المؤتمر العام



الدورة الثلاثون

روما، 12-23/11/1999

بيان المدير العام

السيد رئيس المؤتمر،
السيد الرئيس المستقل للمجلس،
سيداتي وسادتي الوزراء،
أصحاب السعادة، سيداتي ، سادتي،

إن ست سنوات فترة وجيزة في حساب التاريخ. كما أنها فترة قصيرة نسبيا في عمر الإنسان، وكذلك في عمر مؤسسة أنشئت منذ 54 عاما على وجه الدقة. غير أن هذه السنوات الست الماضية كان لها وزنها بالنسبة للمنظمة، بحكم التحديات التي تعين عليها أن تواجهها والتغيرات العديدة التي خضعت لها من أجل الارتقاء بها وتكييفها مع بيئة سياسية واقتصادية جديدة.

(حالة الزراعة والأغذية في العالم)

وقبل أن أتناول هذه الفترة بالتقييم، أود أن أستعرض بإيجاز حالة الزراعة والأغذية في العالم.

لقد طرأ شئ من التحسن في الآونة الأخيرة على توقعات الإنتاج العالمي من الحبوب في السنة الجارية. وإن كان من المنتظر أن يأتي الإنتاج العالمي، الذي يقدر بنحو مليار و870 مليون طن، أقل بنحو 1 في المائة عن مستواه في عام 1998، وبنسبة 2 في المائة عن مستواه في عام 1997 الذي كان عاما طيبا بصورة استثنائية. والزيادة الوحيدة المنتظرة تقتصر على الأرز، في حين ستتعرض محاصيل القمح والحبوب الأخرى للانخفاض. وسيتجاوز الاستهلاك المتوقع من الحبوب حجم الإنتاج، وذلك للمرة الأولى منذ أربع سنوات، مما يعني اللجوء إلى المخزونات المتاحة التي ينتظر أن تهبط من ثم بمقدار 9 ملايين طن لتصل إلى 331 مليون طن، أي أن النسبة بين المخزونات والاستخدام ستبلغ 17.3 في المائة، وهي نسبة تندرج ضمن نطاق الأمان المحدد بما يتراوح بين 17 و18 في المائة.

ولذا لا غرابة في توقع زيادة التجارة العالمية في الحبوب في الموسم المقبل بنحو 2 في المائة، ليصل حجمها إلى 218 مليون طن. وبالرغم من ذلك، تعد أسعار الحبوب في مختلف الأسواق العالمية أقل بوجه عام عن نظيرتها في عام مضى، وهذا عامل إيجابي لبلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض، شأنه في ذلك أيضا شأن زيادة حجم المعونة الغذائية الذي ينتظر أن يقترب من عتبة العشرة ملايين طن خلال الموسم 1998-1999.

وتأتي بادرة مشجعة أخرى من قطاع مصايد الأسماك، حيث ينتظر أن يرتفع الإنتاج السمكي في عام 1999.

أما أكثر المؤشرات إيجابية فهي أن العدد الكلي لمن يعانون من نقص الأغذية في البلدان النامية قد انخفض بمقدار 40 مليون نسمة بين الفترة 1990-1992 والفترة 1995-1997، كما يتضح ذلك من أول تقرير تصدره المنظمة عن "حالة انعدام الأمن الغذائي في العالم". فهذا الانخفاض الذي يناهز 8 ملايين نسمة سنويا في المتوسط أمر مشجع، وإن كان يظل غير كاف إلى حد بعيد بالقياس إلى العدد البالغ 20 مليون نسمة سنويا الذي يتعين خفضه لبلوغ الهدف الذي حدده مؤتمر القمة العالمي للأغذية.

(حالات الطوارئ)

ومن جهة أخرى، تتسم حالة الزراعة والأغذية بوجود كثير من مناطق الظل. ذلك أن هناك 35 بلدا تواجه في الوقت الحاضر نقصا جسيما في الأغذية. ويعزى هذا الوضع أساسا إلى سوء الأحوال الجوية، واندلاع أو استمرار الصراعات الداخلية أو الحروب، وإن كان يعزى أيضا إلى مشكلات اقتصادية خطيرة. ويمتد هذا النقص إلى جميع أقاليم العالم: فهو يطول 15 بلدا في أفريقيا، وخاصة في شرق ووسط أفريقيا. كما أن سبعة بلدان آسيوية وأربعة بلدان من أمريكا الوسطى تحتاج في الوقت الحاضر، إلى معونة غذائية عاجلة. بيد أن هذا النقص لا يقتصر على البلدان النامية وحدها. إذ تعاني منه أيضا خمسة بلدان تنتمي إلى رابطة الدول المستقلة، وأربعة بلدان في منطقة البلقان.

فنحن لم نعد بمأمن للأسف في أية فترة من فترات السنة من الظواهر الجوية المدمرة التي تطلق عنانها الطبيعة. وربما اتخذت هذه الظواهر صورة الجفاف، كما حدث هذا العام في الشرق الأدنى وشرق أفريقيا، أو خلال فترة أسبق في المحيط الهادي وإندونيسيا حيث اندلعت حرائق هائلة، أو قد تتخذ على العكس صورة العواصف والأعاصير أو الأمطار الغزيرة بما تسببه من فيضانات ودمار لهما أبعاد الكارثة، كما حدث مؤخرا في الهند وفيتنام.

وفي مواجهة هذه الأوضاع، تتزايد أهمية دور المنظمة عن أي وقت مضى، إذ يصبح عليها أولا تقييم حالة الأغذية والزراعة، وتقدير الاحتياجات من المعونة الغذائية، وإبلاغ المجتمع الدولي. وفي هذا المجال، أظهر مركز الإعلام والإنذار المبكر في المنظمة، منذ قرابة 25 عاما، يقظة وحيادا وذلك أساسا بفضل الكفاءات الفنية الرفيعة لموظفيه الذين يعملون في تعاون وثيق مع موظفي برنامج الأغذية العالمي.

وفضلا عن ذلك، يبذل في الوقت الحاضر جهد واسع النطاق لإنشاء نظام المعلومات عن انعدام الأمن الغذائي والتعرض لنقص الأغذية ورسم الخرائط ذات الصلة، وفقا لقرارات مؤتمر القمة العالمي للأغذية. وهذا النظام الذي سيشكل أداة قيمة لإدارة حالات الطوارئ بوجه خاص يجري إنشاؤه على الصعيد الدولي، كما يجري إنشاؤه أساسا على الصعيد القطري، في تعاون تام مع الشركاء في منظومة الأمم المتحدة في إطار لجنة مشتركة بين الوكالات.

وفي حالات الطوارئ، ينبغي للمنظمة أيضا أن تساعد على تنشيط الإنتاج الزراعي عن طريق تقدير الاحتياجات بالتعاون مع وكالات الأمم المتحدة الأخرى في إطار النداءات الموحدة من أجل المعونة الإنسانية، وخاصة بتقديم معونة مباشرة إلى المزارعين. ومنذ الدورة الماضية للمؤتمر، نفذت إدارة عمليات الإغاثة الخاصة في المنظمة أنشطة في 64 بلدا. ولقد تضاعفت قيمة هذه الأنشطة بين عام 1997 وعام 1998 فارتفعت من 43 إلى 86 مليون دولار، وربما وصلت إلى 100 مليون دولار في عام 1999. ومن بين حالات الطوارئ هذه جميعا، سأكتفي بتناول مثالين لهما دلالتهما الخاصة، وهما إعصار ميتش وأزمة كوسوفو.

لقد دمر إعصار ميتش خلال خريف 1998 قطاعات كبيرة من الاقتصاد والبنى الأساسية في عدة بلدان بأمريكا الوسطى. واستلزمت المراحل المعتادة للإعلام وتحديد الاحتياجات، صياغة برنامج مساعدة. وعلاوة علـى المعونــة الغذائيـة الطارئـة التي تربو قيمتها على 58 مليون دولار التي أقرت بالاشتراك مع المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، قدمت المنظمة معدات ومستلزمات تبلغ قيمتها 000 920 1 دولار لإحياء قطاع الزراعة، وقد تم تغطية نحو ثلث هذا المبلغ من برنامج التعاون الفني، والباقي من حسابات أمانة.

واستجابة لأزمة كوسوفو، ركزت المنظمة بادئ ذي بدء على المجتمعات الريفية التي تستضيف اللاجئين في ألبانيا وفي جمهورية مقدونيا اليوغوسلافية السابقة. وتم تعبئة 3.5 مليون دولار لمشروعات محددة، وإيفاد 14 متطوعا من موظفي المنظمة إلى البلدين. ومنذ استقرار الحالة في كوسوفو، أنشأت المنظمة في بريستينا وحدة لتنسيق عمليات الطوارئ تعمل بالتعاون مع إدارة الأمم المتحدة. وقدمت مساهمات فنية للمنظمات غير الحكومية. وبفضل الدعم السخي من عدد كبير من الجهات المتبرعة بلغت معونة المنظمة لسكان كوسوفو 6.7 مليون دولار.

("أزمات" أخرى)

وفي الوقت ذاته، وجدت المنظمة نفسها تواجه على نحو متزايد "أزمات" من نوع آخر، وإنما تنشأ عن مشكلات تتصل بجودة المنتجات الغذائية وبسلامتها على وجه الخصوص، وبتأثير تقنيات الإنتاج الزراعي الجديدة المشتقة بوجه عام من التقدم السريع المحرز في ميدان التكنولوجيا الحيوية. فأزمة "جنون البقر"، ووجود الديوكسين في السلسلة الغذائية، وانتشار الكائنات المحورة وراثيا عن طريق المبادلات التجارية تعد كلها أمثلة لمشكلات حديثة تواجهها الحكومات.

وهذا مجال من المؤكد أن نشاط المنظمة سيتزايد فيه مستقبلا. والواقع أن الرأي العام، الذي نبهته وسائل الإعلام، يسعى إلى الحصول على معلومات موضوعية عن الأخطار المحتملة، ويطالب بوسائل حماية فعالة. ولئن كان "مسرح العمليات" لهذه "الأزمات" هو في البلدان المتقدمة هذه المرة، فإن هذا القلق نفسه يساور السلطات العامة وسكان عدد كبير من البلدان النامية التي لا تملك قدرات التحليل الكافية.

والمنظمة تستجيب لهذه التحديات وتلك المطالب. وتنشط أجهزتها المختصة، مثل هيئة الموارد الوراثية، في إعداد مدونات السلوك اللازمة. وبدئ في تنفيذ برنامج مشترك بين المصالح لمعالجة كل الجوانب الفنية لهذه المشكلات. كما أن برامج القسم المشترك بين المنظمة والوكالة الدولية للطاقة الذرية لاستخدام التقنيات النووية في الأغذية والزراعة تخضع للدراسة في الوقت الحاضر لتعزيز إسهامها في هذه المجالات. أما القضايا الأخلاقية فتدرسها لجنة داخلية تساندها مجموعة خبراء. وتظل هيئة الدستور الغذائي هي الأداة الرئيسية لوضع المعايير الدولية - وهذا نشاط أساسي في سياق التجارة التي لا تفتأ تتطور وتتعولم.

وفي حين ينبغي للمنظمة أن تظل حساسة لأهمية هذه المشكلات وإلحاحها، ينبغي لها أيضا أن تركز على توفير معلومات تستند إلى أسس علمية يضعها خبراء معترف بهم دوليا.

(إنجازات السنوات الماضية)
(قوة الدفع التي انطلقت بها الإصلاحات ومتابعة مؤتمر القمة)

ثمة عاملان يشكلان حجر الزاوية في تحليل ما أنجزته المنظمة خلال السنوات الماضية، هما: تأثير الإصلاحات منذ الاجتماع الاستثنائي الذي عقده المجلس في مايو/ أيار - يونيو/ حزيران 1994 من جهة، وقوة الدفع التي أعطاها مؤتمر القمة العالمي للأغذية الذي عقد في نوفمبر/ تشرين الثاني 1996.

وكان إعداد 150 استراتيجية قطرية للتنمية الزراعية حتى عام 2010 نقطة انطلاق هامة في متابعة مؤتمر القمة. وينصب الجهد في الوقت الحاضر على تحسين هذه الوثائق على المستوى القطري، وخاصة عن طريق إشراك المجتمع المدني في استعراضها. وفضلا عن ذلك، يجب في الوقت الحاضر إعداد استراتيجيات إقليمية لمراعاة أوجه التعاون الممكنة، وخاصة في مجال التجارة في السلع الزراعية، وتحقيق التناسق بينها في إطار عمل التجمعات الاقتصادية الإقليمية القائمة.

(البرنامجان الخاصان)

دخل البرنامج الخاص للأمن الغذائي حيز التنفيذ في 50 بلدا، وتجري صياغته في 25 بلدا آخر.

وأود التذكير بأن هذا البرنامج يستهدف تحقيق زيادة مستدامة في الإنتاج الزراعي في البلدان التي تواجه عجزا غذائيا ولا تملك موارد كافية لتغطية هذا العجز عن طريق الواردات. وقد طلب حتى الآن 84 بلدا المشاركة في هذا البرنامج، منها ستة بلدان لا تندرج ضمن المجموعة المستهدفة. ولا يتعدى الاعتماد المخصص لهذا الغرض في البرنامج العادي عشرة ملايين دولار موزعة على سنتين. وقد أسهم برنامج التعاون الفني حتى الآن، بناء على طلب الحكومات المعنية، بمبلغ ثمانية ملايين دولار في أنشطة البرنامج الخاص. وتؤدي هذه المساهمات دورا حفازا بالدرجة الأولى، إذ نجحت المنظمة في تعبئة البلدان المتبرعة والمؤسسات المالية الدولية، فقدمت مساهمات تصل حتى الآن إلى 50 مليون دولار. ويقتضي الأمر تعبئة موارد إضافية لمتابعة التطوير المنظم للبرنامج، ومن ثم مساندة تنفيذ المرحلة الأولى في عدد أكبر من البلدان، وإرساء أسس المرحلة الثانية.

ومن حسن الحظ أن البرنامج الخاص يستفيد أيضا بدعم مبادرة التعاون فيما بين بلدان الجنوب التي طرحتها المنظمة. وقد أكد حتى الآن 25 بلدا من البلدان النامية الأكثر تقدما رغبته في المشاركة في هذه المبادرة، لصالح عدة بلدان أحيانا. وتم التوقيع على تسعة اتفاقات ثلاثية الأطراف، مما يمثل التزاما بتوفير ما يربو على 900 خبير وفني. ولكن يلزم توفير موارد مالية إضافية لمساعدة البلدان المشاركة على تغطية جزء من التزاماتها، وضمان متابعة التمويل الأولي المقدم من المنظمة.

والبرنامج الخاص الآخر الذي استهل في عام 1994 هو نظام الوقاية من طوارئ الآفات والأمراض الحيوانية والنباتية العابرة للحدود، الذي أحرز بدوره تقدما طيبا وذلك أيضا بفضل مساندة الجهات المتبرعة. ففيما يتعلق بمكافحة الجراد الصحراوي، تم تعبئة 4.9 مليون دولار لعامي 1998 و1999. وأتاح هذا المبلغ تشغيل البرنامج بكامل طاقته في الإقليم الأوسط المحيط بالبحر الأحمر. ولكن الأمر يقتضي توفير موارد إضافية لمواصلة الأنشطة بعد عام 2000، وخاصة لتوسيع نطاقه بحيث يشمل الإقليم الغربي وجنوب غرب آسيا.

وفيما يتعلق بعنصر الصحة الحيوانية من نظام الوقاية هذا، انصب العمل أساسا على تنسيق البرنامج العالمي لاستئصال الطاعون البقري، وكذلك على وضع ونشر استراتيجيات للوقاية من الأوبئة الحيوانية الرئيسية ومراقبتها ومكافحتها. وقد أصبحت بؤر الطاعون البقري محصورة الآن في بضعة بلدان آسيوية وأفريقية، ومن المنتظر أن يتسنى تحقيق الاستئصال الكامل بحلول عام 2005.

أما استراتيجيات نظام الوقاية فقد تم نشرها على نطاق واسع، وخاصة في إطار حلقات دراسية إقليمية عديدة، وتم تنفيذها بنجاح في عدة بلدان، مثل مكافحة الحمى القلاعية في الفلبين، وطاعون الخنازير في كوت ديفوار.

ونظام الوقاية من الآفات والأمراض الحيوانية والنباتية العابرة للحدود مجال من المجالات التي نجحت المنظمة في الاستفادة فيها من ميزتها النسبية، والاضطلاع بدور ريادي في تنسيق الأنشطة القطرية لمكافحة الآفات والأمراض وتقديم مساعدة مباشرة إلى البلدان المتضررة.

(اللامركزية)

وكان تطبيق اللامركزية على أنشطة المنظمة انطلاقا من المقر عنصرا رئيسيا في مجمل الإصلاحات. وقد امتد تطبيق اللامركزية على مدى أربع سنوات تقريبا، وكانت تلك فترة صعبة بوجه خاص على المستوى الإنساني، ولكن تسنى تخطيها بفضل إقامة نظام شفاف وموضوعي لإعادة توزيع الموظفين، بالتعاون مع رابطات الموظفين، وباللجوء إلى إجراء إنهاء الخدمة بالتراضي المتبادل.

وتوفر الأفرقة الفنية متعددة التخصصات التي تم تعزيزها، وأصبحت ملحقة الآن بالمكاتب الإقليمية الخمسة، والأفرقة ذات الصلة الملحقة بالمكاتب الإقليمية الفرعية الخمسة، للدول الأعضاء فرصة الحصول بسرعة أكبر على الخبرة المتاحة لدى المنظمة.

وفي هذه الأثناء، ظلت شبكة المكاتب القطرية للمنظمة تؤدي مهامها التكميلية في مجال الاتصال والدعم، وإن كان بتكلفة أقل كثيرا عما مضى. وحظي نظام المراسلين القطريين للبلدان التي لا تسمح فيها المعوقات المالية بإنشاء مكتب قطري، بقدر كبير من النجاح. ويمارس عشرون مراسلا قطريا مهامهم الآن، وسيعين عدد آخر منهم عما قريب.

وبدأت اللامركزية تؤتي ثمارها. ومن الأدلة على هذا تزايد الموافقات في الآونة الأخيرة على المشروعات الجديدة، بعد فترة كمون تعزى للتغيرات المنفذة. وعليه، فإن الموافقات الجديدة في عام 1999 قد تصل إلى مستوى قياسي قدره 430 مليون دولار، أي بزيادة 100 مليون دولار عن مستواها في عام 1998. وتشير هذه الأرقام، فيما يبدو، إلى انعكاس الاتجاه الذي ظل سائدا في البرامج الميدانية، حيث لم يتجاوز حجم الموافقات الجديدة حتى عام 1995 مبلغ 250 مليون دولار. ولكن ينبغي الإشارة إلى أن النتيجة الطيبة التي تحققت في عام 1999 إنما تعزى جزئيا إلى الحجم الاستثنائي لعمليات الطوارئ، والموافقة على مشروع ضخم قيمته 35 مليون دولار.

وأود في هذا الصدد أن أعرب عن عرفاني التام للجهات المتبرعة، سواء لما قدمته من مساعدات ثنائية ومتعددة الأطراف، أو من حسابات أمانة أحادية، مبرهنة بذلك على ثقتها بالمنظمة. والواقع أننا أصبحنا نتعامل الآن مع مجموعة أكثر تنوعا، تضم بطبيعة الحال الجهات المتبرعة التقليدية المخلصة دوما، كما تضم أيضا شركاء جددا يعهدون إلينا بمواردهم.

(الانفتاح على الخارج والشراكات)

إن السعي إلى التوسع في الشراكات مبدأ من المبادئ الأساسية لمنظمتنا التي باتت أكثر حداثة وانفتاحا على الخارج. وما برح المؤتمر والأجهزة الأخرى للمنظمة يؤكدون على هذا المبدأ.

(التعاون مع أسرة الأمم المتحدة)

وتبدأ هذه الشراكة الواسعة مع الوكالات والبرامج الأخرى لأسرة الأمم المتحدة ولاسيما المؤسستين اللتين تتخذان من روما مقرا لهما. إن التعاون مع برنامج الأغذية العالمي والصندوق الدولي للتنمية الزراعية قد تعزز بدرجة كبيرة بفضل المشاورات المنتظمة بين الأمانات على جميع المستويات. وتتيح هذه المشاورات في الواقع لا تنسيق الأنشطة أو الإجراءات، أو اقتسام الموارد كما يحدث بالنسبة لقاعات المؤتمرات، والترجمة، والخدمات، وتكنولوجيا المعلومات، وإدارة أو تدريب الموظفين فقط، بل وتتيح أيضا الاتفاق على الأنشطة المشتركة. وبالإضافة إلى الأنشطة التقليدية التي تتعلق أساسا بإعداد المشروعات الاستثمارية لحساب الصندوق الدولي للتنمية الزراعية، أو بالاشتراك مع برنامج الأغذية العالمي في تقدير احتياجات المعونة الغذائية في البلدان المتضررة من حالات الطوارئ، نفذت مشروعات مشتركة أخرى جرى تناولها في كتيب صدر مؤخرا. وفضلا عن ذلك، وقعت المنظمة هذا العام اتفاقي تعاون مع برنامج الأغذية العالمي، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية من أجل العمل بصورة مشتركة في مجال الأمن الغذائي، وخاصة في تنفيذ البرنامج الخاص للأمن الغذائي.

ومن المبادرات الأخرى الرامية إلى توثيق التعاون، ولمتابعة أعمال مؤتمر القمة العالمي للأغذية، إنشاء شبكة للتنمية الريفية والأمن الغذائي تحت رعاية لجنة التنسيق الإدارية للأمم المتحدة، ويشترك في إدارتها المنظمة والصندوق الدولية للتنمية الزراعية بالتعاون الوثيق مع برنامج الأغذية العالمي، وتضم في عضويتها 20 منظمة من منظمات الأمم المتحدة. وأنشئت في إطار هذه الشبكة مجموعات مواضيعية على المستوى القطري تحت رعاية الممثل المقيم للأمم المتحدة وبدعم فني من الممثل القطري للمنظمة، لمتابعة تنفيذ خطة عمل مؤتمر القمة العالمي بوجه خاص. ويشمل هذا النظام نحو 80 بلدا.

(التعاون مع المؤسسات المالية)

ومن صور الشراكة الأخرى الدور الهام الذي تؤديه المنظمة في استحداث مشروعات استثمارية يمولها البنك الدولي، والمؤسسات المالية الدولية الأخرى. ما برح الحجم السنوي للاستثمارات الجديدة المخصصة للتنمية الزراعية الذي حققه مركز الاستثمار يتزايد باطراد خلال السنوات الماضية، ليرتفع من ملياري دولار في مطلع التسعينيات إلى ثلاثة مليارات دولار في عامي 1997 و1998. ويزيد هذا المبلغ بأكثر من مائة مرة على تكلفة البرنامج لكل من المنظمة والمؤسسات المالية ذاتها.

(اتفاقات الشراكة الجديدة)

كانت البرامج الجديدة للشراكة تتعلق أساسا بمختلف اتفاقات التعاون التقني فيما بين بلدان العالم النامية والبلدان التي تمر بمرحلة تحول، وهي اتفاقات وقع عليها 125 بلدا، وأتاحت حتى الآن الاستعانة بخبراء وخبراء استشاريين يصل عددهم إلى 582 1 من تلك البلدان.

وفضلا عن ذلك، فإن التعاون مع المؤسسات الأكاديمية ومعاهد البحوث أتاح للمنظمـة أن تنتفع بخدمـات 342 خبيرا زائرا، في حين تمت الاستفادة بخبرات 343 1 خبيرا متقاعدا في إطار البرنامج الذي يسمح بالاستعانة بهم. وأخيرا، أتاح برنامج الموظفين المهنيين الشبان من البلدان النامية تدريب 26 شابا منهم حتى الآن "في مواقع العمل"، وسيوفر برنامج المتطوعين الذي طبق مؤخرا إمكانية أخرى تتيح للمنظمة أن تستكمل مواردها البشرية وتعزز التعاون الدولي. ويصل العدد الكلي لمن استعانت بهم المنظمة في إطار هذه البرامج المختلفة منذ طرحها إلى نحو 300 3 شخص.

(التعاون مع المنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص)

وأسهمت أنشطة أخرى في انفتاح المنظمة بشكل أكبر على الخارج. وفي هذا الصدد، فإن المنظمات غير الحكومية، والقطاع الخاص هما فئتان من الفئات المستهدفة. ويضم المقر وحدة مخصصة بصورة كاملة لتوثيق التعاون مع هذه الشراكات الأساسية.

(يوم الأغذية العالمي وبرنامج تليفود)

يظل يوم الأغذية العالمي والأنشطة المتصلة به الأداة الرئيسية التي تستعين بها المنظمة في تعبئة الرأي العام. ومازال هذا اليوم يُحتفل به في جميع أنحاء العالم، والموضوع الذي اختير له هذا العام موضوع ملائم بوجه خاص، فهو يؤكد على دور الشباب في مكافحة الجوع. وذلك أنهم يشكلون أكثر من مليار نسمة يعيش نحو 50 في المائة منهم في المناطق الريفية، ويعد إسهامهم أساسيا لممارسة زراعة سليمة ودينامية في المستقبل.

أما عملية تليفود، التي حظيت بتأييد المؤتمر في عام 1997، فقد قدمت، إسهاما كبيرا في توعية الرأي العام بالأسباب العميقة لانعدام الأمن الغذائي، وفي تعبئته لمكافحة الجوع وسوء التغذية في العالم. وفي عامي 1997 و1998، شارك في هذه الحملات أكثر من 60 بلدا على نحو مباشر، بصورة أو أخرى، مما ساعد على الوصول إلى نحو 500 مليون نسمة وجمع تبرعات بلغت 4 ملايين دولار. وفيما يتعلق بعام 1999، نفذت بالفعل عدة احتفالات في شتى أرجاء العالم، لكن الحدث الإعلامي الرئيسي سيكون هو الحفل الموسيقي الذي سيقام في نهاية هذا الشهر في جاميكا، وستنقله شاشات التليفزيون في عديد من البلدان يوم 4 ديسمبر/كانون الأول.

والأموال التي جمعت بفضل برنامج تليفود أتاحت حتى الآن تنفيذ 475 مشروعا صغيرا ملموسا لصالح الأمن الغذائي في 96 بلدا، تصل قيمتها إلى 3.5 مليون دولار.

(المرافق اللوجستية)

لا يمكن إغفال أهمية المرافق اللوجستية الحديثة والفعالة لمنظمة عليها أن تعمل في شتى أرجاء العالم، في ظروف الطوارئ في أحيان كثيرة.

وقد استلزم تطبيق اللامركزية توظيف استثمارات كبيرة على مستوى مرافق البنية الأساسية للاتصالات، وهي مرافق تم استكمالها من الناحية العملية وأتاحت ربط جميع المكاتب داخل شبكة واحدة. ويستطيع جميع الموظفون الآن، أيا كان موقع عملهم، أن يتبادلوا بصورة آنية تقريبا رسائل ووثائق وبيانات إلكترونية. وفضلا عنه ذلك، أدى تعميم إمكانية الوصول إلى الموارد الهائلة لشبكة الإنترنت، ولموارد نظيرتها الداخلية التي نطلق عليها شبكة الإنترانت إلى مضاعفة القدرات التحليلية للموظفين.

وهذه "البنية الأساسية" لنشر المعلومات لا تخدم الموظفين وحدهم، بل تخدم أيضا وبوجه خاص المنتفعين في جميع أنحاء العالم. ومن حق المنظمة أن تفخر بوجه خاص بالنجاح الباهر لموقعها على شبكة الإنترنت الذي يصل في الوقت الحاضر المتوسط الشهري لعدد الاتصال بصفحاته المختلفة إلى نحو 6.5 مليون اتصال. ويتيح الموقع الاستفادة بدرجة كبيرة من ذخيرة المعلومات والبيانات الإحصائية الهائلة التي يضمها المركز العالمي للمعلومات الزراعية.

كما أن المباني، لم يتم إهمالها. ويضم مقرنا الآن مجموعة من قاعات الاجتماع، وناديا للصحافة، ومراكز سمعية بصرية من الطراز الأول. والدليل على ذلك هو الطلب المتنامي من جانب المنظمات الخارجية على عقد اجتماعاتها في المقر. وقد تسنى تحقيق هذا بفضل المساهمات السخية لجهات متبرعة عديدة، وفي صدارتها حكومة البلد المضيف. وأود هنا أن أعرب مجددا عن تقدير المنظمة لتلك المساهمات.

كما أود أن أشكر حكومات البلدان المضيفة للمكاتب الميدانية للمنظمة في جميع أنحاء العالم على الجهود التي ما برحت تبذلها لتحسين مرافق هذه المكاتب.

(نظام إدارة الشؤون الإدارية والمالية)

كما ينبغي لمؤسسة مثل المنظمة أن تملك نظاما فعالا لإدارة الشؤون الإدارية والمالية. غير أن النظام الحاسوبي لإدارة شؤون الميزانية والمالية وبقدر أقل النظام الحاسوبي لإدارة شؤون الموظفين اللذين وضعا استنادا إلى الإجراءات الإدارية القائمة، يتسمان، كما لاحظ مراجع الحسابات، بجمود وتعقيد مفرطين ولا يسمحان على وجه الخصوص بتوفير جميع المعلومات الضرورية للإدارة السليمة. وأكد أيضا أحد الخبراء الاستشاريين أن تعديل هذين البرنامجين الحاسوبين سينطوي على تكاليف باهظة وأن من الأفضل الاستعاضة عنهما. وقد درست لجنة المالية هذا الاقتراح وسلمت بوجاهته.

وفي أعقاب طرح مناقصة، تم اختيار البرنامج الحاسوبي التجاري أوراكل في نهاية عام 1995 ليكون أساسا يرتكز عليه النظام الجديد. وقد استطالت مرحلة التحضير أكثر مما كان متوقعا لعدم توافر الموارد الكافية. وينبغي فضلا عن ذلك إنشاء نظام يلائم المكاتب التي تطبق عليها اللامركزية في الوقت الحاضر، ويمكن أن يتكامل مع النظام المركزي الذي تم استحداثه من أجل المقر والمكاتب الإقليمية.

وقد دخل النظام المالي الجديد حيز التشغيل في مايو/أيار 1999، في المقر وفي المكاتب الميدانية سواء بسواء. غير أنه سيظل يُشغّل مركزيا في إطار وحدات المعاونة الإدارية الملحقة بالمصالح المختلفة حتى يتم حل آخر المشكلات الفنية ولكن اعتبارا من العام المقبل ستتوافر لجميع مديري الأقسام ورؤساء الإدارات ومديري المشروعات إمكانية الوصول المباشر إلى نظام يسمح لهم بإدارة ميزانيتهم وإجراء أبسط المعاملات. أما العمليات الأكثر تعقيدا فستنهض بها إدارة مركزية جديدة للمعاونة الإدارية.

وينبغي أن يقترن إنشاء هذا النظام بتبسيط الإجراءات الإدارية الجديدة، وتفويض مزيد من السلطات. ولكن ينبغي أن نمضي في هذا المجال بطريقة منهجية لعدم المساس بضمانات الأداء السليم والضوابط اللازمة. لقد تم إذن استعراض جميع جوانب الحياة الإدارية للمنظمة: وتشكل التعديلات الهيكلية المناظرة، سواء في المقر أو الأقاليم، جزءا من المقترحات المقدمة إليكم في إطار برنامج العمل والميزانية للفترة المالية المقبلة.

(كشف الوفورات المتحققة)

كيف أمكن إنجاز كل ذلك - تطبيق اللامركزية، وفتح مكاتب إقليمية فرعية ومكاتب اتصال جديدة، وتحديث المعدات، وطرح برامج جديدة - إلى جانب الاحتفاظ في الوقت ذاته حجم مرض للأنشطة في جميع المجالات التي تعتبرها الأجهزة الرياسية من المجالات ذات الأولوية، بالرغم من انخفاض ميزانية المنظمة في الفترة المالية من 673 مليون دولار في 1994-1995 إلى 650 مليون دولار في الفترتين الماليتين الماضيتين، أي بخسارة حقيقية في القوة الشرائية تتراوح 10 و15 في المائة؟

لقد تعين السعي بصورة منهجية إلى تحقيق جميع الزيادات الممكنة في الكفاءة:

وتصل الوفورات الكلية التي تسنى تحقيقها بذلك - والتي لها تأثير مستديم على الميزانية - إلى نحو 50 مليون دولار سنويا. واعتقد أن هذا هو أبلغ جواب عن السؤال البسيط الذي طرحته. ولكن يجب التذكير بأن الإصلاحات المنفذة تتجاوز كثيرا ضرورة تحقيق الوفورات. فالجانب الكيفي لم يغب قط عن البال.

(نظرة على المستقبل)

ما هي الآن التوجهات التي نتوخاها في المستقبل؟

يجب بادئ ذي بدء توطيد المنجزات، ومن ثم مواصلة المنطق الساعي إلى:

فما هي الاتجاهات والقوى الرئيسية التي ستؤثر على الأنشطة المقبلة للمنظمة؟

وقد أُخذت جميع هذه المسائل في الحسبان لدى إعداد الإطار الاستراتيجي الذي سيوجه أنشطة المنظمة خلال السنوات الخمس عشرة المقبلة.

ومن المؤكد أن مستقبل المنظمة سيعتمد أيضا على الموارد التي ستتوافر لها. ولا يسعني في هذا الصدد سوى أن أعرب عن أملي في أن تنتهي عما قريب فترة تقييد الموارد بما يحقق صالح هذه المنظمة وسائر منظمات الأمم المتحدة التي تقاسمها أهدافها ومعاركها.

(جدول أعمال المؤتمر)

أود الآن أن اتناول جدول أعمال هذه الدورة الهامة للمؤتمر.

(الإطار الاستراتيجي للفترة 2000 - 2015)

إن الإطار الاستراتيجي الذي أشرت إليه توا معروض عليكم لإقراره.

إن المنظمة ليست هي المؤسسة الوحيدة التي عكفت على عملية تأمل تتسم بهذا القدر من الاتساع. ولكن ينبغي التأكيد بأن عملية إعداد هذه الوثيقة وكذلك التحليلات المعمقة التي أجريت لجعلها تتميز باتساع الرؤية اللازم، قد ارتكزتا على أساس من المشاركة الكاملة.

وبذل جهد خاص تماما للتشاور مع جميع الشركاء، بما فيهم المنظمات والبرامج الأخرى في منظومة الأمم المتحدة. وقد أسندت الأولوية، بطبيعة الحال، لأعضاء المنظمة في هذه العمليات. ولا نصادف طيلة تاريخ المنظمة سواء أمثلة قليلة لوثائق خضعت لمثل هذه المناقشات المستفيضة فيما بين الحكومات، على أساس من عدة مسودات يزداد ثراؤها تدريجيا. وأتيح للأجهزة الرئيسية في المنظمة بدءا من المؤتمرات الإقليمية ومرورا باللجان الفنية للمجلس ثم المجلس ذاته بطبيعة الحال بأجهزته الفرعية - إبداء أراءها أو صياغة إسهامها لأكثر من مرة أحيانا. وكان ذلك من جهة أخرى هو الشرط الضروري لخلق الشعور لدى جميع الأعضاء بأنهم هم واضعو مضمون هذه الوثيقة.

(برنامج العمل والميزانية)

والوثيقة الرئيسية الأخرى المعروضة على المؤتمر هي بطبيعة الحال برنامج العمل والميزانية.

وتتضمن الوثيقة ثلاثة خيارات رئيسية، استجابة لطلب المجلس. ويتعلق الخيار الأول بقدر - وإن كان ضئيلا - من "النمو الحقيقي"، ويناظر الخيار الثاني "النمو الصفري الحقيقي"، أما الخيار الثالث فيناظر "النمو الصفري الاسمي". وتستند هذه الخيارات جميعا إلى سعر صرف مؤقت قدره 800 1 ليرة إيطالية للدولار الأمريكي الواحد.

ومن المؤكد أن خيار النمو الحقيقي يفترض زيادة اشتراكات الدول الأعضاء، بنحو 6.5 في المائة. ولكنه سيتيح للمنظمة الاستجابة بطريقة أشمل لطلبات المؤتمرات الإقليمية، واللجان الفنية للمجلس، دون إغفال الاجتماعات الوزارية الهامة التي عقدت هذه السنة في المقر والتي كانت تتعلق بالغابات ومصايد الأسماك والدول النامية الجزرية الصغيرة.

ويفترض "النمو الصفري الحقيقي" زيادة أكثر تواضعا في الاشتراكات - تناهز 3 في المائة. ويتيح هذا الخيار الحفاظ على الجانب الأساسي من الأنشطة الاقتصادية والفنية للمنظمة، بالرغم من تقلص هامش المناورة. بل قد تتيح الأخذ بمجموعة من التدابير الإضافية لتصحيح اختلال التوازن في استخدام لغات المنظمة، بما يستجيب لتوقعات البلدان المعنية. ومن المهم التأكيد على أن هذا الخيار يشمل أيضا إصلاح الهياكل الإدارية في المقر، مما يتيح تطبيق نظم حاسوبية إدارية جديدة.

أما الخيار الثالث، "النمو الصفري الاسمي"، فيحتفظ ببساطة بمبلغ 650 مليون دولار، الذي اعتمد للفترة المالية 1998 - 1999 وكذلك - وهذا أمر ينبغي التذكير به - للفترة المالية السابقة 1996 - 1997. وقد استلزم هذا الخيار تحديد تخفيضات قدرها 15 مليون دولار. ولن يتسنى تحقيق ذلك إلا من خلال التنفيذ المحتمل لإصلاحات هيكلية أخرى على مستوى المكاتب الإقليمية. كما ستتأثر أيضا البرامج الفنية والاقتصادية، إن كان سيكفل الحماية لعدد من المجالات ذات الأولوية.

وهذه المجالات التي كفلت لها "الحماية" تأخذ آراءكم في الحسبان وتتضمن بوجه خاص ما يلي:

ويرجع الآن لممثلي الدول الأعضاء المجتمعين في هذا المؤتمر أن يجروا الاختيار السليم، وهم على دراية كاملة. أما الأمانة فستنفذ بإخلاص القرارات التي سيتخذها المؤتمر.

(البنود الهامة الاخرى)

وبالإضافة إلى النظر في الإطار الاستراتيجي وبرنامج العمل والميزانية، يتعين على الدورة الحالية للمؤتمر أن تعالج موضوعات هامة أخرى.

ويتصل موضوعان منها بصميم العمل المعياري بالمنظمة هما: التعهد الدولي بشأن الموارد الوراثية النباتية للأغذية والزراعة، ونتائج مؤتمر المفوضين المعني باتفاقية روتردام بشأن تطبيق إجراء الموافقة المسبقة عن علم. وهذان نموذجان على أن الجوانب المعيارية تظل من أولويات عمل المنظمة.
وأخيرا، ستتابع الأمانة بعناية المناقشات المتعلقة بالتقدم المحرز في متابعة مؤتمر القمة العالمي للأغذية، ومراعاة المسائل المتصلة بالمساواة بين الرجال والنساء في المنظمة.

وأود في هذا الصدد أن أؤكد أهمية المشاورة رفيعة المستوى بشأن المرأة الريفية والمعلومات، التي عقدت في نفس هذه القاعة في مطلع الشهر الماضي. فقد حضر هذه المشاورة 326 مشاركا ينتمون إلى 111 بلدا، منهم 43 وزيرا، وقدمت المشاورة إسهاما مؤكدا في الاعتراف بدور المرأة في التنمية، وخاصة من جانب صانعي القرار. وأيد الاجتماع استراتيجية عمل لاعتماد سياسات توفق بين مهام الأمن الغذائي ومهام المساواة بين الجنسين. وستدرج هذه الاستراتيجية في خطة العمل الجديدة للمنظمة الخاصة بدمج المرأة في التنمية، وهي خطة ستعرض عليكم في عام 2001.

كما أود أن أشير إلى الجهود المستمرة التي تبذل لزيادة نسبة النساء بين موظفي المنظمة، وخاصة على مستوى كبار الموظفين والممثلين القطريين. وقد بدأت هذه الجهود تؤتي ثمارها، فبالقياس إلى يناير/كانون الثاني 1994، زادت نسبة النساء في فئة المديرين من 4 إلى 11 في المائة، وارتفع عدد النساء في صفوف الممثلين القطريين للمنظمة من ممثلين قطرين إلى 10.

(الخلاصة)

السيد الرئيس، أصحاب المعالي، سيداتي وسادتي،

ومن المؤكد أن المنظمة مزودة اليوم بالوسائل اللازمة على مستوى هياكلها ومرافقها الأساسية، وسيحدث هذا أيضا على مستوى النظم الإدارية في القريب العاجل. وقد شهدت المنظمة تحديثا كاملا لمواكبة التغيرات السريعة على المسبوقة التي شهدتها تكنولوجيات في مجال نشاطها وتقنيات استخدام النظم الآلية في الأعمال المكتبية والاتصالات التي تميز عصرنا. ونجحت المنظمة، في سياق عالم بالغ التنوع على مشارف هذه الألفية الثالثة، في الحفاظ على تعاونها مع شركائها الطبيعيين، وتوثيق هذا التعاون، عند الضرورة، إلى جانب إقامة صلات واعدة مع الشركاء في المجتمع المدني.

غير أن على المنظمة أن تكون قادرة دوما على إثبات أنها جديرة بثقة دولها الأعضاء، إلى جانب إدارة الموارد التي عهدت بها إليها بطريقة فعالة. ويجب عليها أن تبرهن أنها تظل تلك الأداة الفعالة التي تصورها مؤسسوها - المكرسة لخدمة التعاون الدولي في ذلك المجال الهام، مجال الأغذية والزراعة. وأخيرا، يجب عليها وأساسا، أن تواصل الاستجابة، في حدود مواردها، لآمال أكثر الفئات حرمانا، وجميع من يعانون من الفقر والجوع وسوء التغذية في شتى أرجاء العالم.

تلك هي القضية التي كرست نفسي دوما لخدمتها، والتي أتعهد أمامكم اليوم بخدمتها مجددا.

وشكرا لكم.