع بيعها بأعلى من سعر الإحراز، لا يمارس البائع حق الخيار ويخسر فقط علاوة حق الخيار. ومن ناحية أخرى، فإذا كان السعر الفعلي أدنى من سعر الإحراز، عندئذ "يمارس" المشتري حق الخيار ويكسب الفرق بين سعر الإحراز والسعر النقدي الفعلي. وعقد خيار الشراء يتيح للمشتري إمكانية شراء عقد مستقبلي بسعر للإحراز محدد سلفاً، خلال فترة معينة. فإذا كان السعر طبقاً للعقد المستقبلي أقل، لا يمارس المشتري حق الخيار ويخسر علاوة حق الخيار. أما إذا كان السعر الفعلي أعلى من سعر الإحراز، عندئذ يمارس المشتري حق الخيار ويكسب الفرق بين السعر النقدي وسعر الإحراز.

12- ومن المفيد، لأغراض التخطيط، أن يكون بوسع حكومات كثير من البلدان منخفضة الدخل التي تعتمد على تصدير السلع أن تحصل على تأمين شبيه بحق الخيار. وعلى الرغم من أن حقوق الخيار هذه متاحة في البورصات التجارية المنظمة في البلدان المتقدمة، يوجد العديد من المشاكل التي تجعل مثل هذه الأدوات صعبة الاستخدام بالنسبة للبلدان منخفضة الدخل التي تعتمد على تصدير السلع. ومن بين هذه المشاكل عدم توافر الخيارات المرغوبة بالنسبة للسلع لفترات أطول من سنة، واحتمال أن تكون المخاطر "الأساسية" عالية، والمشاكل المرتبطة بمخاطر الائتمان ومخاطر الطرف الآخر بالنسبة لكيانات البلدان النامية، والافتقار إلى الخبرات المناسبة، وضَعْف البيئة المالية والتنظيمية، وصِغر حجم التجارة الممكنة، واحتمال أن تكون تكلفة المشاركة في أسواق العقود المستقبلية وعقود الخيارات المنظمة مرتفعة6.

13- وقد يكون من المناسب بالنسبة لبعض البلدان منخفضة الدخل التي تعتمد على تصدير السلع أن تدير مخاطر صادراتها السلعية ووارداتها من المواد الغذائية بالمشاركة المباشرة في أسواق العقود المستقبلية وعقود الخيارات في البلدان المتقدمة. ومع ذلك، فإن التكاليف النقدية يمكن أن تكون كبيرة، ناهيك عن عدم توافر أنواع معينة من مرافق البنية التحتية والمؤسسات بهذه البلدان. ومن هنا، قد يكون من المناسب أن تنظر السياسات الدولية في إنشاء آلية وساطة أو مرفق وساطة من نوع ما بين البلدان منخفضة الدخل التي تعتمد على تصدير السلع والأسواق المنظمة في البلدان المتقدمة. والفكرة التي يقوم عليها هذا المرفق هي أن يوفر لحكومات البلدان منخفضة الدخل التي تعتمد على تصدير السلع إمكانية شراء خيارات شبيهة بخيارات البيع أو خيارات الشراء لسنة أو لعدة سنوات بالنسبة للصادرات والواردات من السلع الزراعية. وهذا يمكن أن تقوم به البلدان منخفضة الدخل التي تعتمد على تصدير السلع أو من خلال نوع ما من الصناديق أو مرافق التمويل الأخرى، التي يمكن أن توفر إمكانيات لهذه البلدان لشراء عقود شبيهة بعقود الخيارات من النوع الذي نوقش فيما سبق.

14- ومن السمات التي يمكن أن تكون مغرية للبلدان منخفضة الدخل التي تعتمد على تصدير السلع أن هذه العقود يمكن تفصيلها بما يناسب كل بلد أو كل كيان داخل البلد. وكلما ابتعد العقد المرغوب عن الأحكام والشروط المطبقة في بورصات السلع، ازدادت الصعوبة أمام المرفق أو الجهة التي تدير التعامل التجاري خارج البورصة فيما يتعلق بإعادة التأمين على مخاطرها، وبالتالي ازدادت تكلفة العقد. وعلى سبيل المثال، فإذا رغب بلد في ضمان سعر تصدير سلعة لعدة سنوات أو في عقد خيار بيع بسعر إحراز معين، فلما كانت البورصات المنظمة تعرض خيارات البيع لفترات لا تتجاوز سنة واحدة أو سنتين في المستقبل، فإن علاوة حق الخيار في العقود الشبيهة بعقود الخيارات لسنوات متعددة قد تكون أعلى بكثير من علاوات حق الخيار المعتادة بالنسبة لعقود خيارات البيع المتاحة تجارياً.

15- والميزة الرئيسية في نظام من هذا النوع هي أولاً أنه يمكن أن يتيح للبلدان منخفضة الدخل التي تعتمد على تصدير السلع عقود تأمين على سلعها قد لا يكون متاحاً لها الحصول عليها من خلال السوق. ثانياً، أنه يمكن أن يحقق وفورات الحجم لمؤسسة الوساطة المالية وكذلك تجميع المخاطر من مختلف البلدان منخفضة الدخل التي تعتمد على تصدير السلع. وسوف يؤدي تجميع المخاطر إلى تقليل التكلفة الكلية لتوفير عقود التأمين. وهذا لا يمكن أن يكون باهظ التكلفة لأن معظم المخاطر يمكن تغطيتها في البورصات التجارية.

16- وقد أجرت أمانة منظمة الأغذية والزراعة العديد من التحليلات التجريبية للآثار التي يمكن أن تترتب على نظام لإدارة المخاطر السلعية بالنسبة للواردات من السلع الغذائية الأساسية. وتتضمن الجداول من 1 إلى 3 نتائج هذه التحليلات القائمة على المحاكاة بالنسبة للقمح، والذرة، والبن من نوع روبستا، على التوالي. وتتناول هذه التحليلات التكلفة التي يتحملها بلد مستورد للمواد الغذائية أو بلد مُصدّر للبن لو أن هذا البلد استطاع أن يغطي بانتظام على مدى السنوات الأخيرة التكلفة الزائدة لاستيراد المواد الغذائية نتيجة للارتفاع المفاجئ في الأسعار بعقود خيارات الشراء، أو الانخفاض الزائد في حصيلة الصادرات بعقود خيارات البيع (تشمل التحليلات القائمة على المحاكاة الفترة ما بين 1986-2004. وتفترض هذه التحليلات أن البلدان قد دفعت كل منها التكلفة التجارية الكاملة لعقود الخيارات.

17- وتشير النتائج إلى أن تغطية واردات القمح أو الذُرة بانتظام بعقود الخيارات في بوصة السلع في شيكاغو يبدو أنه يمثل استراتيجية فردية مناسبة لكثير من بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض، حتى وإن اضطرت إلى تحمل التكلفة الكاملة للتغطية. والأرباح التي يمكن تحقيقها إيجابية في معظمها، وفي الحالات التي تكون فيها سلبية فإنها تكون عادة أقل من واحد في المائة من قيمة الواردات. وفي حالة البن، يبدو أن النتائج توضح أن جميع البلدان المصدرة تقريباً كان من الممكن أن تحقق فوائد كبيرة لو أنها غطت صادراتها التجارية في بورصة لندن الدولية للعقود المستقبلية وعقود الخيارات المالية، وهي أهم بورصة دولية لتجارة البن روبستا.

18- وعلى الرغم من أن النتائج تشير إلى أن كل بلد كان من الممكن أن يستفيد من التغطية المنفردة، فقد تبين أيضاً أن تجميع التغطية، كما هو مبين في السطر الذي يحمل عنوان "الصندوق" من الممكن أن يحقق أرباحاً صافية، وهذه هي ميزة مرفق الوساطة الذي يستطيع تجميع مخاطر العديد من البلدان. وبطبيعة الحال، فإن هذه المنافع نقدية تماماً. ومن الممكن أيضاً تحقيق منافع أخرى من التأمين. وعلى سبيل المثال، فإن أجمالي كمية الواردات أو الصادرات يمكن أي يرتفع، وبالتالي يؤدي إلى زيادة الإمدادات الغذائية المحلية، وربما أيضاً تحسين مستوى الأمن الغذائي المحلي، أو زيادة حصيلة الصادرات، وبالتالي تحسين دخول منتجي السلع القابلة للتصدير.

رابعاً - إنشاء مرفق لتمويل الواردات الغذائية لتنفيذ "قرار مراكش"

19- إن التعجيل بإنشاء مرفق دولي لتمويل الواردات الغذائية، طبقاً لأحكام قرار مراكش يمكن، في هذه المرحلة، ألا يضمن وفاء البلدان الأعضاء في منظمة التجارة العالمية أخيراً بالتزاماتها القانونية، بل ويمكن كذلك أن يُساعد على تيسير المفاوضات الجارية بشأن الائتمانات التصديرية في منظمة التجارة العالمية بإتاحة الفرصة لعدد أكبر من المصدرين، بشروط معينة على الأقل، للتمتع بإمكانيات أكثر إنصافاً لبيع المواد الغذائية بتسهيلات ائتمانية، وتمكين البلدان المستوردة من المحافظة على مستويات الواردات في الظروف المحلية والدولية المعاكسة.

20- ويمكن أن تنشأ الحاجة الزائدة إلى الواردات الغذائية من جراء ثلاثة عوامل أساسية. أولها، ارتفاع الأسعار في السوق العالمية، وهو أمر يمكن أن يحدث لأسباب متنوعة لا يستطيع البلد المعني السيطرة عليها. والعامل الثاني هو زيادة العجز في المواد الغذائية المحلية، نتيجة لنقص في الإنتاج لم يكن من الممكن التنبؤ به، أو حدوث كارثة أو لأي أسباب أخرى لا تعوضها المعونة الغذائية. والثالث هو حدوث تحول في واردات البلد الغذائية من المعونة الغذائية أو الشروط التفضيلية إلى الواردات التجارية. وترجع الصعوبات المالية المرتبطة بالزيادة في الواردات الغذائية إلى لجوء المؤسسات المالية الدولية الخاصة إلى فرض حدود للائتمان أو المديونية على بلدان معينة. ومن السهل الوصول إلى هذه الحدود خلال فترات الحاجة إلى زيادة الواردات الغذائية نظراً للعوامل السالفة، مما يحد من الواردات الغذائية، وهذه هي المعوقات التي ينبغي أن يُصمّم المرفق المشار إليه للتخفيف من حدتها7.
21- ومن بين الخيارات الممكنة في هذا السياق التوصل إلى اتفاق بشأن إنشاء مرفق لتمويل الواردات الغذائية بغرض توفير تمويل إضافي على أسس تجارية للكيانات المعنية في بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض لتغطية تكاليف الواردات الغذائية الزائدة، حتى يمكن المحافظة على المستويات المعتادة للواردات. ويمكن تقديم التمويل للكيانات المعنية باستيراد الأغذية عن طريق البنك المركزي أو البنوك التجارية في البلدان المعنية، التي توفر عادة التمويل للواردات الغذائية التجارية عن طريق خطابات الاعتماد. ويمكن أن يكون التمويل الذي يقدمه مرفق تمويل الواردات الغذائية من أجل زيادة قدرة البنوك المحلية على التمويل، وكذلك لاستمالة بنوك الصادرات الخاصة إلى قبول خطابات الاعتماد الصادرة من بنوك البلدان المستوردة بالعملة الصعبة بمبالغ أكبر من سقوف الائتمان التي تفرضها البنوك التجارية على الصادرات إلى بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض. وقد أوضحت التحليلات المبدئية التي أجرتها منظمة الأغذية والزراعة أن مثل هذا الترتيب، الذي يكون في شكل مرفق يستخدم الضمانات في الحصول على قروض في الأوقات التي تكون ظروف السوق العالمية فيها سيئة، وإعادة إقراضها لبلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض، سيكون فعالاً بدرجة كبيرة، وخصوصاً عند الاستفادة منه جنباً إلى جنب مع الأدوات الحديثة لإدارة المخاطر في تغطية الزيادة في أسعار السلع، وكذلك المخاطر السياسية ومخاطر تحويل النقد الأجنبي، ويمكن أن توفر أداة إضافية لها قيمتها لإدارة مخاطر الواردات الغذائية.

خامساً - الخلاصة وقضايا للمناقشة

22- يمكن تلخيص النقاط الرئيسية التي طُرحت في هذه الوثيقة فيما يلي:

23- قد ترغب اللجنة في أن تتداول بشأن القضايا التالية:

الجدول 1 – الأرباح/الخسائر المترتبة على تغطية مخاطر أسعار استيراد القمح بعقود خيارات الشراء في بورصة السلع في شيكاغو في الفترة 1986-2002. (جميع الأرقام المبينة تدل على حصة البلد من قيمة واردات القمح التجارية في نفس الفترة. ويشير الحرف k إلى عدد الأشهر قبل الشراء الفعلي للواردات، عند شراء خيار الشراء. أما الحرف α فيشير إلى النسبة فوق السعر المستقبلي الجاري خلال الأشهر  k السابقة على الشراء، وهذا يحدد سعر إحراز خيار الشراء).

 

k=6

k=9

 

α = 0.10

α = 0.20

α = 0.10

α = 0.20

بنغلاديش

0.92-

0.33-

-0.57

0.00

الصين

0.25

0.99

2.24

4.42

مصر

0.32

0.43

1.01

1.12

الهند

1.12-

0.24-

0.50-

0.39-

إندونيسيا

0.39

0.29

0.25

0.53

موزامبيق

0.41-

0.04

0.86

1.33

نيكاراغوا

0.16

0.39

0.73

1.03

باكستان

0.12

0.47

0.13-

0.46

الفلبين

0.06

0.31

0.47

0.81

السودان

0.15

0.15

0.64

0.72

تنزانيا

0.92-

0.39-

0.51-

0.30-

"الصندوق"

0.38

0.50

0.98

1.05

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة

الجدول 2 – الأرباح/الخسائر المترتبة على تغطية مخاطر أسعار استيراد الذُرة بعقود خيارات الشراء في بورصة السلع في شيكاغو في الفترة 1986-2004. (جميع الأرقام المبينة تدل على حصة البلد من قيمة واردات الذُرة التجارية في نفس الفترة. ويشير الحرف k إلى عدد الأشهر قبل الشراء الفعلي للواردات، عند شراء خيار الشراء. أما الحرف α فيشير إلى النسبة فوق السعر المستقبلي الجاري خلال الأشهر  k السابقة على الشراء، وهذا يحدد سعر إحراز خيار الشراء).

 

k=6

k=9

 

α = 0.10

α = 0.20

α = 0.10

α = 0.20

الجزائر

0.04

0.07-

0.12

0.29-

البرازيل

0.02

0.15-

0.04

0.25-

كولومبيا

0.49

0.11

0.60

0.08-

مصر

0.20

0.02-

0.57

0.13-

إندونيسيا

0.97

0.37

1.49

0.05

جمهورية إيران الإسلامية

0.30

0.02-

1.14

0.17-

كينيا

0.51-

0.43-

0.43-

0.47-

مدغشقر

0.50

0.14-

0.43

0.49

ملاوي

0.35

0.15-

0.84

0.45-

ماليزيا

0.66

0.27

0.85

0.14-

موزامبيق

0.36

0.09-

0.58

0.15-

بيرو

0.64

0.10

1.25

0.05-

المملكة العربية السعودية

0.31

0.04-

0.67

0.11-

تنزانيا

0.22-

0. 17-

0.03-

0.06

فنزويلا

0.20

0.09-

0.71

0.18-

"الصندوق"

0.32

0.02

0.65

0.16-

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة


الجدول 3 – الأرباح/الخسائر المترتبة على تغطية مخاطر أسعار تصدير البن روبستا بعقود خيارات البيع في بورصة لندن الدولية للعقود المستقبلية وعقود الخيارات المالية في الفترة 1986-2004. (جميع الأرقام المبينة تدل على حصة البلد من حصيلة صادرات البن في نفس الفترة. ويشير الحرف k إلى عدد الأشهر قبل التصدير الفعلي، عند شراء خيار البيع. أما الحرف α فيشير إلى النسبة تحت السعر المستقبلي الجاري خلال الأشهر  k السابقة على التصدير الفعلي، وهذا يحدد سعر إحراز خيار البيع).

 

k=6

k=9

 

α = -0.10

α = -0.20

α = -0.10

α = -0.20

البرازيل

2.03

1.98

2.88

3.31

بوروندي

8.35

7.76

13.14

12.53

الكامرون

6.42

6.02

8.38

8.06

جمهورية الكونغو الديمقراطية

2.27

1.82

5.91

5.72

إكوادور

1.80

1.75

5.27

5.27

غينيا الاستوائية

3.44

3.41

0.33

0.50

غواتيمالا

5.25-

4.64-

0.49

0.64-

الهند

7.08

6.83

9.86

10.18

إندونيسيا

4.30

4.26

5.15

5.17

مدغشقر

0.51

0.19

6.86

6.72

تنزانيا

4.48

3.93

8.86

8.56

تايلند

2.27

1.82

5.91

5.72

توغو

5.72

5.52

7.40

6.94

أوغندا

4.23

4.11

5.12

5.15

فيتنام

5.64

5.45

10.36

10.40

الصندوق"

4.30

4.15

6.91

6.94

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة

1 راجع: Keynes, J.M. (1942), “The International Control of Raw Materials”, U.K. Treasury Memorandum, reprinted in Journal of International Economics, vol. 4, 1974.

2 أنظر:Fafchamps, M., and J. Pender (1997), “Irreversible Investment: Theory and Evidence from Semiarid India”, Journal of Business and Economic Statistics, vol. 15(2): 180-193.

3 للاطلاع على استعراض لهذه الإمكانيات والممارسات الخاصة بإدارة المخاطر، يمكن الرجوع إلى: Harwood, J, R. Heifner, K. Coble, J. Perry, and A. Somwaru (1999), “Managing Risk in Farming: Concepts, Research and Analysis”, US Department of Agriculture, Economic Research Service, Agricultural Economics Report No. 774, Varangis, P., D. Larson, and J.R. Anderson (2002), “Agricultural Markets and Risks: Management of the Latter not the Former”, World Bank, Policy Research Working Paper 2793.

4 للاطلاع على استعراض لهذه الجوانب، راجع: Debatisse, M.L., I. Tsakok, D. Umali, S. Claessens, and K. Somel (1993), “Risk Management in Liberalising Economies: Issues of Access to Food and Agricultural Futures and Options Markets”, World Bank, Europe and Central Asia Regional Office, Middle East and North Africa Regional Office, Technical Department Report No. 12220 ECA, November 30.

5 راجع: International Task Force on Commodity Risk Management in Developing Countries (ITF) (1999), “Dealing with Commodity Price Volatility in Developing Countries: A Proposal for a Market Based Approach”, Discussion Paper for the Roundtable on Commodity Risk Management in Developing Countries (World Bank). Washington DC., September 24, processed.

6 للاطلاع على تفاصيل أكثر، أنظر: Debatisse, et. al.، وهو نفس المرجع السابق.

7 أنظر: FAO (2003). Financing Normal Levels of Commercial Imports of Basic Foodstuffs in the context of the Marrakesh Decision on least-developed (LDC) and net food importing developing countries (NFIDC).