18/03/2021 اعتمدت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) نهج مدارس المزارعين الحقلية في عام 1989 من أجل تثقيف المزارعين بشأن الممارسات الزراعية المحسّنة. وقد استُخدم نهج مدارس المزارعين الحقلية (المدارس) على نطاق واسع، حيث أقيمت المدارس على مدار المواسم لتتيح للمزارعين المشاركة في أنشطة جماعية للتعلم والتدريب. ومع توسع هذا النهج عالميًا، برز تحد يتمثل في ضرورة ضمان جودة هذه المدارس ورصدها وتقييمها بفعالية، ولا سيما في المناطق النائية.
الحالة السائدة في الماضي
تقليديًا كان ميسّرو مدارس المزارعين الحقلية يضطرون إلى السفر إلى المناطق الريفية لتقديم الدورات التدريبية إلى المزارعين من رجال ونساء. وكان الميسّرون يُمسكون سجلًا ببيانات وصفية بشأن أنشطة الدورات ويرفعون تقارير تصف الأداء اليومي للمشاركين. بيد أنه أصبح من المستحيل، في كثير من الحالات، رصد وتقييم ما إذا كانت الدورات تنفذ وفقًا للمنهج الدراسي المتفق عليه. وواجه الميسرون الميدانيون مسائل عدم فعالية جمع البيانات وإدارتها إذ كانوا يعملون بواسطة تقارير وسجلات ورقية للحضور والتعلم، وكانوا يقومون بالتقاط الصور وتوثيق وقائع دورات المدارس. استوجبت العملية تلك استخدام سجلات ورقية وكاميرات لتسجيل المعلومات بشأن الدورات التي كانت تنقل بعد ذلك إلى تقرير إلكتروني، الأمر الذي تطلب تمضية وقت طويل خارج الميدان، مع ما يصحب ذلك من تحديات متمثلة في عدم تطابق تفاصيل الدورات والسجلات المصورة. وكثيرًا ما كانت تؤدي آلية رفع التقارير الورقية هذه إلى تأخير جمع البيانات وإلى خلل في عملية تجميع الوقائع بشأن تعلم المزارعين.
تطوّر العملية
لمواجهة هذا التحدي، قدّمت ممثلية المنظمة في باكستان نظام e-FFS في عام 2017، وهو نظام جوّال لجمع البيانات وإدارتها مستند إلى أندرويد قام فريق مكتب المنظمة في باكستان بتصميمه وتطويره وإدارته لضمان جمع البيانات، والإبلاغ عن أداء المدارس بصورة سلسة وفي الوقت الحقيقي تقريبًا. وقد نشأت الفكرة من واقعين اثنين: (1) أن باكستان تتسم بأعلى معدل لاختراق الأجهزة الجوالة في جنوب آسيا؛ (2) وأن النظم الجوالة لجمع البيانات وإدارتها ونشرها تُستخدم عالميًا من قبِل الأمم المتحدة والبنك الدولي وغيرهما، من أجل تحسين الخدمات الصحية في المناطق النائية؛ وقد نفذ نهج مماثل في سياق الزراعة. ونشأت هذه الممارسة لتلبية احتياجات الرصد عن بُعد في المناطق التي تتصف بتغطية متدنية أو معدومة للإنترنت، وحيث الآليات التقليدية الأخرى لرصد التدخلات وجمع البيانات لا تولّد نتائج دقيقة. أمّا استغلال المعدلات المرتفعة لإتاحة هواتف أندرويد لدى الفرق الميدانية والمجتمعات المحلية لتسجيل المعلومات في الوقت الحقيقي تقريبًا ذات الأهمية الحاسمة لرصد التقدم والإجراءات، فقد أدت إلى اعتماد نظام e-FFS.
ويضمن نظام e-FFS جمع البيانات بشأن التدخلات الميدانية في الوقت الحقيقي تقريبًا وبشكل سلس. وتستند البنية الفنية للنظام إلى مبادرة "مجموعة البيانات المفتوحة" (ODK). وبرمجية ODK عبارة عن مجموعة مفتوحة المصدر من الأدوات التي تم تطويرها بداية في جامعة واشنطن بمساعدة مالية من شركة غوغل. ويتألف النظام من مكونين رئيسيين: (1) مكون جوّال يعمل على أي جهاز أندرويد؛ (2) ومكون من جانب الخادم يستقبل البيانات على اختلاف أنواعها ويخزنها ويديرها. ويستخدم المكون الجوّال تطبيق ODK لأجل التجميع، وهو مثبّت على هواتف أندرويد التي بحوزة ميسّري المدارس. وتضاف تنسيقات تقارير جمع البيانات إلى الأجهزة الجوالة بنسق XML متوافق مع JavaRosa. ومن ناحية أخرى، يتألف جانب الخادم من نموذجODK التحليلي الذي يستخدم PostgreSQL كقاعدة بيانات خلفية. وبما أن النظام العام يستند إلى أدوات مفتوحة المصدر، وأن جميع عمليات التطوير والتنسيق قد تمت بواسطة القدرات الفنية المتاحة داخليًا، لم يتم تكبد أي تكاليف في تطوير النظام وتدريب الفرق وصيانة النظام. وفي بداية الأمر، تمت استضافة النظام على محرك للتطبيقات قدمته غوغل. ولكن تم نقله من ثم إلى خادم مستقل ذاتي الإدارة.
وفي الوقت الحالي، يعمل 59 عضوًا من الفريق من 17 منطقة جغرافية نائية في باكستان على تنفيذ النهج الهجين للمدارس من أجل تثقيف المزارعين بوجه أفضل. وقد أظهرت النتائج الأولية أنه تم تلقي البيانات بصورة دقيقة ومتناسقة بنسبة مائة في المائة. وقد تمكن المزارعون من الوصول إلى تكنولوجيات وممارسات محسنّة، وجرى تسجيل أدلة على تنفيذ التدخلات، وهي متاحة على الإنترنت بحيث يمكن الاطلاع عليها من جانب جميع أصحاب المصلحة المعنيين، بشكل مضبوط. ويساعد فهم الانتشار المكاني الفعلي للتدخلات كذلك في تحسين التخطيط الموسمي. وبفضل التوسيم الجغرافي، يمكن لإدارة المشروع أن تطّلع على الأمكنة التي تنفذ فيها الدورات، ومن خلال التقاط الصور بوتيرة منهجية، يمكنها فهم مجريات العملية.
قصة نجاح يحتذى بها
تعالج هذه الممارسة مشكلة عالمية حقيقية تواجهها فرق الرصد والتقييم حاليًا في مختلف برامج المنظمة في باكستان وخارجها، وتستحق أن تكرر في مواقع أخرى. وللحقيقة فإن مكتب المنظمة في باكستان قد سبق أن وسّع نطاق هذه الممارسة على المستوى الوطني. ومن بين المتطلبات الأساسية، معدل اختراق مرتفع للأجهزة الجوالة في المجتمعات المحلية، علمًا أن هذا المعدل يتزايد على مستوى العالم. أما تكييف النظام مع مناطق أخرى فسيتطلب تنمية قدرات الموظفين المعنيين بالرصد والتقييم، وتكييف أدوات رصد نظام e-FFS بما يتناسب مع سياقات البلدان الأخرى. أما القسم الخاص بالمعارف المتاح أصلًا في نظام e-FFS فيتيح نموذجًا لتلبية أي احتياجات للبرامج الأخرى من بيانات تتعلق بالمدارس، ويطرح حلًا سهل التكييف. وقد جرى تبادل هذه الممارسة مع بلدان أخرى في سياق ورشة عمل بعنوان "مدارس المزارعين الحقلية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات" التي نظمتها منصة مدارس المزارعين الحقلية العالمية التابعة للمنظمة.
