CCP 05/14
آذار / مارس 2005


لجنة مشكلات السلع

الدورة الخامسة والستون

روما، إيطاليا، 11-13/4/2005

المفاوضات التجارية المتعددة الأطراف والمعونة الغذائية

أولاً– مقدمة

1- رغم أن المعونة الغذائية لم تحدد بصورة واضحة كمصطلح في مختلف الصكوك الدولية القانونية أو السياساتية، إلا أنه جرى العرف على استخدام هذا المصطلح للإشارة إلى التعاملات الدولية التي تسفر عن تقديم معونات على شكل سلع غذائية لبلد ما يكون في حاجة للحصول على مثل هذه المعونة. ويرقى منشأ هذه المعونات إلى الخمسينات نتيجة لبرامج تصريف الفوائض في بعض البلدان المتقدمة، بل إن هذه المعونة استخدمت أيضا كأداة في مجال السياسات لمعالجة بعض جوانب انعدام الأمن الغذائي في البلدان النامية المعرضة للطوارئ. ومن جهة أخرى، وخلال السنوات، فقد تغيرت بصورة أساسية طبيعة المعونة الغذائية المقدمة وهيكلها نتيجة للتبدلات التي طرأت على بيئة السياسات العالمية واحتياجات المعونة الغذائية وفق تصورات مختلف الجهات المعنية.

2- والطابع السلعي للمعونة الغذائية يعني أنها يمكن أن يكون لها تأثير مباشر على الأسواق الغذائية المحلية في البلدان المستفيدة، فإن حجم المعونة وطبيعتها يعتمدان على من يتلقى هذه المعونة وكيف تستخدمها الجهات المستفيدة1. ولما كانت المعونة الغذائية، وهي المصدر الرئيسي للمساعدات الغذائية التي تقدم للمحتاجين، تتدفق عبر الحدود الوطنية، فإن الأنماط الدولية لتجارة السلع يمكن أن تتأثر أيضا بصورة مباشرة. ومن جهة أخرى، ونظرا لأن المعونة الغذائية لا تشكل في الوقت الحاضر إلا جزءا يسيرا من قيمة واردات البلدان النامية من السلع الغذائية، فإن من المستبعد أن تكون لها تأثيرات كبيرة على الأسواق الدولية رغم أن من المحتمل أن تصبح كذلك في المستقبل، إذا ما استرجعت المعونة الغذائية أهميتها السابقة (أنظر الرسم البياني رقم 2 فيما بعد).

3- ومعلوم أن الاتفاقية بشأن الزراعة هي قيد التفاوض في منظمة التجارة العالمية، وتشير المباحثات إلى إمكانية أن تخضع المعونة الغذائية إلى مزيد من الضوابط. وحسب القرار الذي أصدره المجلس العام لمنظمة التجارة العالمية حول برنامج عمل الدوحة، فإن المعونة الغذائية هي جزء من دعامة منافسة الصادرات في المفاوضات بشأن الزراعة، فضلا عن سائر صكوك إعانات دعم الصادرات والتي ينبغي أن تخضع جميعها للإصلاح بصورة متوازية. وتم إعداد هذه الوثيقة لتوفير معلومات أساسية تساعد اللجنة في مداولاتها في إطار البند 5(ب) من جدول الأعمال. وتتضمن هذه الوثيقة ملخصا موجزا بالسمات الأساسية لهيكل تدفقات المعونة الغذائية حتى يتسنى تضمين السياق تفاصيل عن أحدث المناقشات التي تدور في عملية التفاوض في منظمة التجارة العالمية.

ثانيا- السمات الأساسية لهيكل تدفقات المعونة الغذائية

4- دأبت الحبوب تمثل معظم شحنات المعونة الغذائية إلى البلدان النامية طوال العقود الثلاثة الماضية، حيث بلغت قرابة 13 مليون طن في 1987-1988 (الشكل 1). ومن جهة أخرى، انخفضت هذه الشحنات بصورة حادة لتصل إلى ثلث ذلك المستوى، أي بما يزيد قليلا عن أربعة ملايين طن في 1996-1997 وإن كانت قد انتعشت بعض الشئ منذ ذلك الحين. ويمكن ملاحظة تطور مماثل في مسار المعونات الغذائية من غير الحبوب. ويجدر التشديد على أن معظم المعونات الغذائية من كلا النوعين، وهو ما تجاوز 70 في المائة من إجمالي المعونة خلال السنوات الخمس الأخيرة التي تتوافر عنها بيانات، قد جاءت من ثلاث جهات متبرعة هي: الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، واليابان. ولقد قدمت الولايات المتحدة، بمفردها، أكثر من 50 في المائة من مجموع المعونات الغذائية. وفضلا عن ذلك، فإن أكثر من 95 في المائة من مجموع المعونات الغذائية للبلدان النامية قد تم توجيهها لفائدة بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض خلال نفس الفترة وإن كانت هذه النسبة قد انخفضت في بعض الأوقات إلى 75 في المائة.

الشكل 1: كمية شحنات المعونة الغذائية إلى البلدان النامية

Undisplayed Graphic

5- وأما قيمة شحنات المعونة الغذائية فقد اتجهت أيضا إلى الانخفاض، عند التعبير عنها كنسبة، ليس فحسب من تكلفة الواردات الغذائية إلى البلدان النامية، بل وأيضا كمعونة إنمائية رسمية تلقتها هذه البلدان (الشكل 2). وكان الانخفاض النسبي حادا نوعا ما في كلتا الحالتين، ويشير إلى أن المعونة الغذائية، خلال الفترة الأخيرة، قد فقدت كثيرا من أهميتها كأداة للسياسات الإنمائية فضلا عن كونها مؤثرا أساسيا في الأسواق الغذائية العالمية.

الشكل 2: المعونة الغذائية كنسبة مئوية من المساعدات الإنمائية الرسمية،
ومن تكلفة الواردات الغذائية إلى البلدان النامية
Undisplayed Graphic

6- وفي واقع الأمر، فإن هذا الرأي يتعزز إذا ما نظر المرء إلى الطابع المتغير للمعونة الغذائية التي يتم تقديمها. وتمثل المعونة الغذائية الطارئة في الوقت الراهن قرابة ثلثي إجمالي المعونة الغذائية، في حين أن المعونة الغذائية للبرامج، والتي هي الأقل استهدافا وبالتالي أكثر أشكال المعونة الغذائية تأثيرا في اختلالات السوق، تقل عن 15 في المائة. وقد تبدلت هاتان النسبتان في بداية التسعينات، حيث أن نسبة المعونة الغذائية للبرامج تجاوزت 60 في المائة في حين أن المعونة الغذائية للطوارئ انخفضت إلى أقل من 15 في المائة. ويذهب الجزء المتبقي من شحنات المعونة الغذائية إلى المشروعات الإنمائية التي تنحو لأن تكون لها تأثيرات على السوق الدولية أقل من تأثيرات المعونة الغذائية للبرامج.

7- أما من حيث البلدان المستفيدة، كل على حدة، فإن التطورات في شحنات المعونة الغذائية وتأثيراتها تتباين بطبيعة الحال. ويمكن أن تظهر بصورة أوضح إذا ما حسبت نسبة قيمة المعونة الغذائية إلى مجموع تكاليف الواردات الغذائية، بخصوص مختلف مجموعات البلدان النامية، بأخذ المتوسطات البسيطة للنسب عبر مختلف البلدان2. وهناك ثلاث مجموعات خضعت للدراسة (الشكل 3) وهي: أقل البلدان نموا، والبلدان النامية المستوردة الصافية للأغذية، والتي لها أهميتها لقرار مراكش الوزاري المتعلق بالاتفاقية بشأن الزراعة في إطار جولة أوروغواي (لمزيد من التفاصيل يرجى الإطلاع على القسم التالي)، وبلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض، والتي تهم كلا من المنظمة وبرنامج الأغذية العالمي في تخصيص مواردها المؤسسية فيما بين البلدان النامية. وكما هو مبين، فإن أقل البلدان نموا، وهي أشد مجموعات البلدان عرضة للطوارئ، تعتمد أكثر من غيرها على المعونات الغذائية لتلبية احتياجاتها من الواردات الغذائية من الأسواق الدولية، تليها بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض التي تتميز بنمط مماثل جدا للنمط الذي لوحظ بشأن أقل البلدان نموا (وذلك أساسا بسبب تداخل البلدان في المجموعتين). ومع ذلك، فبالنسبة لأي بلد متوسط في كل مجموعة، فإن تراجع الاعتماد على المعونات الغذائية، منذ منتصف الثمانينات، يمكن عزوه، ببساطة، إلى تراجع الحاجة إلى المعونات الغذائية. ومن جهة أخرى، ومع مراعاة المتغيرات الأخرى، كنمو الدخل والمقدرة على استيراد الأغذية والعقبات التي تسببها الواردات الغذائية في وجه استيراد السلع الأخرى، فقد تبين، بخصوص أقل البلدان نموا، أن التراجع قد تزامن مع تزايد العقبات المحلية في وجه استيراد الأغذية، وهو تطور يعارض التطور الذي شهدته البلدان النامية المستوردة الصافية للأغذية3.

الشكل 3: المعونة الغذائية كنسبة متوسطة من تكلفة الواردات الغذائية التجارية
في بعض مجموعات البلدان النامية

Undisplayed Graphic

8- كذلك اتضح وجود علاقة مباشرة أكثر ارتباطا بين التسليمات من المعونة الغذائية وانعدام الأمن الغذائي وأهميتها للبلدان النامية الأكثر تعرضا للخطر، مما يعزز الاستنتاجات المشار إليها آنفا. ويوجز الشكل 4 نتائج التحليل ويشير إلى أن أشد البلدان معاناة من انعدام الأمن الغذائي4 ليست هي التي تعتمد، فحسب، على المزيد من المعونات الغذائية، بل هي أيضا الأكثر عرضة لمواجهة حالات الطوارئ الغذائية، بل وأيضا التي تخضع لمزيد من الضغوط الاقتصادية:

1- فهي تعاني من انخفاض شديد في إجمالي الناتج المحلي وتدني مستويات التنمية؛
2- أداؤها الاقتصادي أسوأ؛
3- مقدرتها على استيراد الاحتياجات الغذائية تتعرض لمزيد من القيود؛ ونتيجة لهذا،
4- فإنها، وللمفارقة، تنحو لأن تكون أكثر اكتفاء ذاتيا من حيث الأغذية.

الشكل 4: ملامح البلدان النامية الآمنة، وغير الآمنة، غذائيا، بحسب متغيرات مختارة
Undisplayed Graphic

ثالثا- المعونات الغذائية في إطار المفاوضات التجارية المتعددة الأطراف

ألف- اتفاقية منظمة التجارة العالمية بشأن الزراعة

9- المعونة الغذائية هي جزء من الضوابط المتعلقة بتنافس الصادرات التي تم إقرارها في إطار اتفاقية منظمة التجارة العالمية بشأن الزراعة. وتتضمن هذه الاتفاقية ضوابط تتعلق بالمعونة الغذائية في إطار المادة 10-4 والتي تنص على بعض الاشتراطات المحددة حول الكيفية التي ينبغي بموجبها تقديم المعونة الغذائية بما ينسجم وأحكام منظمة التجارة العالمية (أي لمنع تحايل التزامات دعم الصادرات)، وفي هذا السياق، فهي تتضمن أيضا تنويهات محددة إلى الأحكام الموجودة بشأن المعونة الغذائية وبخاصة في إطار مبادئ تصريف الفوائض التي أقرتها منظمة الأغذية والزراعة والالتزامات الاستشارية للدول الأعضاء (المبادئ) واتفاقية المعونة الغذائية (الاتفاقية). وتنص المادة 10-4 على ما يلي:

"يتعين على الأعضاء المتبرعين بالمعونات الغذائية الدولية مراعاة ما يلي:

(أ) عدم ربط تقديم المعونات الغذائية الدولية، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، بالصادرات التجارية للمنتجات الزراعية إلى البلدان المتلقية؛
(ب) إن تعاملات المعونة الغذائية الدولية، بما فيها المعونات الغذائية الثنائية التي يتم اجتذابها، يجب تنفيذها وفقا "لمبادئ تصريف الفوائض، والالتزامات الاستشارية التي أقرتها المنظمة"، بما في ذلك، وحسب الاقتضاء، نظام "متطلبات التسويق العادية"؛
(ج) وأن مثل هذه المعونات يجب تقديمها، قدر المستطاع، على شكل منح كاملة أو بشروط ميسرة لا تقل عن تلك الشروط التي نصت عليها المادة 4 في اتفاقية المعونة الغذائية لعام 1986".

10- وهناك نص آخر، من هذا القبيل، في الاتفاقية بشأن الزراعة، هو الفقرة 16 التي تشير إلى أحكام محددة بشأن البلدان النامية المستوردة الصافية للأغذية، وأقل البلدان نموا، والتي تمت الموافقة عليها في إطار قرار مراكش (الذي يمثل جزءا لا يتجزأ من اتفاقية جولة أوروغواي). وتنص الفقرة 16-1 على ما يلي:

"يتعين على البلدان المتقدمة الأعضاء أن تتخذ هذا الإجراء كما هو منصوص عليه ضمن إطار القرار بشأن الإجراءات المتعلقة بالتأثيرات السلبية المحتملة لبرامج الإصلاح، على أقل البلدان نموا، والبلدان النامية المستوردة الصافية للأغذية".

11- ومن ناحية أخرى فإن الجزأين من قرار مراكش، اللذين يتعلقان بالمعونة الغذائية هما البندان 1 و 2 من الفقرة 3 واللذين ينصان على ما يلي:

"3 - ويوافق الوزراء، بالتالي، على إنشاء آليات ملائمة تضمن أن يكون تنفيذ نتائج جولة أوروغواي حول التجارة في الزراعة لا تؤثر بصورة سلبية على توافر المعونة الغذائية عند مستوى يكفي لاستمرار تقديم المساعدات بما يلبي الاحتياجات الغذائية للبلدان النامية، وخصوصا لأقل البلدان نموا وللبلدان النامية المستوردة الصافية للأغذية. ولهذا الغرض يوافق الوزراء على ما يلي:

(1) استعراض مستوى المعونات الغذائية الذي تحدده، بصورة دورية، لجنة المعونة الغذائية، بموجب اتفاقية المعونة الغذائية لعام 1986 والشروع في مفاوضات في منتدى ملائم لتحديد مستوى التزامات المعونة الغذائية بما يكفي لتلبية الاحتياجات المشروعة للبلدان النامية خلال برنامج الإصلاح.
(2) إقرار الخطوط التوجيهية للتأكد من أن نسبة متزايدة من المواد الغذائية الأساسية يتم تقديمها لأقل البلدان نموا وللبلدان النامية المستوردة الصافية للأغذية، على شكل منحة كاملة و/أو وفق شروط ميسرة ملائمة، تمشيا مع أحكام المادة 4 من اتفاقية المعونة الغذائية لعام 1986".

12- وبكل بساطة، فإن الفقرة 16 وقرار مراكش، لا يضيفان أي شيء جديد (لما هو وارد أصلا في المادة 10-4) فيما يتعلق بالضوابط التي تحكم تقديم المعونات الغذائية المشروعة. وكل ما يشيران إليه هو إثارة بعض المخاوف إزاء مستوى المعونات الغذائية ويضيفان التزاما من جانب الجهات المانحة (وبخاصة البلدان المتقدمة الأعضاء في منظمة التجارة العالمية) لاستعراض الأوضاع (أي لاستعراض مستوى المعونة الغذائية ...و... الى تحديد مستوى التزامات المعونات الغذائية على نحو يلبي الاحتياجات المشروعة للبلدان النامية خلال برنامج الإصلاح). إضافة إلى ذلك، فالقرار يذهب إلى أبعد من ذلك فيما يتعلق بالشروط المتعلقة بالمعونة الغذائية لأقل البلدان نموا والبلدان النامية المستوردة الصافيـة للأغذية، أي "نسبة متزايدة" (مقابل عبارة "قدر المستطاع" في المادة 10-4) تقدم "على شكل منحة كاملة و/أو وفق شروط ميسرة تمشيا مع أحكام المادة 4 من اتفاقية المعونة الغذائية لعام 1986".

13- وكانت الإشارة الواضحة إلى المبادئ وأحكام الاتفاقية بشأن الزراعة أمرا مهما من حيث أن المبادئ والاتفاقية أصبحتا، من حيث المبدأ، جزءا من حقوق والتزامات أعضاء منظمة التجارة العالمية، بموجب الإطار القانوني لهذه المنظمة. وفي هذا المعنى، ونظرا لأن الأحكام لم يتم التقيد بها، فإن أعضاء منظمة التجارة العالمية الذين يرون هذا بمثابة إيجاد اختلال بين الحقوق والالتزامات المقررة في إطار الاتفاقية بشأن الزراعة، ربما يرجعون إلى آلية تسوية المنازعات (كما عملوا بشأن الأحكام الأخرى في اتفاقيات منظمة التجارة العالمية). ومن جهة أخرى، فلم توضع، بصورة واضحة، الآليات التنفيذية موضع التنفيذ بشأن تحديد ما إذا كانت هذه الأحكام خارج منظمة التجارة العالمية قد تم التقيد بها بأمانة، أو لم يتم الالتزام بها، بشأن تحديد مدى الأضرار والإجراءات العلاجية.

باء- ضوابط جديدة بشأن المعونة الغذائية في إطار جولة الدوحة

14- لا تزال قضية المعونة الغذائية في مفاوضات جولة الدوحة، ضمن "دعامة منافسة الصادرات" في الاتفاقية بشأن الزراعة، كما كان الحال في إطار مفاوضات جولة أوروغواي. لكن المعونة الغذائية أصبحت، لأسباب مختلفة، متشابكة أكثر من ذي قبل مع المكونات الأخرى لمنافسة الصادرات والتي لها علاقة مع إعانات دعم الصادرات وائتمانات التصدير والمؤسسات التجارية الحكومية. والسبب الرئيسي الذي يجعل بعض أعضاء منظمة التجارة العالمية يلحون على مثل هذه الارتباطات هو أن هناك خطورة فيما تسببه بعض أشكال تعاملات المعونة الغذائية، شأنها شأن الأشكال الأخرى من إعانات دعم الصادرات، أي الإعانات والقروض التصديرية. ونظرا لذلك، فإن النصوص المتعلقة بالمعونة الغذائية، في اطار يوليو/تموز تقيم "توازيا" كاملا بين المعونة الغذائية وسائر أشكال إعانات دعم الصادرات، بما في ذلك إعانات التصدير، وقروض التصدير، وممارسات الإخلال بالتجارة، التي تقوم بها المؤسسات التجارية الحكومية التصديرية.

15- أما النص المتصل بالمعونة الغذائية والذي يمثل إيماءة إلى مزيد من المفاوضات، فهو وارد في الفقرة 18 من إطار يوليو/تموز"5. وكما هو الشأن في بقية أجزاء الإطار، وإن تكن اللغة عمومية جدا فيما يتعلق بالأحكام الخاصة التي تحكم المعونة الغذائية، فإن هذه اللغة واضحة من حيث الأهداف، ذلك لأنه، بالتوازي مع سائر أشكال إعانات دعم الصادرات، فإن تلك الأنماط من المعونة الغذائية التي لا تتسق مع الضوابط المزمع إقرارها، سوف يصار إلى إلغائها في موعد لاحق.

16- كما يشير الإطار إلى قضيتين رئيسيتين تتعلقان بالمعونة الغذائية وينبغي علاجهما في المفاوضات (وهما: دور المنظمات الدولية في تقديم المعونات الغذائية من قبل أعضاء منظمة التجارة العالمية، ومسألة تقديم المعونة الغذائية على شكل منحة كاملة). وهاتان القضيتان ليستا جديدتين، بل خضعتا للنقاش منذ انطلاقة جولة الدوحة، ويشيران إلى ما يلي6:

  1. تعريف ما هو المقصود بالمعونة الغذائية المشروعة: الاحتياجات من المعونة الغذائية مقابل الاحتياجات الغذائية، وكيفية تحديد احتياجات المعونة الغذائية؟ ومن يحددها؟
  2. الشكل الذي تقدم به المعونة الغذائية: ما إذا كان ينبغي تقديمها على شكل سلعي فقط أو يمكن تقديمها أيضا على شكل منح مالية تستخدم في شراء الأغذية من قبل البلد المستفيد أو لفائدته، وتحديد الشروط التي ينبغي مراعاتها في تقديم المعونة الغذائية في شكليها المختلفين إن أمكن ذلك.
  3. طبيعة المعونة الغذائية المقدمة: ما إذا كان يتعين تقديمها حصرا على شكل منح كاملة7.
  4. التزامات الإبلاغ: إن الاتفاقية بشأن الزراعة في إطار جولة أوروغواي، لم تشترط التزامات الإبلاغ فيما يتعلق بالمعونة الغذائية لمنظمة التجارة العالمية بشأن أعضائها. وفي الوقت الراهن هناك ثلاث وكالات دولية أخرى ترصد تعاملات المعونة الغذائية وتقدم تقارير عنها هي: اللجنة الفرعية الاستشارية لتصريف الفوائض لدى منظمة الأغذية والزراعة، ولجنة المعونة الغذائية التابعة للمجلس الدولي للحبوب، وبرنامج الأغذية العالمي.
  5. إحالة المسائل المتعلقة بتعاملات المعونة الغذائية لعملية الاستعراض في منظمة التجارة العالمية: لم تتضمن الاتفاقية بشأن الزراعة في إطار جولة أوروغواي، أية إشارة مباشرة إلى إمكانية أي بلد من البلدان الأعضاء إحالة عضو آخر إلى عملية الاستعراض في لجنة الزراعة، فيما يتصل بالإجراءات المتعلقة بالمعونة الغذائية. وإذا ما أمكن إنشاء نظم موثوقة ودقيقة بشأن الرصد والإبلاغ فيما يتعلق بتعاملات المعونة الغذائية على المستوى الدولي فإن المفاوضات الراهنة يمكن أن تشمل، في إطارها، إمكانية أن تصدر منظمة التجارة العالمية أحكاما قضائية فيما يتصل بالمنازعات المتعلقة بتسليم المعونات الغذائية.

17- وفي الوقت الراهن فإن منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي هما الوكالتان الدوليتان الوحيدتان اللتان تقومان بتقدير الاحتياجات من المعونة الغذائية في البلدان المتضررة التي تواجه حالات الطوارئ. ورغم جوانب القصور في المنهجية فإن لديهما، فقط، التقييمات المستقلة، وغير المنحازة، للاحتياجات من المعونة الغذائية في حالات الطوارئ. فالمنهجيات التي يتبعانها في تحديد الاحتياجات من المعونات الغذائية بسبب حالات الطوارئ، تخضع للتطوير للتأكد من أن المعونات الغذائية تقدم، فقط، لتلك البلدان التي لا تستطيع، بدونها، شراء نفس الكميات من السوق، وبالتالي، تقليل الآثار السلبية على الأسواق الغذائية المحلية والإحلال محل وارداتها التجارية. ومن جهة أخرى، فإن الشروط التي بموجبها يقلل تقديم المعونة الغذائية هذه الآثار السلبية على الأسواق، لم يتم أبدا تحديدها على نحو مفصل في أية صكوك دولية. وربما يكون هذا ضروريا حتى يتسنى وضع حدود واضحة تفرق بين تعاملات المعونة الغذائية المشروعة وغيرها من التعاملات. وإذا ما أمكن الوصول إلى اتفاقية تحدد تلك التعاملات في المعونة الغذائية، والتي تقلص التأثيرات على الأسواق المحلية والدولية، فإن العديد من القضايا المتصلة بشكل وطابع المعونة الغذائية ومن يقدمها، ربما يصبح حلها أكثر يسرا.
18- فعلى سبيل المثال، وطالما الأمر، كما هو معروف، بأن الأغذية، التي تقدم كمعونة، تقلل من الإخلال بالمعاملات التجارية نظرا لأن معظم تلك المعونة يتحصل عليه أولئك الذين لا يوجد لديهم طلب فعال لشراء تلك الأغذية من الأسواق، فلن يكون هناك فرق كبير فيما لو قدمت الجهات المانحة تلك المعونة على شكل سلعي أو مالي. إضافة إلى ذلك، ولما كانت خصائص الجهات المتلقية، في نهاية المطاف، هي التي تحدد ما يمكن اعتبارها معونة غذائية مشروعة، فإن ذلك لن يسبب فرقا كبيرا فيما لو قدمت المعونة الغذائية كمنحة أو كقرض بشروط ميسرة تسدده الوكالة المعنية.

19- ومن جهة أخرى، فإن اختيار مسار كهذا يتطلب الدقة في الرصد والإبلاغ والتحليل والتأكد من أن تسليمات المعونة الغذائية تصل إلى أولئك الذين هم في حاجة إليها. وفي ضوء الخبرات المكتسبة، فإن المعارف والقدرات لدى العاملين، ولدى المنظمات في بعض الوكالات الدولية، التي تشارك فعلا في التعاملات الدولية للمعونة الغذائية، كمنظمة الأغذية والزراعة، وبرنامج الأغذية العالمي، ولجنة المعونة الغذائية، أو حتى لجنة المساعدات الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ينبغي توحيدها وتعزيزها للاضطلاع بهذه المهام وتقديم المعلومات الضرورية التي تتيح تنفيذ متطلبات الاتفاقية الجديدة بشأن الزراعة.

رابعا – القضايا المعروضة على لجنة مشكلات السلع لدراستها

20- في ضوء ما لدى الوكالات الدولية، التي تعالج أبعاد المعونة الغذائية فيما يخص الأمن الغذائي، من الخبرات الملائمة والمعارف والأفراد والقدرات التنظيمية للرصد والتحليل والإبلاغ عن تقديم المعونات الغذائية وتأثيراتها على الأسواق المكانية والمحلية؛

21- ونظرا لأن لجنة مشكلات السلع التى كانت بمثابة المنتدى الرئيسي، الذي تضطلع بدور الريادة في مناقشة قضايا المعونة الغذائية في الوضع الدولي الذي كان قائما في عام 1953، وبالتالي، استنبط إطارا مفاهيميا يبرز مبادئ تقييم تأثير تدفقات المعونة الغذائية على الأسواق الزراعية المحلية والدولية؛

22- وقد يود الأعضاء النظر في مناقشة العملية والأسلوب اللذين يمكن بهما تعزيز الضوابط والإجراءات التنفيذية للجنة الفرعية لتصريف الفوائض حتى تتمكن من أن تصبح جهازا موثوقا به ويعول عليه وله فعالياته وقدراته في رصد مدى التزام تعاملات المعونة الغذائية بالضوابط الجديدة المزمع إقرارها في إطار منظمة التجارة العالمية. وفي هذا السياق ربما يلزم استرعاء الانتباه للقضايا التالية:

  1. تعديل "سجل التعاملات" لكي ينسجم والإطار الذي يحدد "المعونات الغذائية المشروعة" المزمع إقرارها في الجولة الجديدة.
  2. تعزيز إجراءات التقييم التي تطبقها منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي، لتحديد الاحتياجات المؤقتة والمزمنة من المعونات الغذائية وخصوصا الناجمة عن حالات الطوارئ في البلدان النامية المعرضة للخطر، وجعل تلك الإجراءات جزءا لا يتجزأ من عملية الرصد والإبلاغ في إطار اللجنة الفرعية لتصريف الفوائض.
  3. إعادة النظر في الإجراءات المتعلقة بحساب "متطلبات التسويق العادية" المستخدمة، للتأكد من أن تسليمات المعونة الغذائية لا تؤدي إلى اختلال الواردات التجارية في البلدان المتلقية.
  4. إلغاء عبارة "تصريف الفوائض" من عنوان "اللجنة الفرعية لتصريف الفوائض"، ونقل كلمة "ضوابط" بحيث تصبح التسمية كما يلي: "ضوابط المعونة الغذائية" واللجنة الفرعية الاستشارية للمعونة الغذائية"، على التوالي.
  5. دراسة مسألة موقع اللجنة الفرعية لتصريف الفوائض في ضوء الدور الذي يمكن أن يناط بها في مجال الرصد المباشر وما يتصل بذلك من قدرات ضرورية للقيام بهذا الرصد على نحو فعال.

1تؤثر المعونة الغذائية أيضا في الأسواق التي تشترى منها، حيث أنها تسبب ضغوطا لزيادة الأسعار ذات العلاقة حتى عندما تقدم من الفوائض الحكومية.

2وهذا يظهر التطورات في نصيب أي بلد "نموذجي" مندرج في كل مجموعة من مجموعات البلدان.

3A. A. Gürkan, K. Balcome and A. Prakash, “Food import bills: experiences, factors underpinning changes and policy implications for food security of least developed and net food-importing developing countries, in Commodity Market Review – 2003, FAO, Rome, 2003.

4 FAO, Global food markets, trade and aid: a perspective on vulnerable and food insecure countries, presented at International Workshop on Defining the Role of Food Aid in Contributing to Sustainable Food Security, Berlin, 2003 (also available at http://www.fao.org/es/ESC/common/ecg/36727_en_FAO_Berlin_web_E.ppt in French and Spanish). Food insecure developing countries have been defined as those that have more than 15 percent of their population undernourished (see FAO, The state of food insecurity in the world - 2003, Rome, 2003).

5 تشمل الفقرة 18 جميع أشكال إعانات دعم الصادرات، شريطة أن تلك العناصر، التي لا تتسم والضوابط المزمع إقرارها، سوف تلغى. وبخصوص المعونة الغذائية تنص الفقرة على ما يلي:

"18- يجب حذف ما يلي في نهاية الموعد الذي سيتفق عليه:

§ تقديم المعونة الغذائية التي لا تتفق والضوابط الفعالة العملية المزمع إقرارها. والهدف من هذه الضوابط هو منع الإختلالات في المعاملات التجارية. وأما دور المنظمات الدولية فيما يتعلق بتوفير المعونة الغذائية من جانب الدول الأعضاء، بما في ذلك القضايا الإنمائية والإنسانية، فسوف تعالج في المفاوضات. كذلك سوف تعالج هذه المفاوضات مسألة توفير المعونة الغذائية حصرا في شكل منح كاملة."

6 ولعل أكثر المحاولات الملموسة حتى الآن للتوفيق فيما بين المواقف المختلفة كان المحلق 6 في مسودة نصوص الإجراءات التي صدرت في مارس/آذار 2003 (نص Harbinson). ولم يعد لهذا النص أي صفة قانونية ولذا فإن هذه الوثيقة لن تعالجه بصورة صريحة.

7 في الاتفاقية بشأن الزراعة في جولة أوروغواي، فإن تقديم معونة غذائية دولية ميسرة كان ممكنا: مثل هذه المعونة ينبغي تقديمها إلى أقصى حد ممكن على شكل منح كاملة أو بشروط لا تقل يسرا عن تلك المقدمة في إطار المادة 4 في اتفاقية المعونة الغذائية لعام 1986 (المادة 10-4 ج من اتفاقية الزراعة في إطار جولة أوروغواي). وفي اتفاقية 1986 هذه فقد تم تحديد ذلك كمبيعات ائتمانية حيث يتم الدفع بمبالغ سنوية معقولة خلال فترة عشرين سنة أو أكثر وبمعدل فائدة يقل عن المعدلات التجارية السائدة في الأسواق العالمية. وفي اتفاقية 1999، فقد تغير عدد المواد ذات الصلة، لكن النص ظل على ما هو عليه مع تعديل واحد شرح لفظة "مبيعات" بحيث أصبحت الفقرة الفرعية ذات الصلة في تلك المادة تنص على عبارة "المبيعات من الأغذية بتسهيلات ائتمانية..." (اتفاقية المعونة الغذائية، 1999 المادة 9(أ)-3).