مركز الاستثمار

وفد من دول شمال افريقيا يقوم بجولة دراسية للاطلاع على التعاونيات الزراعية الفرنسية

15/11/2017

تشهد التعاونيات الزراعية ازدهاراً منذ عقود في مقاطعة بريتاني التي تعتبر واحدة من أهم مناطق إنتاج الخضروات ومنتجات الألبان في فرنسا.

وقام وفد من مصر والمغرب وتونس في تموز/يوليو الماضي بجولة دراسية في بريتاني استمرت خمسة أيام تركزت على الاطلاع على الكيفية التي تعمل بها مثل هذه التعاونيات التي تستند إلى نموذج الأعمال لتحسين إمكانيات المزارعين وخلق مزيد من فرص العمل.

وضم الوفد ممثلين عن مؤسسات المنتجين والتعاونيات الزراعية والمنظمات المتخصصة والأجهزة الحكومية في الدول الثلاث.

وقد نظمت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية هذه الجولة الدراسية في إطار مشاريع مشتركة بين الفاو والبنك الأوروبي لدعم تطوير التعاونيات الزراعية في الدول الشمال أفريقية الثلاث.

وفي هذا الصدد قال إيمانويل هديي الخبير اقتصادي الاولفي الفاو: "الفكرة ببساطة هي أنك كمزارع تستطيع أن تحقق من خلال التعاونيات أكثر بكثير مما يمكن أن تحققه بمفردك خاصة إذا أردت التأثير في الأسعار وأن تكون لك القدرة على التفاوض والمساومة مع تجار التجزئة وشركات تصنيع ومعالجة الأغذية أو أن تقوم بأمور تتطلب استثمارات كبيرة مثل شراء المعدات والآلات وإنشاء علامة تجارية".

القوة بالكثرة

وخلال جولته زار الوفد جمعية سيرافيل، وهي اتحاد لمنتجي الخضروات والفواكه ومنتجات البستنة يضم نحو 2600 عضو. ويعرف المستهلكون الذين يشترون المنتجات التي تحمل علامة سيرافيل التجارية "برينس دو بريتان" التي أنشأت عام 1970، أن ما يشترونه هو منتج عالي الجودة يشهد بتاريخ بريتاني الزراعي العريق.

وقالت ميوين بولييه مديرة كيرافيل أن الجمعية تمكنت من استحداث "10,000 وظيفة مباشرة و15,000 وظيفة غير مباشرة في بريتاني".

وأشارت إلى أنه بالإضافة إلى توفير مجموعة من الخدمات إلى أعضائها، من بينها التسويق والتوزيع، فإن سيرافيل تستثمر بشكل كبير في البحث والتطوير الزراعي وتختبر مختلف الأنواع وتحسّن جودة الأغذية وسلامتها كما تراعي الممارسات البيئية.

وخلال زيارة إلى المزاد الزراعي المحلي الذي يديره المنتجون توضحت لدى الوفد فكرة العمل الجماعي حيث رأوا كيف أن التعاونيات تستطيع التأثير على أسعار السوق لمنتجاتها، وهو الأمر الذي يصعب على المزارعين تحقيقه في حال عملهم بمفردهم.

روح الفريق

التقى الوفد خلال جولته بمسؤولين في "ايفين"، الجمعية التعاونية الكبيرة في قطاع الأغذية  والتي تأسست في بريتاني في العام 1930 لمعالجة الحليب ومنتجات الألبان بشكل مستدام. واليوم تُباع منتجاتها التي تحمل العلامة التجارية "بيزون بروتون" و"ريجيليه" في أكثر من 110 دول.

بلغت عائدات "ايفين" في العام 2016 أكثر من 2.1 مليار يورو، وهي مقسمة إلى أربع وحدات أعمال، تقدم أحداها دعماً للعمليات الأساسية ومن بينها إدارة المزارع وإنتاج الحليب، بينما تتعامل وحدة أخرى مع الحليب ومنتجات الألبان. وتتولى الوحدتان الباقيتان توزيع منتجات الأغذية مثل التوصيل إلى المنازل وخدمات الأغذية وإعداد الوجبات الجاهزة وحفظ الأغذية.

وتوظف هذه الجمعية أكثر من ستة آلاف شخص وتضم في عضويتها 1400 مزارع.

وتحدث غيه لو بار رئيس الجمعية عن أهمية الحوكمة والقيادة الجيدة وكيف أن الجمعيات التعاونية الكبيرة مثل "ايفين" تحافظ على روح الفريق من خلال أعضائها.

وأوضح: "إن أعضاء الجمعية هم مساهمين فيها ومزودين للحليب في نفس الوقت، ولذلك فإن وجود علاقات عمل جيدة قائمة على الثقة هو أمر ضروري للغاية لفعالية التعاونية. ونحن نعمل دائماً على دراسة أفضل الطرق للرد على أعضاء الجمعية ونعقد اجتماعات منتظمة للحصول على الآراء وضمان تبادل ووصول المعلومات بالشكل الصحيح".

المرحلة التالية

زار الوفد كذلك مركزاً للفرز والتغليف للتعرف بشكل أكبر على عملية ضبط النوعية، كما زار مركزاً للأبحاث والتقى بالعديد من المسؤولين الزراعيين في المنطقة.

وقالت ايناس كباشي رئيسة الخدمات في المديرية العامة للتمويل والاستثمار والمنظمات الحرفية في تونس إن "الجولة فتحت أعيينا على حقيقة أن الحوافز الجيدة يمكن أن تمكن المنتجين الأفراد من تنظيم أنفسهم بشكل يخدم أعمالهم. وهذا أمر نحتاجه في الوقت الحاضر بشكل خاص لأن بلادنا تعمل على صياغة سياسات جديدة للحركة التعاونية الزراعية".

وبشكل عام فقد غذّت هذه الجولة مفاهيم الوفد حول كيفية تطوير تعاونيات زراعية فعالة ذات جدوى اقتصادية.

وقال دينيس هيربيل المستشار الاول في الفاو للمنظمات وتعاونيات المنتجين أن "أحد أهم الدروس المستفادة من هذه الجولة الدراسية هي أن تعاونيات بريتاني هي نتيجة مباشرة لمبادرات المزارعين أنفسهم. فالمزارعين الذين عاشوا أزمات الأسعار شكلوا جمعياتهم لحل مشاكلهم. المزارعون هم أنفسهم من صنع التغيير،" مشيراً إلى وجود اهتمام حالي في تنظيم مشروع توأمة تقوم من خلال التعاونيات في بريتاني بتدريب عدد من منظمات المنتجين في مصر والمغرب وتونس.

من ناحيتها قالت فكتوريا زينشوك مديرة الصناعات الغذائية في البنك الأوروبي لإعادة الأعمار والتنمية أن الفاو والبنك سيواصلان "دعم الحوار مع جميع اللاعبين من القطاعين العام والخاص، مع اتجاه هذه الدول إلى تقوية قطاعات التعاونيات الزراعية فيها والتي تعتبر العمود الفقري لأنظمة الأغذية والزراعة المستدامة".