6.

مادّة للتفكير: قضايا تستوجب العمل بشأنها

يتوقف تحسين التغذية عبر العديد من أقاليم العالم على زيادة استهلاك الفواكه والخضروات باعتبارها المكونات الرئيسية للأنماط الغذائية الصحية. وبوسع زيادة الاستهلاك أن تفضي إلى وضع يعود بالفائدة الحتمية على صحة الإنسان وكوكبنا إذا ما اقترن بجهود منّسقة وبالاستثمارات لزيادة الإنتاج والإنتاجية في هذا القطاع. ولكن ينبغي لتلك الجهود، في الوقت عينه، أن تخفف البصمة البيئية وأن تحسّن عمليات الحصاد والمناولة والتخزين والتوزيع من أجل الحد من الفاقد والمهدر، وتحافظ على الجودة (خاصةً الجودة التغذوية)، وتطيل العمر التخزيني للسلع، وتثقّف المستهلكين بشأن الفوائد الصحية التي يمكن جنيها من زيادة استهلاك الفواكه والخضروات.

ويواجه كل بلد تحديات فريدة من نوعها بحسب الظروف البيئية والاقتصادية والاجتماعية التي يعمل قطاع الفواكه والخضروات في ظلها. بيد أن انخفاض الاستهلاك لا يزال يمثّل مشكلةً حتى في البلدان التي لا تعاني فيها الإتاحة أي قيود. ويتعلّق هذا بشكل أساسي بمدى تيسّر كلفة الفواكه والخضروات. وبوسع زيادة الإنتاجية أن تحد من كثافة الموارد اللازمة للإنتاج، وتخفض التكاليف المترتبة على المستهلكين وعلى الكوكب. ويمكن كذلك أن يؤدي خفض الفاقد والمهدر في سلاسل القيمة إلى تخفيف البصمة البيئية؛ وإذا ما تم تنفيذه بالشكل الصحيح فقد يؤدي إلى وفورات في مال المستهلك. أما السياسات العامة المؤاتية، التي تستند إلى البيانات والشراكات وتنمية القدرات، فستكون السبيل الرئيسي إلى تشجيع الإنتاج والاستهلاك المستدامين للنتاج الزراعي الطازج.

© FAO/Paul Mundy

السياسات العامة

باستطاعة السياسات العامة التأثير على جميع مستويات سلسلة القيمة للفواكه والخضروات، فتحوّل بالتالي أنماط الإنتاج والاستهلاك. وقد تتناول هذه السياسات العامة ما يلي من أمور:

  • تهيئة بيئة غذائية صحية من خلال تيسير خيارات استهلاك المزيد من النتاج الطازج، بالنسبة إلى المستهلكين. وقد يشمل ذلك إطلاق حملات توعية لتغيير سلوك المستهلك، إلى جانب التدخلات المختلفة الواردة أدناه؛
  • ووضع خطوط توجيهية بشأن النظم الغذائية القائمة على الأغذية كفيلة بتشجيع استهلاك الفواكه والخضروات كجزء من نمط غذائي متنوع وصحي؛
  • والاستعانة بسياسات المشتريات العامة التي تشجع على الأنماط الغذائية الصحية؛
  • وإدراج التغذية في المناهج المدرسية، وزراعة الأغذية في المدارس لاستخدامها في برامج التغذية من أجل تعزيز السلوكيات الغذائية الإيجابية مدى الحياة؛
  • والإعانات والحوافز الضريبية للإنتاج (بما في ذلك توفير البذور المستدامة) وتسويق الفواكه والخضروات؛
  • وتهيئة بيئة تمكينية تدعم صغار المنتجين في سلاسل التوريد والترتيبات العادلة والمستدامة في مجال الزراعة التعاقدية؛
  • وتشجيع التنوع البيولوجي لتعزيز الأنماط الغذائية المغذية عن طريق تشجيع استخدام أصناف مكيّفة محليًا والسلالات المحلية والمحاصيل البرية، وأنواع الأغذية الأصلية؛
  • وتحسين إدارة المبيدات والحد من استخدامها في الإنتاج، بدعم من عمليات تنظيمية فعالة والمعارف بشأن المنتجات والتدابير غير السامة لحماية النباتات. ومن الأهمية بمكان أيضًا منع التجارة غير المشروعة للمبيدات غير المسجلة ومنع استخدامها؛
  • ودعم التدابير الرامية إلى إتاحة تبادل المواد الزراعية في ما بين البلدان؛
  • وضمان أن تيسّر السياسات العامة تجارة الأغذية المأمونة لزيادة إمكانية الحصول على نتاج طازج في جميع المواقع وفي المواسم كافة؛
  • وخفض الفاقد من الأغذية في سلاسل الإمدادات. وفي البلدان المنخفضة الدخل، قد تنطوي الخيارات السياسية على تعزيز قدرة منظمات المنتجين وزيادة الاستثمارات في البنية الأساسية - الطرق، ومياه الشرب، ومصانع التعبئة، وتنمية سلاسل التبريد - لدعم عمليات المناولة والتوزيع ما بعد الحصاد؛
  • وخفض المهدر من الأغذية في سلاسل الإمداد. وفي البلدان ذات الدخل المرتفع، حيث يشكل المهدر من الأغذية مشكلة، قد تتضمن الخيارات المتاحة للسياسات العامة تعديل معايير تسويق الفواكه والخضروات الطازجة، ودعم قطافها في الحقول لإعادة توزيعها من قِبَل بنوك الغذاء؛
  • ودعم البحث والتطوير والابتكار من أجل تعزيز الكفاءة والاستدامة في سلاسل القيمة.

البيانات اللازمة لدعم صياغة السياسات

بوسع الابتكار والاستثمارات في هذا القطاع أن يحوّلا النظم الغذائية للفواكه والخضروات على نحو قادر على تعزيز الإنتاجية بشكل مستدام، وتمكين استهلاك أكثر إنصافًا. وإن السياسات والاستثمارات الناجحة بحاجة إلى البيانات. ومن شأن وضع جدول أعمال شامل ومتكامل للسياسات العامة بالاستناد إلى البيانات، في كل خطوة من سلسلة القيمة، أن يساعد في تحقيق التوازن بين العرض والطلب وفي مكافحة سوء التغذية. وتتضمن المتطلبات ما يلي:

  • بيانات أكثر تحديدًا بشأن الإنتاج لفهم مساهمات صغار المنتجين بصورة أفضل؛
  • وبيانات بشأن المواضع التي يكون فيها الفاقد والمهدر من الأغذية في أشدهما، على طول سلاسل الإمداد (وأسبابهما). فإن ذلك يشير إلى مستوى التكنولوجيات المطلوبة وحجمها، ويرشد الإجراءات التصحيحية، ويساعد في ضمان القدرة على تحمل كلفة النتاج الطازج؛
  • وإجراء بحوث بشأن الفواكه والخضروات الأصلية وصونها، وخاصة تلك التي لا تمثل محاصيل سنوية، لأنها قد تساهم في تحسين جودة النمط الغذائي من خلال توفير أغذية كثيفة المغذيات فيما تدعم التكيف مع تغير المناخ؛

النهج والشراكات المتعددة القطاعات

إن تعقيد قطاع الفواكه والخضروات يتطلب اتباع نهج متعددة القطاعات في ما بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية ومؤسسات البحوث، لتشجيع الابتكار والتكنولوجيا ودعمها ولتطوير البنى التحتية. وتتضمن هذه النهج التنسيق وتسخير موارد القطاعين الخاص والعام لغاية تعزيز القطاع. وقد تشمل مجالات التعاون ما يلي:

  • التعاون بين القطاعين العام والخاص من أجل بلورة نهج أكثر متانة للاتصالات والتسويق دعمًا لزيادة الاستهلاك، وتوليد معارف جديدة عن الفواكه والخضروات، وتعزيز تغيير السلوك؛
  • وتشجيع هياكل وتحالفات للبحوث والتطوير تمكّن الابتكار داخل قطاع الفواكه والخضروات لأجل خفض الفاقد والمهدر من الأغذية، كتطوير العبوات الذكية والناشطة واستخدامها للحد من تلف المنتج وتنبيه المستهلكين إلى التلف؛
  • والعمل مع منظمات المجتمع المدني ومنظمات المنتجين، وتشكيل تحالفات لبناء سلاسل عالمية للقيمة وتعزيزها وخفض الفاقد والمهدر من الأغذية في نظم الإمداد.

تنمية القدرات

إن تنمية قدرات أصحاب المصلحة على جميع مستويات نظام الإمداد بالغة الأهمية من أجل ضمان سلامة النتاج الزراعي الطازج وجودته وعمره التخزيني ومدى توفره في الأسواق المحلية. وسيتطلب ذلك ما يلي:

© FAO/Alessia Pierdomenico
  • تنمية القدرات من خلال تدريب المزارعين من إناث وذكور على إدماج المنظور التغذوي في الممارسات الزراعية الجيدة من خلال المدارس الحقلية للمزارعين، والتدريب القائم على البراهين، واستخدام برنامج التبادل بين المزارعين. وينبغي أن تشمل المواضيع الإدارة المتكاملة للآفات والاستدامة والسلامة الغذائية على امتداد سلسلة القيمة؛
  • وتنمية قدرات صغار المنتجين لتمكين الوصول بطريقة أكثر مباشرة إلى الأسواق وتوجيه الخطط التي تربط المزارعين بالمستهلكين، وتيسير مشاركتهم في نظم الضمان التشاركي لتعزيز قدرتهم على التسويق؛
  • والمواصفات، ومراقبة الامتثال، وتدريب جميع أصحاب المصلحة وتثقيفهم عبر سلسلة إمدادات الأغذية بشأن كيفية إنتاج الفواكه والخضروات وحصدها ومناولتها وتعبئتها ونقلها، مع الحفاظ على جودتها، وضمان سلامتها، والحد من الفاقد والمهدر، لتلبية متطلبات السوق.
  • ووضع برامج لتنمية القدرات والانتقاء والتربية على الصعيد المحلي، مصممة لتعزيز التنوع البيولوجي في قطاع الفواكه والخضروات، ووضع خطوط توجيهية غذائية مستندة إلى الأغذية، واستراتيجيات للاتصال من أجل التغيير الاجتماعي والسلوكي، قائمة على البحوث.

الخلاصة

تتيح السنة الدولية للفواكه والخضروات لعام 2021 للبلدان والجهات الفاعلة على امتداد النظام الغذائي فرصة كبيرة للعمل ولإحداث فرق في هذا القطاع، فضلا عن تشجيع الأنماط الغذائية الصحية من أجل تغذية كافية. وإن مثل هذه الإجراءات، التي تُتخذ في إطار نهج نظامي شامل، ستستهدف الأفراد كلهم، بدون ترك أحد خلف الركب، فضلًا عن الإسهام في القضاء على الجوع وسوء التغذية بأشكاله كافة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.