الغذاء المستدام والزراعة

أخبار

الابتكار من أجل مستقبلنا في مجال الأغذية والزراعة

16 April 2019

فالمزارعون ليسوا منتجين للغذاء فقط، وإنما هم أيضا حماة مواردنا الطبيعية: التربة والمياه والتنوع البيولوجي والبذور. كما أنهم مبتكرون. إذ منذ بداية الزراعة، اضطر المزارعون إلى التغيير والتكيف وابتكار طرق جديدة للعمل في الأرض، والتعامل مع التضاريس الصعبة، وتحمل الظروف المناخية المتطرفة والظواهر الجوية. إذ إن بقاءهم ومصادر رزقهم تعتمد على ذلك، فوجدوا طرقًا لإنجاحه.

وتشكل المزارع الأسرية 90 في المائة من مزارع العالم، وتنتج أكثر من 80 في المائة من أغذية العالم. كما أنها تدير حوالي 75 في المائة من الأراضي الزراعية في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، غالبا ما يكون المزارعون الأسريون فقراء وغير آمنين أنفسهم على أغذيتهم. إن الاعتراف بالابتكارات الناجحة التي استخدمها المزارعون بالفعل ومساعدتهم في نشرها على المزارعين الآخرين أمر حيوي لمستقبلنا من الغذاء والزراعة. نحن بحاجة إلى زيادة الابتكارات في مجال الزراعة لتكون قادرة على إطعام عدد متزايد من سكان المناطق الحضرية.

والابتكار ليس مجرد أفكار جيدة، وإنما هو أكثر بكثير من التكنولوجيا. وبعبارة أبسط، فإن الابتكار هو العملية التي يتم بموجبها جلب الأفراد أو المؤسسات لمنتجات أو عمليات أو طرق جديدة أو موجودة لاستخدامها أول مرة. ويتجاوز الابتكار في الزراعة جميع أبعاد دورة الإنتاج على امتداد سلسلة القيمة بأكملها - من المحاصيل، والغابات، ومصايد الأسماك أو الإنتاج الحيواني إلى إدارة مقوّمات الزراعة ومواردها للوصول إلى الأسواق.

فيما يلي خمسة أمثلة على كيفية تغيير الابتكار في مجال الزراعة في العالم:

1- في الجمهورية الدومينيكية، تم تطبيق تقنية الحشرة العقيمة للقضاء على ذبابة فاكهة البحر الأبيض المتوسط. ففي عام 2015، أجبر اندلاع هذه الآفة البلاد على فرض حظر فوري على صادراتها من الفواكه والخضروات، مما ألحق أضرارا شديدة بأهم مصدر للدخل في البلد.  وتعدّ تقنية الحشرة العقيمة تقنية مبتكرة يتم فيها تعقيم ذكر الحشرات في المختبرات. وعند إطلاق سراحها في البرية تتزاوج مع الأنثى ولا تلد. ومع مرور الوقت، يؤدي ذلك إلى انخفاض عدد الحشرات بشكل كبير. وبحلول عام 2017، تم القضاء رسميا على أعداد ذبابة فاكهة البحر الأبيض المتوسط ​​في البلد. وتعد تقنية الحشرة العقيمة من أكثر طرق التحكم الملائمة للبيئة، حيث أنها لا تتطلب استخدام المواد الكيميائية على الموطن الأصلي للحشرة.

2 - وفي تنزانيا، حيث يواجه العديد من سكان الريف صعوبة في الحصول على دخل مستدام، يجد المزارعون استخدامات جديدة لشجرة ألانبلاكيا الأصلية، لأن زيت بذورها غني بالمغذيات. وباستخدام هذا الزيت، طور المزارعون منتجات جديدة، مثل كريمات البشرة والمستحضرات، التي تعدّ مربحة في السوق وقد نالت الاهتمام الدولي. وتساهم سلاسل الإمداد الناشئة في البلد في التخفيف من حدة الفقر والحفاظ على التنوع البيولوجي، مما يمنح المزارعين المحليين فرصة زيادة دخلهم من خلال الوصول إلى الأسواق الدولية.

إلى اليسار: يستخدم أحد المقاولين المزارعين الشباب التابعين للمعهد الدولي للزراعة المدارية في نيجيريا فرن تدخين سمك السلور لبيعه طازجاً بقيمة أعلى. © للمعهد الدولي للزراعة المدارية إلى اليمين: بفضل نظام إيلوكوست (eLocust3 )، تقوم منظمة الفاو برصد التهديدات المحتملة للإنتاج الغذائي في إريتريا والتنبؤ بها. وتستخدم الأداة الملاحظات الميدانية التي تم إجراؤها أثناء المسح وتنقل البيانات إلى المركز الوطني لمكافحة الجراد في الوقت الفعلي عبر الأقمار الصناعية. © الفاو/كيث كريسمان

4- في الهند، نفذت سلطات تيلاناجاناستات خطة تأمين جديدة تسمى هيثو باندهو. وبرنامج يمنح مزارعي هذه الولاية الدولة 4 آلاف روبية  (55 دولاراً أمريكياً) لكل فدان في كل موسم، لدعم الاستثمارات الزراعية وشراء مقومات الزراعة. ويُشرف موظفو هيثو باندهوعلى توزيع الأموال، وجمع البيانات عن استخدامات ونتائج المنَح، وإقامة علاقة وثيقة مع المزارعين لضمان نجاح التخطيط للمحاصيل. ويتيح هذا النظام للمزارعين الخروج من الديون والفقر وإنشاء مبادرات زراعية مستدامة ومُربحة.

5- على الصعيد العالمي، يُستخدم التطبيق تطبيق إيلوكوست (eLocust3 ) لرصد أحد أخطر أنواع الآفات المهاجرة في العالم، وهب الجراد الصحراوي، وللكشف السريع عنه. ويجمع هذا التطبيق بين أحدث التطورات في مجال المعلومات والاتصالات وتقنيات الأقمار الصناعية في نظام موحد للرصد والإنذار المبكر. وقد ساهم بشكل كبير في انخفاض مدة ضربات الجراد الصحراوي المدمرة في أفريقيا وآسيا، وشدتها وتواترها.

6- ومن الأمثلة الأخرى  منصة الذكاء الاصطناعي، للتنبؤ يشأن الصناعة، (Agripredict)، التي طوّرتها شركة في زامبيا، والتي فازت أيضا في مسابقة الحاسوبيين لمكافحة الجوع لسنة 2018 في رواندا. وهي تستخدم صورة بسيطة من الهاتف لاكتشاف وجود الآفات أو الأمراض. ويمكن بها أيضاً التنبؤ باحتمال حدوث غزوات بسبب الآفات، مثل دود الحشد، وتوقع إمكانية حدوث أنماط أحوال الطقس المناوئة مثل الجفاف والفيضانات والجبهات الباردة.

تستخدم المنظمة وشركاؤها طائرات بدون طيار لتقييم الأماكن التي تكون فيها النظم الزراعية معرضة بشكل خاص لخطر الكوارث الطبيعية. © كنويل كاركيتينغ/آنسبلاش

الابتكار من أجل عالمٍ خالٍ من الجوع

كل عام تتزايد مطالبنا على مواردنا الطبيعية. ويتزايد عدد الجياع ويزداد عدد سكان العالم. وفي هذا السياق، يعد الابتكار في الزراعة أمرًا بالغ الأهمية لمساعدة الزراعة الأسرية على استخدام الموارد بطرق أفضل وأكثر فعالية.

تستضيف منظمة الأغذية والزراعة ندوة دولية عن الابتكار الزراعي للمزارعين الأسريين، تحفّز على اتخاذ إجراءات جماعية وتزيد من فهم ما هو مطلوب لدعم الابتكار. وستساعد الندوة أصحاب المصلحة وصانعي القرار على صياغة الشراكات، وتبادل المعرفة والسعي إلى تحقيق أفضل الفرص من أجل توسيع نطاق الابتكارات الزراعية.

نحن بحاجة إلى العمل بشكل جماعي لإزالة القيود (التكنولوجية أو الاجتماعية أو التنظيمية أو السياسية أو غير ذلك) التي تخنق قدرة المزارعين الأسريين على الابتكار، وفي الوقت نفسه أيضًا التشجيع على تبادل الممارسات والمنتجات والأدوات الزراعية الجيدة. والابتكار هو أحد أفضل الأدوات الموجودة لدينا لخلق عالم خالٍ من الجوع.

شارك بهذه الصفحة