ضمان سلامة الأغذية وجودتها


صورة الغلاف

خطوط توجيهية لتقوية النُظم الوطنية
للرقابة على الأغذية

مطبوع مشترك بين منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية

1- تقديم

النُظم الفعالة للرقابة على الأغذية في مختلف البلدان هي أمر ضروري لحماية صحة المستهلكين المحليين وضمان سلامتهم. وهذه النُظم أيضاً حاسمة في تمكين البلدان من ضمان سلامة وجودة الأغذية التي تدخل التجارة الدولية وضمان اتفاق الأغذية المستوردة مع الاشتراطات الوطنية. وتفرض بيئة تجارة المنتجات الغذائية العالمية في الوقت الحاضر التزامات كبيرة على كل من البلدان المستوردة والمصدرة حتى تُعزز نُظم الرقابة على الأغذية لديها وحتى تُطبق وتُنفذ استراتيجيات للرقابة على الأغذية استناداً إلى تقييم الأخطار.

وقد أصبح المستهلكون يهتمون اهتماماً غير مسبوق بطريقة إنتاج الأغذية وتجهيزها وتسويقها، وتتزايد مطالباتهم بأن تتحمل الحكومات مسؤولية أكبر لحماية المستهلك وضمان سلامة الأغذية.

وتهم منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية اهتماماً كبيراً بتعزيز النُظم الوطنية للرقابة على الأغذية التي تستند إلى المبادئ والخطوط التوجيهية العلمية، والتي تتناول جميع قطاعات السلسلة الغذائية. ولهذا أهمية خاصة في البلدان النامية في سعيها إلى تحسين سلامة الأغذية وجودتها ورفع مستوى التغذية، ولكن هذا الأمر يتطلب مستوى عالياً من الالتزام السياسي.

وفي كثير من البلدان تكون الرقابة على الأغذية ضعيفة بسبب كثرة التشريعات وبسبب تعدد جهات الاختصاص وبسبب نقاط الضعف في الرقابة والرصد والإنفاذ. وتسعى الخطوط التوجيهية التالية إلى تقديم المشورة للسلطات الوطنية بشأن استراتيجيات تقوية نُظم الرقابة على الأغذية بما يضمن حماية الصحة العامة ويمنع الغش والتحايل، ويتجنب تلويث الأغذية، ويساعد على تسهيل التجارة. ومن شأن هذه الخطوط التوجيهية أن تساعد السلطات على اختيار أنسب الخيارات في نُظم الرقابة على الأغذية من حيث التشريع والبنية الأساسية وآليات الإنفاذ. وتوضح الوثيقة المبادئ الواسعة التي تحكم نُظم الرقابة على الأغذية، وتقدم أمثلة على البنية الأساسية والأساليب التي يمكن أن تسير عليها النُظم الوطنية.

وتستهدف هذه الخطوط التوجيهية السلطات الوطنية المعنية بضمان سلامة الأغذية وجودتها من أجل مصلحة المستهلكين والصحة العامة. كما أن هذه الخطوط التوجيهية ستساعد كثيراً من أصحاب المصلحة ومنهم مجموعات المستهلكين، ومنظمات الصناعة والتجارة، ومجموعات المزارعين وأي مجموعات أو رابطات أخرى تؤثر في السياسة الوطنية في هذا المجال.

2- مقدمة

وُضع هذا المطبوع المعنون ضمان سلامة الأغذية وجودتها: خطوط توجيهية لتقوية النُظم الوطنية للرقابة على الأغذية لتمكين السلطات الوطنية، وخصوصاً في البلدان النامية، من تحسين نُظم الرقابة على الأغذية.

وهذه الخطوط التوجيهية تحل محل مطبوع سابق صدر عن منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية بعنوان خطوط توجيهيـة لوضـع نظام وطني فعال للرقابة على الأغذية (1976) ضمن سلسلة FAO Food Control Series No. 1 وWHO Food Control No. 1. وطوال أكثر من 25 سنة كان المطبوع الأخير هو المرجع النهائي أمام البلدان النامية في تخطيط برامج الرقابة الوطنية وتنظيمها وتنفيذها. ولكن تغيّرت الأمور كثيراً منذ تلك الفترة. فقد تحقق تقدم في الرقابة على الأخطار التي تنقلها الأغذية كما تحققت تحسينات في التفتيش على الأغذية ونُظم الرقابة عليها. وأدت عولمة سلسلة توريد الأغذية، وتزايد أهمية هيئة الدستور الغذائي، والالتزامات الناشئة عن اتفاقات منظمة التجارة العالمية إلى اهتمام لم يسبق لـه مثيل بوضع مواصفات ولوائح غذائية، وبتقوية البنية الأساسية للرقابة على الأغذية على المستوى القطري.

ومن التحديات التي تواجه سلطات الرقابة على الأغذية:

وعلى المستوى العالمي يتزايد انتشار الأمراض المنقولة بواسطة الأغذية كما أن التجارة العالمية في الأغذية تتعرض لاختلال بسبب كثرة المنازعات في موضوعات سلامة الأغذية وجودتها. ويحتاج كثير من نُظم الرقابة على الأغذية إلى المراجعة والتعزيز إذا أُريد إدخال تحسينات عليها. ولم يكن أمام البلدان النامية في أي وقت مطلب أهم مما هو عليه الآن لإنفاذ وتطبيق نظام رقابة على الأغذية يستند إلى مفهوم تقييم الأخطار وهو المفهوم العصري السائد الآن. وتوفر الخطوط التوجيهية التي ستأتي فيما بعد معلومات مهمة عن المبادئ والممارسات التي تُطبق في الرقابة على الأغذية وعن الاتجاه الذي يبتعد عن مجرد توقيع عقوبات بل يسعى إلى الأسلوب الوقائي في الرقابة على الأغذية.

وتقع المسؤولية عن الرقابة على الأغذية في معظم البلدان على عدة وكالات أو وزارات. وقد تكون أدوار هذه الوكالات ومسؤوليتها مختلفة تمام الاختلاف وقد يكون هناك ازدواج كثير في نشاط التنظيم وقد يكون هناك تشتت في الرقابة وفي التنسيق. كما قد تكون هناك تباينات كبيرة في الخبرة وفي الموارد بين مختلف الوكالات، وربما تتعارض مسؤولية حماية الصحة العامة مع التزامات تيسير التجارة أو تطوير إحدى الصناعات أو أحد القطاعات.

وتوفر الخطوط التوجيهية التالية معلومات للوكالات الحكومية للمساعدة على وضع نُظم وطنية للرقابة على الأغذية ولتعزيز التعاون الفعال بين مختلف القطاعات العاملة في إدارة سلامة الأغذية وجودتها وفي الرقابة عليها. وتُبرز هذه الخطوط التوجيهية أهمية وجود علاقات فعالة ودعم متبادل بين الوكالات والمؤسسات الحكومية في الرقابة على الأغذية وغيرها من أصحاب المصلحة، وخصوصاً الصناعة الغذائية ومجموعات المستهلكين.

3- قضايا غذائية مهمة

1-3 سلامة الأغذية وجودتها وحماية المستهلكين

ربما يحدث خلط بين عبارتي سلامة الأغذية وجودة الأغذية. فالمقصود بسلامة الأغذية الإشارة إلى جميع مصادر الأخطار التي قد تكون مزمنة أو حادة والتي قد تجعل الأغذية مضرة بصحة المستهلكين. وسلامة الأغذية أمر لا يقبل التفاوض بشأنه. وأما جودة الأغذية فتعني جميع الصفات الأخرى التي تؤثر في تقييم المستهلكين للمنتجات ومن هذه الصفات صفات سلبية مثل التلف، أو التلوث بأي أوساخ، أو تغير اللون، أو وجود رائحة، كما تشمل صفات إيجابية مثل المنشأ، واللون، والطعم، والرائحة، والنسجة، وطريقة تجهيز الأغذية. ولهذا التمييز بين سلامة الأغذية وجودة الأغذية انعكاسات على السياسة العامة كما أنه يؤثر على طبيعة نظام الرقابة الغذائية ومحتوى هذا النظام حتى يكون أنسب لبلوغ الأهداف الوطنية المرسومة.

أما الرقابة على الأغذية فتعريفها:

... أنها نشاط تنظيمي إلزامي تتولى إنفاذه السلطات الوطنية أو المحلية لتوفير الحماية للمستهلكين والتأكد من أن جميع الأغذية ستكون مأمونة ومغذية وصالحة للاستهلاك البشري، أثناء مراحل الإنتاج والمناولة والتخزين والتجهيز والتوزيع، وأن تتفق مع اشتراطات السلامة والجودة، وأن تكون موسومة بطريقة صادقة ودقيقة على النحو المنصوص عليه في القانون.

وأهم مسؤولية في الرقابة على الأغذية هي إنفاذ قوانين الأغذية التي تحمي المستهلكين من الأغذية غير المأمونة أو غير النقية أو المغشوشة، وذلك بحظر بيع الأغذية التي لا تكون طبيعتها أو مادتها أو جودتها من النوع الذي يطلبه المشتري.

والثقة في سلامة الأغذية والاطمئنان إليها مطلب مهم في نظر المستهلكين. ومن شأن ظهور أمراض منقولة بالأغذية بسبب عوامل مثل Escherichia coli, Salmonella أو ملوثات كيميائية، أن يُبرز مشكلات سلامة الأغذية وأن يزيد من قلق الجمهور من أن نُظم الزراعة الحديثة ونُظم التجهيز والتسويق العصرية لا توفر الضمانات الكافية للصحة العامة. ومن العوامل التي تساهم في ظهور مصادر خطر في الأغذية عدم سلامة الممارسات الزراعية؛ نقص النظافة العامة في جميع مراحل السلسلة الغذائية؛ عدم وجود رقابة وقائية على عمليات التجهيز والإعداد؛ إساءة استخدام الكيميائيات؛ تلوث الخامات أو بقية العناصر أو المياه؛ عدم كفاية التخزين أو عدم سلامته وغير ذلك.

وكانت نواحي القلق من الأخطار الغذائية تتركز بصفة خاصة على ما يلي:

وقد توسعت هذه القائمة بعد ذلك لتشمل الكائنات المحورة وراثياً، ومسببات الحساسية، ومخلفات العقاقير البيطرية، وهرمونات تنشيط النمو التي تُستخدم في إنتاج المنتجات الحيوانية. ويمكن العثور على مزيد من التفاصيل في الملحق 3.

والمستهلكون يتوقعون أن تكون هناك حماية ضد الأخطار طوال مراحل السلسلة الغذائية ابتداءً من المنتجين حتى المستهلكين (التي يُشار إليها غالباً بأنها سلسلة من المزرعة إلى المائدة) ولن تتحقق الحماية إلا إذا كانت جميع قطاعات السلسلة تعمل بطريقة متكاملة وكانت نُظم الرقابة على الأغذية تتناول جميع مراحل تلك السلسلة.

ونظراً لأن أي نشاط إلزامي من هذا النوع لن يستطيع أن يبلغ جميع الأهداف دون تعاون ومشاركة كاملة من جميع أصحاب المصلحة مثل المزارعين وجهات الصناعة والمستهلكين فإن عبارة نظام الرقابة الغذائية تستخدم في هذه الخطوط التوجيهية لوصف تكامل الأسلوب التنظيمي الإلزامي مع الاستراتيجيات الوقائية والتثقيفية التي تحمي السلسلة الغذائية بأكملها. وعلى ذلك فإن نظام الرقابة الغذائية الأمثل يجب أن يشمل الإنفاذ الفعال للاشتراطات الإلزامية، إلى جانب التدريب والتثقيف، وبرامج الوصول إلى المجتمعات المحلية وتنشيط الامتثال الطوعي للنُظم. وقد أدى إدخال الأساليب الوقائية مثل نظام تحليل مصادر الخطر في نقاط الرقابة الحرجة (HACCP) إلى تحميل النشاط الصناعي مزيداً من المسؤولية عن الأخطار الغذائية ومزيداً من الرقابة عليها. وهذا الأسلوب المتكامل يُسهل تحسين حماية المستهلكين ويُنشط الزراعة وصناعات تجهيز الأغذية تنشيطا فعالاً، ويُنشط تجارة الأغذية على المستويين المحلي والوطني.

2-3 اعتبارات عالمية

(أ) التجارة الدولية

مع توسع الاقتصاد العالمي وتحرير تجارة الأغذية ونمو طلب المستهلكين وحدوث تطورات في علوم وتكنولوجيا الأغذية وإدخال تحسينات على وسائل النقل والاتصالات ستواصل التجارة الدولية في الأغذية الطازجة والمجهّزة طريقها في التوسّع.

وسيظل وصول البلدان إلى أسواق تصدير الأغذية رهناً بقدرتها على استيفاء الاشتراطات التنظيمية في البلدان المستوردة. ويعتمد فتح الأسواق أمام المنتجات الغذائية، والمحافظة على هذه الأسواق الخارجية، على بناء الثقة والاطمئنان لدى المستوردين والمستهلكين في أن النُظم الغذائية في البلدان المصدرة هي نُظم سليمة. ونظراً لأن الإنتاج الزراعي هو نقطة تركيز في اقتصادات معظم البلدان النامية فإن تدابير حماية الأغذية من هذا النوع تُعتبر تدابير ضرورية لها.

(ب) هيئة الدستور الغذائي

هيئة الدستور الغذائي هي جهاز مشترك بين الحكومات يُنسق المواصفات الغذائية على المستوى الدولي. وأهدافها الرئيسية هي حماية صحة المستهلكين وضمان اتباع الممارسات السليمة في تجارة الأغذية. وقد أثبتت الهيئة أكبر نجاح لها في تحقيق التنسيق الدولي لاشتراطات جودة الأغذية وسلامتها. وقد صاغت الهيئة مواصفات دولية لمجموعة واسعة من المنتجات الغذائية واشتراطات نوعية تشمل مخلفات المبيدات، الإضافات الغذائية، مخلفات العقاقير البيطرية، النظافة، الملوثات الغذائية، التوسيم ... وغير ذلك. وتستخدم الحكومات تلك التوصيات الصادرة عن الهيئة لوضع السياسات والبرامج بموجب نُظم الرقابة الغذائية لديها، ولتحسين تلك السياسات والبرامج. وفي الفترة الأخيرة بدأت الهيئة سلسلة من الأنشطة التي تستند إلى تقييم الأخطار من أجل معالجة موضوع الأخطار الميكروبيولجية في الأغذية، وهو موضوع لم يسبق البحث فيه. وقد أوجدت الهيئة وعياً في العالم بأكمله بمسائل سلامة الأغذية وجودتها وحماية المستهلكين، وحققت توافقاً دولياً في الرأي على كيفية معالجة هذه المسائل بالطريقة العلمية بتطبيق أسلوب قائم على الأخطار. وكانت النتيجة أن هناك تقييماً مستمراً لمبادئ سلامة الأغذية وجودتها على المستوى الدولي. ويتزايد الضغط لاعتماد تلك المبادئ على المستوى الوطني. ويمكن الحصول على مزيد من التفاصيل في الملحق 4.

(ج) اتفاق تطبيق تدابير الصحة والصحة النباتية واتفاق الحواجز التقنية أمام التجارة

عند انتهاء جولة أوروغواي من المفاوضات التجارية المتعددة الأطراف في مراكش نشأت منظمة التجارة العالمية في 1 يناير/كانون الثاني 1995، وبدأ نفاذ اتفاق تطبيق تدابير الصحة والصحة النباتية واتفاق الحواجز التقنية أمام التجارة. وهذان الاتفاقان لهما صلة بفهم اشتراطات تدابير الحماية الغذائية على المستوى الوطني، والقواعد التي تُطبق في تجارة الأغذية على المستوى الدولي.

ويؤكد اتفاق تدابير الصحة والصحة النباتية حق البلدان الأعضاء في منظمة التجارة العالمية في تطبيق تدابير لحماية الحياة والصحة البشرية والحيوانية والنباتية. ويغطي الاتفاق جميع القوانين والمراسيم واللوائح المتصلة بهذا الموضوع، كما يغطي جوانب الاختبار والتفتيش وإصدار الشهادات وإجراءات الموافقة، واشتراطات التعبئة والتوسيم المتعلقة بصفة مباشرة بسلامة الأغذية. والمطلوب من الدول الأعضاء ألا تطبق إلا تدابير تكون مستندة إلى المبادئ العلمية وأن تطبقها إلى الحد الضروري فقط، وبطريقة لا تضع قيوداً مقنعة أو قيوداً خفية على التجارة الدولية. ويُشجع البرنامج على استخدام المواصفات الدولية والخطوط التوجيهية والتوصيات الدولية إذا كانت موجودة، ويرى أن تلك الصادرة عن هيئة الدستور الغذائي (المتعلقة بالإضافات الغذائية وبالعقاقير البيطرية وبمخلفات المبيدات، وبالملوثات وبأساليب التحليل وأخذ العينات، وبمدونات السلوك والخطوط التوجيهية الخاصة بممارسات النظافة العامة) تتماشى مع أحكام الاتفاق. وعلى ذلك فإن معايير الهيئة تُعتبر علامة قياس للمقارنة بين مختلف التدابير الوطنية للصحة والصحة النباتية. ورغم أن الدول الأعضاء ليست مُلزمة بتطبيق معايير الهيئة فإن من مصلحتها تماماً أن تُنسق معاييرها الغذائية الوطنية مع تلك التي تضعها الهيئة.

وأما اتفاق الحواجز التقنية أمام التجارة فيتطلب ألا تكون اللوائح الفنية المتعلقة بعوامل الجودة التقليدية وممارسة الغش، والمتعلقة بالتعبئة والتوسيم ... وغير ذلك من القواعد التي تفرضها الأعضاء أشد قيوداً على المنتجات المستوردة من تلك المفروضة على المنتجات المحلية. كما أنه يُشجع على استخدام المواصفات الدولية. ويمكن الحصول على مزيد من التفاصيل في الملحق 5.

4- عناصر النظام الوطني للرقابة على الأغذية

1-4 الأهداف

الأهداف الرئيسية في نُظم الرقابة الوطنية على الأغذية هي:

2-4 نطاق هذه النُظم

يجب أن تشمل نُظم الرقابة على الأغذية جميع الأغذية المنتجة والمجهزة والمسوقة داخل البلد، بما في ذلك الأغذية المستوردة. ويجب أن يكون لهذه النُظم أساس قانوني وأن تكون إلزامية في طبيعتها.

3-4 عناصر بناء هذه النُظم

ستختلف مكونات نظام الرقابة على الأغذية وأولوياته من بلد إلى بلد، ولكن معظم النُظم ستتضمن في العادة المكونات التالية:

(أ) قانون الأغذية ولوائحه التنفيذية

من الضروري وضع قوانين ولوائح غذائية صالحة للتنفيذ لإقامة نظام عصري للرقابة على الأغذية. وتكون التشريعات الغذائية في كثير من البلدان غير وافية ويؤثر ذلك على فاعلية جميع أنشطة الرقابة الغذائية التي يمارسها البلد.

ويتألف قانون الأغذية بصفة عامة من تعاريف قانونية للأغذية غير المأمونة، ووصف أدوات الإنفاذ التي تُستخدم في استبعاد الأغذية غير المأمونة من التجارة، وتوقيع العقوبة على المسؤولين بعد ثبوت الوقائع. ولا تخوّل هذه التشريعات بصفة عامة سلطة واضحة وولاية صريحة لوكالات الرقابة على الأغذية من أجل منع وقوع مشكلات في سلامة الأغذية. والنتيجة هي أن برامج سلامة الأغذية تكتفي بالعمل بعد وقوع المخالفة وتتجه نحو الإنفاذ بدلاً من أن تتجه نحو الوقاية وإتباع أسلوب شامل لتخفيض أخطار الأمراض التي تنقلها الأغذية. ولكن قوانين الأغذية الحديثة أصبحت تنص، بالقدر الممكن، على السلطات القانونية اللازمة والنصوص التي تضمن سلامة الأغذية، والتي تسمح أيضاً للجهة أو الجهات المختصة بالأغذية بأن تتبع أسلوباً وقائياً.

وتحتاج الحكومات، إلى جانب التشريع، إلى وجود مواصفات غذائية حديثة. وفي السنوات الأخيرة أمكن استبدال المواصفات التي توضع على شكل قواعد بمواصفات أخرى أُفقية تعالج القضايا الواسعة الداخلة ضمن أهداف السلامة الغذائية. وإذا كانت المواصفات الأُفقية تُعتبر أسلوباً سليماً لبلوغ أهداف سلامة الأغذية فإنها تتطلب وجود سلسلة غذائية خاضعة لرقابة كبيرة ووجود بيانات جيدة عن أخطار سلامة الأغذية، واتباع استراتيجيات إدارة الإخطار، وهي لهذا قد لا تكون سهلة التطبيق في كثير من البلدان النامية. وبالمثل فإن كثيراً من المعايير الخاصة بقضايا جودة الأغذية قد أُلغيت وحلت محلها اشتراطات التوسيم.

وعند إعداد اللوائح والمواصفات الغذائية ينبغي للبلدان أن تستفيد من مواصفات هيئة الدستور الغذائي ومن دروس البلدان الأخرى في موضوع سلامة الأغذية. ولذا فإن مراعاة تجارب البلدان الأخرى أثناء صياغة المعلومات والمفاهيم والاشتراطات ضمن السياق الوطني ستكون هذه هي الطريقة الوحيدة لوضع إطار تنظيمي عصري ويلبي متطلبات الشركاء التجاريين.

والمفروض في تشريع الأغذية أن يتضمن الجوانب التالية:

ويتضمن الملحق 6 خطوطاً توجيهية لوضع قوانين الأغذية.

(ب) كيفية إدارة الرقابة على الأغذية

حتى تكون نُظم الرقابة على الأغذية نُظماً فعالة لا بد من سياسة عامة على المستوى الوطني ولا بد من التنسيق على مستوى العمليات. ويحدد تشريع كل بلد تفاصيل هذه المسائل ولكن المفروض بصفة عامة أنها تتضمن إنشاء وظيفة قيادية وهياكل إدارية ذات مسؤولية واضحة عن قضايا مثل: وضع وتنفيذ سياسة وطنية متكاملة للرقابة على الأغذية؛ تشغيل برامج الرقابة الوطنية؛ الحصول على الأموال والموارد اللازمة؛ وضع المواصفات واللوائح التنظيمية؛ المشاركة في الأنشطة الدولية للرقابة على الأغذية؛ وضع إجراءات لحالات الطوارئ؛ إجراء تحليلات للأخطار وغير ذلك.

ومن بين المسؤوليات الأساسية وضع تدابير تنظيمية وضمان حسن الأداء في نظام الرصد، وإدخال التحسينات باستمرار وتوفير الإشراف العام.

(ج) إدارات التفتيش

لا بد في تنفيذ قوانين الأغذية وتطبيقها من وجود إدارات مؤهلة ومدربة وكفؤة ونزيهة للتفتيش على الأغذية. ومفتش الأغذية هو الموظف الرئيسي الذي لـه اتصال يومي بصناعات الأغذية وتجارتها، وفي كثير من الأحيان بالجمهور أيضاً. وعلى نزاهة مفتش الأغذية ومهارته تعتمد سمعة نظام الرقابة الغذائية وسلامته إلى حد بعيد. وتشمل مسؤوليات إدارات التفتيش ما يلي:

والشرط الأولي حتى يكون نظام الرقابة على الأغذية نظاماً كفؤاً هو أن يكون مفتشو الأغذية مدربين تدريباً سليماً. ولما كانت النُظم الغذائية معقدة في الوقت الحاضر فيجب أن يكون المفتش مدربا على علوم الأغذية والتكنولوجيا حتى يفهم العمليات الصناعية، ويتعرف على المشكلات التي قد تظهر في الجودة والسلامة، وتكون لديه المهارات والخبرات للتفتيش على الأماكن وجمع عينات الأغذية وعمل تقييم شامل للأوضاع. ويجب أن يتمتع المفتش بفهم جيد للقوانين واللوائح الغذائية، وأن يفهم سلطاته بموجب هذه القوانين والالتزامات التي تفرضها على قطاع الأغذية. ويجب أن يكون المفتش عالماً بإجراءات جمع الأدلة وكتابة محاضر التفتيش وجمع العينات وإرسالها للتحليل في المختبرات. ومع التدرج في إدخال نظام نقاط الرقابة الحرجة في صناعة الأغذية يجب أن يكون المفتش مدرباً على تحمل مسؤوليات تدقيق هذا النظام. ومن الواضح أن هناك حاجة مستمرة إلى التدريب ورفع مهارات موظفي التفتيش الموجودين الآن وإلى ضرورة وجود سياسة لتنمية الموارد البشرية، وخصوصاً لإيجاد مفتشين متخصصين في مجالات فنية بعينها.

ونظراً لأن الموارد البشرية قد تكون محدودة في بعض وكالات الرقابة على الأغذية في البلدان النامية فكثيراً ما يُكلف مفتشو الصحة البيئية بأن يؤدوا أيضاً عمل مفتشي الأغذية. وهذا الوضع ليس هو الوضع المثالي لأنهم قد يفتقرون إلى المهارات والمعارف للتقييم ولإجراء عمليات التفتيش على الأغذية. وإذا كان لا بد من استخدام مفتشي الصحة البيئية فيجب إذن أن يكون عليهم إشراف كافٍ وأن يحصلوا على تدريب على الوظيفة.

(د) خدمات المختبرات: رصد الأغذية والبيانات الوبائية

المختبرات هي واحدة من المكونات الضرورية في نظام الرقابة على الأغذية. ويتطلب إنشاء المختبرات استثماراً رأسمالياً كبيراً كما أن صيانتها وتشغيلها تتكلف الكثير. ولهذا فإن التخطيط الدقيق لا بد منه للحصول على أفضل النتائج. فيجب تحديد عدد المختبرات ومواقع وجودها مع مراعاة أهداف النظام وحجم العمل. فإذا كان المطلوب أكثر من مختبر واحد يجب النظر في توزيع أعمال التحليل حتى يمكن التوصل إلى تغطية فعالة في تحليلات الأغذية الواجب إجراؤها، كما يجب أيضاً وجود مختبر مرجعي مركزي مجهز لعمل التحليلات المعقدة والمرجعية.

وقد لا تكون مختبرات تحليل الأغذية خاضعة كلها لوزارة واحدة أو وكالة واحدة، وقد يكون بعضها خاضعاً لتشريع ولاية معينة أو مقاطعة أو سلطات محلية. ولكن يجب على إدارة الرقابة على الأغذية أن تضع معايير لمختبرات الرقابة على الأغذية وأن ترصد عمل هذه المختبرات.

ويجب أن تتوافر في المختبرات مرافق كافية لعمل التحليلات الفيزيائية والميكروبيولوجية والكيميائية. ويمكن تجهيز المختبرات أيضاً بأدوات وأجهزة أكثر تعقيداً، وبمكتبة إذا استلزم الأمر، بالإضافة بالطبع إلى ما يلزم لإجراء التحليلات الروتينية. وليس المهم هو نوع المعدات لضمان دقة نتائج التحليل وإمكان الاعتماد عليه بل لا بد أيضاً من توافر مهارات ومؤهلات لدى القائم بالتحليل ولا بد من أن تكون الطريقة المستخدمة طريقة يمكن الوثوق بها. وكثيراً ما تستخدم نتائج التحليل كدليل أمام المحاكم لتقرير الامتثال مع المواصفات أو اللوائح المطبقة في البلد ولهذا فمن الضروري جداً أن يكون المختبر قادراً على أداء العمل بطريقة فعالة وكفؤة. ومن شأن إدخال برامج لضمان جودة التحليلات، واعتماد المختبر من جانب جهة اعتماد داخل البلد أو خارجه، أن يستطيع المختبر تحسين أدائه وضمان موثوقية نتائجه ودقتها وإمكان تكرارها. كما أن من المفيد في هذا الجهد وضع أساليب رسمية منصوص عليها لأخذ العينات وإجراء التحليلات.

ومن العناصر المهمة في أي نظام وطني للرقابة على الأغذية اندماجه في نظام وطني لسلامة الأغذية بحيث يمكن الكشف عن الروابط بين تلوث الأغذية والأمراض التي تنقلها الأغذية، وتحليل هذه الروابط. ومن الأمور الحاسمة إمكان الحصول على معلومات حديثة وموثوق بها عن مدى انتشار الأمراض المنقولة بالأغذية. وغالباً ما تكون المختبرات اللازمة لهذا النوع من النشاط موجودة خارج وكالات الرقابة على الأغذية. ولكن من الضروري إقامة روابط فعالة بين وكالات الرقابة على الأغذية ونظام الصحة العامة، بما في ذلك المختصون بالوبائيات وبالميكروبيولوجيا. فبهذه الطريقة يمكن ربط معلومات الأمراض المنقولة بالأغذية مع بيانات رصد الأغذية والتوصل إلى وضع سياسات رقابة مناسبة وقائمة على الأخطار. وهذه المعلومات تشمل الاتجاهات السنوية في انتشار الأمراض، والتعرف على المجموعات السكانية المعرضة لها، والتعرف على الأغذية الخطرة، والتعرف على أسباب الأمراض المنقولة بالأغذية ومحاولة تتبعها، ووضع نُظم للإنذار المبكر في حالات انتشار الأمراض وتلوث الأغذية.

(هـ) الإعلام والتثقيف والاتصالات والتدريب

تؤدي نُظم الرقابة على الأغذية دوراً متزايد الأهمية في تقديم المعلومات والتثقيف والمشورة لأصحاب المصلحة في السلسلة المعروفة باسم "من المزرعة إلى المائدة". وتشمل هذه الأنشطة تقديم معلومات واقعية متوازنة للمستهلكين؛ تقديم مجموعات معلومات وبرامج تثقيفية للمسؤولين الرئيسيين والعاملين في صناعة الأغذية؛ وضع برامج لتدريب المدربين؛ توفير الكتابات المرجعية للعاملين في الإرشاد في القطاعين الزراعي والصحي.

ويجب على وكالات الرقابة على الأغذية أن تُعالج الاحتياجات التدريبية الخاصة بمفتشي الأغذية التابعين لها وبالمحللين في المختبرات باعتبار أن ذلك مسألة ذات أولوية عالية. فهذه الأنشطة هي وسيلة مهمة لبناء مهارات وخبرات الرقابة على الأغذية لدى جميع الأطراف المعنية، وبالتالي فإنها تؤدي وظيفة وقائية مهمة.

5- تقوية النُظم الوطنية للرقابة على الأغذية

1-5 مبادئ الرقابة على الأغذية: قضايا تستحق النظر

عند النظر في إقامة نُظم للرقابة على الأغذية أو تحديثها أو تقويتها أو إعادة تعديلها بأي شكل كان يجب أن تراعي السلطات الوطنية عدداً من المبادئ والقيم التي تُدعم أنشطة الرقابة على الأغذية، ومن بينها ما يلي:

وفيما يلي تفصيل بعض المبادئ الأساسية وما يرتبط بها من قضايا.

(أ) مفهوم متكامل من "المزرعة إلى المائدة"

يمكن بلوغ هدف تقليل الأخطار بأكفأ طريقة باتباع مبدأ الوقاية طوال سلسلة الإنتاج والتجهيز والتسويق. ولتحقيق أقصى وقاية للمستهلكين يكون من الضروري إدخال مبادئ السلامة والجودة في المنتجات الغذائية ابتداءً من مرحلة الإنتاج وانتهاءً بمرحلة الاستهلاك. ويتطلب ذلك اتباع أسلوب شامل ومتكامل هو أسلوب "من المزرعة إلى المائدة" الذي يؤدي فيه كل من المنتجين والمجهزين والناقلين والبائعين والمستهلكين أدواراً حيوياً في ضمان الجودة والسلامة الغذائية.

ومن المحال توفير حماية كافية للمستهلكين بمجرد أخذ العينات من المنتجات النهائية وتحليلها. فإدخال التدابير الوقائية في جميع مراحل سلسلة الإنتاج والتوزيع، بدلاً من الاكتفاء بالتفتيش ورفض المنتجات في المرحلة النهائية، هو الذي يُحقق الفائدة الاقتصادية لأن المنتجات غير السليمة يمكن التعرف عليها منذ بداية السلسلة الغذائية.والاستراتيجية الاقتصادية والفعالة هي تكليف منتجي الأغذية ومختلف العاملين في السلسلة بالمسؤولية الأولى عن السلامة والجودة. ويكون المنظمون الحكوميون مسؤولين إذن عن التدقيق في أداء السلسلة الغذائية من خلال أعمال الرصد والإشراف، كما يكونون مسؤولين عن إنفاذ الاشتراطات القانونية والتنظيمية.

وقد تظهر مصادر الأخطار، كما قد تضيع جودة الأغذية في عدة نقاط من نقاط السلسلة الغذائية، ومن الصعب اختبار وجود هذه الأخطار أو الوقائع إذ أن ذلك يتكلف تكاليف باهظة. ولكن أي أسلوب وقائي ومُحكم لمراقبة العمليات هو أفضل طريقة لتحسين السلامة والجودة الغذائية. فقد لا يمكن تجنب كل الأخطار ولكن من الممكن تجنب معظمها في السلسلة الغذائية بفضل تطبيق الممارسات الجيدة أي الممارسات الزراعية الجيدة والممارسات الصناعية الجيدة والممارسات الصحية الجيدة.

ومن الأساليب الوقائية المهمة التي يمكن تطبيقها في جميع مراحل إنتاج الأغذية وتجهيزها ومناولتها نظام تحليل الأخطار في نقاط الرقابة الحرجة. ولهذا النظام مبادئ رسمية وضعتها لجنة الدستور الغذائي المعنية بنظافة الأغذية1، وهو يوفر الإطار المنتظم للتعرف على الأخطار التي تنقلها الأغذية ومكافحة هذه الأخطار. وينبغي أن تعترف الحكومات بأن تطبيق هذا النظام من جانب الصناعات الغذائية سيكون أداة أساسية في تحسين سلامة الأغذية.

(ب) تحليل الأخطار

التعريف المتبع في هيئة الدستور الغذائي لتحليل الأخطار هو أنها عملية تتألف من ثلاثة مكونات:

  • وقد أصبح تقييم الأخطار أمراً ثابتاً بالنسبة لمصادر الأخطار الكيميائية، وأخذت منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية توسع الخبرة والتجربة المستقاة من تحليل الأخطار ذات المصدر الكيميائي بحيث تشمل المصادر الميكروبيولوجية.

    ويجب أن يكون تحليل الأخطار هو أساس سياسة الرقابة على الأغذية وأساس تدابير حماية المستهلكين. وقد لا تكون لدى جميع البلدان مصادر علمية كافية ولا قدرات أو بيانات كافية لعمل تقييم الأخطار وقد لا يكون من الضروري في جميع الحالات توليد بيانات محلية لهذا الغرض. ولكن بدلاً من ذلك يجب أن تستخدم البلدان البيانات والخبرة الدولية استخداماً كاملاً، وكذلك البيانات من البلدان الأخرى التي تتفق مع الأساليب المقبولة دولياً. ومن المفيد جداً استخدام تقييمات الأخطار التي وضعتها على المستوى الدولي كل من اللجنة المشتركة بين منظمتي الأغذية والزراعة والصحة العالمية المعنية بالإضافات الغذائية واللجنة المشتركة بين المنظمتين والمعنية بمخلفات المبيدات (انظر الملحق 7) وغير ذلك من هيئات الخبراء. وينبغي للبلدان النامية أن تسير على أسلوب عملي وأن تُنشئ مجموعة من العلميين القادرين على تفسير هذه البيانات والتقييمات، وأن تستخدم تلك المعلومات عند وضع برامجها للرقابة على الأغذية.

    والمعروف أن مواصفات هيئة الدستور الغذائي تراعي التقييمات التي نُفذت على المستوى الدولي، وهذه المواصفات مقبولة باعتبارها سليمة من الناحية العلمية بموجب اتفاق تدابير الصحة والصحة النباتية. وعلى ذلك فإن اعتمادها وتنفيذها ضمن النُظم الوطنية للرقابة على الأغذية هو أمر سليم بل يجب التشجيع عليه.

    ويجب في إدارة الأخطار مراعاة النتائج الاقتصادية وإمكان تنفيذ خيارات إدارة الأخطار، والاعتراف بضرورة المرونة بما يحترم متطلبات حماية المستهلكين.

  • (ج) الشفافية

    يجب أن تكون هناك شفافية في وضع نظام الرقابة وفي تنفيذه. وتعتمد ثقة المستهلكين في سلامة الأغذية وجودتها على تصور المستهلكين لنزاهة عمليات وأنشطة الرقابة على الأغذية ومدى فاعلية هذه العمليات والأنشطة. وعلى ذلك فمن المهم أن تكون جميع خطوات اتخاذ القرارات شفافة، وأن تسمح لجميع أصحاب المصلحة في السلسلة الغذائية بتقديم مساهمات فعالة، وأن تشرح أساس جميع القرارات. فمن شأن ذلك أن يشجع على التعاون بين جميع الأطراف المعنية وأن يُحسّن كفاءة الامتثال لهذه النُظم ومعدل الامتثال لها.

    وينبغي أيضاً أن تفحص سلطات الرقابة على الأغذية طريقة تبليغ الجمهور بالمعلومات عن سلامة الأغذية. فقد يكون هذا التبليغ على شكل آراء علمية عن سلامة الأغذية، أو شكل استعراضات لنشاط التفتيش على الأغذية، أو الاستنتاجات المستخرجة من ظهور أمراض منقولة بالأغذية أو حالات تسمم غذائي أو حالات الغش الواضح. ويجب أن يكون كل ذلك جزءاً من الإبلاغ عن المخاطر حتى يستطيع المستهلكون أن يفهموا الأخطار وأن يدركوا مسؤولياتهم عن تقليل تأثيرات الأمراض المنقولة بالأغذية.

    (د) تقييم تأثير اللوائح

    عند تخطيط تدابير الرقابة وتنفيذها يجب إيلاء الاعتبار الواجب لتكاليف الامتثال التي تتحملها صناعة الأغذية (من حيث الموارد المالية والعاملين والانعكاسات المالية)، لأن هذه التكاليف ستنتقل في نهاية الأمر إلى عاتق المستهلكين. والأسئلة المهمة التي يجب طرحها هي: هل منافع التنظيم تبرر تكاليفه؟ ما هي أكفأ خيارات الإدارة؟ فنُظم الرقابة على الصادرات التي تهدف إلى ضمان سلامة وجودة الصادرات الغذائية ستحمي الأسواق الدولية وتُولد فرصاً تجارية وتضمن العائدات منها. كما أن تدابير صحة الحيوان والنبات من شأنها أن تُحسن الإنتاجية الزراعية. وعلى العكس من ذلك فإن سلامة الأغذية هي هدف أساسي من أهداف السياسة الصحية وقد تفرض تكاليف على المنتجين، ولكن الاستثمارات في سلامة الأغذية قد لا تدر عائداً فورياً في الأسواق.

    وتتزايد أهمية تقييم تأثير اللوائح أو التنظيمات عند تحديد الأولويات، كما أنها تُساعد وكالات الرقابة الغذائية على تكييف استراتيجياتها أو إعادة النظر فيها لتحقيق أكبر الآثار النافعة. ولكنها تقييمات صعبة في الحقيقة، وهناك أسلوبان مقترحان لتحديد التكاليف والمنافع المتولدة من تدابير تنظيم سلامة الأغذية:

    وكلا الأسلوبين يتطلب معلومات وفيرة للوصول إلى تفسيرات مقبولة. وربما تكون تقديرات تكاليف الأمراض أسهل أمام واضعي السياسات، وقد استخدمت على نطاق واسع لتبرير تدابير الرقابة على الأغذية، حتى إذا لم يكن هذا الأسلوب قادراً على قياس كامل قيمة تخفيض الأخطار. وليس من الغريب أن يكون من الأسهل عمل تقييمات لتأثير التنظيمات في حالة التفتيش على الصادرات أكثر مما هو في حالة اتباع سياسة تنظيمية تريد الوصول إلى نتيجة في مجال الصحة العامة.

    2-5 وضع استراتيجية وطنية للرقابة على الأغذية

    لا بد لبلوغ أهداف نظام الرقابة على الأغذية من معرفة الوضع الجاري ووضع استراتيجية وطنية للرقابة على الأغذية. وبرامج تنفيذ هذه الأهداف هي في الغالب برامج قطرية في نوعيتها. وهي تتأثر أيضاً بالقضايا الحالية والجديدة في مجال السلامة والجودة، شأنها شأن بقية الاعتبارات الاجتماعية والاقتصادية. ولا بد في هذه البرامج من مراعاة التصورات الدولية للأخطار الغذائية، ومراعاة المواصفات الدولية، وأي التزامات دولية في مجال الحماية الغذائية. وعلى ذلك فعند وضع نظام الرقابة على الأغذية يكون من الضروري فحص جميع العوامل التي قد تؤثر على الأهداف وعلى أداء النظام فحصاً دقيقاً، ووضع استراتيجية وطنية على هذا الأساس.

    (أ) جمع المعلومات

    يتحقق جمع المعلومات بالحصول على البيانات ذات الصلة بالموضوع وتجميعها في شكل ملامح قطرية (انظر الملحق 8). وستكون هذه البيانات هي أساس وضع الاستراتيجية، حين يتحقق توافق الرأي بين أصحاب المصلحة على الأهداف والأولويات والسياسات والأدوار التي تؤديها مختلف الوزارات والوكالات، وعلى مسؤولية جهات الصناعة، وعلى جدول زمني للتنفيذ. وبوجه خاص يمكن التعرف على المشكلات الرئيسية في مجالات مكافحة الأمراض المنقولة بالأغذية والوقاية منها بحيث يمكن تنفيذ استراتيجيات فعالة لحل تلك المشكلات.

    ومن شأن الملامح القطرية أن تسمح باستعراض القضايا الصحية والاجتماعية والاقتصادية التي تؤثر على مصادر الأخطار الغذائية، وعلى اهتمامات المستهلكين، ونمو الصناعة والتجارة، والتعرف على الوظائف التي تؤديها مختلف القطاعات والتي تكون لها صلة مباشرة أو غير مباشرة بضمان السلامة والجودة الغذائية وحماية المستهلكين. ويُعتبر جمع البيانات الوبائية عن الأمراض المنقولة بالأغذية عنصراً لا غنى عنه في الملامح القطرية ويجب تنفيذه كلما أمكن.

    (ب) وضع الاستراتيجية

    بفضل إعداد استراتيجية وطنية للرقابة على الأغذية يستطيع البلد أن يضع نظاماً متكاملاً ومتناسقاً وفعالاً وديناميكياً للرقابة على الأغذية، وأن يحدد الأولويات التي تضمن حماية المستهلكين وتُنشط التنمية الاقتصادية. ويجب أن توفر هذه الاستراتيجية تناسقاً أفضل بين المواقف التي تعمل فيها عدة وكالات دون أن تكون هناك سياسة وطنية أو آلية تنسيق شاملة. ففي هذه الحالات الأخيرة تستطيع الاستراتيجية أن تمنع الخلط وازدواجية الجهود ونقص الكفاءة في الأداء وتبديد الموارد.

    وليس من السهل وضع استراتيجيات للرقابة الغذائية بأهداف واضحة، وقد يكون من الصعب تماماً التعرف على الأولويات لتوجيه الاستثمارات الحكومية في الرقابة على الأغذية. ويجب أن تستند الاستراتيجية إلى مدخلات من مختلف القطاعات وأن تُركز على الحاجة إلى الأمن الغذائي وإلى حماية المستهلكين من الأغذية غير المأمونة أو الأغذية المغشوشة أو الموسومة توسيماً كاذباً. وفي نفس الوقت يجب أن تراعي الاستراتيجية المصالح الاقتصادية للبلد في مجالي تجارة التصدير والاستيراد، وأن تراعي تطور الصناعات الغذائية ومصالح المزارعين ومنتجي الأغذية. وينبغي أن تسير الاستراتيجيات على أسلوب قائم على الأخطار لتحديد أولويات العمل. ويجب أن تكون مجالات الامتثال الطوعي ومجالات العمل الإلزامي محددة تحديداً واضحاً، مع وجود جداول زمنية لكل من النوعين. ويجب أيضاً النظر في ضرورة تنمية الموارد البشرية وتعزيز البنية الأساسية مثل المختبرات.

    وهناك أنواع من الرقابة على الأغذية تتطلب استثمارات رأسمالية ثابتة ضخمة من حيث المعدات والموارد البشرية. وقد يكون من السهل تبرير هذه التكاليف في الشركات الكبرى ولكن فرضها على شركات أصغر قد لا يكون أمراً مناسباً. ولذلك فإن تنفيذ التدخلات على مراحل تدريجية هو أمر مطلوب. فمثلاً قد تسمح البلدان للمنشآت الصغيرة بفترات زمنية أطول لإدخال نظام تحليل الأخطار في نقاط الرقابة الحرجة.

    وتتأثر الاستراتيجية بمرحلة النمو التي وصل إليها البلد، وبحجم اقتصاده، وبمستوى تقدم صناعاته الغذائية. ويجب أن تتضمن في صيغتها النهائية:

    3-5 تعزيز الهياكل التنظيمية في النُظم الوطنية للرقابة على الأغذية

    نظراً لاتساع نطاق نُظم الرقابة على الأغذية فهناك على الأقل ثلاثة أنواع من الترتيبات التنظيمية التي قد تكون مناسبة على المستوى الوطني. وهي:

    (أ) نظام تعدد الوكالات

    إذا كانت سلامة الأغذية هي الهدف الأولي فإن نُظم الرقابة على الأغذية لها أيضاً هدف اقتصادي مهم هو إيجاد نُظم مستدامة لإنتاج الأغذية وتجهيزها، والإبقاء على هذه النُظم. وفي هذا الخصوص يمكن أن تؤدي نُظم الرقابة دوراً مهماً فيما يلي:

    ويمكن أن تكون النُظم التي تعالج هذه الأهداف نظماً قطاعية أي تستند إلى ضرورة تنمية قطاع بعينه مثل قطاع مصايد الأسماك أو قطاع اللحوم ومشتقاتها، أو قطاع الخضر والفواكه، أو قطاع منتجات الألبان. ويمكن أن تكون هذه النظم إلزامية أو طوعية ويمكن تنفيذها إما بقانون عام للأغذية أو بلوائح قطاعية. ومن الأمثلة على ذلك:

    وعندما كانت المبادرات القطاعية تؤدي إلى أنشطة رقابة منفصلة كانت النتيجة هي تعدد الوكالات المسؤولة عن الرقابة على الأغذية. والمعتاد في مثل هذه الترتيبات أن تكون المسؤولية مشتركة بين عدة وزارات حكومية مثل وزارة الصحة ووزارة الزراعة ووزارة التجارة ووزارة البيئة ووزارة الصناعة ووزارة السياحة وتكون لكل واحدة منها مسؤوليات وأدوار محددة ولكنها مختلفة. وقد يؤدي ذلك في بعض الحالات إلى مشكلات مثل ازدواجية النشاط التنظيمي وزيادة البيروقراطية وتفتت العمل وعدم وجود التنسيق اللازم بين مختلف الأجهزة العاملة في السياسة الغذائية، ونقص أعمال الرصد والرقابة على سلامة الأغذية. فمثلاً قد يكون تنظيم قطاع اللحوم ومشتقاتها والإشراف عليه منفصلا عن الرقابة الغذائية التي تمارسها وزارة الصحة إذ قد يكون قطاع اللحوم في يد وزارة الزراعة أو في يد العاملين في الصناعة الذين يتولون الأنشطة البيطرية، وقد لا تكون البيانات المتولدة من هذا النشاط مرتبطة ببيانات الصحة العامة أو ببرامج رصد سلامة الأغذية.

    كذلك قد تكون نُظم الرقابة على الأغذية مقسمة بين أجهزة وطنية وأجهزة في الولايات أو في المقاطعات، وفي هذه الحالة تعتمد دقة التنفيذ على قدرة كل وكالة على كل مستوى ومدى كفاءة تلك الوكالة. وعلى ذلك فقد لا يحصل المستهلكون على نفس المستوى من الحماية في جميع أنحاء البلد وقد يكون من الصعب وضع تقييم دقيق لمدى فاعلية تدخلات من جانب كل من السلطات الوطنية أو السلطات المحلية.

    وإذا كان المعتاد هو أن تكون هناك وكالات متعددة للرقابة على الأغذية فإنها تُعاني من النقائص الخطيرة التالية:

    وأثناء إعداد استراتيجية وطنية للرقابة على الأغذية يكون من المهم النظر في نوع المنظمات اللازمة لتنفيذ الاستراتيجية، وحجم تلك المنظمات. ولا يسهل في كثير من الحالات إيجاد هيكل وحيد وموحد أو نظام متكامل، وذلك لأسباب تاريخية وسياسية مختلفة. وفي هذه الحالات يكون من الضروري في الاستراتيجية الوطنية للرقابة على الأغذية النص بوضوح على دور كل وكالة بما يتجنب ازدواجية الجهود ويُحقق درجة من التناسق بينها. كما يجب في الاستراتيجية تحديد المجالات أو القطاعات التي تتطلب اهتماماً خاصاً في السلسلة الغذائية والتي تتطلب موارد إضافية لتقويتها.

    (ب) نظام الوكالة الوحيدة

    هناك فوائد عديدة من وضع جميع المسؤولية عن حماية الصحة العامة وعن سلامة الأغذية في يد وكالة وحيدة للرقابة على الأغذية مع توضيح مهامها بصورة لا لبس فيها. فمن هذه المزايا إبراز اهتمام الحكومة بسلامة الأغذية وإسناد أولوية عالية لهذا القطاع مع الالتزام بتخفيض أخطار الأمراض المنقولة بالأغذية. ومن بين منافع وجود وكالة واحدة:

    وإذا كان من شأن الاستراتيجية الوطنية أن تؤثر على كل من التشريعات وهياكل إنفاذها فليس من الممكن التوصية بوكالة وحيدة تُلبي جميع الاشتراطات وتتلاءم مع الموارد الاقتصادية والاجتماعية والأحوال السياسية في البلد. فالقرار في هذا الشأن يجب أن ينبع من أحوال البلد نفسه ويجب أن تُتاح لجميع أصحاب المصلحة الفرصة لتقديم مدخلاتهم في هذه العملية. ولكن للأسف قد لا تكون الفرص متوافرة دائماً أمام البلدان لإقامة نظام رقابة غذائية جديد تُنفذه وكالة وحيدة.

    (ج) النظام المتكامل

    يستحق هذا النظام النظر فيه عندما تكون هناك رغبة وتصميم على تحقيق التعاون والتنسيق الفعالين بين مختلف الوكالات في سلسلة من المزرعة إلى المائدة. والمعتاد أن تكون هناك عدة مستويات في نظام الوكالة المتكاملة:

    المستوى 1: صياغة السياسة، تقييم الأخطار وإدارتها، وضع المواصفات واللوائح.

    المستوى 2: تنسيق أنشطة الرقابة على الأغذية، الرصد والتدقيق.

    المستوى 3: التفتيش وإنفاذ النصوص.

    المستوى 4: التثقيف والتدريب

    وقد ترغب الحكومات، عند استعراض نُظم الرقابة على الأغذية وتنقيحها، النظر في نموذج إنشاء وكالة مستقلة على المستوى الوطني تكون مسؤولة عن أنشطة المستويين 1 و2، مع احتفاظ الوكالات القطاعية الموجودة بالمسؤولية عن أنشطة المستويين 3 و4. ومن مزايا هذا النظام:

    وللاستفادة من هذه المزايا أقام عدد من البلدان آلية لوضع السياسات والتنسيق على المستوى الوطني، أو هي في سبيلها إلى إقامة مثل الآليات. ويتضمن الملحق 9 دراسات حالة عن نُظم الرقابة على الأغذية في عدد مختار من البلدان.

    وبوضع إدارة سلسلة عرض الأغذية في يد وكالة كفؤة ومستقلة يمكن إحداث تغيير أساسي في طريقة تنفيذ الرقابة. فدور الوكالة هو رسم أهداف وطنية في مجال الرقابة على الأغذية، وتنفيذ الأنشطة الاستراتيجية والعملية الضرورية لبلوغ تلك الأهداف. ويمكن أن يكون من بين وظائف هذا الجهاز على المستوى الوطني:

    وينبغي للوكالة المتكاملة على المستوى الوطني أن تتناول سلسلة الأغذية بأكملها من المزرعة إلى المائدة، ويكون لديها تفويض لنقل الموارد إلى المجالات ذات الأولوية العليا ولمعالجة مصادر الخطر الكبيرة. ولا ينبغي عند إقامة هذه الوكالة تحميلها بمسؤوليات التفتيش اليومية. فيجب أن تستمر هذه المسؤوليات في يد الوكالات الموجودة على المستوى الوطني أو على مستوى المقاطعات والولايات. كما يجب أن تنظر الوكالة في دور الخدمات الخاصة لعمل التحليل والتفتيش وإصدار الشهادات، وخصوصاً من أجل تجارة التصدير.

    ويمكن الاطلاع على تفاصيل أخرى عن مختلف مكونات الوكالات الوطنية للرقابة على الأغذية في الملحق 10.

    كما يمكن الاطلاع في الملحق 11 على تفاصيل عن الأنشطة التي يمكن أداؤها أثناء فترة إنشاء الوكالة الوطنية وبدء تشغيلها.

    4-5 تمويل نُظم الرقابة على الأغذية

    من الطبيعي أن توفر الحكومة الأموال والموارد اللازمة لإعادة تنظيم الرقابة على الأغذية وتقويتها. وفي البلدان التي تكون مسؤوليات الرقابة على الأغذية موزعة فيها بين عدة وكالات حكومية قد يكون من الضروري التفاوض على هيكل تمويل جديد ووضع ترتيبات انتقالية لضمان استمرار توافر الأموال والموارد. وحتى يحدث ذلك يكون من الضروري وجود تعهد كامل من جانب الحكومة بإقامة الهياكل المناسبة ووضع سياسات لتوفير أعلى مستوى من الحماية للمستهلكين.

    وقد لا يكون إيجاد الموارد الكافية أمراً سهلاً، إذ أن الاتجاه نحو تخفيض إنفاق القطاع العام يدفع الحكومات إلى إعادة النظر في أولوياتها وفي ترتيبات التمويل التي تطبقها. ويعمل كثير من البلدان بنظام استرداد التكاليف. ولكن من المهم إدارة هذا النظام بدقة لأن تحميل أي تكاليف على صناعة الأغذية سينتهي إلى تحميل المستهلك بضريبة غير مباشرة على الأغذية. ويقع عبء هذه الضريبة المباشرة على أفقر قطاعات السكان. ومن خيارات استرداد التكاليف فرض رسوم على إصدار التراخيص، وعلى نشاط التفتيش، وتحليل الأغذية. وفي بعض البلدان أدى الاتجاه إلى تصغير القطاع الحكومي إلى التعاقد على خدمات الرقابة على الأغذية مع القطاع الخاص. وهذا يعني التعاقد مع القطاع المذكور لأداء أنشطة معينة في الرقابة على الأغذية مثل التفتيش والإشراف.

    6- القضايا الخاصة بالبلدان النامية

    1-6 النُظم الغذائية

    نُظم إنتاج الأغذية وتجهيزها وتسويقها هي نُظم معقدة. وفي كثير من البلدان تكون هذه النُظم أيضاً مفتتة تفتيتاً كبيراً وتعتمد على عدد كبير من المنتجين الصغار. وقد تكون لهذه الأوضاع منافع اجتماعية واقتصادية إذ أن كميات كبيرة من الأغذية تمر في أيدي عدد كبير من الوسطاء ومناولي الأغذية، ولكن خطر تعريض الأغذية لبيئة غير صحية يتزايد، كما يتزايد خطر التلوث والغش. وتحدث المشكلات بسبب سوء عمليات المناولة والتجهيز والتخزين بعد الحصاد، وأيضاً بسبب عدم كفاية المرافق والبنية الأساسية ومنها مثلاً نقص المياه النظيفة، والكهرباء، ومرافق التخزين البارد، ومرافق النقل وبقية الشبكات. وإلى جانب ذلك تفتقر أغلبية المنتجين والعاملين في قطاع الأغذية إلى المعرفة والخبرة بتطبيق الممارسات الزراعية الحديثة، وأساليب نظافة الأغذية، والممارسات الجيدة في مناولتها.

    وليس معنى هذا أن كل الأغذية التي تأتي من مثل هذه المصادر تكون غير مأمونة. ففي كثير من الممارسات التقليدية للإنتاج والمناولة توجد هوامش سلامة مبيتة في داخل الممارسات وتستند إلى سنوات طوال من الخبرة السابقة. ولكن المشكلات تنشأ بسبب عدم القدرة على التعامل مع الممارسات الزراعية الكثيفة الناشئة في الوقت الحاضر، وبسبب تزايد سكان المدن، والضغط على الموارد الطبيعية، وظهور أخطار جديدة تُهدد سلامة الأغذية.

    2-6 صناعة تجهيز الأغذية

    تتراوح صناعة تجهيز الأغذية في البلدان النامية بين مرافق معقدة تُطبق آخر المستحدثات، وعمليات حرفية صغيرة تُنتج أغذية تقليدية للمجتمع المحلي. وهذه الوحدات الصغيرة تختلف في حجمها اختلافاً كبيراً فقد تكون هناك عدة مصانع كبيرة فقط، أو قد تكون الأغلبية على مستوى صغير ومنزلي ذي موارد محدودة جدا بحيث لا يستطيع استخدام المدخلات التكنولوجية. وفي أقل البلدان نمواً تكون الأماكن مجهزة تجهيزاً بسيطاً بحيث لا تستطيع الحفاظ على سلامة الأغذية وجودتها بطريقة علمية مستدامة. وكثيراً ما تقدم الحكومات دعمها لهذه الوحدات الصغيرة لأنها تفتح فرص العمل وتولد دخلاً لأصحابها. والتحدي أمام البلدان النامية هو توفير حوافز تدفع إلى توسع هذه الوحدات الصغيرة بطريقة فعالة حتى تستطيع أن تستوعب التكنولوجيا السليمة.

    وتواجه صناعة تجهيز الأغذية في البلدان النامية أيضاً مشكلات في موثوقية الحصول على الخامات في الوقت المطلوب، إلى جانب تباينات في جودتها بصفة عامة. وكثيراً ما تكون الخامات من إنتاج مزارعين صغار ويكون نقص البنية الأساسية في مناطق الإنتاج سبباً في تباين جودة هذه الخامات. وهذا يتطلب مزيداً من الانتباه من جانب وحدات التجهيز كما يتطلب رقابة على الأغذية في جميع مراحل سلسلة عرض الأغذية.

    3-6 الأغذية التي تُباع في الشوارع

    أظهرت الدراسات في البلدان النامية أن نحو 20 أو 25 في المائة من إنفاق الأسرة على الأغذية يحدث خارج المنزل، وأن بعض قطاعات السكان تعتمد اعتماداً كاملاً على أغذية الشوارع. وقد جاء ذلك نتيجة لسرعة نمو المدن وعدم توافر مطبخ أو تسهيلات الطبخ لملايين من الناس. وهناك ملايين من العاملين الذين لا يعيشون في أسرة، كما أن هناك نسبة كبيرة من السكان تتنقل إلى المدن وخارجها من أجل العمل، وهؤلاء جميعاً يعتمدون اعتماداً كبيراً على أغذية الشوارع في طعامهم اليومي.

    وفي كثير من البلدان النامية يكون باعة هذه الأغذية عنصراً مهما من مكونات سلسلة عرض الأغذية. ونظراً لأن أغذية الشوارع تكون أسعارها معقولة وتكون متوافرة بسهولة فإنها تلبي حاجة حيوية لدى سكان المدن. وهذه المأكولات والمشروبات تكون جاهزة للأكل من إعداد بائعين أو متجولين يعدونها ويبيعونها أساساً في الشوارع أو في أي أماكن عامة أخرى يسهل الوصول إليها، مثل الأماكن القريبة من أماكن العمل أو المدارس أو المستشفيات أو محطات السكك الحديدية ومحطات الحافلات.

    وأغذية الشوارع تثير قلقاً كبيراً لأن سلامتها وإعدادها وبيعها يجري بصفة عامة في ظروف غير صحية، حيث لا تتوافر المياه النظيفة ولا الخدمات الصحية ولا تسهيلات التخلص من النفايات. وعلى ذلك فإن أغذية الشوارع تُثير أخطار تسمم كبيرة بسبب التلوث بالميكروبات وبسبب استخدام الإضافات الغذائية استخداماً غير سليم وبسبب الغش والتلوث البيئي.

    4-6 البنية الأساسية والموارد في الرقابة على الأغذية

    في كثير من البلدان تكون البنية الأساسية غير وافية بسبب نقص الموارد، وفي كثير من الحالات بسبب سوء الإدارة. وغالباً ما تكون مختبرات الرقابة على الأغذية مجهزة تجهيزا بسيطاً وتفتقر إلى موظفي مدربين على عمل التحليلات. ويتفاقم الوضع عندما تكون هناك عدة وكالات عاملة في الرقابة على الأغذية. فعدم وجود توجيه استراتيجي شامل يعني أن الموارد المحدودة لا تُستخدم استخداما سليما. كما أن نُظم الرقابة على الأغذية قد تُعاني من عدم تطور سياسات تضمن الامتثال لهذه النُظم.

    وتحتاج النُظم العصرية للرقابة على الأغذية إلى اتخاذ القرارات في عملية شفافة وقائمة على العلم، كما تتطلب الحصول على موظفين مدربين ومؤهلين في تخصصات مثل علوم الأغذية وتكنولوجيتها، والكيمياء، والكيمياء الحيوية، والميكروبيولوجيا، والعلوم البيطرية، والطب، والوبائيات، والعلوم الزراعية، وضمان الجودة، وعمليات التدقيق، وتشريعات الأغذية. ولا بد أن يكون لدى سلطات الرقابة على الأغذية تقدير جيد وفهم صحيح لدور العلم في الأسلوب القائم على تحليل الأخطار، وأن تستفيد من الموارد العلمية المتوافرة لدى المجتمع الدولي.

    5-6 المساعدة الفنية: دور الوكالات الدولية

    من المعترف به جيداً أن هناك حاجة إلى المساعدة الفنية لتقوية نُظم الرقابة على الأغذية في البلدان النامية. ومنظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية هما المنظمتان الرئيسيتان بين وكالات الأمم المتحدة المتخصصة، اللتان تعملان في برامج التعاون الفني مع البلدان النامية في مجالات جودة الأغذية وسلامتها.

    والمساعدة التي تقدمها منظمة الأغذية والزراعة في مجال الرقابة على الأغذية ووضع المواصفات الغذائية هو نشاط رئيسي يُنفذ على المستويات العالمية والإقليمية والقطرية. وهناك كتب منشورة عن الرقابة على جودة الأغذية وهي تُغطي عدة جوانب من جوانب نُظم الرقابة على الأغذية وتستخدم على النطاق الدولي. وتعقد المنظمة اجتماعات وندوات وحلقات عملية في جميع الأقاليم: أفريقيا، وآسيا والمحيط الهادئ، وأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، وأوروبا الشرقية، والشرق الأدنى وشمال أفريقيا. وتقدم المساعدة الفنية في مجالات كثيرة مثل:

    وأما منظمة الصحة العالمية فقد زادت الأولوية التي تُسندها لأنشطة سلامة الأغذية في الفترة الأخيرة، سواء على المستوى الدولي أم على المستوى الإقليمي. كما أنها تقدم المساعدة الفنية على المستويات الوطنية والإقليمية والقطرية. وبموجب الهيكل اللامركزي تنقسم المنظمة إلى ستة أقاليم بها مكاتب إقليمية مسؤولة عن تقديم المساعدة للبلدان الأعضاء في وضع برامج وطنية لسلامة الأغذية وتقوية الموجود منها. وتعمل المكاتب الإقليمية في الوقت الحاضر في طائفة من مبادرات بناء القدرات الهادفة إلى صيانة صحة المستهلكين. وتتأثر طبيعة هذه الأنشطة ومدى اتساعها بمدى توافر الموارد، ولكنها تشمل ما يلي:

    وينص اتفاق تدابير الصحة والصحة النباتية (المادة 9) واتفاق الحواجز التقنية أمام التجارة (المادة 11) نصاً صريحاً على ضرورة تقديم المساعدة الفنية للبلدان النامية. وقد تكون هذه المساعدة في مجالات تكنولوجيا التجهيز، أو البحث والبنية الأساسية، أو إقامة أجهزة تنظيمية وطنية وغير ذلك. والمطلوب بوجه خاص من البلدان المتقدمة التي تستورد أغذية من البلدان النامية أن تُقدم، عند الطلب، المساعدة الفنية للبلدان النامية المصدرة حتى تستطيع أن تفي بالتزاماتها في مجال التجارة الغذائية الدولية بموجب الاتفاقين سالفي الذكر. ويتضمن الملحق 5 تفاصيل عن هذين الاتفاقين. وحتى الآن لم تستفد البلدان النامية استفادة كاملة من هذه الفرص الجديدة للحصول على المساعدة الفنية بموجب هذين الاتفاقين.

    ويمكن أيضاً الحصول على المساعدة الفنية في مجال الرقابة على الأغذية من خلال البنك الدولي، وسائر مصارف التنمية، ومن الوكالات المانحة الثنائية. ويعتمد الحصول على هذه الأموال على الأولوية التي تُسندها البلدان النامية لتقوية نُظم الرقابة على الأغذية لديها، وهي أولوية تظهر في خططها الإنمائية الوطنية.


    1 Codex Alimentarius (1997). Hazard Analysis and Critical Control Point (HACCP) System and Guidelines for its Application. Annex to CAC/RCP 1-1969, Rev.3 (1997).