الشعوب الأصلية

وضع حقوق الشعوب الأصلية في صميم عملية التنمية

17/10/2016 - 

 أصبح حق الشعوب الأصلية في منح أو حجب الموافقة على مشاريع التنمية التي تؤثر على الموارد وسبل الحياة الطبيعية الخاصة بهم أقوى من أي وقت مضى بفضل دليل جديد يعمل على توجيه الجهات المعنية بالتنمية خلال تصميم وتنفيذ هذه المشاريع.

يحدد دليل الموافقة الحرة والمسبقة والمستنيرة السبل الضرورية لضمان أن تمارس ن أن تحتفظ الشعوب الأصلية حقها بمنح أو حجب الموافقة على المشاريع المقترحة في أراضيها واقاليمها واتخاذ القرار الذي تراه مناسباً بدون إكراه، وتزويد هذه الشعوب بالمعلومات الضرورية والمقدمة بطريقة ملائمة ثقافياً.

تشكل الشعوب الأصلية ما نسبته 75 بالمائة من التنوع الثقافي في العالم، وتعمل على حماية ورعاية ما لا يقل عن 80 بالمائة من التنوع البيولوجي في العالم. يتضمن هذا التنوع البيولوجي إجابات قيمة لتحديات الغذاء الحالية والمستقبلية، بما في ذلك تغير المناخ.

إلا أن أراضي الشعوب الأصلية تقلصت لتشكل 20 بالمائة فقط من مساحة اليابسة في العالم، كما تضع الضغوط المتزايدة الناشئة عن بعض مشاريع الصناعات الاستخراجية وضع الشعوب الأصلية على حافة الانهيار في أنحاء مختلفة من العالم. إن الأمر الثابت، الذي تتسم به جميع الإجراءات التي تؤدي إلى التشريد القسري وتدمير الموارد الطبيعية، هو عدم احترام حق هذه الشعوب في امتلاك الموافقة الحرة والمسبقة والمستنيرة.

وفي هذا الشأن، يقول رئيس الدورة الحالية لمنتدى الأمم المتحدة الدائم المعني بقضايا الشعوب الأصلية، الفارو بوب: "يتمحور 99 بالمائة من آلاف الشكاوى التي نتلقاها من الشعوب الأصلية في جميع أنحاء العالم سنوياً حول موضوع عدم احترام وتطبيق مبدأ الموافقة الحرة والمسبقة والمستنيرة. النتائج كارثيةً على شعوبنا."

كما قالت مارسيلا فياريال، مدير مكتب منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "فاو" للشراكات والدعوة وبناء القدرات: "إنه لأمر يبعث على الصدمة أنه لا يزال لدينا في القرن الحادي والعشرين اعتقاد بأن هناك حقوقاً مختلفة لبشر مختلفين. لا يمكن لأحد منا أن يسمح لأي شخص بأن يأتي إلى بيته والبدء بعمل شيء ما دون موافقته. يشكل هذا نوعاً من التهميش القسري الذي يقسم حقوق الناس كما لو أنهم مواطنين من الدرجة الأولى والثانية."

اليوم، هناك حوالي 370 مليون شخص من السكان الأصليين الذين يعيشون في أكثر من 90 دولة ويتحدثون 4000 لغة من أصل 7000 لغة حية في العالم. واجهت الشعوب الأصلية على مدى العقود الماضية تحديات متزايدة تتعلق بسبل عيشهم واحترام حقوقهم ومعتقداتهم الروحية، وقدرتهم على الحصول على الأراضي والموارد الطبيعية والمناطق.

حلفاء في الحرب على الجوع

يقول جيفري كامبل، مدير "مرفق الغابات والمزارع" في منظمة "الفاو": "لا تستطيع الشعوب الأصلية تخيل فكرة الإنفصال عن البيئة والموارد الطبيعية التي تعيش فيها، إذ تشعر بأنها جزء من نفس النظام نفسه وهذا هو السبب الذي يجعلها تعمل على حماية التنوع البيولوجي في المكان الذي تعيش فيه".

يشدد كامبل على أهمية الحفاظ على التنوع البيولوجي لتحقيق الأمن الغذائي حيث يقول :"جينات النباتات والأنواع الحيوانية لا توجد في مراكز البحوث الزراعية بل في "مختبرات الحياة"، كالغابات والأنهار والبحيرات والمراعي."

يمكن للنظم الغذائية الخاصة بالشعوب الأصلية مساعدة البشرية على توسيع قاعدتها الغذائية الصغيرة التي تعتمد فقط على مجموعة صغيرة من المحاصيل الأساسية.

بالإضافة إلى ذلك، تساهم العديد من المجتمعات الأصلية في التخفيف من الآثار السلبية لتغير المناخ من خلال حماية موارد الغابات.

إن هذا هو السبب الذي يجعل من الشعوب الأصلية حلفاء أساسيين في الحرب ضد الجوع وسوء التغذية.

وبهذه المناسبة، تقول كارول كالافاتيك، إحد مؤلفي دليل الموافقة الحرة والمسبقة والمستنيرة: "مع أننا من أقل الناس الذين تسببوا بظاهرة تغير المناخ، إلا أننا نعاني أكثر من غيرنا. بدأنا في القطب المتجمد الشمالي بالحديث عن "الحق في البقاء بارداً"، في ظل استمرار ذوبان الجليد الذي يدفع مزيداً من المجتمعات إلى النزوح من منازل أسلافها".

الموافقة الحرة والمسبقة والمستنيرة

يؤكد الدليل، الذي استغرق عاماً من المشاورات مع مختلف الشعوب الأصلية، على الحق الجوهري للشعوب الأصلية في تقرير المصير على النحو المنصوص عليه في إﻋﻼن اﻷﻣﻢ المتحدة ﺑﺸﺄن ﺣﻘﻮق اﻟﺸﻌﻮب اﻷﺻﻠﻴﺔ والقانون الدولي.

يشكل امتلاك القدرة على منح أو حجب الموافقة على مشروع تنمية مقترح أحد الأمور الأساسية لتحقيق الغاية السالف ذكرها. وتتراوح الأمثلة على هذه المشاريع بين تدخل طارئ لمنظمة غير حكومية في أعقاب كارثة طبيعية، ورغبة حكومة في منح امتياز لمشروع تعدين في أراضي السكان الأصليين.

أطلق الدليل الجديد من قبل نائب مدير منظمة "الفاو" دانيال غوستافسون وألفارو بوب، رئيس منتدى الأمم المتحدة الدائم المعني بقضايا الشعوب الأصلية. يعد التقرير ثمرة تعاون دام سنة بين "الفاو" ومنظمات شريكة بما في ذلك، منظمة أكشن أيد (Action Aid)، وأكشن أجينست هانجر (Action Against Hunger)، والوكالة الإسبانية للتعاون الدولي من أجل التنمية، والوكالة الألمانية للتعاون الدولي، والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر ومنظمة وورلد فيجن (World Vision).

يحدد الدليل الخطوات الضرورية المطلوب اتباعها خلال دورة حياة أي مشروع إنمائي، بما في ذلك تحديد المجتمعات التي ينبغي استشارتها ومشاركة الإنجازات بُعيد اكتمال المشروع.

تأخذ الأرشادات التي يتضمنها الدليل بعين الاعتبار مشاركة القادة التقليديين والنساء والشباب في المشاورات وعملية اتخاذ القرار.