title

الأسواق الزراعية والتنمية
المستدامةسلاسل القيمة العالمية
والمزارعون أصحاب الحيازات
الصغيرة والابتكارات الرقمية

تحميل المنشور
EPUB
MOBI
PDF

الجزء 1

الاتجاهات في الأسواق الزراعية والغذائية

الجزء 2

حالة النظم الإيكولوجية الحرجية

الجزء 3

المزارعون وسلاسل القيمة: نماذج أعمال للنمو المستدام

الجزء 4

التكنولوجيات الرقمية والأسواق الزراعية والغذائية

الجداول

1.3 دراسات الزراعة التعاقدية التي استعرضها هذا التقرير

ألف.1 تعاريف مجاميع الأغذية على النحو الوارد في الجزء الأول، التجارة بحسب مجاميع الأغذية

ألف.2 تعريف مجاميع الأغذية بحسب كشوف موازين المنتجات الغذائية لمنظمة الأغذية والزراعة

الأشكال

1.1 تطور تجارة المواد الزراعية والغذائية، 1995-2018 (تصنيف البلدان في مجموعات بحسب مستوى الدخل)

2.1 التجارة في السلع الغذائية والزراعية

3.1 حصص التجارة داخل الإقليم وفي ما بين الأقاليم

4.1 تغيّر الصادرات والواردات بحسب مجاميع الأغذية، 1995-2018 (تصنيف البلدان ضمن مجموعات بحسب مستوى الدخل)

5.1 حصة الصادرات من مجاميع غذائية مختارة في إجمالي صادرات المواد الزراعية والغذائية، المتوسط من 2016 إلى 2018

6.1 الاعتماد على الواردات في مجاميع غذائية مختارة، في المتوسط لعام 2017-2015

7.1 الصادرات والواردات الزراعية: البرازيل، فييت نام، نيبال وأوغندا، بحسب المجاميع الغذائية

8.1 ديناميات الدخل والنمو في استهلاك الأغذية (مع تصنيف البلدان ضمن مجموعات بحسب مستوى الدخل)

9.1 معدّل التغيير في حصة السعرات الحرارية المتاحة للاستهلاك للفرد الواحد بحسب المجاميع الغذائية الرئيسية، 2017-1995

10.1 النمو السكاني والتغييرات الديموغرافية

11.1 تكاليف التجارة والاتصالات

12.1 معدلات التعريفات الزراعية المطبقة، 1995-2018 (تصنيف البلدان ضمن مجموعات بحسب مستوى الدخل)

13.1 عرض بياني لسلسلة القيمة الغذائية

14.1 حصة القيمة المضافة للزراعة والأغذية من إجمالي القيمة المضافة الزراعية والغذائية بحسب الدخل، 2017

1.2 إجمالي الصادرات على المستوى العالمي والمشاركة في سلسلة القيمة العالمية، 1995-2015

2.2 معدلات المشاركة في سلسلة القيمة العالمية في قطاع الزراعة عام 2015

3.2 الروابط الأمامية والخلفية في سلسلة القيمة العالمية في عام 2015 (تصنيف البلدان ضمن مجموعات بحسب مستوى الدخل)

4.2 إجمالي الصادرات والمشاركة في سلسلة القيمة العالمية في غانا

5.2 إجمالي الصادرات والمشاركة في سلسلة القيمة العالمية في فييت نام

6.2 العلاقة بين نمو القيمة المضافة والنمو في المشاركة في سلسلة القيمة العالمية بين عامي 1995 و2015 (تصنيف البلدان ضمن مجموعات بحسب مستوى الدخل)

7.2 تأثير التغيير بنسبة واحد في المائة في المشاركة في سلسلة القيمة العالمية على القيمة المضافة الزراعية للعامل الواحد

8.2 الآثار المتوقعة لإزالة التدابير المختلفة على مستوى السياسات على الصادرات الزراعية والغذائية الإجمالية، التغييرات في النسبة المئوية

9.2 الآثار المتوقعة للانفتاح على التجارة على القيمة المضافة للمنتجات الزراعية والغذائية المصدّرة بحسب عامل الإنتاج، التغييرات في النسبة المئوية

10.2 الآثار المتوقعة للانفتاح على التجارة على المشاركة في سلسلة القيمة العالمية، التغييرات في النسبة المئوية

11.2 الآثار المتوقعة للانفتاح على التجارة على القيمة المضافة للمنتجات الزراعية والغذائية المصدرة بصورة مباشرة وغير مباشرة

12.2 أهمية تجهيز الأغذية بالنسبة إلى توفير فرص العمل، أفريقيا الغربية وبلدان مختارة (الحصة من إجمالي اليد العاملة في قطاع التصنيع)

13.2 اختلاف درجة تركّز سوق البذور حسب المحصول والإقليم

1.3 التحوّل الهيكلي في البلدان: حصة الناتج المحلي الإجمالي للزراعة ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2017

2.3 المشاركة في السوق: متوسط حصة الإنتاج الأسري المباع في الأسواق في غانا وملاوي وأوغندا وفييت نام

3.3 متوسط إيرادات مبيعات الأسرة من إجمالي الدخل الأسري في غانا وملاوي وأوغندا وفييت نام

4.3 حصة الإنتاج الأسري المباع في الأسواق تبعًا لحجم المزرعة في غانا وملاوي وأوغندا وفييت نام على أساس الشرائح الخمسية

5.3 متوسط إجمالي دخل الأسر المعيشية بحسب جنس ربّ الأسرة (بالدولار الأمريكي بأسعار عام 2011)

6.3 متوسط إيرادات مبيعات الأسرة من إجمالي دخل الأسرة بحسب نوع جنس ربّ الأسرة، بالنسبة المئوية

7.3 تطور متوسط حجم المزرعة، بالهكتار

8.3 مجموعات الحوافز للزراعة التعاقدية

9.3 خطط مختارة لإصدار شهادات الاستدامة: المعايير والنتائج المحتملة

1.4 الاشتراكات العالمية في شبكات الهواتف الثابتة والمحمولة، والنطاق العريض الثابت والمحمول في الفترة 2005-2019 (لكل 100 نسمة)

2.4 نسبة الحصول على الهواتف الخلوية المحمولة في مجموعة مختارة من البلدان، 2018

3.4 الأفراد الذين يستخدمون الإنترنت كنسبة مئوية من السكان

4.4 الأشخاص الذين يستخدمون الإنترنت في بلدان مختارة بحسب نوع الجنس والموقع، 2018 (بالنسبة المئوية)

5.4 نسبة الاشتراكات في خدمات البيانات والرسائل الصوتية في الهواتف المحمولة في النطاق العريض إلى عدد السكان في بلدان مختارة، 2018

6.4 درجة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مشروع تمكين أنشطة الأعمال الزراعية

7.4 مثال توضيحي لسلاسل قيمة الأغذية الزراعية القائمة على قواعد البيانات التسلسلية

الإطارات

1.1 التجارة الإقليمية بالمواد الزراعية الغذائية

2.1 آثار جائحة كوفيد- 19 على التجارة والأسواق والأمن الغذائي في العالم

3.1 التجارة وسلامة الأغذية والدستور الغذائي

4.1 التكامل العمودي والتنسيق في سلاسل القيمة

5.1 العولمة وتجارة المنتجات الزراعية الغذائية والتغذية

1.2 سلاسل القيمة العالمية: المصطلحات الرئيسية

2.2 أداء سلسلة القيمة العالمية: عصير البرتقال - من الشجرة إلى الزجاجة

3.2 مثال عن بلد تتفاوت فيه روابطه في سلسلة القيمة العالمية: غانا

4.2 مثال عن بلدٍ ذات روابط قوية في سلسلة القيمة العالمية: فييت نام

5.2 تحليل السياسات لتعزيز المشاركة في سلسلة القيمة العالمية: الآثار بحسب التدابير السياساتية والعائدات على الأراضي، والعمالة ورأس المال

6.2 دور اتفاقات التجارة الإقليمية

7.2 استجابات السياسات التجارية لجائحة كوفيد 19-

8.2 القطاعات الناشئة لتجهيز الأغذية في البلدان النامية

9.2 سلاسل القيمة العالمية وعمل القطاع الخاص والنتائج البيئية

10.2 سياسات الحدّ من انتشار الوزن الزائد والسمنة: الضرائب في المكسيك والتوسيم في شيلي

1.3 مدى مساهمة الأسواق الحسنة الأداء في التنمية

2.3 المؤسسات الريفية الصغيرة والمتوسطة الحجم في قطاع الأغذية والزراعة

3.3 إدراج التأمين في خطط الزراعة التعاقدية

4.3 ضمان الأسعار والزراعة التعاقدية للأرزّ في بنن: تجربة موجَّهة باستخدام عينة عشوائية لمختلف أحكام العقود

5.3 تفاضل جودة المنتَج في الزراعة التعاقدية للبنّ

1.4 مسرد مصطلحات التكنولوجيا الرقمية

2.4 الابتكار الرقمي من أجل تحقيق فوائد شاملة: منصة شوبال الإلكترونية (E Choupal) في الهند وإيسوكو (Esoko) في غانا

3.4 التجارة الإلكترونية وحالة قرى تاوباو في جمهورية الصين الشعبية

4.4 خدمات “تولا”: منصة رقمية لتيسير الوصول إلى الائتمانات في كينيا وغانا

5.4 التأمين الزراعي القائم على مؤشر الطقس: مؤسسة الزراعة والمخاطر المناخية

6.4 فهم تكنولوجيا السجلات الموزَّعة

7.4 قواعد البيانات التسلسلية وتجارة السلع الدولية

8.4 دعم وصول المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة إلى الأسواق والخدمات المالية من خلال قواعد البيانات التسلسلية

9.4 تطبيق قواعد البيانات التسلسلية على التأمين القائم على مؤشر الطقس لأصحاب الحيازات الصغيرة

10.4 استكشاف قواعد البيانات التسلسلية في المتاجر الكبرى

11.4 تتبّع التوابل والأعشاب باستخدام تكنولوجيا قواعد البيانات التسلسلية

12.4 تكنولوجيا قواعد البيانات التسلسلية وسلاسل قيمة الأسماك المستدامة

13.4 المنتدى العالمي للأغذية والزراعة والمنصة الدولية للأغذية والزراعة الرقمية

يأتي هذا الإصدار لعام 2020 من حالة أسواق السلع الزراعية في حقبة حرجة من الاقتصاد العالمي والنظم الغذائية العالمية في حين تتضافر جهودنا من أجل مواجهة الجائحة العالمية الناشئة عن تفشي كوفيد 19-.

لقد بيّنت لنا الجائحة بوضوح أنّه في عالم مترابط، تنتشر الأمراض وتأثيرات التدابير المتخذة لاحتوائها بسرعة عبر الحدود الوطنية. ومع أنّ الجائحة ليست الموضوع الرئيسي لهذا التقرير، إلا أنها تسلط الضوء على العلاقة الوثيقة بين إنتاج الأغذية واستهلاكها وتجارتها. ويؤكد هذا أهمية اعتماد نهج متكامل إزاء النظم الغذائية وهو ما يجعل إطلاق تقرير حالة أسواق السلع الزراعية لعام 2020 في هذا الوقت بالذات مجديًا للغاية.

وإني أدعوكم إلى قراءة التقرير مليًا لما يتضمنه من معلومات هامة عن كيفية مساهمة الأسواق في جعلنا أقرب إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة المنبثقة عن خطة عام 2030. ويتضمن تقرير عام 2020 تحليلاً لبيانات جديدة عن التجارة والأسواق في مختلف أنحاء العالم. وهو يعرض دراسة مفصلة للاتجاهات العالمية الرئيسية في أسواق السلع الزراعية الغذائية لمعرفة كيفية جني ثمار المكاسب الاقتصادية والبيئية والاجتماعية وتحفيز التنمية.

وقد ازدادت تجارة المواد الغذائية والزراعية بأكثر من الضعف بالأرقام الحقيقية منذ عام 1995. وأصبحت البلدان الناشئة والنامية مشاركة فعالة في الأسواق العالمية، حتى أنها باتت تستحوذ الآن على ثلث التجارة العالمية تقريبًا. وقد أمكن من خلال التطورات التكنولوجية تحويل عمليات الإنتاج والتجارة، ما ساعد في المقابل على بروز سلاسل القيمة العالمية في مجالي الأغذية والزراعة. وتشير تقديرات التقرير لعام 2020 إلى أنّ أكثر من ثلث الصادرات العالمية من المواد الغذائية والزراعية يتم الاتجار بها ضمن سلسلة قيمة عالمية.

ويعتبر هذا التقرير على وجه التحديد أنّ حسن أداء الأسواق عامل أساسي من أجل التنمية والنمو الاقتصادي. وقد تشكل التجارة الدولية أداة فعالة وبالإمكان الاستفادة من الأسواق لتحفيز النتائج الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المستدامة. ومن شأن سلاسل القيمة العالمية أن تسهّل على البلدان النامية اندماجها في الأسواق العالمية. فهي إضافة إلى ربط أسواقنا الخاصة بالمواد الغذائية ارتباطًا وثيقًا، توفر آلية لنشر أفضل الممارسات وتشجيع التنمية المستدامة.

لكن يجدر بنا ألا نترك أيًا كان خلف الركب في ظلّ التحولات المتسارعة في الأسواق. لا بل علينا مضاعفة الجهود لإشراك المزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة في سلاسل قيمة غذائية حديثة، بما يضمن المداخيل الريفية والأمن الغذائي في كل من المناطق الريفية والحضرية على السواء. ويواجه المزارعون من أصحاب الحيازات الصغيرة العديد من التحديات التي من شأنها أن تقوّض محاولاتهم لزراعة منتجاتهم وتسويقها على نحو فعال. وستتسم بهذا الصدد السياسات والآليات التي تقوم عليها بأهمية حاسمة لتشجيع إنتاجيتهم ومشاركتهم في الأسواق.

وتساعد التكنولوجيات الرقمية الأسواق على تحسين أدائها وهي قادرة على زيادة فرص وصول المزارعين إليها. ويمكن للابتكارات على غرار التجارة الإلكترونية أن تعود بالنفع على المزارعين والمستهلكين على حد سواء. لكن، من أجل ضمان تشاطر مكاسب الابتكار الرقمي مع الفئات الأشدّ فقرًا، لا بد لنا من ردم الفجوة الرقمية القائمة حاليًا. غير أنه من الصعب استباق مجمل التأثيرات المحتملة للابتكار التكنولوجي على طريقة زراعة الأغذية وتجهيزها وتجارتها واستهلاكها. وبتنا نعلم اليوم أنّ تحفيز استخدام التكنولوجيا من شأنه أن يساعدنا على تحقيق مكاسب ملحوظة في هذا المجال. لكن تجدر الإشارة أيضًا إلى أنّ بعض المخاطر الملازمة لاعتماد التكنولوجيا ليست مفهومة بعد على أكمل وجه. ويجدر بنا تكثيف جهودنا المشتركة وضمان أن توطّد الثورة الرقمية عملية التنمية.

إنّ تقرير حالة أسواق السلع الزراعية لعام 2020 يشير بوضوح إلى ضرورة أن نعتمد على الأسواق باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من النظام الغذائي العالمي. ويكتسي هذا أهمية خاصة في ظلّ الاختلالات الكبرى سواء أكانت نتيجة جائحة كوفيد 19- أو حالات تفشي الجراد أو تغير المناخ.

إنّ لكل منا دورًا يؤديه في التنمية المستدامة والقضاء على الجوع. وإنّ منظمة الأغذية والزراعة مستعدّة لمساندة الأعضاء فيها وشركائها في هذا المسعى.

شو دونيو
المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة

بدأ إعداد تقرير حالة أسواق السلع الزراعية لعام 2020 في يونيو/حزيران 2019. وبغية دعم الفريق المكلّف بكتابة التقرير، تم تشكيل مجموعة استشارية تحريرية مؤلفة من خبراء في المنظمة وخبراء خارجيين. وتولّت المجموعة الاستشارية التحريرية استعراض ومناقشة وتقديم المشورة بشأن تحليل التقرير ومسوداته.

وقد عُقدت حلقة عمل فنية بشأن سلاسل القيمة العالمية في مقر منظمة الأغذية والزراعة في روما يومي 21 و22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019. وجمعت حلقة العمل الممارسين والأوساط الأكاديمية وسائر أصحاب المصلحة المعنيين من بلدان مختلفة لعرض ما قاموا به من بحوث ومناقشة المسائل التالية: تطور سلاسل القيمة العالمية للأغذية والزراعة وكيفية تغيير هذه السلاسل لأسواق الأغذية والتجارة؛ وأثر هذه السلاسل من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والبيئية؛ وكيفية تعزيز السياسات لمساهمة هذه السلاسل في تحقيق التنمية المستدامة في قطاعي الأغذية والزراعة. وقد وسّعت حلقة العمل معارف المنظمة ووجهات نظرها بشأن هذه المسائل المطروحة.

وأعدّت مجموعة من الخبراء تسع وثائق معلومات أساسية بشأن مجموعة من المسائل للاسترشاد بها في إعداد هذا التقرير. وشملت هذه الوثائق عمليتين اثنتين لوضع النماذج: إحداهما لتقييم أثر سلاسل القيمة العالمية على الإنتاجية الزراعية، والأخرى باستخدام نموذج عالمي للتوازن العام القابل للحساب بغرض تحليل آثار السياسات التجارية على المشاركة العالمية في سلسلة القيمة.

واستعرضت المجموعة الاستشارية التحريرية المسودة الأولى للتقرير التي ناقشها فريق الإدارة التابع لمسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنظمة في مايو/ أيار 2020. واستعرض كذلك الخبراء في جميع الشعب الفنية في المنظمة مسودة التقرير؛ فيما استعرض مكتب المدير العام ومسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنظمة التقرير النهائي. وسيُعرض المضمون والنتائج المنبثقة عن تقرير حالة أسواق السلع الزراعية لعام 2020 على لجنة مشكلات السلع في اجتماعها المزمع عقده خلال شهر مارس/آذار 2021.

تولّى إعداد تقرير حالة أسواق السلع الزراعية لعام 2020 فريق متعدد التخصصات في منظمة الأغذية والزراعة (المنظمة) بإشراف السيد بوبكر بن بلحسن، مدير شعبة التجارة والأسواق لدى المنظمة، وGeorge Rapsomanikis كبير الخبراء الاقتصاديين ومحرر تقرير حالة أسواق السلع الزراعية لعام 2020. وقدّم Máximo Torero Cullen رئيس الخبراء الاقتصاديين في منظمة الأغذية والزراعة، مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والفريق المعني بإدارة مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية، توجيهات عامة.

فريق البحث والتحرير
تألّف فريق البحث والتحرير في شعبة الأسواق والتجارة من Andrea Zimmermann، وClarissa Roncato Baldin، وEdona Dervisholli، وEvgeniya Koroleva (البيانات)، وحسام عطا الله (البيانات)، وGeorge Rapsomanikis، وRob Dellink.

المجموعة الاستشارية التحريرية
تلقّى فريق كتابة التقرير ملاحظات وتوجيهات قيّمة من المجموعة الاستشارية لتحرير تقرير حالة أسواق السلع الزراعية لعام 2020 وشملت: بوبكر بن بلحسن (مدير، شعبة الأسواق والتجارة لدى منظمة الأغذية والزراعة)، وCarmel Cahill (نائب المدير السابق لشعبةالتجارة والزراعة لدى منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية)، وDavid Blandford (جامعة ولاية بنسلفانيا)، وHope Michelson (جامعة إيلينوي)، و Jikun Huang (جامعة بيكنغ)، وJohan Swinnen (جامعة لوفن)، وLuca Salvatici (جامعة روما تري)، وMáximo Torero Cullen (رئيس الخبراء الاقتصاديين، مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية لدى المنظمة).

المساهمون
ساهم المؤلّفون الواردة أسماءهم في ما يلي في التقرير عن طريق تقديم وثائق المعلومات الأساسية الفنية: Edona Dervisholli (منظمة الأغذية والزراعة)، وEva-Marie Meemken (جامعة كورنيل)، وFelix Baquedano (مستشار لدى منظمة الأغذية والزراعة)، وIvan Đurić (معهد ليبينيز للتنمية الزراعية في الاقتصادات التي تمر بمرحلة انتقالية)، وHope Michelson (جامعة إيلينوي)، وJikun Huang (جامعة بيجينغ)، وJohan Swinnen (جامعة لوفن)، و Leslie C. Verteramo (جامعة كورنيل)، وLuca Salvatici (جامعة روما تري)، وMiguel I. Gómez (جامعة كورنيل)، وPierluigi Montalbano (جامعة لا سابيينزا روما)، وRobertus Dellink (منظمة الأغذية والزراعة) وSilvia Nenci (جامعة روما تري).

المساهمات الإضافية
استفاد هذا التقرير من المعلومات المنبثقة عن حلقة العمل الدولية بشأن سلاسل القيمة العالمية التي انعقدت يومي 21 و22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 في روما. وعرض خلالها الخبراء الواردة أسماءهم في ما يلي بحوثهم وأعمالهم:

Carlo Altomonte (جامعة بوكوني)، وDavide Del Prete (منظمة الأغذية والزراعة)، وEdona Dervisholli

(منظمة الأغذية والزراعة)، وKoen Deconinck (منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي)، وLuca Salvatici (جامعة روما تري)، وMarie-Agnès Jouanjean (منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي)،

وPierluigi Montalbano (جامعة لا سابيينزا روما)، وRobertus Dellink (منظمة الأغذية والزراعة)، وSilvia Nenci (جامعة روما تري)، وSunghun Lim (جامعة مينيسوتا).

وتولى تقديم المداخلات من منظمة الأغذية والزراعة كل من Anna Lartey وDavide Del Prete وElena Ilie وNancy Aburto وSiobhan Kelly.

الدعم الإداري
قدّمت Francesca Biasetton الدعم الإداري.

وقدّم مركز خدمات الاجتماعات والبرامج والتوثيق في شعبة المؤتمر والمجلس وشؤون المراسم في منظمة الأغذية والزراعة خدمات الترجمة والطباعة.

وقدّمت المجموعة المعنية بالنشر في مكتب الاتصالات في المنظمة الدعم التحريري والخدمات في مجالي التصميم وتنسيق الشكل الخارجي، إضافة إلى إنتاج الطبعات بجميع اللغات الرسمية الستّ.

التجارة والأسواق والتنمية المستدامة

تكمن التجارة والأسواق في صميم عملية التنمية. وفي مجالي الأغذية والزراعة، توسّع الأسواق نطاق خيارات المستهلكين وتولّد حوافز للمزارعين. وبالتالي، فإن الأسواق تمكّن من تخصيص الموارد على النحو الأمثل وتوفّر وسائل الربط بين الزراعة وسائر قطاعات الاقتصاد، ما يجعل الأسواق حاسمة الأهمية للتحوّل البنيوي للاقتصاد. وتمثّل كيفية إسهام التجارة والأسواق في تحقيق التنمية المستدامة موضوع إصدار عام 2020 من تقرير حالة أسواق السلع الزراعية.

وتؤدي الأسواق التي تعمل بشكل جيد دورًا مهمًا في دفع عجلة النموّ الاقتصادي؛ ولكنّ آلية السوق لا تضمن توفير مجمل المنافع الاجتماعية والبيئية التي تعتبر أساسية للتنمية المستدامة. وفي بعض الحالات، قد تفشل الأسواق في التوفيق بين مصلحة الأفراد ومصلحة المجتمع ككلّ، ولكن أيضًا احتياجات الأجيال المقبلة التي تشكل جزءًا لا يتجزأ من خطة التنمية المستدامة لعام 2030.

وتهدف خطة التنمية المستدامة لعام 2030 وأهداف التنمية المستدامة المنبثقة عنها وعددها 17 هدفًا، إلى توفير مستقبل أفضل وأكثر استدامة للجميع. وهي تتصدى للتحديات العالمية التي نواجهها بما يشمل القضاء على الفقر والجوع وإعادة الموارد الطبيعية إلى ما كانت عليه، وإدارتها على نحو مستدام. وتدمج أهداف التنمية المستدامة الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة أي البعد الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، مع مقاصد مترابطة على نحو وثيق.

وتمثّل الزراعة عنصرًا محوريًا في خطة عام 2030. وتُظهر معظم أهداف التنمية المستدامة الروابط القائمة بين الزراعة والأمن الغذائي، والنموّ الاقتصادي، والعمالة، والقضاء على الفقر، وإدارة البيئة والموارد الطبيعية، والتغذية والصحة. وهي روابط تحددها الأسواق. ويبحث هذا التقرير في السياسات والمؤسسات التي بإمكانها تعزيز النموّ الاقتصادي وتسخير الأسواق الزراعية والغذائية للمساهمة في تحقيق نواتج مستدامة سواء أكانت اقتصادية أو اجتماعية أو بيئية.

ويستكشف تقرير حالة أسواق السلع الزراعية لعام 2020 تطوّر التجارة والأسواق وينظر في دورهما في النموّ والتنمية المستدامة. وهو ينظر بالتحديد في نشأة سلاسل القيمة العالمية في مجالي الأغذية والزراعة؛ وفي مدى مشاركة المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة في البلدان النامية في سلاسل القيمة؛ وفي الآثار التحويلية للتكنولوجيا الرقمية على الأسواق.

تطوّر التجارة والأسواق

منذ عام 1995، زاد حجم التجارة الدولية في الأغذية والزراعة بأكثر من الضعف بالأرقام الحقيقية حتى وصلت قيمته إلى 1.5 ترليون دولار أمريكي في عام 2018. وتشارك الاقتصادات الناشئة والبلدان النامية على نحو متزايد في الأسواق العالمية للمنتجات الزراعية والغذائية؛ وقد ارتفعت صادراتها إلى ما يزيد عن ثلث إجمالي الصادرات العالمية.

ويعزى هذا النموّ في التجارة إلى دوافع عدّة. فقد أدّى انخفاض تكاليف النقل إلى خفض كلفة المبادلات التجارية. وتمثّل السياسات التجارية وانخفاض التعريفات على المدخلات - نتيجة اتفاق منظمة التجارة العالمية بشأن الزراعة الذي دخل حيز النفاذ في يناير/ كانون الثاني 1995 والعديد من الاتفاقات التجارية الثنائية والإقليمية - دوافع رئيسية كامنة وراء تشجيع التجارة في الأغذية والزراعة.

وأدّت هذه الدوافع، إلى جانب ارتفاع المداخيل في البلدان المتقدمة والنامية على السواء، إلى تحفيز توسّع التجارة في الأغذية والزراعة. ويرتبط نموّ الدخل أيضًا بالاتجاهات الديمغرافية، مثل التوسّع الحضري، وهي اتجاهات تنطوي على أساليب عيش جديدة وتغيرات في الأنماط الغذائية، ما يؤثر في التجارة والأسواق. ومع تقدّم البلدان، يستهلك السكّان كميات أقل من المواد الغذائية الأساسية وكميات أكبر من اللحوم ومنتجات الألبان والفاكهة والخضار. وتتجلّى هذه التغيرات التي تطرأ على الأنماط الغذائية في أنماط التجارة الدولية.

ويحدث التوسّع الحضري في البلدان النامية بوتيرة أسرع مما كانت عليه في أوروبا مثلًا، وقد أثر ذلك في أسواق الأغذية المحلية. وأدّى تفضيل المستهلكين للخيارات المريحة وجودة الأغذية وسلامتها إلى تعزيز التنسيق العمودي لسلاسل القيمة الغذائية. وفي بلدان آسيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، زادت مبيعات سلاسل المتاجر الكبرى الرائدة بما يصل إلى عشرة أضعاف بين مطلع القرن الماضي وعام 2018. وفي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، يميل أيضًا سكّان المناطق الحضرية إلى التبضّع في المتاجر الكبرى وينفقون حصة أكبر من مدخولهم على تناول الطعام خارج منازلهم.

وفي الوقت نفسه، أدّى التقدم المحرز على صعيد التكنولوجيا الرقمية إلى تحسين الاتصالات بين السكان، وهو ما يؤثر في العمق على الاقتصادات والمجتمعات. فيؤدي تحسين الاتصالات إلى توليد قرب ثقافي ما يؤثر بدوره على الأفضليات الغذائية لدى المستهلكين. وكذلك يمكن للمزارعين والشركات تنسيق عملياتهم على نحو أفضل عبر الحدود بفضل سهولة التواصل بين الطرفين وبإمكانهم أن يصبحوا جزءًا من سلاسل القيمة العالمية. وتشير التقديرات في هذا التقرير إلى أن أكثر من ثلث التجارة في الأغذية والزراعة يجري في إطار سلاسل القيمة العالمية ويعبر الحدود مرتين على الأقل، بما أنه يجري أولًا تصدير السلع الأولية ليتم تجهيزها إلى منتجات غذائية يُعاد تصديرها في ما بعد.

وقد توقف تطور سلاسل القيمة العالمية للتجارة الدولية في الأغذية والزراعة بسبب الأزمة المالية في عام 2008. ومنذ ذلك الحين، أثّر تباطؤ الاقتصاد العالمي، خاصة في الاقتصادات الناشئة، على التجارة وسلاسل القيمة العالمية. ومنذ الأشهر الأولى من عام 2020، تواجه الأسواق المحلية والعالمية على السواء تحديات كبيرة مرة أخرى بسبب تفشي فيروس كوفيد-19 والقيود التي فرضت على تنقّل السكان والسفر الدولي لاحتواء انتشار الجائحة. ومن المتوقع أن تضرّ الجائحة وآثارها بالتجارة بشكل ملحوظ. وأشارت منظمة التجارة العالمية إلى أن تجارة السلع العالمية ستنخفض بنسبة تتراوح بين 13 و32 في المائة بسبب جائحة كوفيد 19- التي أدّت إلى تعطيل الأنشطة الاقتصادية.

وتسند الحكومات والقطاع الخاص أولوية عالية للحفاظ على سلاسل القيمة الغذائية وحسن عملها في ظل القيود المفروضة على التنقّل. وتُبذل الجهود لإقامة الصلات بين مناطق إنتاج الأغذية والمراكز الحضرية من خلال قنوات خاصة (باتباع تدابير السلامة، مثل إجراء الفحوص، والتباعد الجسدي وغير ذلك من ممارسات النظافة) لتسريع وتيرة تسليم الأغذية المغذّية والقابلة للتلف إلى السكان المتضررين. وعلى المستوى العالمي، التزم واضعو السياسات في العديد من البلدان الرئيسية المصدّرة للأغذية بعدم فرض تدابير تجارية تقييدية، مثل حظر التصدير، لضمان استمرار التجارة في نقل المنتجات الغذائية والزراعية من مناطق الفائض الغذائي إلى مناطق العجز الغذائي، ما يعزّز بالتالي الأمن الغذائي على المستوى العالمي.

مساهمة سلاسل القيمة العالمية الزراعية والغذائية في النموّ الاقتصادي

أصبحت سلاسل القيمة العالمية جزءًا هامًا من تجارة الأغذية والمنتجات الزراعية. وتُجزّئ سلاسل القيمة العالمية عملية الإنتاج إلى مراحل في بلدان مختلفة لتحقيق المكاسب على مستوى الكفاءة. ويتيح ذلك للمزارعين والشركات في البلدان النامية فرصة تخطّي العقبات الناجمة عن الافتقار إلى قطاعات غذائية محلية متطورة بما فيه الكفاية وموجّهة نحو التصدير. وأصبح لدى السكّان المزيد من الخيارات للمشاركة في الأسواق العالمية، وبات بإمكانهم الاستفادة على نحو أفضل من ميزتها النسبية في أي مرحلة من مراحل سلسلة القيمة التي يختارونها.

وبالنسبة إلى البلدان النامية، يمكن لسلاسل القيمة العالمية أن تكون وسيلة هامة للنموّ. إذ يمكن لهذه السلاسل التي يجري تنسيقها عن كثب، أن تزيد من آثار التجارة الدولية على النموّ - فقد تزيد الآثار غير المباشرة للتكنولوجيا والمعارف من الإنتاجية وتحسّن فرص العمل وتزيد المداخيل. وتشير البحوث التي أجريت في إطار تقرير حالة أسواق السلع الزراعية لعام 2020، إلى أنّه في المتوسّط وعلى المدى القصير، قد تؤدي زيادة مشاركة قطاع الزراعة في سلاسل القيمة العالمية بنسبة 10 في المائة إلى ارتفاع إنتاجية اليد العاملة بحوالي 1.2 في المائة. ويتجلّى هذا الأثر الفوري أيضًا من خلال الآثار الإيجابية الطويلة الأمد والمستدامة على الإنتاجية والتي من شأنها أن تعود بمنافع هامة على البلدان النامية.

ويمكن أن تسفر زيادة المشاركة في سلاسل القيمة العالمية عن نتائج بيئية إيجابية وسلبية. فمن جهة، تعزز سلاسل القيمة العالمية النموّ؛ ومن جهة أخرى، قد لا تؤدي بالضرورة إلى إدارة الموارد الطبيعية على نحو أفضل. فعلى سبيل المثال، ثمة مخاوف من أن تساهم زيادة إنتاج المحاصيل المخصصة للتصدير، نتيجة الانفتاح التجاري، إلى إزالة الغابات. ولكنّ سلاسل القيمة العالمية المتّسقة مع أهداف التنمية المستدامة، ومنها مثلًا تلك التي تلتزم بالقواعد والمعايير، قد تنشر تكنولوجيات وممارسات مستدامة. ويمكنها في الوقت نفسه، تعزيز الإنتاجية ونموّ الدخل عبر مختلف البلدان. وثمة حاجة إلى بذل جهود فعالة لمراعاة اعتبارات الاستدامة في التجارة.

وتتسم السياسات التجارية بأهمية حاسمة. فبما أنّ سلاسل القيمة العالمية تعبر بلدانًا مختلفة، تجتاز المنتجات الحدود عدة مرات وتخضع للتعريفات في كلّ منها. وبالتالي، يمكن أن يساعد خفض الحواجز التجارية وتقليص عددها في تعزيز سلاسل القيمة العالمية. وهذا أمر هام بالنسبة إلى البلدان النامية. ويمكن لخفض التعريفات على الواردات في سلسلة القيمة العالمية، أن يزيد من المدخلات والمنتجات الوسيطة المستوردة. ويحفز ذلك بدوره الإنتاج والصادرات، فيحقّق مكاسب كبيرة في الإنتاجية والعمالة والدخل.

ويمكن أن يؤدي فتح الأسواق العالمية وتشجيع سلاسل القيمة العالمية إلى إحداث آثار غير مباشرة هامة عن طريق نقل التكنولوجيا والمعارف. ولكن، كي تكون هذه الآثار مكاسب دائمة، لا بدّ من وضع سياسات تكميلية لتعزيز القدرة التنافسية، مثل التدابير التي تحسن الحوكمة والبنى الأساسية، وترفع مستوى المهارات وتزيل القيود في أسواق العمل. غير أن هناك شواغل بشأن الآثار القصيرة الأجل الناجمة عن انفتاح التجارة، لا سيما تلك المترتبة على توزيع الدخل وانعدام المساواة.

ويمكن لاتفاقات التجارة الإقليمية أن تكون مفيدة في تعزيز التجارة في سلاسل القيمة العالمية. فمن شأن خفض التعريفات بين الأطراف الموقّعة على هذه الاتفاقات أن يعزز التنسيق العمودي وسلاسل القيمة. ويمكن لتغطية هذه الاتفاقات للعديد من القطاعات الاقتصادية أن يعزز أثرها على سلاسل القيمة العالمية للأغذية الزراعية، بما أن حصة كبيرة من قيمة صادرات المواد الزراعية الغذائية تتأتى من قطاعات أخرى إلى جانب الأغذية أو الزراعة. فعلى الصعيد العالمي مثلًا، يتأتّى نحو 38 في المائة من القيمة المضافة في الصادرات الغذائية من الخدمات المستوردة.

ويمكن لاتفاقات التجارة الإقليمية أيضًا أن تتضمن بنودًا بشأن سياسة المنافسة أو توحيد المعايير، ما يؤدي إلى إصلاح السياسات وارتفاع مستويات التكامل بين الأطراف الموقّعة على هذه الاتفاقات. ومع أن الكثيرين يعتبرون أن هذه الاتفاقات هي بمثابة ركائز لنظام تجاري عالمي، لا بدّ من استكمال زيادة التركيز على التجارة الإقليمية من خلال تشجيع التجارة المتعددة الأطراف للمساهمة في النموّ الاقتصادي للبلدان، مثل تلك الواقعة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وهي بلدان تقوم بمعظمها بمبادلات تجارية مع الشركاء العالميين بدلًا من الشركاء الإقليميين.

أثر كوفيد 19- على تجارة المنتجات الغذائية والزراعية وسلاسل القيمة العالمية

أدّت الأزمة المالية في عام 2008 والتباطؤ الاقتصادي الناجم عنها إلى تعثّر تطور سلاسل القيمة العالمية للأغذية والمنتجات الزراعية، ومن المتوقع أن تؤدي جائحة كوفيد 19- إلى مزيد من الاختلالات في إمكانات هذه السلاسل في التجارة العالمية والنموّ. وتشجع سلاسل القيمة العالمية الروابط التجارية التي تعمل بمثابة قنوات لنقل التكنولوجيا والمعارف خلال فترات النموّ الاقتصادي؛ وبالمثل، بإمكانها نقل الصدمات الاقتصادية وآثارها. وفي الوقت الذي تحاول فيه الشركات معالجة المقايضات بين الكفاءة والقدرة على الصمود مع التباطؤ الاقتصادي، قد تسعى إلى توطين الإنتاج الغذائي من خلال إعادة أنشطة الإنتاج إلى بلد المنشأ حيثما تسمح الأغذية بذلك.

ومن شأن هذه الاستراتيجيات أن تقوّض بشكل كبير المكاسب الناتجة عن زيادة الكفاءة والمرتبطة بالميزة النسبية، وقد تزيد أسعار المواد الغذائية المحلية، وهو أمر غير مرغوب فيه في ظل انخفاض المداخيل. ويعدّ الاعتماد على الأغذية والمنتجات الزراعية من مصادر محلية ومتعددة من مختلف أنحاء العالم، شكلًا من أشكال القدرة على الصمود أمام انعدام الأمن الغذائي والانكماش الاقتصادي. وتقتضي الصدمات العالمية مثل الأزمة المالية في عام 2008 وجائحة كوفيد 19- تعاونًا وتنسيقًا دوليين بدلًا من اتخاذ تدابير تعزز الاكتفاء الذاتي الغذائي، لا سيما عندما لا تحدث الآثار في جميع البلدان في الوقت نفسه. وبالتالي، توفر التجارة سبيلًا فعالًا لتحسين إدارة المخاطر الناجمة عن الصدمة وزيادة القدرة على الصمود. وفي سياق

كوفيد 19-، يمكن للجهود الرامية إلى تقليص الاختلالات في سلاسل القيمة العالمية إلى الحد الأدنى وتعزيز تجارة المنتجات الغذائية والزراعية، أن تحقق منافع قصيرة وطويلة الأجل على السواء.

إدماج المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة في سلاسل القيمة لتحقيق التنمية المستدامة

إنّ العلاقة بين التجارة والنموّ هي علاقة معقدة، وما زال تأثير العولمة على توزيع الدخل في البلدان وفي ما بينها قيد المناقشة منذ وقت طويل. ومع توسّع التجارة، تحقق جميع البلدان المكاسب، ويشهد العديد منها معدلات نمو سريعة. ولكن، في الوقت نفسه، قد تتّسع الفجوة بين البلدان النامية المنخفضة الدخل والاقتصادات المتقدمة والناشئة. ويشير بعض المحلّلين إلى أن قوى العولمة لا تعود بالنفع على تلك التي لا تستطيع المنافسة على الصعيد العالمي.

ففي مجال الزراعة مثلًا، تتمثل إحدى المسائل الرئيسية في كيفية إدماج المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة في الأسواق العالمية والمحلية على السواء وإشراكهم في عملية التنمية. وفي البلدان النامية، يبيع تقريبًا جميع المزارعين منتجاتهم إلى الأسواق ويشترون منها. ولكنّ أداء الأسواق ضعيف وتكاليف المعاملات مرتفعة. وما زالت معدّلات تسويق المنتجات لدى العديد من المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة منخفضة. فبالنسبة إلى العديد منهم، لا تؤدي الأسواق، مثل أسواق التأمين والتسليف، وظيفتها، وهي غائبة كليًا. ولهذا الأمر تداعيات هامة على الأمن الغذائي وسبل العيش والتنمية.

وقد تؤدي نشأة سلاسل القيمة العالمية ومتطلباتها الصارمة في ما يتعلق بجودة الأغذية وسلامتها إلى تهميش أصحاب الحيازات الصغيرة بدرجة أكبر، علمًا أنهم يتمتعون بالقليل من المهارات وبقدرة محدودة على الحصول على التكنولوجيا والمدخلات. وبالتالي، فإنّ السياسات العامة ضرورية لتهيئة بيئة تمكّن الأسواق من الازدهار، مثلًا من خلال تحسين الهياكل الأساسية والخدمات في الأرياف والتعليم والتكنولوجيا الإنتاجية. وبالإضافة إلى هذه السياسات، يمكن للنماذج التجارية الشاملة، مثل الزراعة التعاقدية التي يقودها القطاع الخاص وتدعمها الحكومات والمجتمع المدني، أن تساعد المزارعين على الاندماج في سلاسل القيمة الحديثة والأكثر تعقيدًا.

وتشمل الحلول المبتكرة أيضًا برامج متعددة الأوجه تعالج في الوقت نفسه القيود المتعددة التي يواجهها المزارعون في مجال التسويق والتكنولوجيا والتمويل. فعلى سبيل المثال، يمكن لبرامج الزراعة التعاقدية أن تتحاشى أوجه القصور في الأسواق المتعلقة بمخاطر الأسعار، والحصول على مدخلات الإنتاج، والقروض الائتمانية، والتكنولوجيا والمعارف. ويمكن لهذه البرامج أن تحسّن الإنتاجية، وترفع معدلات تسويق المنتجات وتزيد المداخيل وتحدّ من الفقر. ورغم قدرة الزراعة التعاقدية على تحسين فرص الوصول إلى سلاسل القيمة وتوليد المنافع للعديد من أصحاب الحيازات الصغيرة، فإن تأثيراتها قد تكون متنوّعة للغاية.

فقد تستبعد برامج الزراعة التعاقدية المزارعين الذين يملكون أراض صغيرة جدًا، ما يحول دون النجاح في معالجة مسائل انعدام المساواة على نحو تام. وقد تكون هذه البرامج أيضًا عرضة للتغييرات، وقد تلغى في الكثير من الأحيان. فمعدل الانسحاب من هذه البرامج مرتفع، إذ يوقّع المزارعون على العقود وينسحبون منها، ربما لأنهم يجدون صعوبات في استيفاء متطلبات الجودة أو لأن المشاركة لا تكون مربحة مقارنةً مع الأنشطة البديلة. إنّ مشاركة هؤلاء المزارعين على نحو مستدام ضرورية إذا ما أرادت الأسواق وسلاسل القيمة المساهمة في تحقيق التنمية. وستكون التأثيرات الإيجابية للزراعة التعاقدية أكبر بالنسبة إلى المزارعين إذا كانت مشاركتهم متواصلة، إذ تستغرق الاستثمارات في الأصول الإنتاجية والتكنولوجيات والمعارف وقتًا لتوليد المنافع.

ويمكن لزيادة تسويق المنتجات والتجارة أن تحسّن المداخيل وسبل العيش ولكنّها قد تؤدي، في الوقت نفسه، إلى نواتج بيئية غير مرغوب فيها. فقد يؤدي تكثيف الإنتاج الزراعي المخصّص للتصدير، الذي يحفّزه الانفتاح التجاري والعولمة، إلى تلوث المياه وزيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وفقدان التنوع البيولوجي. وتنجم عن ذلك تكاليف يتكبّدها المجتمع ككلّ من ناحية تردّي جودة المياه والاحترار العالمي وتراجع تلقيح المحاصيل.

ولدى الحكومات مجموعة من الأدوات السياساتية لمعالجة هذه التكاليف. فعلى سبيل المثال، يمكن للضرائب أن تحثّ الأسواق على أخذ مختلف التكاليف البيئية التي يتحملّها المجتمع في الاعتبار. وإلى جانب السياسات العامة، يمكن لبعض الترتيبات الاستفادة من الأسواق لمواءمة التطلعات الخاصة مع تطلعات القطاع العام؛ وبذلك يمكن لهذه الترتيبات أن تساهم في تحقيق التنمية المستدامة، لا سيما في سياق سلاسل القيمة العالمية. ويمكن لسلاسل القيمة المقترنة ببرامج إصدار شهادات الاستدامة إرساء أسواق للأغذية المنتجة على نحو مستدام.

وتكتسي معايير الاستدامة مزيدًا من الأهمية في الأسواق العالمية، لا سيما بالنسبة إلى المنتجات العالية القيمة التي لها صلات راسخة في سلاسل القيمة العالمية. وقد أدّى تزايد طلب المستهلكين على المنتجات التي تحصل على شهادات الاستدامة إلى ارتفاع حصة الأراضي الزراعية الخاضعة لنظم إصدار هذه الشهادات. ويجري إصدار شهادات الاستدامة لحوالي ربع مساحة الأراضي المزروعة بالبن والكاكاو عالميًا استنادًا إلى معايير الاستدامة التي وضعتها منظمات غير حكومية والقطاع الخاص. وتقدّم السوق المعلومات المتعلّقة بالأسعار. ومن شأن تسخير آلية السوق لتقديم معلومات عن كيفية إنتاج الأغذية والفوائد المترتّبة على البيئة والمجتمع، أن يعالج المقايضات القائمة بين الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

الأثر التحويلي للتكنولوجيات الرقميةعلى الأسواق

تُحدث التكنولوجيات الرقمية تحوّلًا سريعًا في جميع مراحل سلسلة القيمة من المزرعة إلى المائدة. ويمكّن اعتمادها من تحسين الكفاءة واستحداث فرص عمل جديدة وتوفير مسارات جديدة للدخل والاقتصاد في الموارد. ولكنّ التكنولوجيات الرقمية قد تُحدث اختلالات في أنشطة سلاسل القيمة ومنتجاتها أو قد تؤدي إلى تغييرها أو الاستعاضة عنها.

وعلى صعيد المزرعة، تساعد تطبيقات التكنولوجيا الرقمية على معالجة أوجه القصور في السوق وتيسير إدماج المزارعين في سلاسل القيمة عن طريق تخفيض تكاليف المعلومات والمعاملات. كما دعمت التحسينات في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تطوير سلاسل القيمة العالمية، إذ أقامت روابط فعلية بين المزارعين والتجار والمستهلكين في مختلف المناطق والبلدان. وفي عام 2020، كشفت جائحة كوفيد 19- عن إمكانات التكنولوجيات الرقمية في تحسين أداء أسواق الأغذية. وتشير التقديرات إلى أن حصة السوق على شبكة الإنترنت قد ارتفعت من نسبة 11 إلى 38 في المائة من إجمالي المشتريات الغذائية بالتجزئة في جمهورية الصين الشعبية في فبراير/ شباط 2020.

ورغم الانتشار السريع للتكنولوجيات الرقمية خلال العقود الثلاثة الماضية، ثمة فجوة رقمية بين البلدان، وبين المناطق الحضرية والريفية، وبين الرجال والنساء. ففي المتوسط، لا تنتفع سوى 10 في المائة من الأسر المعيشية بشبكة الإنترنت في المناطق الريفية في أفريقيا. ومن أجل إشراك الجميع في الاقتصاد الرقمي، ثمة حاجة إلى إقامة شراكات فعّالة بين القطاعين العام والخاص، ووضع لوائح تنظيمية جيّدة لتعبئة القطاع الخاص، واتساق السياسات من أجل تحسين الهياكل الأساسية والمهارات الرقمية في المناطق الريفية في البلدان النامية.

ومن الرسائل النصية عبر الهواتف المحمولة إلى منصّات التجارة الإلكترونية وتكنولوجيات السجلات الموزّعة، تخفّض التطبيقات الرقمية تكاليف المعاملات وتحسّن تدفق المعلومات وتعزّز التوفيق بين المزارعين والتجار والمستهلكين على نحو يتّسم بالكفاءة. ويؤدي ذلك إلى زيادة فرص النفاذ إلى الأسواق وتحسين النواتج من ناحية الدخل والرفاه. وتبيّن مبادرات المنصات الرقمية التي جرى استعراضها في هذا التقرير، مثل مبادرة e-Choupal في الهند، وEsoko في أفريقيا ومبادرة قرى تاوباو في جمهورية الصين الشعبية، كيف يمكن للتكنولوجيات الرقمية تحسين عمل الأسواق.

وقد تطوّرت أيضًا أساليب الحصول على القروض والتأمين كثيرًا. فقد بات بإمكان الابتكارات الرقمية في مجال رصد الأرض، والتقديرات بشأن هطول الأمطار بواسطة الأقمار الاصطناعية والاستشعار عن بُعد، إلى جانب البيانات المجمّعة في الموقع وتكنولوجيا الكتلة المتسلسلة، دعم برامج التأمين المبنية على المؤشرات المتصلة بالطقس بتكاليف أقل، ما من شأنه تيسير الوصول إلى ملايين المزارعين من بين أصحاب الحيازات الصغيرة بعد أن اعتُبر عدد كبير منهم غير قادر على الحصول على أي تأمين.

ويمكن للآثار التحويلية للابتكارات الرقمية أن تدعم مجموعة من النواتج في الأسواق. إذ يمكن لتطبيقات التكنولوجيا الرقمية في الأسواق الزراعية والغذائية أن تولّد منافع اقتصادية واجتماعية وبيئية كبيرة وأن تسّرع التقدّم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة. فعلى سبيل المثال، تشجّع التكنولوجيات الرقمية الشمول المالي لأنها تسمح للمؤسسات المالية بالنفاذ إلى الأسواق الريفية دون تواجدها المادي المكلف هناك. وتحثّ منصّات التجارة الإلكترونية الشباب والنساء المتعلّمين على البقاء في المناطق الريفية أو العودة إليها. ما من شأنه أن يحوّل المناطق الريفية إلى أماكن أكثر استقطابًا للعيش والعمل. ويمكن لتكنولوجيا الكتلة المتسلسلة أن تبني الثقة وتزيد الشفافية وتعزز بالتالي إمكانية تتبّع الأغذية في جميع مراحل سلسلة القيمة. ويمكن لذلك أن يدعم تنفيذ معايير الاستدامة ووضع بطاقات التوسيم التي توفّر للمستهلكين معلومات بشأن أبعاد الإنتاج البيئية والاجتماعية.

وفي الوقت نفسه، تنطوي التكنولوجيات الرقمية أيضًا على مخاطر وتحديات. فعلى سبيل المثال، طرحت المسائل المتعلقة بملكية البيانات التي يتم جمعها عن طريق التكنولوجيات الرقمية، واستخدامها مخاوف هائلة. ومن شأن معالجة هذه المسائل أن يشجّع اعتماد التكنولوجيا الرقمية على نحو أكبر. وتؤثر التكنولوجيا أيضًا على عوامل الإنتاج وقيمتها، مثل الطلب على اليد العاملة والأجور. وقد تؤدي التكنولوجيات الرقمية كذلك إلى الانحراف عن النواتج التنافسية في الأسواق، ما قد يؤثر في الأسعار أو الكميات وبالتالي في الرفاه.

وينبغي إجراء مزيد من عمليات التحليل لقدرة التكنولوجيا على التأثير في الأسواق الزراعية والغذائية. وتشير المسائل المذكورة أعلاه إلى ضرورة تعزيز التعاون بين جميع أصحاب المصلحة. وسوف تقتضي أيضًا وجود توافق في الآراء بشأن أفضل الممارسات التي يمكن أن تشكل إطارًا تنظيميًا يحقق الحد الأقصى من منافع التكنولوجيا الرقمية للأغذية والزراعة ويقلل إلى الحد الأدنى من المخاطر المرتبطة بها.

الجزء 1 - الاتجاهات في الأسواق الزراعية والغذائية

الرسائل الرئيسية
  1. منذ عام 1995، تضاعفت التجارة الدولية في الأغذية والزراعة من حيث القيمة الحقيقية، ولكن معدل نموها تباطأ منذ الأزمة المالية لعام 2008. وتشارك البلدان النامية والاقتصادات الناشئة على نحو متزايد في الأسواق العالمية، وتشكّل صادراتها أكثر من ثلث التجارة العالمية في المواد الزراعية الغذائية.

  2. يحرك النمو الاقتصادي والتوسع الحضري والتقدم التكنولوجي والسياسات التجارية أنماط التجارة. كما تُحدث هذه الاتجاهات تغيّرات جوهرية في أنماط الحياة، وتؤثر على الأنماط الغذائية، وتحوّل الأسواق المحلية والعالمية وسلاسل القيمة.

  3. إن التغيّرات في الأسواق الزراعية والغذائية في الاقتصادات الناشئة والبلدان النامية سريعة وواضحة. وهذا يؤكد على عملية تربط بشكل وثيق بين التنمية واستمرار تحوّل الأغذية والزراعة.

  4. كان لجائحة كوفيد 19- والقيود المفروضة على الحركة وعمليات الإغلاق الجزئي للحدود التي فُرضت في بداية عام 2020 لاحتواء انتشار الجائحة، تأثير على الاقتصاد العالمي من خلال الروابط التجارية والاستثمارية التي نشأت على مدى العقدين الماضيين.

الإجراءات الرئيسية
  • إن زيادة الوعي بالتطورات في الأسواق الزراعية والغذائية العالمية، والفهم المنهجي للسياسات التجارية، أمور حاسمة في التصدي للتحديات المتصلة بعملية التحوّل، والصدمات المالية، والكوارث الطبيعية والأزمات المتعلقة بالصحة، مثل جائحة كوفيد 19-.

  • يؤثر تحوّل الأغذية والزراعة على الجميع وبطرق مختلفة. ويؤثر ذلك على المزارع وسلاسل القيمة، والدخل والوظائف، والأنماط الغذائية والحالة التغذوية، والبيئة والمجتمع ككل. وينبغي أن يحدّد واضعو السياسات كيفية ربط هذه الآثار بالقدرة على تصميم وتنفيذ تدابير فعالة وتعزيز التنمية المستدامة.

  • إن التأثيرات المدمّرة على سلاسل القيمة الغذائية الناجمة عن جائحة كوفيد 19- تتطلب تعزيز التعاون الدولي وشفافية الأسواق، فضلًا عن التدابير التي تيسّر حركة الأغذية من دون المساس بسلامة الأغذية وصحة العمال، بما في ذلك إنشاء الممرات التجارية وإعادة تقييم الحواجز التجارية الفنية بشكل مؤقت.

الجزء 2 - سلاسل القيمة العالمية في الأغذية والزراعة

الرسائل الرئيسية
  1. ظهرت سلاسل القيمة العالمية بسرعة وهي واسعة الانتشار في قطاعي الأغذية والزراعة. ويتمّ تداول حوالي ثلث الصادرات الزراعية والغذائية العالمية ضمن سلاسل القيمة العالمية.

  2. يمكن أن تكون سلاسل القيمة العالمية الزراعية الغذائية معقدة لا سيما وأنها تقوم في عدة بلدان. إنما نظرًا إلى أن الإنتاج مقسّم إلى مراحل مختلفة، يمكن أن يشارك المزارعون والشركات بسهولة أكبر في المرحلة (المراحل) التي تسمح لهم بتعزيز ميزاتهم النسبية على نحو أفضل.

  3. يمكن أن تحفّز المشاركة في سلاسل القيمة العالمية إنتاجية المزارعين عن طريق نشر التكنولوجيات المحسّنة والمعرفة. إنما قد يُستبعد بعض المزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة الذين يفتقرون إلى المهارات والأصول المطلوبة من هذه الأسواق الحديثة.

  4. كذلك، يمكن أن تؤثر القيود على الصادرات استجابةً لجائحة كوفيد 19-على أسواق الأغذية العالمية، وأن تضرّ بالبلدان النامية المنخفضة الدخل والمستوردة للأغذية. فإن التحوّل من سلاسل القيمة العالمية إلى عمليات إنتاج محلية، الذي قد تسبّبه الجائحة، يمكن أن يعيق أيضًا الإنتاجية والقدرة على الصمود.

الإجراءات الرئيسية
  • من شأن خفض الحواجز أمام التجارة أن يعزّز سلاسل القيمة العالمية ويساهم في تحقيق النمو في قطاعي الزراعة والأغذية. ففي كلّ مرة تعبر فيها المنتجات الحدود، تخضع لتعريفات مفروضة على الواردات تتفاقم على امتداد سلاسل القيمة العالمية وتعيق توليد القيمة المضافة.

  • يجب أن تُستكمل السياسات التجارية التي تعزّز الأسواق المفتوحة بتدابير تحسّن القدرة على التنافس في سلاسل القيمة العالمية الحديثة. وتشمل هذه التدابير الاستثمارات في البنية التحتية، ووضع الأنظمة الفعالة، والأهم من كل ذلك اتخاذ تدابير لغرض تحسين مهارات المزارعين والعمال.

  • حين تترافق سلاسل القيمة العالمية مع خطط إصدار شهادات الاستدامة، يمكنها أن تساعد في مواءمة الجهود العالمية للتصدي لتحديات الاستدامة. كذلك، فإن التنسيق بين معايير الاستدامة وإصدار الشهادات في البلدان يمكنه أن يسهّل تطبيقها على سلاسل القيمة العالمية الزراعية والغذائية.

  • بإمكان الاتفاقات التجارية الإقليمية أن تحفّز المشاركة في سلسلة القيمة العالمية والإصلاحات المؤسسية والسياساتية. لكن في ظلّ استمرار اعتماد الكثير من البلدان الضعيفة على الأسواق العالمية، ينبغي للجهود الدولية أيضًا أن تسعى إلى تشجيع التجارة المتعددة الأطراف.

  • تتّسم زيادة الوعي إزاء مساهمة التجارة وسلاسل القيمة العالمية في النمو والأمن الغذائي بالأهمية في التصدّي للتحديات التي تطرحها جائحة كوفيد 19-. أمّا السياسات التي تروّج للتجارة الدولية، فهي تزيد المكاسب على مستوى الكفاءة وتعزّز القدرة على الصمود في وجه الصدمات.

الجزء 3 - المزارعون وسلاسل القيمة:نماذج أعمال للنمو المستدام

الرسائل الرئيسية
  1. تُساهم الأسواق الجيدة الأداء بدور رئيسي في النمو الزراعي وتكمن في صميم عملية التنمية. فهي توفِّر آلية يمكن للمزارعين من خلالها الاندماج في الاقتصاد، وتتيح لهم فرصًا لرفع مستوى دخلهم وتحسين سُبل عيشهم.

  2. يواجه المزارعون في كثير من البلدان النامية قيودًا كبيرة تحدّ من إمكانية وصولهم إلى الأسواق. وهذه القيود تكون أكبر أمام النساء. ويمكن للمتطلبات الصارمة في سلاسل القيمة الغذائية الحديثة أن تؤدي إلى زيادة عزلة المزارعين عن آلية السوق.

  3. تتسع خيارات المزارعين بازدياد مشاركتهم في الأسواق. وتتيح لهم الأسواق الزراعية اتخاذ قرارات أفضل بشأن ما ينتجونه وكيفية إنتاجه وكيفية الاستثمار في مزارعهم وفي أسرهم وفي أنفسهم. ويمكن أن يفضي ذلك إلى تحسين سُبل العيش في قطاع الزراعة أو في سائر القطاعات الاقتصادية.

الإجراءات الرئيسية
  • تساهم السياسات الحكومية بدور حاسم في دعم المشاركة في الأسواق. وينبغي لها استهداف المناطق الريفية من خلال تدابير لتحسين الخدمات الصحية والتعليمية، والنهوض بالبنية التحتية وتعزيز أسواق العمل، ودعم تهيئة بيئة تمكينية مؤاتية لأنشطة الأعمال.

  • يمكن لنماذج الأعمال الشاملة، مثل الزراعة التعاقدية، أن تعالج القيود التي يواجهها المزارعون في دخول الأسواق وسلاسل القيمة. ويمكن تسهيل هذا النهج في البلدان النامية من خلال مجموعات فعالة من المزارعين، وهو يتطلب إجراءات متعددة الأوجه ومنسقة من الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني.

  • يمكن تسخير الأسواق الزراعية وأسواق الأغذية لتحقيق نتائج إنمائية مستدامة. ومن شأن تعزيز خطة إصدار شهادات الاستدامة الطوعية وتطبيقها على نطاق واسع أن يعالج المقايضات بين الأهداف الاقتصادية والبيئية والاجتماعية.

الجزء 4 - التكنولوجيات الرقمية والأسواق الزراعية والغذائية

الرسائل الرئيسية
  1. تؤثر التكنولوجيات الرقمية تأثيرًا عميقًا على الاقتصادات والمجتمعات وتحدث تحولًا في الأسواق الزراعية والغذائية. وتحسَّن الاتصال بدرجة كبيرة، ولكن لا تزال هناك فجوة رقمية بين البلدان والفئات السكانية. وتعاني النساء في المناطق الريفية من البلدان النامية بصفة خاصة من أوضاع غير مؤاتية إلى حد بعيد.

  2. يمكن الاستفادة من التكنولوجيات الرقمية في معالجة إخفاقات السوق وتيسير دمج المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة في الأسواق وسلاسل القيمة. ويمكن لهذه التكنولوجيات أيضًا أن تعزز التجارة الدولية وتحسّن الترتيبات المؤسسية القائمة على السوق بفعالية من أجل المساهمة في تحقيق نتائج مستدامة.

  3. يمكن للتطبيقات الرقمية أن تحقق مكاسب كبيرة من حيث زيادة الكفاءة وإمكانية التتبع والشفافية في الأسواق وسلاسل القيمة. غير أن آثارها التحويلية في المدى البعيد، وكذلك المخاطر المتصلة بها، لا تزال غير مفهومة بصورة كاملة.

الإجراءات الرئيسية
  • يتعيّن إقامة شراكات فعالة بين القطاعين العام والخاص، ووضع لوائح تنظيمية جيدة لاجتذاب القطاع الخاص وتحقيق الاتساق بين السياسات من أجل تحسين البنية التحتية والمهارات الرقمية في المناطق الريفية، وتيسير استيعاب التكنولوجيات الرقمية، لا سيما في الأسواق الزراعية والغذائية في البلدان النامية.

  • من الحاسم مواصلة بحث وتحليل الآثار المحتملة للتكنولوجيات الرقمية على الأسواق الزراعية والغذائية وهيكلها وأدائها من أجل العمل بصورة أفضل على تدارك ما تُحدثه من اختلالات، وتعزيز النتائج المستدامة.

  • يتطلب فهم التحديات الناشئة عن التكنولوجيات الرقمية ومعالجة المخاطر المصاحبة لاستخدامها توطيد التعاون وتوافق الآراء بين جميع أصحاب المصلحة، بما يشمل الحكومات والقطاع الخاص والمزارعين أنفسهم، من أجل تحسين آليات الحوكمة.

يركّز الجزء الأول على كيفية تطور التجارة والأسواق منذ بداية الألفية الجديدة. ويبحث كيف أدى النمو الاقتصادي والتوسع الحضري، فضلًا عن التحسينات التكنولوجية وسياساتها، إلى إحداث تغييرات في تجارة المنتجات الزراعية والغذائية، وأنماطها وتكوينها. ويشهد العديد من البلدان، على طول مسارها الإنمائي، تحولات تدريجية في النظم الغذائية وتغيّرات في ما يخص أفضليات المستهلك الغذائية. وتنعكس هذه العوامل على التجارة والأسواق التي تخضع لتحوّل مستمر وتتأثر أيضًا بالأزمات، مثل الأزمة المالية لعام 2008 وجائحة كوفيد 19-.

الرسائل الرئيسية

1 منذ عام 1995، تضاعفت التجارة الدولية في الأغذية والزراعة من حيث القيمة الحقيقية، ولكن معدل نموها تباطأ منذ الأزمة المالية لعام 2008. وتشارك البلدان النامية والاقتصادات الناشئة على نحو متزايد في الأسواق العالمية، وتشكّل صادراتها أكثر من ثلث التجارة العالمية في المواد الزراعية الغذائية.

2 يحرك النمو الاقتصادي والتوسع الحضري والتقدم التكنولوجي والسياسات التجارية أنماط التجارة. كما تُحدث هذه الاتجاهات تغيّرات جوهرية في أنماط الحياة، وتؤثر على الأنماط الغذائية، وتحوّل الأسواق المحلية والعالمية وسلاسل القيمة.

3 إن التغيّرات في الأسواق الزراعية والغذائية في الاقتصادات الناشئة والبلدان النامية سريعة وواضحة. وهذا يؤكد على عملية تربط بشكل وثيق بين التنمية واستمرار تحوّل الأغذية والزراعة.

4 كان لجائحة كوفيد 19- والقيود المفروضة على الحركة وعمليات الإغلاق الجزئي للحدود التي فُرضت في بداية عام 2020 لاحتواء انتشار الجائحة، تأثير على الاقتصاد العالمي من خلال الروابط التجارية والاستثمارية التي نشأت على مدى العقدين الماضيين.

الإجراءات الرئيسية

إن زيادة الوعي بالتطورات في الأسواق الزراعية والغذائية العالمية، والفهم المنهجي للسياسات التجارية، أمور حاسمة في التصدي للتحديات المتصلة بعملية التحوّل، والصدمات المالية، والكوارث الطبيعية والأزمات المتعلقة بالصحة، مثل جائحة كوفيد 19-.

يؤثر تحوّل الأغذية والزراعة على الجميع وبطرق مختلفة. ويؤثر ذلك على المزارع وسلاسل القيمة، والدخل والوظائف، والأنماط الغذائية والحالة التغذوية، والبيئة والمجتمع ككل. وينبغي أن يحدّد واضعو السياسات كيفية ربط هذه الآثار بالقدرة على تصميم وتنفيذ تدابير فعالة وتعزيز التنمية المستدامة.

إن التأثيرات المدمّرة على سلاسل القيمة الغذائية الناجمة عن جائحة كوفيد 19- تتطلب تعزيز التعاون الدولي وشفافية الأسواق، فضلًا عن التدابير التي تيسّر حركة الأغذية من دون المساس بسلامة الأغذية وصحة العمال، بما في ذلك إنشاء الممرات التجارية وإعادة تقييم الحواجز التجارية الفنية بشكل مؤقت.

الاتجاهات الحديثة في تجارة المواد الزراعية والغذائية

تطورت التجارة العالمية في السلع الزراعية والأغذية (الغذائية والزراعية) منذ بداية القرن الحادي والعشرين تطورًا كبيرًا.أ وقد تضاعف هذا المبلغ بالقيمة الحقيقية بين عامي 1995 و2018، حيث ارتفع من 680 مليار دولار أمريكي في عام 1995 إلى 1.5 تريليون دولار أمريكي في عام 2018 (مقاسًا بأسعار عام 2015، الشكل 1.1). وبلغ متوسط نصيب تجارة المواد الزراعية الغذائية من إجمالي تجارة السلع 7.5 في المائة خلال هذه الفترة.

الشكل 1.1
تطور تجارة المواد الزراعية والغذائية، 2018-1995 (تصنيف البلدان في مجموعات بحسب مستوى الدخل)

وبلغ الاتجاه المتنامي ذروته مع أزمة أسعار المواد الغذائية في الفترة 2007-2008، ثم انقطع فجأة بسبب الأزمة المالية في عام 2008 والركود العالمي الذي أعقب ذلك. ورغم انتعاش التجارة في عامي 2010 و2011 وارتفاع أسعار السلع الأساسية مرة أخرى، فإن التباطؤ في الاقتصاد العالمي، وخاصة في الاقتصادات الناشئة مثل جمهورية الصين الشعبية، أثر بشكل كبير على التجارة وأسعار السلع الأساسية.1 ومنذ عام 2014، كان الانخفاض في قيمة تجارة المواد الزراعية الغذائية يعود بشكل أساسي إلى انخفاض أسعار السلع الأساسية وتقلبات أسعار الصرف،2,3 مع انتعاش معدلات النمو جزئيًا بين عامي 2016 و2018.

في حين أن البلدان المرتفعة الدخل تستحوذ على معظم تجارة المواد الزراعية الغذائية من حيث القيمة، فإن الاقتصادات الناشئة والبلدان النامية تشارك بشكل متزايد في الأسواق العالمية (الشكل 1.1، القسم ألف). ومنذ بداية الألفية الجديدة، زادت البلدان المتوسطة الدخل من الشريحتين العليا والدنيا معًا حصتها في الصادرات الزراعية الغذائية العالمية من نحو 25 في المائة في عام 2001 إلى 36 في المائة في عام 2018. وخلال الفترة نفسها، ظلت حصة البلدان المنخفضة الدخل من إجمالي تجارة المواد الزراعية الغذائية على حالها تقريبًا عند حوالي 1.1 في المائة.

واعتبارًا من عام 2008، ومع تباطؤ الاقتصاد العالمي، كان نمو الصادرات والواردات الزراعية والغذائية بطيئًا مقارنة بالفترة 1995-2007، خاصة في البلدان المرتفعة الدخل التي تأثرت اقتصاداتها بالأزمة المالية بشكل أكبر نسبيًا (الشكل 1.1، القسم باء). كما تأثرت البلدان المنخفضة الدخل، والتي يصدّر العديد منها إلى أسواق البلدان المرتفعة الدخل، بتباطؤ الطلب في هذه الأسواق وتراجع أسعار السلع الأساسية. وقد تواصل النمو السريع للصادرات والواردات من البلدان المتوسطة الدخل من الشريحتين العليا والدنيا بين عامي 2009 و2011 وشهدت تعثرًا منذ ذلك الوقت.

وعلى مدى الفترة 1995-2018، أظهرت البلدان المرتفعة الدخل كمجموعة نسبة واردات زراعية وغذائية أعلى من الصادرات، في حين كانت مجموعة البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة العليا والدنيا في وضع البلدان المصدّرة الصافية. وكانت واردات مجموعة البلدان المنخفضة الدخل أعلى قليلًا من صادراتها بين عامي 1995 و2000، ثم تعزز موقعها كبلدان مستوردة صافية بشكل ملحوظ حتى عام 2011، واستقر منذ ذلك الحين.

التجارة في السلع الزراعية والأغذية

يتكون الجزء الأكبر من تجارة المواد الزراعية الغذائية من تجارة المنتجات المجهَّزة من قطاع الأغذية (الشكل 2.1). وبين عامي 1995 و2000، ظلت حصة الأغذية في إجمالي صادرات المواد الزراعية الغذائية مستقرة، وشهدت زيادة بعد ذلك، من نحو 70 في المائة في عام 2000 إلى 76 في المائة في عام 2018 (الشكل 2.1، القسم ألف). وخلال الفترة الممتدة من عام 1995 إلى عام 2018، نمت الصادرات الغذائية بسرعة أكبر بمعدل سنوي متوسط قدره 3.4 في المائة، بينما زادت صادرات السلع الزراعية بمعدل سنوي متوسط قدره 1.9 في المائة.

الشكل 2.1
التجارة في السلع الغذائية والزراعية

يتمّ على مستوى العالم تداول أغلب الأغذية من قِبَل البلدان المرتفعة الدخل، التي تمثّل حصة متساوية من الصادرات والواردات من الأغذية. وتستورد جميع فئات الدخل في البلدان، في المتوسط، المزيد من المنتجات الغذائية بالمقارنة بواردات السلع الزراعية (الشكل 2.1، القسم باء). وتصدّر البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة العليا والدنيا من الأغذية أكثر مما تستورد، وهو ما يشير إلى وجود صناعة تجهيز متطورة وموجهة نحو التصدير، في المتوسط. وتتسم صادرات البلدان المنخفضة الدخل بحصة أكبر من السلع الزراعية، حيث أنها تتخصص في إنتاج المواد الخام، لأن صناعة المواد الغذائية لديها أقل تقدمًا نسبيًا.

وهناك اختلافات واضحة في توجهات التصدير في البلدان. ففي حين تميل بلدان أوروبا وآسيا الوسطى وشرق آسيا والمحيط الهادئ إلى التجارة مع بلدان أخرى في المنطقة نفسها، فإن بلدان جنوب آسيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وأمريكا الشمالية، والشرق الأوسط وشمال أفريقيا أكثر توجهًا نحو المستوى العالمي في تجارتها (أنظر الإطار 1.1).

التجارة بحسب مجاميع الأغذية

زادت تجارة جميع أنواع الأغذية بين عامي 1995 و2018ب وفي حين كان التغيّر في الصادرات والواردات من جميع الأغذية ضئيلًا نسبيًا في البلدان المرتفعة الدخل، فإن البلدان المتوسطة والمنخفضة الدخل زادت من حجم صادراتها ووارداتها بالنسبة إلى جميع المجاميع الغذائية زيادة كبيرة (الشكل 4.1، القسم ألف).

الشكل 4.1
تغيّر الصادرات والواردات بحسب مجاميع الأغذية، 2018-1995 (تصنيف البلدان في مجموعات بحسب مستوى الدخل)

وابتداءً من المستويات المنخفضة، زادت الصادرات في البلدان المتوسطة والمنخفضة الدخل، لا سيما في مجاميع الفاكهة والخضار (بمقدار أربعة أضعاف في البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا وبمقدار ثلاثة أضعاف في البلدان المنخفضة الدخل)؛ والأغذية المجهَّزة (بمقدار ثلاثة أضعاف في البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا وبمقدار ستة أضعاف في البلدان المنخفضة الدخل)؛ والألبان والبيض (حيث نمت الصادرات بمعدل خمسة أضعاف تقريبًا في البلدان المنخفضة الدخل والمتوسطة الدخل)؛ والدهون والزيوت (حوالي خمسة أضعاف في البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا وبمقدار ثلاثة أضعاف في البلدان المنخفضة الدخل). وزادت البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة العليا صادراتها من الألبان والبيض والحبوب زيادة كبيرة (بما يزيد على خمس مرات وأربع مرات بين عامي 1995 و2018 على التوالي).

وبموجب قانون «بينيت» - الذي يشير إلى أنه كلما ارتفعت المداخيل، كلما بدأ الناس يتناولون كميات أقل نسبيًا من الأغذية الأساسية النشوية والمزيد من اللحوم والزيوت والسكر والفاكهة والخضار6 الغنية بالمغذيات - فإن البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل زادت بشكل كبير من وارداتها من المنتجات الأعلى قيمة مثل اللحوم والأسماك والفاكهة والخضار والأغذية المجهَّزة (الشكل 4.1، القسم باء).

إن مسألة تحديد الأغذية التي تتاجر بها البلدان مرهون بعوامل متعددة، بما في ذلك ميزتها النسبية على مستوى الإنتاج وأفضليات المستهلكين. وفي الزراعة، كثيرًا ما يتحدد مزيج المنتجات وفقًا للموارد الطبيعية والظروف الطبيعية مثل المناخ. فالعديد من الحبوب، على سبيل المثال، يتم إنتاجها في المناطق المعتدلة بشكل أساسي، في حين يمكن إنتاج مجموعة كبيرة ومتنوعة من الفاكهة والخضار في المناخات الأكثر دفئًا. فالتجارة تحوّل المنتجات من مناطق الفائض إلى مناطق العجز، وهو ما ينعكس على أنماط التجارة الإقليمية. فالبلدان التي تتمتع بميزة نسبية في إنتاج الحبوب تتميز أيضًا بحصص أعلى نسبيًا من هذه المنتجات في صادراتها. وتتميز البلدان التي تيسّر فيها الظروف إنتاج الفاكهة والخضار بارتفاع حصص هذه المنتجات في إجمالي صادراتها (الشكل 5.1). وعلى نحو مماثل، فإن البلدان الأقل حظوة نسبيًا في إنتاج الحبوب أو الفاكهة هي أكثر اعتمادًا على الواردات من هذه المنتجات (الشكل 6.1).

الشكل 5.1
حصة صادرات مجاميع غذائية مختارة من إجمالي صادرات المواد الزراعية والغذائية، المتوسط للفترة 2018-2016
الشكل 6.1
الاعتماد على الواردات في مجاميع غذائية مختارة، متوسط الفترة 2017-2015

كما تنعكس أنماط التجارة الناشئة على أساس الفروقات في الميزة النسبية على المستوى القطري (الشكل 7.1). فالبرازيل على سبيل المثال، بصفتها بلدًا ذا اقتصاد ناشئ (بلدًا من بلدان الدخل المتوسط من الشريحة العليا) ومصدّرًا رئيسيًا للمنتجات الزراعية، قد ضاعفت صادراتها بمقدار أربعة أضعاف تقريبًا (بالقيمة الحقيقية) منذ عام 1995. وشهدت البرازيل زيادة قوية بوجه خاص في صادراتها من الحبوب واللحوم والأسماك والسكر والكاكاو. وفي الوقت نفسه، ظلت واردات البرازيل على حالها تقريبًا.

الشكل 7.1
الصادرات والواردات الزراعية: أوغندا والبرازيل وفييت نام ونيبال بحسب مجاميع الأغذية

لقد زادت فييت نام، وهي بلد من البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا، صادراتها ووارداتها على السواء منذ بداية هذا القرن. وتعدّ اللحوم والأسماك والفاكهة والخضار من بين المجاميع الغذائية التي شهدت زيادة كبيرة في صادراتها. كما زادت واردات الحبوب والفاكهة والخضار (الشكل 7.1).

وتتميز نيبال وهي دولة غير ساحلية منخفضة الدخل بظروف صعبة للإنتاج الزراعي واندماجها الضعيف في الأسواق العالمية، ويرجع هذا في الأساس إلى موقعها في جبال الهمالايا. بيد أن نيبال قد زادت ببطء، منذ عام 1995، من قيمة صادراتها وغيرت تركيبتها أيضًا (الشكل 7.1). ومع أن الدهون والزيوت شكلت جزءًا كبيرًا من الصادرات في أواخر التسعينيات من القرن الماضي، فإن تحسين القدرة على المعالجة خلال الألفية الجديدة ساعد في زيادة صادرات الأغذية والشاي والتوابل المجهَّزة زيادة كبيرة. وزادت الواردات الغذائية من مستوى يكاد لا يُذكر في عام 1995 إلى أكثر من مليار (1) دولار أمريكي في عام 2018 (مقاسًا بأسعار عام 2015)، وهي تتألف بشكل رئيسي من الحبوب والفاكهة والخضار والأغذية المجهَّزة.

كما أن أوغندا، وهي أيضًا بلد غير ساحلي منخفض الدخل، تسجل مسار نمو مختلف بالنسبة إلى التجارة. ويُعتبر البلد واحدًا من أكبر عشرة منتجين للبنّ على مستوى العالم حيث يشكّل البنّ حوالي 35 في المائة من إجمالي صادراته من الأغذية الزراعية. وفي الفترة الممتدة بين عامي 1995 و2018، وإلى جانب زيادة صادرات البنّ، تمكنت أوغندا أيضًا من زيادة صادراتها من الحبوب والسكر والكاكاو والفاكهة والخضار زيادة كبيرة. وخلال الفترة نفسها، زادت أوغندا من وارداتها من الدهون والزيوت والحبوب والأغذية المجهَّزة (الشكل 7.1).

العوامل الدافعة للتجارة

تؤدي التجارة الدولية إلى نشوء اقتصاد تحكمه العولمة، ومن خلال الربط بين الطلب على الأغذية والعرض عليها في مختلف أنحاء العالم، تسمح للدول بتوسيع أسواقها. وإلى جانب الظروف الزراعية والمناخية، فإن حجم ونوع التجارة التي تقوم بها البلدان يتأثران بأربعة دوافع رئيسية ترتبط ارتباطًا وثيقًا وتحدّد في الوقت نفسه التنمية الاقتصادية. وإن ارتفاع المداخيل، والنمو السكاني والتغيرات الديموغرافية، والتقدم التكنولوجي، والسياسات، كلّها عوامل تدفع نمو التجارة الدولية وتحدد تركيبتها.

ويؤثر النمو السكاني والتغيّرات الديموغرافية، إلى جانب ارتفاع المداخيل، على الطلب الإجمالي على الأغذية وعلى الأنماط الغذائية، ما يؤدي بدوره إلى التكيّف في عملية الإنتاج والأسواق والتجارة، وهي أمور تيسّرها التكنولوجيا. وتتسم العولمة بأسواق متزايدة الانفتاح، يجري تعزيزها عن طريق تخفيض الحواجز التي تعترض السياسات التجارية، ولكن أيضًا بالتقدم التكنولوجي الذي يؤدي إلى انخفاض تكاليف النقل وتحسين الاتصالات وبالتالي إلى زيادة التسويق التجاري. وكل هذه العوامل تؤثر على العرض والطلب على الأغذية والتجارة في الوقت نفسه وعبر قنوات مختلفة.

نمو الدخل

بصفة عامة، تتأثر التجارة بالدخل وقد تكون في الوقت نفسه أحد العوامل المحدّدة للنمو الاقتصادي من خلال تعزيز مكاسب الكفاءة والآثار التكنولوجية. ومع ذلك فإن العلاقة بين التجارة والدخل مثيرة للجدل. وبين عامي 1995 و2018 - وهي فترة اتسمت بازدياد انفتاح الأسواق واتساع المبادلات التجارية – يوحي نمو الدخل لدى البلدان بأن العولمة لم تعمل إلا جزئيًا على تعزيز التقارب. وكانت معدلات نمو الدخل في البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا والعليا أعلى بكثير من معدلات البلدان المرتفعة الدخل، ما يشير إلى أن هذه المجموعات القطرية كانت خلال الفترة 1995-2018 تلحق بالاقتصادات المتقدمة. ولكن نمو الدخل كان بطيئًا بالنسبة إلى البلدان المنخفضة الدخل، الأمر الذي يشير إلى الافتقار إلى التقارب واتساع الفجوة على صعيد الدخل.

كما أثرت الأزمة المالية لعام 2008 على نمو الدخل. أما البلدان المرتفعة الدخل، التي تعتمد نظمها المالية على درجة أعلى من الاستدانة والتوسع الائتماني، فقد تأثرت بشكل غير متناسب جراء الأزمة المالية وعانت من عمليات المراجعة إلى الأسفل لنشاطها الاقتصادي (الشكل 8.1، القسم ألف).8,7 كما شهدت البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة العليا تباطؤًا في نمو الدخل بين عامي 2008 و2018، ولكن بدرجة أقل بكثير. وفي الوقت نفسه، كانت مجموعة أوسع من البلدان النامية، والبلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا والبلدان المنخفضة الدخل التي تتمتع بقدر محدود من التكامل في الأسواق المالية العالمية، أقل تأثرًا بأزمة عام 2008ا.9 وتتجلى اتجاهات الدخل هذه أيضًا على نطاق واسع في تجارة المواد الزراعية الغذائية (أنظر الشكل 1.1، القسم ألف).

الشكل 8.1
ديناميكيات الدخل ونمو استهلاك الأغذية

وتقترن التغيّرات الاجتماعية والاقتصادية الكبرى المرتبطة بنمو الدخل بحدوث تحولات كبيرة في أنماط استهلاك الأغذية10 - وهي عملية وُصفت بالانتقال الغذائي. وفي المراحل الأولى من الانتقال الغذائي، يرتبط نمو الدخل بارتفاع مستويات استهلاك الأغذية وانخفاض معدلات انعدام الأمن الغذائي.11 وتتسم الأنماط الغذائية في هذه المرحلة عادة بنسبة عالية نسبيًا من الأغذية النشوية وبانخفاض تنوع الأغذية. ويتبع ذلك مرحلة من النمو المتسارع في استهلاك السعرات الحرارية مصحوبة بزيادة في كمية البروتينات والفيتامينات والمعادن، وكل هذا قد يؤدي إلى نتائج أفضل في مجالي التغذية والصحة. ومع ذلك، فإن هذا التغيير يتزامن في كثير من الأحيان، أو يتبعه على وجه السرعة، التحوّل إلى أنماط غذائية تحتوي على نسبة أعلى من الدهون والسكر والأغذية المجهَّزة بما في ذلك الأغذية المجهَّزة بدرجة عالية. وفي المرحلة الأخيرة من الانتقال الغذائي، ومع ارتفاع المداخيل إلى مستويات أعلى، يتباطأ نمو استهلاك الفرد الواحد من السعرات الحرارية، وتتحوّل الأنماط الغذائية إلى تحسين جودة الدهون، وزيادة كمية الفاكهة والخضار، وزيادة استهلاك الحبوب بالكامل. وطوال فترة الانتقال الغذائي، تنخفض حصة الأغذية في إجمالي إنفاق الأسر مع ارتفاع الدخل (على نحو ما جاء في اقتراح قانون «إنغل»).ج

كذلك، يتجلى الانتقال الغذائي في قانون «بينيت»؛ ففيما يزداد الناس ثراءً، ينتقلون من نمط غذائي بسيط قائم على الأغذية النشوية إلى أغذية أكثر تنوعًا تتضمن فئة واسعة من الفاكهة والخضار وبروتينات حيوانية المصدر.6

ويعكس مجموع البيانات بوضوح مراحل الانتقال الغذائي في مجال التغذية (الشكل 8.1، القسم باء). وفي البلدان المنخفضة الدخل، ترتبط زيادة المداخيل للفرد الواحد بارتفاع استهلاك السعرات الحرارية للفرد الواحد. ومع تسارع نمو الدخل، يصبح هذا الأثر أكثر قوة في البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا. وفي البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة العليا، يتباطأ هذا الأثر بالفعل، وفي البلدان المرتفعة الدخل، لا يرتبط نمو الدخل إلا بشكل ضعيف بنمو استهلاك السعرات الحرارية.

إن التغيّرات في الأنماط الغذائية بالتوازي مع قانون «بينيت» يمكن أن تلاحَظ على المستوى الإجمالي أيضًا. ومع زيادة المداخيل، انخفضت حصة الحبوب في استهلاك الأغذية للفرد الواحد في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل ما بين عامي 1995 و2017 (الشكل 9.1، القسم العلوي). ويتضح أن البلدان المرتفعة الدخل قد أتمّت مرحلة الانتقال الغذائي من دون حدوث تغيّرات تقريبًا في استهلاك الحبوب.

الشكل 9.1
متوسط التغيّر في حصة السعرات الحرارية المتاحة للاستهلاك للفرد الواحد بحسب المجاميع الغذائية الرئيسية، 2017-1995 (النسبة المئوية)

وبالرغم من ذلك، تزايد المتناول من أنواع السكر كحصة من النمط الغذائي اليومي بأكثر من النصف في البلدان المنخفضة الدخل، مقارنة بزيادة قدرها 5 في المائة سجّلتها البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا. وشهدت البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة العليا انخفاضًا طفيفًا في المتناول من السكر. وارتفع استهلاك الفاكهة والخضار واللحوم والدهون والزيوت في كل مجموعات الدخل القطرية، خصوصًا في البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة العليا والدنيا. وشهدت البلدان المنخفضة الدخل ارتفاعًا كبيرًا في استهلاك منتجات الألبان.

الشيلي
إمراة تتسوق في المتجر.

©daboost/stock.adobe.com

ولوحظت تحوّلات مماثلة في الأنماط الغذائية في آسيا بالتزامن مع النمو الاقتصادي السريع والتوسع الحضري والعولمة خلال الفترة من 1961 إلى 2011.13,12 ومؤخرًا، في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، أحدث النمو الاقتصادي تغيّرات في استهلاك الأغذية، حيث تم الانتقال من الحبوب والجذور والدرنات إلى الأسماك واللحوم والبيض ومنتجات الألبان والفاكهة والخضار، إلى جانب التحوّل العام إلى مزيد من الأغذية المجهَّزة.14

وفي حين أن أنماط الاستهلاك المتغيّرة على طول فترة الانتقال الغذائي واضحة على هذا المستوى الكلي، هناك تباين أكبر على المستوى الوطني يعتمد فيه تطور النظام الغذائي أيضًا على الأفضليات وتوزيع الدخل ومستوى التنمية (الشكل 9.1، القسم السفلي). فعلى سبيل المثال، في الاقتصادات الناشئة مثل البرازيل والعديد من البلدان النامية بما فيها نيبال وفييت نام، أدى نمو الدخل إلى انخفاض كبير في حصة الحبوب في نصيب الفرد من الاستهلاك الغذائي. وخلافًا لذلك، في أوغندا، زادت حصة الحبوب في استهلاك الفرد من الأغذية؛ وهناك، على عكس البلدان الأخرى في المنطقة التي تهيمن فيها الذرة على الأنماط الغذائية، تتكوّن المواد الغذائية الأساسية من مجموعة متنوعة من الأغذية بما في ذلك الكسافا والبطاطا الحلوة والموز الهندي. وفي البلدان التي تشهد نموًا اقتصاديًا سريعًا مثل فييت نام، تطورت التحوّلات الغذائية بسرعة أكبر.

وتغيّرت الأنماط الغذائية على المستويين الحضري والريفي على السواء.15,14 ومع ذلك، فقد تبيّن أن التحوّل من الحبوب إلى الأغذية الأكثر كثافة من حيث الطاقة على المستوى الحضري، مع أنّ المناطق الريفية تقترب بسرعة بسبب نمو الدخل والتغيّرات في النظام الغذائي.15

وقد تحجب الروابط بين متوسط الدخل والاستهلاك اتجاهات مهمة في الطلب على الأغذية ترتبط بتوزيع الدخل والسعرات الحرارية بين فئات السكان الغنية والفقيرة على حد سواء.

في الواقع، تم تحديد ظهور طبقة متوسطة في العديد من البلدان النامية على أنه أكثر العامل أهمية ليس فقط في دفع الطلب على الأغذية ولكن أيضًا في تشكيله، ما أدى إلى تغييرات في نظم شراء الأغذية (أنظر الإطار 4.1 بشأن التكامل العمودي).18,17,16,14

فقد أدى بروز طبقة متوسطة في المناطق الحضرية في أفريقيا على سبيل المثال إلى زيادة في السعرات الحرارية المستهلَكة عمومًا وارتفاع الطلب على الأغذية المجهَّزة واللحوم والفاكهة والخضار.16,14 ومن المرجح أيضًا أن يتسوّق المستهلكون من الطبقة المتوسطة في المتاجر الكبرى، أو غير ذلك من أنواع المتاجر، وأن ينفقوا نسبة أكبر من دخلهم على تناول الطعام خارج المنزل.16،10

وتؤثر التحوّلات الغذائية بدافع نمو الدخل أيضًا على التجارة. وتنعكس زيادة استهلاك اللحوم والأسماك والفاكهة والخضار والأغذية المجهَّزة من خلال تزايد واردات هذه المنتجات، ولا سيما في الاقتصادات الناشئة والنامية (أنظر الشكل 4.1، القسم باء).

وحتى وقت كتابة هذا التقرير، كان لتفشي فيروس كورونا المستجدّ تأثير على سلاسل القيمة الغذائية والزراعية العالمية، والمداخيل والطلب على الأغذية. وإن الانتشار السريع لجائحة كوفيد-19 على مدى شتاء 2019-2020 قد فرض خيارات صعبة على صانعي السياسات العالمية. ومع تطبيق العديد من البلدان ممارسات اجتماعية ضرورية بشأن التباعد الاجتماعي بغية التصدي للجائحة، تكشفت أزمة غير مسبوقة ومتعددة الأوجه.

فقد واجهت بلدان عديدة تحديات متعددة في مجالات الصحة العامة والاقتصاد والأمن الغذائي، تفاعلت في ما بينها بطرق معقدة.19 ويشكّل التهديد الناجم عن جائحة كوفيد-19 على الأمن الغذائي بسبب فقدان الدخل مصدر قلق بالغ إزاء التقدم المحرَز في الحد من انتشار نقص التغذية على مدى العقود الأخيرة. ويناقش الإطار 2.1 الآثار المباشرة للجائحة على التجارة العالمية وسلاسل القيمة والأمن الغذائي.

النمو السكاني والتغيّرات الديموغرافية

يؤثر التفاعل بين النمو السكاني والتغيّرات الديموغرافية على الطلب على الأغذية والتجارة والأسواق بطرق مهمّة. وفي حين أن النمو السكاني يدفع الطلب على الأغذية والتجارة فيها من حيث الحجم، فإن التغيّرات الديموغرافية تؤثر على تركيبتها.

ويرتبط النمو السكاني بزيادة التجارة بين البلدان. وإذا اختلفت وتيرة النمو السكاني بين المناطق، فمن المرجح أن تعمل التجارة على نقل الأغذية من المناطق حيث يكون النمو السكاني أبطأ إلى المناطق حيث يكون فيها أسرع نسبيًا. فعلى سبيل المثال، سوف يؤدي النمو السكاني السريع في البلدان التي تتسم بانخفاض الإنتاجية الزراعية للفرد الواحد، والذي قد يتأثر سلبًا أيضًا بتغيّر المناخ، إلى زيادة الواردات. فالاتجاهات السكانية الطويلة الأجل تظهر نموًا قويًا في آسيا؛ ورغم تباطؤ هذا النمو، من المتوقع أن يبلغ عدد السكان ذروته عند مستوى 5.3 مليارات نسمة بحلول عام 2050 (الشكل 10.1، القسم ألف). ومن المتوقع أن يتواصل نمو عدد سكان أفريقيا بقوة بمقدار 2.5 مليارات نسمة بحلول عام 2050، وهو ما يفرض تحديات ملحوظة على الزراعة. ومن المتوقع أن يكون النمو السكاني بطيئًا في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي وأمريكا الشمالية وأوسيانيا ببطء، في حين من المرجح أن ينكمش عدد السكان في أوروبا بحلول عام 2050.

الشكل 10.1
النمو السكاني والتغيّرات الديموغرافية

ويرتبط التوسع الحضري بتغيّرات كبيرة في نمط الحياة، وهو محرّك رئيسي للتغيّرات في أنماط الاستهلاك وتحولات النُظم الغذائية. ومع زيادة التوسع الحضري للمجتمعات، وإقامة بعض المستهلكين بعيدًا عن المناطق التي يحدث فيها الإنتاج الزراعي الأولي، فإن الطلب على الأغذية التي يمكن تخزينها ونقلها بسهولة، يزداد قوة، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى زيادة تجهيز الأغذية.29 كما يميل المستهلكون في المناطق الحضرية إلى الحصول على دخل أعلى نسبيًا، الأمر الذي يعزز الطلب على مجموعة متنوعة من الأغذية. وتتيح أساليب عيشهم وقتًا أقل لتحضير الطعام، ما يؤدي إلى زيادة استهلاك الأغذية المجهَّزة وزيادة تواتر الوجبات خارج المنزل. 30

ويرتبط التوسع الحضري أيضًا بوسائط أفضل للنقل وملكية السيارات، والقدرة على الوصول إلى التبريد، والتعرّض للإعلانات.17 وهذه العوامل تعزز إمكانية الوصول إلى قنوات جديدة ومتطورة لبيع الأغذية بالتجزئة، وتعزز الطلب على المنتجات الأعلى قيمة بما في ذلك الفاكهة والخضار والأغذية المجهَّزة. فملكية السيارات في المناطق الحضرية من زامبيا على سبيل المثال تزيد بشكل كبير من مشتريات التجزئة في المتاجر الكبرى، التي تميل إلى تخزين وبيع المزيد من الأطعمة المجهَّزة نسبيًا.16

وفي حين أن سكان أمريكا الشمالية وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي وأوروبا وآسيا الوسطى لديهم بالفعل أعداد عالية من السكان الحضريين (الشكل 10.1، القسم باء)، فإن معدلات التوسع الحضري بين عامي 1995 و2018 نمت بأسرع ما يمكن في شرق آسيا والمحيط الهادئ. وفي المناطق الأقل تحضرًا نسبيًا في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وجنوب آسيا، زادت أيضًا حصة السكان في المناطق الحضرية، ولكن بوتيرة أقل نسبيًا. فالتوسع الحضري يحدث بوتيرة أسرع في العالم النامي مقارنة بما حدث، على سبيل المثال، في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا. فقد استغرق الأمر تسعة عقود من الزمن لكي تزداد حصة السكان في المناطق الحضرية من إجمالي السكان من 40 إلى 75 في المائة في الولايات المتحدة الأمريكية؛ غير أنه جرى تجاوز هذه العتبة في غضون أقل من ثلاثة عقود في البرازيل وجمهورية كوريا.17

التقدم التكنولوجي والتكاليف التجارية والسياسات التجارية

أدى التقدم التكنولوجي إلى تحسينات في البنى الأساسية والخدمات اللوجستية، وبالتالي إلى خفض تكاليف النقل. كما ساهم في انخفاض تكاليف الاتصالات، وهو ما يؤثر أيضًا على التجارة ويعزز التكامل العالمي لسلاسل القيمة. ومن خلال المساعدة في الحد من أوجه القصور في سلاسل القيمة، فإن التقدم التكنولوجي قد يساهم أيضًا في تحقيق نتائج أكثر استدامة في النظام الغذائي.32,31

وفي المتوسط، انخفضت التكاليف التجارية، التي تحددها تكاليف النقل والتغيّرات في السياسات التجارية، بالنسبة إلى المنتجات المصنّعة33 والزراعية على السواء (أنظر الشكل 11.1، القسم ألف). وفي مختلف أنحاء العالم النامي، أدى التحسّن في البنية التحتية للنقل إلى انخفاض التكاليف التجارية، ولكن غالبًا بوتيرة أبطأ من المتوسط العالمي.33 فعلى سبيل المثال، في الفترة ما الممتدة بين 1995 و2015، في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، انخفضت التكاليف التجارية للمنتجات الزراعية بنسبة 11 في المائة، في حين شهدت التكاليف في أوروبا وآسيا الوسطى انخفاضًا بنسبة 33 في المائة.د

الشكل 11.1
تكاليف التجارة والاتصالات

وقد يكون تأثير التكاليف التجارية على تجارة المنتجات الزراعية كبيرًا. وخلصت دراسة تحلل تأثير التكاليف التجارية الإجمالية على تجارة المنتجات الزراعية - بما في ذلك التكاليف المتعلقة بالحواجز الضريبية وغير الضريبية، والشحن، والمعلومات، والعملة، والإجراءات القانونية والتنظيمية - إلى أن تخفيض 1 في المائة في تكاليف التجارة الكلية يمكن أن يزيد حجم التجارة العالمية بنسبة 2 إلى 2.5 في المائة.34

وفي الوقت نفسه، أحدث التقدم التكنولوجي ثورة في الاتصالات من خلال خفض تكاليفها وتيسير التجارة (أنظر أيضًا الجزء الرابع للاطلاع على مناقشة متعمقة لآثار التكنولوجيا الرقمية على الأسواق). فعلى سبيل المثال، يشير تحليل بشأن تأثير تكاليف الاتصالات على التجارة الثنائية إلى أن خفض سعر اتصال المستورد إلى النصف يؤدي إلى زيادة بنسبة 42.5 في المائة في إجمالي التجارة الثنائية.31 وتبيّن أن مثل هذه التأثيرات أكبر بنحو الثلث على التجارة في المنتجات المتباينة وهو ما يتطلب قدرًا أكبر من المعلومات والتنسيق بين التجار مقارنة بما قد يترتب على ذلك من تأثيرات على تجارة المنتجات المتجانسة.

وفي الواقع، تُعتبر التحسينات التكنولوجية الرقمية وما يرتبط بها من انخفاض في تكاليف الاتصالات محركًا رئيسيًا لسلاسل القيمة العالمية، الأمر الذي يجعل التنسيق عبر مراحل الإنتاج المختلفة في مواقع جغرافية مختلفة أمرًا ممكنًا.35

كما أن لشبكة الإنترنت تأثير كبير على التجارة، الأمر الذي يسمح للشركات بالتواصل بشأن منتجاتها وتسويقها عبر الحدود بتكاليف أقل. ومنذ تسعينيات القرن الماضي، ازداد مستوى تبنّي الإنترنت بشكل كبير حتى أنه بات يقدّر اليوم بأن حوالي 54 في المائة من سكان العالم لديهم إمكانية الوصول إلى الإنترنت (أنظر الجزء الرابع). كما أثبتت معدلات أعلى لتبني الإنترنت أن لها تأثيرًا إيجابيًا على التجارة، ففي المتوسط قد تؤدي الزيادة بنسبة 10 في المائة في معدل تبني الجهة المصدّرة للإنترنت إلى زيادة الصادرات الثنائية بنسبة تقرب من 2 في المائة.36

وهناك اختلافات ملحوظة في هذا التأثير تبعًا لما إذا كان من الأفضل تبني الإنترنت من قبل المصدّر أو المستورد. ومع ذلك، فإن معدلات التبني المرتفعة من جانب كلا الشريكين التجاريين يمكن أن تؤدي إلى زيادات كبيرة في حجم التجارة ولكن أيضًا في عدد المنتجات المتداولة، حيث يمكن أن يحسّن الاتصال عمليات المواءمة.

في حين أن تكاليف الوصول إلى الإنترنت ذي النطاق العريض الثابت كانت منخفضة بالفعل في الأقاليم المتقدمة، انخفضت بشكل كبير بين عامي 2008 و2017 في البلدان النامية، الأمر الذي ساهم في سدّ الفجوة الرقمية في مختلف أنحاء العالم (الشكل 11.1، القسم باء). ومع ذلك، ورغم أهمية الوصول إلى الإنترنت بالنسبة إلى التجارة الدولية، فإن الجودة من حيث عرض النطاق الترددي والسرعة الأفضل هي أمر بالغ الأهمية. وتشير دراسة حول التأثيرات النسبية لاشتراكات الإنترنت (تعكس حجم اعتماد الإنترنت) وعرض النطاق الترددي (تعكس جودته) إلى أن زيادة معدل سرعة البيانات لكل اشتراك بنسبة 1 في المائة تؤدي إلى زيادة بنسبة 0.5 في المائة في التجارة الثنائية، بينما تؤدي الزيادة المماثلة في معدلات الاشتراك إلى زيادة بنسبة 0.3 في المائة.38 وهذا التأثير المتمايز يؤكد على الحاجة إلى التركيز على تحسين جودة البنية التحتية الرقمية في العالم النامي، حيث يمكن أن تكون سرعة عرض النطاق الترددي متنوعة في مختلف البلدان والاشتراكات.

كذلك، يرجع انخفاض التكاليف التجارية إلى السياسات التجارية. فقد أدت موجة الانفتاح على التجارة منذ الاتفاق العام بشأن التعريفات الجمركية والتجارة وإنشاء منظمة التجارة العالمية في عام 1995، فضلًا عن انتشار اتفاقيات التجارة الإقليمية، إلى خفض التعريفات وتوفير دعم محلي مشوه للتجارة وتحسين الاعتراف المتبادل بالتدابير غير الجمركية.

وانخفضت تعريفات الاستيراد المطبّقة على السلع الغذائية والزراعية بشكل مطّرد في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل من 17 في المائة في المتوسط في عام 1995 إلى 9 في المائة تقريبًا في عام 2018 (الشكل 12.1، القسم ألف). وانخفض متوسط التعريفات على المنتجات الزراعية في البلدان ذات الدخل المرتفع من 10 في المائة في عام 1995 إلى 6 في المائة في عام 2018.ه

الشكل 12.1
معدلات التعريفات الزراعية المطبقة، 2018-1995 (تصنيف البلدان ضمن مجموعات بحسب مستوى الدخل)

ويمكن أن تختلف التعريفات بشكل كبير باختلاف السلع الغذائية والزراعية (الشكل 12.1، القسم باء). وفي البلدان المرتفعة الدخل، يُعتبر متوسط التعريفات المطبقة منخفضًا نسبيًا على البنّ والشاي والدهون والزيوت والفاكهة والخضار. غير أن البلدان المرتفعة الدخل تفرض في المتوسط تعريفات أعلى بكثير على واردات الحبوب ومنتجات الألبان والبيض. وفي المتوسط، تفرض البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل تعريفات أعلى بكثير. وهي تفرض أعلى تعريفات على الواردات من الأغذية المجهَّزة، ويليها السكر والكاكاو والألبان والبيض. كما أن التعريفات الجمركية في البلدان المنخفضة الدخل والمتوسطة الدخل مرتفعة نسبيًا على الواردات من الفاكهة والخضار واللحوم والأسماك. وبالنسبة إلى هذه البلدان، يُفرض أدنى مستوى من التعريفات على الحبوب.

مع أن تأثير التكنولوجيا الرقمية على التجارة قد دفع العديد من المراقبين إلى الإشارة إلى أن السياسات التجارية في البيئة الحالية غير مهمة نسبيًا، يشير التحليل الأخير إلى أن التعريفات تشكّل أهمية كبرى، وخاصة في سياق سلاسل القيمة العالمية.39 ومع أن الإنتاج المجزأ والمنسَّق عموديًا عبر مختلف البلدان كثيرًا ما يُعتبر نتيجة للتقدم التكنولوجي، فإن تخفيض التعريفات كان له تأثير كبير على ظهور سلاسل القيمة العالمية من خلال خفض التكاليف التجارية للمنتجات التي تعبر الحدود عدة مرات أثناء عملية الإنتاج إلى حد كبير.40

وفي حين أن التخفيضات الجمركية قد أدت دورًا مهمًا في تخفيض التكاليف التجارية وتحفيز التجارة بالسلع الغذائية والزراعية، فإن التجارة تخضع أيضًا لتنظيم عدد لا يحصى من التدابير غير الجمركية. وتشمل التدابير غير الجمركية في الزراعة الحواجز التقنية أمام التجارة التي تعكس اللوائح والمعايير التقنية، وتدابير الصحة والصحة النباتية التي تكفل سلامة الأغذية.42,41

والواقع أن التدابير غير الجمركية أكثر أهمية في الزراعة منها في أغلب القطاعات الأخرى، وقد تكون تأثيراتها على التجارة أقوى بكثير من تلك التي تخلّفها التعريفات الجمركية.43 وتميل تدابير الصحة والصحة النباتية إلى أن تكون أكثر صرامة في البلدان المرتفعة الدخل مقارنة بالبلدان المتوسطة والمنخفضة الدخل.44 بيد أن آثار التدابير غير الجمركية على التجارة يمكن أن تكون متباينة؛ ويمكن أن تكون المعايير الغذائية معززة للتجارة، وكذلك معرقلة لها، وذلك تبعًا للتدابير والمنتجات والبلدان المعنية.46,45,44

وكان نمو الصادرات العالية القيمة، مثل الفاكهة والخضار، من البلدان النامية مصحوبًا بقدر متزايد من الاهتمام بمعايير سلامة الأغذية - وهي عادة تدابير الصحة والصحة النباتية - في أسواق الاقتصادات المتقدمة.48,47 وفي حين فُرضت في البداية معايير عديدة لسلامة الأغذية من أجل تلبية المتطلبات في أسواق الاستيراد المربحة، اكتسب وعي المستهلكين بسلامة الأغذية زخمًا في البلدان النامية.49,48 فقد تم على سبيل المثال تحديد سلامة الأغذية باعتبارها أهم سمة للاستدامة بالنسبة إلى مستهلكي الأرزّ في نيجيريا،50 وأصبحت مسألة اجتماعية حظيت باهتمام كبير في فييت نام.51

ويمكن للمواصفات الغذائية أن تصدر عن القطاعين العام أو الخاص. فالحكومات تفرض على سبيل المثال حدودًا قصوى لمخلّفات المبيدات للإشارة إلى أعلى مستوى من مخلفات المبيدات المسموح به قانونًا في الأغذية. وللتقليل إلى أدنى حد من الحواجز التي قد تعترض التجارة والتي قد تنشأ عن اختلاف اللوائح الوطنية، تسعى هيئات وضع المعايير العالمية مثل الدستور الغذائي المشترك بين منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية إلى مواءمة المعايير على الصعيد الدولي (أنظر الإطار 3.1).

وفي حين يتم فرض العديد من التدابير من خلال المعايير العامة، فإن سلاسل القيمة المتزايدة العولمة أدت أيضًا إلى انتشار معايير صادرة عن هيئات القطاع الخاص. وتتعلق هذه الخصائص بسمات المنتجات مثل تصنيف الجودة، ومستويات المخلّفات، وإمكانية التتبع، والعلامات التجارية، فضلًا عن سمات العمليات مثل الإنتاج العضوي والرفق بالحيوانات.42

وكثيرًا ما تكمّل المعايير الخاصة اللوائح التنظيمية العامة، على سبيل المثال بالإشارة إلى سمات الاستدامة مثل حماية البيئة أو استخدام مصادر وموارد مراعية للجوانب الأخلاقية. وعلاوة على ذلك، قد تسدّ المعايير الخاصة الفجوة التي خلقها غياب اللوائح التنظيمية العامة أو تفرض متطلبات أكثر صرامة مما هو متوقع في اللوائح التنظيمية الوطنية. وهذا هو الحال في كثير من الأحيان بالنسبة إلى معايير سلامة الأغذية وجودتها خاصة عندما يطلب كبار تجار التجزئة باستمرار كفالة نوعية معينة وموثوقة للمنتجات. وفي هذه الحالات، قد تصبح المعايير الخاصة عائقًا أمام المشاركة في سلاسل القيمة العالمية لصالح المزارعين والمجهزين الذين لا يمكنهم الامتثال لها بسهولة.52,42 كما تناقَش المعايير وخطط شهادات الاستدامة في سياقات سلاسل القيمة العالمية في الجزء الثاني، ودمج صغار المزارعين في الجزء الثالث، وتطبيقات التكنولوجيا الرقمية في مجال إمكانية التتبع في الجزء الرابع.

ومن أجل خفض التكاليف التجارية بقدر أكبر من خلال تبسيط وتنسيق الإجراءات الجمركية وعمليات التصدير والاستيراد، دخل اتفاق تيسير التجارة التابع لمنظمة التجارة العالمية حيز التنفيذ في عام 2017 (أنظر الإطار 6.2 في القسم الثاني).

تحوّل الأسواق الزراعية والغذائية

تؤدي الاتجاهات نفسها التي تتسبب في تحولات في أنماط التجارة والعادات الغذائية إلى تغيرات عميقة أيضًا في أسواق الأغذية وسلاسل القيمة. فالتوسع الحضري بشكل خاص يعزز التغيّرات الغذائية الناجمة عن نمو الدخل ويحفز التحولات في سلاسل القيمة الغذائية وقطاع البيع بالتجزئة.

ومع انتقال الناس إلى المدن وعيش المستهلكين بعيدًا عن أماكن إنتاج الأغذية، يكتسي بيع الأغذية بالتجزئة أهمية أكبر. وتطورت تجارة التجزئة الغذائية في المناطق الحضرية، وعلى نحو متزايد في المناطق الريفية، منذ بداية القرن العشرين.54 وتقليديًا، تتألف تجارة البيع بالتجزئة من أكشاك في أسواق المنتجات الطازجة (الأسواق التقليدية وأسواق الطرق الجانبية) ومحال صغيرة ومستقلة، مثل محال البقالة والأكشاك المحلية.54,16 وبدأت تظهر المتاجر الكبرى في عشرينيات وأربعينيات القرن الماضي في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الغربية وفي ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي في كثير من البلدان النامية.

وفي البداية كانت المتاجر الكبرى تقدّم السلع الجافة فقط. وبمجرد تحسّن عمليات الشراء والتخزين، تغلغلت أيضًا في أسواق الأغذية القابلة للتلف. وبسبب قدرتها على تقديم مجموعة منوعة من المنتجات من خلال وفورات الحجم، استحوذت المتاجر الكبرى تقريبًا على بيع المنتجات الغذائية بالتجزئة بالكامل في البلدان المتقدمة، وحصلت على حصة متزايدة بسرعة في البلدان النامية.54

وبحلول عام 2018، زادت مبيعات سلاسل المتاجر الكبرى بين ضعفين وستة أضعاف في بلدان آسيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، وهي مناطق كانت فيها مبيعات المتاجر الكبرى مرتفعة نسبيًا في عام 2002. وأفيد عن زيادة بنسبة فاقت عشرة أضعاف في بلدان بدأت تظهر فيها المتاجر الكبرى فقط في بداية القرن الحادي والعشرين.55

وقد أظهر مسح شمل 475 أسرة معيشية في المناطق الحضرية في لوساكا، عاصمة زامبيا، أن المستهلكين قد لجأوا إلى تجار البيع بالتجزئة التقليديين وإلى مختلف محال البيع بالتجزئة الحديثة. وقد تردد 73 في المائة من الأسر على المتاجر الكبرى، مع تزايد استخدام هذه المتاجر الحديثة بشكل كبير من قبل أدنى المجموعات السكانية دخلاً إلى أعلاها دخلاً. كما تردد 73 في المائة من الأسر المعيشية على أسواق المنتجات الطازجة، من دون تسجيل أي فارق تقريبًا بين فئات السكان من حيث الدخل. ولكن استخدام محال البقالة وأسواق الطرق الجانبية تضاءل مع ارتفاع دخل الأسر. وفي حين يتم عادة التردد على محال البيع بالتجزئة الحديثة مرّة في الأسبوع للقيام بعمليات شراء أكبر، فإنه يتم التردد على محال البيع بالتجزئة التقليدية مثل أسواق المنتجات الطازجة، وكذلك متاجر البقالة الصغيرة، وأسواق الطرق الجانبية، والأكشاك المحلية عدة مرات خلال الأسبوع لشراء أغذية إضافية. وفي هذا المسح، في المتوسط، كان حوالي 42 في المائة من إنفاق الأسر المعيشية على الأغذية مخصصًا للمشتريات من تجار البيع بالتجزئة الحديثين.16

وفيما كان التوسع الحضري هو المحرك الرئيسي، فإن التغيّرات في القطاع الغذائي للبيع بالتجزئة تتشكّل بفعل عوامل عديدة. وفي غانا، لم يظهر في قائمة جرد المتاجر الكبرى والمنتجات المجهَّزة في ثمانية مراكز حضرية رئيسية سوى نمو متواضع للمتاجر الكبرى، رغم التوسع الحضري السريع وزيادة دخل الأسر.56 وتبيّن أن حصة المتاجر الكبرى في شريحة واسعة من 42 بلدًا في جميع مراحل التنمية تزداد أيضًا مع الدخل والانفتاح على الاستثمارات الأجنبية المباشرة الوافدة ومشاركة المرأة في اليد العاملة.57

وقد ارتفعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مجال البيع بالتجزئة وتجهيز الأغذية والمطاعم وسلاسل الوجبات السريعة، بسرعة منذ ثمانينيات القرن الماضي، وكان منشؤها بشكل أساسي شركات الأغذية عبر الوطنية التي تستهدف الأسواق في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. والواقع أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة قد أثبتت فعاليتها مقارنة بالتجارة في توليد مبيعات من الأغذية المجهَّزة في هذه البلدان.58

وبلغت استثمارات تجار البيع بالتجزئة الأوروبيين في أسواق البقالة في شرق آسيا، على سبيل المثال، ذروتها في أواخر تسعينيات القرن الماضي، مدفوعة بالتوسع السكاني السريع وأسواق التجزئة الأقل تقدمًا. بيد أن هذه المرحلة الأولية المكثفة من الاستثمار في المنطقة أعقبتها مرحلة تصفية الاستثمارات. وبسبب مزيج من زيادة التنظيم في هذه الأسواق الجديدة وتزايد المنافسة المحلية وزيادة عمليات إعادة تقييم الأنشطة العالمية على مستوى الشركات، تخلّى معظم تجار البيع بالتجزئة عن الاستثمار في الأسواق الفردية أو حتى أنهم خرجوا من المنطقة. وشملت معظم حالات التخلي عن الاستثمارات امتلاك العملية من قبل مشغّل محلي أو إقليمي، في حين تم نقل البعض الآخر بين تجار البيع بالتجزئة في البلدان المتقدمة.59

وفي بداية الألفية الجديدة، بدأت التجارة الإلكترونية في الظهور، الأمر الذي أضاف إلى تحوّل قطاع بيع الأغذية بالتجزئة.10 فقد نجحت شركات التجارة الإلكترونية العملاقة، مثل «أمازون» و«علي بابا»، في جمع وتوسيع مزايا وفورات الحجم والنطاق التي كانت تتمتع بها المتاجر الكبرى سابقًا في وجه الأسواق التقليدية للبيع بالتجزئة. ولكن على عكس المتاجر الكبرى في حينه، تعمل شركات التجارة الإلكترونية على خفض تكاليف المعاملات للمستهلكين بشكل أكبر من خلال السماح بالطلب عبر الإنترنت وتوصيل المنتجات إلى المنزل.

أما العيب الرئيسي الذي يشوب التجارة الإلكترونية، فهو عدم قدرة المستهلكين على معاينة المنتجات الغذائية مباشرة. وبدأت مؤخرًا سلاسل المتاجر الكبرى في إضافة مرافق التجارة الإلكترونية وتوصيل السلع إلى المنازل، مستفيدة من كون المستهلكين على دراية بمنتجاتهم استنادًا إلى الزيارات السابقة. ومن ناحية أخرى، انتقلت شركات التجارة الإلكترونية إلى تحالفات استراتيجية لإدراج المتاجر الكبرى في منصاتها أو إضافة مراكز بيع مادية إلى محفظة استثماراتها، مثل شراء وامتلاك شركة «أمازون» لمتاجر «هول فودس» (Whole Foods) وامتلاك شركة «علي بابا» لجزء من سلسلة متاجر «أوشان» (Auchan) و»آر.تي. مارت» (RT Mart) في جمهورية الصين الشعبية.54 وفي بلدان آسيا بشكل خاص على غرار جمهورية الصين الشعبية واليابان وجمهورية كوريا، لوحظ ارتفاع هائل في التجارة الإلكترونية حيث شملت البقالة وتوصيل الوجبات.61,60

ولكنّ التجارة الإلكترونية بالمواد الغذائية تظل محدودة في مختلف أنحاء العالم، رغم نموها السريع، حيث تشهد الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية الصين الشعبية أكبر نمو لهذا القطاع.64,63,62 ورغم صعوبة تقييم تغلغل التجارة الإلكترونية في أسواق المنتجات الغذائية بسبب نقص البيانات الشاملة، تشير التقييمات المتاحة إلى أن حصة التجارة الإلكترونية من مبيعات الأغذية والمشروبات أقل من 1 في المائة من إجمالي النفقات على الأغذية في آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية. ويتعارض هذا مع معدل تغلغل التجارة الإلكترونية بالنسبة إلى السلع الأخرى التي تبلغ في المتوسط 80 في المائة في الولايات المتحدة الأمريكية ونحو 60 في المائة في جمهورية الصين الشعبية.63 وحتى الآن، حال الثقل النسبي للمواد الغذائية، وانخفاض سعرها نسبيًا لكل وحدة، والتحديات اللوجستية التي تواجهها سلسلة التبريد، دون بروز الأغذية كفئة رئيسية في البيع بالتجزئة عبر الإنترنت.62,10 ومن المتوقع أن تؤدي هذه العوامل إلى كبح زيادة نمو حصة السلع الغذائية في سوق التجارة الإلكترونية، مع استمرار هيمنة المتاجر الكبرى (وأماكن بيع الأغذية الشبيهة بها)، وتوسعها خاصة في أفريقيا.

وكان تحوّل بيع الأغذية بالتجزئة موازيًا للتغيّرات التي طرأت على قطاع الخدمات الغذائية، مثل التحوّل من المطاعم الصغيرة المستقلة إلى مطاعم الوجبات السريعة وسلاسل المقاهي. وكما هي الحال مع المتاجر الكبرى، فإن التحوّل في الخدمات الغذائية كان أسرع بكثير في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل مقارنة بالبلدان الرائدة المرتفعة الدخل. وفي مقابل الابتكارات التي برزت في مرحلة أولى في ما يخص المنتجات والعمليات في البلدان المرتفعة الدخل، فقد انتشرت بسهولة في ما بعد حيث اضطلعت الشركات المتعددة الجنسيات بالاستثمارات الأجنبية المباشرة بحثًا عن أسواق جديدة مربحة. ونشأت سلاسل الخدمات الغذائية المحلية وانتشرت لخدمة المستهلكين ذوي الدخل المنخفض وأسواق الطبقة المتوسطة الناشئة. وفي الولايات المتحدة الأمريكية، كانت حصة السعرات الحرارية من الأغذية التي تم شراؤها لغرض استهلاكها خارج المنزل 17 في المائة في عام 1977 و34 في المائة في عام 2011.66,65 وتضاعف إجمالي مبيعات الشركات الرائدة في مجال الخدمات الغذائية المتعددة الجنسيات في آسيا ثلاث مرات بين عامي 2008 و2018ا.55

يحدد النمو الاقتصادي والتوسع الحضري والتقدم التكنولوجي والعولمة شكل التغيّرات الغذائية ويؤثر على الإنتاج الزراعي. وإن المستهلكين الميسورين والطلب المتزايد على الأغذية المجهَّزة والعالية الجودة من شأنهما أن يحفزا التغيّرات في قطاعات البيع بالتجزئة والتوزيع، فضلًا عن الصناعات الغذائية. وتؤدي هذه الاتجاهات إلى زيادة الطلب على إنتاج زراعي موحد أكثر وأعلى جودة وأكبر كمية من قبل المزارعين.

وعلى طول مسار التنمية، تتبلور هذه التحولات على ثلاث مراحل وتحركها الشركات الخاصة التي تسعى إلى تحقيق أرباح من خلال الابتكارات القائمة على التكنولوجيات الجديدة والممارسات التجارية الجديدة والمنتجات الجديدة.68,67,55

وفي المرحلة الأولية من التحوّل، تكون سلاسل القيمة التقليدية قصيرة، حيث يبيع المزارعون منتجاتهم بشكل مباشر للمستهلكين النهائيين أو صغار التجار والمجهزين. وإن نسبة أقل من القيمة المضافة تأتي من الأنشطة خارج المزرعة مثل عمليات التجهيز أو التوزيع. وتتسم الأسواق عادة بمعاملات فورية من دون عقود ولا معايير رسمية.68

ومع تزايد التوسع الحضري، ينتقل الناس من المناطق الريفية والمناطق ذات الإنتاج الزراعي الأولي، كما أنه مع ارتفاع الدخل، يزيد الطلب على الأغذية المجهَّزة والعالية الجودة. وفي هذه المرحلة الانتقالية، يتطور العديد من المشاريع الصغرى والصغيرة والمتوسطة الحجم في قطاع تجارة الأغذية بالتجزئة والتوزيع والتجهيز. واستجابة لارتفاع مستوى وعي المستهلك، تبرز معايير الجودة والسلامة العامة والخاصة. ولا تزال الأسواق الفورية تهيمن على الأسواق، ولكن التكامل والتنسيق العمودي من خلال التعاقد يبدأ في التطور (أنظر الإطار 4.1).68,55

ومع توسع سلاسل القيمة وأحجام السوق، تترسّخ أكثر فأكثر وفورات الحجم والتخصص في تجارة الأغذية بالتجزئة وعمليات التجهيز. ويزيد عدد كبار التجار بالتجزئة، مثل المتاجر الكبرى، وتصبح سلاسل القيمة متكاملة ومنسقة بشكل متزايد بشكل عمودي، ما يشير إلى التحوّل نحو سلاسل القيمة الحديثة (أنظر أيضا الإطار 2.2 في القسم الثاني). ومن ثم يطالب المستهلكون وصناعة الأغذية على نحو متزايد بمعايير الجودة والسلامة.71,68

ومع أن التحوّل من سلاسل القيمة التقليدية إلى سلاسل القيمة الحديثة بدأ مع الثورة الصناعية، واستغرق قرنًا من الزمن تقريبًا في أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية، فقد بدأ في العديد من المناطق النامية في وقت لاحق وكان أسرع بكثير.17 وبدأت عملية التحوّل هذه في ثمانينيات القرن الماضي في أجزاء من شرق آسيا (باستثناء جمهورية الصين الشعبية) وبلدان أكبر في أمريكا الجنوبية (مثل البرازيل)؛ واستمرت في التسعينيات في أمريكا الوسطى، وأجزاء من أمريكا الجنوبية (على سبيل المثال في شيلي وكولومبيا والمكسيك)، وأجزاء من جنوب شرق آسيا وجنوب أفريقيا. وخلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تبعت ذلك اقتصادات ناشئة في آسيا (مثل جمهورية الصين الشعبية والهند وفييت نام) وبلدان أخرى في أمريكا الجنوبية (بما في ذلك بيرو ودولة بوليفيا المتعددة القوميات). وبدأت العملية أيضًا في أفريقيا الجنوبية (زامبيا) وشرق أفريقيا (كينيا) وغرب أفريقيا (غانا ونيجيريا والسنغال) في العقد الأول من القرن الحالي.68

وتختلف وتيرة التحوّل باختلاف السلع الأساسية، حيث تتحول سلاسل قيمة الحبوب في الغالب أولًا، ثم تتبعها المنتجات الحيوانية، والفاكهة والخضار الطازجة، ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى تعايش سلاسل القيمة الغذائية التقليدية والانتقالية والحديثة في الكثير من البلدان النامية.68,17

وعلى طول عملية التحوّل، تزداد حصة القيمة المضافة من قطاع الأغذية في إجمالي القيمة المضافة الزراعية والغذائية، في حين تنخفض حصة القيمة المضافة من الزراعة. وفي البلدان التي تمرّ بمرحلة انتقالية، لا تزال الزراعة تهيمن على إجمالي القيمة المضافة الغذائية والزراعية (الشكل 14.1). ومع ارتفاع متوسط دخل الفرد، تنخفض مساهمة الزراعة في إجمالي القيمة المضافة الزراعية للأغذية. وفي الوقت نفسه، يؤدي التصنيع الناشئ وتطوير قطاع تجهيز وتوزيع الأغذية إلى زيادة في حصة الأغذية في مجموع القيمة المضافة الزراعية والغذائية.و

الشكل 14.1
حصة القيمة المضافة للزراعة والأغذية من إجمالي القيمة المضافة الزراعية والغذائية بحسب الدخل، 2017

من المرجح أن تكون أكبر الآثار على صعيد الرفاه الناجمة عن التجارة وتحوّل أسواق المنتجات الزراعية والغذائية مفيدة لمستهلكي الأغذية. وتؤدي الزيادات في الإنتاجية، جنبًا إلى جنب مع المزيد من المبادلات التجارية والمنافسة، إلى زيادات في مدى توفر الأغذية الآمنة والمغذية، وانخفاض أسعارها، الأمر الذي يؤدي إلى تحسين القدرة على الحصول على الأغذية. وبالنسبة إلى الكثيرين، تؤدي هذه العملية إلى تحسين الأمن الغذائي وكذلك النظم الغذائية، حيث أنها تزيد من فرص الحصول على الأغذية الغنية بالمغذيات الدقيقة مثل الفاكهة والخضار والأغذية الحيوانية المصدر.

وفي الوقت نفسه، يرى بعض المحللين أن العولمة، وتزايد أساليب الحياة الحضرية، والتحولات المرتبطة بها في إنتاج الأغذية وسلاسل القيمة الغذائية، عوامل تساهم في التحوّل نحو أنماط غذائية أقل صحة، وفي الانتشار المتزايد للإفراط في التغذية والسمنة في أنحاء كثيرة من العالم (أنظر الإطار 5.1).72,16,15,11 وفي العديد من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، تتعايش حالات الإفراط في التغذية والسمنة مع نقص التغذية والنقص في المغذيات الدقيقة، وهو ما يشير إلى «العبء الثلاثي» الناجم عن سوء التغذية.

ويستكشف الجزء الثاني كذلك الآثار الاقتصادية والصحية لسلاسل القيمة العالمية على المستهلكين، فضلًا عن الروابط القائمة مع عدم المساواة والآثار البيئية. كما يناقش الجزء الثالث مسألة دمج صغار المزارعين في الأسواق الحديثة وإدماجهم في سلاسل القيمة الحديثة.

يقوم الجزء الثاني بتحليل بيانات التجارة الدولية وينظر في ظهور سلاسل القيمة العالمية الزراعية والغذائية وتطوّرها. ويوفّر إطارًا لتكوين فهم أفضل لسلاسل القيمة العالمية وتأثيرها على النمو والتنمية في قطاعي الأغذية والزراعة. ومن خلال السماح بتقسيم عملية الإنتاج إلى مراحل في مختلف البلدان، تُعتبر سلاسل القيمة العالمية فرصةً للبلدان النامية من أجل زيادة الإنتاجية. وتجري مناقشة السياسات التجارية وتدابير أخرى يمكنها أن تشجّع على المشاركة في سلاسل القيمة العالمية، فضلًا عن تداعيات جائحة كوفيد 19- على التجارة وتطوّر هذه السلاسل. وينظر هذا التحليل أيضًا في الآليات التي يمكنها مساعدة سلاسل القيمة العالمية في معالجة المقايضات بين الأهداف الاقتصادية والبيئية على نحوٍ فعال أكثر.

الرسائل الرئيسية

1 ظهرت سلاسل القيمة العالمية بسرعة وهي واسعة الانتشار في قطاعي الأغذية والزراعة. ويتمّ تداول حوالي ثلث الصادرات الزراعية والغذائية العالمية ضمن سلاسل القيمة العالمية.

2 يمكن أن تكون سلاسل القيمة العالمية الزراعية الغذائية معقدة لا سيما وأنها تقوم في عدة بلدان. إنما نظرًا إلى أن الإنتاج مقسّم إلى مراحل مختلفة، يمكن أن يشارك المزارعون والشركات بسهولة أكبر في المرحلة (المراحل) التي تسمح لهم بتعزيز ميزاتهم النسبية على نحو أفضل.

3 يمكن أن تحفّز المشاركة في سلاسل القيمة العالمية إنتاجية المزارعين عن طريق نشر التكنولوجيات المحسّنة والمعرفة. إنما قد يُستبعد بعض المزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة الذين يفتقرون إلى المهارات والأصول المطلوبة من هذه الأسواق الحديثة.

4 كذلك، يمكن أن تؤثر القيود على الصادرات استجابةً لجائحة كوفيد 19-على أسواق الأغذية العالمية، وأن تضرّ بالبلدان النامية المنخفضة الدخل والمستوردة للأغذية. فإن التحوّل من سلاسل القيمة العالمية إلى عمليات إنتاج محلية، الذي قد تسبّبه الجائحة، يمكن أن يعيق أيضًا الإنتاجية والقدرة على الصمود.

الإجراءات الرئيسية

من شأن خفض الحواجز أمام التجارة أن يعزّز سلاسل القيمة العالمية ويساهم في تحقيق النمو في قطاعي الزراعة والأغذية. ففي كلّ مرة تعبر فيها المنتجات الحدود، تخضع لتعريفات مفروضة على الواردات تتفاقم على امتداد سلاسل القيمة العالمية وتعيق توليد القيمة المضافة.

يجب أن تُستكمل السياسات التجارية التي تعزّز الأسواق المفتوحة بتدابير تحسّن القدرة على التنافس في سلاسل القيمة العالمية الحديثة. وتشمل هذه التدابير الاستثمارات في البنية التحتية، ووضع الأنظمة الفعالة، والأهم من كل ذلك اتخاذ تدابير لغرض تحسين مهارات المزارعين والعمال.

حين تترافق سلاسل القيمة العالمية مع خطط إصدار شهادات الاستدامة، يمكنها أن تساعد في مواءمة الجهود العالمية للتصدي لتحديات الاستدامة. كذلك، فإن التنسيق بين معايير الاستدامة وإصدار الشهادات في البلدان يمكنه أن يسهّل تطبيقها على سلاسل القيمة العالمية الزراعية والغذائية.

بإمكان الاتفاقات التجارية الإقليمية أن تحفّز المشاركة في سلسلة القيمة العالمية والإصلاحات المؤسسية والسياساتية. لكن في ظلّ استمرار اعتماد الكثير من البلدان الضعيفة على الأسواق العالمية، ينبغي للجهود الدولية أيضًا أن تسعى إلى تشجيع التجارة المتعددة الأطراف.

تتّسم زيادة الوعي إزاء مساهمة التجارة وسلاسل القيمة العالمية في النمو والأمن الغذائي بالأهمية في التصدّي للتحديات التي تطرحها جائحة كوفيد 19-. أمّا السياسات التي تروّج للتجارة الدولية، فهي تزيد المكاسب على مستوى الكفاءة وتعزّز القدرة على الصمود في وجه الصدمات.

تطوّر سلاسل القيمة العالمية الزراعية والغذائية

سلاسل القيمة العالمية في أسواق المنتجات الزراعية الغذائية

منذ 1995، ازدادت التجارة الدولية في السلع الزراعية والأغذية أكثر من الضعف من حيث القيمة الحقيقية (أنظر الشكل 1.1 في الجزء الأول). غير أن التركيز على قيمة التجارة التي يتم قياسها من خلال الصادرات الإجمالية وحدها قد يحجب تطورات مهمة في الأسواق العالمية.

وقد استخدمت الشركات بشكل متزايد على مرّ الزمن التجارة الدولية لتعزيز التخصّص والميزة النسبية من خلال «تجزئة» عملية الإنتاج إلى مراحل وتحديد الموقع الأقل كلفةً لكل من هذه المراحل. وقد أدى ذلك إلى عمليات إنتاج تمتد عبر الحدود، الأمر الذي أفضى إلى قيام سلاسل قيمة عالمية - أي سلاسل إنتاج تشمل ما لا يقلّ عن ثلاثة بلدان. ولطالما شكّلت سلاسل القيمة العالمية ميزة نموذجية في قطاعي التصنيع والخدمات. بالفعل، يحصل حاليًا حوالي نصف التجارة العالمية بالسلع والخدمات من خلال سلاسل القيمة العالمية.1

وتوجد سلاسل القيمة العالمية في قطاعي الأغذية والزراعة. ويقدّر هذا التقرير أنه يتم تداول حوالي ثلث الصادرات الزراعية والغذائية ضمن سلاسل القيمة العالمية. ويتم تبادل البذور والأسمدة، والسلع الزراعية الأولية (مثل الحبوب)، والمنتجات المجهّزة والوسيطة (مثل زيت فول الصويا أو الحليب المجفف)، إنما أيضًا بالخدمات والمدخلات الصناعية، بين مراحل الإنتاج المختلفة التي تمتد في بلدان متعددة.

ومع أن سلاسل القيمة العالمية موضوع حديث النشأة نسبيًا في التحليلات، غير أنها تستند إلى المفاهيم الأساسية المتصلة بالميزة النسبية والتخصّص في الإنتاج، والتي ترقى أصولها إلى النظرية الاقتصادية التقليدية التي كانت قائمة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.3,2 فالنظر إلى التجارة الدولية من منظور سلسة القيمة العالمية يساعد في فهم كيفية مساهمة التجارة في القيمة المضافة التي تتولّد في البلد المعني. كذلك، يسمح تحليل سلسلة القيمة العالمية بتجزئة قيمة الصادرات الإجمالية إلى القيمة التي تمّ استيرادها - ثم تمّ استخدامها لأغراض التصدير - والقيمة التي تُضاف أو تتولّد على الصعيد الداخلي (أنظر الإطار 1.2 لمزيد من الشرح حول المصطلحات الرئيسية، والإطار 2.2 للاطّلاع على مثالٍ عن ذلك).

دفع التراجع في تكاليف النقل وانخفاض الحواجز التجارية، مثل التعريفات على الاستيراد، ظهور سلاسل القيمة العالمية، ما أدّى إلى نشوء العولمة. وبفعل هذه الاتجاهات، بات تقسيم عمليات الإنتاج ونشرها في البلدان أكثر جاذبيةً. كما أن التطوّرات التكنولوجية وظهور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات قد جعلا التنسيق بين البلدان أرخص ثمنًا، الأمر الذي عزّز سلاسل القيمة العالمية على نحوٍ أكبر (أنظر أيضًا المناقشة حول تكاليف التجارة والاتصالات في الجزء الأول).

وبإمكان التجارة الدولية أن تحسّن تخصيص الموارد وتساهم في الكفاءة الاقتصادية، بما يحفّز النمو والإنتاجية لدى الشركاء في التجارة.6,5,4 علاوةً على ذلك، تشير الأدبيات الحديثة إلى أن التجارة المتصلة بسلسلة القيمة العالمية تترك أثرًا إيجابيًا قويًا على الإنتاجية والدخل للفرد الواحد مقارنةً بالتجارة الثنائية غير المتصلة بسلسلة القيمة العالمية.7 ويمكن أن تتيح المشاركة في سلاسل القيمة العالمية قدرةً تنافسيةً أكبر وتكاملًا أفضل بين تدفقات التجارة والاستثمارات، وأن تؤدي إلى تحسين الوصول إلى التكنولوجيا والمعرفة، وهي تساعد جميعها في الارتقاء إلى أنشطة ذات قيمة مضافة أعلى.

يمكن أن توفّر الزراعة الموجّهة نحو التصدير والتي تحفّزها سلاسل القيمة العالمية، فرص عمل في المزرعة وخارجها. كما أن توسيع نطاق الإنتاج الزراعي يزيد فرص العمل في هذا القطاع. غير أن تعزيز الإنتاج يعني أيضًا زيادة الطلب على المدخلات، ما قد يكون له أثر صادم على العمل في صناعات البذور والأسمدة مثلًا، وفي قطاعات النقل والخدمات التجارية الكثيفة العمالة نسبيًا.

كذلك، تشارك البلدان النامية، بما في ذلك بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، في سلاسل القيمة العالمية الزراعية والغذائية.11 وتتيح هذه السلاسل للمزارعين والشركات في البلدان النامية المشاركة في أنشطة التصدير والاستفادة منها، لا سيما وأنه من الأسهل الدخول إلى السوق العالمية حين تكون شرائح الإنتاج أصغر حجمًا وأكثر تحديدًا. غير أنّ المنافع المتأتية من المشاركة في سلسلة القيمة العالمية ليست تلقائية، وهناك درجة كبيرة من التباين بشأنها. على سبيل المثال، مع أنه من المتوقع أن تحفز التجارة النمو الاقتصادي، شهد الكثير من البلدان النامية زيادةً في اللامساواة بعدما أصبحت أكثر عرضةً للأسواق المفتوحة، وذلك في أغلب الأحيان بفعل عدم وجود سياسات واستثمارات تكميلية ومهارات قابلة للنقل في القطاعات التي كانت الأشدّ تأثرًا بالإصلاحات التجارية.12

الاتجاهات الأخيرة في سلاسل القيمة العالمية الزراعية والغذائية

ازدادت في قطاع التصنيع المشاركة في سلسلة القيمة العالمية من 45 في المائة تقريبًا عام 1995 إلى أكثر من 50 في المائة عام 2007، ثم تراجعت إلى أدنى بقليل من 50 في المائة عام 2015ا.14أ كما أن معدلات المشاركة في سلسلة القيمة العالمية في قطاعات الزراعة والأغذية والمشروبات أدنى إنما اتبعت اتجاهًا مماثلًا.

ويتيح النظر إلى التجارة من خلال عدسة سلسلة القيمة العالمية تجزئة الصادرات الإجمالية إلى تجارة متصلة بسلسلة القيمة المضافة (الروابط الخلفية والأمامية على السواء) والتجارة الثنائية غير المتصلة بسلسلة القيمة العالمية (الشكل 1.2). وعلى الصعيد العالمي، ارتفع متوسط المشاركة في سلاسل القيمة العالمية الزراعية والغذائية بشكل حاد من حوالي 30 في المائة عام 1995 إلى أكثر من 35 في المائة عام 2008، ثم تراجع بشكل طفيف.ب وفي عام 2015، كان نحو ثلث القيمة المضافة الزراعية والغذائية الإجمالية التي تم تصديرها جزءًا من سلسلة قيمة شملت ثلاثة بلدان على الأقل (34 في المائة في الزراعة و33 في المائة في قطاع الأغذية والمشروبات؛ أنظر الشكل 2.2، القسمان ألف وباء على التوالي).

الشكل 1.2
الصادرات الإجمالية على المستوى العالمي والمشاركة في سلسلة القيمة العالمية، 2015-1995

تشكّل السلع الزراعية مدخلات أساسية في قطاع الأغذية والمشروبات وفي قطاعات أخرى وبالتالي، تتم المشاركة في سلسلة القيمة العالمية في الزراعة بمعظمها من خلال الروابط الأمامية (الشكل 1.2، القسم ألف). وفي المتوسط، ترتبط حصة كبيرة من الإنتاج الزراعي بسلاسل القيمة العالمية عن طريق الصادرات، ما يؤدي إلى روابط أمامية كثيرة (22 في المائة من قيمة الصادرات الإجمالية). أمّا الروابط الخلفية للزراعة، فهي تعكس الواردات من المدخلات، مثل البذور والأسمدة، فضلًا عن الاستخدام الكبير للخدمات في عملية الإنتاج (من قبيل ضوابط الجودة والخدمات اللوجستية والتخزين والخدمات المالية). وعلى الصعيد العالمي، فيما تعبر الصادرات الحدود، تفضي هذه الروابط الخلفية إلى احتساب مزدوج للقيمة المضافة وتشكّل جزءًا صغيرًا نسبيًا - حوالي 12 في المائة - من مجموع قيمة الصادرات الإجمالية (على الصعيد القطري، تعكس الروابط الخلفية القيمة المضافة الخارجية؛ أنظر الإطارين 2.3 و4.2). كذلك، فإن الجزء الأكبر من قيمة الصادرات الزراعية، أي حوالي 88 في المائة، يعكس القيمة المضافة المحلية، وهي القيمة الناشئة عن الأرض والعمالة، أي عوامل الإنتاج التي لا يتم التداول بها دوليًا. ويمكن أن تصبح هذه القيمة المضافة المحلية جزءًا من المرحلة النهائية من سلسلة القيمة العالمية من خلال الروابط الأمامية.

ويوجد قطاع الأغذية والمشروبات (الذي يضمّ جميع المنتجات المجهّزة) في وسط سلسلة القيمة أو في نهايتها. وعلى الصعيد العالمي، يمكن مقارنة معدل المشاركة في سلسلة القيمة العالمية الخاصة بها بمعدل مشاركة السلسلة الخاصة بالزراعة (في المتوسط، 33 في المائة؛ أنظر الشكل 1.2، القسم باء). غير أن قطاع الأغذية والمشروبات ينطوي على حصة أكبر من الروابط الخلفية في الإنتاج مقارنةً بالزراعة (حوالي 22 في المائة) وعلى عدد أقل نسبيًا من الروابط الأمامية (11 في المائة). ويُعزى هذا الأمر إلى كون القطاع يستخدم سلعًا زراعية محلية ومستوردة فضلًا عن مدخلات من قطاعات أخرى على نطاق واسع. وحين يتم استيراد هذه السلع، يؤدي ذلك إلى مستوى كبير من القيمة المضافة الخارجية المكرّسة في الصادرات. بالتالي، وعلى الصعيد العالمي، يتشكل جزء كبير من الصادرات الإجمالية من الروابط الخلفية ولذا، يتم احتسابها مرةً ثانية. كما أن جزءًا من الروابط الأمامية لقطاع الأغذية والمشروبات يتعلق بالصادرات من المنتجات المجهَّزة تجهيزًا خفيفًا، مثل مستخرج عصير البرتقال، التي يمكن أن تستخدمها صناعة الأغذية في بلدٍ آخر وتُخضعها لمزيد من التجهيز قبل إعادة تصديرها (أنظر الإطار 2.2 للاطلاع على مثال عن ذلك).

وتبلغ الصادرات العالمية من الأغذية والمشروبات حوالي ضعفي الصادرات العالمية من السلع الزراعية، وبالأرقام المطلقة، فإن الزيادة السريعة في قيمتها بين عامي 2002 و2008 ملحوظة (أنظر أيضًا المناقشة حول تطور التجارة في الجزء الأول). كما أن الحصة المتزايدة لصادرات سلسلة القيمة العالمية ذات الروابط الخلفية تبيّن أن الاتجاه في مجموع الصادرات الإجمالية لا يُعزى بمجمله إلى القيمة المضافة التي نشأت حديثًا.

وقد ازدادت التجارة المتصلة بسلسلة القيمة العالمية بوتيرة أسرع من التجارة الثنائية غير المتصلة بهذه السلسلة، أقلّه حتى وقوع الأزمة المالية عام 2008، ومنذ ذلك الحين تعثّر الاندماج في سلسلة القيمة العالمية.ج بالفعل، إن آثار الأزمة المالية واضحة في سلاسل القيمة العالمية الخاصة بقطاعي الزراعة والأغذية والمشروبات، حيث تتوزع هذه الآثار على ثلاث مراحل: (1) تراجعت معدلات المشاركة في سلسلة القيمة العالمية بشكل كبير عام 2009؛ (2) وظهرت آثار ارتدادية في الفترة 2010-2011؛ (3) وشهدت معدلات المشاركة في سلسلة القيمة العالمية ركودًا منذ عام 2011. علاوةً على ذلك، وبالنسبة إلى القطاعين كليهما، بقيت حصة الروابط الخلفية والأمامية على حالها تقريبًا خلال الفترة 1995-2015. وهذا يشير إلى أن التغييرات في إجمالي المشاركة في سلسلة القيمة العالمية - أي زيادة التجارة من خلال الروابط الخلفية والأمامية - موّجهة بتأثيرات الحجم أكثر منه بالتغييرات في موقع الشركات في سلاسل القيمة المختلفة، الأمر الذي قد يعني أن الروابط الخلفية والأمامية تتطور بشكل مختلف.

لقد أثّر كل من الأزمة المالية والتباطؤ في النشاط الاقتصادي على التجارة بكاملها. إنما قد يُعزى التراجع في التجارة في جزء منه إلى وجود تغيير هيكلي في العلاقة القائمة بين التجارة والناتج المحلي الإجمالي. وقد يكون نتيجة تباطؤ وتيرة التنسيق العمودي الدولي بفعل التباطؤ الاقتصادي الواضح في تطور سلاسل القيمة العالمية.18

وتختلف معدلات المشاركة في سلسلة القيمة العالمية بشكل كبير من بلدٍ إلى آخر (هذا ما يبيّنه الشكل 2.2 في قطاع الزراعة). وتميل البلدان الصغيرة إلى مزاولة التجارة بشكل أكبر وبالتالي، بات من المرجح أكثر أن تشارك في سلاسل القيمة العالمية.د وهذا يبيّن أيضًا أن البلدان الصغيرة أكثر انفتاحًا نسبيًا على التجارة لا سيما وأن اقتصاداتها ليست كبيرة وهي في العادة أقل تنوعًا.19 أمّا المعدلات الأعلى للمشاركة في سلسلة القيمة العالمية في البلدان الصغيرة، فهي تعني اعتمادًا أقوى على الواردات - من خلال الروابط الخلفية في سلسلة القيمة العالمية - وقيام روابط أوثق بالأسواق الدولية - عن طريق الروابط الأمامية في سلسلة القيمة العالمية.

الشكل 2.2
معدلات المشاركة في سلسلة القيمة العالمية في قطاع الزراعة عام 2015

وبصورة عامة، غالبًا ما تكون للبلدان المنخفضة الدخل روابط خلفية متدنية، لا سيما وأنها متخصصة بشكل أساسي في إنتاج السلع الزراعية وتصديرها. أمّا روابطها الأمامية، فتختلف إلى حدّ بعيد، بحسب مجموعة من العوامل، بما في ذلك الجغرافيا. لدى نيبال مثلًا روابط خلفية وأمامية متدنية نسبيًا، إذ إنها تمارس التجارة بصورة خاصة مع الهند أكثر منه مع الأسواق العالمية. وقد تظهر في البلدان المتوسطة الدخل مجموعة من أنماط المشاركة في سلسلة القيمة العالمية.

أمّا غانا، وهي من البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا، فتدخل سلاسل القيمة العالمية بعدد أكبر بكثير من الروابط الأمامية (الشكل 3.2 والإطار 3.2). وفي المقابل، في فييت نام، وهو أيضًا من البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا، تكون المشاركة في سلسلة القيمة العالمية واسعة نوعًا ما وتتمّ بشكل رئيسي من خلال الروابط الخلفية (الشكل 3.2 والإطار 4.2).

الشكل 2. 3
الروابط الأمامية والخلفية في سلسلة القيمة العالمية في عام 2015 (تصنيف البلدان ضمن مجموعات بحسب مستوى الدخل)
الشكل 5.2
الصادرات الإجمالية والمشاركة في سلسلة القيمة العالمية في فييت نام

في البرازيل، وهو من البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة العليا، تبقى معدلات المشاركة في سلسلة القيمة العالمية دون المتوسط العالمي في قطاع الزراعة وقطاع الأغذية والمشروبات. كما أن روابطه الأمامية أقل بكثير من الروابط القائمة في غانا، لا سيما وأن التجارة ثنائية في معظمها - مثلًا مع الولايات المتحدة الأمريكية بفعل الاتفاقات التجارية - وليست من خلال سلاسل القيمة العالمية (الشكل 3.2).

وبعض البلدان المرتفعة الدخل - لا سيما في أوروبا - تدخل في سلاسل القيمة العالمية الزراعية من خلال المزج بين الروابط الخلفية العالية والروابط الأمامية الكثيرة. فألمانيا، التي هي دولة مرتفعة الدخل، تشكّل مثالاً عن اقتصاد ذات كثافة تصدير عالية ومشاركة كبيرة في سلسلة القيمة العالمية. وعادةً ما يكون لبلدان أخرى مرتفعة الدخل عدد أكبر من الروابط الخلفية إنما عدد أقل نسبيًا من الروابط الأمامية (الشكل 3.2).

المشاركة في سلسلة القيمة العالمية والنمو الاقتصادي

المشاركة في سلسلة القيمة العالمية والقيمة المضافة في القطاعات الاقتصادية

إن العلاقة بين التجارة الدولية والنمو الاقتصادي معقدة. إنما هناك الكثير من الأدلة التجريبية الواسعة النطاق التي تفيد بأن التجارة تعزز النمو والتنمية في الأجل الطويل. أمّا في الأجل القصير، فيتمتع كل بلد بميزة نسبية في بعض السلع والخدمات وقد تجني جميع البلدان المكاسب لدى انخراطها في التجارة. وفي الأجل الطويل، بإمكان هذه المكاسب في الكفاءة، بالاقتران مع آثار التكنولوجيا ونقل المعرفة التي تحفزها التجارة، أن تولّد منافع ديناميكية من حيث الإنتاجية الأعلى والابتكار، ما يؤدي إلى النمو الاقتصادي. كما أن العلاقة بين التجارة والنمو الاقتصادي تسير بالاتجاهين، إذ إن النمو الاقتصادي يحفّز التجارة الدولية في الوقت ذاته، من خلال تعزيز الطلب.

وتبيّن الأدلة الناشئة أن المشاركة في سلاسل القيمة قد تكون أكثر فائدة للنمو والإنتاجية من التجارة الثنائية غير المتصلة بسلسلة القيمة العالمية.7 بالفعل، ثمة ارتباط إيجابي بين نمو القيمة المضافة الزراعية والغذائية والنمو في المشاركة في سلسلة القيمة العالمية، مع أن هذا لا يعني وجود علاقة سببية (الشكل 6.2). ففي القطاعين – الزراعة والأغذية والمشروبات - غالبًا ما تشهد البلدان التي تسجل معدل نمو أعلى في المتوسط للقيمة المضافة نموًا أعلى في مستويات المشاركة في سلسلة القيمة العالمية.ه

الشكل 6.2
العلاقة بين نمو القيمة المضافة ونمو المشاركة في سلسلة القيمة العالمية بين عامي 1995 و2015 (تصنيف البلدان ضمن مجموعات بحسب مستوى الدخل

غير أن عددًا من الدراسات التجريبية، التي تستند إلى بيانات مجمّعة من مختلف القطاعات الاقتصادية، بيّنت وجود آثار سببية مهمة للمشاركة في سلسلة القيمة العالمية على القيمة المضافة بالنسبة إلى البلدان المتوسطة والمرتفعة الدخل، وآثار طفيفة على البلدان المنخفضة الدخل. وبصورة خاصة، يشير التحليل إلى أن وجود مزيد من الروابط الخلفية (من خلال مزيد من الواردات ذات القيمة المضافة الخارجية) لم يحقق نموًا اقتصاديًا في بعض البلدان النامية المنخفضة الدخل؛ وتتميز هذه البلدان بمجموعات من المهارات المتدنية وبالتالي، بقدرة متدنية على التعلّم واستيعاب المعرفة لتطبيق التطورات التكنولوجية التي يمكن نشرها بطريقة أخرى وتعزيز النمو.23 وتعتمد هذه العلاقة بين المشاركة في سلسلة القيمة العالمية والنمو على القدرة على التكيّف مع عمليات الإنتاج والابتكار على حد سواء. على سبيل المثال، إن تعليم القوة العاملة ومهاراتها، والأنظمة التي تعزز مؤسسات الأعمال، والاستثمارات في البحوث والتطوير تعكس جميعها قدرة البلاد على الدخول في سلاسل القيمة العالمية على نحو فعال.

كذلك، فإن معظم الدراسات التي تحلّل آثار المشاركة في سلسلة القيمة العالمية على النمو الاقتصادي تنظر إلى الاقتصاد ككلّ. وبالفعل، تربط سلاسل القيمة العالمية بين الأنشطة الاقتصادية في قطاعات مختلفة وفي بلدان مختلفة. وتتأتى حصة كبيرة من نمو القيمة المضافة في قطاع الزراعة داخل البلد من الروابط بقطاعات اقتصادية أخرى. فازدياد صادرات سلسلة القيمة العالمية من قطاع الأغذية والمشروبات، وقطاعات أخرى تستخدم المدخلات المتأتية من الزراعة، يمكنه أن يعزّز على نحو أكبر مشاركة الزراعة في التجارة العالمية وأن يولّد قيمة مضافة. كذلك، تربط سلسلة القيمة العالمية بين القطاعات الاقتصادية في البلدان. وعلى الصعيد العالمي، تشكّل الزراعة 20 في المائة من القيمة المضافة الخارجية في صادرات سلسلة القيمة العالمية من الأغذية والمشروبات.

وبهذه الطريقة، بإمكان سلاسل القيمة العالمية، من خلال التكنولوجيا وآثار المعرفة، أن تولّد المنافع للاقتصاد بكامله وللبلدان الأخرى. وتتضمن الصادرات من السلع الزراعية والأغذية والمشروبات القيمة المضافة التي تولّدها مجموعة من القطاعات الاقتصادية التي تقوم بتوريد المدخلات، مثل الأسمدة والطاقة والخدمات. كما أن جزءًا كبيرًا من القيمة المضافة الخارجية في الصادرات الزراعية والغذائية، يتوفر من قطاع الخدمات - في عام 2015، بالنسبة إلى قطاعي الزراعة والأغذية والمشروبات، شكّلت الخدمات نسبة 42 في المائة و38 في المائة من القيمة المضافة الخارجية المترسخة في صادرات سلسلة القيمة المضافة، على التوالي.16

إضافةً إلى ذلك، تتأتى حصة كبيرة من المدخلات المستوردة (في المتوسط 22 في المائة عام 2015) من قطاع المواد الكيميائية والمواد الخام (الذي يتضمن أيضًا النفط). وتعكس هذه الحصة الكبيرة في جزء منها عولمة أسواق الأسمدة والمبيدات. كما أن حصة التصنيع (بما في ذلك الآلات) في القيمة المضافة الخارجية كبيرة في قطاع الزراعة وقطاع الأغذية والمشروبات، بنسبة تبلغ 19 في المائة و16 في المائة، على التوالي.

كذلك، تحدّد هذه الروابط قوة العلاقة بين المشاركة في سلسلة القيمة العالمية والنمو الاقتصادي وقدرة البلاد على استيعاب التكنولوجيا والمعرفة بشكل فعّال. فالعوامل مثل بنية الاقتصاد والجغرافيا، وحجم السوق المحلية ومستوى التنمية، فضلًا عن أطر السياسات الحكومية الحاسمة هي عوامل مهمة. ومن المرجّح أن تختلف آثار المشاركة المتزايدة لسلسة القيمة العالمية بحسب السياسات التي تعزّز حركة عوامل الإنتاج، وبخاصة العمل، وبحسب الظروف التي تتيح توسّع النشاط الاقتصادي، مثل الاستثمارات في رأس المال البشري من خلال مهارات أفضل وبنية تحتية محسّنة وأنظمة فعالة.

المشاركة في سلسلة القيمة العالمية والقيمة المضافة للعمالة الزراعية

يشير التحليل أيضًا إلى أن التجارة في سلسلة القيمة العالمية تؤدي إلى قيمة مضافة أكبر للعمالة أو الإنتاجية للفرد الواحد.24 وتتمثل الآلية الرئيسية لذلك في كيفية تفكيك سلاسل القيمة لعملية الإنتاج - بما يتيح للمزارع والمؤسسات تعزيز الخيارات الإضافية المتاحة للميزة النسبية - ما يروّج لمنافسة أقوى ووصول أفضل إلى رأس المال والمعرفة. على سبيل المثال، في حال وجود المهارات الملائمة، يمكن أن تشكّل الروابط الخلفية قناة لنقل التكنولوجيا المحسّنة ما يؤدي إلى ممارسات زراعية أفضل وتحسين إنتاجية العمالة.

ويمكن أن تمثّل سلاسل القيمة العالمية أيضًا فرصة لدعم التحوّل الجاري في قطاع الأغذية والزراعة في البلدان النامية ولتحفيز التحوّل من إنتاجية منخفضة إلى قطاع زراعي أكثر تسويقًا وإنتاجية ذات روابط خلفية وأمامية أقوى بالاقتصاد المحلي والسوق العالمية.25

كما أن التقديرات التجريبية التي تستخدم البيانات عن المشاركة في سلسلة القيمة العالمية في 160 بلدًا بين عامي 1995 و2015، والتي وُضعت لغرض هذا التقرير، تقيم علاقة سببية بين المشاركة في سلسلة القيمة العالمية والقيمة المضافة الزراعية للعامل الواحد؛ وتبيّن أيضًا أن التغيرات في المشاركة في سلسلة القيمة العالمية قد تؤثر بشكل كبير على إنتاجية العمالة الزراعية التي تقاس بحسب القيمة المضافة لكل عامل (أنظر الشكل 7.2).و وعلى الصعيد العالمي، فإن زيادة بنسبة 1 في المائة في المتوسط في مشاركة قطاع الزراعة في سلسلة القيمة العالمية تؤدي إلى زيادة بنسبة تقارب 0.12 في المائة في إنتاجية العمالة في الزراعة، والتي تقاس بالقيمة المضافة الزراعية للعامل الواحد.

الشكل 7.2
تأثير التغيير بنسبة واحد في المائة في المشاركة في سلسلة القيمة العالمية على القيمة المضافة الزراعية للعامل الواحد

ويُعتبر أيضًا أن مشاركة أكبر لقطاع الأغذية والمشروبات في سلاسل القيمة العالمية تولّد آثارًا إيجابية على القيمة المضافة الزراعية للعامل الواحد، مع متوسط تأثير يبلغ حوالي 0.08 في المائة. ويُعزى هذا الأمر إلى الروابط القوية القائمة بين الزراعة وقطاع الأغذية: يمكن للسلع الزراعية التي يقوم قطاع الأغذية والمشروبات بإنتاجها محليًا ثم تجهيزها وتصديرها من خلال سلاسل القيمة العالمية أن ترفع مستوى الإنتاجية في الزراعة.

وتشير التقديرات أيضًا إلى أن المشاركة في سلاسل القيمة العالمية قد تفضي إلى آثار مستدامة وطويلة الأجل على إنتاجية اليد العاملة في الزراعة. وتستمر الزيادة في المشاركة في سلاسل القيمة العالمية بنسبة 1 في المائة في زيادة إنتاجية اليد العاملة الزراعية حتى بعد سنتين، مع أن هذه الآثار الطويلة الأجل تتقلّص بشكل معتدل مع مرور الزمن - أي أن تأثير المشاركة في سلسلة القيمة العالمية الزراعية ينخفض إلى 0.10 في المائة بعد سنتين.

كذلك، يوفّر تحليل إضافي للفترة الأقصر الممتدة بين عامي 2009 و2015 أدلّة على أن تأثير المشاركة في سلسلة القيمة العالمية على إنتاجية اليد العاملة الزراعية لم يشكّل ميزة مؤقتة في الفورة الاقتصادية التي شهدت ارتفاعًا في النمو في بداية القرن، إنما استمر خلال الفترة التي تراجع فيها النمو إلى حدّ بعيد بعد عام 2008. وهذا يشير إلى أنه في فترات النمو السريع، يشتري المجهّزون وتجار التجزئة المنتجات من المزارع، فيما يخرج الأقل إنتاجية من بينهم من سلسلة القيمة العالمية حين يشهد النمو ركودًا. وقد تفضي عملية الفرز هذه، حيث تبقى المزارع الأكثر إنتاجيةً فقط متصلة بالأسواق العالمية، إلى متوسط تأثير أعلى على الإنتاجية (الشكل 7.2).

وتساهم الروابط الخلفية والأمامية في سلسلة القيمة العالمية إلى حدّ كبير في إنتاجية اليد العاملة في قطاع الزراعة، وتُضاف إلى تأثير إجمالي للمشاركة في سلسلة القيمة العالمية (أنظر الشكل 7.2). بعبارة أخرى، إن الاستعانة بمزيد من المدخلات الخارجية للإنتاج المعدّ للتصدير وتوفير مزيد من المدخلات للشركاء الخارجيين لصادراتهم تأتي بمنافع اقتصادية.ذ ومن منظور السياسات، يعني ذلك أن السياسات التجارية المتعلقة بالتصدير والاستيراد على حد سواء هي سياسات حاسمة الأهمية.

السياسات الرامية إلى تعزيز المشاركة في سلسلة القيمة العالمية

ساهمت المفاوضات بشأن التجارة الدولية، خلال العقود الأربعة الأخيرة، ضمن الاتفاق العام بشأن التعريفات الجمركية، وبعدها في إطار منظمة التجارة العالمية، في انفتاح الأسواق العالمية. وقد تراجعت التعريفات الجمركية على الواردات المفروضة على السلع الزراعية والمنتجات الغذائية منذ تنفيذ اتفاق منظمة التجارة العالمية بشأن الزراعة في الفترة 1995-1996 (أنظر الشكل 12.1، الجزء الأول). وأطلق العديد من البلدان النامية إصلاحات في السياسات لتقليص الحواجز التجارية والانخراط في التجارة الدولية.

لكن بالرغم من هذه الإصلاحات، ما زالت الأسواق الزراعية والغذائية تحظى بحماية مرتفعة نسبيًا مقارنة بقطاعات اقتصادية أخرى. وبالفعل، إن متوسط التعريفات الجمركية على السلع الزراعية والأغذية أعلى بثلاثة أضعاف تقريبًا من التعريفات الجمركية المفروضة على سلع أخرى.33 كما أنها أعلى أيضًا في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل ممّا هي عليه في البلدان المرتفعة الدخل (أنظر الشكل 12.1، الجزء الأول). وفي بعض البلدان النامية، تكون التكاليف الأخرى المتصلة بالتجارة كبيرة بفعل الإنفاذ الضعيف للعقود والأنظمة، والبنية التحتية غير الملائمة في مجال النقل وتشوهات أخرى.34،ح

ومن شأن فتح الأسواق العالمية أن يجلب منافع لجميع الشركاء التجاريين وأن يولّد آثارًا مهمّة من خلال انتقال التكنولوجيا ونقل الدراية. ومن المرجح أن يفضي فتح الأسواق إلى منافع كبيرة في حال تمّ استكمالها بسياسات أخرى تستند إليها المنافسة، مثل التدابير التي تحسّن الحوكمة والبنية التحتية، وترتقي بالمهارات، وتزيل أوجه الجمود في أسواق العمل وتيسّر إعادة تخصيص العمل بين القطاعات. إنما ثمة مخاوف بشأن الآثار القصيرة الأجل لفتح التجارة، وبخاصة الآثار على توزيع الدخل وانعدام المساواة.36,35,12

وبهدف جني المنافع الناشئة عن المشاركة في سلسلة القيمة العالمية بالنسبة إلى النمو الاقتصادي، تتسم السياسات التجارية الملائمة في جانبي الاستيراد والتصدير بأهمية حاسمة. فالانفتاح على التجارة وإلغاء السياسات التي تسبّب تشوهات في الأسواق قد يعزّز فض الترابط بين عمليات الإنتاج على الصعيد الدولي، ويشجّع بالتالي على المشاركة في سلسلة القيمة العالمية. كذلك، يحفّز الانفتاح على التجارة، من خلال آليات مختلفة، الأنشطة الاقتصادية بصورة عامة، ويمكنه أن يسهّل تحوّل النظام الغذائي، بما في ذلك ظهور قطاع محلي للأغذية (أنظر الجزء الأول).

كما أن محاكاة نموذج التوازن العام الحاسوبي التي وُضعت لهذا التقرير (أنظر الإطار 5.2) تشير إلى أن إزالة الحواجز أمام التجارة والدعم المحلي المشوه للتجارة قد يعزّز الفرص للمشاركة في سلسلة القيمة العالمية، ويوّلد بدوره قيمة مضافة محلية.ط وهذا السيناريو افتراضي يقصد منه إظهار تأثير عملية تقليص الحواجز أمام التجارة وإزالة السياسات المحلية المشوّهة على المشاركة في سلسلة القيمة العالمية.

الانفتاح على التجارة والمشاركة في سلسلة القيمة العالمية

من المتوقع أن تؤدي إزالة جميع الحواجز أمام التجارة وتشوهات السوق، في صناعات الزراعة والأغذية والمشروبات، برفع مستوى المشاركة في سلسلة القيمة العالمية والقيمة المضافة من خلال الروابط الخلفية والأمامية في جميع الأقاليم.

في قطاع الزراعة، يعزّز الانفتاح على التجارة وإزالة التدابير المحلية المشوهة بصورة خاصة الروابط الخلفية في سلسلة القيمة العالمية فيما تزيد البلدان الواردات من المدخلات للزراعة، مثل البذور والأسمدة. ويؤدي هذا إلى زياداتٍ في الإنتاج ومزيد من الصادرات التي تتطابق مع زيادة في القيمة المضافة الخارجية. كذلك، تزداد القيمة المضافة المحلية إنما بدرجة أقل. وهذه الآثار قوية بصورة خاصة في أفريقيا وأوروبا (الشكل 10.2، الجدول ألف).ي

الشكل 10.2
الآثار المتوقعة للانفتاح على محاكاة التجارة بشأن المشاركة في سلسلة القيمة العالمية، التغيرات بالنسبة المئوية

أما في قطاع الأغذية والمشروبات، فتزداد أيضًا القيمة المضافة المحلية والخارجية في جميع الأقاليم، إنما في بعض الأقاليم، الروابط الخلفية (من خلال القيمة المضافة الخارجية) ليست مهمة بقدر القيمة المضافة المحلية كما هي الحال في الزراعة (الشكل 10.2، الجدول باء). ويعكس هذا وجود استراتيجيات مختلفة لتعزيز الانفتاح على التجارة العالمية. وقد ترفع بعض البلدان مستوى المشاركة في سلسلة القيمة العالمية من خلال زيادات في استخدام المدخلات المحلية، وتتولد بالتالي قيمة مضافة محلية أعلى. وفي بلدان أخرى، قد يختار قطاع الأغذية والمشروبات توسيع نطاق الصادرات عن طريق زيادة الواردات من السلع الزراعية، ما يعكس قيمة مضافة خارجية أعلى.

كذلك، تعزّز إزالة الحواجز أمام التجارة الروابط الأمامية في سلسلة القيمة العالمية (الشكل 10.2، الجدولان جيم ودال). وفي قطاع الزراعة، تزداد القيمة المضافة المحلية على نحو أكبر من خلال الروابط الأمامية في سلسلة القيمة العالمية - أي عن طريق الصادرات من السلع الأساسية التي تعبر الحدود لأغراض تجهيزها ثم تصديرها - وليس من خلال التجارة الثنائية غير المتصلة بسلسلة القيمة العالمية (الصادرات التي يتم استهلاكها مباشرة في بلد الوجهة).ك أمّا في قطاع الأغذية والمشروبات، فتزداد القيمة المضافة المحلية من خلال الروابط الأمامية في التجارة ضمن سلسلة القيمة العالمية والصادرات خارج السلسلة معًا. ويتمثل تأثير رئيسي لإزالة الحواجز أمام التجارة في تعزيز الروابط بين قطاعي الزراعة والأغذية والمشروبات عبر البلدان ومن خلال سلاسل القيمة العالمية. وفي قطاع الزراعة، يتم تحفيز الروابط الأمامية من خلال صادرات السلع المعدّة للتجهيز في الخارج. وهذا يفضي إلى مكاسب مهمة بالنسبة إلى قطاع الأغذية والمشروبات الذي يستفيد أيضًا من زيادة في شراء المدخلات من الزراعة المحلية.

وتوجد اختلافات مهمة بين الأقاليم في المكاسب المتوقعة من الانفتاح على التجارة. ويُعزى هذا الأمر إلى أن نتائج المحاكاة النموذجية تعتمد على حجم الصدمة (المستوى الأساسي للتعريفات المفروضة على الاستيراد مهم)، وحجم السوق العالمية لسلع محددة (القطاع مهم)، وحجم البلد (حجم الاقتصاد المحلي مهم)، والأنماط المحددة للاختصاص والميزة النسبية في البلاد (مزيج السلع المصدّرة مهم). على سبيل المثال، تسود في أمريكا الشمالية مستويات أدنى من الحواجز أمام التعريفات ومن التدابير المشوّهة مقارنةً بمعظم الأقاليم الأخرى، وبالتالي من المتوقع أن تجني مكاسب أقل من عملية إزالتها.

علاوةً على ذلك، يعتمد تشتّت المكاسب على التغيير في الموقع التنافسي النسبي. وتتكيف البلدان مع التغيرات في بيئة السياسة التجارية تبعًا لطريقة تنظيم اقتصاداتها، ومواردها ومدى مرونتها في تخصيصها. على سبيل المثال، في أفريقيا، يعني التوافر المحتمل للأرض أن إزالة التعريفات على الاستيراد تعزّز بشكل كبير الروابط الخلفية لسلسلة القيمة العالمية في الزراعة وتزيد القيمة المضافة الخارجية عن طريق الواردات، الأمر الذي يحفّز بدوره القيمة المضافة المحلية في الصادرات. وبالمقابل، من المتوقع أن تزيد الزراعة في أوسيانيا القيمة المضافة المحلية المصدّرة لديها من خلال مزيج من الروابط الأمامية - بما في ذلك توسيع نطاق صادرات قطاع الأغذية والمشروبات - إنما أيضًا من خلال التجارة الزراعية خارج سلسلة القيمة العالمية.ل كذلك، تتأثر النتائج بشكل حاسم بالاتفاقات التجارية الإقليمية (أنظر الإطار 6.2).39

السياسات التجارية وتحويل القطاع الزراعي الغذائي المحلي

في معظم الأقاليم، من المتوقع أن تؤدي إزالة الحواجز أمام التجارة في قطاع الزراعة إلى توسّع باتجاه القيمة المضافة المصدّرة بصورة غير مباشرة، عن طريق قطاع الأغذية والمشروبات (أو قطاعات اقتصادية أخرى تستخدم المدخلات الزراعية)، أقوى من التوسّع عن طريق الصادرات المباشرة للسلع الزراعية (الشكل 11.2، الجدول ألف).م وهذا يعني أن الأسواق المفتوحة قد تساعد على تحفيز المشاركة في سلسلة القيمة العالمية من خلال تنمية قطاع الأغذية المحلي (أنظر أيضًا الإطار 8.2).

الشكل 11.2
الآثار المتوقعة للانفتاح على التجارة على القيمة المضافة الزراعية والغذائية المصدّرة بصورة مباشرة وغير مباشرة

وفي المتوسط، في قطاع الأغذية والمشروبات، يمكن أن تحفز الأسواق المفتوحة التوسّع في الاتجاهين، إنما بأثر أقوى على القيمة المضافة المصدّرة مباشرةً. كما أن القيمة المضافة التي يولّدها قطاع الأغذية والمشروبات ويصدّرها بذاته تعكس أيضًا طابع الطلب الذي يميّز هذا القطاع (الشكل 11.2، الجدول باء).

فالآثار بالنسبة إلى أوسيانيا كبيرة من حيث النسبة المئوية، لكن فيما يستحوذ الإقليم على أقل من 10 في المائة من التجارة العالمية في القطاعين، تُخفي هذه الزيادة مستويات أولية منخفضة من التجارة.

تبعات السياسة التجارية والدعم المحلي

على الصعيد العالمي، يمكن أن تحفّز الأسواق المفتوحة النشاط الاقتصادي وأن تعزّز التجارة والمشاركة في سلسلة القيمة العالمية. ويمكن أن تفضي إزالة الحواجز أمام التجارة إلى مزيد من الواردات من المدخلات للزراعة وإلى زيادة الصادرات من السلع الزراعية لغرض تجهيزها في بلدان أخرى. وفي الوقت ذاته، بإمكان قطاع الأغذية والمشروبات أن يستورد مزيدًا من المدخلات من قطاع الزراعة في الخارج وأن يزيد صادراته لمزيد من الـتجهيز، وفي وقتٍ لاحق للاستهلاك النهائي في البلدان الشريكة.

إنما في المتوسط، من المتوقع أن يستخدم قطاع الأغذية المحلي جزءًا أكبر من الإنتاج الزراعي (أنظر الشكل 11.2، الجدول ألف). وهذا يعني أن قطاع الأغذية سوف يصدّر القيمة المضافة المحلية من الزراعة. لذا، قد يؤدي خفض الحواجز أمام التجارة إلى انتشار سلاسل القيمة العالمية، إنما أيضًا إلى إمكانية تنمية القطاع المحلي للأغذية. ويتماشى هذا المسار مع التفاعل بين النمو الاقتصادي وتحوّل سلاسل القيمة في الأغذية والزراعة (أنظر الجزء الأول). وينمو قطاع الأغذية على طول مسار التنمية، فيما تتراجع المساهمة النسبية للزراعة في إجمالي القيمة المضافة للأغذية الزراعية (أنظر الشكل 14.1 في الجزء الأول). وبإمكان الروابط الأقوى للزراعة بقطاعات الأغذية المحلية والأجنبية أن تحفّز قدرًا أكبر من النمو في إنتاجية اليد العاملة، بما يزيد النمو الاقتصادي.

وينطوي التحليل على مسارين اثنين يكمّل أحدهما الآخر لتعزيز النمو الاقتصادي في الأغذية والزراعة من خلال المشاركة في سلسلة القيمة العالمية. ويمكن أن تدخل البلدان إلى سلاسل القيمة العالمية المتسقة عموديًا من جهة العرض وأن تزيد صادراتها من السلع الزراعية. وقد يؤدي هذا إلى زيادات في الإنتاجية من خلال مجموعة من الطرق، بما في ذلك من خلال تحسين التكنولوجيا والمعرفة. وبإمكان البلدان أيضًا أن تدخل من جهة الطلب إلى سلاسل القيمة العالمية من خلال قطاعاتها الغذائية. إنما في حال كان قطاع الأغذية المحلي مستجدًا أو لم يكن متطورًا بالكامل، يمكن المزج بين توسيع نطاق القيمة المضافة المحلية عن طريق الصادرات الأوّلية إلى المجّهزين الخارجيين مع تعزيز تدريجي لقدرات تجهيز الأغذية، الأمر الذي قد يساهم بصورة غير مباشرة في تصدير القيمة المضافة للزراعة.ن وهذه هي الحال في الكثير من البلدان الأفريقية مثلًا.

كذلك، إن حصة التجارة التي تتدفق من خلال سلاسل القيمة العالمية، بالاقتران مع آثارها على الإنتاجية والنمو الاقتصادي، قادرة على تعزيز الحجة لصالح تخفيض الحواجز أمام التجارة وفتح الأسواق. وفيما تقوم سلاسل القيمة العالمية بتجزئة عملية الإنتاج في البلدان، تجمع بين الميزة النسبية للكثير من الشركات في عدة بلدان وتوفّر بالتالي نقطة دخول مهمة إلى التجارة الدولية. وفي ظل وجود سلاسل قيمة عالمية تكون فيها مراحل الإنتاج أصغر حجمًا وأكثر تخصصًا، يصبح من الأسهل دخول السوق العالمية.

كذلك، يكشف تحليل التجارة من خلال منظور سلاسل القيمة العالمية أن التكاليف الناجمة عن الحواجز أمام التجارة قد تكون مرتفعة.53,1 فالتجزئة الأكبر للإنتاج عبر الحدود تعني أن التعريفات فُرضت مرّات عديدة على طول سلسلة القيمة. وفيما تعبر المدخلات والمنتجات الوسيطة الحدود عدّة مرّات، تُطبّق التعريفات على كامل قيمة الصادرات، بما في ذلك على مبالغ التعريفات المدفوعة في السابق. وقد يترك هذا آثارًا صادمة على جميع الشركاء التجاريين في سلسلة القيمة العالمية. إضافةً إلى ذلك، يمكن أن يزداد عدم اليقين حيال السياسات التجارية من خلال سلاسل القيمة العالمية، لا سيما وأن الشركات تكون أكثر ترددًا في القيام بمزيد من الاستثمارات في حالة العلاقات الجديدة أو القائمة مع موردين خارجيين.

وفيما تنتقل التعريفات عبر سلاسل القيمة العالمية، يصبح أثرها أكبر، وحين يتم تصدير سلعة لغرض تجهيزها وإعادة استيرادها لاحقًا في بلد المنشأ، يصبح هذا الأثر ضارًا. علاوةً على ذلك، فيما تعزز سلاسل القيمة العالمية الروابط التجارية بين البلدان، يتأثر نشوء القيمة المضافة المحلية، ليس بفعل التدابير التجارية المحلية فحسب، إنما أيضًا بفعل السياسات التي تعتمدها بلدان أخرى. فالتعريفات المفروضة في سوق الوجهة قد تولّد تأثيرات متعاقبة على أنشطة الإنتاج المرتبطة بسلسلة القيمة العالمية والممتدة في بلدان مختلفة.54

بالتالي، فإن المنافع المتأتية من تخفيض التعريفات تكون أكبر حين يتمّ جزء كبير من التجارة بالمنتجات الزراعية الغذائية من خلال سلاسل القيمة العالمية. ويستتبع ذلك تحوّل في تركيز السياسات من سياسات الاستعاضة عن الواردات وحماية المنتجين المحليين من خلال التعريفات، إلى توفير الحوافز من أجل زيادة النشاط الاقتصادي المحلي عن طريق تعزيز الصادرات والاندماج في السوق العالمية.56,55 وبما أن حصة متزايدة من التجارة العالمية تتحقق بين الاقتصاديات الناشئة والنامية، ومن المتوقع أن تزداد هذه الحصة أكثر بعد، لا يمكن لهذه الاستراتيجية أن تنجح إلا إذا تمّ تنفيذها في أكبر عدد ممكن من البلدان، عوضًا عن الاعتماد على زيادة إمكانية الوصول إلى الأسواق في البلدان المتقدمة وحدها.

ولقد فرضت سلاسل القيمة العالمية، وتطور الأغذية والزراعة بشكل أوسع، متطلبات متزايدة على صعيد التكنولوجيا ورأس المال ومهارات اليد العاملة لإنتاج الأغذية والمشروبات (أنظر الإطار 5.2). ويمكن تيسير إقامة الروابط بسلاسل القيمة العالمية عن طريق تشجيع تحوّل القطاعات المحلية وتنميتها. وبالفعل، فإن تنمية قطاع تنافسي للزراعة والأغذية تتطلب وضع سياسات توفّر الحوافز للاستفادة من التكنولوجيات الجديدة، وتعزيز المهارات والقدرات، وتيسير التعاون بين الجهات الفاعلة في القطاعين العام والخاص.55,38 وفي الوقت ذاته، في حين أن الأسواق المفتوحة مؤاتية بصورة عامة للنمو الاقتصادي، قد تخلّف آثارًا مختلفة بالنسبة إلى تحقيق النتائج البيئية والاجتماعية والصحية. وقد تكون الآثار الإيجابية والسلبية على السواء مضخّمة من خلال سلاسل القيمة العالمية.

ويجب أن تكون شروط السياسات المحلية متسقة مع إطار السياسات التجارية للاستفادة من الفرص الناشئة عن زيادة المشاركة في سلاسل القيمة العالمية. ويجب أن يرمي صانعو السياسات إلى إقامة بيئة يمكن فيها للأغذية والزراعة أن تعزّز ميزتها النسبية وأن تكون تنافسية في سلاسل القيمة العالمية الخاصة بالأغذية الزراعية.38

روابط سلسلة القيمة العالمية بالتنمية المستدامة: النتائج البيئية والاجتماعية والصحية

يستفيد الحوار بشأن المكاسب الاقتصادية الناجمة عن التجارة من مناقشة آثارها على البيئة، وانعدام المساواة، وبخاصة في مجال تجارة الأغذية والمخاوف بشأن الصحة والتغذية. وبإمكان التجارة الدولية، وكذلك الأنشطة الاقتصادية، أن تدعم الممارسات المستدامة، وأن تشجّع الممارسات غير المستدامة، كما يمكنها أن تولّد مجموعةً من النتائج البيئية والاجتماعية (الإطار 9.2). وسلاسل القيمة العالمية قادرة على تعزيز الآثار على النتائج المستدامة، لا سيما وأنها تدعم قيام روابط أوثق بين مختلف الجهات الفاعلة أكثر ممّا تعزّزها أشكال فضفاضة من التجارة. من جهة، يمكن أن تتضخم الآثار الإيجابية والسلبية على السواء من خلال سلاسل القيمة العالمية، وبخاصة في ظل التجارة المفتوحة. ومن جهة أخرى، يمكن أن تعالج تداعيات المعرفة والتكنولوجيا، التي قد تتعزّز في سلاسل القيمة العالمية، المقايضات القائمة بين مختلف الأهداف الاقتصادية والبيئية والاجتماعية.

التجارة وسلاسل القيمة العالمية والبيئة

بإمكان سلاسل القيمة العالمية المتسقة مع أهداف التنمية المستدامة أن تنشر التكنولوجيات والممارسات المستدامة، وأن تشجّع في الوقت عينه الإنتاجية ونمو الدخل في البلدان. كذلك، من شأن زيادة المشاركة في سلاسل القيمة العالمية أن تزيد الآثار الإيجابية للأنظمة البيئية عبر الحدود، وأن تساهم في التنمية المستدامة. على سبيل المثال، قد تلتزم الشركات الموجهة نحو التصدير في بلد ما بشكل أكبر بأنظمة الاستدامة، وتستخدم تكنولوجيات أنظف من الشركات المحلية التقليدية، إمّا لضمان الاستجابة للمعايير العامة في البلد المستورد أو بسبب المعايير الخاصة التي يفرضها الشركاء في قطاع الطلب في سلسلة القيمة العالمية.

كما أن السياسات التجارية التي تيسّر المواءمة بين اللوائح التنظيمية وتحافظ على معايير عالية للاستدامة على امتداد سلاسل القيمة العالمية، يمكنها أن تحول دون لجوء الشركات المتعددة الجنسيات القادرة بسهولة على نقل أجزاء من سلسلة الإنتاج عبر الحدود إلى التحكيم التنظيمي. على سبيل المثال، إن الأحكام المؤقتة الواردة في اتفاق التجارة الجديد بين الاتحاد الأوروبي والسوق المشتركة لبلدان المخروط الجنوبي تربط بشكل مباشر إلغاء التعريفات بالمعايير الخاصة بالرفق بالحيوان.57

كذلك، يمكن أن تضطلع سلاسل القيمة العالمية بدور رئيسي في نشر التكنولوجيات والممارسات المستدامة على الصعيد الدولي. ويتمثل جزء رئيسي من الانتقال إلى التنمية المستدامة في الاستفادة الواسعة النطاق من تكنولوجيات أكثر كفاءة ونظافة. وبإمكان الأسواق المفتوحة والمشاركة في سلاسل القيمة العالمية أن يحفّزا هذه التنمية التكنولوجية على المستوى العالمي وأن يشجّعا انتشارها في البلدان.س إنما حين تنغلق سلاسل القيمة العالمية في أنماط تجارية محددة، قد تعيق الاستفادة من التكنولوجيا النظيفة.

كذلك، فإن الإدارة البيئية لسلسلة الإمداد بهدف الحدّ من الآثار البيئية والتلوث والهدر مهمة بصورة خاصة في عصر سلاسل القيمة العالمية.59,60 وهذا يشمل إدارة الخدمات اللوجستية الخضراء مع الحدّ من الانبعاثات والهدر والتلوث من الأنشطة اللوجستية؛ وخيارات النقل المستدام عن طريق وسائل النقل البديلة وشاحنات مبرَّدة على نحو أكثر استدامة؛ وخفض التعبئة واستخدام مواد التعبئة المعاد تدويرها. ونظرًا للطابع العالمي للكثير من سلاسل القيمة، فإن التنسيق الدولي أساسي كما الاهتمام بالآثار البيئية التي لا يمكن عزوها بسهولة إلى بلد محدد، مثل الآثار الناجمة عن الشحن أو الطيران الدولي.61

ويمكن أن تشكّل المعايير الخاصة أيضًا أداةً فعالة لجعل سلاسل القيمة العالمية أكثر استدامةً. وهناك منافع بيئية واجتماعية واضحة متأتية من الالتزام بمتطلبات خطط إصدار شهادات الاستدامة (أنظر أدناه والجزء الثالث).68 وتزداد بسرعة حصة الإنتاج الزراعي المتأثر بمعايير الاستدامة؛ وحتى عام 2015، حصل أكثر من 50 مليون هكتار على شهادة بوصفه يمارس الزراعة العضوية، كما أن مناطق زراعة القطن والموز والكاكاو والشاي التي حصلت على شهادة استدامة ازدادت أكثر من الضعف بين عامي 2011 و2015.

التجارة وسلاسل القيمة العالمية وعدم المساواة

تزامنت الزيادة الحادة في مشاركة البلدان النامية في التجارة ونشوء سلاسل القيمة العالمية مع تراجع كبير في الفقر المدقع من حول العالم.69 وغالبًا ما تُعتبر الأسواق المفتوحة أداةً للنمو، إنما ليست آلية للحدّ من انعدام المساواة.70 بالفعل، فيما تطوّرت العولمة، توسّعت مواطن عدم المساواة في الثروة والدخل داخل بلدان عديدة.72

وأشار تحليل أخير للآثار المتأتية عن إلغاء التعريفات على المنتجات الزراعية في 54 من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل إلى حدوث زيادات في الدخل وعدم المساواة.71 وتشير النتائج إلى أنه في المتوسط، قد يزيد تحرير التجارة الزراعية مداخيل الأسر. وفي الوقت ذاته، تبيّن أن إلغاء التعريفات المفروضة على الواردات خلّف آثارًا غير متجانسة إلى حدّ بعيد بين البلدان، وداخل البلدان على نطاق الأسر المعيشية. وفي 37 من أصل 54 بلدًا، قد تكسب الشريحة العليا البالغة 20 في المائة من الأسر الأغنى من التحرير أكثر من الشريحة الدنيا البالغة 29 في المائة، ما يفاقم بالتالي انعدام المساواة النسبية، حتى حين تكون مكاسب جميع مجموعات الأسر المعيشية بالأرقام المطلقة.

على سبيل المثال، في فييت نام، ارتفع دخل الأسر المعيشية الأغنى، بنسبة 2.7 في المائة في المتوسط في حين ازداد دخل الأسر الأفقر بنسبة 1 في المائة. وتعتمد هذه الآثار المختلفة على ميزات الأسر المعيشية، من قبيل أنماط الاستهلاك المباشرة وهياكل الدخل، إنما تدعو أيضًا إلى وضع سياسات وإجراءات تكميلية.

وقد تكون آثار زيادة التجارة الزراعية من خلال سلاسل القيمة العالمية على انعدام المساواة أكثر وضوحًا، خاصّة وأن التكنولوجيات الجديدة والعمليات الابتكارية المصاحبة لها تتطلب مهارات أرفع. لذا، فإن التجارة القائمة على سلسلة القيمة العالمية قد تقوّض إلى حدّ ما الفرص المتاحة للبلدان النامية لجني الميزة النسبية المستندة إلى اليد العاملة ذات المهارات المتدنية.72 وفي الماضي، شهد عدد من الاقتصادات في جنوب شرق آسيا نموًا سريعًا وتحوّلًا إلى التصنيع المتدني الكلفة والموجّه نحو التصدير من خلال تعزيز سلاسل القيمة الإقليمية والعالمية واليد العاملة المتدنية المخاطر؛ وقد أدّى ذلك إلى زيادة الإنتاجية ورفع الأجور، ما يتيح لهذه البلدان أن تصبح ذات دخل متوسط. وتشير الأدلّة الأخيرة المستمَدة من تحليل سلاسل القيمة العالمية المتصلة بالتصنيع في 58 بلدًا إلى أنه، رغم الزيادات في الإنتاجية بفضل المشاركة في سلاسل القيمة العالمية، فهي لم تفضِ إلى نمو في فرص العمل.73 وقد يُعزى هذا الأمر إلى أن التصنيع أصبح أكثر فأكثر كثافة من حيث رأس المال.

وحين تكون الزراعة وليس التصنيع محور التركيز، من المرجح أن تنخفض وطأة المتطلبات من حيث رأس المال والمهارات العالية لدى اليد العاملة. إنما حتى سلاسل القيمة العالمية للأغذية الزراعية تستفيد من اليد العاملة الماهرة، وحجم المزارع والوصول إلى الائتمان. ولا يتمتع جميع المزارعين في البلدان النامية بالمهارات والوسائل المطلوبة لاعتماد الممارسات الزراعية، والمعايير والأهداف اللوجستية التي يحدّدها شركاء سلسلة القيمة العالمية في قطاع الطلب.

وإذا كان الوصول إلى سلاسل القيمة العالمية ممكنًا للمزارعين من أصحاب الحيازات الكبيرة وذوي المهارات العالية فقط، قد يزداد انعدام المساواة الاجتماعية النسبية، رغم الزيادات في متوسط الدخل. كما أن التسويق الزراعي الذي تحفّزه أحيانًا سلاسل القيمة العالمية قد يهمّش المزارعين الفقراء من أصحاب الحيازات الصغيرة الذين لا يمكنهم تلبية المتطلبات الصارمة، حتى ف يحال ازداد متوسط الإنتاجية الزراعية، والذين يشاركون في جني المكاسب الاقتصادية من جانب سلاسل القيمة العالمية. ونظرًا إلى هذه المخاوف إزاء التوزيع، من الأساسي معالجة مواطن الفشل في السوق التي تمنع المزارعين الفقراء من الوصول إلى الأسواق المربحة (أنظر الجزء الثالث للاطّلاع على نقاش حول مشاركة المزارعين في سلاسل القيمة).

ويمكن التخفيف من مواطن عدم المساواة من خلال اعتماد منظور النمو الشامل في السياسات ومع تركيز الاهتمام على ضمان عدم إهمال أحد. على سبيل المثال، تستخدم مبادرة الاتحاد الأوروبي بشأن تحليل سلسلة القيمة للتنمية إطارًا منهجيًا يركّز على التأثيرات الاقتصادية والبيئية، إنما أيضًا على الجوانب الاجتماعية التي تروّج للنمو الشامل، مثل رفاه الأطفال، وقضايا المساواة بين الجنسين، والحقوق الخاصة بالأراضي والمياه ورأس المال الاجتماعي. ويقوم تحليل سلسلة القيمة للتنمية بتزويد صانعي القرارات بمعلومات قائمة على الأدلّة تتصل باستراتيجيات التنمية المستدامة الخاصة بسلاسل القيمة العالمية.ع

وبصورة عامة، يتيح الحصول على المياه والطاقة الأفراد - وبخاصة النساء اللواتي يمضين بالإجمال مزيدًا من الوقت لجمع المياه والوقود - الفرصة للاستفادة من وقتهم بشكل منتج عوضًا عن تخصيصه لتلبية الاحتياجات الأساسية. ومن الضروري بمكان الحرص على أن يحصل جميع الأطفال على التعليم وأن يحظى البالغون بالتعليم مدى الحياة. ويمكن أن تشكل متطلبات المهارات العالية المرتبطة بسلاسل القيمة العالمية وبوسائل الإنتاج المستدامة حافزًا رئيسيًا لتحسين الروابط بين الأهداف التعليمية وأهداف العمل اللائق. كما أن تكنولوجيا الإنتاج الأكثر حداثةً التي غالبًا ما تكون ضرورية للاندماج في سلاسل القيمة العالمية يمكن أن تجعل قطاعي الأغذية والزراعة أكثر جاذبيةً للأجيال الأصغر المثقفة بحيث تبقى في المناطق الريفية وتساهم في الاقتصادات الريفية الحيوية.

التجارة وسلاسل القيمة العالمية والأمن الغذائي والتغذية

بصورة عامة، قد تشكل سلاسل القيمة العالمية مصدرًا مهمًا لفرص التحسين الاقتصادي.74 وبإمكان المشاركة في سلاسل القيمة العالمية الخاصة بالأغذية الزراعية أن تحسّن الأمن الغذائي لدى المزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة من خلال تعزيز الإنتاجية، وهذا قد يزيد بدوره الدخل في المناطق الريفية، ويحدّ من الفقر في الريف ويحفّز الفرص المشجّعة على النمو (أنظر أيضًا الجزء الثالث).75 كما أن التأثيرات الإيجابية، وبخاصة من خلال زيادة مستوى الإنتاجية، على أسواق الأغذية المحلية، يمكن أن تساهم أيضًا في الأمن الغذائي للجميع.77,76 وتتيح هذه المكاسب للأشخاص شراء كمية أكبر من الأغذية (بما يزيد المتناول للطاقة) وشراء أغذية أكثر تنوعًا (وبالتالي زيادة التنوع في الأنماط الغذائية وربما جودتها، أو الاستثمار في الإصحاح والرعاية الصحية (وهذه محدّدات محورية للنتائج التغذوية، وبخاصة لدى الأطفال).78 غير أن المقايضات المعنية معقدة، وتوجد اختلافات كبيرة بين الأقاليم والأسواق.

وحين تُتّخذ إجراءات محددة، قد تساعد سلاسل القيمة العالمية أيضًا على المساهمة في الحدّ من سوء التغذية. وقد تشمل التدخلات تقوية الأغذية المجهَّزة بمغذيات دقيقة محددة (مثل حمض الفوليك والحديد) قد تُفقد في تجهيز الأغذية، أو التي لا يستهلكها الفقراء عامة بشكل منتظم أو بكميات كافية. وبإمكان سلاسل القيمة العالمية التي تعمل جيدًا والمستندة إلى تكنولوجيا محسّنة للسلسلة الباردة أن تتيح المزيد من التجارة بالفاكهة والخضار، التي قد تتلف خلال نقلها. وبالتالي، يمكنها أن تزيد من تنوع الأنماط الغذائية للمستهلكين في البلدان التي ليست لديها ميزة نسبية في إنتاج الفاكهة والخضار. وأخيرًا، يمكن أن يؤدي كلّ من التغليف والتوسيم التغذوي أيضًا إلى تعزيز الطلب على الأغذية المغذية بقدر أكبر، وربما إلى الحدّ من الطلب على الأغذية الكثيفة الطاقة.

غير أنّ التوافر المتزايد للأغذية المجهّزة قد أفضى إلى مخاوف إزاء مساهمة التجارة وسلاسل القيمة العالمية في فرط التغذية والسمنة. كذلك، أفضى التوسّع الحضري وأنماط الحياة المتغيّرة وزيادة عدد الأسر التي تزاول فيها النساء والرجال أعمالًا مأجورة، إلى استهلاك أكبر للأغذية المجهّزة. وتشير الأدلّة من المكسيك إلى زيادات كبيرة في حصة الطاقة المستخدمة من الأغذية العالية التجهيز في الأسر الحضرية ذات الدخل الأعلى، والتي يكون على رأسها شخص مثقف جدًا، والتي يشارك الرجال والنساء فيها معًا في سوق العمل.79

وقد جرى تحديد عدد من أولويات التدخل لعكس وباء السمنة والأمراض غير السارية المرتبطة باستهلاك أنواع محددة من الأغذية المجهّزة، بما في ذلك الأغذية التي تحتوي على كميات كبيرة من الدهون المشبّعة والملح والسكر. وتضم التدابير المقترحة فرض ضرائب، وتنظيم الإعلانات عن الأغذية، والترويج للأغذية الصحية بقدر أكبر مثل الفاكهة والخضار، وتحسين توسيم الأغذية المجهّزة واستخدام مكوّنات صحية أكثر في الأغذية المجهّزة.80،ف وثمة أدلّة على أن السياسات الرامية إلى خفض استهلاك المشروبات المحلاّة بالسكر كانت ناجحة في عدد من البلدان (الإطار 10.2). إنما تتوفر فرصة أمام الحكومات للعمل مع مؤسسات الأعمال على معالجة النتائج غير المتوخاة الناجمة عن الإجراءات المتخذة لمكافحة السمنة.

سلاسل القيمة العالمية والمعايير والقضايا المتصلة بالمنافسة

إن تحوّل الأسواق الزراعية والغذائية هو نتيجة مجموعة عوامل مثل الدخل الأعلى، والتوسّع الحضري والانتقال التغذوي. وهو قد حفز معدل دخول كبير للمتاجر الكبرى على مستوى البيع بالتجزئة واعتماد معايير صارمة بشأن جودة الأغذية وسلامتها. كما أن الطلب على منتجات مختلفة وتطبيق معايير عامة وخاصة في البلدان يؤديان إلى قيام سلاسل قيمة عالمية أكثر فأكثر تعقيدًا. وفي الوقت عينه، يتطلب انتشار سلاسل القيمة العالمية، وبخاصة تجزئة عمليات الإنتاج في البلدان، تنسيقًا عموديًا قويًا وحوكمة داخل السلاسل التي غالبًا ما تثير المخاوف إزاء احتواء قدرة السوق في حال اختلاف سياسات المنافسة.

المعايير والوصول إلى سلاسل القيمة العالمية

المعايير الفنية

هناك أسباب عديدة للجوء إلى إصدار الشهادات والمعايير في المراحل المختلفة من سلاسل القيمة العالمية. وتستخدم الحكومات الأنظمة العامة والمعايير لضمان صحة السلع الزراعية والأغذية التي تدخل أسواقها، وسلامتها وجودتها البيئية والاجتماعية. ويجري تنظيم هذه المعايير من خلال اتفاقات منظمة التجارة العالمية، مثل اتفاقية الحواجز التقنية أمام التجارة واتفاق تدابير الصحة والصحة النباتية. وتشمل اتفاقية الحواجز التقنية أمام التجارة معايير المنتج، والأنظمة الفنية وإجراءات تقييم الامتثال، كما أنها توفّر التخصصات لضمان معاملة مماثلة مع المنتجات المستوردة و«المنتجات المشابهة» الوطنية المنشأ. أمّا اتفاق تدابير الصحة والصحة النباتية، فيهدف إلى ضمان وضع أنظمة لسلامة الأغذية وصحة الحيوان والنباتات.

ونظرًا إلى اختلاف صرامة المعايير العامة بين البلدان على طل سلسلة القيمة العالمية، فإن الشركات الخاصة تفرض أيضًا المعايير لضمان قدرتها على بيع منتجاتها النهائية في سوق محددة. وتحتاج شركات البيع بالتجزئة في جهة الطلب إلى أن يلتزم المنتجون في المستوى المتوسط والأعلى بالمعايير المرعية في البلاد التي يحصل فيها الاستهلاك النهائي.

وقد يكون من الضروري أيضًا الامتثال للمعايير الخاصة لضمان إمكانية استخدام المدخلات للغرض المتوخى في المراحل الأخيرة من سلسلة القيمة. على سبيل المثال، يحدّد محتوى القمح من البروتينات ملاءمته لأغراض متنوعة. ويمكن أيضًا استخدام المعايير الخاصة من جانب الشركات - المتكاملة عادة بشكل عمودي - كأداة تسويق.87 وهي تسمح أحيانًا للشركات بالتمييز بين المنتجات وزيادة الحصص في السوق. كما أن التعقيد في عمليات الإنتاج المرتبطة بسلاسل القيمة العالمية والعلامة التجارية للمؤسسة واستراتيجيات التسويق، قد رفع مستوى الاهتمام بخطط إصدار الشهادات من جانب طرف ثالث لتأكيد الامتثال للمعايير الخاصة على امتداد سلاسل القيمة.

ويتمثل تحدٍ رئيسي في خطط إصدار الشهادات في عملية التتبع - أي القدرة على تتبّع أي منتج غذائي عبر جميع مراحل الإنتاج والتجهيز والتوزيع داخل البلدان وفي ما بينها. ويمكن استخدام نظم البيانات لتحسين عمليات التتبّع والتقييم المستقلة للامتثال. على سبيل المثال، تتسم نظم التتبّع بأهمية حاسمة في خطط إصدار الشهادات للأغذية البحرية، حيث أن حوالي نصف النظم يتطلب معايير سلسلة الكفالة لضمان عمليات التتبّع.،ص88 كذلك، بإمكان تطبيقات التكنولوجيا الرقمية في الأسواق، بما في ذلك تقنية السجلات المغلقة، أن تعزّز القدرة على التتبّع في سلسلة القيمة (أنظر الجزء الرابع للاطّلاع على نقاش حول التطبيقات الرقمية في مجال التتبّع).

وعلى مستوى المزرعة، بيّنت التحليلات أنه قد يكون للامتثال للمعايير الخاصة آثار إيجابية على الإنتاجية والصادرات والعمل. ففي كينيا مثلًا، ارتفعت المداخيل بعد أن اعتمد المزارعون معايير الجودة التي يطلبها البائعون الدوليون لمنتجاتهم، ودعمت هذه الشركات تتبعًا أفضل للمنتج في شبكة الإمدادات بكاملها.89 لكن الأدلّة التجريبية لا تزال متباينة، وقد لا يتمتع الكثير من أصحاب الحيازات الصغيرة بالقدرة على توريد الأغذية التي تمتثل للمعايير الصارمة (أنظر الجزء الثالث للاطّلاع على نقاش حول الامتثال للمعايير الخاصة ضمن سياق الزراعة التعاقدية).78,76

الخطط الطوعية لإصدار شهادات الاستدامة

تتضمن خطط إصدار شهادات الاستدامة والمعايير ذات الصلة قواعد طوعية تعتمدها مؤسسات الأعمال؛ وهي ترمي إلى معالجة الأبعاد غير الاقتصادية للاستدامة ويمكن أن تعزّز النتائج الاجتماعية والبيئية. وتحدّد هذه المعايير الطوعية للاستدامة المتطلبات لطرق الإنتاج في مجالات مثل احترام حقوق الإنسان الأساسية؛ وصحة العمال وسلامتهم؛ ودفع سعر عادل للمنتجين مقابل منتجاتهم؛ وممارسات زراعية متنوعة قادرة على إدارة الموارد الطبيعية على نحو أفضل والحدّ من الآثار البيئية السلبية.

ومن بين الأمثلة عن خطط معروفة جدًا لإصدار شهادات الاستدامة خطة التجارة العادلة (التي وضعتها منظمة غير حكومية) والمائدة المستديرة حول نخيل الزيت (وهي مبادرة متعددة أصحاب المصلحة).ق وقد وضعت أجهزة خاصة بإصدار الشهادات بشكل رئيسي المعايير للزراعة العضوية، فيما تضع الحكومات أيضًا معايير وأنظمة وطنية بشأن توسيم المنتجات العضوية المستوردة. كما أن الشركات الخاصة تضع معايير داخلية للاستدامة وأهدافًا في سلاسل القيمة الخاصة بها وممارسة أعمالها التجارية. ويمكن أن تختلف القواعد الخاصة بالمعايير لجهة تفاصيلها وصرامتها، غير أنّ جميع خطط إصدار شهادات الاستدامة تقريبًا تعالج المقايضات بين الأبعاد الاجتماعية والبيئية والاقتصادية (أنظر الجزء الثالث).

وتكتسي معايير الاستدامة أهمية في الأسواق العالمية، خاصة بالنسبة إلى المنتجات ذات القيمة العالية وروابط ثابتة بسلاسل القيمة العالمية. كذلك، أفضى الطلب المتنامي للمستهلكين على المنتجات الحاصلة على شهادات استدامة إلى زيادة في حصة الأراضي الزراعية الخاضعة لشهادات الاستدامة. وقد حصلت حصة كبيرة نسبيًا من السلع الاستوائية المزروعة في البلدان النامية، مثل البنّ والكاكاو والشاي وزيت النخيل والقطن، على شهادة. وفي عام 2015، حصل أكثر من 50 مليون هكتار على شهادة بوصفه أراضٍ عضوية، وهي تمثّل 1.1 في المائة من الأراضي الزراعية في العالم. أمّا زيت النخيل الحاصل على شهادة بموجب المائدة المستديرة حول نخيل الزيت، فيمثل نسبة 0.07 في المائة من الأراضي الزراعية في العالم. وحوالي ربع المناطق المزروعة بالبنّ والكاكاو حاصل على شهادات من خلال المعايير التي وضعتها منظمات غير حكومية والقطاع الخاص.68

وتوفّر سلاسل القيمة العالمية، بفضل آلياتها الفعالة للتنسيق العمودي، فرصًا مهمة لتطبيق معايير الاستدامة ومواءمة الأسواق العالمية مع نتائج التنمية المستدامة. ويشكّل انتشار خطط إصدار الشهادات في جزء منه استجابةً للوعي المتزايد لدى المستهلكين إزاء المخاوف المتعلقة بالاستدامة، وبخاصة في البلدان المرتفعة الدخل، إنما بشكل متزايد أيضًا في البلدان الناشئة والنامية. على سبيل المثال، إن بطاقة توسيم أو شهادة تصدر لإنتاج يمتثل للمعايير من جانب منظمة التجارة العادلة، أو التحالف من أجل المنتجات العضوية أو أمطار الغابات، تعالج المخاوف البيئية والاجتماعية؛ وتوفّر المعلومات للمستهلكين ليتخذوا القرارات بصورة مسؤولة حول ما يجب أن يشتروه وفقًا لأفضلياتهم ولمعتقداتهم الاجتماعية. وهناك عدة مسائل تثير مخاوف المستهلكين، بما في ذلك سلامة الأغذية، والاستدامة البيئية، والقواعد الاجتماعية مثل عمل الأطفال، والمساواة بين المرأة والرجل ورفاه المنتجين.93

المعايير وتحديات الوصول إلى سلاسل القيمة العالمية

يمكن أن تفضي خطط إصدار الشهادات والمعايير في الأسواق الدولية إلى آثار إيجابية غير أنها تنطوي أيضًا على تحديات بالنسبة إلى صغار المجهزين والمزارعين الذين غالبًا ما يفتقرون إلى القدرات الفنية والمالية الضرورية للامتثال للمتطلبات المعقدة والصارمة. وهذا قد يحثّ بائعي التجزئة والشركات في قطاع الطلب إلى الحدّ من الاستعانة بالمورّدين على نطاق صغير. وقد تكون تكاليف العملية لرصد الامتثال للمعايير مرتفعة جدًا في حال التزوّد من أصحاب الحيازات الصغيرة.93

وفي الكثير من البلدان النامية، يمكن أن يهدّد وجود حواجز أخرى الإنتاج الذي يتماشى مع المعايير الدولية، بما في ذلك المؤسسات التنظيمية الضعيفة، وأنظمة الصحة والصحة النباتية والنقل غير الملائمة إن من حيث التصميم أو التطبيق، وعدم كفاية البنية التحتية للطاقة والمياه.94 بالتالي، لا يمكن ضمّ المزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة في سلاسل القيمة التي حصلت على شهادات استدامة سوى بفضل دعم خارجي من برامج التنمية، والشراكات بين القطاعين العام والخاص، أو المنظمات غير الحكومية أو العمل الجماعي.

ويمكن أن تتضخم كلفة المعايير غير المنسقة في البلدان داخل سلاسل القيمة العالمية، أكثر ممّا هي الحال في التجارة الثنائية غير المتصلة بسلسلة القيمة العالمية، خاصة وأنه ينبغي تنسيق الامتثال عند كل مرحلة من مراحل الإنتاج ولكل سوق يتم إمداده بالمنتجات في نهاية المطاف. ويمكن أن يفرض الامتثال على الشركات القيام باستثمارات مكلفة في عمليات الإنتاج المتكررة، وعمليات التعبئة والتوسيم المحددة أو إجراء عمليات عديدة لإصدار الشهادات للمنتج ذاته. وتكون تكاليف الامتثال هذه كبيرة بشكل خاص بالنسبة إلى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم والمزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة، وهي تشكل عائقًا كبيرًا أمام مشاركتهم في سلسلة القيمة العالمية.95

كذلك، بإمكان السياسات الرامية إلى تيسير ودعم الامتثال للمعايير الدولية وتنسيق المعايير وإصدار الشهادات أن تحفّز المشاركة في سلسلة القيمة العالمية بقدر أكبر. وقد يخفّف التعاون بين الأنظمة على الصعيد الدولي والتقارب بين معايير الجودة والسلامة عبء الامتثال ويعزّز مشاركة الشركات في الأسواق العالمية (أُنظر الجزء الأول).25 ويمكن أن تكون المبادرات الدولية لممارسات الأعمال المستدامة، مثل الاتفاق العالمي لحقوق الإنسان، مهمة أيضًا لمعالجة مسائل التنمية المستدامة. غير أن طبيعتها الطوعية قد تعيق إلى حدّ ما التقدم، حين تعكس المقايضات بين الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وجود اختلالات كبيرة بين المكاسب في القطاعين الخاص والعام.

القوة السوقية والمنافسة وتوزيع منافع سلاسل القيمة العالمية

لقد أفضى التحوّل في الأسواق الزراعية والغذائية في العقود الأخيرة إلى تغييرات مهمة في بنى السوق والقوة السوقية بالنسبة إلى جهات فاعلة مختلفة.96 كما أن هيمنة المتاجر الكبرى في قطاع بيع الأغذية بالتجزئة وأهمية عدد صغير نسبيًا من شركات الأغذية المتعددة الجنسيات ساهمت بدورها في زيادة التنسيق العمودي في سلسلة القيمة الزراعية الغذائية وعزّزت التشديد على سلاسل القيمة العالمية (أنظر النقاش حول التكامل العامودي في الإطار 4.1 في الجزء الأول).

وهناك أدلّة واضحة على تركّز السوق، خاصة في مجال البذور،97 والأسمدة، 98 وقطاع التجارة بالسلع الدولية،99 وتجهيز الأغذية وبيعها بالتجزئة. وتتّسم أجزاء أخرى من قطاع المواد الزراعية الغذائية بوجود عدد كبير من المورّدين.100 ويبيّن الشكل 13.2 كيف يمكن أن يختلف تركّز السوق بشكل كبير بحسب المحاصيل والأقاليم من خلال النظر في سوق البذور.

الشكل 13.2
اختلاف درجة تركّز سوق البذور بحسب المحاصيل والأقاليم

ويمكن أن يكون تركّز السوق والقوة السوقية موجّهًا إلى حدّ ما باحتكار عام أو خاص، خاصة حين تُستخدم الموارد الطبيعية النادرة، كما في حال إنتاج الأسمدة. ويتمثل محرّك آخر في كثافة البحوث والتنمية في القطاع. على سبيل المثال، من شأن وجود استثمارات عالية في البحث والتطوير في صناعات البذور والتكنولوجيا الأحيائية أن يقيم حواجز تحول دون الدخول إلى الأسواق، ما قد يعيق المنافسة.

وغالبًا ما يمكن ربط القوة السوقية في سلاسل القيمة العالمية بالابتكارات التي تولّد احتكارًا محليًا ومؤقتًا يدرّ فائضًا في الأرباح. على سبيل المثال، تُعتبر سلطة الخضار المشكَّلة المعبّأة، التي أدخلها صاحب الابتكار من خلال متطلبات محددة لصالح مورّدين ومجهّزين في قطاع الطلب، على أنها تضفي بعضًا من القوة السوقية في الأجل القصير، أقلّه إلى حين دخول شركات متنافسة إلى السوق.101 لذا، غالبًا ما تولّد الابتكارات في سلسلة القيمة والاختلافات بين المنتجات قوةً سوقية في مواقع محدّدة، وبصورة مؤقتة إلى حين ظهور متنافسين.

ولطالما ارتبط تركّز السوق في سلاسل القيمة بالسلوك التواطئي وبالقوة السوقية. وهذا يرفع الأسعار بالنسبة إلى المستهلكين (بفعل الريع الناجم عن احتكار القلة) ويخفّضها بالنسبة إلى المزارعين (بسبب الريع الناجم عن احتكار الفرد)، ويقلّص الرفاه بالنسبة إلى المستهلكين والمزارعين على السواء، وينقل المكاسب إلى شركات تجهيز الأغذية الكبرى وبائعي الأغذية بالتجزئة.102 غير أن تركّز السوق لا يؤدي بالضرورة إلى التواطؤ أو إلى منافسة غير مثالية. وتبقى الأدلّة التجريبية على سوء استخدام القوة السوقية في الأسواق الزراعية والغذائية نادرة، بالرغم من التركّز العالي في السوق في أجزاء من سلاسل القيمة تهيمن عليها بعض الشركات التي تعتمد على التنسيق العمودي.104,103

وهذا يعكس إلى حدّ ما الصعوبة والتعقيد في تحديد القوة السوقية. وتشير الأدلّة غير الرسمية إلى أن بعض الشركات الأقوى تفرض بشكل أحادي شروطًا في العقود، وقد تمارس أعمالًا «غير منصفة».105 إنما من الصعب أيضًا تحديد مصطلح «عدم الإنصاف» وقد يشمل رفض وضع عقد خطي، ونقلًا مفرطًا للتكاليف والمخاطر بين الفرقاء في المعاملة، أو تغيير الأسعار بصورة متكررة. كذلك، تعيق الصعوبات في إثبات ممارسات التجارة غير العادلة الأنظمة التي تفرضها السلطات المعنية بالمنافسة، إنما قد يساعد إضفاء الطابع الرسمي على التعاملات على امتداد سلسلة القيمة من خلال العقود على تخطي بعض هذه المسائل (أنظر الجزء الثالث).

ولا تدعم الأدبيات بصورة عامة الادعاءات بشأن استغلال منهجي للقوة السوقية.106 على سبيل المثال، حفّز دخول شركات الأغذية والبيع بالتجزئة الكبرى إلى أسواق الأغذية في الاقتصادات الناشئة والنامية القادمة من البلدان المتقدمة، معدلات المشاركة في سلسلة القيمة العالمية، لكن لا توجد أدلّة واضحة على أن ذلك قد أفضى إلى استغلال واسع النطاق للقوة السوقية. وقد تكون آثار القوة السوقية على امتداد سلسلة القيمة إيجابية أيضًا. على سبيل المثال، هناك أدلّة على أن زيادة التركّز والقوة السوقية لدى الشارين في قطاع الطلب قد يساعد على تخطي أوجه الخلل في السوق المحلية والحكومة في المناطق الريفية حيث يتواجد المورّدون، خاصة وأنها قد تخفّف الحواجز الهيكلية القائمة في السوق من خلال الحدّ من تكاليف العمليات وجعل العقد أوضح.107

يتحوّل التحليل في الجزء الثالث من المستوى العالمي إلى مستوى الأسرة الزراعية. ويواجه المزارعون أصحاب الحيازات الصغيرة عدة قيود تحدّ من مشاركتهم في الأسواق وسلاسل القيمة. وتؤثر هذه القيود أيضًا على تطلعاتهم للحصول على سُبل عيش أفضل. ويضع النقاش المزرعة داخل عملية التنمية للنظر في الأسواق وسلوكها. ويشمل التحليل نماذج الأعمال مثل الزراعة التعاقدية وسلاسل القيمة التي تشمل خطط إصدار شهادات الاستدامة. وهذه النماذج يمكن أن تساعد على معالجة القيود التي يواجهها المزارعون، ودمجهم في الأسواق، والمساهمة في تحقيق النتائج الاقتصادية والبيئية والاجتماعية.

الرسائل الرئيسية

1 تُساهم الأسواق الجيدة الأداء بدور رئيسي في النمو الزراعي وتكمن في صميم عملية التنمية. فهي توفِّر آلية يمكن للمزارعين من خلالها الاندماج في الاقتصاد، وتتيح لهم فرصًا لرفع مستوى دخلهم وتحسين سُبل عيشهم.

2 يواجه المزارعون في كثير من البلدان النامية قيودًا كبيرة تحدّ من إمكانية وصولهم إلى الأسواق. وهذه القيود تكون أكبر أمام النساء. ويمكن للمتطلبات الصارمة في سلاسل القيمة الغذائية الحديثة أن تؤدي إلى زيادة عزلة المزارعين عن آلية السوق.

3 تتسع خيارات المزارعين بازدياد مشاركتهم في الأسواق. وتتيح لهم الأسواق الزراعية اتخاذ قرارات أفضل بشأن ما ينتجونه وكيفية إنتاجه وكيفية الاستثمار في مزارعهم وفي أسرهم وفي أنفسهم. ويمكن أن يفضي ذلك إلى تحسين سُبل العيش في قطاع الزراعة أو في سائر القطاعات الاقتصادية.

الإجراءات الرئيسية

تساهم السياسات الحكومية بدور حاسم في دعم المشاركة في الأسواق. وينبغي لها استهداف المناطق الريفية من خلال تدابير لتحسين الخدمات الصحية والتعليمية، والنهوض بالبنية التحتية وتعزيز أسواق العمل، ودعم تهيئة بيئة تمكينية مؤاتية لأنشطة الأعمال.

يمكن لنماذج الأعمال الشاملة، مثل الزراعة التعاقدية، أن تعالج القيود التي يواجهها المزارعون في دخول الأسواق وسلاسل القيمة. ويمكن تسهيل هذا النهج في البلدان النامية من خلال مجموعات فعالة من المزارعين، وهو يتطلب إجراءات متعددة الأوجه ومنسقة من الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني.

يمكن تسخير الأسواق الزراعية وأسواق الأغذية لتحقيق نتائج إنمائية مستدامة. ومن شأن تعزيز خطة إصدار شهادات الاستدامة الطوعية وتطبيقها على نطاق واسع أن يعالج المقايضات بين الأهداف الاقتصادية والبيئية والاجتماعية.

التنمية الزراعية المستدامة والأسواق

تدخل الأسواق في صميم عملية التنمية، فهي التي تحدّد للأنشطة والموارد المجالات التي تكون فيها أكثر إنتاجية. وللأسواق الحسنة الأداء والتجارة في قطاع الأغذية والزراعة أهمية عظيمة في تحسين سُبل عيش ملايين الأشخاص، ويمكنها تحقيق فوائد إضافية، مثل المساهمة في الأمن الغذائي عن طريق ضمان نقل الأغذية من مناطق الفائض إلى مناطق العجز.

وتتميَّز عملية التنمية بالتحوّل الهيكلي للاقتصاد. وهي المسار نحو زيادة الدخل والقضاء على الفقر، وكذلك توسيع فرص تحسين مستويات العيش وقدرة الأشخاص على الاختيار بين مختلف سُبل العيش.

ومع أن التحليلات السابقة تناولت الزراعة باعتبارها قطاعًا تقليديًا منخفض الإنتاجية لتوفير العمالة والموارد الأخرى للقطاعات الحديثة السريعة النمو، لم يكن بوسع أي بلد أن يخرج من براثن الفقر من دون قطاع زراعي وغذائي ديناميكي.1 ويعتمد في الوقت نفسه نمو الزراعة اعتمادًا حاسمًا على طريقة تطور الإنتاجية والعمل في قطاعي التصنيع والخدمات. ويشمل التحوّل الهيكلي مسارات النمو لجميع قطاعات الاقتصاد، وتعتمد هذه العملية على الأسواق الجيدة الأداء (أنظر مناقشة حول دور الأسواق في التنمية في الإطار 1.3).

وبالنظر إلى أن الأسواق تُشكل جزءًا مهمًا من عملية التحوّل الهيكلي، فإن مشاركة المزارعين في التبادل القائم على الأسواق أمر أساسي للتنمية المستدامة والقضاء على الفقر. ومن شأن ضمان اتصال الفقراء بالأسواق الجيدة الأداء أن يربطهم على نحو أفضل بعملية التنمية.

وبصفة عامة، يُساهم الوصول إلى الأسواق في التنمية ليس فقط من خلال تحقيق النمو الاقتصادي، بل وكذلك عن طريق توفير فرص تُمكِّن المزارعين من استخدام قدرتهم على كسب الدخل لتحسين حياتهم. ويعتمد الاندماج في الأسواق والاستفادة من جميع أدوارها وآثارها في توسيع التنمية الاجتماعية بدرجة كبيرة على الحكومات والترتيبات المتخذة بشأن التعليم والصحة والائتمان والحصول على الطاقة والمياه والمنافسة وسياسات أخرى.أ،2

ومن منظور أضيق، يولِّد التبادل القائم على الأسواق الزراعية فوائد من خلال الإنتاج وبيع المنتجات التي يتخصص فيها المزارعون ويتمتعون فيها بميزة نسبية. ويؤدي ذلك إلى تهيئة الدخل الذي يمكن استخدامه لشراء السلع والخدمات الأخرى، بما يشمل الغذاء الذي قد يتمكَّن المنتجون الآخرون من توفيره بكلفة أقل. كما يمكن للأسواق في المدى البعيد أن تحقق آثارًا مستمرة. وبالنظر إلى أن الأفكار يتم أيضًا تبادلها من خلال معاملات السوق، تنتشر التكنولوجيات الأفضل، وتتحسَّن الإنتاجية، ويبني المزارعون وأسرهم أصولهم الإنتاجية ويستثمرون في التعليم والصحة وسُبل عيشهم.3

ويتسم الشراء على نحو متزايد بالتحوّل من أسواق المعاملات الفورية التقليدية التي يلتقي فيها المزارعون والتجّار عند باب المزرعة، نحو سلاسل القيمة العالمية المتكاملة عموديًا التي تحدّد فيها العقود توقيت المعاملات ونطاقها ومعايير الجودة (أنظر أيضًا مناقشة حول تطور تجارة الأغذية الزراعية وأسواقها ونشأة سلاسل القيمة العالمية في الجزأين الأول والثاني). وتوجد في البلدان النامية سلاسل قيمة تقليدية وحديثة على السواء، وتفي سلاسل القيمة الحديثة في معظمها بطلب المناطق الحضرية على الأغذية. وتزداد أيضًا التجارة الدولية من خلال سلاسل القيمة العالمية.

المشاركة في الأسواق في سياق البلدان النامية

في ظل بيئة الأسواق التي تشهد تحوّلات مطردة، ازدادت التجارة الدولية بصورة ملحوظة، وتربط سلاسل القيمة المتطورة العالمية والمحلية على حد سواء المزارعين بالمستهلكين، ما أدى إلى إيجاد فرص أفضل. ومع ذلك، لا يزال الكثير من المزارعين في البلدان النامية، وبخاصة أصحاب الحيازات الصغيرة، مهمشين ومستبعدين من عملية التنمية ولا يتاح لهم سوى الوصول إلى الأسواق التقليدية أو غير الرسمية الضعيفة الأداء أو التي لا تعمل إلا على نطاق محلي محدود للغاية.

وفي كثير من البلدان النامية، لا سيما في أفريقيا، أثبتت التدخلات المتجهة من القمة إلى القاعدة وعمليات تحرير الأسواق والتجارة في ثمانينيات القرن الماضي عدم فعاليتها في دمج كثير من المزارعين في الأسواق وتحسين سُبل معيشتهم. وكان ذلك يعزى في كثير من الحالات إلى إخفاقات السوق التي تكبّل المزارعين بقيود تمنعهم من الاستجابة لحوافز الأسعار، وهو ما يدل على الحاجة إلى مجموعة من السياسات والاستثمارات العامة التي تتسنى معالجة القيود وجوانب عدم المساواة المحدّدة، واستكمال تحرير الأسواق.ب

وتوجد حاليًا في البلدان النامية مجموعة من سلاسل القيمة التي تربط المزارعين بالأسواق النظامية وغير النظامية على حد سواء. ويجري تطوير بعض سلاسل القيمة لتلبية طلب المستهلكين من ذوي الدخل المرتفع في المناطق الحضرية من خلال المتاجر الكبرى (أنظر الجزء الأول). وتتيح سلاسل القيمة العالمية في الوقت نفسه فرصًا كبيرة أمام المزارعين في البلدان النامية للمشاركة في الأسواق الدولية على أساس ما يتمتعون به من ميزة نسبية بدلًا من الاعتماد فقط على صناعات التجهيز المحلية التي يمكن أن تكون أقل تنافسية (أنظر الجزء الثاني).

ومع ذلك، لا يمكن لكل شخص أن يرتبط بسلاسل القيمة العالمية، لا سيما عندما لا تتوافر الظروف التي تمكِّن من الوصول إلى الأسواق. وغالبًا ما يبيع المزارعون أصحاب الحيازات الصغيرة في البلدان النامية منتجاتهم لأسواق صغيرة ومحلية وبائعين غير نظاميين وفئات سكانية منخفضة الدخل. والواقع أن معظم المزارعين يبيعون منتجاتهم في الأسواق، ولكن مشاركتهم من حيث الحجم الذي يقومون بتسويقه من إنتاجهم، ليست كبيرة في المتوسط.

ولا يعني ذلك أن الأسر معزولة تمامًا عن الأسواق. فمعظم الأسر في البلدان النامية تشارك في الأسواق النظامية أو غير النظامية على حد سواء، ولكن حجم مبيعاتها صغير. وقليل منهم بائعون صافون.

وتبرز بيانات المسح الأسري المزارعين في البلدان النامية الذين لا يبيعون سوى جزء من إنتاجهم، وهذا الجزء يمكن أن يكون صغيرًا في كثير من الأحيان. من ذلك على سبيل المثال أن المزارعين في غانا يبيعون في المتوسط حوالي 46 في المائة من إنتاجهم من المحاصيل (من حيث القيمة) ويحتفظون بأكثر من النصف للاستهلاك المنزلي (الشكل 2.3). وفي ملاوي وأوغندا، يشارك المزارعون في الأسواق الزراعية التي يبيعون فيها حوالي 21 في المائة و30 في المائة من إنتاجهم من المحاصيل على التوالي. وفي الزراعة الأكثر توجهًا نحو التسويق التجاري في فييت نام، تُشير البيانات إلى أن متوسط نسبة الإنتاج الأسري المباع في الأسواق قد بلغ 52 في المائة في عام 2008.

الشكل 2.3
المشاركة في الأسواق: متوسط حصة الإنتاج الأسري المباع في الأسواق في غانا وملاوي وأوغندا وفييت نام

وهذه المعاملات الضعيفة القائمة على السوق لا تضيف كثيرًا إلى السيولة التي تمتلكها الأسرة والتي تساهم بدور حاسم في انتشال المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة من حالة شبه الكفاف (الشكل 3.3). وتتألف نسبة كبيرة من دخل كثير من الأسر المعيشية الزراعية من قيمة الإنتاج الذي تحتفظ به في المنزل للاستهلاك، والأجور التي غالبًا ما تكسبها من العمل غير النظامي خارج الأسواق الزراعية والحوالات المالية والتحويلات. وتعتمد الأسر المعيشية الزراعية على هذا الدخل لاستكمال إنتاجها من الأغذية، ويدخل كثير من هذه الأسر ضمن فئة المشترين الصافين في أسواق الأغذية.

الشكل 3.3
متوسط النسبة المئوية لإيرادات مبيعات الأسر المعيشية من إجمالي الدخل الأسري في غانا وملاوي وأوغندا وفييت نام

المشاركة في الأسواق وتكاليف المعاملات

يفسّر ارتفاع تكاليف المعاملات القائمة على السوق إلى حد كبير انخفاض معدلات المشاركة في الأسواق في البلدان النامية. من ذلك على سبيل المثال أن الكثير من المزارعين قد تتاح لهم فرص محدودة للمشاركة في الأسواق بسبب ضعف البنية التحتية وضيق سُبل الوصول إلى الطرقات، وهو ما يفضي إلى ارتفاع تكاليف النقل. وتزيد تكاليف المعاملات المتغيّرة السعر الذي يدفعه المزارعون مقابل المدخلات، وتخفّض ما يحصلون عليه من سعر لمنتجاتهم. وبالنظر إلى تشتت المزارعين جغرافيًا وصغر حجم إمداداتهم وعدم اتساقها على السواء، فإن تجار القطاع الخاص لا يشترون المنتجات من هؤلاء المزارعين أو يشترطون هوامش عالية. وتؤدي مسافات النقل وجودة البنية التحتية ذات الصلة إلى تباين معدلات التسويق التجاري بين المزارعين، وهو ما لا تعكسه صورة المتوسطات، كما هو مبيّن في الشكل 2.3. من ذلك على سبيل المثال أن المزارعين في المناطق القريبة من المدن والقرى يتميزون عمومًا بارتفاع مستوى مشاركتهم في الأسواق مقارنة بالمزارع البعيدة عن الأسواق.

والمعلومات في المناطق الريفية مكلفة أيضًا، وقد لا يتمكن المزارعون من الحصول على معلومات عن المشترين والأسواق ومستويات الأسعار. وترتفع تكاليف البحث المرتبطة بالعثور على تاجر، والمساومة، والتفاوض على الصفقة، والاتفاق عليها. وهذه التكاليف ثابتة، أي أن المزارعين يمكنهم، بمجرد حصولهم على المعلومات الضرورية، بيع أي كمية من دون زيادة كبيرة في هذه التكاليف. وقد يتعذّر على المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة الذين يفتقرون إلى الحجم الكبير في الإنتاج والمبيعات أن يتغلبوا على هذه التكاليف الثابتة. وغالبًا ما تتألف معظم الإمدادات المعروضة في الأسواق، لا سيما الأغذية الأساسية، من إنتاج المزارعين الأكبر حجمًا والذين يمتلكون قدرًا أكبر من الموارد.4

غير أن معدلات مشاركة أصحاب الحيازات الصغيرة في الأسواق وسلاسل القيمة العالمية للبنّ والكاكاو أو الخضار يمكن أن تكون مرتفعة.

وتُشير بيانات المسح الأسري إلى وجود علاقة إيجابية بين نسبة إنتاج الأسر المعيشية المباع في الأسواق وحجم المزرعة (الشكل 4.3). من ذلك على سبيل المثال أن المزارع الصغيرة الحجم موجودة في أدنى سلم توزيع مساحات المزارع في غانا، والتي تصل مساحتها إلى 0.4 هكتارات، تبيع 35 في المائة من إنتاجها في الأسواق. أما المزارع الكبرى التي تتصدّر 20 في المائة من توزيع مساحات المزارع وتزيد مساحتها على 6.2 هكتار، فيفوق معدل مشاركتها في الأسواق 50 في المائة. وفي فييت نام، لا تختلف معدلات المشاركة في الأسواق عن هذا النمط، ولكنها أعلى كثيرًا بالنسبة إلى جميع مساحات المزارع، ما يدل على تكبّد المزارعين في البلد تدني تكاليف المعاملات مقارنة بالأسر المعيشية الزراعية في ملاوي وأوغندا.

الشكل 4.3
حصة إنتاج الأسر المعيشية المباع في الأسواق تبعًا لحجم المزرعة في غانا وملاوي وأوغندا وفييت نام على أساس الشرائح الخمسية

ويؤدي ارتفاع تكاليف المعاملات والبحث في البلدان النامية إلى ضعف أسواق المنتجات والمدخلات. ويسفر ذلك أيضًا عن إخفاقات بنيوية في الأسواق - عدم استقرار الأسعار وفقدان أسواق الائتمان والتأمين. من ذلك على سبيل المثال أن المزارع في سياق الاقتصادات النامية تواجه صعوبات كبيرة في الحصول على الائتمانات لأن البنوك تحجم في كثير من الأحيان عن إقراضها بسبب ضعف ضماناتها وافتقارها إلى المعلومات. ويحد الافتقار إلى سُبل الوصول إلى التأمين من القدرة على التخفيف من مخاطر الإنتاج ويعيق الاستثمار الزراعي. وهذه الإخفاقات في الأسواق يمكن أن تؤدي إلى إيجاد أفخاخ للفقر تتميَّز بدورة من انخفاض الاستثمارات وتدني الإنتاجية وضعف الدخل، خاصة بالنسبة إلى المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة.

وهناك أيضًا قيود أخرى يمكن أن تعزل المزارع عن الأسواق الحديثة. وتتطلّب المبيعات من خلال سلاسل القيمة الحديثة، مثل المتاجر الكبرى، من المزارعين قدرة على توفير استمرارية العرض وتلبية المتطلبات الصارمة لسلامة الأغذية وجودتها. ومن شأن الافتقار إلى معلومات عن معايير الجودة، وضيق سُبل الوصول إلى التكنولوجيا، وانخفاض المهارات الإدارية واللوجستية، أن يجعل من الصعب على كثير من المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة في البلدان النامية توفير الإمدادات لسلاسل القيمة الحديثة.5

وعلى سبيل المثال، أسفرت عمليات التفتيش عن مخلّفات مبيدات الآفات في الواردات في الاتحاد الأوروبي في عام 2013 عن رفض 10 في المائة من الفاصولياء والبازلاء التي وصلت إلى موانئها. وخلال السنة نفسها، شهدت صناعة تصدير محاصيل البستنة في كينيا، التي تقدَّر قيمتها بمبلغ 930 مليون دولار أمريكي، تراجعًا بنسبة 50 في المائة في الصادرات الإجمالية. وأثّر ذلك بشكل كبير على صغار المزارعين في كينيا الذين تُشير التقارير إلى أنهم ينتجون حوالي 80 في المائة من هذه الصادرات.6

وهناك أيضًا تجارب ناجحة. ففي إثيوبيا، سُجلت تحوّلات في سلسلة قيمة حشيشة الحب الحبشية التي تُشكل أهم غذاء رئيسي في البلد. وأدى انخفاض تكاليف التجهيز وازدياد الطلب على المنتجات السهلة التحضير والجيدة إلى زيادات في معدلات المشاركة في الأسواق وتحسّن إنتاجية المزارع في المناطق التي تربطها صلات جيدة بالمراكز الحضرية.7

وتتباين إمكانية وصول المزارع إلى الأسواق بما أن تكاليف المعاملات تسفر عن تباين كبير في معدلات المشاركة في الأسواق. وبالنسبة إلى الكثير من المزارعين في البلدان النامية، يقيّد افتقاد الأسواق أو ضعف أدائها قرارات الإنتاج واستراتيجيات التبادل.

وأهم ما ينشأ عن هذه القيود من آثار على النمو والتنمية هو أنه من غير الممكن فصل مجموعة كاملة من القرارات على مستوى الأسرة المعيشية الزراعية عن بعضها البعض. وعلى سبيل المثال، عندما لا تعمل الأسواق بصورة جيدة، لا يمكن فصل القرار المتعلق بتحديد ما يتم إنتاجه وكيفية ذلك عن قرار تحديد ما يتم استهلاكه وحجم ذلك الاستهلاك. ويعني افتقاد الأسواق أنه بوسع المزارعين اختيار تنويع إنتاجهم بما يُعبِّر عن أنماطهم الغذائية بدلًا من الأخذ باستراتيجيات التخصص التي تزيد الكفاءة، والاعتماد على الأسواق في استهلاكهم.8

وتواجه المزارِعات مساوئ أكبر من نظرائهنّ الرجال، إذ تقلّ فرص وصولهن إلى الأسواق ورأس المال الاجتماعي، وتؤدي الفروق بين الجنسين إلى زيادة العوامل التي تحدِّد المجموعة الواسعة من معدلات المشاركة في الأسواق في البلدان النامية. وتدرّ الأسر المعيشية التي ترأسها نساء دخلًا أقل بكثير من الأسر المعيشية التي يرأسها رجال (أنظر الشكل 5.3). وفي كثير من البلدان، تُشارك الأسر المعيشية التي ترأسها نساء في الأسواق بدرجة أقل كثيرًا من الأسر المعيشية التي يرأسها رجال (أنظر الشكل 6.3).

الشكل 5.3
متوسط مجموع دخل الأسر المعيشية بحسب جنس ربّ الأسرة (بالدولار الأمريكي بحسب أسعار عام 2011)
الشكل 6.3
متوسط النسبة المئوية لإيرادات مبيعات الأسر المعيشية من مجموع دخلها بحسب نوع جنس ربّ الأسرة

وتعتمد أيضًا القرارات المتعلقة بكيفية توزيع العمالة داخل الأنشطة الزراعية وخارجها على الأسواق. ويمكن للعمالة غير الزراعية أن تُكمِّل الدخل الزراعي وتوفِّر أداة مهمة لإدارة المخاطر عن طريق تنويع مصادر الدخل. ويدفع عدم وجود عمل لقاء أجر جيد - وهو ما يمكن أن يرتبط أيضًا بانخفاض مستويات التعليم - المزارعين إلى النظر إلى كلفة عملهم باعتبارها متدنية للغاية. وبينما يواجه المزارعون «أجر الظلّ» المنخفض هذا، فإنهم يميلون إلى توفير مزيد من العمالة الأسرية في العمل الزراعي. وكلما كان حجم الزراعة أصغر كلما ازدادت كثافة العمالة، ما يؤدي إلى علاقة عكسية بين غلة الهكتار الواحد وحجم المزرعة - وهو ما يلاحَظ في كثير من الأحيان من دون أن يكون مفهومًا بصورة كاملة. ويغلب على المزارع الصغيرة الحجم تحقيق غلات أعلى للهكتار الواحد مقارنة بالمزارع الأكبر حجمًا، ولكن إنتاجية العامل تكون أقل بكثير وبالتالي يكون نصيب الفرد من الدخل أقل نسبيًا.9

ويمكن أيضًا أن تكون معدلات الأخذ بالتكنولوجيا مرتبطة بفقدان الأسواق. ويأخذ المزارعون الذين يشاركون في السوق على الأرجح بالتكنولوجيات الجديدة أكثر من المزارعين الذين تنخفض معدلات مشاركتهم في السوق. ولا توجد لدى الأسر المعيشية التي تضيق سُبل وصولها إلى الأسواق حوافز قوية تشجعها على تبني التكنولوجيات الجديدة وزيادة إنتاجيتها كونها لا تواجه سوى طلبها الخاص الذي سرعان ما تفي به الزيادات الصغيرة في الإنتاج. أما المزارع المندمجة بصورة جيدة في الأسواق، فإنها تواجه طلبات مجمَّعة على السلع، ويتماشى سلوكها إزاء تبني التكنولوجيا مع العائد الذي تتوقعه من بيع مزيد من الإنتاج.3

وفي سياق الأسواق النامية، يتأثر كثير من القرارات، بما فيها القرارات المتعلقة بكيفية تحقيق الأهداف الاجتماعية، مثل الاستثمار في التعليم والصحة، بالأسواق الضعيفة الأداء. ويمكن أن يؤثر الافتقار إلى أسواق التأمين والائتمان في مواجهة الظروف الجوية السيئة تأثيرًا كبيرًا على الاستثمارات الحاسمة في تعليم الأطفال. وفي كوت ديفوار، على سبيل المثال، تميل الأسر المعيشية الريفية التي تواجه صدمات بفعل سوء الأمطار إلى تخفيض معدلات الالتحاق بالمدارس بنسبة تتراوح بين 30 و50 في المائة.10 وفي هندوراس، يحقق أطفال الأسر المعيشية الريفية التي لا توجد أمامها سوى فرص محدودة للوصول إلى أسواق الائتمان نتائج تعليمية أقل. وازدادت تلك الآثار السلبية حدة على ما يبدو بسبب الصدمات التي أدى إليها سوء أحوال الطقس أثناء إعصار ميتش.11

حجم المزرعة والأسواق والتحوّل الهيكلي

تمثّل الزراعة إحدى المهن الاقتصادية الرئيسية في العالم. والواقع أن أكثر من 600 مليون مزرعة توفِّر الدخل وفرص العمل لمليارات الأشخاص فيما تنتج الغذاء والمواد الخام لشريحة سكانية متنامية العدد ومتزايدة الوفرة. وتُشير التقديرات إلى أن حوالي 90 في المائة من هذه المزارع يعتمد في أغلب الأحيان على العمالة الأسرية التي تتراوح بين 70 و80 في المائة من الأراضي الزراعية في العالم وتنتج حوالي 80 في المائة من الأغذية في العالم من حيث القيمة. ومعظم هذه المزارع التي تعتمد على العمالة الأسرية صغير الحجم – إذ تبلغ مساحة حوالي 70 في المائة من المزارع البالغ عددها 600 مليون مزرعة على نطاق العالم هكتارًا واحدًا أو أقل، ويعمل فيها 7 في المائة من مجموع الأراضي الزراعية.12

وتُشكل المزارع التي تعتمد على القوة العاملة الأسرية طريقة الإنتاج الزراعي المهيمنة حتى في البلدان المرتفعة الدخل. ويرجع ذلك إلى أن أفراد الأسرة - الذين تحركهم دوافع ذاتية – الذين يمكنهم أداء مهام محددة بحسب الموقع، مثل الزراعة، والتسميد، وإزالة الأعشاب الضارة، من دون الحاجة إلى الإشراف عليهم، وبالتالي بكلفة أقل مقارنة بالعمالة المأجورة.13 وهكذا، تتطور أحجام المزارع طوال عملية التحوّل الهيكلي وفي ظل خروج السكان من قطاع الزراعة، مدفوعة بالتغيُّرات في نمو السكان الريفيين والتحسينات التي تطرأ على التكنولوجيا والهجرة من الريف إلى المدن.14

ويتبيَّن من الأدلة المستمدة من عمليات التعداد الزراعي تراجع متوسط حجم المزرعة خلال الفترة من عام 1960 إلى عام 2000 في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا، بينما ازداد حجمها في البلدان المرتفعة الدخل.12

وفي ظل تباطؤ متوسط النمو السكاني في آسيا (أنظر الجزء الأول) واستمرار خروج السكان من الزراعة، من المتوقع أن يتباطأ النمو السكاني في المناطق الريفية بحلول منتصف القرن.15 ويتجسَّد التوسّع الحضري بالفعل في استقرار متوسط أحجام المزارع أو حتى ازديادها. من ذلك على سبيل المثال أن بيانات المسح الأسري تشير إلى أن متوسط حجم المزرعة في فييت نام ازداد منذ عام 1992 من 0.16 إلى 0.54 هكتار. 16،ج

ولا تزال أفريقيا حاليًا ريفية في أغلبها، إذ يعيش حوالي 40 في المائة من سكانها في المناطق الحضرية. وازداد عدد سكانها الريفيين بأكثر من ثلاثة أضعاف ما بين عامي 1950 و2018 من 196 مليون نسمة إلى 740 مليون نسمة؛ ورغم استمرار التوسّع الحضري، من المتوقع أن يعيش في المناطق الريفية من أفريقيا أكثر من مليار (1) نسمة بحلول عام 15.2050

ويمكن أيضًا لبطء معدل نمو الإنتاجية في قطاعي التصنيع والخدمات أن يساهم في انخفاض معدلات التحوّل الهيكلي وتراجع أحجام المزارع في المستقبل. 17،دوتشهد المزارع في المتوسط داخل البلدان الأفريقية تراجعًا في أحجامها. من ذلك على سبيل المثال أن بيانات المسح الأسري تُشير إلى تراجع متوسط حجم المزرعة في ملاوي في ما بين عامي 2004 و2011 من 1.08 إلى 0.67 هكتار (الشكل 7.3).

الشكل 7.3
تطور متوسط حجم المزرعة، بالهكتارات

ويمكن لتراجع حجم المزرعة أن يؤثر تأثيرًا كبيرًا على المشاركة في الأسواق، لا سيما في سياق أسواق الأغذية الحديثة وسلاسل القيمة العالمية التي يتطلب الوصول إليها تكاليف محددة كبيرة للحصول على المعلومات. ويمكن للأصول، خاصة الأراضي، إلى جانب الوصول إلى البنية التحتية للنقل، أن يرتبط بشكل وثيق بالمشاركة في الأسواق.

ويمكن لانخفاض معدلات المشاركة في الأسواق أن يعيق عملية التنمية ويمكن أن تكون له أيضًا آثار سلبية على جهود القضاء على الفقر وتحقيق الأمن الغذائي لشريحة كبيرة من السكان. والواقع أن ازدياد التسويق التجاري في المزارع الصغيرة يمكن أن يزيد الدخل ويحد من الفقر. ومن ذلك على سبيل المثال أن دراسة أُجريت في كينيا على عيّنة من الأسر المعيشية الزراعية التي تبيع في المتوسط 44 في المائة تقريبًا من إنتاجها تشير إلى أن زيادة المشاركة في السوق بواقع 10 نقاط مئوية تسفر عن زيادة نسبتها 17 في المائة في متوسط نصيب الفرد من الدخل وتحقق انخفاضًا نسبته 16 في المائة في معدل انتشار الفقر بين الأسر المعيشية.18

ولوحظت أيضًا آثار إيجابية نتيجة للمشاركة في الأسواق عند معالجة حالات الحرمان من التعليم والصحة والتغذية ومستويات العيش، وهو ما يدل على أن المشاركة في السوق تؤدي إلى زيادات في رأس المال البشري والقدرات التي تساهم بدور رئيسي في دمج أفراد الأسرة في عملية التنمية. وفي الوقت نفسه، رغم الدور الذي يمكن أن تساهم به الأسواق في الحد من الفقر، فإن زيادة المشاركة فيها يمكن أن تفضي إلى مزيد من عدم المساواة كون نصيب الفرد من الدخل يكون في الغالب أكبر لدى الأسر المعيشية الأكثر ثراءً والتي تمتلك أصولًا جيدة نسبيًا مقارنة بالأسر المعيشية الفقيرة.

ويمكن للأسواق الحسنة الأداء أن تيسّر عملية التحوّل الهيكلي. غير أن عدم التجانس الذي يميّز الزراعة والمزارع وكذلك سلاسل القيمة والمشاريع الزراعية الغذائية داخل البلدان وفي ما بينها سيتطلب إجراءات متعددة الأوجه (أنظر الإطار 2.3 لمناقشة حول المشاريع الريفية الصغيرة والمتوسطة الحجم).

ومن الحاسم للتنمية أن ينصبّ التركيز على سبل تعزيز إنتاجية الفرد والاندماج في الأسواق وتحفيز النمو في القطاع، غير أن عملية التحوّل الهيكلي تتطلب في الوقت نفسه من الأسر المعيشية الزراعية الأخذ باستراتيجيات مختلفة لكسب العيش داخل الزراعة أو حتى خارجها. وتراعي هذه الاستراتيجيات عدّة عوامل تشمل التسويق التجاري الذي يعتمد على حجم المزرعة، وتكاليف المعاملات، والقدرة على تلبية طلب المستهلكين في المناطق الحضرية على الغذاء، وكذلك التعليم، والمهارات المتنوعة والصحة التي تُشكل قدرة الأسرة على التحوّل تمامًا من الزراعة إلى سائر قطاعات الاقتصاد.

وفي البلدان النامية، ينبغي للقرارات السياسية أن تعالج الكثير من التحديات المتصلة بدمج المزارعين في عملية النمو الاقتصادي. من ذلك على سبيل المثال أن آليات الحماية الاجتماعية تحدّ من الضعف والفقر المدقع والحرمان، وتنطوي أيضًا على آثار إيجابية على معدلات المشاركة في السوق، إذ تُمكِّن الأسر من إدارة المخاطر بصورة أفضل والمشاركة في الإنتاج الزراعي.19 وتتطلب مجموعة من التدخلات - العامة والمحددة - استثمارات لمعالجة إخفاقات السوق والعديد من أبعاد التنمية. وستستفيد الأسر المعيشية الزراعية التي لديها توجه نحو السوق بصورة مباشرة من تحسينات البنية التحتية للنقل والاتصالات التي تخفِّض تكاليف المعاملات وتؤدي إلى ظهور أسواق للمنتجات والمدخلات والخدمات المالية. ويمكن للمشاركة في هذه الأسواق أن تعزز الاستثمارات والإنتاجية ونمو الدخل وأن تتيح للأسر أيضًا تنويع مصادر دخلها في القطاعات غير الزراعية.

ويمكن للأُسر المعيشية الأخرى الاستفادة من الصلات بسوق العمل والاستثمارات العامة في التعليم لبناء أصولها وصقل مهاراتها من أجل الخروج من قطاع الزراعة والدخول إلى قطاعات مختلفة من الاقتصاد. ويواجه صانعو السياسات تحديًا كبيرًا مرتبطًا بالأسر المعيشية شبه الكفافية التي قد تكون فقيرة ومعزولة جغرافيًا في ظل حقوق ملكية غير واضحة وأصول إنتاجية محدودة. وقد لا تناسب الأسواق التقليدية هذه الأسر المعيشية وتصبح بالتالي خيارات تحسين سُبل العيش محدودة.

الزراعة التعاقدية

شهدت الثورة الخضراء - مدفوعة بالتحسينات في التكنولوجيا استهدفت المزارع الصغيرة في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي - قيام الحكومات بدور في معالجة تكاليف المعاملات وتنسيق عمل الأسواق (من خلال مجالس التسويق على سبيل المثال) بكلفة مالية كبيرة. ومالت سياسات تحليل السوق اللاحقة إلى التقليل من إخفاقات السوق وإلى الحاجة إلى إجراءات تكميلية لتعزيز التنسيق بين المشاركين في السوق. ومنذ ذلك الحين، أدى التحوّل في النُظم الغذائية إلى تحويل التركيز على الطريقة التي يمكن من خلالها لآليات تنسيق القطاع الخاص زيادة فرص الوصول إلى سلاسل القيمة الحديثة ودمج المزارعين في عملية النمو الاقتصادي.

وتوفِّر الزراعة التعاقدية، من بين سائر نُظم التنسيق، حلًا مؤسسيًا لمعالجة تكاليف المعاملات وإخفاقات السوق على مستوى السلع والمدخلات والائتمانات والتأمين والمعلومات.37 ويزداد النظر إلى ترتيبات الزراعة التعاقدية باعتبارها وسيلة لدمج المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة في أسواق مجزية للأغذية المضافة القيمة بفعل التوسع الحضري ونمو الدخل. ويمكن أيضًا للزراعة التعاقدية دمج هؤلاء المزارعين في أسواق سلع التصدير المدفوعة بتوسع سلاسل قيمة المنتجات الزراعية الغذائية العالمية.

ويمكن تعريف الزراعة التعاقدية على أنها اتفاق آجل بين المزارعين وشركات التجهيز و/أو التسويق من أجل إنتاج سلع زراعية وتوريدها بأسعار محددة سلفًا في كثير من الأحيان. ويمكن أن تشمل الترتيبات أيضًا شركات الشراء التي تسعى إلى تحقيق قدر من التنسيق العمودي بوسائل تشمل على سبيل المثال توريد المدخلات وتوفير المشورة الفنية. ويُلزم العقد عمومًا المزارع بتسليم سلعة معينة بكميات ومعايير جودة يحددها المشتري، ويشترط على الشركة تزويد المزارع بالمدخلات أو الدراية الفنية، وشراء السلعة.38

ويمكن أن تتخذ العقود مجموعة من الأشكال المختلفة من حيث الشروط والمتطلبات والأحكام. ويمكن للزراعة التعاقدية، كمؤسسة، أن تربط المزارعين بالمستهلكين من خلال سلاسل إمداد متطورة تضيف قيمة إلى الأغذية عن طريق النقل، وتصنيف درجات الجودة والتسويق والتجهيز، لضمان وفاء الأغذية بمتطلبات محددة للجودة والسلامة.

ولا تستطيع الشركات في كثير من البلدان النامية أن تتجاوز تمامًا المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة إما لأنهم يهيمنون على القطاع الزراعي أو بسبب حاجة الشركات إلى ضمان استمرارية توريد السلع لتغطية تكاليفها الثابتة. ويمكن في كثير من الأحيان للمصادر المحلية أن تكون جذابة بالنسبة إلى الواردات لأنها تقلل إلى أدنى حد أثر انخفاض قيمة العملة. وبالنظر إلى أن النمو الاقتصادي يسفر عن اتساع الطبقة المتوسطة، ازدادت أهمية مسائل التتبّع وسلامة الأغذية، وتوفِّر الزراعة التعاقدية مقياسًا للتنسيق العمودي والتحكم في أساليب الزراعة، والأحجام التي يتم توريدها، ومعايير الجودة والسلامة. ويمكن لترتيبات الزراعة التعاقدية في الوقت نفسه أن تربط المزارعين في البلدان النامية بسلاسل القيمة العالمية وأسواق التصدير، ما يحفِّز النمو (أنظر الجزء الثاني).

وبالنسبة إلى المزارعين، فإن هذا الشكل من التنسيق العمودي - الذي تشمل فيه العقود توفير المدخلات، مثل البذور والأسمدة والمساعدة الفنية والائتمان والتأمين والسعر المضمون عند الحصاد - يعالج عددًا من المعوقات، مثل المخاطر المتصلة بالأسعار والافتقار إلى سُبل الوصول إلى الأسواق والائتمان والمعلومات. ويمكن ألا تقتصر نُظم التنسيق الجديدة حاليًا على أنشطة الأعمال الزراعية والأفراد من المزارعين فحسب، بل أن تشمل مجموعات من الوكالات الحكومية، والمجتمع المدني، وجماعات المزارعين، والمصارف، والتكنولوجيا الرقمية، وشركات الهواتف المحمولة (انظر أيضًا المناقشة الواردة في الجزء الرابع حول تطبيقات التكنولوجيا الرقمية وإخفاقات السوق).

الشواهد التجريبية على الزراعة التعاقدية

كان أثر الزراعة التعاقدية على المزارع الصغيرة في البلدان النامية محط اهتمام وتحليل منذ سبعينيات القرن الماضي. وتستخدم معظم الدراسات بيانات على مستوى الأسرة المعيشية وتركز على متوسط تأثيرات التعاقد على النتائج، بما يشمل غلات المحاصيل، والأمن الغذائي، والأصول، والدخل، وحالة الفقر.

ويعتمد الباحثون على مجموعات البيانات الأسرية التي تشمل عدة متغيّرات، مثل حجم المزرعة، والخصائص الديمغرافية للأسرة والأصول والدخل، من أجل تقدير أثر الزراعة التعاقدية على المزارعين. وتشمل هذه المجموعات من البيانات الأسر المعيشية التي تُشارك في الزراعة التعاقدية وكذلك الأسر التي لا تشارك فيها بهدف الوصول من خلال تلك المقارنات بين هاتين المجموعتين إلى متوسط أثر الزراعة التعاقدية على الإنتاجية والدخل والرفاه والنتائج الأخرى.ه

وتشير نتائج هذه الدراسات في الواقع العملي إلى متوسط تأثيرات الزراعة التعاقدية. ومن الصعب الفصل بين النتائج المحددة لمختلف مكونات العقود التي تشمل أسعار باب المزرعة الدنيا المحددة سلفًا، وتوفير المدخلات، والدعم الفني، والائتمان، والخدمات الأخرى، التي يمكن أن تتباين أيضًا داخل عينات الأسر المعيشية وفي ما بينها (أنظر الشكل 8.3 والجدول 1.3).

الشكل 8.3
مجموعات الحوافز للزراعة التعاقدية
الجدول1.3
دراسات الزراعة التعاقدية التي استعرضها هذا التقرير
دراسات حالة عن مدغشقر: مختلف المحاصيل

في مدغشقر، أسفرت الترتيبات التعاقدية مع 200 1 أسرة معيشية زراعية تغطي محاصيل مختلفة في ست مناطق متباينة من حيث ظروفها الإيكولوجية الزراعية عن آثار إيجابية كبيرة على مجموع الدخل الأسري للمشاركين.39 وأشارت التقديرات إلى أن تحقيق زيادة متوسطة قدرها 10 في المائة في احتمالات المشاركة في الزراعة التعاقدية يؤدي إلى زيادة نسبتها 6 في المائة في مجموع الدخل الأسري (أنظر الجدول 1.3 لمزيد من التفاصيل عن الدراسة المتعلقة بمدغشقر).

ويشير أيضًا تحليل أجري بعد ذلك للعينة نفسها من الأسر المعيشية في مدغشقر إلى أن المشاركة في الزراعة التعاقدية تعزز الأمن الغذائي عن طريق تقليص مدة موسم الجوع لدى الأسرة المعيشية - أي المدة التي يحصل فيها فرد واحد أو أكثر في الأسرة على أقل من ثلاث وجبات يوميًا. ويتزامن موسم الجوع الذي تتراوح مدته بين 3.3 و3.7 أشهر، مع الفترة السابقة للحصاد عندما تحصل الأسر المعيشية - المتعاقدة أو غيرها - على أموال نقدية لقاء بيع إنتاجها. ويقلل الدخل الإضافي من الزراعة التعاقدية موسم الجوع بحوالي ثمانية أيام في المتوسط، وتبيَّن أن الأسر المعيشية التي شاركت في خطط الزراعة التعاقدية واجهت على الأرجح موسم جوع أقصر بحوالي 18 في المائة.40

وتبيَّن أن المشاركة في الزراعة التعاقدية بين هذه الأسر المعيشية تعتمد على عدة خصائص. من ذلك على سبيل المثال أن احتمالات أن تضمن الأسر التي ترأسها نساء عقودًا مع شركات الشراء كانت أقل بنسبة 45 في المائة، ويعكس ذلك ما تواجهه المرأة من قيود لدى دخول الأسواق.41 واعتُبرت خبرة المزارعين أيضًا عاملًا مهمًا للمشاركة في الزراعة التعاقدية مع كل سنة إضافية من الخبرة الزراعية، وارتبطت كل سنة إضافية من الخبرة الزراعية بزيادة نسبتها 1.2 في المائة من احتمالات المشاركة، ما يوحي بأن تلبية متطلبات العقود المختلفة تستوجب مهارات إدارية وفنية.

وأشارت التقديرات إلى ارتباط إيجابي بين حجم المزرعة والمشاركة في الزراعة التعاقدية. فمن ناحية، ازدادت فرص تنويع الإنتاج وبالتالي المشاركة في الزراعة التعاقدية بازدياد حجم المزرعة. ومن ناحية أخرى، وبالنظر إلى أن الزراعة التعاقدية تبدو في كثير من الأحيان متحيزة لصالح المزارع الأكبر حجمًا والأغنى نسبيًا - التي بمقدورها تلبية متطلبات الكم والجودة بصورة أفضل – يبدو أن الزراعة التعاقدية يمكن أن تفضي إلى مزيد من عدم المساواة في المناطق الريفية. والواقع أنه من المرجح عدم إدراج المزارعين الأفقر في الزراعة التعاقدية. وتبيَّن عمومًا من استعراض منهجي للمؤلفات التي تناولت تأثير ترتيبات الزراعة التعاقدية على الدخل أن 61 في المائة من المزارعين المتعاقدين لديهم مزارع أكبر حجمًا أو قدرًا أكبر من الأصول مقارنة بنظرائهم غير المتعاقدين.42

دراسة حالة عن السنغال: المحاصيل النقدية

على الرغم مما سبق، فإن حجم المزرعة وثروة الأسرة المعيشية قد لا يشكلان المحرِّك المهم الوحيد للمشاركة في الزراعة التعاقدية؛ ويمكن أن تعتمد العلاقة أيضًا على ما إذا كان إنتاج المحاصيل المتعاقد عليها يتطلب استثمارات محددة. فقد تبيَّن على سبيل المثال أن مشاركة المزارعين في خطة الزراعة التعاقدية للفول السوداني في السنغال لا تعتمد على حجم المزرعة. فزراعة الفول السوداني نظام تقليدي لا يتطلب استثمارات محددة سواء أطانت رأسمالية أو معرفية كما هي حال المحاصيل غير المألوفة العالية القيمة.43 وتبيَّن أن الترتيبات التعاقدية المستندة إلى معلومات المجتمع المحلي وسمعته بدلًا من أصوله الزراعية تحقق زيادة كبيرة في دخل المزرعة، وتحدّ بالتالي من الفقر وعدم المساواة (أنظر الجدول 1.3 للتفاصيل عن مكونات العقود في الدراسة الخاصة بالسنغال).

دراسات حالة عن فييت نام وجمهورية الصين الشعبية ونيكاراغوا: الفاكهة والخضار

تسنى للأسر ذات الأصول المحدودة في فييت نام بيع الخضار بموجب عقود للمتاجر الكبرى أو أسواق المعاملات الفورية. وعلى الرغم من صغر حجم المزرعة، تبيَّن أن هذه الأسر قادرة على تلبية متطلبات جودة الأغذية وسلامتها وإنتاج منتجات عالية القيمة.44

وتؤدي متطلبات سلامة الأغذية وجودتها التي تشترطها المتاجر الكبرى وشركات التصدير للفاكهة والخضار إلى زيادة التنسيق العمودي والزراعة التعاقدية. وفي جمهورية الصين الشعبية، تبيَّن أن الزراعة التعاقدية لإنتاج التفاح والبصل الأخضر حققت زيادة نسبتها 22 في المائة في متوسط دخل مزارعي التفاح و45 في المائة في دخل مزارعي البصل الأخضر.45 وفي ما يتعلق بالمنتجات الكثيفة العمالة، مثل الفاكهة والخضار، تبيَّن أن المشاركة تعتمد على العمالة الأسرية وليس على حجم الأسرة. وفي ما يتعلق بمزارعي التفاح، نجمت الزيادات في الدخل عن زيادة الغلّات بسبب المشورة التقنية والمدخلات المقدَّمة بموجب العقد. وفي ما يتعلق بمزارعي البصل الأخضر، عوضت الأسعار العالية تكاليف المدخلات للوحدة، وهو ما أسفر أيضًا عن زيادات في الدخل (أنظر الجدول 1.3 لمزيد من التفاصيل عن مكونات العقود). وأتاحت الزيادة في الدخل لهذه الأسر إنفاق المزيد على التعليم، والرعاية الصحية، واستهلاك الأغذية، والتحسينات المنزلية.

ويمكن أن تؤدي العقود إلى تأثيرات دائمة على سُبل عيش المزارعين. ويمكن للمشاركة في سلاسل متاجر الخضار الطازجة العالية القيمة أن تسفر عن زيادة نسبتها 16 في المائة في الأصول الإنتاجية للأسرة، مثل الجرارات والمحاريث ومضخات الري خلال فترة تصل إلى سنتين ونصف السنة.46 وتبيَّن أن الأسر التي تقيم على مقربة من الطرقات ويمكنها الوصول إلى مياه الري - وهي عوامل تتيح توفير إمدادات ثابتة من المنتجات على مدار السنة - تُشارك على الأرجح في هذه الخطط التعاقدية. وكان الفضل في زيادة الأصول راجعًا إلى تحسن سُبل الوصول إلى الائتمانات والأسعار الدنيا المحددة سلفًا التي قلصت، كجزء من العقد، تعرّض المزارعين للمخاطر، وعززت الاستثمارات (أنظر الجدول 1.3 لتفاصيل العقود في الدراسة المتعلقة بنيكاراغوا). وبالنظر إلى أن الأصول تحدّد مستوى الإنتاجية، فإن الترتيبات التعاقدية التي تضمن حدًا أدنى للأسعار يمكن أن تنطوي على تأثيرات طويلة الأجل على دخل الأسرة ويمكن بالتالي أن تحد من الفقر.

والواقع أن هناك من يرى أن الزراعة التعاقدية تعالج إخفاقات سوق التأمين. ففي مدغشقر، ارتبطت أيضًا العقود التي ضمنت أسعارًا ثابتة للمزارعين، بتراجع متوسط تقلّب دخل الأسرة، إذ نُقلت مخاطر الأسعار إلى شركات الشراء.47

دراستا حالة في فييت نام والسنغال: منتجات الألبان

تزداد شعبية الألبان كسلعة غذائية عالية القيمة ما أدى إلى ارتفاع معدلات النمو في قطاع إنتاج الألبان في فييت نام بصفة خاصة وفي آسيا بصفة عامة. وفي مثل هذا النوع من سلاسل القيمة، تُشكل جودة المنتج عاملًا مهمًا في تحديد المشاركة في أسعار باب المزرعة. وعندما لا تكون خصائص الجودة ملحوظة، مثلما في حالة الحليب، وعندما تكون الفحوص الفردية باهظة الكلفة، يمكن لعدم تماثل المعلومات أن يفضي إلى تدني نتائج السوق.48 من ذلك على سبيل المثال أن شركات الشراء يمكن أن تقوم بإطلاع المزارعين على معلومات غير كاملة عن مستويات الجودة لخفض السعر الذي يتعيَّن عليها دفعه. وينبغي أن يؤدي ذلك بالمزارعين إلى تقييد الاستثمارات، ما يؤثر سلبًا على إنتاجية المزرعة (أنظر أيضًا حلًا ابتكاريًا لمشكلة عدم تماثل المعلومات في الإطار 5.3).

وأجرت إحدى الدراسات تقييمًا لأثر فحوص الحليب والتحقق من الجودة من خلال وكالة ثالثة مستقلة على سلوك صغار منتجي الحليب في فييت نام الذين تعاقدت معهم إحدى شركات إنتاج الألبان. وتبيَّن أن إضافة هذه الشركة المعنية بإنفاذ العقود إلى سوق سريعة النمو قد أثر تأثيرًا إيجابيًا على استخدام المنتجات (مثل الأعلاف) ومستويات الجودة والإنتاج (مقدار الدهون وإجمالي المواد الصلبة). وأدى ذلك إلى إيرادات أعلى ومستوى أكبر من الرفاه الأسري في المتوسط.

وفي السنغال، وفي إطار ترتيبات زراعة تعاقدية أخرى لإنتاج الحليب، ركز تصميم تعاقدي ابتكاري على بناء الثقة ورأس المال الاجتماعي بين المشتري والمزارع. ومن أجل ضمان توريد كميات كافية من الحليب من عدد كبير من المزارعين شبه الرُحل، قدّمت شركة إنتاج الألبان حوافز غذائية يمكن أن تحسِّن الوضع التغذوي للأطفال كمكون للعقد ولزيادة كميات الحليب المسلَّمة. وأدى هذا الحافز - متمثلًا في توفير اللبن الزبادي المقوى بالمغذيات الدقيقة يوميًا لكل طفل من صغار الأطفال في الأسرة - إلى تعويض المزارعين عن توريد كميات متسقة من الحليب. وكشف هذا النهج الابتكاري عن آثار كبيرة على تواتر تسليم الحليب وكمياته، لا سيما أثناء موسم الجفاف الذي تتعذر فيه تلبية متطلبات التسليم مقارنة بموسم الأمطار. وتبيَّن أن تلك التأثيرات كانت أكبر عندما تولّت النساء إدارة العقود. وكان أثر مجموع الحليب المسلَّم في الموسمين الجاف والمطير كبيرًا بالنسبة إلى الأسر التي ترأسها نساء، حيث سُجلت زيادة نسبتها 64 في المائة أثناء الموسم الجاف و33 في المائة في الموسم المطير، وهو ما يؤكد أن تمكين المرأة يُحسِّن كثيرًا مستوى التغذية والرفاه للأسرة بكاملها.49

دراسة حالة عن بنن: سلاسل قيمة الأغذية الأساسية

على خلاف الفاكهة والخضار فإن إمكانية ازدياد القيمة المضافة للمواد الغذائية ورفع مستوى جودتها محدودة من خلال العقود. وتتميَّز الأغذية الأساسية بأنها ليست سريعة التلف مثل الخضار ويمكن تخزينها ونقلها بسهولة. لكن من المهم للبلدان النامية زيادة كفاءة سلاسل قيمة الأغذية الأساسية من خلال الزراعة التعاقدية. أولًا، يمكن أن يعود ذلك بفوائد على عدد كبير من المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة، وثانيًا، يمكن أن يُساهم في حصول أعداد متزايدة من سكان المناطق الحضرية على الغذاء، وبالتالي تعزيز أمنهم الغذائي.

ومع أن معظم التحليلات التي تتناول الزراعة التعاقدية تركز على المنتجات العالية القيمة، تبيَّن أن عقود الأرزّ في بنن تحقق آثارًا كبيرة على دخل الأسرة والغلال والأسعار عن باب المزرعة. ويتنافس قطاع الأرزّ في بنن مع الواردات، ولكنه يتميَّز بانخفاض قيمته المضافة وتدني جودته. وتكشف الدراسات عن أن الاشتراك في عضوية مجموعات المزارعين المنظمة مهم للمشاركة في خطط عقود الأرزّ إلى جانب حجم الأسرة والمستوى التعليمي لربّ الأسرة. وتبيَّن أن حجم المزرعة والأصول لا يؤثران على المشاركة.50

وأدى تحسين الجودة من خلال تحسين عمليات الفرز التي أفضت إلى زيادة مستويات النقاء إلى ارتفاع الأسعار عن باب المزرعة بما نسبته 11 في المائة مقارنة بمتوسط الأسعار. وحققت الزراعة التعاقدية أيضًا تحسينات في الغلال من خلال تحسين سُبل الحصول على المدخلات وتوسيع مساحات زراعة الأرزّ ما أدى إلى زيادة الإنتاج بنسبة 60 في المائة في المتوسط. وأشارت التقديرات إلى أن المشاركة في الزراعة التعاقدية حققت زيادة نسبتها 17 في المائة في دخل الأسرة (أنظر الجدول 1.3).

غير أن الزراعة التعاقدية للأغذية الأساسية يمكن أن تكون محدودة. ولا تزال سوق الأرزّ في بنن صغيرة مقارنة بأسواق الأغذية الأساسية في البلدان النامية والتي تتميَّز بكثرة عدد المزارعين والتجار فيها. ويتطلب إنتاج الأرزّ استثمارات محددة في تسوية الأراضي والغمر والصرف في الحقول، وهو ما يمكن، بالاقتران مع بيانات أكبر لتفاضل الجودة، أن يجعل الزراعة التعاقدية ممكنة.

فوائد الزراعة التعاقدية

هناك بصفة عامة أدلة دامغة على الآثار الإيجابية للزراعة التعاقدية على الرفاه وذلك على الأقل داخل السياقات المحلية التي شملتها الدراسات. غير أن الآثار يمكن أن تتفاوت إلى حد كبير سواء بين خطط العقود المختلفة أو بين المزارعين المشاركين في خطة معيَّنة. وكشف تحليل مختلف خطط عقود المنتجات العالية القيمة في الهند عن أن المشاركة في بعض الحالات قد أسفرت عن زيادات كبيرة في الأرباح الصافية لكل هكتار، بينما أثّرت بشكل سلبي على ربحية الهكتار الواحد في حالات أخرى (أنظر الجدول 1.3 لمزيد من التفاصيل عن مختلف ترتيبات العقود التي تشملها الدراسة المتعلقة بالهند).51

والواقع أن الأدلة تُشير إلى أن المشاركة في الأسواق والزراعة التعاقدية في البلدان النامية عرضة لانتكاسات. فغالبًا ما تنهار الخطط التعاقدية فيما تعلو معدلات الخروج منها، إذ يدخل المزارعون إلى العقود ويخرجون منها. ولا بد من أن تكون المشاركة مستمرة كي تساهم الأسواق في التنمية؛ وستكون الآثار الإيجابية للزراعة التعاقدية على المزارعين أكبر عندما تكون المشاركة مستمرة لأن الاستثمارات في الأصول الإنتاجية والتكنولوجيات والمعرفة تتطلب وقتًا كي تؤتي ثمارها. ويؤكد ذلك ضرورة إجراء تحليل دقيق للشروط والترتيبات التعاقدية مقابل ما ينشأ عنها من آثار على رفاه المزارعين من أجل بلورة فهم أفضل لديناميكيات المشاركة المستمرة في تلك الأسواق.52

ويُشير الاستعراض الشامل للأدلة المتعلقة بآثار الزراعة التعاقدية على الدخل إلى أن المشاركة تؤدي إلى زيادة دخل المزرعة بنسبة 63 في المائة في المتوسط. ومن بين 26 خطة من خطط الزراعة التعاقدية التي جرى تحليلها، تبيَّن أن اثنتين فقط تنطويان على آثار سلبية. ويؤكد هذا الاستنتاج الأثر الإيجابي للزراعة التعاقدية على الرفاه، ولكنه يخفي في الوقت نفسه التأثيرات غير المتجانسة التي يمكن أن تنطوي عليها الزراعة التعاقدية.42 واستُخلصت استنتاجات مماثلة من تحليل الدراسات التجريبية في هذا التقرير.

ومع أن جميع الدراسات التي خضعت للاستعراض قد استخدمت تقنيات إحصائية حددت الأثر السببي للزراعة التعاقدية على الرفاه، ربما تكون هناك مبالغة في تقدير هذه التأثيرات على الدخل. أولًا، من المرجح أن التقارير لم تُشر إلى الآثار غير الملموسة على الدخل نظرًا لعدم نشر المقالات العلمية على الأرجح إلا في الحالات التي يثبت فيها تحقيق أثر ملموس (وتُطلق على ذلك تسمية التحيُز في النشر). وثانيًا، يمكن أن تغفل معظم الدراسات خطط الزراعة التعاقدية التي لم يحالفها النجاح وكذلك حالات انسحاب المزارعين من العقود (وتُطلق على ذلك تسمية التحيُّز للبقاء). ويمكن أن يسفر هذان المصدران للتحيُّز عن مبالغة في تقدير الآثار على الدخل.

وتخضع المشاركة في خطط الزراعة التعاقدية أيضًا لآثار غير مباشرة وآثار المقايضات. من ذلك على سبيل المثال أن متطلبات العمالة الأعلى التي تقتضيها الزراعة التعاقدية يمكن أن تؤثر على العمل خارج المزرعة. وتُشير دراسة أُجريت باستخدام بيانات من مدغشقر إلى أن الزراعة التعاقدية يصاحبها تراجع نسبته 79 في المائة في نصيب الفرد من الدخل الأسري الذي توفره أسواق العمل، وتراجع نسبته 47 في المائة في الدخل من أنشطة الأعمال غير الزراعية. وينشأ ذلك عن ازدياد التخصص في الإنتاج، وهو من الأمور الضرورية للوفاء بمتطلبات العقود. ويمكن أن يدل ذلك أيضًا على ارتفاع مستوى ربحية الزراعة التعاقدية مقارنة بالعمل غير الزراعي. وهذه العلاقة بين الأرباح التي تدرّها الزراعة التعاقدية والأرباح التي يدرّها سوق العمل يمكن أن تفسِّر السبب الكامن وراء دخول المزارعين في العقود وخروجهم منها بصورة متكررة. وفي الوقت نفسه، هناك تأثيرات إيجابية غير مباشرة، ذلك أن المعارف والتكنولوجيا التي توفرها المشاركة في العقد يمكن أن تؤثر على المحاصيل غير المتعاقد عليها. ويمكن لهذه التأثيرات التكنولوجية غير المباشرة أن تسفر عن زيادة نسبتها 51 في المائة في الدخل الزراعي الذي تدرّه المحاصيل غير المتعاقد عليها.53

ويمكن لتحليل المشاركة في الزراعة التعاقدية، رغم ما ينطوي عليه من ثغرات، أن يوفِّر أفكارًا قيّمة تُساعد على فهم الآثار التي قد تنجم عن مختلف أشكال العقود والخدمات المقدَّمة في تجنب إخفاقات السوق. ويُشكل الوصول المأمون إلى الأسواق، وتوفير المدخلات والائتمانات، والعلاوات السعرية التي تكافئ الجودة، والأسعار عن باب المزرعة المحددة سلفًا، وخدمات الإرشاد والمشورة الفنية، هيكلًا معقدًا للخدمات يعالج قيودًا ومخاطر محددة يواجهها المزارعون في البلدان النامية.

وعلى الرغم من ضرورة إجراء مزيد من البحث، توحي الأدلة بأن العلاوات السعرية، عندما تقترن بتوفير المدخلات والائتمانات، تحقق أثرًا إيجابيًا مهمًا على الدخل في سياق المحاصيل السنوية. وبينما تعالج الأسعار المحددة سلفًا مخاطر أسعار المحاصيل التي شهدت انكماشًا، فإن أثر العلاوات السعرية يمكن أن يكون كبيرًا بصفة خاصة في سياق الأسواق المجزية وسلاسل القيمة العالمية للمنتجات المتميّزة والمعتمدة. كما أن لخدمات الإرشاد وتوفير النقل، عندما تشكل جزءًا من العقد، أثرًا قويًا على الدخل، ما يؤكد أهمية تحسين التكنولوجيات والبنية التحتية للنقل على المشاركة في السوق.42

الابتكارات في نماذج الزراعة التعاقدية الشاملة

يمكن لمختلف أنواع آليات التنسيق أن تعالج مختلف إخفاقات السوق التي يواجهها المزارعون في البلدان النامية. ويهدف كثير من نماذج الأعمال الابتكارية إلى معالجة إخفاقات السوق المتعددة في آن واحد من خلال «الجمع» بين المدخلات والخدمات.

وتُشير الأدلة التجريبية في برامج التنمية والحد من الفقر التي تهدف إلى تعزيز العمل الحرّ، إلى أن التدخلات المجمَّعة يمكن أن تكون مطلوبة لتحقيق أثر ملموس ومستمر على شريحة كبيرة من المستفيدين. ويمكن للإجراءات المختلفة التي تستهدف في آن واحد الفقراء خلال مدة زمنية محدودة؛ مثل نقل الأصول الإنتاجية من خلال دعم الاستهلاك، والتدريب على المهارات التقنية والتوجيه، والوصول إلى المدخرات والتثقيف الصحي، أن يُكمِّل كل منها الآخر لدعم الأسر بغرض تحسين سُبل معيشتها.54

ويمكن لذا النهج الشامل أن يكون فعالًا في سياق إخفاقات السوق المتعددة التي تتباين كثيرًا من حيث الشدة والحيّز. ويمكن لتجميع المدخلات والخدمات في قطاع الزراعة أن يُحسِّن الأداء أكثر من توفير كل منها على حدة.

من ذلك على سبيل المثال أن ربط توفير المدخلات الحديثة بالتأمين يمكن أن يؤدي إلى إنتاجية أعلى نسبيًا وإلى زيادات في الدخل مقارنة بتيسير توفير التكنولوجيا والتأمين كل على حدة. ويسود تصور بأن الاستثمار في البذور المحسَّنة محفوف بالمخاطر، إذ يمكن أن يفقد المزارعون استثماراتهم في حالات الجفاف مثلًا. ويُفضل استخدام المدخلات التقليدية المنخفضة الجودة في حالات عدم اليقين، لا سيما في أوساط مزارعي الكفاف الذين تستأثر الكلفة الإضافية للتكنولوجيا الحديثة بحصة كبيرة من دخلهم. غير أن الزراعة التعاقدية التي تربط البذور المحسَّنة بالتأمين يمكن أن تزيد طلب المزارعين على التكنولوجيا عن طريق الحد من تعرضهم للمخاطر. وفي كينيا، تبيَّن أن الجمع بين تأمين المحاصيل والبذور المحسَّنة يزيد الاستثمارات في المزرعة، بما يشمل الاستثمارات في الأراضي والمدخلات، مثل الأسمدة والآلات.55

ويمكن أيضًا لنماذج العمل الابتكارية أن تقلِّص التكاليف التي يتكبدها المشترون نتيجة لتعاقدهم مع المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة. وتزيد مجموعة أخرى من الابتكارات الفوائد التي تعود على كلا الطرفين من خلال تمايز المنتجات من حيث الجودة والخصائص الأخرى؛ ويمكن لهذه الابتكارات أن تغيِّر حجم وطبيعة المخاطر التي ينطوي عليها ذلك، ويمكن أن تتيح أيضًا إمكانية الوصول إلى أسواق متخصصة وأكثر إدرارًا للربح.

وكثير من خصائص هذه النماذج ليس جديدًا، لا سيما عند النظر إليها بمفردها. وتُصمم الابتكارات بطريقة تجعل من الممكن للنماذج معالجة إخفاقات السوق المتعددة في آن واحد لإدراج المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة في سلاسل القيمة.

ربط المدخلات والخدمات بالتأمين لمعالجة مخاطر الإنتاج

هناك مجموعة من الخيارات يمكن الأخذ بها في الزراعة التعاقدية كي تشمل التأمين المباشر على الإنتاج. وقد لا تحقّق عقود التأمين القائمة بذاتها في البلدان النامية التي يتميَّز فيها المزارعون بانخفاض مستوى الضمانات التي يحظون بها، أثرًا كبيرًا على الأخذ بالتكنولوجيات الجديدة. وفي المقابل، يمكن للتأمين المرتبط بالائتمانات أن يحقق أثرًا أكبر في تعزيز التغيير التكنولوجي.56 ويمكن للشركات التي تشتري من المزارعين بموجب عقود أن تربط الائتمانات بتأمين الإنتاج للمزارعين بشكل أفضل. والسبب في ذلك هو أن العلاقة التعاقدية ذاتها وما يرتبط بها من خدمات توفِّر وسيلة إضافية لإنفاذ عقد الإقراض (أنظر مثال التأمين المرتبط بالائتمان في الإطار 3.3).

وفي إطار العقد، يمكن للتأمين أن يؤدي دورًا مهمًا بطريقتين. أولًا، يمكن للعقد أن يحد من المخاطر التي تتعرض لها الشركة المتعاقدة، ويُشجِّع بالتالي على تزويد المزارعين بالمدخلات الجيدة التي تُشكل عنصرًا رئيسيًا لزيادة الإنتاج والدخل.ووبالنظر إلى أن التأمين يُقدَّم ضمن حُزمة متكاملة، إلى جانب ضمان إمكانية الوصول إلى الأسواق، يمكن للمصارف أيضًا أن تكون مستعدة لتقديم ائتمان إضافي خارج العقد. وثانيًا، يمكن لإضافة التأمين إلى حُزمة المدخلات المقدمة إلى المزارعين أن يزيد المشاركة في العقود، وخاصة إذا كانت تشمل إدخال التكنولوجيات الجديدة. ويؤدي تأمين الإنتاج إلى زيادات قوية في استثمارات المزارعين الذين يقبلون على اتخاذ خيارات إنتاجية أكثر مجازفة ولكنها يمكن أن تعود عليهم بمزيد من الأرباح.59,58

تأثير الجمع بين المدخلات والخدمات من خلال العقود على المبيعات والدخل

يمكن لاتفاقات الزراعة التعاقدية التي تضمن حدًا أدنى للسعر أن تُزوِّد المزارعين بمقياس لتأمين الأسعار ما يؤدي إلى إيجاد حوافز قوية تُشجِّع على الاستثمار. وغالبًا ما تكون الأسعار المحلية التقليدية للسلعة المتعاقد عليها ضعيفة (مثلما في حالة محاصيل البستنة البعلية) أو تشهد الأسعار الدولية تقلبات كبيرة وفترات زمنية طويلة تنخفض فيها الأسعار (مثلما في أسواق البن والكاكاو). ولذلك، يمكن للعقود التي تشمل أسعارًا ثابتة محدَّدة سلفًا أن تحدّ من تقلبات دخل المزرعة وتعزز الاستثمارات.

وبالنسبة إلى شركة الشراء، يكمن أحد التحديات المهمة المرتبطة بهذه العقود في احتمالات اختيار المزارعين بيع الإنتاج المتعاقد عليه إلى مشترين خارج العقد - وهي ممارسة معروفة بالبيع الجانبي. من ذلك على سبيل المثال أن المزارعين قد ينحرفون ويتجهون إلى البيع الجانبي عندما تتجاوز أسعار السوق السعر المتعاقد عليه بنسبة كافية، معتبرين أن المكاسب التي يحصلون عليها من خروجهم على العقد لمرة واحدة تتجاوز الفوائد التي تعود عليهم جراء الالتزام به في الأجل الأطول.58

ويرجّح أن تكون العقود التي تُشكل فيها الحماية من تقلبات الأسعار سمة رئيسية أكثر استدامة ورواجًا، وبخاصة عندما يحجم المزارعون عن المخاطر ويُقدّرون التعرض بدرجة أقل لمخاطر الأسعار. من ذلك على سبيل المثال أن المزارعين في نيكاراغوا المتعاقدين مع شركة «وولمارت» أثبتوا استعدادهم لقبول العقود التي يقل فيها متوسط سعر العقد عن متوسط السعر في السوق التقليدية.60

وعلاوة على ذلك، ثبت أن ضمان الأسعار من خلال العقود يحفّز الاستثمار في الإنتاج. ويمكن للجمع بين المدخلات والخدمات بسعر محدَّد سلفًا أن يُقدِّم فوائد إضافية، خاصة من حيث زيادة المشاركة في السوق. وعلى سبيل المثال، تبيَّن للباحثين الذين يعملون مع إحدى محطات تجهيز الأرزّ في بنن (أنظر الإطار 4.3) أن العقد الذي يضمن للمنتِج سعرًا يتم تحديده سلفًا يؤثر على الإنتاج بنفس الطريقة التي تؤثر بها العقود التي تشمل أيضًا توفير خدمات الإرشاد وقروض شراء المدخلات. غير أن العقود التي لم تشمل سوى أسعارًا محددة سلفًا قد أثرّت بدرجة أقل على حصة الإنتاج الأسري التي تم تسويقها مقارنة بالعقود التي جمعت بين الأسعار المحددة سلفًا والمدخلات والخدمات.

الابتكارات في مفاضلة جودة المنتجات

من الصعب في ضوء العدد الكبير من المنتجين والوسطاء والتجار المشاركين في الأسواق الزراعية في البلدان النامية تمرير المعلومات المتعلقة بجودة المنتجات من خلال سلسلة القيمة. والعلاوات السعرية المحتملة مقابل الجودة نادرة، وبالنظر إلى عدد المعاملات ونطاق الشراء من كثير من المزارعين والمواقع، من الصعب أن تنتقل من خلال الأسواق إشارات الجودة والمفاضلة بين المنتجات استنادًا إلى العلامة التجارية أو السمعة.

ويمكن لعدم تجانس الجودة أن يحول دون مشاركة المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة في السوق، ويمكن أيضًا أن يزداد معه على الأرجح الاكتفاء الذاتي للأسرة.61 وفي الحالات التي تشمل فيها الزراعة التعاقدية فروقًا في الأسعار قائمة على الجودة (الأسعار التفاضلية المستندة إلى درجات الجودة)، يمكن لهذا التدرّج أن يدفع المزارعين إلى الشكوى من خفض قيمة المنتج بطريقة انتهازية من جانب شركة الشراء للتلاعب بالأسعار المتعاقد عليها وتخفيضها. ويمكن لعدم تماثل المعلومات بين المشترين والبائعين بشأن درجات الجودة أن يفضي إلى قصور مزمن في الاستثمار في الإنتاج من جانب المزارعين، وهو ما يمكن أن يؤثر بدوره تأثيرًا سلبيًا على جودة المنتج والمشاركة في السوق.58

ويمكن للابتكارات في مفاضلة الجودة في الزراعة التعاقدية أن يساعد على «وقف الاستغلال التجاري» لزراعة الحيازات الصغيرة - أي التحوّل عن الإنتاج الكبير الوحيد الدرجة إلى الإنتاج المتعدد الدرجات. ويُمثّل البنّ مثالًا لسلعة متداولة دوليًا ينتجها ملايين المزارعين في أفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا وتتميَّز بانخفاض أسعارها وتقلّبها. وعلى مستوى التجزئة، أصبح البنّ منتجًا متزايد التفاضل يُلبي احتياجات مجموعة متزايدة من المستهلكين المحنّكين.

ويؤدي هذا التفاضل في الجودة إلى إيجاد فرص أمام المشاركين في سلسلة القيمة للاستفادة من فروق الأسعار الناشئة. غير أن أي نموذج قائم على الجودة يجب أن يوفِّر للمزارعين عائدًا إضافيًا وأن يخفف من المخاطر التي يتعرضون لها وذلك من خلال العقود الطويلة الأجل والتي تحدِّد أسعارًا ثابتة، وضمانات لدرجات الجودة المتعددة، وآليات شفافة للدفع (أنظر الإطار 5.3).

دمج المزارعين في سلاسل القيمة المستدامة

يمكن للزيادات في إنتاجية المزارع وتسويقها التجاري أن يرفع مستوى الدخل ويحسِّن سُبل العيش، ويمكن في الوقت نفسه أن يفضي إلى نتائج غير مرغوبة في سياق الأبعاد الاجتماعية والبيئية للتنمية المستدامة. من ذلك على سبيل المثال أن سلاسل القيمة الحديثة يمكن أن تستبعد المزارِعات أو أصحاب الحيازات الصغيرة، ما يؤدي إلى مجموعة من التفاوتات والافتقار إلى فرص الاندماج في عملية التنمية. ويمكن لزيادة الضغوط من جانب الأسواق لتعبئة وفورات الحجم أن يزيد من تهميش المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة وأن يؤدي إلى تحديات اجتماعية.

وهناك أيضًا مخاوف من أن يكون ازدياد إنتاج المحاصيل لأغراض التصدير نتيجة للانفتاح التجاري والعولمة عاملًا رئيسيًا وراء إزالة الغابات (أنظر الجزء الثاني). وتشير التقديرات إلى أن الزراعة للأغراض التجارية في أمريكا اللاتينية قد استأثرت بحوالي 70 في المائة من عمليات إزالة الغابات في الفترة 2000-2010 .63 ويؤدي فقدان الغابات إلى ازدياد انبعاثات الكربون التي تساهم في تغيُّر المناخ نظرًا إلى قدرة الأشجار على تخزين كميات كبيرة من الكربون، ويمكن أن يؤدي ذلك أيضًا إلى تقليص التنوع البيولوجي والقضاء بالتالي على الموائل الطبيعية للحيوانات والنباتات.

ويُشيد الخبراء الاقتصاديون عمومًا باقتصاد السوق لقدرته على إيجاد حوافز تُشجِّع الناس على تقديم المنتجات والخدمات وبالتالي توليد الثروة وتحفيز النمو الاقتصادي. غير أنهم يدركون أن الأسواق في بعض الحالات يمكن أن تخفق في المواءمة بين مصلحة الفرد والمجتمع ككل. ويمكن للأسواق أن تسفر عن نتائج بيئية سلبية أو يمكن أن تخفق في معالجة الأهداف الاجتماعية، مثل الحد من عدم المساواة.

وهذه الآثار البيئية والاجتماعية «خارجة» على السوق ولا تؤخذ في الاعتبار عند تحديد أسعار المنتجات الزراعية. ولمواءمة الأسواق مع المصالح الجماعية والرفاه الاجتماعي، من الضروري دعم اقتصاد السوق بالمؤسسات. وتستخدم الحكومات عمومًا التنظيم المباشر وكذلك الضرائب والإعانات بحيث تتحمّل الأسواق التكاليف التي لولا ذلك لما تم احتسابها.

ومن ذلك على سبيل المثال أن بعض الحكومات تفرض ضرائب على مبيدات الآفات كي «يستوعب» المجتمع كلفتها البيئية وللحد من استخدامها أو لدعم الممارسات الزراعية الذكية مناخيًا. ويتم إنشاء نُظم للحماية المجتمعية في جميع أنحاء العالم لمعالجة عدم المساواة. وفي الوقت نفسه، يمكن للترتيبات المؤسسية، مثل خطط إصدار شهادات الاستدامة، تسخير آلية السوق لتوليد منافع عامة وتحقيق نتائج مستدامة.

خطط شهادات الاستدامة ومعاييرها

بينما يمكن للحكومات تنظيم الأسواق والتدخل فيها من خلال الضرائب والإعانات، يمكن لبعض العناصر الفاعلة الأخرى أن تعالج إخفاقات السوق وأن توفِّر فوائد بيئية واجتماعية. من ذلك على سبيل المثال أن القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية والمبادرات التي يشارك فيها العديد من أصحاب المصلحة يمكن أن تستثمر في خطط شهادات الاستدامة الطوعية ومعاييرها في سلاسل القيمة العالمية.ز

وتكتسي معايير الاستدامة أهمية في الأسواق العالمية، خاصة أسواق المنتجات العالية القيمة التي تربطها بسلاسل القيمة العالمية صلات وطيدة. ويُنظر إليها في كثير من الأحيان باعتبارها تُعزز الصلة بين المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة في البلدان النامية والمستهلكين ذوي الوفرة في البلدان الصناعية (أنظر الجزء الثاني لمناقشة عن الطلب المتزايد على المنتجات المعتمدة بشهادات الاستدامة).64 ويوفِّر ارتفاع أسعار المنتجات المعتمدة وازدياد استقرارها وتحسّن إمكانية الوصول إلى الأسواق حوافز تُشجِّع المزارعين على اعتماد معايير الاستدامة والامتثال للقواعد الخاصة بمعايير محددة في الإنتاج، والخضوع لتفتيش منتظم من وكالات الاعتماد المستقلة، مثل هيئة مراجعة واعتماد معايير التجارة العادلة في حالة إصدار شهادات التجارة العادلة، أو الاتحاد الدولي لحركات الزراعة العضوية في ما يتصل بشهادات الإنتاج العضوي. وتعوِّض زيادة الأسعار في كثير من الأحيان عن الزيادة في تكاليف الإنتاج وإدارة المزرعة الضرورية للامتثال للمعايير.

وترمي خطط إصدار شهادات الاستدامة إلى تحقيق عدّة أهداف. فالمعايير العضوية توفِّر على سبيل المثال حوافز لإنتاج المحاصيل بدون استخدام الأسمدة والمبيدات الاصطناعية؛ وتهدف معايير التجارة العادلة إلى تحسين سُبل الوصول إلى الأسواق والأسعار للمزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة في البلدان النامية. وتشمل سائر الخطط مجموعة من المتطلبات لممارسات الزراعة الصديقة للبيئة من أجل تعزيز الإدارة الإيكولوجية، مثل الحراجة الزراعية، واستخدام الأسمدة والمبيدات العضوية، ومعالجة النفايات والتخلّص منها بصورة مأمونة.

وتشمل بعض خطط إصدار الشهادات قواعد اجتماعية تهدف إلى تحسين ظروف العمل والعيش للمزارعين والعمّال في البلدان النامية.65 وترتبط هذه القواعد بسلامة العمّال وصحتهم، والحقوق الاجتماعية، مثل الأجر الذي لا يقلّ عن الحد الأدنى للأجور وحق الأطفال في التعليم والسياسات المتعلقة بعمالة الأطفال. وتشمل برامج الشهادات الأخرى متطلبات لإنشاء منظمات فعالة للمنتجين أو العمّال في محاولة لتعزيز القدرة التفاوضية للمزارعين (أنظر الشكل 3-9 لمزيد من المعلومات عن متطلبات مجموعة مختارة من خطط إصدار شهادات الاستدامة).

الشكل 9.3
خطط إصدار شهادات الاستدامة: المعايير والنتائج المحتمل

وغالبًا ما يحمل الامتثال لخطط شهادات الاستدامة في طياته مقايضات مهمة. من ذلك على سبيل المثال أن الأحكام العضوية أو البيئية الأخرى تميل إلى زيادة تكاليف الإنتاج التي قد لا يتمكن المزارعون في كل الحالات من تمريرها إلى المستهلكين. ويمكن أيضًا لشهادات الاستدامة أن تستبعد المزارعين الأشدّ حرمانًا عندما يتعذّر عليهم تلبية المتطلبات التي تنص عليها المعايير.

النتائج البيئية لخطط إصدار شهادات الاستدامة

تبيَّن عمومًا أن خطط إصدار شهادات الاستدامة تحسِّن الممارسات البيئية. من ذلك على سبيل المثال أن المعايير التي وضعتها إحدى المؤسسات المتعددة الجنسيات في البرازيل وكولومبيا وكوستاريكا وغواتيمالا والمكسيك قد حسَّنت السلوك البيئي لصغار منتجي البنّ المعتمدين مقارنة بنظرائهم غير المعتمدين.66 وتبيَّن أن العلاقة الإيجابية بين إصدار الشهادات والفوائد البيئية أقوى في حالة تنظيم المزارعين في تعاونيات بدلًا من شركات الوساطة الخاصة، مثل التجار ومحامص البنّ.

ويؤدي الهيكل المؤسسي لسلاسل القيمة دورًا مهمًا في الطريقة التي تحدد من خلالها شهادات الاستدامة النتائج الاقتصادية والبيئية والاجتماعية، إذ يمكن لمختلف الوسطاء نقل إشارات مختلفة إلى المزارعين عن المعايير المطبقة.67 ويُنظر في كثير من الأحيان إلى مجموعات المزارعين أو التعاونيات باعتبارها أقدر على تقديم الدعم الفني والمشورة الإدارية إلى المزارعين المعتمدين.

وساهمت المعايير العضوية في كوستاريكا في الحدّ من استخدام الأسمدة ومبيدات الآفات ومبيدات الأعشاب، وفي زيادة استخدام الأسمدة العضوية بين مزارعي البنّ المعتمدين. ومع ذلك، أشار التحليل إلى أن المعايير، رغم فوائدها البيئية الملموسة، من المرجح أن تتطلب من المزارعين تكاليف عالية ينبغي تعويضها بزيادة علاوات الأسعار.68

وفي حوض نهر تابي في تايلند الذي يُشكل 60 في المائة من مساحة إنتاج زيت النخيل في البلاد، تبيَّن أن منتجي زيت النخيل الخام المعتمدين من المائدة المستديرة المعنية بزيت النخيل المستدام يتسبّبون في أقل الآثار البيئية، لا سيما من حيث الاحترار العالمي وتشكيل طبقة أوزون كيميائية ضوئية.ح
ويأتي هذا نتيجة كفاءة استخدام الأسمدة، وارتفاع مستوى جودة ثمار نخيل الزيت المستخدم في تجهيز زيت النخيل والإدارة السليمة للنفايات.69 غير أن معايير المائدة المستديرة المعنية بزيت النخيل المستدام في إندونيسيا لم تكن فعالة على ما يبدو في تحقيق أهداف التنوع البيولوجي وحماية قردة الأورانغوتان. وكان السبب في ذلك هو الافتقار إلى المعلومات عن توزيع هذا الحيوان في الغابات، وكذلك عدم كفاية التعويضات المقدَّمة إلى زارعي النخيل مقابل امتثالهم للمعايير.70

وفي نيكاراغوا، أثبتت مزارع البنّ التي تمتثل لمجموعة من معايير الاستدامة (بما فيها برنامج ممارسات إنصاف القهوة والمزارعين، والاتحاد الدولي للمنظمات المانحة لعلامة التجارة العادلة، وتحالف الغابات العضوية المطيرة، وبرنامج الزراعة المستدامة للبنّ والكاكاو والشاي) تحسّن الأداء البيئي. وشمل ذلك زيادة أرصدة الكربون في الأشجار المستخدمة لإنتاج البنّ في الظل، وتحسين ممارسات صون التربة، وإعادة تدوير لب البنّ، واستخدام الأسمدة العضوية.71

ويمكن للبنّ المزروع في الظلّ أن يدعم خدمات النظام الإيكولوجي المتعددة، مثل التكيُّف مع تغيُّر المناخ، ومكافحة الآفات باستخدام الطيور، والاستفادة من أشجار الظلّ في إنتاج أغذية ومنتجات أخرى ذات قيمة اقتصادية. وفي إثيوبيا، ساهمت برامج شهادات تحالف الغابات المطيرة للبنّ المزروع في الظل بدور فعال في التخفيف من تدهور الغابات.72 وأدت الحوافز الملائمة - إذ حصل المزارعون المعتمدون على أسعار أعلى بنسبة تراوحت بين 15 و20 في المائة مقابل إنتاجهم من البنّ مقارنة بأسعار السوق - بالاقتران مع مستوى عالٍ من معايير إصدار الشهادات والرصد، إلى زيادة كثافة المناطق المعتمدة لزراعة البنّ في الغابات مقارنة بالمناطق التي لم تصدر لها شهادات اعتماد.

النتائج الاقتصادية لخطط إصدار شهادات الاستدامة

يُمثّل تحسن رفاه المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة ودخلهم أحد الأهداف الرئيسية لكثير من خطط إصدار شهادات الاستدامة. ولكنّ الكثير من هذه الخطط يترافق مع خطر استبعاد صغار المزارعين الأشد حرمانًا.

وعلى سبيل المثال، تبيَّن في تايلند أن دخل منتجي الخضار الذين يمتثلون لمعايير الاستدامة الدولية التي وضعها نظام شهادات البرنامج العالمي للممارسات الزراعية الجيدة أعلى في المتوسط بنسبة 90 في المائة من دخل المزارعين غير المعتمدين خلال السنة الأولى من إصدار الشهادة.ط

غير أن هذا التقدير لا يأخذ في الحسبان تكاليف الامتثال. وتعتمد شهادات الممارسات الزراعية الجيدة على متطلبات مشدَّدة بشأن سلامة الأغذية وإمكانية تتبّعها، والحماية البيئية، والرفاه والرفق بالحيوان، وصحة العمال وسلامتهم. ويتطلب ذلك أيضًا نظامًا لإدارة الجودة يبيّن تفاصيل العمليات والإجراءات والمسؤوليات داخل المزرعة من أجل الوفاء بمتطلبات نظام إصدار الشهادات. ويقتضي وضع ذلك النظام مهارات محددة وأن يشكّل المزارعون مجموعات أو تعاونيات يدعمها المانحون أو تعتمد على شركات التصدير. وقام المانحون والمصدّرون أيضًا بتغطية جانب من التكاليف الثابتة الأوَّلية العالية التي يتطلبها الأخذ بمعايير الممارسات الزراعية الجيدة.73

ومن المهم دعم المزارعين للأخذ بالمعايير المشدَّدة ومواصلة الامتثال لها. وفي حالة منتجي الخضار في تايلند، يُشير التحليل إلى أن تكاليف الامتثال لمعايير البرنامج العالمي للممارسات الزراعية الجيدة التي يتكبدها المزارعون الذين تُشرف عليهم التعاونيات تجعل من الممكن مواصلة إصدار الشهادات فقط للمزارعين الأكبر حجمًا، لا سيما بعد سحب المانحين دعمهم. وتبيَّن أن تلقي الدعم من المصدّرين يساعد على التغلب على التكاليف الأوّلية للأخذ بالمعايير وزيادة احتمالات إعادة الاعتماد بنسبة 85 في المائة. ومن العوامل الحاسمة في إدراج المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة في أسواق المنتجات المعتمدة العالية القيمة إنشاء مجموعات للمزارعين وشراكات طويلة الأجل بين العناصر الفاعلة على طول سلاسل القيمة والوكالات الإنمائية والمنظمات غير الحكومية.

تُشير البحوث إلى أن الفوائد الاقتصادية لشهادات استدامة البنّ في أوغندا لا تعوّض سوى جانبًا من تكاليف الامتثال.74 ويمكن للمزارعين، عن طريق إنشاء منظمات للمنتجين الريفيين، الاستفادة من الدعم الفني من المنظمات غير الحكومية للحصول على شهادات جماعية وكذلك زيادة أحجام البنّ المعتمد الذي يتم تسليمه.

وفي كوت ديفوار، تُساهم تعاونيات مزارعي الكاكاو بدور محوري في مساعدة أعضائها على الامتثال لمعايير التجارة العادلة. ويسعى الاتحاد الدولي للمنظمات المانحة لعلامة التجارة العادلة إلى تحسين سُبل عيش أصحاب الحيازات الصغيرة وتعزيز العمل الجماعي في أوساط المزارعين. وتُمنح للتعاونيات شهادات الاعتماد التي تتيح أسعارًا دنيا مضمونة للمنتجات المعتمدة، وكذلك علاوة التجارة العادلة لتزويد التعاونيات بالمشورة الفنية والمدخلات.75 وتُوحي الأدلة بأن شهادات التجارة العادلة تزيد غلّة المزارعين المعتمدين بنسبة متوسطة قدرها 13 في المائة مقارنة بنظرائهم غير المعتمدين، وزيادة نسبتها 4 في المائة في السعر الذي يحصلون عليه. ومقارنة بالمنتجين غير المعتمدين فإن متوسط نصيب الفرد من الإنفاق على الاستهلاك يكون أعلى بنسبة 20 في المائة.76

وتبيَّن أيضًا أن خصائص التعاونيات تؤثر على احتمالات منح الشهادات وتحدِّد إنتاجية المزارعين ودخلهم. وفي حالة الكاكاو في كوت ديفوار، بينما ازدادت احتمالات منح الشهادات للتعاونيات التي تمتلك أصولًا أكبر وتقدِّم خدمات أفضل، أدّت شهادات التجارة العادلة إلى زيادة دخل مزارعي الكاكاو الأعضاء في التعاونيات التي تمتلك قدرًا أقلّ من الموارد. ويدل ذلك على أن علاوة التجارة العالية التي تستهدف دعم التعاونيات تضيف إلى قدرتها على تقديم المشورة الفنية والمدخلات.

وبالنظر إلى أن النمو الاقتصادي والتوسّع الحضري وارتفاع مستويات العيش تؤدي جميعًا إلى إحداث تحوّل في أفضليات المستهلكين في البلدان النامية، تزداد شعبية خطط إصدار الشهادات المحلية لأنها تزوِّد المستهلكين بمعلومات عن جودة الأغذية وسلامتها. وفي فييت نام، أدى التغلغل السريع للمتاجر الكبرى في الأسواق المحلية إلى تعزيز استخدام الشهادات المحلية، مثل برنامج فييت نام للممارسات الزراعية السليمة الذي يهيئ فرصًا للمزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة لدخول أسواق المنتجات العالية القيمة والمتفاضلة. وغالبًا ما تكون المعايير المحلية أقل تشددًا من المعايير الدولية، ومن ذلك على سبيل المثال أن برنامج فييت نام للممارسات الزراعية السليمة يوصي باستخدام ممارسات الإدارة المتكاملة للآفات في حين أن الإدارة المتكاملة للآفات في شهادات البرنامج العالمي للممارسات الزراعية السليمة أساسية.

وفي مقاطعة تهاي نغوين في شمال شرق فييت نام، تبيَّن ازدياد إمكانية وصول مزارعي الشاي الأخضر الممتثلين لمعايير برنامج فييت نام للممارسات الزراعية السليمة، سواء كانوا أفرادًا أم مجموعات منظمة ضمن تعاونيات، إلى سلاسل القيمة المحلية المجزية وحصولهم على أسعار أعلى بنسبة تراوحت بين 11 و20 في المائة مقارنة بأسعار الشاي غير المعتمد. وفي الوقت نفسه، وفي الحالات التي استخدمت فيها المزارع المعتمدة عمالة أكثر للامتثال للمعايير، ثبت أن تكاليف العمالة كانت أكبر بمقدار الضعف مقارنة بالمزارع غير المعتمدة. ورغم ازدياد تكاليف الإنتاج، أشارت التقديرات إلى أن الدخل الصافي الذي حققته المزارع المعتمدة كان أعلى بنسبة 30 في المائة من دخل المزارع غير المعتمدة.77

وتبيَّن عمومًا أن دمج المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة في سلاسل قيمة المنتجات الحاصلة على شهادة الاستدامة تدرّ فوائد اقتصادية. ومع ذلك، تشير الاستعراضات الأخيرة التي شملت خلاصات توليفية للأدلة إلى نتائج متباينة بشأن أثر شهادات الاستدامة على إيرادات المبيعات ودخل المزرعة والأجور في قطاع الزراعة .78,65 ويمكن أن تُعزى هذه الاختلافات بين الدراسات إلى عوامل متصلة بالسياق يتم تجاهلها في كثير من الأحيان أو لا تؤخذ تمامًا بعين الاعتبار في التحليلات، وقد يكون سببها أيضًا تباين المتطلبات والخدمات المقدَّمة في مختلف خطط إصدار الشهادات.

من ذلك على سبيل المثال أن مشاركة الأسر الزراعية في أوغندا في مختلف مجموعات خطط إصدار شهادات استدامة إنتاج البنّ (خطط مزدوجة لشهادات اعتماد من الاتحاد الدولي للمنظمات المانحة لعلامة التجارة العادلة والهيئة الدولية لاعتماد المنتجات العضوية، وخطة ثلاثية لإصدار شهادات اعتماد من برنامج الزراعة المستدامة للبنّ والكاكاو والشاي، وتحالف الغابات المطيرة، وجمعية البنّ)ي تؤثر على الفقر والإنتاج وإنتاجية العمالة فتعجز بالتالي عن زيادة الدخل بطرق مختلفة.79 ومن ناحية، مع أن خطط شهادات التجارة العادلة والإنتاج العضوي تشمل علاوة سعرية نسبتها 11 في المائة، أدى انخفاض الغلال إلى انخفاض مستوى الإنتاجية والدخل. أما برنامج الشهادات الثلاثية، من الناحية الأخرى، فكان له تأثير إيجابي ملموس، إذ ازدادت الغلال بحوالي 45 في المائة، ما أدى إلى زيادة إيرادات البنّ وزيادة الدخل الإجمالي للأسرة ونصيب الفرد منه، وتخفيض معدلات الفقر.

وتشير دراسات أخرى إلى أن مشاركة المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة في خطط إصدار شهادات الاستدامة يمكن أن تحسِّن الرفاه في المدى القريب، أما في المدى الأبعد فإن الأدلة متباينة ويمثّل دمج بعض الأسر في سوق العمالة طريقة للتحرر من براثن الفقر.80 ومع أن خطط إصدار شهادات الاستدامة ليست المسار الوحيد للنمو المستدام، يُنظر إليها عمومًا على أنها توفِّر نظامًا منسقًا لتحقيق تحسينات وتوثيقها من خلال قواعد ومؤشرات وآليات محددة بوضوح.

النتائج الاجتماعية لخطط إصدار شهادات الاستدامة: التعليم والمنظور الجنساني

يشمل كثير من خطط إصدار شهادات الاستدامة متطلبات محدَّدة تتقيَّد بالمبادئ الاجتماعية. من ذلك على سبيل المثال أن الاتحاد الدولي للمنظمات المانحة لعلامة التجارة العادلة تشترط على منظمات المزارعين المعتمدة تعزيز عدم التمييز، وضمان صحة العمال وسلامتهم المهنية، وحظر عمل الأطفال. ويمكن لهذه النُظم أن تُشجع الاستثمارات في تعليم الأطفال. على سبيل المثال، تُشير البيانات المستمدة من صغار مزارعي البنّ في أوغندا إلى أن الأسر المعتمدة من الاتحاد الدولي للمنظمات المانحة لعلامة التجارة العادلة تنفق أكثر على تعليم الأطفال بما نسبته 146 في المائة وتُبقي أطفالها في المدارس لمدة أطول من الأسر غير المعتمدة. وفي كثير من خطط إصدار الشهادات، يخصَّص الدخل الذي تدرّه المحاصيل النقدية في كثير من الأحيان لاستثمارات كبرى، فيساهم ذلك بالتالي بدور مباشر في تعليم الأطفال.81

ويزداد عمومًا الاستثمار في تعليم الأطفال بازدياد الدخل، ولكنّ قرارات الأسرة بشأن التعليم يمكن أن تكون معقّدة وتحكمها مجموعة من العوامل. وكشفت دراسات كثيرة عن وجود أدلة متباينة. ولكن العلاقة الإيجابية بين المشاركة في سلاسل قيمة المنتجات المعتمدة والتعليم يمكن تأكيدها بصفة عامة.65 وتبيَّن على سبيل المثال أن الفتيات يحصلن على قسط من التعليم أكبر من الأولاد في الأسر المشاركة في التعاونيات المعتمدة من الاتحاد الدولي للمنظمات المانحة لعلامة التجارة العادلة والهيئة الدولية لاعتماد الإنتاج العضوي في منطقتي أوكساكا وتشياباس في الأنحاء الريفية الجنوبية من المكسيك. وبينما ازدادت مدّة تعليم الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 16 و25 عامًا بحوالي 0.7 سنوات، لم يكن الأثر بنفس القوة بالنسبة إلى الأولاد، وقد يعود ذلك إلى فرص سوق العمل الريفي المؤاتية أكثر للذكور.82

ويمكن أيضًا لخطط إصدار الشهادات أن تؤثر على أفراد الأسرة بطرق مختلفة تبعًا لدورهم في إنتاج المحاصيل، وسيطرتهم على الدخل، وسلطتهم في اتخاذ القرارات. وتُمثّل المحاصيل المعتمدة في كثير من الأحيان محاصيل نقدية تقليدية يسيطر عليها الرجال بصورة أكبر. وعندما يؤدي منح الشهادات إلى زيادة ربحية المحاصيل النقدية التقليدية، قد يؤدي ذلك إلى تعزيز أدوار الجنسين والتفاوتات القائمة بينهما أو يمكن أن يؤدي إلى مفاقمتها.65 ويمكن عمومًا للتسويق التجاري في الأسر الزراعية أن يغيِّر أدوار الجنسين، ما يقلل من حصة الدخل الذي تسيطر عليه المرأة.

وتشمل بعض خطط إصدار الشهادات، مثل شهادات التجارة العادلة وبرنامج الزراعة المستدامة للبنّ والكاكاو والشاي، سياسات محدَّدة بشأن المساواة بين الجنسين وعدم التمييز التي بإمكانها أن تساعد على تعزيز وضع المرأة وتقليل التفاوتات السائدة بين الجنسين في الوصول إلى المعلومات والمدخلات والخدمات. من ذلك على سبيل المثال، أن بعض المعايير تتطلب من منظمات المزارعين تشجيع مشاركة النساء وتوثيقها في التدريب الزراعي المنتظم، وتنظيم حلقات عمل لتعميق الوعي بالقضايا الجنسانية، وتقديم خدمات تستهدف تحديدًا الفئات المحرومة، مثل النساء.

ويُشير تحليل تناول الأسر العاملة في إنتاج البنّ المعتمد في أوغندا إلى أن المعايير التي تهدف إلى تعزيز المساواة بين الجنسين نجحت في دمج النساء في سلسلة قيمة البنّ المعتمد. وتشير النتائج إلى انخفاض كبير في سيطرة الرجل على إيرادات مبيعات البنّ في الأسر المعتمدة مقارنة بالمزارع غير المعتمدة. وربما يرجع ذلك إلى أنشطة تعميم المساواة بين الجنسين في خطة إصدار الشهادات، وكذلك إلى الزيادات في عمالة الإناث من أفراد الأسرة. وبالنظر إلى أن معايير الجودة تؤدي إلى زيادة الطلب على العمالة وزيادة عمل المرأة، فإنها تزيد من القوة الشرائية للمرأة وتأثيرها على صنع القرارات.83

ومرّة أخرى، ترتبط هذه التأثيرات الجنسانية بسياقات بعينها. من ذلك على سبيل المثال أن الزيادة في العمالة عقب المشاركة في خطط إصدار الشهادات يمكن أن تزيد عبء العمل الواقع على المرأة وتعرّض فرص العمل الأخرى للخطر.ويمكن لشهادات الاستدامة أن تحقق فوائد اجتماعية إضافية غير ملموسة. وتشمل معايير التجارة العادلة للعمالة المأجورة أحكامًا لتوزيع علاوات الأسعار، وتيسير حرية التعبير، وضمان ممارسات العمل المأمونة، وتوفير ترتيبات للمفاوضة الجماعية على ظروف عمل آمنة ولائقة ومنصفة. وأُجريت دراسة لاستقصاء شهادات التجارة العادلة ورفاه العاملين المأجورين في مزارع الموز في الجمهورية الدومينيكية حيث يوفِّر إنتاج الموز مباشرة فرص عمل لما يُقدَّر بحوالي 000 32 عامل. ويمثّل الموز أحد أكثر السلع المدارية تداولًا في التجارة في العالم، وتشير التقديرات إلى أن ما يتراوح بين 5 و8 في المائة فقط من إنتاج الموز معتمد من الاتحاد الدولي للمنظمات المانحة لعلامة التجارة العادلة أو تغطيه معايير استدامة أخرى. وكشفت الدراسة عمومًا وجود آثار إيجابية على القوة العاملة، لا سيما عن طريق تحقيق فوائد عينية ومنح شعور بالأمن الوظيفي، وإعلاء صوت العاملين، والتمكين من تحقيق مدخرات خاصة.84

يتناول الجزء الرابع كيفية زيادة كفاءة الأسواق الزراعية والغذائية وشمولها من خلال التكنولوجيا الرقمية. ويبحث التحليل في الفجوة الرقمية في الزراعة بين البلدان وداخلها، ويركز على الطريقة التي يمكن من خلالها للتكنولوجيا الرقمية أن تعالج إخفاقات السوق. ويستطلع هذا الجزء مجموعة من التطبيقات المختلفة، من الرسائل النصية التي تنقل معلومات عن الأسعار، إلى منصات التجارة الإلكترونية المعقّدة التي تدمج المزارعين في الأسواق، واستخدام قواعد البيانات التسلسلية في سلاسل القيمة. وتستعرض المناقشة مساهمات التكنولوجيا الرقمية في جميع أبعاد التنمية المستدامة والتصدي في الوقت نفسه لمخاطرها، والحاجة إلى سياسات وأُطر تنظيمية.

الرسائل الرئيسية

1 تؤثر التكنولوجيات الرقمية تأثيرًا عميقًا على الاقتصادات والمجتمعات وتحدث تحولًا في الأسواق الزراعية والغذائية. وتحسَّن الاتصال بدرجة كبيرة، ولكن لا تزال هناك فجوة رقمية بين البلدان والفئات السكانية. وتعاني النساء في المناطق الريفية من البلدان النامية بصفة خاصة من أوضاع غير مؤاتية إلى حد بعيد.

2 يمكن الاستفادة من التكنولوجيات الرقمية في معالجة إخفاقات السوق وتيسير دمج المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة في الأسواق وسلاسل القيمة. ويمكن لهذه التكنولوجيات أيضًا أن تعزز التجارة الدولية وتحسّن الترتيبات المؤسسية القائمة على السوق بفعالية من أجل المساهمة في تحقيق نتائج مستدامة.

3 يمكن للتطبيقات الرقمية أن تحقق مكاسب كبيرة من حيث زيادة الكفاءة وإمكانية التتبع والشفافية في الأسواق وسلاسل القيمة. غير أن آثارها التحويلية في المدى البعيد، وكذلك المخاطر المتصلة بها، لا تزال غير مفهومة بصورة كاملة.

الإجراءات الرئيسية

يتعيّن إقامة شراكات فعالة بين القطاعين العام والخاص، ووضع لوائح تنظيمية جيدة لاجتذاب القطاع الخاص وتحقيق الاتساق بين السياسات من أجل تحسين البنية التحتية والمهارات الرقمية في المناطق الريفية، وتيسير استيعاب التكنولوجيات الرقمية، لا سيما في الأسواق الزراعية والغذائية في البلدان النامية.

من الحاسم مواصلة بحث وتحليل الآثار المحتملة للتكنولوجيات الرقمية على الأسواق الزراعية والغذائية وهيكلها وأدائها من أجل العمل بصورة أفضل على تدارك ما تُحدثه من اختلالات، وتعزيز النتائج المستدامة.

يتطلب فهم التحديات الناشئة عن التكنولوجيات الرقمية ومعالجة المخاطر المصاحبة لاستخدامها توطيد التعاون وتوافق الآراء بين جميع أصحاب المصلحة، بما يشمل الحكومات والقطاع الخاص والمزارعين أنفسهم، من أجل تحسين آليات الحوكمة.

تفضي التكنولوجيات الرقمية إلى تحولات سريعة في اقتصاداتنا ومجتمعاتنا. ويؤدي الأخذ بها إلى خفض تكاليف المعلومات والمعاملات، وتحسين الكفاءة، وتهيئة فرص عمل جديدة، وتوليد مصادر دخل جديدة، وتوفير الموارد. وفي الوقت نفسه يمكن أن يؤدي استخدامها إلى اختلالات بسبب تعديل الأنشطة والمنتجات أو نقلها. ويمكن للتكنولوجيات الرقمية أن تساعد الزراعة على التغلب على ما تواجهه من تحديات عالمية. وتشمل هذه التحديات زيادة إنتاج الغذاء الكافي والمأمون والمغذي لعدد متزايد من السكان من أجل ضمان الأمن الغذائي؛ وتهيئة فرص العمل، وتحسين الدخل، والحد من الفقر، وتعزيز النمو الاقتصادي والريفي؛ والإدارة المستدامة للموارد الطبيعية.

وتسرِّع بعض التكنولوجيات الرقمية تطور سلاسل القيمة الزراعية والغذائية. وتؤثر تكنولوجيات أخرى تأثيرًا كبيرًا على مساهمة القوة العاملة ورأس المال والمدخلات الأخرى في إنتاج الأغذية وتجهيزها وتسويقها. ويمكن بالتالي أن يؤدي الأخذ بالتكنولوجيات الرقمية إلى تغييرات في الأسعار النسبية وإحداث اختلالات في الأسواق.

وتُمثِّل أجهزة الاستشعار والأقمار الاصطناعية والروبوتات والطائرات التي تعمل من دون طيار نماذج للتكنولوجيات الرقمية التي يمكن أن تُحدث ثورة في الزراعة وسلاسل القيمة. وتوفِّر أجهزة الاستشعار والأقمار الاصطناعية معلومات عن ظروف التربة، أو الطقس ودرجات الحرارة، أو نمو المحاصيل. وتُمكِّن المزارعين من تحقيق غلال أفضل عن طريق تحسين إدارة المزارع والحد من استخدام الأسمدة والمبيدات والمياه، والمساهمة أيضًا في تحقيق نتائج أفضل وأكثر استدامة. ويمكن لإنترنت الأشياء التي تربط الروبوتات والطائرات التي تعمل من دون طيار والمركبات بالإنترنت أن تجعل المهام الكثيفة العمالة، مثل رصد صحة الحيوان أو زراعة المحاصيل، أكثر فعالية من حيث الكلفة.

وتولِّد هذه التكنولوجيات أيضًا كمًا هائلًا من البيانات التي يمكن ربطها بمعلومات أخرى، وتخزينها وتحليلها، لدعم صنع القرار. ويمكن لهذه البيانات الضخمة أن تحتوي على أصول معلوماتية شديدة التنوع يمكن معالجتها باستخدام أساليب التحليل الجديدة، مثل الذكاء الاصطناعي، لتقييم النتائج المحتملة على أساس مجموعة من الإجراءات والشروط للمساعدة على توجيه التدخلات في المستقبل (أنظر تعاريف التكنولوجيات والابتكارات الرقمية في الإطار 1.4).

ويمكن لتكنولوجيا السجلات الموزَّعة، مثل قواعد البيانات التسلسلية، أن تعود بفوائد كثيرة في المراحل النهائية عن طريق إتاحة طريقة آمنة ولا مركزية لإجراء المعاملات بين الأطراف غير الموثوق بها على طول سلاسل القيمة. ويمكن لتكنولوجيات السجلات الموزَّعة، بالاقتران مع أجهزة الاستشعار التي توفِّر معلومات عن توقيت التسليم في كل مرحلة من مراحل سلسلة القيمة وكذلك جودة المنتج، أن تعطل أنشطة التنسيق العمودي التي يشارك فيها عديد من العناصر الفاعلة من المزرعة إلى المائدة.

وتمضي هذه التطورات في سياق تطور أوسع للنُظم الغذائية العالمية؛ وتساهم التكنولوجيا الرقمية في وتيرة هذا التطور. وتشهد أفضليات المستهلكين تغييرات مدفوعة بالنمو الاقتصادي، والتوسع الحضري، وأساليب الحياة الحديثة - ويؤثر ذلك بدوره على الأسواق. ويزداد تدريجيًا طلب المستهلكين على الأغذية الأعلى قيمة والخصائص التغذوية وضمان الجودة.

غير أن هناك فجوة رقمية ملحوظة بين البلدان، ويشير ذلك إلى وجود اختلافات في إمكانية الحصول على المعلومات والتكنولوجيا. وتوجد الفجوة الرقمية أيضًا داخل البلدان وبين المناطق الريفية والحضرية، وبين الجنسين، وبين القطاعات. ولعلّ الفجوة الرقمية هي الأكثر وضوحًا في الزراعة. وتستخدم المزارع التجارية والأعمال التجارية في البلدان المتقدمة والاقتصادات الناشئة بالفعل التكنولوجيا بصورة مكثَّفة، بينما لا يزال المزارعون أصحاب الحيازات الصغيرة في كثير من البلدان النامية يواجهون صعوبات في الحصول على المعلومات والأسواق والمدخلات.

الفجوة الرقمية

يكتسي الابتكار التكنولوجي بأهمية حاسمة بالنسبة إلى النمو الاقتصادي. ومن الشائع بمجرد ظهور ابتكار أن تعقبه تحسينات وأن يُستخدم بطريقة مختلفة عما كان مقصودًا منه في البداية. ويمكن أن يستغرق الابتكار بعض الوقت للوصول إلى الأسواق على نطاق واسع. ويرجع ذلك في كثير من الأحيان إلى تكاليف الأخذ بالتكنولوجيا، غير أن قبول التكنولوجيا والتآلف معها له دور في ذلك، لا سيما في نشر الابتكارات الأكثر تعقيدًا.

وأدى ظهور الهواتف المحمولة إلى استبعاد الهواتف الثابتة كوسيلة اتصال، وفاقت أيضًا الاشتراكات في النطاق العريض المحمول بدرجة كبيرة اشتراكات النطاق العريض الثابت (الشكل 1.4). ويرجع الفضل في استيعاب تكنولوجيا الهواتف المحمولة بسرعة في جانب منه إلى انخفاض تكاليف بنيتها التحتية. وتحسَّنت الاتصالات كثيرًا، ويعيش عمومًا معظم سكان العالم الآن ضمن نطاق إشارات الهواتف الخلوية-المحمولة بغض النظر عما إذا كانوا مشتركين فيها أو مستخدمين لها.

الشكل 1.4
الاشتراكات العالمية في الهواتف الثابتة والمحمولة، والنطاق العريض الثابت والمحمول في الفترة 20 19-2015 (لكل 100 نسمة)

غير أن هناك اختلافات واسعة في النطاق الذي تغطيه الشبكات وملكية الهواتف المحمولة بين البلدان، وهي تُعبِّر في معظمها عن فروق في متوسط نصيب الفرد من الدخل (الشكل 2.4). وتضيق الفجوات بين البلدان من حيث النطاق الذي تغطيه الشبكات عند مقارنتها بعدد الاشتراكات التي توفِّر مؤشرًا أفضل على إمكانية الوصول إلى الهواتف المحمولة. من ذلك على سبيل المثال أن عدد اشتراكات الهواتف المحمولة في تايلند يقترب من 180 اشتراكًا لكل 100 نسمة - وقد يمتلك أشخاص كثيرون أكثر من شريحة اشتراك (بطاقة تحديد هوية المشترك) أو أكثر من جهاز، بينما قد لا يمتلك بعض الأشخاص أي جهاز على الإطلاق. وتُشير آخر بيانات النيجر إلى أن عدد الاشتراكات في الهواتف المحمولة يبلغ 40 اشتراكًا فقط لكل 100 نسمة.6

الشكل 2.4
الوصول إلى الهواتف الخلوية المحمولة في مجموعة مختارة من البلدان، 2018

تُشير التقديرات إلى أن حوالي 54 في المائة من سكان العالم كانوا يستخدمون الإنترنت في عام 4.2019 وانتشر النفاذ إلى الإنترنت بسرعة، ولكن الفجوات بين البلدان لا تزال مستمرة وتتسع باطراد في ظل تراجع متوسط نصيب الفرد من الدخل. ولا يقتصر الأمر على انخفاض إمكانية النفاذ في البلدان الأقل نموًا فحسب، بل وكذلك معدل الاستخدام (الشكل 3.4).

الشكل 3.4
الأفراد الذين يستخدمون الإنترنت كنسبة مئوية من السكان

وينخفض معدل النفاذ إلى الإنترنت في البلدان الأقلّ نموًا، وبلغت نسبة السكان الذين يستخدمون الإنترنت حوالي 19 في المائة في عام 2019. وخلال السنة نفسها في أفريقيا، بلغ عدد الأسر المتصلة بالإنترنت في المنزل 18 في المائة فقط. وبلغت الاشتراكات النشطة في النطاق العريض المحمول في أفريقيا 34 اشتراكًا فقط لكل 100 نسمة في عام 3.2019

ولا تزال هناك فجوات اتصال مهمة بين المناطق الحضرية والريفية، ما يُشكل تحديًا لقدرة المزارعين على الأخذ بالتكنولوجيات الجديدة والابتكار والمشاركة في الأسواق. ولا يتصل بالإنترنت في المناطق الريفية من أفريقيا في المتوسط سوى 10 في المائة من الأسر، ولكنّ هذه المعدلات يمكن أن تكون أقل كثيرًا في بعض بلدان الإقليم.5 وتمتد الاختلالات بين الجنسين لتشمل أيضًا المجال الرقمي، إذ تبلغ معدلات النفاذ إلى الإنترنت أدنى مستوياتها بين النساء الريفيات. وعلى نطاق العالم، تبلغ نسبة النفاذ إلى الإنترنت لدى النساء 48 في المائة مقابل 58 في المائة لدى الرجال.3

وتتصل المناطق الريفية في البلدان المتقدمة بالإنترنت بصورة أفضل. وتتمتع الدانمرك بأعلى معدل اتصال، إذ يستخدم الإنترنت 97 في المائة من الرجال والنساء في المناطق الريفية، ولا توجد تقريبًا أي فجوة بالمقارنة مع المناطق الحضرية. وفي البلدان النامية، هناك فجوة كبيرة بين المناطق الحضرية والريفية. وتشير التقارير إلى أن 15 في المائة من النساء الريفيات في دولة بوليفيا المتعددة القوميات يستخدمن الإنترنت مقابل حوالي 53 في المائة من النساء في المناطق الحضرية. وفي النيجر، لا يستخدم الإنترنت سوى 0.6 في المائة من النساء الريفيات (الشكل 4.4).6

الشكل 4.4
الأشخاص الذين يستخدمون الإنترنت في بلدان مختارة بحسب نوع الجنس والموقع، 2018 (بالنسبة المئوية)

وتُمثِّل الهواتف الذكية - وهي هواتف محمولة مزوَّدة بواجهة تعمل باللمس وتؤدي عددًا من المهام المعقدة شأنها شأن أجهزة الحاسوب - تطورًا تكنولوجيًا مهمًا. وتتيح هذه الهواتف للأسر إمكانية النفاذ إلى الإنترنت من دون حاسوب. والواقع أن عدد الأسر التي يمكنها النفاذ إلى الإنترنت يزيد منذ عام 2014 على عدد الأسر التي تمتلك جهاز حاسوب.3 ويمكن أن يُساهم خفض تكاليف الهواتف الذكية بدور مهم في تضييق الفجوة الرقمية.

وفي الدانمرك وجمهورية كوريا، تتجاوز معدلات الاشتراكات هاتفًا ذكيًا واحدًا لكل نسمة. غير أن اشتراكات النطاق العريض المحمول في البيانات والصوت - وهي مؤشر لملكية الهواتف المحمولة والاشتراكات القائمة عليها - منخفضة في كثير من البلدان (الشكل 5.4).

الشكل 5.4
نسبة اشتراكات النطاق العريض المحمول في البيانات والصوت لدى السكان في بلدان مختارة، 2018

ولا غنى عن النفاذ إلى الإنترنت لضمان الوصول على قدم المساواة إلى المعلومات والخدمات. وبات تضييق الفجوة الرقمية بين البلدان وبين المناطق الحضرية والريفية وبين الرجال والنساء، ضرورة ملحة. ومن الضروري أيضًا إشراك المسنين والمجموعات الضعيفة كونهم يواجهون قيودًا إضافية.

وسيكون للحكومات دور مهم في التمكين من تهيئة بيئات ملائمة للابتكارات والدفع قدمًا بالتطوير التكنولوجي.7 ولا تزال ركائز التنمية القائمة منذ أمد طويل تساهم بدور رئيسي في ضمان قدرة الأسر الريفية على الاستفادة من الثورة الرقمية. وسيكون الحصول على التعليم والبنية التحتية المادية المحسَّنة أمرًا لا غنى عنه لتمكين المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة من المشاركة في الاقتصاد الحديث. وتتطلب تهيئة بيئة مؤاتية لرقمنة الزراعة (1) توسيع وتحسين البنية التحتية - سواءً لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات أو غيرها؛ (2) وتحسين قدرة الناس على استخدام الإنترنت بفعالية للاستفادة من الرقمنة؛ (3) وتصميم إطار تنظيمي يُساعد على الابتكار ويراعي الخصوصيات والمخاطر التي تنطوي عليها الرقمنة.

وتتيح قرى تاوباو في الصين (أنظر الإطار 3.4) نموذجًا جديدًا ومبتكرًا للتنمية الاقتصادية من خلال التجارة الإلكترونية. وشكلت مستويات التعليم العالي والبنية التحتية للخدمات اللوجستية والاتصالات شروطًا مسبقة لإنشاء منصات أعمال رقمية تشمل المزارعين. ويوضح نموذج الأعمال الجديد الخاص بالقرى كيفية معالجة تحديات التنظيم.

وسيلزم إقامة شراكات ابتكارية لزيادة الشمول الرقمي. وسيتطلب نجاح رقمنة سلاسل قيمة الأغذية الزراعية - بما يعود بفوائد في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية - شراكات بين القطاعين العام والخاص وعلاقات تعاون بين العديد من أصحاب المصلحة.

رقمنة الزراعة

اتخذت رقمنة الأغذية والزراعة مسارات مختلفة في البلدان المتقدمة والنامية. وأتاحت الإنترنت مجموعة هائلة من التكنولوجيات التي نلمس حاليًا بعض إمكاناتها وآثارها، ومنها على سبيل المثال منصات التجارة الإلكترونية. ولم تُستخدم تكنولوجيات أخرى، مثل تكنولوجيا السجلات الموزَّعة، على نطاق واسع بعد. وسيكون من الضروري بلورة فهم أفضل لإمكاناتها وقيودها من أجل ضمان مساهمتها الإيجابية في التنمية المستدامة للقطاع وتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

وتتجلى الفجوة الرقمية بأوضح صورها في الزراعة. وفي البلدان المتقدمة والاقتصادات الناشئة، وصل استخدام التكنولوجيا في الزراعة إلى مراحل متقدمة. وتشهد نُظم الإنتاج وسلاسل القيمة ثورة في ظل الوتيرة السريعة للابتكار الذي يتيح للتكنولوجيات الرقمية جمع البيانات وتخزينها وتحليلها. من ذلك على سبيل المثال أن الزراعة المحكمة بدأت تشق طريقها كحل مدفوع بالابتكار في كثير من المناطق والبلدان، مثل أوروبا الوسطى والشرقية، وأمريكا الشمالية، والأرجنتين وأستراليا، حيث تُحقق المزارع الكبيرة وفورات في الحجم وعائدات أكبر على الاستثمارات في التكنولوجيا.8

وتعتمد أساليب الزراعة المحكمة على نُظم تحديد المواقع بالأقمار الاصطناعية، والاستشعار من بُعد، وإنترنت الأشياء، لإدارة المحاصيل وتحقيق المستوى الأمثل لاستخدام اليد العاملة والأسمدة والمبيدات والمياه. وهذه الأساليب تحسِّن الكفاءة ويمكن أن تزيد أيضًا سلامة الأغذية، بالإضافة إلى أنها تحد من الآثار البيئية السلبية للممارسات الزراعية. وتولِّد أيضًا عمليات الزراعة المحكمة بيانات يمكن أن تصبّ في البيانات الضخمة والتحليلات، وبالتالي دعم اتخاذ القرار. ويمكن لتلك التطورات التكنولوجية أن تؤثر بشكل كبير على أسواق العمالة الزراعية ورأس المال والأغذية والمدخلات الزراعية.

غير أن معدلات الأخذ بالتكنولوجيا الرقمية منخفضة في بعض البلدان النامية. وغالبًا ما تقتصر التطبيقات على الرسائل النصية من خلال الهواتف المحمولة أو مقاطع الفيديو الرقمية الإعلامية التي يمكن للمزارعين مشاهدتها من دون الحاجة إلى الاتصال بالإنترنت وتوفِّر معلومات للمزارعين في المناطق الريفية. غير أن عدّة مبادرات تتصدى لتحديات محددة يواجهها أصحاب الحيازات الصغيرة، وقد حققت فوائد متعددة (أنظر الإطار 2.4).

وتزيد الإنتاجية الزراعية في المتوسط في البلدان التي تلتزم بالممارسات التنظيمية السليمة.9 ويمكن للتنظيم الفعال توسيع سبل الوصول إلى التكنولوجيات الرقمية، وتعزيز تنسيق العناصر الفاعلة على طول سلسلة القيمة الغذائية، وتحسين الإنتاجية ونمو الدخل. والواقع أن الفجوة الرقمية في قطاع الزراعة بين البلدان المتقدمة والبلدان النامية تزداد وضوحًا عند التركيز على البيئة التمكينية.

وتتيح مجموعة بيانات جديدة صدرت في إطار مشروع البنك الدولي لتمكين أنشطة الأعمال الزراعية إجراء مقارنة معيارية للوائح التنظيمية التي تُعزز البيئة التمكينية لتوفير خدمات التكنولوجيا الرقمية واستخدامها، مع التركيز بصفة خاصة على المناطق الريفية. وتغطي بيانات المشروع المذكور المعلومات المتعلقة بإطار إصدار تراخيص مشغلي شبكات الهواتف المحمولة، وإدارة الطيف، وتشاطر البنية التحتية.10

تكشف درجة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتمكين أنشطة الأعمال الزراعية عن مدى اتساع الفجوة الرقمية في الزراعة بين البلدان المتقدمة والنامية (الشكل 6.4). وتواجه أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وجنوب آسيا وشرقها معوقات كبيرة في تعزيز التكنولوجيات الرقمية في قطاع الزراعة. ولم يُطبِّق أي من البلدان في هذه الأقاليم لوائح تنظيمية تُشجِّع المنافسة بين مشغلي شبكات الهواتف المحمولة لدخول أسواق الاتصالات. وفي المقابل، توجد لدى البلدان المرتفعة الدخل في منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي أُطر تنظيمية قوية توفِّر حوافز لتشجيع القطاع الخاص على زيادة الاتصال خارج المراكز الحضرية.

الشكل 6.4
درجة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لمشروع تمكين أنشطة الأعمال الزراعية

وتتطلب زيادة معدلات الأخذ بالتكنولوجيا الرقمية في المناطق الريفية من البلدان النامية استثمارات في العوامل المتصلة بالعرض والطلب. وعلى جانب العرض، يتعيّن توفير تغطية شبكية في المناطق الريفية وإتاحة التطبيقات الرقمية. وتشمل العوامل المتصلة بجانب الطلب المهارات الرقمية والإلمام بالقراءة والكتابة، وبخاصة بين المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة. وتتطلب معالجة هذه العوامل مجموعة من التدخلات على صعيد السياسات العامة، والأهم من ذلك تهيئة بيئة تنظيمية تستقطب الاستثمارات من القطاع الخاص.11 وسيكون للتنظيم الفعال الذي يُعزز أيضًا المنافسة في السوق دور أساسي في توسيع النفاذ إلى النطاق العريض وتخفيض التكاليف التي يتكبدها المستخدمون بين البلدان وداخلها. ويمكن لمشاركة الحكومات في الاستثمارات من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص أن تسدّ أيضًا الفجوات في البنية التحتية وإمكانية النفاذ في المناطق الريفية. وستكون الشراكات بين القطاعين العام والخاص مهمة لتوفير حوافز للاستثمارات الخاصة في البلدان النامية الفقيرة.5

التكنولوجيات الرقمية وإخفاقات السوق

يُفسِّر ارتفاع تكاليف المعلومات والمعاملات سبب ضعف الأسواق الزراعية أو افتقادها في كثير من البلدان النامية. ويساعد تحسين البنية التحتية على تطور الأسواق. وتهدف الترتيبات المؤسسية، مثل الزراعة التعاقدية، على تخفيض التكاليف المتصلة بالبحث عن تاجر للتفاوض على صفقة، والمساومة، والتوصل إلى اتفاق ورصده (أنظر مناقشة الزراعة التعاقدية في الجزء الثالث). وأدخلت سلاسل القيمة الغذائية الحديثة تكاليف إضافية مرتبطة في كثير من الأحيان بالمعلومات المتعلقة بتفضيلات المستهلكين، خاصة بشأن جودة الأغذية وسلامتها. ويمكن للتكنولوجيات الرقمية أن تساعد على خفض هذه التكاليف وتعزيز إمكانية الوصول إلى الأسواق عن طريق تذليل كثير من العقبات التي تحول دون مشاركة أصحاب الحيازات الصغيرة في الاقتصاد الرسمي وسلاسل القيمة.7 من ذلك على سبيل المثال أن تكاليف البحث تقلّ كثيرًا في البيئات الرقمية مقارنة بالعالم الفعلي التناظري، ما يؤدي إلى توسيع جودة عمليات البحث ونطاقها.

ويمكن لتخفيض تكاليف البحث أن يُحسِّن كثيرًا التوافق بين المشترين والبائعين، مثلما في سياق منصات التجارة الإلكترونية الرقمية، ويمكن أن يقلِّص تكاليف المفاوضة في الوقت الذي قد يزيد فيه من قدرة المُزارع التفاوضية.12 ويعني توسيع نطاق التوافق من خلال التكنولوجيات الرقمية إمكانية اتفاق المشتري والبائع على عقد يتوافق بصورة وثيقة مع أفضليات كل منهما. ويمكن لتيسير التبادلات أن يؤثر على الأسعار وكذلك على تشتتها. من ذلك على سبيل المثال أن تخفيض التكاليف التي يتكبدها المزارعون في بحثهم عن تجار يقدمون لهم سعرًا أعلى يمكن أن يقلِّص تشتت الأسعار بين المزارعين والأسواق. ويمكن أن تساعد هذه الفوائد جميعًا على زيادة الرفاه.

وتُسهِّل التكنولوجيات الرقمية أيضًا التأكد من سمعة المشترين والبائعين وموثوقيتهم. من ذلك على سبيل المثال أن تكنولوجيات السجلات الموزَّعة يمكن أن تعزز إمكانية الوصول إلى الأبعاد المتعددة للمعلومات المتعلقة بتاريخ الأعمال، بما في ذلك مستويات الأسعار، وأساليب الإنتاج، وجودة المنتجات، وغير ذلك من خصائص. ويمكن أن ييسّر ذلك عقود وأسواق المنتجات المتفاضلة والمعتمدة التي يمكن أن تجتذب أسعارًا أعلى وتحقق نتائج بيئية واجتماعية (أنظر مناقشة استدامة خطط إصدار شهادات الاعتماد في الجزء الثالث).

وبالإضافة إلى ذلك، يمكن لعمليات التبادل المنخفضة الكلفة أن تؤثر على تنظيم الشركات وتُيسِّر التكامل العمودي وسلاسل القيمة العالمية (أنظر مناقشة سلاسل القيمة العالمية في الجزء الثاني). وتوحي الأدلة المستمدة من قطاع الصناعة التحويلية أن المعلومات المنخفضة التكلفة تمكِّن المديرين من بلورة فهم أفضل لما يحدث عن بُعد، بينما تيسّر أيضًا للموظفين في الخطوط الأمامية حل المشاكل.13

ومع أن كلفة النقل في العالم الرقمي تكاد تصل إلى الصفر - يمكن تكرار المعلومات ونشرها بسهولة – فإن للمسافة المادية دورًا مهمًا في تحديد تكاليف التجارة. وتتيح التكنولوجيا الرقمية للمنتجين والمستهلكين في كل مكان من العالم الوصول إلى معلومات معززة بشأن المنتجات؛ غير أنه من الصعب تقييم أثر ذلك على التجارة. وليس ثمة شواهد كثيرة على ذلك، ولكنّ بعض الدراسات يشير إلى أنه رغم تراجع تدفقات التجارة بسبب المسافة فإن أهميتها، استنادًا إلى المعلومات المتاحة على الإنترنت وخارجها، يمكن أن تقلّ باستخدام الإنترنت.14

من ذلك على سبيل المثال أن برمجية إصدار الشهادات الإلكترونية للصحة النباتية هي حلّ حاسوبي يوحِّد معلومات الصحة النباتية ويخزنها عن بُعد (من خلال نظام سحابي). وطورت الاتفاقية الدولية لوقاية النباتات هذه المنصة لإصدار الشهادات الإلكترونية للصحة النباتية. وتسدّ هذه البرمجية فجوة شهادات الصحة النباتية التي تصدرها البلدان المصدّرة وتشترطها البلدان المستوردة. ويمكن إصدار الشهادات وتبادلها إلكترونيًا؛ وبالتالي تُسهِّل برمجية إصدار الشهادات الإلكترونية للصحة النباتية التجارة عن طريق خفض التكاليف المصاحبة للفرز والتوزيع والاسترجاع والحفظ. ومن شأن الاحتفاظ بشهادات الصحة النباتية في منصة إلكترونية أن يخفِّض أيضًا مخاطر الشهادات الاحتيالية، ويُحسِّن الاتصال، ويحد من احتمالات سوء الفهم والمنازعات. وتزيد المنصة بالتالي مستوى الكفاءة، وتقلِّص حالات التأخير. وعلاوة على ذلك فإنها تُمثِّل ابتكارًا تجاريًا شاملًا بصفة خاصة للبلدان النامية المنخفضة الدخل التي يمكنها الانضمام إلى النظام الإلكتروني من دون الحاجة إلى تكبد كامل تكاليف إنشاء البرمجية وصيانتها.أ

والخلاصة أن التكنولوجيات الرقمية تمتلك قدرات تمكنها من معالجة مجموعة من حالات تضارب المعلومات في الأسواق، وتحسين إمكانية وصول المزارعين وإعادة تشكيل إدارة سلاسل القيمة.5 وتمثّل التكنولوجيات الرقمية أيضًا أداة مهمة لتحقيق خطة التنمية المستدامة لعام 2030 وأهداف التنمية المستدامة نظرًا إلى إمكانية استخدامها في تعزيز نظام غذائي أكثر إنتاجية ومرونة واستدامة وشفافية.7

تحسين سُبل الوصول إلى المعلومات

تتسم المعلومات عن الأسعار بأهمية خاصة للمزارعين. وتشير الأسعار إلى فرص للمنتجين والمستهلكين والتجار - مثلما في الحالات التي يؤدي فيها الطلب الزائد إلى إيجاد فرص بيع مجزية أكثر. وتُعبِّر الأسعار عن تغيُّر التفضيلات الاستهلاكية وتتضمن معلومات تمكِّن المزارعين من تحديد ما يقومون بإنتاجه وكمية ذلك الإنتاج.

وتمثّل الهواتف المحمولة حاليًا الشكل الأوسع انتشارًا للتكنولوجيا الرقمية المستخدمة، كما أن تطبيقات الهاتف المحمول التي توفِّر معلومات عن الأسعار هي التكنولوجيا الرقمية الأكثر شيوعًا في الزراعة. غير أن هناك خليطًا متباينًا من الأدلة على أثر معلومات الأسعار.

ويوفِّر عدد من الدراسات مجموعة من التقديرات عن تأثيرات نشر معلومات الأسعار المتعلقة بأسعار البيع والأرباح لأصحاب الحيازات الصغيرة. من ذلك على سبيل المثال أن المعلومات التي تقدمها الرسائل النصية القصيرة المنشورة في المرتفعات الوسطى من بيرو أدت إلى زيادة أسعار البيع للمزارعين بنسبة تراوحت بين 13 و14 في المائة، وبخاصة للمحاصيل السريعة التلف والتي تتسم المعلومات عن أسواقها بقيمة كبيرة.15 وفي كمبوديا حيث تتميَّز أسعار الأرزّ بانكماش الطلب ويبيع فيها المزارعون بأقل من متوسط سعر الجملة، أدّى تحسين تدفقات المعلومات من خلال الهواتف المحمولة إلى زيادة تراوحت تقريبًا بين 4 و5 في المائة في سعر الأرزّ عند باب المزرعة.16 ومن ناحية أخرى، تبيَّن أن القدرة التفاوضية لمزارعي البطاطا في غرب البنغال وفي بيئة ترتفع فيها تكاليف معاملات السوق ويجني فيها الوسطاء هوامش كبيرة، لم تستفد من معلومات الأسعار المقدمة من خلال مختلف الوسائل، بما فيها الهواتف المحمولة.17

وتتفق معظم الدراسات عمومًا على أن استخدام الهواتف المحمولة يحد من تقلبات الأسعار ويحسِّن تكامل السوق.18 وساعدت الهواتف المحمولة في المناطق الريفية من النيجر على تقليص تشتت الأسعار بالنسبة إلى اللوبياء الصينية، وهي سلعة سريعة التلف، من دون حدوث تراجع في تشتت أسعار الدُخن والذرة الرفيعة، وهما سلعتان قابلتان للتخزين. وعلى الرغم من عدم تسجيل أي زيادات في الأسعار التي حصل عليها المزارعون، قلصت المعلومات تقلب الأسعار بدرجة أكبر في الأسواق النائية وأثناء فترات ضعف الأسواق.19

وتشير دراسات أخرى إلى آثار من نوع آخر. واتُخذت في كولومبيا القرارات بناءً على المعلومات عن الأسعار تبعًا لحجم المزرعة. واستجابت المزارع الصغيرة عن طريق زراعة المحاصيل التي تلقت معلومات عنها من خلال الرسائل النصية القصيرة، بينما استخدمت المزارع الكبرى هذه المعلومات للبحث عن أسواق جديدة. ولم تسفر المعلومات الخاصة بالأسعار عن زيادة في الأسعار عن باب المزرعة سواءً في المزارع الصغيرة أو الكبيرة الحجم.20

وفي النيجر أيضًا، لم يكن لاستخدام الهواتف المحمولة أي أثر على الكميات المنتَجة أو المشاركة في السوق أو الأسعار المستلمة مقابل المحاصيل. ومع ذلك، تبيَّن أن الأسر المعيشية التي لديها هواتف محمولة تزرع محاصيل أكثر تنوعًا، لا سيما المحاصيل النقدية الهامشية التي تتولى النساء زراعتها.26

ويمكن للمعلومات عن الأسعار التي تُنشر عن طريق الهواتف المحمولة أن تنجح في تحسين الرفاه عندما لا تكون إخفاقات السوق الأخرى ملزمة. وينطبق ذلك مثلًا على الحالات التي تكون فيها البنية التحتية للنقل كافية لدعم المراجحة، وتكون أسواق المنتجات قادرة على المنافسة، وتعمل أيضًا الأسواق المرتبطة بها، مثل أسواق المنتجات والائتمان، بمستوى جيد من الأداء.

ولا توفِّر المبادرات الناجحة معلومات عن الأسعار من خلال الهواتف المحمولة فحسب، بل تجمع أيضًا بين مجموعة متنوعة من التكنولوجيات والأدوات الرقمية لتوفير معلومات عن خصائص الأسواق الأخرى، والائتمان، والممارسات الزراعية، والطقس (الإطار 2.4).

تحسين الوصول إلى الأسواق من خلال منصات التجارة الإلكترونية

لا يزال استخدام منصات التجارة الإلكترونية في الزراعة في بداياته مقارنة بتجارة السلع الاستهلاكية عبر الإنترنت. ويمكن لاستخدام هذه المنصات على نطاق واسع أن يحدث خللًا في سلاسل القيمة الزراعية التقليدية، فهو يُقلل الحاجة إلى الوسطاء الكثيرين الذين يشاركون في العادة في كل مرحلة من مراحل السلسلة، أو تغيير الطريقة التي يعمل من خلالها هؤلاء الوسطاء. وظهرت منصات تجارة إلكترونية رقمية كثيرة لربط المزارعين بالأسر أو المطاعم أو للسماح بوسائل وسيطة جديدة لتجارة الجملة من أجل تجميع المنتجات من كثير من المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة ولإعادة البيع بمزيد من الكفاءة.27

وتتشكل الأذواق الغذائية من خلال أساليب الحياة الحديثة في البلدان المتقدمة والاقتصادات الناشئة، حيث سكان المناطق الحضرية الذين يعانون من ضيق الوقت يطلبون مزيدًا من الوجبات السهلة الإعداد. ويؤدي ازدياد وعي المستهلكين بتحديات الصحة والاستدامة إلى الطلب على مزيد من المعلومات عن منشأ الأغذية والأساليب المستخدمة في إنتاجها (أنظر الجزء الأول). وحفَّزت هذه العوامل انتشار منصات التجارة الإلكترونية في الأغذية التي تُلبي مختلف قطاعات الطلب، من المنتجات الطازجة إلى الوجبات الجاهزة. ب 7

ويمكن لمنصات التجارة الإلكترونية في البلدان النامية أن تُخفِّض تكاليف البحث وتعزز كفاءة المواءمة بين المزارعين والمستهلكين، ما يؤدي إلى زيادة إمكانية الوصول إلى الأسواق وتحسين النتائج من حيث الدخل والرفاه. ويمكن لتقصير سلسلة القيمة أن يؤدي أيضًا إلى خفض تكاليف المعاملات الإجمالية وتحسين شفافية الأسعار، وبالتالي حسم عدد من إخفاقات السوق. ويوضح النمو الهائل لقرى تاوباو في جمهورية الصين الشعبية ما تنطوي عليه التجارة الإلكترونية من إمكانات في توليد فرص العمل وإدرار الدخل، وزيادة المشاركة في السوق. ومن الأساسي للتنمية المستدامة زيادة مشاركة المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة في الاقتصاد الرقمي من خلال التجارة الإلكترونية لأن ذلك يهيئ فرصًا أمام الفئات المهمشة للاستفادة من النمو الاقتصادي. وتحقق حوالي 000 3 قرية من قرى تاوباو مبيعات سنوية عن طريق الإنترنت بأكثر من مليون (1) دولار أمريكي، وتدعم أيضًا قطاع خدمات آخذًا في الاتساع (أنظر الإطار 3.4).32

وتوفِّر بعض منصات التجارة الإلكترونية الرقمية محاور لوجستيات مادية وخدمات مستودعات بالقرب من المستهلكين وتخفِّض بالتالي من تكاليف النقل والفترات التي يستغرقها التسليم، وهما تحديان حاسمان يواجههما المزارعون أصحاب الحيازات الصغيرة.ج وتعمل هذه المنصات في العادة وفق نموذج يقوم على كثافة رأس المال وينطوي على مستوى أعلى من المخاطر المالية، لأنها تحتاج إلى ضمان وفاء المزارعين بالتزاماتهم واستخدام قدرات التخزين بكفاءة. ولذلك لا تتحمل منصات التجارة الإلكترونية في كثير من البلدان النامية المسؤولية عن التخزين وضمان الجودة.7

وعلى مستوى التجزئة، وفي ظل الاعتراف بظهور طلب على تسوق الأغذية عن طريق الإنترنت، توفِّر سلاسل المتاجر الكبرى المعروفة أيضًا خدمات التسوق والتسليم عن طريق الإنترنت (أنظر مناقشة تجارة التجزئة الغذائية الإلكترونية في الجزء الأول). وأدّت القيود المفروضة على الحركة أثناء تفشي جائحة كوفيد 19- من أجل احتواء انتشار الفيروس إلى زيادة هائلة في الطلب على تسوق الأغذية عن طريق الإنترنت وخدمات التوصيل إلى المنازل في بعض البلدان. وتتوقع التحليلات المبكرة للأسواق نمو سوق البقالة عن طريق الإنترنت بنسبة 33 في المائة في عام 2020 في المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وآيرلندا الشمالية على سبيل المثال.28 وتشير التقديرات إلى أن حصة السوق المتاحة على الإنترنت في جمهورية الصين الشعبية زادت من 11 إلى 38 في المائة من إجمالي مشتريات التجزئة الغذائية في فبراير/شباط 2020. 29 وفي ظلّ تنامي أهمية التجارة الإلكترونية عالميًا، من المحتمل برزن تأثيرات سلبية على غرار الشواغل المتعلقة بالبيئة نتيجة فرط التغليف.

تحسين إمكانية الوصول إلى الخدمات المالية

تُسهِّل المدخرات والائتمانات الاستثمار في المزارع وتساعد الأسر الزراعية على مراكمة الأصول التي تعزز الإنتاجية، ما يُحسِّن بالتالي الأمن الغذائي والقدرة على الصمود. ويؤدي انخفاض الكثافة السكانية وتدني مستوى البنية التحتية والافتقار إلى معلومات عن الضمان إلى زيادة تكاليف الخدمات المالية ويسفر عن افتقاد أسواق الائتمان والتأمين. وبالنسبة للمصارف فإن التكاليف الثابتة اللازمة لإنشاء فرع في منطقة نائية وقليلة السكان تكون مرتفعة للغاية مقارنة بحجم أعمالها هناك. وتخفِّض التكنولوجيات الرقمية التكاليف وتتيح للمؤسسات المالية دخول الأسواق الريفية بدون الحاجة إلى أن يكون لها فيها حضور فعلي مكلف، ما يؤدي إلى تحقيق الشمول للفئات السكانية التي لم تكن تتاح لها من قبل إمكانية الوصول إلى المصارف.

ومن الأمثلة على الخدمات المالية المقدمة من خلال التكنولوجيات الرقمية التحويلات والمدفوعات والائتمانات والمدخرات. وتُسهِّل الخدمات المقدمة عن طريق الهواتف المحمولة، مثل خدمة ’إم-بيسا‘ (MPesa) التي أُطلقت في البداية في كينيا، تحويل الأموال في جميع أنحاء العالم النامي. واتسعت تلك الخدمة منذ إنشائها في عام 2007 حتى باتت تشمل خدمات أخرى، مثل المدخرات. وتتيح للمستخدمين المسجَّلين إرسال الأموال واستلامها وتخزينها مقابل رسوم زهيدة. وتوسعت على مرّ السنوات وباتت تشمل أنشطة الأعمال الصغيرة التي يمكن أن تتلقى مدفوعات من العملاء بالإضافة إلى إيداع مدفوعات الموظفين مباشرة في حساباتهم لدى ’إم-بيسا‘.د

ومع ذلك، لا يوجد إجماع واضح بشأن تأثير استخدام الأُسر للصرافة عبر الهاتف المحمول. وخلصت بعض الدراسات إلى أن ’إم-بيسا‘ تُستخدم في معظمها لتحويل الأموال، خاصة التحويلات المالية من المدن إلى المناطق الريفية، وليس للمدخرات.35 وتكشف أدلة أخرى عن أنه من الشائع أكثر بالنسبة للفقراء وغير المتعلمين والنساء عدم امتلاك حساب لدى خدمة ’إم-بيسا‘، أو عدم توفير أموال في حساباتهم إذا كانت لديهم حسابات.36

وتبيَّن من دراسة استُخدمت فيها بيانات تم جمعها من 379 أسرة معيشية في ثلاث مقاطعات كينية أن تحويلات الأموال عن طريق خدمة ’إم-بيسا‘ أدت إلى زيادة المشاركة في السوق بنسبة 37 في المائة، ما أدى إلى رفع مستوى الدخل الأسري.37 وهناك أيضًا أدلة على أن التحويلات القائمة على الهواتف المحمولة يمكن أن تزيد القدرة على الصمود في أوقات الشدة من خلال تخفيض تكاليف المعاملات. فقد أشارت مثلاً التقديرات إلى أن ’إم-بيسا‘ قد ساهمت في انتشال 2 في المائة من الكينيين من الفقر، وكانت الأسر المعيشية التي استخدمت تلك الخدمة أكثر قدرة على التخفيف من الصدمات السلبية. وتبيَّن أن تلك الآثار تظهر بوضوح أكبر في الأسر المعيشية التي ترأسها نساء.38

ويمكن للمنصات الرقيمة التي تيسِّر الصلات بين العناصر الفاعلة في سلاسل القيمة أن تزيد إمكانية الوصول إلى الخدمات المالية (أنظر الإطار 4.4). وفي غانا، يهدف تطبيق أجروتيك سمارتيكس (AgroTech Smartex) المستخدم في الهواتف المحمولة - والذي صممته ونفذته مؤسسة غرامين - إلى تعزيز الصلات بين المزارعين والعاملين في مجال الإرشاد وموردي المدخلات والتجار. ويُيسِّر هذا التطبيق إمكانية الوصول إلى الائتمان من خلال تحسين الاحتفاظ بالسجلات والرصد. ويجمع التطبيق بيانات تشمل البيانات الخاصة بالمزارعين والمعلومات المتعلقة بالمزارع، مثل المحاصيل المزروعة، والغلات، والمدخلات، والسجل الائتماني السابق. ويمكن أن تساعد هذه البيانات على اجتذاب مقرضين رسميين (مثل المصارف ومؤسسات التمويل الأصغر حجمًا) والتجار، أو تشجِّع الموردين على توفير المدخلات على أساس الائتمان.39

تحسين إمكانية الحصول على التأمين

يرجَّح أن يزيد تغيُّر المناخ تواتر الظواهر الجوية المتطرفة وشدتها، كما أن عدم التيقن الذي يحيط بالتقلبات المناخية يعيق الاستثمار في التكنولوجيات الإنتاجية، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى مصائد فقر.41 ويمكن للتأمين الزراعي أن يعزز الاستثمارات الزراعية في التكنولوجيات والمدخلات؛ كما يمكنه بناء القدرة على الصمود عن طريق تيسير الأخذ بنُهج الإنتاج المستدام.

وتختلف خطط التأمين الابتكارية، مثل التأمين القائم على مؤشر الطقس، عن التأمين التعويضي التقليدي. وينطوي هذا النوع الأخير على تكاليف باهظة لإدارة العقود وتحديد خسائر المحاصيل أو الثروة الحيوانية لدى أعداد كبيرة متفرقة من المزارعين. ومن الناحية الأخرى يوفِّر التأمين القائم على المؤشرات غطاء تأمين مستندًا إلى مؤشر ظروف الجو المرتبطة بتلك الخسائر؛ وتشمل هذه الظروف سرعة الرياح، أو درجة الحرارة، أو هطول الأمطار أثناء فترة معيَّنة. من ذلك على سبيل المثال أن البرامج القائمة على مؤشرات الطقس تزوّد المزارعين بمدفوعات عندما تكون الأمطار أو درجات الحرارة أعلى أو أقل من عتبات محددة يمكن أن تتسبب في انخفاض كبير في غلات المحاصيل.

ويمكن للابتكارات الرقمية في رصد الأرض، والتقديرات بواسطة الأقمار الاصطناعية الخاصة بالأمطار، والاستشعار من بُعد، بالاقتران مع البيانات المتصلة بالموقع، أن تدعم برامج التأمين القائم على المؤشرات بكلفة أقل. ولا تحتاج شركات التأمين إلى إجراء تقييمات ميدانية كما في حالة خطط التأمين المتعدد المخاطر للمحاصيل، ما يقلِّص بالتالي أقساط التأمين. ويمكن لبرامج التأمين القائم على المؤشرات أن توفِّر تغطية لملايين المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة الذين اعتُبر كثير منهم من قبل غير قابل للتأمين.

وتمثّل مؤسسة الزراعة والمخاطر المناخية في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى أكبر برنامج للتأمين القائم على مؤشر الطقس في العالم النامي يُسدِّد لها المزارعون أقساط التأمين بأسعار السوق. وهذه المؤسسة هي أيضًا أول برنامج للتأمين الزراعي في العالم يصل إلى أصحاب الحيازات الصغيرة باستخدام تكنولوجيات الهواتف المحمولة (أنظر الإطار 5.4).42

تطبيق تكنولوجيا السجلات الموزَّعة على سلاسل قيمة المواد الزراعية الغذائية

تكنولوجيا السجلات الموزعة هي تكنولوجيا كاسحة تنطوي على آثار محتملة في قطاعات كثيرة. وتُشكل هذه التكنولوجيا حاليًا صميم المناقشات الدائرة حول التطبيقات الرقمية، بما فيها التطبيقات المتصلة بالأغذية والزراعة. وتمثّل في جوهرها نظامًا لا مركزيًا قائمًا على التوافق في الآراء لحفظ السجلات، ويمكن لاستخدامها في سلاسل قيمة المواد الزراعية الغذائية أن يحقق آثارًا ملموسة. وتتألف هذه السلاسل من عدد كبير من مراحل الإنتاج داخل البلدان وفي ما بينها، ويُشارك فيها كثير من العناصر الفاعلة، بما يشمل المزارعين والتجار والمجهزين والمصارف وتجار التجزئة والمستهلكين.

ولا تُستخدم حاليًا تكنولوجيا قواعد البيانات التسلسلية - وهي من أشهر تكنولوجيات السجلات الموزَّعة - إلاّ بصورة محدودة في سلاسل قيمة المواد الزراعية الغذائية رغم وجود مبادرات رائدة كثيرة جارية لتقييم إمكاناتها (أنظر الأمثلة في الأُطر من 7.4 إلى 12.4). وسيتجلى أثر قواعد البيانات التسلسلية على الأغذية والزراعة بوضوح أكبر في السنوات المقبلة عندما يصل استخدامها إلى نطاق حاسم. ويبين الإطار 6.4 نشأة قواعد البيانات التسلسلية وأغراضها والطريقة التي تعمل بها.

ويمكن أن تكون لتكنولوجيا قواعد البيانات التسلسلية في سلاسل قيمة المواد الزراعية الغذائية أهمية خاصة في استخدام «العقود الذكية» المصممة للتنفيذ الذاتي بمجرد استيفاء عدد من الشروط المحددة مسبقًا. وتدخل شروط العقد الذكية التي تحكم تبادل السلع والخدمات في عملية الترميز، ويتم تفعيل الإجراءات (مثل الدفع) تلقائيًا بمجرد الوفاء بالشروط (مثل تسليم المنتجات). ويمكن للعقود الذكية أن تخفِّض كثيرًا تكاليف المعاملات وتزيد كفاءتها وشفافيتها.

من الأمثلة على ذلك أن تصدير السلع الغذائية، مثل الحبوب، ينطوي على شبكة معقدة من الوسطاء الذين يشملون المزارعين وتجار الجملة والمشترين، وكذلك عددًا كبيرًا من مقدمي الخدمات اللوجستية، مثل النقل، والتخزين، ومراقبة الجودة، والشحن، والموانئ والجمارك، وتمويل التجارة، وكذلك خدمات العقود والتصديقات. وفي كل مرحلة من مراحل سلسلة القيمة، ينبغي تخزين السلعة ومناولتها ونقلها وفقًا لمعايير مخصصة تحدِّد الرطوبة ودرجة الحرارة وعتبات الشوائب.

وتتطلب سلسلة القيمة العالمية تكاليف معاملات وأعمال ورقية كثيرة يمكن تقليصها بدرجة كبيرة عن طريق قواعد البيانات التسلسلية والعقود الذكية (أنظر الشكل 7.4). وعند اكتمال المعاملات في كل مرحلة من مراحل سلسلة القيمة، تُرسل المعلومات إلى أمناء السجلات. وهذه العملية يقوم بها المورِّد أو المشتري أو مقدمو الخدمات الآخرون أو أجهزة إنترنت الأشياء، مثل أجهزة الاستشعار، التي يمكنها تتبّع البضائع والإشارة إلى موقعها ودرجة حرارتها وغير ذلك من معايير الجودة. ويتحقق أمناء السجلات من هذه المعلومات في كل مرحلة من مراحل سلسلة القيمة. وحالما تنتهي المعاملة في كل مرحلة ويتم التوصل إلى توافق في الآراء، تضاف كتلة بيانات إلى السلسلة وتُسدَّد المدفوعات إلى الموردين ومقدمي الخدمات من خلال العقود الذكية.

يمكن لتكنولوجيا قواعد البيانات التسلسلية إحداث تغيير جوهري في الممارسات التجارية، وتقليص عدد خدمات الوسطاء أو تعديلها أو إلغائها تمامًا على طول سلسلة القيمة. وتنطوي هذه التكنولوجيا على إمكانات سواءً في البلدان النامية أو المتقدمة. وفي البلدان النامية، تُستخدم هذه التكنولوجيا في معالجة إخفاقات السوق وتمكين المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة (أنظر على سبيل المثال الأُطر 8.4 و9.4 و10.4). وفي الاقتصادات المتقدمة، يسعى المستخدمون إلى زيادة كفاءة سلسلة القيمة وشفافيتها (أنظر الأُطر 7.4 و11.4 و12.4).

وتتيح هذه التكنولوجيا بحكم طبيعتها العامة واللامركزية للمشاركين رؤية ما يسجله كل منهم من بيانات في الوقت الحقيقي، ما يُحسِّن من تدفقات البيانات وكفاءتها وتنسيقها. ويعرض الإطار 7.4 مثالًا يوضح مبادرة من مبادرات قواعد البيانات التسلسلية التي تهدف إلى تحسين التنسيق والكفاءة والشفافية في قطاع تجارة السلع الزراعية.

الوصول إلى الأسواق والشمول المالي والنتائج الاجتماعية من خلال قواعد البيانات التسلسلية

يمكن استخدام تكنولوجيا قواعد البيانات التسلسلية لمعالجة إخفاقات السوق المتعددة. ولا يعمل المزارعون أصحاب الحيازات الصغيرة في كثير من الأحيان في الاقتصاد الرسمي، ويعني ذلك أن المعاملات تتم نقدًا ولا تُسجَّل على مرّ الزمن. ويمكن لتكنولوجيا قواعد البيانات التسلسلية أن تساعد على إنشاء سجل للمعلومات المالية، وبالتالي إيجاد سجل تاريخي وهوية رقمية. ويمكن لهذا السجل أن يساعد المزارعين على اكتساب سمعة تجارية، ما يؤدي إلى تحسين إمكانية وصولهم إلى الأسواق ويعزز بالتالي أهليتهم للحصول على الائتمان من المؤسسات المالية الرسمية (أنظر الإطار 8.4).7

ولا يوجد سوى القليل جدًا من تطبيقات قواعد البيانات التسلسلية لتحقيق الشمول المالي في البلدان النامية. وقام برنامج الأغذية العالمي بتجريب قاعدة بيانات تسلسلية لتقييم إمكاناتها في المعونة الإنسانية والتحويلات النقدية. وأطلق مشروع لبنات البناء الرائد في عام 2017 للوصول إلى 000 10 لاجئ سوري في الأردن واتسع ليشمل 000 100 لاجئ في عام 2018 في مخيمَين اثنين للاجئين السوريين.ه وحوِّلت الأموال من برنامج الأغذية العالمي إلى مقدِّم خدمات مالية، ولكن قيمة التحويلات النقدية لكل مستفيد حوِّلت إلى حسابات قائمة على قواعد البيانات التسلسلية واستُخدمت لشراء مواد بقالة من متاجر شريكة. واستخدم مسح قزحية العين للتحقق من هوية المستفيدين.47

وخفّض المشروع رسوم الطرف الثالث المسؤول عن تقديم الخدمات المالية بنسبة وصلت إلى 98 في المائة. وبالإضافة إلى الوفورات التي تحققت في رسوم المعاملات المالية، ساهمت قاعدة البيانات التسلسلية في زيادة الأمن والخصوصية للاجئين. وتحققت أيضًا مكاسب في الكفاءة، إذ لم يكن ضروريًا التحقق من البيانات بين مقدمي الخدمات المالية والبائعين والسجلات الداخلية.47

ويمكن للحلول المعتمدة على قواعد البيانات التسلسلية تخفيض عدد الوسطاء في سلسلة القيمة وبالتالي تزويد المزارعين بقنوات اتصال مباشرة مع الأسواق، وتقصير سلسلة القيمة. وفي إطار قواعد البيانات التسلسلية، يمكن أيضًا للعقود الذكية أن تساعد على بناء الثقة وتعزيز الشفافية. من ذلك على سبيل المثال أن محاصيل كثيرة تحتاج إلى عمالة موسمية، وتنتشر في الزراعة أسواق العمالة الموسمية غير النظامية. ويمكن لعقود العمل الذكية سواء أكانت غير قابلة للتغيير أو عامة، أن تقلل التكاليف وتزيد الشفافية، لا سيما عندما تتعلق بعمالة موسمية أجنبية. ويمكن في تطبيقات قواعد البيانات التسلسلية إتاحة البيانات للعامل وصاحب العمل والسلطات القانونية، مثل إدارات الهجرة والرعاية الاجتماعية وبرامج التأمين الاجتماعي.7 وتشير التقارير إلى أن بعض الشركات تقوم باستكشاف استخدام عقود العمل الذكية للقضاء على الممارسات غير المنصفة في توظيف العمال في سلاسل القيمة الخاصة بها.45

ويمكن أيضًا للعقود الذكية أن تقلِّص كثيرًا تكاليف التأمين الزراعي (أنظر الإطار 9.4). وفي حالة المخاطر المناخية على سبيل المثال، يمكن للشركات التي تقدِّم التأمين القائم على مؤشر الطقس أن تجمع بين معلومات من مصادر متعددة (محطات الأرصاد الجوية والأقمار الاصطناعية وأجهزة الاستشعار) وتكنولوجيا قواعد البيانات التسلسلية لمعرفة ما إذا كان ينبغي سداد مدفوعات للمزارعين وتفعيلها.

قواعد البيانات التسلسلية وإمكانية التتبّع والشفافية والنتائج المستدامة

يمكن لقواعد البيانات التسلسلية أن تُيسِّر إمكانية تتبّع الأغذية في جميع مراحل سلسلة القيمة، ما يتيح الاحتفاظ بسجلات عن منشأ المنتج ومساره في جميع مراحل الإنتاج والتجهيز والتوزيع. ويمكن لزيادة القدرة على تتبّع المنتجات أن يساعد بدور مهم في كثير من الأغراض. أولًا، يمكن لتكنولوجيا قواعد البيانات التسلسلية أن تمكِّن العناصر الفاعلة من معرفة مرحلة المنتج في الوقت الحقيقي، ما يساعد على تحديد حالات التأخير، والتجاوزات والاختناقات وتحسين التنسيق. وثانيًا، يمكن أن تُسهِّل بدرجة كبيرة الإجراءات التصحيحية في حال وصول أغذية غير مأمونة إلى السوق. وأخيرًا، يمكن أن تستجيب للطلب المتزايد من المستهلكين على مزيد من المعلومات عن مكان إنتاج الأغذية وطرق إنتاجها. وباتت القدرة على تبادل هذه المعلومات وضمانها تُشكل عاملًا مهمًا لكسب ثقة المستهلكين.

ويمكن للمنتجات الغذائية أن تتلوث عرضًا في جميع مراحل سلسلة القيمة. من ذلك على سبيل المثال أن مسؤولي الصحة في الولايات المتحدة الأمريكية قضوا حوالي أسبوعين في عام 2006 لتحديد مصدر الإشريكية القولونية (إيكولاي) التي ارتبط تفشيها بالسبانخ. وفي حالة أخرى، تطلّب تحديد مصدر تفشي داء السالمونيلات المرتبط بالبابايا في عام 2017 ثلاثة أسابيع.50

وهذه الفترات ضرورية بسبب تعقيد سلسلة القيمة وحاجة كثير من أصحاب المصلحة إلى التحقق من سجلات متعددة وتتبّع كل خطوة من الخطوات السابقة في السلسلة. وفي كلتا الحالتين، كان التفشي مرتبطًا بمورِّد محدَّد؛ ولكن الوقت الذي استغرقه تحديد هوية المنتج ومكانه أدى إلى فقدان الثقة في هذه المنتجات، وإلى تخلّي المستهلكين تمامًا عن استهلاكها خوفًا من شراء أغذية غير مأمونة. وفقد مزارعون كثيرون دخلهم على الرغم من سلامة منتجاتهم. وكانت السلامة الغذائية وإمكانية التتبّع المحسَّنة الابتكارين الرئيسيين اللذين دفعا بعض سلاسل المتاجر الكبرى إلى إجراء تجارب لقواعد البيانات التسلسلية على سلاسل قيمة المنتجات (أنظر الإطار 10.4).

وتنطوي تكنولوجيا قواعد البيانات التسلسلية أيضًا على إمكانات من أجل كبح الغش المتعمد للمنتجات الغذائية. وتكون المواد الغذائية العالية القيمة أكثر عرضة لما يقوم به أصحاب النوايا السيئة من إضافة بديل أرخص إليها أو استبدالها بذلك البديل. ومن شأن زيادة الشفافية المرتبطة بتكنولوجيا قواعد البيانات التسلسلية أن يزيد على سبيل المثال من صعوبة تضخيم الوزن أو استبدال المكونات من دون اكتشاف هوية من يقوم بذلك (أنظر الإطار 11.4 لمثال على تطبيقات قواعد البيانات التسلسلية في قطاع التوابل). ويمكن لعدم القابلية للتغيير في قواعد البيانات التسلسلية أن يكون رادعًا أيضًا لممارسات سيئة متعمَّدة أخرى.

ومن شأن زيادة إمكانية التتبّع من خلال قواعد البيانات التسلسلية أن يُسهِّل التحقق من مصداقية المنتجات التي تعتمدها خطط إصدار شهادات الاستدامة (أنظر أيضًا الجزء الثاني لمناقشة حول إصدار شهادات الاستدامة في سلاسل القيمة العالمية، والجزء الثالث لمناقشة حول مشاركة المزارعين في تلك الخطط). وتوفِّر المعايير المستدامة وعمليات التوسيم معلومات للمستهلكين عن الأبعاد البيئية والاجتماعية للإنتاج ويمكن أن تسفر عن تحسين إدارة الموارد الطبيعية وإدماج المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة في الأسواق العالمية. ويمكن لتحسين إمكانية التتبّع أن يعزز الثقة ويمكِّن المستهلكين من تعديل أنماطهم الاستهلاكية، ما يؤدي بدوره إلى تغيير مخصصات الحوافز من خلال الأسواق ويمكن أن يُشجِّع على تحقيق نتائج مستدامة للجميع. وتظهر أيضًا حلول واعدة من خلال قواعد البيانات التسلسلية لمعالجة تحديات التنوع البيولوجي (أنظر الإطار 12.4).

الحواجز أمام استخدام قواعد البيانات التسلسلية

رغم إمكانات تكنولوجيا قواعد البيانات التسلسلية في سلاسل قيمة الأغذية الزراعية، فإنها لا تزال غير مستخدمة على نطاق واسع. وينبغي عدم تفسير بطء انتشارها والأخذ بها على أنه إخفاق، ذلك أن تطبيق هذه التكنولوجيا يمكن أن يستغرق عدة سنوات رغم مكاسب الإنتاجية المحتملة في كثير من الصناعات.44 ويمكن لتعقد التكنولوجيا أن يشكل عقبة أمام الأخذ بها؛ فضلًا عن المتطلبات المهمة من حيث قدرات المعالجة الحاسوبية والتكاليف المرتبطة بالاحتياجات الكبيرة من الكهرباء. وهذه مسائل من المتوقع أن تحول دون الأخذ بتكنولوجيا السجلات الموزَّعة على نطاق أوسع في المدى القريب.

وتتميَّز تكنولوجيا قواعد البيانات التسلسلية بأنها تراكمية، أي أن كلاً من المعاملات يستند إلى المعاملة الأخرى. وتتوقف مصداقية النظام على وجود كثير من أمناء السجلات لبناء آلية التوافق في الآراء والتحقق من المعاملات. ويتطلب ذلك سعة تخزينية وذاكرة حاسوبية كبيرة، ما يؤدي أيضًا إلى تسجيل المعاملات بشكل بطيء نسبيًا كون قواعد البيانات التسلسلية تحتاج إلى مزامنة المعاملات بين جميع العقد.61 وتؤدي القيود المفروضة على حجم كتل البيانات التي يمكن إنشاؤها في وقت معيَّن ومقدار تلك الكتل إلى تقييد عدد المعاملات التي يمكن إجراؤها في الثانية الواحدة في قاعدة البيانات التسلسلية.44

وقد يكون تطوير حلول قواعد البيانات التسلسلية الجديدة وتنفيذها مكلفًا. وبينما تعبّر تكاليف إدخال البيانات عن الاستثمارات التي تعود بفوائد مع مرور الوقت، من المرجح أن تواصل تكاليف الطاقة التي تتطلبها التكنولوجيا ارتفاعها، ما يؤدي إلى نتائج بيئية سلبية. ويتطلب تشغيل هذه التكنولوجيا تكاليف كبيرة بسبب الكهرباء اللازمة للتحقق من عدد متزايد من المعاملات بصورة مستمرة.61

ولا يتطلب استخدام تكنولوجيا قواعد البيانات التسلسلية معرفة رقمية أكبر مما تتطلبه تطبيقات الهواتف المحمولة، ولكن تطوير حلول قواعد البيانات التسلسلية يتطلب دراية تكنولوجية هائلة. ويجري تنفيذ كثير من تجارب قواعد البيانات التسلسلية في سلسلة قيمة الأغذية الزراعية في البلدان المتقدمة. ولا تزال البلدان النامية متخلفة عن الركب في هذا الاتجاه على الرغم من الإمكانات التي تنطوي عليها تلك التكنولوجيا بالنسبة إلى هذه البلدان. ويرجع ذلك إلى أن تطبيقات قواعد البيانات التسلسلية تتطلب إمدادات مستقرة من الكهرباء وطاقة لتشغيل الأجهزة، وذاكرة، وإمكانية النفاذ إلى إنترنت ذات سرعة عالية، وقوة عاملة ماهرة، وهي كلها عناصر قد لا تكون متوفرة في العالم النامي. ولا تمتلك جميع البلدان قوة عاملة تتمتع بالمهارات المطلوبة لاستخدام قواعد البيانات التسلسلية في أسواق المواد الزراعية الغذائية أو في سائر قطاعات الاقتصاد. ويمكن أن يؤثر ذلك على الفجوة الرقمية بين البلدان والقطاعات.

ومن المتوقع تقليص هذه الحواجز في ظل تطور التكنولوجيا. ولكن القطاعين العام والخاص سيلعبان دورًا رئيسيًا في تطويرها وتطبيقها في قطاع الأغذية والزراعة.52 وستظل مجالات التنمية التقليدية، مثل البنية التحتية والتعليم، بما في ذلك محو الأمية الرقمية، أساسية لتمكين العناصر الفاعلة من الاستفادة من رقمنة الاقتصاد وتسهيل استيعاب تكنولوجيا قواعد البيانات التسلسلية.

ويجري حاليًا تنفيذ برامج كثيرة في مجال قواعد البيانات التسلسلية في آن واحد باستخدام مختلف نُظم قواعد البيانات التسلسلية، ومعظمها في القطاع الخاص. أما حلول قواعد البيانات التسلسلية في القطاع العام، فلا تزال متخلفة عن الركب. وقد يكشف ذلك عن وجود فرصة ضائعة لزيادة كفاءة السياسات الزراعية، مثل مدفوعات الخدمات البيئية أو الامتثال لمتطلبات سلامة الأغذية وتدابير الصحة والصحة النباتية. ويتطلب دمج تكنولوجيات السجلات الموزعة تمامًا في سلاسل قيمة المواد الزراعية الغذائية إمكانية التشغيل المتبادل بين النُظم التي تستخدمها مختلف العناصر (الحكومات والمنتجون والشركاء التجاريون) وبين البلدان.

أسئلة مفتوحة ومخاطر محتملة للأسواق الزراعية والغذائية

بينما يمكن للتكنولوجيا الرقمية تحقيق مكاسب كبيرة، لا تزال هناك أسئلة كثيرة من دون إجابة. ولا يزال من الصعب توقّع الأثر الكامل للتطبيقات الرقمية على الأسواق الزراعية والغذائية.

ولا تزال التكنولوجيات الرقمية تواجه معوقات كثيرة في استخدامها على نطاق واسع، وسيكون من الأفضل استخدامها في المجالات التي يمكن أن تعود فيها بفوائد لا يمكن للتقنيات الأخرى تقديمها. وينطبق ذلك أولًا وقبل كل شيء على الحالات التي يمكن فيها معالجة إخفاقات السوق بصورة مباشرة وفعالة؛ وثانيًا في الحالات التي تحقق فيها مكاسب كبيرة في الكفاءة للجميع. وثالثًا، خاصة في حالة قواعد البيانات التسلسلية، حيثما تكون الثقة بين الأطراف مفقودة.62

وهناك تساؤلات كثيرة ومخاطر محتملة بحاجة إلى معالجة في سياق الأسواق الزراعية والغذائية. وترتبط هذه التساؤلات بآثار التكنولوجيات الرقمية على المشاركة في السوق والقضايا المتعلقة بالبيانات وقوة السوق.

المخاطر التي تؤثر على المشاركة في السوق

يمكن للتكنولوجيات الرقمية أن توفِّر عوامل التمكين لجميع العناصر الفاعلة في سلسلة القيمة - بما في ذلك المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة في البلدان النامية - عن طريق تقليص تكاليف المعاملات وتقليل الحواجز أمام دخول الأسواق. ويمكنها في الوقت نفسه أن تستبعد من السوق المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة الذين لا يستطيعون تحمّل التكاليف الأوَّلية المطلوبة للمشاركة في الاقتصاد الرقمي أو الذين يفتقرون إلى المهارات التي تمكّنهم من القيام بذلك. ويمكن للاستبعاد من الاقتصاد الرقمي أن يفاقم التحديات التي يواجهها بالفعل المزارعون أصحاب الحيازات الصغيرة وأن يزيد من تقويض قطاع الحيازات الصغيرة وسُبل معيشة ملايين الأشخاص في المناطق الريفية من البلدان النامية. ويواجه المزارعون أصحاب الحيازات الصغيرة الأمُيون بصفة خاصة مخاطر الاستبعاد من الاقتصاد الذي يشهد تحولًا رقميًا متزايدًا. وفي حين أن بعض التكنولوجيات يمكن أن يساعد على تعزيز دمج المزارعين الأمُيين (أنظر الإطار 2.4 على سبيل المثال) لا بدّ من مضاعفة الجهود لمحو الأمية تمامًا وضمان تمتع الجميع بالمهارات اللازمة لاستخدام الإنترنت على نحو كامل وفعال.

ويمكن أن يكون الاستبعاد من الأسواق نتيجة غير مقصودة للتكنولوجيات الرقمية. ويمكن أن يكون عدم الالتزام بمتطلبات العقود في قطاع الزراعة ناجمًا عن أسباب كثيرة. من ذلك على سبيل المثال أن المزارع قد لا يستطيع الوفاء بالتزاماته من حيث تقديم كميات محددة تمتثل لمعايير جودة معيَّنة بسبب ظواهر الطقس الشديدة أو الآفات أو الأمراض أو الافتقار إلى الائتمان. وفي هذه الحالة يمكن لطبيعة قواعد البيانات التسلسلية غير القابلة للتغيير والعامة والثابتة أن تضر بالمزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة الأكثر عرضة لتلك الصعوبات. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى حالات جديدة من عدم تماثل المعلومات، ويمكن أن يفضي ذلك إلى استبعاد المزارعين من الأسواق وبالتالي تقييد فرصهم في كسب العيش. ومن غير الواضح حاليًا ما إذا كانت العناصر التي تستخدم قواعد البيانات التسلسلية قادرة على التكيّف مع تلك المشاكل المحتملة وغيرها من خصوصيات زراعة الحيازات الصغيرة وكيفية تحقيق ذلك.

ومن المتوقع أن تؤثر رقمنة القطاع تأثيرًا كبيرًا على أسواق العمالة الزراعية. ويمكن للتشغيل الآلي أن يقلل أو يُلغي الحاجة إلى بعض أنواع الوظائف اليدوية في المزرعة وبعض الخدمات الوسيطة، ما يزيد من تأثير التحول الهيكلي على العمالة في المناطق الريفية. وستنحاز فرص العمل الناشئة نحو الجانب الأعلى من قاعدة المهارات. وسيلزم اكتساب مهارات أعلى تدريجيًا لمزاولة الزراعة والانخراط بفعالية في سلاسل قيمة الأغذية الزراعية في ظل اتساع انتشار التقدم التكنولوجي. وسيؤدي ذلك إلى زيادة فرص العمل لليد العاملة الماهرة، ولكنه يمكن أن يزيد من تهميش العمال ذوي المهارات المنخفضة. ولا بدّ للمشاركة بفعالية في سلاسل قيمة الأغذية الزراعية أن يكون المزارعون والعمال على حد سواء قادرين على الحصول على التكنولوجيات الرقمية، ولا بدّ أن تكون لديهم المهارات التي تمكّنهم من استخدامها. وسيكون من الأساسي تعزيز بناء القدرات ومحو الأمية الرقمية للقوة العاملة على جميع مستويات سلاسل قيمة المواد الزراعية الغذائية.

جمع البيانات ومسائل الخصوصية والفجوات التنظيمية

تتصدر إدارة البيانات الشواغل الحالية المتصلة بالتكنولوجيا الرقمية، وتُشكل أجواء عدم الثقة التي تخيِّم على مسائل البيانات عقبة كبيرة أمام رقمنة الزراعة. وقام المزارعون على امتداد عدة قرون بتوليد المعلومات في مجال الزراعة ونشرها واستخدامها. وباتت الزراعة منذ القرن التاسع عشر تعتمد على البيانات - أي المعلومات التي تم جمعها وتحليلها ونشرها. من ذلك على سبيل المثال أن إنشاء وزارة الزراعة في الولايات المتحدة في عام 1862 أفضى إلى إصدار تقارير سنوية نُشرت من خلالها، بالاستناد إلى المسوح الوطنية، معلومات عن الغلال والأسعار وممارسات الزراعة الجديدة. وفي عام 1905 عندما أنشئ المعهد الدولي للزراعة - الذي كان السلف لمنظمة الأغذية والزراعة - أتيحت معلومات عن الإنتاج والتجارة والأسعار في العالم.63

وأحدثت التكنولوجيا الرقمية ثورة في عملية جمع البيانات التي ظلت بصورة تقليدية عملية مكلفة ومطوَّلة، كما أسفرت التكنولوجيا الرقمية عن رصد البيانات الآنية وجمعها باستخدام الحواسيب والهواتف الذكية والإنترنت وأجهزة إنترنت الأشياء. وتتولَّد عن كل شخص كميات هائلة من البيانات الشخصية التي يمكن، ضمن الأُطر القانونية السليمة، أن تكون مفيدة للقطاعين العام والخاص. وتزداد باطراد كثافة استخدام البيانات في جميع القطاعات الاقتصادية، بما فيها قطاع الأغذية والزراعة.

وتختلف البيانات الضخمة عن البيانات «التناظرية» التي كان يتم جمعها وتحليلها من قبل سواءً من حيث الحجم أو الإمكانات بالنسبة إلى التحليل. ومن شأن تحليل تلك البيانات أن يُلقي أضواءً على الأنماط الخفية أو العلاقات غير المتوقعة التي يمكن أن تدعم صنع القرار. من ذلك على سبيل المثال أن تحليل بيانات الطقس والمحاصيل في قطاع الزراعة لفترة عشر سنوات في كولومبيا كشف عن أنماط محددة لآثار التقلبات المناخية على غلال الأرزّ. ويمكن لهذا التحليل أن يدعم التنبؤات الدقيقة الخاصة بمواقع معيَّنة وأن يوفِّر المشورة للمزارعين لتغيير مواعيد الزراعة والاستفادة من الطاقة الشمسية المثلى أثناء مرحلة النُضج.64

ويمكن لهذه المعلومات المناخية الذكية الخاصة بمواقع معيَّنة أن تعود بفوائد كبيرة ومستدامة على المزارعين والمجتمع بصفة عامة. وفي البلدان المتقدمة، يُشارك القطاع الخاص، مثل كبار موردي البذور والمواد الكيميائية ومصنعو الآلات الزراعية، بالفعل في هذه التطبيقات الابتكارية «للزراعة الذكية» المعتمدة على البيانات الضخمة. وقدّمت تلك الشركات استثمارات ضخمة في التكنولوجيات والخدمات الرقمية، مستفيدة من وفورات الحجم وأسهمها في السوق. وتقوم، من خلال العديد من التكنولوجيات والأجهزة الرقمية، بجمع المعلومات عن الممارسات الزراعية والعمليات التي يقوم بها عملاؤها، وكذلك بيانات عن الطقس وظروف التربة. وتقوم الشركات بمعالجة هذه البيانات وتحليلها ونقل المعرفة المنبثقة عنها إلى عملائها. وتُعزز الشركات بالتالي كفاءة الإنتاج وتوفِّر في كثير من الحالات فوائد أكبر، مثل الحفاظ على الموارد الطبيعية والحد من استخدام الأسمدة والمبيدات. ويحقق أيضًا بيع المدخلات الابتكارية وتوفير الدراية الفنية المحددة للمزارعين من خلال التكنولوجيات الرقمية عائدًا لهذه الشركات التي تحميها في كثير من الأحيان براءات الاختراع وحقوق النشر - وإلاّ لما كان لدى الشركات حافز يُشجعها على المشاركة في البحث في تلك التكنولوجيات وتطويرها.

ومع ذلك، أثارت طبيعة تلك البيانات وملكيتها مخاوف؛ والواقع أن الطيف الذي يغطي البيانات الشخصية والعامة متسع بدرجة كبيرة. فعلى أحد طرفيه توجد البيانات المفتوحة المجانية التي يمكن للجميع الحصول عليها ويمكن أن تساعد على تسريع التنمية المدفوعة بالبيانات.و وعلى الجانب الآخر، هناك البيانات الخاصة المرتبطة عمومًا بالمعلومات الشخصية للفرد التي ينبغي عدم إتاحتها إلاّ عندما يوافق الشخص على ذلك بمحض إرادته. وتُجمع من خلال التكنولوجيات الرقمية أسئلة عن ملكية البيانات عبر هذا الطيف، وينطبق ذلك مثلًا على البيانات التي يولدها جهاز إنترنت الأشياء في مزرعة ما ويعالجها ويحللها بعد ذلك موردو المدخلات أو شركات أخرى.

وتُساهم المخاوف بشأن ملكية البيانات وإمكانية نقلها والخصوصية والثقة والموثوقية في العلاقات التجارية التي تحكم الزراعة الذكية، في إحجام المزارعين عن الأخذ بالتكنولوجيات الرقمية. ويتعين بذل المزيد لإنشاء نُظم تعالج مسائل الخصوصية من دون المساس بالابتكار والتقدم التكنولوجي. ومن الأمثلة على ذلك أن منظمات المزارعين وشركات التكنولوجيا الزراعية في الولايات المتحدة الأمريكية اتفقت في عام 2014 على مجموعة من مبادئ الخصوصية والأمن للبيانات الضخمة التي تحدِّد طريقة جمع هذه المعلومات وحمايتها وتبادلها.ز ويُدرك صانعو السياسات في كثير من البلدان الحساسيات المحتملة التي ينطوي عليها استخدام بيانات المزارعين وتخزينها، ولكن من الصعب على التشريعات مواكبة وتيرة الابتكار التكنولوجي. ولم يتوقف العمل في هذا المجال، ولا يزال هناك الكثير مما ينبغي القيام به (أنظر الإطار 13.4).

المخاطر المصاحبة للسلوك غير التنافسي

المنافسة ضرورية للاستفادة من الفوائد التي توفرها الأسواق ولتعزيز النمو الاقتصادي. وينبغي للأسواق أن تكون قادرة على المنافسة من أجل المساهمة في تخصيص الموارد التي يمكنها، إلى جانب السياسات واللوائح التنظيمية الفعالة، أن تعزز التنمية المستدامة. ويمكن للتكنولوجيات الرقمية أن تؤثر على المنافسة في الأسواق الزراعية والغذائية. وتؤثر طريقة إعداد قواعد البيانات التسلسلية تحديدًا على المعلومات المتاحة للمشاركين، ويمكن أن تشمل مجموعة كبيرة من الآثار على القدرة التنافسية.

من ذلك على سبيل المثال أن قواعد البيانات التسلسلية يمكن أن تتيح الوصول إلى سجلات المعاملات التي توفِّر معلومات عن سمعة الموردين، ويمكن أن تُيسِّر بالتالي المنافسة. وبالإضافة إلى ذلك فإن استخدام توافق الآراء اللامركزي في قاعدة البيانات التسلسلية من أجل التحقق من المعاملات يتجنب آليات سيطرة الطرف الثالث التي تتطلب عمالة كثيفة وتمتلك في كثير من الأحيان قوة سوقية كبيرة. ولكن يمكن أيضًا لقواعد البيانات التسلسلية، بحكم طبيعتها، أن تكون مصمَّمة بطريقة تكفل سرّية معلومات معيَّنة.67 ويتجسَّد ذلك بوضوح في العملات المشفرة، مثل البتكوين، التي يمكن للأشخاص الذين لا يرغبون في الكشف عن هويتهم استخدامها.

ويمكن للطابع اللامركزي الذي تتسم به قواعد البيانات التسلسلية أن يحسِّن المنافسة من خلال زيادة المعلومات، ولكنه يثير أيضًا مخاوف جديدة بشأن إمكانية الانحراف عن السلوك التنافسي.44 ويمكن من حيث المبدأ أن تؤدي زيادة المعلومات والقدرة على الالتزام باتفاقات الأسعار من خلال العقود الذكية وخفض تكاليف المعاملات والوصول إلى الأسواق أن يعزز كثيرًا من المنافسة في الأسواق. وينطوي ذلك عمومًا على تراجع مخاطر السلوك التواطئي غير التنافسي، وذلك على سبيل المثال عندما تتفق الشركات في ما بينها على عرض سعر معيَّن للمزارعين من أجل زيادة أرباحها.

ومن الصعب الحصول على المعلومات في العالم التناظري بسبب عدم تماثل المعلومات. ولا يمكن للشركات مراقبة الكميات التي يشتريها منافسوها أو الأسعار المدفوعة. ولكي تتواطأ الشركات فإن عليها أن تتواصل وتوافق على تنسيق سلوكها في السوق.68 وينتفي عدم تماثل المعلومات في عالم قواعد البيانات التسلسلية، ويمكن أن يُسهِّل ذلك السلوك التواطئي وغيره من أشكال السلوك غير التنافسي بطرق عدّة.

وعند تطبيق المعلومات المتاحة في عالم قواعد البيانات التسلسلية على النماذج الاقتصادية للسلوك غير التنافسي، يتبيَّن من التحليل أن قواعد البيانات التسلسلية يمكن أن تفضي نظريًا إلى تواطؤ ضمني. ويُشير التواطؤ الضمني في هذه الحالة إلى الإجراءات غير المعلنة التي تتخذها الشركات للتقليل إلى أدنى حد من السلوك التنافسي ويمكن أن تؤثر على الأسعار أو الكميات وبالتالي الرفاه. وهذا النوع من التواطؤ يمكن أن يشبه تواطؤ التكتلات الاحتكارية.43

وتُسهِّل المعلومات المتاحة من خلال قواعد البيانات التسلسلية على الشركات استنباط سلوك منافسيها. وبالنظر إلى أن الشركات، يمكن أن تراقب إجراءات كل منها آنيًا، يمكن متابعة المعاملات وتحديد الحالات التي تنحرف فيها شركة ما عن السلوك التنافسي. ويمكن أن يتيح ذلك إمكانية التدخل لاستعادة القدرة التنافسية أو الفرصة للانضمام إلى الإجراء غير التنافسي من أجل تعظيم الأرباح، وهو ما يُشكل تواطؤًا ضمنيًا.43

ويمكن من الناحية النظرية أن يحدث التواطؤ الضمني داخل قاعدة البيانات التسلسلية إذا رأت مثلًا شركة ما شركة أخرى تقدِّم عقودًا إلى المزارعين مقابل كميات محددة بسعر منخفض، وبدلًا من ضبط مستويات الأسعار وفقًا للعرض والطلب فإنها تقترح أسعارًا أدنى للمزارعين. ويمكن لعدد الشركات المشاركة في قاعدة البيانات التسلسلية أن يؤثر على تلك النتائج النظرية. من ذلك على سبيل المثال أن عدد الشركات المشاركة في قواعد البيانات التسلسلية المفتوحة التي يمكن دخولها بدون إذن قد يكون كبيرًا بالمقارنة مع قواعد البيانات التسلسلية المقيّدة التي لا يمكن دخولها إلاّ بإذن. ومع ذلك، يمكن للشركات، في ظل تطور التكنولوجيا، أن تحصل على إمكانية معالجة كميات كبيرة من البيانات وتحليلها في قاعدة البيانات التسلسلية في الوقت شبه الحقيقي، ما يُيسِّر التواطؤ الضمني.67

ويمكن أيضًا برمجة قواعد البيانات التسلسلية عن قصد لتيسير السلوك التواطئي. وتتيح التكنولوجيا إمكانية إنشاء عقود ذكية (من خلال رمز التنفيذ الذاتي) تُنسق وتنظِّم السلوك التواطئي بين عناصر فاعلة كثيرة، ما يزيد من قدرة كل متواطئ على المشاركة في سلوك المتواطئين الآخرين.67 ويتسنى ذلك من خلال إدخال «سلاسل جانبية» تخزَّن المعلومات السرية بالتوازي مع قاعدة البيانات التسلسلية الرئيسية.

وبالإضافة إلى ذلك، يُشير بعض المحللين إلى أن العقود الذكية يمكن أن تزيد من استقرار تلك الاتفاقات التواطئية غير الضمنية. ويمكن للعقود الذكية بين الشركات أن تتضمن شروطًا تقضي بالمعاقبة تلقائيًا على الانحرافات عن السلوك التواطئي، ما يُعزز الحوافز التي تُشجِّع المشاركين على الالتزام بذلك السلوك وزيادة استقرار الاتفاق التواطئي.67

ويمكن أن تؤثر تكنولوجيا قواعد البيانات التسلسلية أيضًا على طبيعة الرقابة التنظيمية وخياراتها. وتستخدم قواعد البيانات التسلسلية أسماء مستعارة للمستخدمين ما يجعل من الصعب تحديد المشاركين وتقصّيهم. ويمكن ترميز المعاملات بحيث لا تظهر إلاّ للأطراف المعنية.67 ومن ناحية أخرى، يمكن للجهات التنظيمية المعنية بمكافحة الاحتكار والمنافسة أن تحصل على المعلومات في قواعد البيانات التسلسلية، ويمكنها بالتالي مراقبة تفاصيل سلوك السوق - وبنفس الطريقة التي يمكن من خلالها للشركات استنباط حالات الانحراف عن السلوك التنافسي، يمكن للمنظمين مراقبة السلوك الذي يعبّر عن تواطئ. غير أن الإجراءات القانونية المتخذة لمكافحة التواطؤ الضمني في قواعد البيانات التسلسلية ليست بالأمر اليسير. وستتطلب بلورة مدى قدرة المنظمين على منع التواطؤ الضمني أو تصحيحه من خلال قواعد البيانات التسلسلية بعض الوقت.

وينبغي للحكومات أن تركز على توفير بيئة تمكينية تُشجِّع الداخلين الجُدد وتُيسّر الابتكار ونشر التكنولوجيات الرقمية. ومن بين الخيارات المقترحة لمنع التواطؤ في قواعد البيانات التسلسلية أن يكون أمناء السجلات الذين يولّدون التوافق في الآراء منفصلين عن الشركات المشاركة.43 ويمكن حاليًا لمستخدمي قواعد البيانات التسلسلية القيام بدور أمين السجل ويمكنهم بذلك الحصول على جميع المعلومات المتاحة.

ويمكن أيضًا لمراجعة سلوك أمناء السجلات في قاعدة البيانات التسلسلية أو إضافة أمناء سجلات تنظيميين أن يحافظ على القدرة التنافسية. ويرى البعض إمكانية برمجة تطبيقات قواعد البيانات التسلسلية لتقييد تبادل المعلومات، ولكن ذلك سيتحقق على حساب تقليل جودة توافق الآراء ومنع استخدام العقود الذكية نظرًا إلى تعذر إمكانية التثبت من البيانات (المشفّرة).43 ومن شأن اللجوء إلى البيانات المشفّرة أن يلغي أيضًا إحدى الميزات الرئيسية لاستخدام تكنولوجيا قواعد البيانات التسلسلية، وهي زيادة الشفافية.

ويتعيّن القيام بمزيد من العمل لفهم ما تشكله التكنولوجيات الرقمية من مخاطر بالنسبة لقوة السوق وإمكانية السلوك التواطئي وكذلك المعلومات المتعلقة بالاحتكارات الرقمية بصورة أعم. وستحتاج الحكومات إلى تجهيز نفسها لتنظيم الاقتصاد الرقمي بفعالية. ومن الأهمية الملحة بلورة فهم عميق للتكنولوجيات المتطورة التي ستشكّل مستقبلنا داخل وكالات مكافحة الاحتكار والمنافسة. ويحتاج ذلك إلى الاستثمار في زيادة الكفاءات التقنية التي تحتاج إليها العناصر التنظيمية والمكلفة بالإنفاذ لفهم تكنولوجيا قواعد البيانات التسلسلية وكشف التواطؤ وردعه.

وسيلزم تطوير الأُطر القانونية قبل أن يتجاوزها الزمن وتصبح غير قادرة على معالجة المخاطر المذكورة أعلاه. ومن المهم في الوقت نفسه التأكد من أن التشريعات لا تقوِّض الاستثمار والابتكار التكنولوجي. وستشكل تلبية هذه الاحتياجات المتضاربة تحديًا من تحديات المستقبل.

الجدول ألف.1
تعاريف مجاميع الأغذية على النحو الوارد في الجزء الأول، التجارة بحسب مجاميع الأغذية
الجدول ألف. 2
تعريف مجاميع الأغذية بحسب كشوف موازين المنتجات الغذائية لمنظمة الأغذية والزراعة

مراجع الجزء الأول

1. منظمة الأغذية والزراعة. 2018. حالة أسواق السلع الزراعية 2018. تجارة المنتجات الزراعة وتغير المناخ والأمن الغذائي. روما. [النسخة العربية] 110 صفحة. (متاح أيضًا على الرابط http://www.fao.org/3/I9542ar/i9542ar.pdf).

2. منظمة التجارة العالمية. 2016. World Trade Statistical Review 2016. https://www.wto.org/english/res_e/statis_e/wts2016_e/wts2016_e.pdf.

3. المفوضية الأوروبية. 2015. Agri-food trade in 2015: China boosts EU exports. Monitoring Agri-trade Policy, MAP 2016-1. https://ec.europa.eu/info/sites/info/files/food-farming-fisheries/trade/documents/map-2016-1_en_0.pdf.

4. اللجنة الاقتصادية لأفريقيا. 2018. An empirical assessment of AfCFTA modalities on goods. https://www.uneca.org/sites/default/files/PublicationFiles/brief_assessment_of_afcfta_modalities_eng_nov18.pdf.

5. اللجنة الاقتصادية لأفريقيا وTradeMark East Africa. 2020. Creating a unified regional market. Towards the implementation of the African Continental Free Trade Area in East Africa.. اللجنة الاقتصادية لأفريقيا وTradeMark East Africa. (متاح أيضًا على الرابط https://www.uneca.org/sites/default/files/PublicationFiles/tmea_afcfta_report_5_june_2020.pdf).

6. Bennett, M.K. 1941. International Contrasts in Food Consumption. Geographical Review, 31(3): 365–376.

7. Claessens, S., Dell’Ariccia, G., Igan, D. & Laeven, L. 2010. Cross-country experiences and policy implications from the global financial crisis. Economic Policy, 25(62): 267–293.

8. Lane, P.R. & Milesi-Ferretti, G.M. 2011. The Cross-Country Incidence of the Global Crisis. IMF Economic Review, 59(1): 77–110.

9. Berkmen, S.P., Gelos, G., Rennhack, R. & Walsh, J.P. 2012. The global financial crisis: Explaining cross-country differences in the output impact. Journal of International Money and Finance, 31(1): 42–59.

10. Baquedano, F. 2020. The convergence of food diets: Characterizing consumption patterns, food diversity, and the relationship to trade. Background paper for The State of Agricultural Commodity Markets 2020. Rome, FAO.

11. Popkin, B.M. 2006. Global nutrition dynamics: The world is shifting rapidly toward a diet linked with noncommunicable diseases. The American Journal of Clinical Nutrition, 84(2): 289–298.

12. Pingali, P. 2007. Westernization of Asian diets and the transformation of food systems: Implications for research and policy. Food Policy, 32(3): 281–298.

13. Timmer, C.P. 2017. Food Security, Structural Transformation, Markets and Government Policy. Asia & the Pacific Policy Studies, 4(1): 4–19.

14. Tschirley, D., Reardon, T., Dolislager, M. & Snyder, J. 2015. The Rise of a Middle Class in East and Southern Africa: Implications for Food System Transformation. Journal of International Development, 27(5): 628–646.

15. Popkin, B.M., Adair, L.S. & Ng, S.W. 2012. Global nutrition transition and the pandemic of obesity in developing countries. Nutrition Reviews, 70(1): 3–21.

16. Khonje, M.G. & Qaim, M. 2019. Modernization of African Food Retailing and (Un)healthy Food Consumption. Sustainability, 11(16): 4306.

17. Reardon, T. & Timmer, C.P. 2012. The Economics of the Food System Revolution. Annual Review of Resource Economics, 4(1): 225–264..

18. Rischke, R., Kimenju, S.C., Klasen, S. & Qaim, M. 2015. Supermarkets and food consumption patterns: The case of small towns in Kenya. Food Policy, 52: 9–21.

19. Schmidhuber, J., Pound, J. & Qiao, B. 2020. COVID-19: Channels of transmission to food and agriculture. Rome, FAO. https://doi.org/10.4060/ca8430en

20. Torero, M. 2020. Without food, there can be no exit from the pandemic. Nature, 580 (7805): 588–589

21. WTO Press Release 855. 2020. Trade set to plunge as COVID-19 pandemic upends global economy [النسخة الإلكترونية]. https://www.wto.org/english/news_e/pres20_e/pr855_e.htm

22. منظمة الأغذية والزراعة. 2020. Keeping food and agricultural systems alive - Analyses and solutions in a period of crises - COVID-19 Pandemic. [النسخة الإلكترونية]. http://www.fao.org/2019-ncov/analysis/en/.

23. منظمة الأغذية والزراعة. 2020. أسعار السلع الغذائية تنخفض بشكل أكبر في السوق العالمية خلال أبريل/نيسان. [النسخة الإلكترونية]. http://www.fao.org/news/story/ar/item/1274213/icode/

24. The Economist. 2020. The world’s food system has so far weathered the challenge of Covid-19. The Economist. [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 21 مايو/ أيار 2020]. https://www.economist.com/briefing/2020/05/09/the-worlds-food-system-has-so-far-weathered-the-challenge-of-covid-19.

25. Financial Times. 2020. Quarter of dairy farms ‘unviable’ as virus hits demand. Financial Times. [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 20 نيسان/ أبريل 2020]. https://www.ft.com/content/5d41173a-9fc8-4201-8a19-4c10c92df3ff.

26. Orfanos, P., Naska, A., Rodrigues, S., Lopes, C., Freisling, H., Rohrmann, S., Sieri, S., Elmadfa, I., Lachat, C., Gedrich, K., Boeing, H., Katzke, V., Turrini, A., Tumino, R., Ricceri, F., Mattiello, A., Palli, D., Ocké, M., Engeset, D., Oltarzewski, M., Nilsson, L.M., Key, T. & Trichopoulou, A. 2017. Eating at restaurants, at work or at home. Is there a difference? A study among adults of 11 European countries in the context of the HECTOR* project. European Journal of Clinical Nutrition, 71(3): 407–419.

27. Binkley, J.K. 2019. Nutrition and Food Choice: Home vs. Restaurants. Journal of Consumer Affairs, 53(3): 1146–1166.

28. منظمة التجارة العالميّة. 2020. 2020. Standards, regulations and Covid-19 - What actions taken by WTO Members? https://www.wto.org/english/tratop_e/covid19_e/standards_report_e.pdf

29. منظمة الأغذية والزراعة. 2017. حالة الأغذية والزراعة 2017: تسخير النظم الغذائية من أجل تحوّل ريفي شامل. روما. [النسخة العربية] 182 صفحة. (متاح أيضًا على الرابط http://www.fao.org/3/a-i7658a.pdf).

30. Reardon, T. 2015. The hidden middle: The quiet revolution in the midstream of agrifood value chains in developing countries. Oxford Review of Economic Policy, 31(1): 45–63..

31. Fink, C., Mattoo, A. & Neagu, I.C. 2002. Assessing the Impact of Communication Costs on International Trade. World Bank Policy Research Working Paper 2929. World Bank.

32. El Bilali, H. & Allahyari, M.S. 2018. Transition towards sustainability in agriculture and food systems: Role of information and communication technologies. Information Processing in Agriculture, 5(4): 456–464.

33. Arvis, J.-F., Duval, Y., Shepherd, B., Utoktham, C. & Raj, A. 2016. Trade Costs in the Developing World: 1996–2010. World Trade Review, 15(3): 451–474.

34. Reimer, J.J. & Li, M. 2010. Trade Costs and the Gains from Trade in Crop Agriculture. American Journal of Agricultural Economics, 92(4): 1024–1039.

35. Baldwin, R. 2012. Global Supply Chains: Why They Emerged, Why They Matter, and Where They Are Going. CEPR Discussion Papers No. 9103. CEPR,

36. Osnago, A. & Tan, S. 2016. Disaggregating the Impact of the Internet on International Trade. Policy Research Working Paper 7785, World Bank.

37. Novy, D. 2013. Gravity Redux: Measuring International Trade Costs with Panel Data. Economic Inquiry, 51(1): 101–121.

38. Abeliansky, A.L. & Hilbert, M. 2017. Digital technology and international trade: Is it the quantity of subscriptions or the quality of data speed that matters? Telecommunications Policy, 41(1): 35–48.

39. Goldberg, P.K. & Pavcnik, N. 2016. The Effects of Trade Policy, NBER Working Paper No. 21957. Cambridge, Massachusetts, USA, National Bureau of Economic Research.

40. Yi, K. 2003. Can Vertical Specialization Explain the Growth of World Trade? Journal of Political Economy, 111(1): 52–102.

41. منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة التجارة العالميّة. 2017. التجارة والمعايير الغذائية. روما، منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة التجارة العالميّة. [النسخة العربية] 72 صفحة. (متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/3/I7407AR/i7407ar.pdf).

42. Wieck, C. 2018. International Trade Rules for Food Safety and Food Quality في: K. Meilke & T. Josling, eds. Handbook of International Food and Agricultural Policies, pp. 277–308. World Scientific. (متاح أيضًا على الرابط: https://www.worldscientific.com/doi/abs/10.1142/9789813226487_0011).

43. مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية والبنك الدولي. 2018. The Unseen Impact of Non-Tariff Measures: Insights from a new database. (متاح أيضًا على الرابط: https://unctad.org/en/PublicationsLibrary/ditctab2018d2_en.pdf).

44. Xiong, B. & Beghin, J. 2014. Disentangling Demand-enhancing and Trade-cost Effects of Maximum Residue Regulations. Economic Inquiry, 52(3): 1190–1203.

45. Cadot, O., Gourdon, J. & van Tongeren, F. 2018. Estimating Ad Valorem Equivalents of Non-Tariff Measures: Combining Price-Based and Quantity-Based Approaches. OECD Trade Policy Papers. Paris, OECD Publishing.. (متاح أيضًا على الرابط: http://www.oecd.org/officialdocuments/publicdisplaydocumentpdf/?cote=TAD/TC/WP(2017)12/FINAL&docLanguage=En).

46. Santeramo, F.G. & Lamonaca, E. 2019. The Effects of Non-tariff Measures on Agri-food Trade: A Review and Meta-analysis of Empirical Evidence. Journal of Agricultural Economics, 70(3): 595–617.

47. Maertens, M. & Swinnen, J.F.M. 2009. Trade, Standards, and Poverty: Evidence from Senegal. World Development, 37(1): 161–178.

48. Unnevehr, L. 2015. Food safety in developing countries: Moving beyond exports. Global Food Security, 4: 24–29.

49. Ortega, D.L. & Tschirley, D.L. 2017. Demand for food safety in emerging and developing countries: A research agenda for Asia and sub-Saharan Africa. Journal of Agribusiness in Developing and Emerging Economies, 7(1): 21–34.

50. Okpiaifo, G., Durand-Morat, A., West, G.H., Nalley, L.L., Nayga, R.M. & Wailes, E.J. 2020. Consumers’ preferences for sustainable rice practices in Nigeria. Global Food Security, 24: 100345.

51. Pham, H.V. & Dinh, T.L. 2020. The Vietnam’s food control system: Achievements and remaining issues. Food Control, 108: 106862.

52. منظمة الأغذية والزراعة. 2017. Voluntary sustainability standards in agriculture, fisheries and forestry trade. Trade Policy Brief No. 30. http://www.fao.org/3/I8843EN/i8843en.pdf.

53. منظمة الصحّة العالميّة ومنظمة الأغذية والزراعة. 2018. فهم الدستور الغذائي. النسخة الخامسة. روما، منظمة الصحّة العالميّة/منظمة الأغذية والزراعة. 52 صفحة. (متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/3/CA1176AR/ca1176ar.pdf).

54. Lu, L. & Reardon, T. 2018. An Economic Model of the Evolution of Food Retail and Supply Chains from Traditional Shops to Supermarkets to E-Commerce. American Journal of Agricultural Economics, 100(5): 1320–1335.

55. Barrett, C., Reardon, T., Swinnen, J. & Zilberman, D. 2019. Structural Transformation and Economic Development: Insights from the Agri-food Value Chain Revolution. Working Paper, Cornell University, Michigan State University, KU Leuven, and University of California-Berkeley.

56. Andam, K.S., Tschirley, D., Asante, S.B., Al-Hassan, R.M. & Diao, X. 2018. The transformation of urban food systems in Ghana: Findings from inventories of processed products. Outlook on Agriculture, 47(3): 233–243.

57. Traill, W.B. 2006. The Rapid Rise of Supermarkets? Development Policy Review, 24(2): 163–174.

58. Hawkes, C. 2005. The role of foreign direct investment in the nutrition transition. Public Health Nutrition, 8(4): 357–365.

59. Burt, S., Coe, N.M. & Davies, K. 2019. A tactical retreat? Conceptualising the dynamics of European grocery retail divestment from East Asia. International Business Review, 28(1): 177–189.

60. Roh, M. & Park, K. 2019. Adoption of O2O food delivery services in South Korea: The moderating role of moral obligation in meal preparation. International Journal of Information Management, 47: 262–273.

61. Song, G., Zhang, H., Duan, H. & Xu, M. 2018. Packaging waste from food delivery in China’s mega cities. Resources, Conservation and Recycling, 130: 226–227.

62. Nielsen. 2015. The future of grocery: E-commerce, digital technology and changing shopping preferences around the world. The Nielsen Company. https://www.nielsen.com/wp-content/uploads/sites/3/2019/04/nielsen-global-e-commerce-new-retail-report-april-2015.pdf.

63. Statista. 2019. Food Report 2019: Statista consumer market outlook. Statista.

64. Zeng, Y., Jia, F., Wan, L. & Guo, H. 2017. E-commerce in agri-food sector: A systematic literature review. International Food and Agribusiness Management Review, 20(4).

65. Effland, A. 2018. A Brief History of Food Away From Home in the United States. In M.J. Saksena, A.M. Okrent & K. S. Hamrick, eds. America’s Eating Habits: Food Away From Home, pp. 18–22. No. EIB-196. U.S. Department of Agriculture, Economic Research Service.

66. Elitzak, H. & Okrent, A.M. 2018. A retrospective of food away-from-home expenditures from 1987 to 2017. في: M.J. Saksena, A.M. Okrent & K.S. Hamrick, eds. America’s Eating Habits: Food Away from Home, pp. 23–34. No. EIB-196. U.S. Department of Agriculture, Economic Research Service.

67. McCullough, E.B., Pingali, P.L. & Stamoulis, K.G. 2008. Small Farms and the Transformation of Food Systems: An Overview. In E.B. McCullough, P.L. Pingali & K.G. Stamoulis, eds. The Transformation of Agri-Food Systems: Globalization, Supply Chains and Smallholder Farmers. FAO and Earthscan. 408 pp..

68. Reardon, T., Echeverria, R., Berdegué, J., Minten, B., Liverpool-Tasie, S., Tschirley, D. & Zilberman, D. 2019. Rapid transformation of food systems in developing regions: Highlighting the role of agricultural research & innovations. Agricultural Systems, 172: 47–59.

69. das Nair, R. 2018. The internationalisation of supermarkets and the nature of competitive rivalry in retailing in southern Africa. Development Southern Africa, 35(3): 315–333.

70. Reardon, T., Timmer, C.P., Berdegue, J. 2008. The Rapid Rise of Supermarkets in Developing Countries: Induced Organizational, Institutional and Technological Change in Agri-Food Systems. In E.B. McCullough, P.L. Pingali & K.G. Stamoulis, eds. The Transformation of Agri-Food Systems: Globalization, Supply Chains and Smallholder Farmers. FAO and Earthscan. .408 pp

71. Reardon, T., Lu, L. & Zilberman, D. 2019. Links among innovation, food system transformation, and technology adoption, with implications for food policy: Overview of a special issue. Food Policy, 83: 285–288.

72. de Soysa, I. & de Soysa, A.K. 2018. Do Globalization and Free Markets Drive Obesity among Children and Youth? An Empirical Analysis, 1990–2013. International Interactions, 44(1): 88–106.

73. منظمة الأغذية والزراعة. 2018. Trade and nutrition technical note. Trade Policy Technical Note No. 21. http://www.fao.org/3/I8545EN/i8545en.pdf.

74. Cuevas García-Dorado, S., Cornselsen, L., Smith, R. & Walls, H. 2019. Economic globalization, nutrition and health: a review of quantitative evidence. Globalization and Health, 15(1): 15.

75. Goryakin, Y., Lobstein, T., James, W.P.T. & Suhrcke, M. 2015. The impact of economic, political and social globalization on overweight and obesity in the 56 low and middle income countries. Social Science & Medicine, 133: 67–76.

76. Costa-Font, J. & Mas, N. 2016. ‘Globesity’? The effects of globalization on obesity and caloric intake. Food Policy, 64: 121–132.

77. Dreher, A. 2006. Does globalization affect growth? Evidence from a new index of globalization. Applied Economics, 38(10): 1091–1110.

78. Knutson, A. & de Soysa, I. 2019. Does social globalisation through access to information communication technologies drive obesity among youth? An empirical analysis, 1990–2013. Global Public Health, 14(12): 1911–1926.

79. Miljkovic, D., de Miranda, S.H.G., Kassouf, A.L. & Oliveira, F.C.R. 2018. Determinants of obesity in Brazil: The effects of trade liberalization and socio-economic variables. Applied Economics, 50(28): 3076–3088.

80. Lin, T.K., Teymourian, Y. & Tursini, M.S. 2018. The effect of sugar and processed food imports on the prevalence of overweight and obesity in 172 countries. Globalization and Health, 14(1): 35.

81. Krivonos, E. & Kuhn, L. 2019. Trade and dietary diversity in Eastern Europe and Central Asia. Food Policy, 88: 101767.

مراجع الجزء الثاني

1. البنك الدولي. 2019. تقرير عن التنمية في العالم 2020: التجارة من أجل التنمية في عصر سلاسل القيمة العالمية. (متاح أيضًا على الرابط: https://www.worldbank.org/en/publication/wdr2020).

2. Kreager, P. 2017. Adam Smith, the Division of Labour, and the Renewal of Population Heterogeneity. Population and Development Review, 43(3): 513–539.

3. Ruffin, R.J. 2002. David Ricardo’s Discovery of Comparative Advantage. Duke University Press. (متاح أيضًا على الرابط: http://citeseerx.ist.psu.edu/viewdoc/download?doi=10.1.1.981.984&rep=rep1&type=pdf).

4. Frankel, J.A. & Romer, D. 1999. Does Trade Cause Growth? American Economic Review, 89(3): 379–399.

5. Irwin, D.A. 2019. Does Trade Reform Promote Economic Growth? A Review of Recent Evidence. No. 25927. National Bureau of Economic Research. (متاح أيضًا على الرابط: http://www.nber.org/papers/w25927).

6. Winters, L.A. 2004. Trade Liberalisation and Economic Performance: An Overview. The Economic Journal, 114(493): F4–F21.

7. Ignatenko, A., Raei, F. & Mircheva, B. 2019. Global Value Chains: What are the Benefits and Why Do Countries Participate? No. WP/19/18. IMF. (متاح أيضًا على الرابط: https://www.imf.org/en/Publications/WP/Issues/2019/01/18/Global-Value-Chains-What-are-the-Benefits-and-Why-Do-Countries-Participate-46505).

8. Hummels, D., Ishii, J. & Yi, K.-M. 2001. The nature and growth of vertical specialization in world trade. Journal of International Economics, 54(1): 75–96.

9. Koopman, R., Wang, Z. & Wei, S.-J. 2014. Tracing Value-Added and Double Counting in Gross Exports. American Economic Review, 104(2): 459–94.

10. منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي ومنظمة التجارة العالمية. 2012. Trade in Value-Added: concepts, methodologies and challenges. (متاح أيضًا على الرابط: http://www.oecd.org/sti/ind/49894138.pdf).

11. Balié, J., Del Prete, D., Magrini, E., Montalbano, P. & Nenci, S. 2019. Does Trade Policy Impact Food and Agriculture Global Value Chain Participation of Sub-Saharan African Countries? American Journal of Agricultural Economics, 101(3): 773–789.

12. Goldberg, P.K. & Pavcnik, N. 2007. Distributional Effects of Globalization in Developing Countries. Journal of Economic Literature, 45(1): 39–82.

13. Azevedo, P. & Chaddad, F. 2006. Redesigning the Food Chain: Trade, Investment and Strategic Alliances in the Orange Juice Industry. International Food and Agribusiness Management Review, 09.

14. Pahl, S. & Timmer, M.P. 2019. Patterns of vertical specialisation in trade: Long-run evidence for 91 countries. Review of World Economics, 155(3): 459–486.

15. Lenzen, M., Moran, D., Kanemoto, K. & Geschke, A. 2013. Building EORA: A Global Multi-Region Input–Output Database at High Country and Sector Resolution. Economic Systems Research, 25(1): 20–49.

16. Dellink, R., Dervisholli, E. & Nenci, S. 2020. Quantitative Analysis of Trends in Food and Agricultural GVCs. Background paper for The State of Agricultural Commodity Markets 2020. Rome, FAO.

17. مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية. 2019. World Investment Report 2019: Special Economic Zones. United Nations Conference on Trade and Development (UNCTAD) World Investment Report (WIR). UN. (متاح أيضًا على الرابط: https://www.un-ilibrary.org/economic-and-social-development/world-investment-report-2019_8a8d05f9-en).

18. Constantinescu, C., Mattoo, A. & Ruta, M. 2015. The Global Trade Slowdown: Cyclical or Structural? The World Bank Economic Review, 34(1): 121-142.

19. Alesina, A., Spolaore, E. & Wacziarg, R. 2005. Trade, Growth and the Size of Countries. Handbook of Economic Growth, pp. 1499–1542. Elsevier. (متاح أيضًا على الرابط: https://econpapers.repec.org/bookchap/eeegrochp/1-23.htm).

20. مصرف التنمية الأفريقي ومنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. 2014. African Economic Outlook 2014: Global Value Chains and Africa’s Industrialisation. Paris, OECD Publishing. (متاح أيضًا على الرابط: https://www.oecd-ilibrary.org/development/african-economic-outlook-2014_aeo-2014-en).

21. Auffret, P. 2003. Trade reform in Vietnam : opportunities with emerging challenges. 
No. WPS3076. World Bank. (متاح أيضًا على الرابط: http://documents.worldbank.org/curated/en/724241468781156356/Trade-reform-in-Vietnam-opportunities-with-emerging-challenges).

22. المفوضية الأوروبية. 2018. he Food and Beverage Market Entry Handbook: Vietnam.
 في Chafea–European Commission [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 1 مايو/أيار 2020]. https://ec.europa.eu/chafea/agri/en/content/food-and-beverage-market-entry-handbook-vietnam-0.

23. Fagerberg, J., Lundvall, B.-Å. & Srholec, M. 2018. Global Value Chains, National Innovation Systems and Economic Development. The European Journal of Development Research, 30(3): 533–556.

24. Constantinescu, C., Mattoo, A. & Ruta, M. 2019. Does vertical specialisation increase productivity? The World Economy, 42(8): 2385–2402.

25. Del Prete, D., Giovannetti, G. & Marvasi, E. 2017. Global value chains participation and productivity gains for North African firms. Review of World Economics, 153(4): 675–701.

26. Montalbano, P. & Nenci, S. 2020. The effects of GVC participation on the economic growth of the agricultural and food sectors. Background paper for The State of Agricultural Commodity Markets 2020. Rome, FAO.

27. Lopez Gonzalez, J. 2016. Using Foreign Factors to Enhance Domestic Export Performance: A Focus on Southeast Asia. OECD Trade Policy Papers No. 191 (متاح أيضًا على الرابط: https://www.oecd-ilibrary.org/trade/using-foreign-factors-to-enhance-domestic-export-performance_5jlpq82v1jxw-en).

28. Kasahara, H. & Rodrigue, J. 2008. Does the use of imported intermediates increase productivity? Plant-level evidence. Journal of Development Economics, 87(1): 106–118.

29. Halpern, L., Koren, M. & Szeidl, A. 2015. Imported Inputs and Productivity. American Economic Review, 105(12): 3660–3703.

30. Topalova, P. & Khandelwal, A. 2011. Trade Liberalization and Firm Productivity: The Case of India. The Review of Economics and Statistics, 93(3): 995–1009.

31. Amiti, M. & Konings, J. 2007. Trade Liberalization, Intermediate Inputs, and Productivity: Evidence from Indonesia. American Economic Review, 97(5): 1611–1638.

32. Montalbano, P., Nenci, S. & Pietrobelli, C. 2018. Opening and linking up: firms, GVCs, and productivity in Latin America. Small Business Economics, 50(4): 917–935.

33. منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي. 2019. Agricultural Policy Monitoring and Evaluation 2019.. Paris, OECD Publishing. 190 صفحة. (متاح أيضًا على الرابط: https://www.oecd-ilibrary.org/content/publication/39bfe6f3-en).

34. Atkin, D. & Khandelwal, A. 2019. How Distortions Alter the Impacts of International Trade in Developing Countries. No. 26230. Cambridge, Massachusetts, USA, National Bureau of Economic Research Working Paper. (متاح أيضًا على الرابط: http://www.nber.org/papers/w26230).

35. Harrison, A. & Rodríguez-Clare, A. 2010. Trade, Foreign Investment, and Industrial Policy for Developing Countries. في D. Rodrik & M. Rosenzweig, eds. Handbook of Development Economics, pp. 4039–4214. Handbooks in Economics. Elsevier. (متاح أيضًا على الرابط: http://www.sciencedirect.com/science/article/pii/B978044452944200001X).

36. Winters, L.A., McCulloch, N. & McKay, A. 2004. Trade Liberalization and Poverty: the The Evidence so Far. Journal of Economic Literature, 62: 72–115.

37. Salvatici, L. 2020. Assessing the impact of trade and other policies on GVC participation, positioning and vertical specialization in agriculture and food. Background paper for The State of Agricultural Commodity Markets 2020. Rome, FAO.

38. Greenville, J., Kawasaki, K. & Jouanjean, M.-A. 2019. Value Adding Pathways in Agriculture and Food Trade: The Role of GVCs and Services. OECD Food, Agriculture and Fisheries Papers No. 123. Paris, OECD Publishing. (متاح أيضًا على الرابط: https://www.oecd-ilibrary.org/agriculture-and-food/value-adding-pathways-in-agriculture-and-food-trade_bb8bb93d-en).

39. Johnson, R.C. & Noguera, G. 2017. A Portrait of Trade in Value-Added over Four Decades. The Review of Economics and Statistics, 99(5): 896–911.

40. Greenville, J., Kawasaki, K., Flaig, D. & Carrico, C. 2019. Influencing GVCs through Agro-Food Policy and Reform. OECD Food, Agriculture and Fisheries Papers No. 125. Paris, OECD Publishing. (متاح أيضًا على الرابط: https://www.oecd-ilibrary.org/agriculture-and-food/influencing-gvcs-through-agro-food-policy-and-reform_9ce888e0-en).

41. Fontagné, L. & Santoni, G. 2018. GVCs and the Endogenous Geography of RTAs. No. 2018–05. Paris, CEPII (متاح أيضًا على الرابط: https://hal.archives-ouvertes.fr/hal-01763563).

42. منظمة التجارة العالمية. 2015. World Trade Report 2015: Speeding up trade: benefits and challenges of implementing the WTO Trade Facilitation Agreement. [ورد ذكره في 6 مارس/آذار 2020]. https://www.wto.org/english/res_e/publications_e/wtr15_e.htm.

43. Beverelli, C., Neumueller, S. & Teh, R. 2015. Export Diversification Effects of the WTO Trade Facilitation Agreement. World Development, 76: 293–310.

44. Johnson, R.C. & Noguera, G. 2016. A Portrait of Trade in Value Added over Four Decades. National Bureau of Economic Research Working Paper No. 22974. (متاح أيضًا على الرابط: http://www.nber.org/papers/w22974).

45. Pearce, B. 2020. COVID-19 Wider economic impact from air transport collapse. Paper presented at IATA Media Briefing, 7 April 2020. https://www.iata.org/en/iata-repository/publications/economic-reports/covid-19-wider-economic-impact-from-air-transport-collapse/.

46. منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحّة العالمية ومنظمة التجارة العالميّة. 2020. تخفيف آثار كوفيد-19 على تجارة الأغذية والأسواق [النسخة الإلكترونية]. http://www.fao.org/news/story/ar/item/1268969/icode/.

47. منظمة الأغذية والزراعة والصندوق الدولي للتنمية الزراعية والبنك الدولي وبرنامج الأغذية العالمي. 2020. بيان مشترك حول تأثيرات كوفيد-19 على الأمن الغذائي والتغذية. [النسخة الإلكترونية]. http://www.fao.org/news/story/ar/item/1272160/icode/.

48. مجموعة العشرين. 2020. G20 Extraordinary Agriculture Ministers Meeting. [النسخة الإلكترونية]. https://g20.org/en/media/Documents/G20_Agriculture%20Ministers%20Meeting_Statement_EN.pdf.

49. منظمة التجارة العالمية. 2020. Responding to the COVID-19 Pandemic with open and predicatable trade in agricultural and food products. https://docs.wto.org/dol2fe/Pages/SS/directdoc.aspx?filename=Q:/WT/GC/208R2.pdf [النسخة الإلكترونية].

50. Reardon, T. 2015. The hidden middle: The quiet revolution in the midstream of agrifood value chains in developing countries. Oxford Review of Economic Policy, 31(1): 45–63.

51. Reardon, T., Chen, K., Minten, B. & Adriano, L. 2012. The Quiet Revolution in Staple Food Value Chains: Enter the Dragon, the Elephant, and the Tiger. Asian Development Bank. (متاح أيضًا على الرابط: https://think-asia.org/handle/11540/93).

52. Allen, T., Heinrigs, P. & Heo, I. 2018. Agriculture, Food and Jobs in West Africa.
West African Papers No. 14. Paris, OECD Publishing.. (متاح أيضًا على الرابط: https://www.oecd-ilibrary.org/content/paper/dc152bc0-en).

53. Yi, K. 2003. Can Vertical Specialization Explain the Growth of World Trade? Journal of Political Economy, 111(1): 52–102.

54. Diakantoni, A., Escaith, H., Roberts, M. & Verbeet, T. 2017. Accumulating trade costs and competitiveness in global value chains. WTO Staff Working Paper No. ERSD-2017-02. Geneva, WTO. (متاح أيضًا على الرابط: http://hdl.handle.net/10419/152255).

55. Taglioni, D. & Winkler, D. 2016. Making Global Value Chains Work for Development. Trade and Development. World Bank. 286 pp. (متاح أيضًا على الرابط: https://elibrary.worldbank.org/doi/abs/10.1596/978-1-4648-0157-0).

56. Baldwin, R. 2012. Global Supply Chains: Why They Emerged, Why They Matter, and Where They Are Going. CEPR Discussion Papers No. 9103. CEPR.

57. المفوضية الأوروبية. 2019. The EU-Mercosur Trade Agreement explained. [النسخة الإلكترونية]. https://ec.europa.eu/trade/policy/in-focus/eu-mercosur-association-agreement/agreement-explained/.

58. Kuntze, J.-C. & Moerenhout, T. 2013. Local Content Requirements and the Renewable Energy Industry: A Good Match. International Centre for Trade and Sustainable Development. (متاح أيضًا على الرابط: http://www.ictsd.org/sites/default/files/research/2013/06/local-content-requirements-and-the-renewable-energy-industry-a-good-match.pdf).

59. Silvestre, B.S. 2015. Sustainable supply chain management in emerging economies: Environmental turbulence, institutional voids and sustainability trajectories. International Journal of Production Economics, 167: 156–169.

60. Li, D., Wang, X., Chan, H.K. & Manzini, R. 2014. Sustainable food supply chain management. Sustainable Food Supply Chain Management, 152: 1–8.

61. Neven, D. 2014. Developing Sustainable Food Value Chains: Guiding Principles روما. منظمة الأغذية والزراعة (متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/sustainable-food-value-chains/library/details/en/c/265156/).

62. Nepstad, D.C., Stickler, C.M. & Almeida, O.T. 2006. Globalization of the Amazon Soy and Beef Industries: Opportunities for Conservation. Conservation Biology, 20(6): 1595–1603.

63. Miranda, J., Börner, J., Kalkuhl, M. & Soares-Filho, B. 2019. Land speculation and conservation policy leakage in Brazil. Environmental Research Letters, 14(4): 045006.

64. Nascimento, N., West, T.A.P., Börner, J. & Ometto, J. 2019. What Drives Intensification of Land Use at Agricultural Frontiers in the Brazilian Amazon? Evidence from a Decision Game. Forests, 10(6): 464.

65. Gibbs, H.K., Rausch, L., Munger, J., Schelly, I., Morton, D.C., Noojipady, P., Soares-Filho, B., Barreto, P., Micol, L. & Walker, N.F. 2015. Brazil’s Soy Moratorium. Science, 347(6220): 377–378.

66. Soterroni, A.C., Ramos, F.M., Mosnier, A., Fargione, J., Andrade, P.R., Baumgarten, L., Pirker, J., Obersteiner, M., Kraxner, F., Câmara, G., Carvalho, A.X.Y. & Polasky, S. 2019. Expanding the Soy Moratorium to Brazil’s Cerrado. Science Advances, 5(7): eaav7336.

67. منظمة الأغذية والزراعة. 2016. حالة الغابات في العالم 2016. الغايات والزراعة: استخدام الأراضي والتحديات والفرص. روما. 128 صفحة.

68. مركز التجارة الدولية. 2018. The State of Sustainable Markets 2018: Statistics and Emerging Trends. Geneva, International Trade Centre. (متاح أيضًا على الرابط: http://www.intracen.org/publication/The-State-of-Sustainable-Markets-2018-Statistics-and-Emerging-Trends/).

69. منظمة التجارة العالمية. 2015. The Role of Trade in Ending Poverty. WTO. (متاح أيضًا على الرابط: https://www.wto-ilibrary.org/development-and-building-trade-capacity/the-role-of-trade-in-ending-poverty_6aef2887-en).

70. Acharya, S. 2015. Trade Liberalization. In J. Hölscher & H. Tomann, eds. Palgrave Dictionary of Emerging Markets and Transition Economics, pp. 393–412. London, Palgrave Macmillan UK. (متاح أيضًا على الرابط: https://doi.org/10.1007/978-1-137-37138-6_21).

71. Artuc, E., Porto, G. & Rijkers, B. 2019. Household Impacts of Tariffs: Data and Results from Agricultural Trade Protection. Policy Research Working Papers. The World Bank. 40 pp. (متاح أيضًا على الرابط: https://elibrary.worldbank.org/doi/abs/10.1596/1813-9450-9045).

72. Rodrik, D. 2018. New Technologies, Global Value Chains, and Developing Economies. No. 25164. Cambridge, Massachusetts, USA, NBER. (متاح أيضًا على الرابط: http://www.nber.org/papers/w25164).

73. Pahl, S. & Timmer, M.P. 2019. Do Global Value Chains Enhance Economic Upgrading? A Long View
Journal of Development Economics. [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 14 أبريل/نيسان 2020]. https://www.tandfonline.com/doi/full/10.1080/00220388.2019.1702159

74. Cattaneo, O., Gereffi, G., Miroudot, S. & Taglioni, D. 2013. Joining, Upgrading and Being Competitive in Global Value Chains: A Strategic Framework. WPS6406. The World Bank. (متاح أيضًا على الرابط: http://elibrary.worldbank.org/doi/book/10.1596/1813-9450-6406).

75. منظمة الأغذية والزراعة. 2017. مستقبل الأغذية والزراعة - الاتجاهات والتحديات. روما. منظمة الأغذية والزراعة.

76. Reardon, T., Barrett, C.B., Berdegué, J.A. & Swinnen, J.F.M. 2009. Agrifood Industry Transformation and Small Farmers in Developing Countries. World Development, 37(11): 1717–1727.

77. Reardon, T., Lu, L. & Zilberman, D. 2019. Links among innovation, food system transformation, and technology adoption, with implications for food policy: Overview of a special issue. Food Policy, 83: 285–288.

78. Carletto, C., Corral, P. & Guelfi, A. 2017. Agricultural commercialization and nutrition revisited: Empirical evidence from three African countries. Food Policy, 67: 106–118.

79. Marrón-Ponce, J.A., Tolentino-Mayo, L., Hernández-F, M. & Batis, C. 2019. Trends in Ultra-Processed Food Purchases from 1984 to 2016 in Mexican Households. Nutrients, 11(1): 45.

80. Royo-Bordonada, M.Á., Fernández-Escobar, C., Simón, L., Sanz-Barbero, B. & Padilla, J. 2019. Impact of an excise tax on the consumption of sugar-sweetened beverages in young people living in poorer neighbourhoods of Catalonia, Spain: a difference in differences study. BMC Public Health, 19(1): 1553.

81. Malik V.S., Popkin B.M., Bray G.A., Després J-P & Hu F.B. 2010. Sugar-Sweetened Beverages, Obesity, Type 2 Diabetes Mellitus, and Cardiovascular Disease Risk. Circulation, 121(11): 1356–1364.

82. Colchero, M.A., Popkin, B.M., Rivera, J.A. & Ng, S.W. 2016. Beverage purchases from stores in Mexico under the excise tax on sugar sweetened beverages: Observational study. BMJ, 352.

83. Aburto, T.C., Pedraza, L.S., Sánchez-Pimienta, T.G., Batis, C. & Rivera, J.A. 2016. Discretionary Foods Have a High Contribution and Fruit, Vegetables, and Legumes Have a Low Contribution to the Total Energy Intake of the Mexican Population. The Journal of Nutrition, 146(9): 1881S–7S.

84. منظمة الأغذية والزراعة. 2019. The impact of Chile’s food labeling law. [النسخة الإلكترونية]. 
[ورد ذكره في 20 مايو/أيار 2020]. http://www.fao.org/partnerships/news-archive/news-article/en/c/1195359/.

85. Gómez, M., Meemken, E. & Verteramo, L. 2020. Promoting Social and Environmental Sustainability in Agricultural Value Chains. Background paper for The State of Agricultural Commodity Markets 2020. Rome, FAO.

86. Taillie, L.S., Reyes, M., Colchero, M.A., Popkin, B. & Corvalán, C. 2020. An evaluation of Chile’s Law of Food Labeling and Advertising on sugar-sweetened beverage purchases from 2015 to 2017: A before-and-after study. PLoS Medicine, 17(2).

87. Tayleur, C., Balmford, A., Buchanan, G.M., Butchart, S.H.M., Ducharme, H., Green, R.E., Milder, J.C., Sanderson, F.J., Thomas, D.H.L., Vickery, J. & Phalan, B. 2017. Global Coverage of Agricultural Sustainability Standards, and Their Role in Conserving Biodiversity. Conservation Letters, 10(5): 610–618.

88. Bailey, M., Bush, S.R., Miller, A. & Kochen, M. 2016. The role of traceability in transforming seafood governance in the global South. Current Opinion in Environmental Sustainability, 18: 25–32.

89. Krishnan, A. 2018. The origin and expansion of regional value chains: The case of Kenyan horticulture. Global Networks, 18(2): 238–263.

90. Beghin, J.C., Maertens, M. & Swinnen, J. 2015. Nontariff Measures and Standards in Trade and Global Value Chains. Annual Review of Resource Economics, 7(1): 425–450.

91. DeFries, R.S., Fanzo, J., Mondal, P., Remans, R. & Wood, S.A. 2017. Is voluntary certification of tropical agricultural commodities achieving sustainability goals for small-scale producers? A review of the evidence. Environmental Research Letters, 12(3): 033001.

92. Oya, C., Schaefer, F. & Skalidou, D. 2018. The effectiveness of agricultural certification in developing countries: A systematic review. World Development, 112: 282–312.

93. Swinnen, J. 2016. Economics and politics of food standards, trade, and development. Agricultural Economics, 47(S1): 7–19.

94. . Hazell, P., Poulton, C., Wiggins, S. & Dorward, A. 2010. The Future of Small Farms: Trajectories and Policy Priorities. World Development, 38(10): 1349–1361.

95. منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي والبنك الدولي. 2016. Inclusive Global Value Chains: Policy Options in Trade and Complementary Areas for GVC Integration by Small and Medium Enterprises and Low-Income Developing Countries. 107 pp. (متاح أيضًا على الرابط: https://www.oecd-ilibrary.org/content/publication/9789264249677-en).

96. Reardon, T. & Timmer, C.P. 2012. The Economics of the Food System Revolution. Annual Review of Resource Economics, 4(1): 225–264.

97. منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي. 2018. Concentration in Seed Markets. 236 pp. Paris, OECD Publishing. (متاح أيضًا على الرابط: https://www.oecd-ilibrary.org/content/publication/9789264308367-en).

98. Hernandez, M.A. & Torero, M. 2013. Market concentration and pricing behavior in the fertilizer industry: A global approach. Agricultural Economics, 44(6): 723–734.

99. Clapp, J. 2015. ABCD and beyond: From grain merchants to agricultural value chain managers. Canadian Food Studies / La Revue canadienne des études sur l’alimentation, 2(2).

100. Fuglie, K., Heisey, P., King, J., Pray, C.E., Rubenstein, K.D., Schimmelpfennig, D., Wang, S.L. & Karmarkar-Deshmukh, R. 2011. Research Investments and Market Structure in the Food Processing, Agricultural Input, and Biofuel Industries Worldwide. No. ERR-130. USDA Economic Research Service. (متاح أيضًا على الرابط: http://www.ers.usda.gov/publications/pub-details/?pubid=44954).

101. . Zilberman, D., Lu, L. & Reardon, T. 2019. Innovation-induced food supply chain design. Food Policy, 83: 289–297.

102. Swinnen, J. 2020. Competition, Market Power, Surplus Creation and Rent Distribution in Agri-Food Value Chains. Background paper for The State of Agricultural Commodity Markets 2020. Rome, FAO.

103. Sexton, R.J. & Xia, T. 2018. Increasing Concentration in the Agricultural Supply Chain: Implications for Market Power and Sector Performance. Annual Review of Resource Economics, 10(1): 229–251.

104. Sheldon, I.M. 2017. The competitiveness of agricultural product and input markets: A review and synthesis of recent research. Journal of Agricultural and Applied Economics, 49(1): 1–44.

105. Fałkowski, J., Ménard, C., Sexton, R.J., Swinnen, J. & Vandevelde, S. 2017. Unfair trading practices in the food supply chain: A literature review on methodologies, impacts and regulatory aspects. European Commission, Joint Research Centre.

106. Deconinck, K. (forthcoming). Market concentration and market power in the food chain. No. TAD/CA/APM/WP(2019)30/REV1. Paris, OECD.

107. Dillon, B. & Barrett, C.B. 2017. Agricultural factor markets in sub-Saharan Africa: An updated view with formal tests for market failure. Food Policy, 67: 64–77.

مراجع الجزء الثالث

1. Timmer, C.P. & Selvin, A. 2008. The Structural Transformation as a Pathway out of Poverty: Analytics, Empirics and Politics. Working Paper No. 150. Center for Global Development. (متاح أيضًا على الرابط: https://www.cgdev.org/sites/default/files/16421_file_structural_transformation.pdf).

2. Sen, A. 2001. Development as Freedom. Oxford, UK, and New York, USA, Oxford University Press. 366 pp.

3. Barrett, C.B. 2008. Smallholder market participation: Concepts and evidence from eastern and southern Africa. Food Policy, 33(4): 299–317

4. Jayne, T.S., Zulu, B. & Nijhoff, J.J. 2006. Stabilizing food markets in eastern and southern Africa. Food Policy, 31(4): 328–341.

5. Rapsomanikis, G. 2014. The economic lives of smallholder farmers: An analysis based on household data from nine countries.. Rome, FAO.

6. Feed the Future: The US Governments’ Global Hunger and Food Security Initiative. (متاح على الرابط: https://www.feedthefuture.gov/article/from-plant-to-plate-kenya-s-national-horticulture-traceability-system/).

7. Minten, B., Tamru, S., Engida, E. & Kuma, T. 2016. Transforming Staple Food Value Chains in Africa: The Case of Teff in Ethiopia. The Journal of Development Studies, 52(5): 627–645.

8. Omamo, S.W. 1998. Farm‐to‐market transaction costs and specialisation in small‐scale agriculture: Explorations with a non‐separable household model. Journal of Development Studies, 35(2): 152–163.

9. Gourlay, S., Kilic, T. & Lobell, D.B. 2019. A new spin on an old debate: Errors in farmer-reported production and their implications for inverse scale-productivity relationship in Uganda. Journal of Development Economics, 141: 102376.

10. Jensen, R. 2000. Agricultural Volatility and Investments in Children. American Economic Review, 90(2): 399–404.

11. Gitter, S.R. & Barham, B.L. 2007. Credit, Natural Disasters, Coffee, and Educational Attainment in Rural Honduras. World Development, 35(3): 498–511.

12. Lowder, S.K., Sánchez, M.V. & Bertini, R. 2019. Farms, family farms, farmland distribution and farm labour: What do we know today? FAO Agricultural Development Economics Working Paper 19-08.. Rome, FAO.

13. Eastwood, R., Lipton, M. & Newell, A. 2008. Farm size. In R. Evenson, & P. Pingali, eds. Handbook of Agricultural Economics, 4:3323–3397. North-Holland..

14. Masters, W.A., Djurfeldt, A.A., De Haan, C., Hazell, P., Jayne, T., Jirström, M. & Reardon, T. 2013. Urbanization and farm size in Asia and Africa: Implications for food security and agricultural research. Global Food Security, 2(3): 156–165.

15. إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة. 2019. World urbanization prospects: the 2018 revision. نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية، الأمم المتحدة (متاح أيضًا على الرابط: https://doi.org/10.18356/b9e995fe-en).

16. Ravallion, M. & van de Walle, D. 2003. Land allocation in Vietnam’s agrarian transition. Policy Research Working Paper No. 2951. World Bank.

17. Diao, X., McMillan, M. & Rodrik, D. 2019. The Recent Growth Boom in Developing Economies: A Structural-Change Perspective. In M. Nissanke & J.A. Ocampo, eds. The Palgrave Handbook of Development Economics: Critical Reflections on Globalisation and Development, pp. 281–334. Cham, Springer International Publishing. (متاح أيضًا على الرابط: https://doi.org/10.1007/978-3-030-14000-7_9).

18. Ogutu, S.O. & Qaim, M. 2019. Commercialization of the small farm sector and multidimensional poverty. World Development, 114: 281–293.

19. Tyrivayi, N., Knowles, M. & Davis, B. 2016. The interaction between social protection and agriculture: A review of evidence, Global Food Security, 10:23-62).. Rome, FAO. (متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/3/a-i3563e.pdf).

20. البنك الدولي. 2013. IFC jobs study : Assessing private sector contributions to job creation and poverty reduction. Washington, D.C., World Bank Group. (متاح أيضًا على الرابط: http://documents.worldbank.org/curated/en/157191468326714061/IFC-jobs-study-assessing-private-sector-contributions-to-job-creation-and-poverty-reduction).

21. منظمة العمل الدولية. 2017. World Employment and Social Outlook 2017 – Sustainable enterprises and jobs: Formal enterprises and decent work. Geneva, International Labour Office, p. 147. (متاح أيضًا على الرابط: https://www.ilo.org/wcmsp5/groups/public/---dgreports/---dcomm/---publ/documents/publication/wcms_579893.pdf).

22. البنك الدولي. 2014. The Big Business of Small Enterprises: Evaluation of the World Bank Group Experience with Targeted Support to Small and Medium-Size Enterprises, 2006-12. Washington, D.C., World Bank Publications. 261 pp.

23. Ilie, E., Kelly, S. & Fall, A. Forthcoming. The role of small and medium agri-food enterprises in rural transformation: The case of rice processors in Senegal. Rome, FAO.

24. Reardon, T., Tschirley, D., Minten, B., Haggblade, S., Tasie-Liverpool, L., Dolislager, M., Snyder, J. & Ilumba, C. 2015. Transformation of African Agrifood Systems in the New Era of Rapid Urbanization and the Emergence of a Middle Class. Addis Ababa, International Food Policy Research Institute. (متاح أيضًا على الرابط: https://www.ifpri.org/publication/transformation-african-agrifood-systems-new-era-rapid-urbanization-and-emergence-middle).

25. منظمة الأغذية والزراعة. 2017. حالة الأغذية والزراعة 2017. تسخير النظم الغذائية من أجل تحوّل ريفي شامل. روما. [النسخة العربية] 182 صفحة. (متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/3/a-i7658a.pdf).

26. Kelly, S., Vergara, N. & Bammann, H. 2015. Inclusive business models: Guidelines for improving linkages between producer groups and buyers of agricultural produce. Rome. FAO. (متاح أيضًا على الرابط: https://agris.fao.org/agris-search/search.do?recordID=XF2017000234).

27. Eskesen, A., Desai, N. & Agrawal, R. 2014. Small and Medium Enterprises in the Agriculture Value Chain: Opportunities and Recommendations. (متاح أيضًا على الرابط: https://www.issuelab.org/resource/small-and-medium-enterprises-in-the-agriculture-value-chain-opportunities-and-recommendations.html).

28. Reardon, T. & Berdegué, J.A. 2002. The Rapid Rise of Supermarkets in Latin America: Challenges and Opportunities for Development. Development Policy Review, 20(4): 371–388.

29. Weatherspoon, D.D. & Reardon, T. 2003. The Rise of Supermarkets in Africa: Implications for Agrifood Systems and the Rural Poor. Development Policy Review, 21(3): 333–355.

30. Rösler, U., Hollmann, D., Naguib, J., Oppermann, A. & Rosendahl, C. 2013. Inclusive business models Options for support through PSD programmes. Bonn, Germany, Deutsche Gesellschaft für Internationale Zusammenarbeit (GIZ). (متاح أيضًا على الرابط: https://www.enterprise-development.org/wp-content/uploads/131014_giz_ib-models_rz_01_web.pdf).

31. المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية. 2017. Global Food Policy Report. Washington, DC, International Food Policy Research Institute. (متاح أيضًا على الرابط: http://ebrary.ifpri.org/cdm/ref/collection/p15738coll2/id/131085).

32. White, S. 2018. Creating Better Business Environments for Micro and Small Enterprises. Cambridge, UK, Donor Committee for Enterprise Development. (متاح أيضًا على الرابط: https://www.enterprise-development.org/wp-content/uploads/DCED-BEWG-BER-and-MSEs-Report-FINAL.pdf).

33. منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي. 2017. Small, Medium, Strong. Trends in SME Performance and Business Conditions. OECD Publishing, Paris. 120 pp. (متاح أيضًا على الرابط: https://read.oecd-ilibrary.org/industry-and-services/small-medium-strong-trends-in-sme-performance-and-business-conditions_9789264275683-en).

34. Vandenberg, P. 2006. Poverty Reduction through Small Enterprises: Emerging Consensus, Unresolved Issues and ILO Activities. SEED Working Paper No. 75. Geneva, ILO. (متاح أيضًا على الرابط: https://www.ilo.org/wcmsp5/groups/public/---ed_emp/---emp_ent/documents/publication/wcms_093981.pdf).

35. Schiffer, M. & Weder, B. 2001. Firm size and the business environment : Worldwide survey results. International Finance Corporation Discussion Paper No. IFD43. Washington, D.C., The World Bank. (متاح أيضًا على الرابط: http://documents.worldbank.org/curated/en/574601468739143195/Firm-size-and-the-business-environment-worldwide-survey-results).

36. Ibarraran, P., Maffioli, A. & Stucchi, R. 2009. SME Policy and Firms’ Productivity in Latin America. IZA Discussion Paper No. 4486. Rochester, New York, USA, Social Science Research Network.. (متاح أيضًا على الرابط: https://papers.ssrn.com/abstract=1493862).

37. Grosh, B. 1994. Contract Farming in Africa: An Application of the New Institutional Economics. Journal of African Economies, 3(2): 231–261.

38. . Eaton, C. & Shepherd, A.W. 2001. Contract farming partnerships for growth. FAO Agricultural Services Bulletin 145. Rome, FAO. (متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/3/y0937e/y0937e00.pdf).

39. Bellemare, M.F. 2012. As You Sow, So Shall You Reap: The Welfare Impacts of Contract Farming. World Development, 40(7): 1418–1434.

40. Bellemare, M.F. & Novak, L. 2017. Contract Farming and Food Security. American Journal of Agricultural Economics, 99(2): 357–378.

41. Bellemare, M.F. 2012. As You Sow, So Shall You Reap: The Welfare Impacts of Contract Farming. World Development, 40(7): 1418–1434.

42. Ton, G., Vellema, W., Desiere, S., Weituschat, S. & D’Haese, M. 2018. Contract farming for improving smallholder incomes: What can we learn from effectiveness studies? World Development, 104: 46–64.

43. Warning, M. & Key, N. 2002. The Social Performance and Distributional Consequences of Contract Farming: An Equilibrium Analysis of the Arachide de Bouche Program in Senegal. World Development, 30(2): 255–263.

44. Wang, H., Moustier, P. & Loc, N.T.T. 2014. Economic impact of direct marketing and contracts: The case of safe vegetable chains in northern Vietnam. Food Policy, 47: 13–23.

45. Miyata, S., Minot, N. & Hu, D. 2009. Impact of Contract Farming on Income: Linking Small Farmers, Packers, and Supermarkets in China. World Development, 37(11): 1781–1790.

46. Michelson, H.C. 2013. Small Farmers, NGOs, and a Walmart World: Welfare Effects of Supermarkets Operating in Nicaragua. American Journal of Agricultural Economics, 95(3): 628–649.

47. Bellamare, M.F., Lee, Y.N. & Novak, L. 2017. Contract Farming as Partial Insurance. Working Paper. University of Minnesota.

48. Saenger, C., Torero, M. & Qaim, M. 2014. Impact of Third‐party Contract Enforcement in Agricultural Markets—A Field Experiment in Vietnam. American Journal of Agricultural Economics, 96(4): 1220–1238.

49. Bernard, T., Hidrobo, M., Le Port, A. & Rawat, R. 2019. Nutrition‐based Incentives in Dairy Contract Farming in Northern Senegal. American Journal of Agricultural Economics, 101(2): 404–435.

50. Maertens, M. & Vande Velde, K. 2017. Contract-farming in Staple Food Chains: The Case of Rice in Benin. World Development, 95: 73–87.

51. Narayanan, S. 2014. Profits from participation in high value agriculture: Evidence of heterogeneous benefits in contract farming schemes in Southern India. Food Policy, 44: 142–157.

52. Barrett, C.B., Bachke, M.E., Bellemare, M.F., Michelson, H.C., Narayanan, S. & Walker, T.F. 2012. Smallholder Participation in Contract Farming: Comparative Evidence from Five Countries. World Development, 40(4): 715–730.

53. Bellemare, M.F. 2018. Contract farming: Opportunity cost and trade-offs. Agricultural Economics, 49(3): 279–288.

54. Banerjee, A., Duflo, E., Goldberg, N., Karlan, D., Osei, R., Pariente, W., Shapiro, J., Thuysbaert, B. & Udry, C. 2015. A multifaceted program causes lasting progress for the very poor: Evidence from six countries. Science, 348(6236): 1260799.

55. Bulte, E., Cecchi, F., Lensink, R., Marr, A. & van Asseldonk, M. 2019. Does bundling crop insurance with certified seeds crowd-in investments? Experimental evidence from Kenya. Journal of Economic Behavior & Organization. (متاح أيضًا على الرابط: https://doi.org/10.1016/j.jebo.2019.07.006).

56. Carter, M.R., Cheng, L. & Sarris, A. 2016. Where and how index insurance can boost the adoption of improved agricultural technologies. Journal of Development Economics, 118: 59–71.

57. Meyer, R.L., Hazell, P.B. & Varangis, P. 2017. Unlocking smallholder credit: Does credit-linked agricultural insurance works? Working Paper No. 121680. World Bank.

58. Michelson, H. 2020. Innovative Business Models for Small Farmer Inclusion. Background paper for The State of Agricultural Commodity Markets Report 2020.Rome, FAO.

59. Karlan, D., Osei, R., Osei-Akoto, I. & Udry, C. 2014. Agricultural Decisions after Relaxing Credit and Risk Constraints*. The Quarterly Journal of Economics, 129(2): 597–652.

60. Michelson, H., Reardon, T. & Perez, F. 2012. Small Farmers and Big Retail: Trade-offs of Supplying Supermarkets in Nicaragua. World Development, 40(2): 342–354.

61. Hoffmann, V. & Gatobu, K.M. 2014. Growing their own: Unobservable quality and the value of self-provisioning. Journal of Development Economics, 106: 168–178.

62. Arouna, A., Michler, J.D., Lokossou, J.C., Arouna, A., Michler, J.D. & Lokossou, J.C. 2019. Contract Farming and Rural Transformation: Evidence from a Field Experiment in Benin. Working Paper 25665, National Bureau of Economic Research.

63. منظمة الأغذية والزراعة. 2016. حالة الغابات في العالم. الغابات والزراعة: استخدام الأراضي، التحديات والفرص. روما. منظمة الأغذية والزراعة. [النسخة العربية] 128 صفحة.

64. Swinnen, J. & Vandeplas, A. 2012. Rich Consumers and Poor Producers: Quality and Rent Distribution in Global Value Chains. Journal of Globalization and Development, 2(2).

65. Gomez, M., Verteramo, L. & Meemken, E. 2020. Agricultural value chains and social and environmental impacts: Trends, challenges, and policy options. Background paper for The State of Agricultural Commodity Markets 2020. Rome, FAO.

66. Giuliani, E., Ciravegna, L., Vezzulli, A. & Kilian, B. 2017. Decoupling Standards from Practice: The Impact of In-House Certifications on Coffee Farms’ Environmental and Social Conduct. World Development, 96: 294–314.

67. Loconto, A. & Dankers, C. 2014. Impact of international voluntary standards on smallholder market participation in developing countries: A review of the literature. Agribusiness and food industries series No. 3. Rome, FAO. 86 pp.

68. Blackman, A. & Naranjo, M.A. 2012. Does eco-certification have environmental benefits? Organic coffee in Costa Rica. Ecological Economics, 83: 58–66.

69. Saswattecha, K., Kroeze, C., Jawjit, W. & Hein, L. 2015. Assessing the environmental impact of palm oil produced in Thailand. Journal of Cleaner Production, 100: 150–169.

70. Ruysschaert, D. & Salles, D. 2014. Towards global voluntary standards: Questioning the effectiveness in attaining conservation goals. Ecological Economics, 107: 438–446.

71. Haggar, J., Soto, G., Casanoves, F. & Virginio, E. de M. 2017. Environmental-economic benefits and trade-offs on sustainably certified coffee farms. Ecological Indicators, 79: 330–337.

72. Takahashi, R. & Todo, Y. 2017. Coffee Certification and Forest Quality: Evidence from a Wild Coffee Forest in Ethiopia. World Development, 92: 158–166.

73. Holzapfel, S. & Wollni, M. 2014. Is GlobalGAP Certification of Small-Scale Farmers Sustainable? Evidence from Thailand. The Journal of Development Studies, 50(5): 731–747.

74. Latynskiy, E. & Berger, T. 2017. Assessing the Income Effects of Group Certification for Smallholder Coffee Farmers: Agent-based Simulation in Uganda. Journal of Agricultural Economics, 68(3): 727–748.

75. Loconto, A.M., Silva-Castaneda, L., Arnold, N. & Jimenez, A. 2019. Participatory Analysis of the Use and Impact of the Fairtrade Premium. Research report. HAL. (متاح أيضًا على الرابط: https://hal.archives-ouvertes.fr/hal-02048855/document).

76. Sellare, J., Meemken, E., Kouamé, C. & Qaim, M. 2020. Do Sustainability Standards Benefit Smallholder Farmers Also When Accounting for Cooperative Effects? Evidence from Côte d’Ivoire. American Journal of Agricultural Economics, 102(2): 681–695.

77. Tran, D. & Goto, D. 2019. Impacts of sustainability certification on farm income: Evidence from small-scale specialty green tea farmers in Vietnam. Food Policy, 83: 70–82.

78. Oya, C., Schaefer, F. & Skalidou, D. 2018. The effectiveness of agricultural certification in developing countries: A systematic review. World Development, 112: 282–312.

79. Akoyi, K.T. & Maertens, M. 2018. Walk the Talk: Private Sustainability Standards in the Ugandan Coffee Sector. The Journal of Development Studies, 54(10): 1792–1818.

80. Barham, B.L., Callenes, M., Gitter, S., Lewis, J. & Weber, J. 2011. Fair Trade/Organic Coffee, Rural Livelihoods, and the “Agrarian Question”: Southern Mexican Coffee Families in Transition. World Development, 39(1): 134–145.

81. Meemken, E.-M., Spielman, D.J. & Qaim, M. 2017. Trading off nutrition and education: A panel data analysis of the dissimilar welfare effects of Organic and Fairtrade standards. Food Policy, 71: 74–85.

82. Gitter, S.R., Weber, J.G., Barham, B.L., Callenes, M. & Valentine, J.L. 2012. Fair Trade-Organic Coffee Cooperatives, Migration, and Secondary Schooling in Southern Mexico. Journal of Development Studies, 48(3): 445–463.

83. Chiputwa, B. & Qaim, M. 2016. Sustainability Standards, Gender, and Nutrition among Smallholder Farmers in Uganda. The Journal of Development Studies, 52(9): 1241–1257.

84. van Rijn, F., Fort, R., Ruben, R., Koster, T. & Beekman, G. 2020. Does certification improve hired labour conditions and wageworker conditions at banana plantations? Agriculture and Human Values, 37(2): 353–370.

مراجع الجزء الرابع

1. West, D.M. 2018. What is artificial intelligence [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 3 أبريل/ نيسان 2020]. https://www.brookings.edu/research/what-is-artificial-intelligence/

2. United Nations Global Pulse. 2013. Big Data for Development: A primer. United Nations Global Pulse
[ورد ذكره في 3 أبريل/ نيسان 2020]. https://beta.unglobalpulse.org/wp-content/uploads/2013/06/Primer-2013_FINAL-FOR-PRINT.pdf

3. الاتحاد الدولي للاتصالات، 2019، Measuring digital development: Facts and figures. [ورد ذكره في 16 مارس/ آذار 2020]. https://www.itu.int/en/ITU-D/Statistics/Documents/facts/FactsFigures2019.pdf

4. الاتحاد الدولي للاتصالات، 2020. ITU Statistics: ICT Key Indicators. متاح على الرابط: https://www.itu.int/en/ITU-D/Statistics/Pages/stat/default.aspx. تمّ النفاذ في أيار/مايو 2020.

5. البنك الدولي. 2016. تقرير عن التنمية في العالم 2016: العوائد الرقمية. مجموعة البنك الدولي. (متاح أيضًا على الرابط: http://elibrary.worldbank.org/doi/book/10.1596/978-1-4648-0671-1).

6. الاتحاد الدولي للاتصالات، 2019. Yearbook of Statistics: Telecommunication/ICT Indicators - 2009-2018. تقارير إحصائية. جنيف، الاتحاد الدولي للاتصالات.

7. Đurić, I. 2020. Digital Technology and Agricultural Markets. Background paper for The State of Agricultural Commodity Markets 2020. Rome, FAO.

8. منظمة الأغذية والزراعة. 2016. Information and Communication Technology (ICT) in Agriculture - A Report to the G20 Agricultural Deputies. روما، منظمة الأغذية والزراعة.

9. Divanbeigi, R. & Saliola, F. 2017. Regulatory Constraints to Agricultural Productivity. Policy Research Working Paper No. 8199. World Bank.

10. Kayumova, M. 2017. The role of ICT regulations in agribusiness and rural development. World Bank.[ورد ذكره في 3 أبريل/ نيسان 2020]. https://openknowledge.worldbank.org/bitstream/handle/10986/29041/121932-WP-ICTPaper-PUBLIC.pdf?sequence=1&isAllowed=y.

11. Townsend, R., Lampietti, J., Treguer, D., Schroeder, K., Haile, M., Juergenliemk, A., Hasiner, E., Horst, A. & Hakobyan, A. 2019. The future of food: Harnessing digital technologies to improve food system outcomes. World Bank.

12. Goldfarb, A. & Tucker, C. 2019. Digital Economics. Journal of Economic Literature, 57(1): 3–43.

13. Bloom, N., Garicano, L., Sadun, R. & Van Reenen, J. 2014. The Distinct Effects of Information Technology and Communication Technology on Firm Organization. Management Science, 60(12): 2859–2885.

14. . Lendle, A., Olarreaga, M., Schropp, S. & Vézina, P.-L. 2016. There Goes Gravity: eBay and the Death of Distance. The Economic Journal, 126(591): 406–441.

15. Nakasone, E. 2013. The Role of Price Information in Agricultural Markets: Experimental Evidence from Rural Peru. IFPRI. [ورد ذكره في 2 أبريل/ نيسان 2020]. https://ideas.repec.org/p/ags/aaea13/150418.html.

16. Shimamoto, D., Yamada, H. & Gummert, M. 2015. Mobile phones and market information: Evidence from rural Cambodia. Food Policy, 57: 135–141.

17. Mitra, S., Mookherjee, D., Torero, M. & Visaria, S. 2018. Asymmetric Information and Middleman Margins: An Experiment with Indian Potato Farmers. The Review of Economics and Statistics, 100(1): 1–13.

18. Nakasone, E., Torero, M. & Minten, B. 2014. The Power of Information: The ICT Revolution in Agricultural Development. Annual Review of Resource Economics, 6(1): 533–550.

19. Aker, J.C. & Fafchamps, M. 2015. Mobile Phone Coverage and Producer Markets: Evidence from West Africa. The World Bank Economic Review, 29(2): 262–292.

20. Camacho, A. & Conover, E. 2019. The impact of receiving SMS price and weather information on small scale farmers in Colombia. World Development, 123: 104596.

21. Trendov, N.M., Varas, S. & Zeng, M.، 2019. التكنولوجيات الرقمية في الزراعة والمناطق الريفية - Status report. Rome, FAO.

22. Aker, J.C., Ghosh, I. & Burrell, J. 2016. The promise (and pitfalls) of ICT for agriculture initiatives. Agricultural Economics, 47(S1): 35–48.

23. Halewood, N.J. & Surya, P. 2012. Mobilizing the Agricultural Value Chain. Information and Communications for Development 2012, pp. 31–43. The World Bank. (متاح أيضًا على الرابط: http://elibrary.worldbank.org/doi/abs/10.1596/9780821389911_ch02).

24. Tinsley, E. & Agapitova, N. 2018. Private Sector Solutions to Helping Smallholders Succeed. Social Enterprise Business Models in the Agriculture Sector. World Bank.

25. Goyal, A. 2010. Information, Direct Access to Farmers, and Rural Market Performance in Central India. American Economic Journal: Applied Economics, 2(3): 22–45.

26. Aker, J.C. & Ksoll, C. 2016. Can mobile phones improve agricultural outcomes? Evidence from a randomized experiment in Niger. Food Policy, 60: 44–51.

27. Joiner, J. & Okeleke, K. 2019. E-commerce in agriculture: New business models for smallholders’ inclusion into the formal economy. GSMA, UK Aid.

28. Mintel. 2020. UK Online Grocery will grow by around 33% in 2020. In: Nintel News
[النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 12 مايو/أيار 2020]. https://www.mintel.com/press-centre/retail-press-centre/mintel-forecasts-online-grocery-sales-will-grow-an-estimated-33-during-2020.

29. Li, J., Hallsworth, A.G. & Coca-Stefaniak, J.A. 2020. The changing grocery shopping behaviour of Chinese consumers at the outset of the COVID-19 outbreak. Tijdschrift voor Economische en Sociale Geografie.

30. Xiao, P. 2017. China’s Rising Online Food Trading: Its implications for the rest of the world. Resource Security and Governance Globalisation and China’s Natural Resources Companies. New York, Routledge.

31. Asian Development Bank. 2019. Application of Information and Communication Technology for Agriculture in the People’s Republic of China. Manila, Philippines, Asian Development Bank. (متاح أيضًا على الرابط: https://www.adb.org/publications/ict-technologies-agriculture-rural-china).

32. Luo, X. & Niu, C. 2019. E-commerce Participation and Household Income in Taobao Villages. Poverty & Equity Global Practice Working Paper Series. Working Paper 198. World Bank.

33. Qi, J., Zheng, X. & Guo, H. 2019. The formation of Taobao villages in China. China Economic Review, 53: 106–127.

34. Xiao, P. 2019. Regulating China’s Ecommerce: Harmonizations of Laws. Journal of Food Law & Policy, 14(2). (متاح أيضًا على الرابط: https://scholarworks.uark.edu/jflp/vol14/iss2/3).

35. Mbiti, I. & Weil, D. 2011. Mobile Banking: The Impact of M-Pesa in Kenya. National Bureau of Economic Research Working Paper No.17129.. Massachusetts, USA .Cambridge, (متاح أيضًا على الرابط: http://www.nber.org/papers/w17129.pdf).

36. Hove, L. & Dubus, A. 2019. M-PESA and Financial Inclusion in Kenya: Of Paying Comes Saving? Sustainability, 11(3): 568.

37. Kirui, O.K., Okello, J.J., Nyikal, R.A. & Njiraini, G.W. 2013. Impact of Mobile Phone-Based Money Transfer Services in Agriculture: Evidence from Kenya. Quarterly Journal of International Agriculture, 52(2): 1–22.

38. Suri, T. & Jack, W. 2016. The long-run poverty and gender impacts of mobile money. Science, 354(6317): 1288–1292.

39. Agyekumhene, C., de Vries, J.R., van Paassen, A., Macnaghten, P., Schut, M. & Bregt, A. 2018. Digital platforms for smallholder credit access: The mediation of trust for cooperation in maize value chain financing. NJAS - Wageningen Journal of Life Sciences, 86–87: 77–88.

40. IFC & Mastercard Foundation. 2018. Handbook of Digital Financial Services for Agriculture. (متاح أيضًا على الرابط: https://www.ifc.org/wps/wcm/connect/3d053636-c589-47ac-865d-731068f0736e/Digital+Financial+Services+for+Agriculture_IFC%2BMCF_2018.pdf?MOD=AJPERES&CVID=moq-VoG).

41. Porter, J.R., Xie, L., Challinor, A.J., Cochrane, K., Howden, S.M., Iqbal, M.M., Lobell, D.B. & Travasso, M.I. 2014. Food security and food production systems. Climate Change 2014: Impacts, Adaptation, and Vulnerability. Part A: Global and Sectoral Aspects. Contribution of Working Group II to the Fifth Assessment Report of the Intergovernmental Panel on Climate Change. [Field, C.B., V.R. Barros, D.J. Dokken, K.J. Mach, M.D. Mastrandrea, T.E. Bilir, M. Chatterjee, K.L. Ebi, Y.O. Estrada, R.C. Genova, B. Girma, E.S. Kissel, A.N. Levy, S. MacCracken, P.R. Mastrandrea, and L.L. White (eds.)], pp. 485–533. Cambridge, United Kingdom and New York, NY, USA, Cambridge University Press.

42. Hazell, P. & Hess, U. 2017. Beyond hype: Another look at index-based agricultural insurance. Chapter 11. In P. Pingali & G. Feder, eds. Agriculture and Rural Development in a Globalizing World: Challenges and Opportunities, pp. 211–227 Earthscan Food and Agriculture Series. London, United Kingdom, Routledge.

43. Cong, L.W. & He, Z. 2018. Blockchain Disruption and Smart Contracts. NBER Working Paper No. 24399. Cambridge, Massachusetts, USA. National Bureau of Economic Research. (متاح أيضًا على الرابط: http://www.nber.org/papers/w24399).

44. Catalini, C. & Gans, J.S. 2019. Some Simple Economics of the Blockchain. NBER Working Paper No. 22952. Cambridge, Massachusetts, USA. National Bureau of Economic Research. (متاح أيضًا على الرابط: http://www.nber.org/papers/w22952).

45. Kamilaris, A., Fonts, A. & Prenafeta-Boldύ, F.X. 2019. The rise of blockchain technology in agriculture and food supply chains. Trends in Food Science & Technology, 91: 640–652.

46. Covantis. 2020. Covantis. It’s time to simplify global trade
[النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 14 مايو/أيار 2020]. https://www.covantis.io

47. Sylvester, G. 2019. Blockchain for agriculture: Opportunities and challenges. E-agriculture in Action Series. Rome, FAO & International Telecommunication Union (ITU).

48. Michelson, H. 2020. Innovative Business Models for Small Farmer Inclusion. Background paper for The State of Agricultural Commodity Markets 2020. Rome, FAO.

49. Global Innovation Lab for Climate Finance. 2019. BLOCKCHAIN CLIMATE RISK CROP INSURANCE. [ورد ذكره في 29 أبريل/نيسان 2020]. https://www.climatefinancelab.org/project/climate-risk-crop-insurance/

50. Kamath, R. 2018. Food Traceability on Blockchain: Walmart’s Pork and Mango Pilots with IBM. The Journal of the British Blockchain Association, 1(1): 1–12.

51. IFC. 2019. Blockchain: Opportunities for Private Enterprises in Emerging Markets. IFC.

52. Jouanjean, M.-A. 2019. Digital Opportunities for Trade in the Agriculture and Food Sectors. OECD Food, Agriculture and Fisheries Papers No. 122. OECD. (متاح أيضًا على الرابط: https://www.oecd-ilibrary.org/agriculture-and-food/digital-opportunities-for-trade-in-the-agriculture-and-food-sectors_91c40e07-en).

53. Yiannas, F. 2018. A New Era of Food Transparency Powered by Blockchain. Innovations: Technology, Governance, Globalization, 12(1–2): 46–56

54. Hoffman, J. 2020. Reducing the Risk of Fraud in the Spice Industry. Food Safety Magazine. (ديسمبر/كانون الأوّل 2019 – يناير/كانون الثاني 2020) [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 9 أبريل/نيسان 2020].

55. Mzabri, Addi & Berrichi. 2019. Traditional and Modern Uses of Saffron
 (Crocus Sativus). Cosmetics, 6(4): 63.

56. Silvis, I.C.J., van Ruth, S.M., van der Fels-Klerx, H.J. & Luning, P.A. 2017. Assessment of food fraud vulnerability in the spices chain: An explorative study. Food Control, 81: 80–87.

57. Shahbandeh, M. 2019. Global saffron market value 2017 & 2026. Statista, 
26 August 2020. (متاح أيضًا على الرابط: https://www.statista.com/statistics/1031474/market-value-of-saffron-worldwide/).

58. The Telegraph. 2018. The most valuable substances in the world by weight. , 28 May 2018
(متاح أيضًا على الرابط: https://www.telegraph.co.uk/business/2016/05/18/the-most-valuable-substances-in-the-world-by-weight/saffron/).

59. منظمة الأغذية والزراعة. 2018. حالة الموارد السمكية وتربية الأحياء المائية في العالم: تحقيق أهداف التنمية المستدامة. روما. [النسخة العربية] 230 صفحة.

60. Cook, B. 2018. Blockchain: Transforming the seafood supply chain. WWF
(متاح أيضًا على الرابط: http://awsassets.wwfnz.panda.org/downloads/draft_blockchain_report_1_4_1.pdf).

61. Zhao, G., Liu, S., Lopez, C., Lu, H., Elgueta, S., Chen, H. & Boshkoska, B.M. 2019. Blockchain technology in agri-food value chain management: A synthesis of applications, challenges and future research directions. Computers in Industry, 109: 83–99.

62. Wüst, K. & Gervais, A. 2018. Do you need a blockchain? Paper presented at Crypto Valley Conference on Blockchain Technology (CVCBT), 2018.

63. D’Arpa, C. 2014. Agricultural Information and the State in the Late 19th Century: The Annual Reports of the United States Department of Agriculture. iConference 2014 Proceedings. Paper presented at iConference 2014 Proceedings: Breaking Down Walls. Culture - Context - Computing, 1 March 2014. (متاح أيضًا على الرابط: https://www.ideals.illinois.edu/handle/2142/47345).

64. CGIAR. undated. Big Data for climate-smart agriculture. CGIAR Research Programme on Climate Change, Agriculture and Food Security. [النسخة الإلكترونية]. [ورد ذكره في 16 أبريل/نيسان 2020]. https://ccafs.cgiar.org/bigdata#.Xpha7y17Gu1.

65. منظمة الأغذية والزراعة. 2020. Realizing the potential of digitalization to improve the agri-food system: Proposing a new International Digital Council for Food and Agriculture. A concept note. Rome. (متاح أيضًا على الرابط: http://www.fao.org/3/ca7485en/ca7485en.pdf).

66. GFFA. 2020. Global Forum for Food and Agriculture Communiqué 2020. Food for All! Trade for Secure, Diverse and Sustainable Nutrition [ورد ذكره في 29 أبريل/نيسان 2020]. https://www.gffa-berlin.de/wp-content/uploads/2020/02/GFFA-Communique-2020-EN.pdf.

67. Schrepel, T. 2019. Collusion By Blockchain And Smart Contracts. SSRN Electronic Journal.

68. Awaya, Y. & Krishna, V. 2016. On Communication and Collusion. American Economic Review, 106(2): 285–315.