مضخات المياه العاملة على الطاقة الشمسية توفر ملاذًا للمزارعين اليمنيين


يعالج مشروع مشترك بين منظمة الأغذية والزراعة والاتحاد الأوروبي ندرة المياه وارتفاع تكاليف الوقود بواسطة أساليب جديدة للري

راشد عبدالله يبتسم كونه عاد ليمارس عمله كمزارع بفضل آبار تعمل على الطاقة الشمسية قدمها المشروع المشترك بين المنظمة والاتحاد الأوروبي في اليمن. ©الفاو/عصام الكمالي

21/03/2020

راشد سعيد للغاية صباح اليوم. فاليوم دوره ودور زملائه من المزارعين لاستخدام بئر المياه الذي يعمل على الطاقة الشمسية من أجل ري مزارعهم.

ويقول راشد عبدالله، وهو مزارع يمني في السابعة والثلاثين من العمر في محافظة إب "أنا مزارع والزراعة هي حياتي. وأحد أكبر التحديات التي تعترضني هو الحصول على المياه. فأنا أزرع الجزر والبطاطا والفجل والجرجير المائي والبصل والبقدونس والنعناع المنزلي. وهذه الخضار جميعًا بحاجة إلى الكثير من المياه لكي تنمو؛ وإلا فستموت وأفقد معها وأسرتي مصدر رزقنا".

هذه البئر التي أنشئت بفضل مشروع مشترك بين المنظمة والاتحاد الأوروبي تستفيد منها مجموعة تضم 400 شخص في هذه المنطقة الجنوبية الغربية من اليمن. وكل أسبوعين، تضخ هذه البئر السائل الثمين إلى حديقة راشد.

يعيش قرابة 70 في المائة من سكان اليمن في المناطق الريفية. وتعد الزراعة المروية بالنسبة إليهم المصدر الأساسي للغذاء وفرص العمل والنشاط الاقتصادي. غير أنّ ندرة المياه لطالما شكّلت أحد أهم القيود التي يعاني منها إنتاج الأغذية وسبل العيش.

وحتى قبل النزاع الراهن، أدى التوسع الحضري وارتفاع الطلب على المياه إلى رفع سعر هذه السلعة الأساسية الثمينة حتى تعذر على الكثيرين من فقراء اليمن الحصول عليها. وأدى النزاع من ثمّ إلى ارتفاع شديد في أسعار النفط مما زاد إلى حد كبير كلفة مياه الريّ التي تعتمد على المضخات الآلية.

وإقرارًا من المنظمة بدور الزراعة المروية في النهوض بسبل العيش الريفية في البلاد، أقامت شراكة مع الاتحاد الأوروبي من أجل تنفيذ برنامج يمتدّ لسنتين بقيمة 12.8 ملايين دولار أمريكي هو "برنامج تعزيز نظم المعلومات عن الأمن الغذائي وسبل العيش في اليمن" بما يفيد 990 150 نسمة من السكان اليمنيين الذين يطالهم النزاع. وقام المشروع بإنشاء 42 مضخة مائية مماثلة في مقاطعات مختلفة عبر مختلف أنحاء البلاد. وهو يركز كذلك على تحسين إدارة المياه وتعميم استخدام التكنولوجيا المناسبة لإنتاج الأغذية وتحسين سلاسل القيمة وخلق فرص للعمل داخل المزرعة وخارجها.

تشكل ندرة المياه عائقًا أساسيًا أمام الإنتاج الغذائي وسبل العيش في اليمن حيث يعيش قرابة 70 في المائة من السكان في المناطق الريفية. وتعدّ الزراعة المروية المصدر الأساسي للغذاء وفرص العمل والنشاط الاقتصادي. ©الفاو/عصام الكمالي

تعتمد اليمن إلى حد كبير على المعونة حيث أنها تواجه إحدى أكبر الأزمات الإنسانية التي شهدتها السنوات الأخيرة. فأكثر من نصف سكان اليمن يعتمدون على المساعدة الغذائية. وقد تفاقم هذا بفعل أزمة النفط في مختلف أنحاء البلاد، حيث أصبح استخدام مضخات الري التي تعمل على النفط أمرًا مكلفًا للغاية بالنسبة إلى المزارعين.

ويقول راشد "في الماضي، كنا نعتمد على المياه من القرى المجاورة. لكن بعدما احتدم النزاع قبل أربع سنوات من الآن، ارتفعت أسعار النفط بشدة وأدت إلى زيادة ملحوظة في كلفة الري. وفي البداية، قمنا ببيع بعض من حيواناتنا لشراء المياه غير أنّ الأسعار واصلت ارتفاعها فتقلص ما لدينا من مال لشراء الغذاء والدواء. ولم يعد في مقدورنا تحمل هذه الأوضاع في نهاية المطاف".

بدأ الجفاف يستشري تدريجيًا في مزرعة راشد، كما وفي العديد من مزارع جيرانه. ويتوجه راشد منذ أربع سنوات إلى السوق الرئيسية في مدينة إب التي تبعد خمسين كيلومترًا من أجل كسب رزقه. فهو يشتري من هناك الخضار بالجملة ويبيعها من ثمّ في السوق المحلية لقاء ربحية يومية قدرها 4 دولارات أمريكية، وهو مبلغ زهيد للغاية لإطعام أسرته المؤلفة من 16 فردًا.

وبعد استكشاف الأرض المجاورة، قام راشد وجيرانه بمساعدة المشروع المشترك بين المنظمة والاتحاد الأوروبي بحفر بئر وأقاموا شبكة من الأنابيب إلى 40 مزرعة وعمدوا إلى تركيب مضخة مياه تعمل على الطاقة الشمسية لتزويد النظام بأكمله بالطاقة.  وساعد هذا المشروع أيضًا على زيادة قدرة رابطة مستخدمي المياه هناك على توفير التدريب من أجل استخدام أفضل الممارسات لإدارة الموارد المائية، إضافةً إلى استحداث نظم للري بالتقطير ونظم تعمل على الطاقة الشمسية وصيانتها.

ساعدت الآبار التي تعمل بالطاقة الشمسية إلى حد كبير على زيادة إنتاج الأغذية ومداخيل المزارعين. ©الفاو/عصام الكمالي

ويسرد راشد كيف تغيرت أوضاع أسرته منذ ذلك الحين. "أصبح بإمكاننا الآن بفضل المشروع زيادة حجم حديقتي أربعة أضعاف. وخلال الأشهر الوافرة، يساعدني إبني البكر صالح في بيع الفائض من الخضار في السوق وقد تصل أرباحنا إلى 500 دولار أمريكي. ويبقى لدينا في نهاية المطاف قدر وافٍ من الفائض للاستهلاك المنزلي بحيث يستمتع أولادي بطبقهم المفضل المؤلف من الخضار الطازجة والدجاج والعصيدة وهو منتج أساسي شعبي من دقيق القمح المطهي."

وتعمل المنظمة على تجهيز الأسر اليمنية بالأدوات التي يحتاجون إليها لكسب رزقهم في ظل الأزمة الراهنة، وذلك من خلال إسناد الأولوية للبرامج الخاصة بسبل العيش التي تعزز قدرة المجتمع المحلي على الصمود وتزيد إنتاج الأغذية وتنوّع مصادر الدخل. إنّ قصة راشد دليل على أنه، حتى في البلدان التي تشهد نزاعات، من شأن استعادة سبل العيش الزراعية أن يشكل أكبر خط دفاع للسكان في مواجهة الجوع وسوء التغذية.


للمزيد من المعلومات

الموقع الإلكتروني: منظمة الأغذية والزراعة في حالات الطوارئ:اليمن

الموقع الإلكتروني: الملامح القطرية:اليمن

قصة: عندما لا تكون زراعة الخضار عملية آمنة

3. Good health and well-being, 6. Clean water and sanitation, 9. Industry innovation and infrastructure