تحديد أصناف موز مقاومة للفطر باستخدام الطفرات المستحثة

صناعة الموز التجارية في العالم بأسره تعتمد على صنف واحد حلو المذاق خالي من البذور، هو صنف Cavendish.

نقاط رئيسية

صنف Cavendish من الموز، الذي يمثل 95 في المائة من جميع أصناف الموز التي تباع تجارياً، هو صنف عديم البذور، مما يجعله مناسباً تماماً للأكل. ولكن عدم وجود بذور يعني أيضاً أنه عقيم، أي لا يمكن إنتاجه بعمليات البذر المعتادة. وتعتمد صناعة الموز التجارية اليوم اعتماداً يكاد يكون كاملاً على هذا الصنف، بل أن تسويق صنف واحد يجعل قطعه وتعبئته ونقله أقل كلفة ويعطي إنتاجاً موحداً. ولكن ذلك معناه أيضاً أن الأغلبية العظمى من الموز في العالم هي نباتات تكاثر، وأنه إذا حدث ضرر لنبات واحد، فإنه يؤثر على جميع النباتات، وهو ما يحدث بالفعل. ففطر الموز -Mycosphaerella fijiensis (Morelet)i - الذي يسبب مرض Black Sigatoka في الأوراق، ظهر ليهدد محصول الموز في العالم بأسره، ولم يكن هناك من دفاع سوى رش كميات هائلة من مبيدات الفطريات على المزارع، وهو أمر له تأثيره على صحة الإنسان وعلى الجوانب المالية. أما الآن، فإن شعبة الأساليب النووية في الأغذية والزراعة المشتركة بين منظمة الأغذية والزراعة والوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي كانت رائداً في التربية بالطفرات باستخدام زراعة الأنسجة، استنبطت طفرات تقاوم الفطر في الموز.

وطبقاً لحوليات التنوع الوراثي في النباتات، فإن العالم يضم الآن أكثر من 1,000 صنف من الموز، تتراوح ألوانها من الأحمر إلى الأسود، ومن الأخضر إلى القرمزي، ويتراوح طعمها بين الأصناف الحلوة الصالحة للأكل من أشجارها مباشرة، إلى أصناف نشوية لابد من طهيها. كما تتفاوت في قيمتها الغذائية، حتى أن أحد أصنافها يستخدم في علاج العقم في نيجيريا. ومع ذلك فإن الزبائن لن يجدوا على الأرجح سوى صنف واحد من الموز في محلات السوبر ماركت المحلية. ونفس هذا الصنف سيكون معروضاً في أسواق المدينة، وفي الحي المجاور، وفي البلد المجاور، نعم بل ربما في جميع محال السوبر ماركت الموجودة في العالم. فصناعة الموز التجارية في العالم بأسره تعتمد على صنف واحد حلو المذاق خالي من البذور، هو صنف Cavendish.

تبنت صناعة الموز التجارية هذا الصنف لأنه مقاوم للمرض الذي هدد موز العالم في الستينات من القرن الماضي. واليوم، يُعيد التاريخ نفسه. فهناك مرض آخر يصيب الموز، هو Black Sigatoka يطوف العالم، وسوف يمر على صنف Cavendish الذي لا يتمتع بمقاومةٍ له. والتهديد هنا بالذات شديد بسبب الطريقة التي ينتج بها الموز: فجميع أشجاره نباتات تكاثر أساساً، وهو ما يعني إذا تعرض أي نبات للخطر، تصبح جميع النباتات في خطر.

محاربة فطر الموز سباقٌ ضد الزمن
إن زراعة أي صنف جديد من الموز لا يتعرض لمرض Black Sigatoka يتطلب من صناعة الموز أن تعيد ترتيب كل أدوات البنية الأساسية لتجهيزه، وهو إجراء صعب ومكلف. وكان البديل أن اعتمد منتجو الموز على رش مبيدات الفطريات على المزارع من الجو كل ستة أيام، وهي المبيدات التي ارتبطت بتأثيرات سيئة على صحة الإنسان، بما في ذلك وقف نمو الأطفال وحالات إجهاض. كما أن استخدام مبيد الفطريات هذا مكلف، الأمر الذي يجعله بعيداً عن إمكانيات الكثيرين من نحو 400 مليون مواطن يعتمدون على الموز في تغذية أسرهم أو للحصول على دخل إضافي.

وما لم تدخل مقاومة مرض Black Sigatoka في الصنف الحالي الموجود في العالم، فإن عملية رش مبيدات الفطر سوف تستمر. ولهذا السبب دخلت الشعبة المشتركة بين منظمة الأغذية والزراعة والوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي أحد الرواد العالميين التي تتزعم مجال الطفرات الجينية في النباتات، في سباقٍ ضد الزمن، وأصبحت تتعاون بصورةٍ ملحة مع البلدان من أجل استنباط أصناف جديدة تتمتع بخواص المقاومة.

مقاومة الفطر هي لعبة أرقام
في حالة الموز، فإن عملية إحداث طفرات تتطلب معالجة آلاف النباتات الصغيرة بالإشعاع، بجرعات من أشعة جاما أو أشعة أكس التي تُحدث طفرات عشوائية، ثم تصبح مسألة فحص لمعرفة ما إذا كانت الطفرات قد أثرت على الجينات بطريقةٍ يمكن أن تُحدث الخاصية المطلوبة، وفي هذه الحالة، هي مقاومة مرض Black Sigatoka. وهي لعبة أرقام أساساً: فكلما كان أسلوب الفحص جيداً، كلما كانت فرصة اكتشاف صنف معين من الموز المحسن أسرع.

وقد استطاعت الشعبة المشتركة بين منظمة الأغذية والزراعة والوكالة الدولية للطاقة الذرية لتربية النباتات ومختبر الجينات استنباط ثلاث طرق لإحداث طفرات في نبات الموز، وأوضحت - في ظل ظروف المختبر - مقاومة لسُم مرض Black Sigatoka. وأصبحت الخطوة التالية هي أخذ هذه النباتات الصغيرة إلى الحقل، لمعرفة ما إذا كان الموز الذي ستعطيه خارج المختبر مازال يتمتع بخاصية المقاومة.

والهدف من تعامل الشعبة المشتركة بين المنظمة والوكالة في إحداث الطفرات في النبات، هو مساعدة صغار المزارعين والمنتجين من الحجم المتوسط. فقد أنتجت الشعبة أصنافاً تجارية أعطت المزارعين السودانيين زيادة في الغلة بنسبة 30 في المائة وقدمت لنحو 600 أسرة سري لانكية أساليب التكاثر الدقيق التي زادت من دخل الأسرة 25 مرة، وقد حقق ذلك نجاحاً باهراً حتى أن حكومة سري لانكا أوصت المزارعين المحليين بالتفكير في التحول من زراعة الأرز على مستوى الكفاف إلى زراعة الموز ذات القيمة المضافة.

شارك بهذه الصفحة