استهلاك الأغذية المائية20

استُمدت جميع إحصاءات استهلاك الأغذية المائية الـمُبلَّغ عنها في هذا القسم من ميزانيات الأغذية الصادرة عن المنظمة والتي تشمل بيانات من عام 1961. وتشكل ميزانيات الأغذية إطارًا إحصائيًا يقدّر كمية الأغذية المتوافرة للاستهلاك البشري (الاستهلاك الظاهري20) وليس الكمية الفعلية للأغذية المستهلكة (الاستهلاك الفعلي).

الاتجاهات السائدة في استهلاك الأغذية المائية21

لقد زاد الاستهلاك العالمي22 للأغذية المائية، باستثناء الطحالب20، بشكل ملحوظ، حيث بات العالم يستهلك الآن أكثر من خمسة أضعاف الكمية التي كان يستهلكها قبل حوالي 60 عامًا. وتشير التقديرات إلى أن الاستهلاك العالمي للأغذية المائية بلغ 158 مليون طن في عام 2019 مقابل 28 مليون طن في عام 1961.23 وزاد الاستهلاك بمعدل سنوي متوسط نسبته 3.0 في المائة مقارنة بعام 1961، فيما بلغ معدل النمو السكاني 1.6 في المائة (الشكل 38). وتأثر نصيب الفرد من الاستهلاك تأثرًا شديدًا بزيادة الإمدادات، وتغيّر أذواق المستهلكين، والتطوّرات التكنولوجية، ونمو الدخل.

الشكل 38متوسط النمو السنوي في استهلاك الأغذية المائية

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة.
المصدر: منظمة الأغذية والزراعة.

واستحوذت آسيا على 72 في المائة من مجموع الأغذية المائية المتوافرة للاستهلاك البشري في عام 2019 والبالغ 158 مليون طن، فيما مثّل سكانها 60 في المائة من سكان العالم (الشكل 39). وعلى سبيل المقارنة، استهلكت آسيا في عام 1961 نسبة 48 في المائة من جميع الأغذية المائية المتوافرة للاستهلاك الغذائي. وفي موازاة ذلك، تراجعت نسبة الأغذية المائية المستهلكة في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية مع مرور الوقت. فقد انخفضت حصة كل منهما من 32 و9 في المائة في عام 1961 إلى 10 و5 في المائة في عام 2019 على التوالي. وتعزى الأهمية المتزايدة التي تكتسيها البلدان الآسيوية كمستهلكة للمنتجات المائية، إلى مجموعة من العوامل. فأولًا، أصبحت آسيا المنتج الرئيسي للمنتجات المائية في عام 1993 بفضل تطوّر إنتاج تربية الأحياء المائية في المقام الأول. وثانيًا، شهدت القارة نموًا اقتصاديًا كبيرًا في العقود الأخيرة، ما أدّى إلى زيادة الدخل واتساع الطبقة الوسطى ونزوح السكان الريفيين إلى المدن حيث يسهل الوصول إلى الأغذية المائية. وأخيرًا، أدّى ارتفاع الواردات وتحويل بعض الصادرات إلى السوق المحلية الصينية إلى زيادة تنوّع الأغذية المائية المتاحة للمستهلكين الصينيين، الأمر الذي عزز استهلاك هذه الأغذية.

الشكل 39استهلاك الأغذية المائية بحسب القارات، 1961–2019

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة.
ملاحظة: البيانات بالمليون طن معبر عنها بمكافئ الوزن الحي.
المصدر: منظمة الأغذية والزراعة.

وعلى مرّ السنين، تم استهلاك نصف الأغذية المائية المنتَجة أو أكثر من جانب عدد صغير فقط من البلدان. ففي عام 1961، استحوذت البلدان الخمسة الرئيسية المستهلكة للأغذية المائية (اليابان، واتحاد الجمهوريات السوفييتية الاشتراكية السابق، والصين، والولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وآيرلندا الشمالية) على نصف الاستهلاك العالمي. ولكن في عام 2019، زادت حصة البلدان المستهلكة الخمسة الرئيسية (الصين، وإندونيسيا، والهند، والولايات المتحدة الأمريكية، واليابان) إلى 59 في المائة. ويعكس هذا التركّز بروز جهات فاعلة رئيسية مثل الصين التي استهلكت وحدها 36 في المائة من جميع الأغذية المائية المتوافرة للاستهلاك الغذائي في عام 2019.

استهلاك الفرد من الأغذية المائية

زاد نصيب الفرد من الاستهلاك العالمي السنوي للأغذية المائية من متوسط بلغ 9.9 كيلوغرامات في ستينات القرن الماضي إلى 11.4 كيلوغرامات في سبعينات القرن الماضي، و12.5 كيلوغرامات في ثمانينات القرن الماضي، و14.4 كيلوغرامات في تسعينات القرن الماضي، و17.0 كيلوغرامًا في مطلع الألفية الجديدة، و19.6 كيلوغرامات في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وصولًا إلى مستوى قياسي بلغ 20.5 كيلوغرامات في عام 2019. وتشير التقديرات الأولية إلى تراجع الاستهلاك (20.2 كيلوغرامات) في عام 2020 بسبب انخفاض الطلب، تليه زيادة طفيفة في عام 2021.

ورغم وجود بعض الاستثناءات التي تُعتبر اليابان من أهمها، شهدت معظم البلدان زيادة في نصيب الفرد من استهلاك الأغذية المائية خلال الفترة 1961–2019. ولكنّ معدل التغيير كان متفاوتًا جدًا بين البلدان، مع تسجيل البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة العليا معدل النمو السنوي الأكبر (3.2 في المائة). ومن بين هذه البلدان، كانت الصين المحرّك الرئيسي للنمو بسبب التوسّع الكبير في إنتاج مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية24 والنمو السكاني فيها. وفي عام 2019، مثّل سكان الصين 56 في المائة من مجموع السكان في جميع البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة العليا. وزاد نصيب الفرد من الاستهلاك في الصين من 4.2 كيلوغرامات في عام 1961 إلى 40.1 كيلوغرامًا في عام 2019. وشهدت البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا تباطؤًا في النمو السنوي (1.9 في المائة)، ولكن بقي هذا الأخير أعلى من النمو المسجّل في البلدان المرتفعة الدخل (0.5 في المائة). ويعكس النمو المعتدل في البلدان المرتفعة الدخل بشكل أساسي المستويات المرتفعة أصلًا لاستهلاك الأغذية المائية. وشهدت البلدان المنخفضة الدخل نموًا سلبيًا مع تراجع بنسبة 0.2 في المائة سنويًا خلال الفترة 1961–2019.

وبالإضافة إلى التباين الكبير في معدلات النمو، ثمة اختلافات مهمة أيضًا في نصيب الفرد من استهلاك الأغذية المائية بين البلدان. وتتباين الكميات المستهلكة بين البلدان، ما يعكس اختلاف مستويات توافر الأغذية المائية والأغذية الأخرى على السواء (بما في ذلك القرب من مرافق تربية الأحياء المائية وإنزال المصيد والأسواق، وإمكانية الوصول إليها) ووجود فوارق في الأسعار ومستوى الدخل والوعي الغذائي والتقاليد الغذائية وأذواق المستهلكين. وتجدر الإشارة إلى وجود اختلافات أيضًا داخل البلدان حيث تكون مستويات الاستهلاك أعلى عادة في المناطق الساحلية. ومن بين 227 بلدًا قدّرت المنظمة نصيب الفرد من استهلاك الأغذية المائية فيها في عام 2019، كان 133 بلدًا دون المتوسط العالمي و94 بلدًا فوقه. ومن حيث عدد السكان، مثّلت البلدان التي يقلّ استهلاكها عن المتوسط العالمي 54 في المائة من سكان العالم في عام 2019. وتشمل البلدان التي تسجّل أعلى مستوى للاستهلاك كلًا من آيسلندا وجزر فاراو وملديف التي يتجاوز استهلاك الفرد فيها من الأغذية المائية 80 كيلوغرامًا في السنة (الشكل 40). ويمثّل ذلك تناقضًا صارخًا مع البلدان التي يستهلك الفرد فيها أقل من كيلوغرام واحد في السنة، مثل أفغانستان وطاجيكستان وإثيوبيا. وفي عام 2019، بلغ المتوسط العالمي لنصيب الفرد من الاستهلاك 20.5 كيلوغرامات. وتراوحت هذه الكمية بين متوسط بلغ 5.4 كيلوغرامات في البلدان المنخفضة الدخل، و15.2 كيلوغرامات في البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا، و28.1 كيلوغرامًا في البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة العليا، و26.5 كيلوغرامات في البلدان المرتفعة الدخل (الجدول 14). ولكن إذا استُبعدت الصين، ينخفض متوسط نصيب الفرد من الاستهلاك في البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة العليا إلى 13.0 كيلوغرامًا.

الشكل 40نصيب الفرد من الاستهلاك الظاهر للأغذية المائية، متوسط الفترة 2017–2019

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة.
إن التسميات المستخدمة وطريقة عرض المواد في هذا المنشور لا تعني التعبير عن أي رأي، مهما كان، من جانب منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة بشأن الوضع القانوني لأي بلد أو إقليم أو مدينة أو منطقة أو لسلطات أي منها، أو بشأن تعيين حدودها أو تخومها. تمثّل الخطوط المنقطة بصورة تقريبية خط المراقبة في جامو وكشمير المتفق عليه بين الهند وباكستان. ولم يتفق الطرفان بعد على الوضع النهائي لجامو وكشمير. لم يتم بعد تحديد الحدود النهائية بين جمهورية السودان وجمهورية جنوب السودان. لم يحدّد بعد الوضع النهائي لمنطقة أبيي. هناك نزاع قائم بين حكومة الأرجنتين وحكومة المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وآيرلندا الشمالية حول السيادة على جزر فوكلاند (مالفيناس).
المصدر: منظمة الأغذية والزراعة.

الجدول 14مجموع ونصيب الفرد من الاستهلاك الظاهري للأغذية المائية بحسب الأقاليم والفئة الاقتصادية، 2019

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة.
ملاحظة: هذه البيانات أولية.
المصدر: منظمة الأغذية والزراعة.

وتوجد اختلافات كبيرة أيضًا بين القارات. فقد سجّلت آسيا أعلى معدل استهلاك للأغذية المائية في عام 2019 بلغ 24.5 كيلوغرامات للفرد الواحد. وتلتها أوسيانيا مع 23.1 كيلوغرامًا، ثم أوروبا (21.4 كيلوغرامات) والأمريكيتين (14.5 كيلوغرامات) وأفريقيا (10.1 كيلوغرامًا). ولكن يجدر التشديد على أن القيم الفعلية قد تكون أعلى من القيم المشار إليها في الإحصاءات الرسمية نظرًا إلى عدم تسجيل مساهمات مصايد الكفاف ومصايد الأسماك صغيرة النطاق والتجارة غير الرسمية عبر الحدود بشكل كافٍ. ويمكن أن يكون ذلك متصلاً بشكل خاص بالنسبة إلى أفريقيا وبعض البلدان الآسيوية.

وتتباين العادات الاستهلاكية المتعلّقة بالأغذية المائية في مختلف أرجاء أفريقيا. وبالرغم من انخفاض متوسط استهلاك الأغذية المائية في أفريقيا، سجّل 11 بلدًا متوسط استهلاك أعلى من المتوسط العالمي. وتشمل هذه البلدان بعض الدول الجزرية الصغيرة النامية، إضافة إلى غابون والكونغو وغامبيا وسيراليون وغانا وجمهورية مصر العربية وكوت ديفوار. وبالنسبة إلى سائر البلدان الأفريقية، يعزى معدل استهلاك الأغذية المائية المنخفض نسبيًا إلى مجموعة من الأسباب منها: النمو السكاني المرتفع الذي يتجاوز في معظم الحالات معدل نمو الإنتاج في مصايد الأسماك الطبيعية؛ وقطاع تربية الأحياء المائية الصغير نسبيًا، ما يحد من إمكانية زيادة الإنتاج في المستقبل القريب؛ ورداءة البنية التحتية لإنزال المصيد والطرقات والأسواق، ما يحد من حركة المنتجات المائية ذات النوعية الجيدة عبر الحدود داخل القارة؛ وارتفاع مستوى الفواقد بعد الصيد بسبب سلاسل التبريد غير المتطورة. وكما ذُكر في القسم بعنوان “الإسقاطات الخاصة بمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية” (الصفحة 210)، فإنه من المرتقب أن يزداد الوضع سوءًا في أفريقيا في ظل التوقعات بانخفاض نصيب الفرد من الاستهلاك في السنوات العشر المقبلة. وإذا حصل ذلك، فسوف يمثّل تهديدًا خطيرًا على الأمن الغذائي نظرًا إلى ارتفاع معدل انتشار النقص التغذوي في الإقليم والدور الرئيسي الذي تؤديه الأغذية المائية من حيث المساهمة في إجمالي الكميات المتناولة من البروتينات الحيوانية في العديد من البلدان الأفريقية.

الفوائد التغذوية والبيئية لاستهلاك الأغذية المائية

تتسم الأغذية المائية بالأهمية في الأنماط الغذائية الصحية والمتوازنة (الإطار 7). ويمكن حتى للكميات الصغيرة منها أن يكون لها أثر تغذوي إيجابي هام لأنها توفر المغذّيات الأساسية التي تتواجد بكميات قليلة جدًا في الأنماط الغذائية النباتية. وتوفر الأغذية المائية أيضًا البروتينات العالية الجودة والأحماض الأمينية الأساسية، والفيتامينات (وبخاصة ألف وباء ودال)، والفسفور، والمعادن مثل الحديد والكالسيوم والزنك واليود والمغنيسيوم والبوتاسيوم والسيلينيوم، وتُعد مصدرًا غذائيًا أوليًا للأحماض الدهنية أوميغا–3 المفيدة للقلب. وتبعًا للأنواع، يمكن أن توفر الأغذية المائية مستويات مختلفة من المغذّيات. ويتمثل الاختلاف الأهم في المحتوى من الدهون: فالأنواع من قبيل السردين والسلمون والتونة تُعتبر أنواعًا دهنية، بينما أسماك القد والسلور هي أنواع خالية من الدهون. وإن الحمضين الدهنيين أوميغا–3 الموجودين في الأسماك هما حمض الإيكوسابنتينويك وحمض الدوكوساهيكسانويك. وبما أن جسم الإنسان لا ينتج الأحماض الدهنية أوميغا–3، يجب الحصول عليها عن طريق الأغذية. وتوجد الأحماض الدهنية أوميغا–3 في كل نوع من أنواع السمك، ولكنها تتوافر بكميات كبيرة بشكل خاص في الأنواع الدهنية. ويساعد الاستهلاك المنتظم للأسماك في الحفاظ على صحة القلب من خلال خفض ضغط الدم والتقليل من خطر الإصابة بالسكتة، والاكتئاب، ومرض الزهايمر، وغير ذلك من الأمراض المزمنة. ولقد أثبتت التجارب الموجّهة ودراسات الرصد أن الأحماض الدهنية أوميغا–3 الموجودة في السمك مهمة للنمو الأمثل للدماغ والجهاز العصبي لدى الأطفال، وأن أطفال النساء اللواتي يستهلكن كميات قليلة من السمك أو أوميغا–3 أثناء الحمل والرضاعة الطبيعية لديهم تأخير في نمو الدماغ.

الإطار 7النتائج الرئيسية للتقرير عن دور الأغذية المائية في التغذية

تعجز النظم الغذائية الحالية في الكثير من الأحيان عن تأمين الأغذية المغذية والميسورة الكلفة بطريقة منصفة، ولا يزال أشخاص كثيرون غير قادرين على تحمّل كلفة نمط غذائي صحي. وبالرغم من تركيز الخطابات المتعلّقة بالنظم الغذائية في الكثير من الأحيان على الأغذية البرّية كونها توفر معظم الأغذية المستهلكة في العالم،1 هناك اهتمام متزايد بالأغذية المائية لما تؤديه من دور فريد في توفير الأحماض الدهنية والمغذيات الدقيقة الأساسية مثل الحديد والزنك والكالسيوم واليود والفيتامينات ألف وباء12 ودال. وفي أعقاب الدعوات المنادية باتباع أنماط غذائية مستدامة بيئيًا،2 تم الترويج للاستهلاك "المعتدل" للأسماك والأغذية المائية الأخرى1 كجزء من النمط الغذائي الصحي والمستدام. وفي الوقت نفسه، ورغم الاعتراف بأهمية الأنماط الغذائية الصحية المستدامة من النواحي البيئية والاقتصادية والاجتماعية، ليست هناك بعد سردية متينة ومحددة بوضوح تعرّف "النمط الغذائي الصحي المستدام". وسعت وثيقة المناقشة الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة للتغذية بعنوان "دور الأغذية المائية في الأنماط الغذائية الصحية المستدامة3 إلى سدّ هذه الفجوة بشكل جزئي من خلال تقديم الأدلّة لإرشاد وتوجيه السياسات والاستثمارات والبحوث الرامية إلى الاستفادة من إمكانات الأغذية المائية في توفير أنماط غذائية صحية مستدامة ودعم تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وشددت الوثيقة على أن دراسات عديدة ركّزت بشكل ضيّق على عدد محدود من أنواع الأسماك الزعنفية القيّمة من الناحية الاقتصادية، في حين أنه لا يتم أخذ القيمة التغذوية والثقافية الأوسع التي تتمتع بها الأغذية المائية المتنوعة في الحسبان في غالب الأحيان. وتؤدي الأغذية المائية المتنوعة - بما في ذلك الحيوانات والأعشاب البحرية والكائنات الدقيقة المستزرعة في المياه أو التي يتم اصطيادها منها، والأغذية النباتية والقائمة على الخلايا المنبثقة عن التكنولوجيات الغذائية الجديدة - دورًا أساسيًا في تحقيق الأمن الغذائي والتغذوي وفي توفير، في الوقت نفسه، المنافع لسبل عيش الناس في جميع أنحاء العالم. وتنطوي الأغذية المائية على إمكانية تقديم مساهمة كبيرة في الأمن الغذائي والتغذية في العالم من خلال الانتقال إلى أنماط غذائية تتسم بالاستدامة من النواحي الاجتماعية والاقتصادية والبيئية. ولا يؤدي الاستهلاك المعتدل بالضرورة إلى زيادة الآثار البيئية السلبية المترتبة عن الإنتاج إذا تم توفير المنتجات واستهلاكها وفقًا للتوصيات الواردة في وثيقة المناقشة الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة للتغذية. ويمكن للأغذية المائية أن تشكل جزءًا من الحل لبناء نظم غذائية قادرة على الصمود وإتاحة أنماط غذائية صحية للجميع، بما أنها متوافرة وسهلة المنال وميسورة الكلفة ومقبولة. وتوصي وثيقة المناقشة الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة للتغذية واضعي السياسات وأصحاب المصلحة الآخرين بتشجيع التنوّع في استهلاك الأغذية المائية من خلال وضع استراتيجيات وتدخلات خاصة بالتغذية، مع ضمان الإنصاف والاستدامة في إمدادات الأغذية المائية وإنتاجها وإضفاء الطابع الديمقراطي على المعارف والبيانات والتكنولوجيات لتهيئة المعارف المفيدة والابتكارات القابلة للتطبيق. وسيؤدي تشجيع التغيّرات في سلوك المستهلكين وطلبهم على الأغذية المائية الأكثر تنوعًا والتي تحتل مرتبة دنيا في السلسلة الغذائية، دورًا أيضًا في تبنّي الأغذية المائية واستهلاكها.

ويعتمد العديد من البلدان غير المرتفعة الدخل، بما في ذلك بعض الدول الجزرية الصغيرة النامية، على صيد الكفاف كمصدر رئيسي للغذاء. وتشكل كيريباس مثالًا جيدًا على ذلك: فيُعتبر هذا البلد دولة جزرية صغيرة نامية ولكن لديه أحد أعلى مستويات استهلاك الفرد للأغذية المائية في العالم. وبالنسبة إلى هذه البلدان، تُعتبر البروتينات المتأتية من الأغذية المائية أساسية في النمط الغذائي، لا سيما عندما يكون المتناول الإجمالي من البروتينات منخفضًا.

إضافة إلى ذلك، تميل حصة البروتينات المتأتية من الأغذية المائية في الأنماط الغذائية في البلدان غير المرتفعة الدخل إلى أن تكون أكبر من حصتها في الأنماط الغذائية في البلدان المرتفعة الدخل (الشكل 41). ويبيّن ذلك أن الأغذية المائية تمثّل في الكثير من الأحيان مصدرًا للبروتينات الحيوانية ميسور الكلفة وأرخص ثمنًا وأسهل منالًا من مصادر البروتينات الحيوانية الأخرى، وخيارًا مفضلًا وجزءًا من تقاليد الطهي. ويظهر الشكل 41 أيضًا التفاوت بين مستويات استهلاك الفرد للأغذية المائية والمساهمة النسبية لهذه الأغذية في متناول البروتينات الحيوانية. وفي عام 2019، كان استهلاك الفرد من الأغذية المائية أدنى بكثير في البلدان المنخفضة الدخل منه في البلدان المرتفعة الدخل. ولكنّ الأغذية المائية ساهمت في حصة أكبر من متناول البروتينات الحيوانية في البلدان المنخفضة الدخل مقارنة بالبلدان المرتفعة الدخل.

الشكل 41استهلاك الأغذية المائية ومساهمتها في متناول البروتينات الحيوانية بحسب الفئة الاقتصادية، 2019

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة.
المصدر: منظمة الأغذية والزراعة.

وعلى مستوى العالم، وفّرت الأغذية المائية حوالي 17 في المائة من البروتينات الحيوانية و7 في المائة من مجمل البروتينات في عام 2019 (الشكل 42). وفي السنة نفسها، وفرت الأغذية المائية 17 في المائة من البروتينات الحيوانية في البلدان المنخفضة الدخل، و23 في المائة منها في البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا، و17 في المائة منها في البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة العليا، و13 في المائة منها في البلدان المرتفعة الدخل. علاوة على ذلك، وفرت الأغذية المائية بالنسبة إلى 3.3 مليارات شخص، ما لا يقلّ عن 20 في المائة من متوسط متناول الفرد من البروتينات الحيوانية (الشكل 43). وساهمت الأغذية المائية في 50 في المائة أو أكثر من المتناول الإجمالي من البروتينات الحيوانية في كل من كمبوديا، وسيراليون، وبنغلاديش، وإندونيسيا، وغانا، وموزامبيق، وبعض الدول الجزرية الصغيرة النامية.

الشكل 42مساهمة البروتينات النباتية والحيوانية في المتوسط العالمي للمتناول اليومي من البروتينات، 2019

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة.
المصدر: منظمة الأغذية والزراعة.

الشكل 43نصيب الفرد من الأغذية المائية في إمدادات البروتينات الحيوانية، متوسط الفترة 2017–2019

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة.
إن التسميات المستخدمة وطريقة عرض المواد في هذا المنشور لا تعني التعبير عن أي رأي، مهما كان، من جانب منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة بشأن الوضع القانوني لأي بلد أو إقليم أو مدينة أو منطقة أو لسلطات أي منها، أو بشأن تعيين حدودها أو تخومها.
تمثّل الخطوط المنقطة بصورة تقريبية خط المراقبة في جامو وكشمير المتفق عليه بين الهند وباكستان. ولم يتفق الطرفان بعد على الوضع النهائي لجامو وكشمير. لم يتم بعد تحديد الحدود النهائية بين جمهورية السودان وجمهورية جنوب السودان.
لم يحدّد بعد الوضع النهائي لمنطقة أبيي. هناك نزاع قائم بين حكومة الأرجنتين وحكومة المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وآيرلندا الشمالية حول السيادة على جزر فوكلاند (مالفيناس).

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة.

التجارة في الأغذية المائية والوصول إليها

كما هو مبين أعلاه، تؤدي الجغرافيا دورًا رئيسيًا في تفسير الاختلافات في مستويات استهلاك الأغذية المائية بين البلدان. ولكنّ التجارة الدولية قد ساهمت في التخفيف من تأثير الموقع الجغرافي والإنتاج المحلي المحدود من خلال السماح لبلدان عديدة بالوصول إلى كميات أكبر وتنوّع أوسع من الأغذية المائية التي لم تكن متوافرة محليًا. وزادت حصة الواردات من الاستهلاك الإجمالي للأغذية المائية على مستوى العالم من 16 في المائة في عام 1961 إلى 32 في المائة في عام 2019. وإن الاعتماد على الواردات أكبر في البلدان الثرية حيث تسمح البنية التحتية لسلسلة الإمداد بنقل المنتجات المائية في ظروف جيدة وحيث يستطيع المستهلكون تحمّل كلفة الأنواع غير المنتجة محليًا، ولا سيما تلك ذات القيمة العالية. وفي الولايات المتحدة الأمريكية مثلًا، ارتفعت حصة الواردات من الاستهلاك الإجمالي للأغذية المائية من الثلث في عام 1961 إلى ثلاثة أرباع تقريبًا في عام 2019. وفي المقابل، يقوم استهلاك الأغذية المائية في البلدان المنخفضة الدخل على الإنتاج المحلي بشكل أساسي. وفي أوغندا مثلًا، مثّلت واردات الأغذية المائية 1 في المائة فقط من الاستهلاك الإجمالي للأغذية المائية في عام 2019. وتأتى الجزء الأكبر من إمدادات البلد من الإنتاج المحلي وتألف بصورة رئيسية من سردين المياه العذبة والبرش وأسماك البلطي التي يتم اصطيادها أو استزراعها في بحيرة فيكتوريا.

من الأنواع البرّية إلى الأنواع المستزرعة

أصبحت زيادة استهلاك الأغذية المائية ممكنة إلى حد كبير بفضل الزيادة الكبيرة في إنتاج تربية الأحياء المائية، فيما ظل إنتاج مصايد الأسماك الطبيعية راكدًا منذ نهاية تسعينات القرن الماضي. وارتفعت نسبة الأغذية المائية المتأتية من إنتاج تربية الأحياء المائية من 6 في المائة في ستينات القرن الماضي إلى 50 في المائة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وتشير التقديرات الأولية لعام 2020 إلى أن هذه النسبة استمرت في الازدياد لتبلغ 56 في المائة (الشكل 44). ومن المهم أيضًا الإشارة إلى أن هذه الأرقام لا تُعبِّر عن الكمية المتناولة بالفعل، بل عن الأغذية المتاحة للاستهلاك. وعلاوة على ذلك، مع مراعاة فقط الكمية الصالحة للأكل (أي باستبعاد القشور والأجزاء الأخرى غير الصالحة للأكل – علمًا أن مصطلح “الصالح للأكل” يتفاوت بتفاوت التقاليد)، من المرجح أن تبقى مصايد الأسماك الطبيعية المصدر الرئيسي للأغذية المائية التي يتم تناولها. ويُعزى ذلك إلى هيمنة تربية الأحياء المائية على إنتاج ثنائيات الصمامات والقشريات الذي يضمّ نسبة كبيرة نسبيًا من الأجزاء غير الصالحة للأكل. غير أنّ الهوة بدأت تضيق. ومرّة أخرى، ثمة اختلافات شديدة بين البلدان حيث تستهلك البلدان الآسيوية التي تُعتبر المنتج الرئيسي نسبة أكبر من الأسماك المستزرعة. إضافة إلى ذلك، تشير الإسقاطات إلى أن الحيوانات المائية المستزرعة ستكتسي أهمية أكبر في الاستهلاك العالمي للأغذية المائية في المستقبل (انظر القسم بعنوان الإسقاطات الخاصة بمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، الصفحة 210). وأدّت الزيادة الكبيرة في إنتاج تربية الأحياء المائية إلى تزايد الكميات المتوافرة وتراجع الأسعار، لا سيما بالنسبة إلى الأنواع التي أصبحت تُستزرع مقارنة بالأنواع المتأتية من الصيد البري. ونتيجة لذلك، ساهمت تربية الأحياء المائية في تعزيز الأمن الغذائي في العديد من البلدان النامية، ولا سيما في آسيا، من خلال إتاحة كميات أكبر من بعض أنواع المياه العذبة ذات القيمة المتدنية للاستهلاك المحلي.

الشكل 44المساهمات النسبية لتربية الأحياء المائية ومصايد الأسماك الطبيعية في الأغذية المائية المتاحة للاستهلاك البشري

المصدر: منظمة الأغذية والزراعة.
ملاحظة: يُعبّر عن البيانات بمكافئ الوزن الحي.
المصدر: منظمة الأغذية والزراعة.

ولكنّ زيادة إنتاج تربية الأحياء المائية لم تكن متجانسة بين جميع الأنواع إذ أنه يسهل استزراع بعض الأنواع أكثر من غيرها. علاوة على ذلك، باستطاعة قطاع تربية الأحياء المائية أن يتكيّف بسرعة وفعالية أكبر مع التغيّرات في أذواق المستهلكين ذلك أنه لدى منتجي تربية الأحياء المائية قدرة أكبر على التحكّم بإنتاجهم مقارنة بمنتجي مصايد الأسماك الطبيعية. ونتيجة لذلك، تغيّرت تركيبة الأنواع في الاستهلاك العالمي للأغذية المائية بشكل كبير على مرّ الزمن. فكان استهلاك القشريات متركّزًا بشكل أساسي في البلدان المرتفعة الدخل بسبب ارتفاع أسعارها. ولكن زاد توافر القشريات بحوالي خمسة أضعاف، من 0.4 كيلوغرامات إلى 2.2 كيلوغرامات بين عامي 1961 و2019 بفضل زيادة إنتاج الأربيان والجمبري المستزرعين وتراجع أسعارهما. ولوحظ اتجاه مماثل مع الرخويات (باستثناء رأسيات الأرجل) التي ارتفع استهلاك الفرد منها من 0.6 كيلوغرامات في عام 1961 إلى 2.5 كيلوغرامات في عام 2019. وشهدت أسماك المياه العذبة والثنائية المجال أعلى معدلات نمو في نصيب الفرد من الاستهلاك الذي زاد بأكثر من خمسة أضعاف من 1.5 كيلوغرامات في عام 1961 إلى 8.2 كيلوغرامات في عام 2019. ويعكس ذلك الطلب الآسيوي على بعض أنواع المياه العذبة والطلب القوي على أسماك السلمون والتروت، لا سيما في أوروبا وأمريكا الشمالية، وعلى أسماك البلطي في بلدان مختلفة. ولم تظهر مثل هذه الاختلافات الكبيرة في مجموعات الأسماك القاعية والسطحية، إذ بقيت حصتها من الاستهلاك العالمي المتوسط مستقرة عند حوالي 2.7 كيلوغرامات و3.0 كيلوغرامًا للفرد الواحد على التوالي.

وفي عام 2019، استحوذت الأسماك الزعنفية على حوالي 75 في المائة من استهلاك الفرد البالغ 20.5 كيلوغرامات، فيما استحوذت الأسماك الصدفية على النسبة المتبقية. واستأثرت أنواع المياه العذبة والثنائية المجال بحوالي 40 في المائة من استهلاك الفرد للأغذية المائية. واستحوذت الأسماك الزعنفية البحرية على 33 في المائة من هذا الاستهلاك، وكان 15 في المائة منها من أنواع الأسماك السطحية و13 في المائة من الأنواع القاعية و5 في المائة من الأسماك البحرية غير المحددة. وتألفت النسبة المتبقية من نصيب الفرد من الاستهلاك من الأسماك الصدفية، منها 12 في المائة من الرخويات (باستثناء رأسيات الأرجل) و11 في المائة من القشريات و2 في المائة من رأسيات الأرجل.

الطلب على الأغذية الصحية والسّهلة التحضير

أثّرت التغيّرات المجتمعية الكبيرة على قرارات المستهلكين، لا سيما في الاقتصادات الغنية. وأصبح تناول الأغذية الصحية الاتجاه السائد في مجال استهلاك الأغذية في ظل ارتفاع عدد الأشخاص الذين يعانون من الوزن الزائد والأمراض المرتبطة بالسمنة في العديد من البلدان. ونتيجة لذلك، زاد الطلب على الأغذية الصحية والمغذية، مثل الأغذية المائية، في السنوات الأخيرة. وترافق ذلك أيضًا مع تزايد اهتمام المستهلكين والموزّعين الرئيسيين باستدامة نظم الأغذية المائية، ولا سيما البُعدين البيئي والاجتماعي. وأسفر ذلك عن اعتماد المنتجين وتجّار التجزئة على مجموعة من خطط إصدار الشهادات والتوسيم لتلبية طلب المستهلكين على الأغذية المائية المستدامة.

وبالإضافة إلى المنتجات المائية الصحية والمستدامة، يبحث المستهلكون أيضًا عن سهولة التحضير، لا سيما في الاقتصادات الأكثر تقدمًا. فقد أدّت التغيّرات المجتمعية، بما في ذلك ارتفاع المداخيل وزيادة مشاركة المرأة في اليد العاملة والتوسّع الحضري وتقلّص حجم الأسر، إلى تزايد استخدام المنتجات الغذائية التي يسهل تحضيرها. وتكون هذه المنتجات معدّة مسبقًا ومغلّفة بشكل تجاري وبحاجة إلى حد أدنى من التحضير في المنزل أو من جانب قطاع الخدمات الغذائية، كما أنه يسهل طلبها وتوصيلها باستخدام المنصات الإلكترونية. ولقد زاد الاستخدام الواسع النطاق للهواتف الذكية وتطبيقات الهواتف المحمولة من شعبية الطلبات على الإنترنت وخدمتي التوصيل إلى المنازل و“اضغط واستلم”. وأعطت تدابير الإقفال التام ومتطلبات التباعد الجسدي في المراحل الأولى من تفشي جائحة كوفيد–19، زخمًا إضافيًا لهذا الاتجاه. وفي حين عانى المصدّرون من الاختلالات في الأسواق والتجارة في بداية الجائحة، ازدهر عمل موردي الأسماك الصغار والمحليين، الأمر الذي سلّط الضوء على أهمية النظم الغذائية المحلية وقدرتها على الصمود.

الطحالب

لا تندرج الأعشاب البحرية والطحالب الأخرى حاليًا في ميزانيات الأغذية الصادرة عن المنظمة في ما يتعلّق بالأغذية المائية، ما يعكس النقص في البيانات المتوافرة التي تم جمعها عن الأعشاب البحرية واستخداماتها في معظم البلدان. ومع أن الأعشاب البحرية شكلت على مدى قرون من الزمن جزءًا من النمط الغذائي اليومي لبعض البلدان، لا سيما في شرق آسيا، فإنها لا تزال غير مستخدمة بالقدر الكافي كغذاء في معظم البلدان. وتُعتبر الأعشاب البحرية أغذية صحية ومغذية وقليلة السعرات الحرارية. وفي حين تختلف تركيبتها التغذوية بين الأنواع، تحتوي الأعشاب البحرية عادة على كمية قليلة من الدهون وعلى مجموعة من المغذّيات الأساسية مثل الأحماض الدهنية غير المشبّعة المتعددة أوميغا–3 وأوميغا–6، والفيتامينات (ألف وجيم وهاء وباء12)، واليود، والألياف الغذائية، ومضادات الأكسدة. وبالإضافة إلى ما تتمتع به الأعشاب البحرية من قيمة تغذوية، فإن استهلاكها يعود بمنافع صحية عديدة مثل خفض ضغط الدم والوقاية من السكتة (Fitzgerald وآخرون، 2011). وفي ظل ازدياد عدد سكان العالم والتحديات البيئية، تمثّل الأعشاب البحرية واحدة من فرص الاستدامة العديدة التي يمكنها أن تساهم في تحقيق الأمن الغذائي العالمي إما كغذاء أو كعلف، بما في ذلك لتربية الأحياء المائية (Cai وآخرون، 2021). ويمكن استزراع الأعشاب البحرية في مياه البحر، وبالتالي فإنها لا تشكل منافسًا على الأراضي القابلة للزراعة ولا على المياه العذبة.

back to top عد إلى الأعلى