البند 4-3 من جدول الأعمال GF 02/6

المنتدى العالمي الثاني للمسؤولين عن سلامة الأغذية المشترك بين منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية

مركز مؤتمرات الأمم المتحدة، بانكوك، تايلند، 12-14/10/2004

تدريب موظفي الإدارات الرسمية لمراقبة سلامة الأغذية

(من إعداد وزارة الزراعة والأغذية والثروة السمكية والشؤون الريفية - المدرسة الوطنية للخدمات البيطرية، فرنسا)

أولاً- مقدمة

ليس التدريب المهني غاية بحد ذاته، بل إنه أداة تسخّر في خدمة سياسة محددة وإطار إداري وقانوني معيّن. والسياق هو الذي يفرض الاحتياجات والقيود والحلول.

ولابد من رسم ملامح إطار عمل تلك الإدارات وأبرز مراحل التطور التي مرّت بها إذا ما أريد في عام 2004 التطرّق إلى موضوع تدريب موظفي الإدارات المولجة مراقبة سلامة الأغذية في مختلف بلدان العالم. كما ولا تقلّ المخططات التنظيمية ومهارات كل من تلك الإدارات أهمية لمحاولة إيجاد الحلول المناسبة على صعيد التدريب. ويتعيّن، بمعزل عن مميزات كل دولة، تحديد العناصر ذات الاهتمام المشترك لمعرفة ما الموجود منها حالياً وبالأخصّ لإثراء التفكير الاستشرافي.

وتتضمّن المواصفات الدولية الصادرة عن الدستور الغذائي وعن المكتب الدولي للأوبئة الحيوانية1، والتي تشكل مرجعاً منذ عام 1995 في إطار منظمة التجارة العالمية، أحكاماً متقاربة بالنسبة إلى نوعية الإدارات الرسمية المعنية بالرقابة والتفتيش وإلى مكانة الموظفين ومهاراتهم وتدريبهم، خاصة عندما يتعلق الأمر بإصدار الشهادات الرسمية2. وتركز هذه النصوص على الأهداف المرجوّة أكثر منه على الوسائل الواجب توافرها لتحقيق ذلك.

ولأغراض هذه الوثيقة، تعرّف المراقبة الرسمية لسلامة الأغذية على أنها مجموعة العمليات التي تضطلع بها الإدارات الرسمية للتحقق من تطابق المواد الغذائية مع المواصفات المعمول بها ولضمان تطابقها من أجل تجنّب المخاطر على الصحة العامة. وتخضع للمراقبة الرسمية المواد الغذائية التي تنتج وتسوّق في الأراضي القطرية وتلك المستوردة والمخصصة للتصدير (إصدار الشهادات الصحية). كما أنها تشمل جميع مراحل الإنتاج والتحويل والتخزين والنقل والتسويق والاستهلاك النهائي. ويتمّ ذلك بواسطة عمليات مختلفة منها مثلاً التفتيش والتدقيق في المستندات وأخذ العينات وإجراء التحاليل المخبرية ومراقبة نظافة الموظفين ومعاينة المستندات وإخضاع نظم الرقابة الذاتية للتدقيق. وليس المقصود بذلك المختبرات بحد ذاتها على اعتبار أنّ المواضيع المتعلقة بكفاءة العاملين مواضيع محددة للغاية.

وتتدخل العديد من الأجهزة، بصفة أو بأخرى، في مجال مراقبة سلامة الأغذية المعقّد إلى هذا الحدّ. وتوخياً للتبسيط، لن يتناول البحث سوى الإدارات الصحية المتخصصة مثل إدارات الخدمات البيطرية. إلا أنّه بالإمكان استخلاص النهج الأنسب بالمقارنة بالنسبة إلى الإدارات الأخرى.

وهناك اتجاه متزايد على صعيد سلامة الأغذية إلى ضرورة أن تشمل التدابير مجمل سلسلة الإنتاج والتوزيع بمراحلها كافة "من المزرعة إلى المائدة"، أي من المصدر (بما في ذلك علف الحيوان والعقاقير البيطرية ومنتجات الصحة النباتية) إلى الهدف (أي المستهلك). ولن يتناول البحث إلا الإدارات التي تتدخل على مستوى الغذاء نفسه - بدءاً بالحصاد بالنسبة إلى المنتجات والمسلخ بالنسبة إلى الحيوانات إذا لم تكن الإدارات المعنية بمراقبة سلامة الأغذية تتبّع هذا النهج الشمولي.

ثانياً- السياق الدولي والمجتمعي: تطورات أساسية

أصبحت المخاوف المتصلة بسلامة الأغذية في الخمس عشرة سنة الماضية ملحّة أكثر فأكثر في مختلف أصقاع العالم. وقد شهد سياق عمل الإدارات المعنية بالمراقبة، ولا يزال يشهد، تغيّرات في العمق في ظلّ ازدياد الترابط الدولي. ومن شأن العناصر التالية بنوع خاص أن تؤثر بشكل حاسم على الاحتياجات أو على سياسات التدريب:

(1) ازداد وعي وسائل الإعلام والمستهلكين، لاسيما في حالات التسمم التي شهدت تغطية إعلامية واسعة أو الأزمات الغذائية في البلدان المتقدمة وظهور عوارض جديدة مثيرة للقلق (الاعتلال الدماغي الإسفنجي والكائنات المحورة وراثياً والديوكسين ...).

(2) تطال انعكاسات الظواهر الصحية العالم أجمع نتيجة ازدياد المبادلات وتعقيد مسارات الإنتاج والتوزيع وتعميم طرق الاستهلاك غير التقليدية ....

(3) تزداد التحديات التي تفرضها العوائق الصحية على المبادلات نتيجة إزالة الحواجز الجمركية، لاسيما من خلال انفتاح بعض الأسواق القطرية على منتجات مستوردة لم تكن تنافسية في ما مضى.

(4) منذ بدء نفاذ الاتفاقات بشأن تطبيق تدابير الصحة والصحة النباتية وبشأن الحواجز التقنية أمام التجارة في منظمة التجارة العالمية، ساد نوع من التوحيد في الاشتراطات المفروضة على الساحة الدولية. ويشجّع مبدأ التوحيد مختلف البلدان على اتخاذ تدابير قطرية تتلاءم والمواصفات الدولية على غرار تلك الصادرة عن الدستور الغذائي أو عن المنظمة العالمية لصحة الحيوان.

(5) يؤدي تعزيز المواصفات الصحية في بلدان الشمال إلى التشدد أكثر في الاشتراطات الدولية:

(6) برز اهتمام مؤخراً بدور المستهلكين، وهم الجهة الفاعلة النهائية في هذا القطاع بصفتهم الشخصية من جهة وكونهم قوّة سياسية عن طريق الجمعيات التابعين لها أو وسائل الإعلام من جهة أخرى.

(7) يزداد الدور المنوط إلى العلماء تعقيداً بفعل تطوّر النهج المستند إلى الوثائق لتحليل المخاطر واستغلال النقاش العلمي في النزاعات التجارية وتداوله في وسائل الإعلام والتركيز أكثر فأكثر على مبدأ الوقاية.

(8) وإنّ البلدان النامية وأقل البلدان نموا هي الأكثر تأثراً بهذه التطورات، لأنّ سلامة الأغذية لطالما اعتبرت فيها، وعن حقّ، الشغل الشاغل للبلدان المتقدمة وتأتي في المرتبة الثانية بعد أولويات الصحة العامة (الموجات الكبرى من الأوبئة، المياه) والأولويات الاقتصادية. وكانت المخاوف بشأن الاكتفاء الغذائي الذاتي قد شددت على مصدر الصناعات (صحة الحيوان والنبات)، وعلى مراقبة سلامة المواد الغذائية الحيوانية المصدر التي تكاد تنحصر بعملية التفتيش ما بعــد الذبح. وتواجــــه هذه البلــدان الآن على الصعيد الداخلي (1) تطوّر أنماط الإنتاج والاستهلاك (الهجرة الريفية، التمدّن السريع، تناول الوجبات خارج المنزل ...)، خلافاً للتقاليد الغذائية السالفة (الطهي والتجفيف ...)؛ (2) طرح منتجات مستوردة في الأسواق لم تكن تنافسية قبل ذلك بفعل وجود حواجز جمركية وغيرها من العوائق ...؛ (3) صناعات إنتاج وتوزيع غير منظّمة بالقدر الكافي، إن لم تكن مشتتة، يفتقر العاملون فيها إلى المعارف اللازمة؛ (4) وجود بعض المشغّلين من ذوي المؤهلات يتقنون استخدام النُهج الحديثة، بالاستعانة بموظفين مدرّبين في الخارج (شركات متعددة الجنسيات، شركات مصدِّرة، القطاع السياحي، التوزيع على نطاق واسع).

ثالثاً- التنظيم الإداري: إطار العمل

إنّ أهداف الإدارة المعنية ومهامها وتنظيمها هي التي تفرض المهارات الواجب تنميتها لدى العاملين في مجال الرقابة.

ويختلف إلى حد كبير تنظيم إدارات مراقبة سلامة الأغذية بين بلد وآخر. وتشارك فيه أجهزة متنوعة بصفة أو بأخرى. ومن شأن وجود خيارات تنظيم مختلفة - وطريقة استخدامها معاً - أن يؤثر على الاحتياجات إلى التدريب.

(1) درجة التكامل العمودي:

وقد شهدت بلدان كثيرة في الآونة الأخيرة عمليات إعادة تنظيم، كان القاسم المشترك بينها تكليف جهاز واحد مراقبة مجمل السلسلة الغذائية.5

(2) التقسيم الإداري:

(3) يختلف شكل التنسيق إلى حد كبير إن كان بين الوزارات الموجودة على نفس الأراضي أو بين مختلف المستويات الميدانية. وقد يكون التنسيق، المعدوم أحياناً، غير رسمي أو على عكس ذلك ذا طابع مؤسسي (على شكل بروتوكولات تعاون، مؤسسة رائدة...).

(4) تفويض بعض عمليات المراقبة: هناك اعتراف بأنّ عمليات المراقبة من صلاحيات الدولة بطبيعتها وتمارسها في معظم الأحيان الإدارة مباشرة (وفي حالات نادرة من جانب وكالات عامة مستقلة). إلا أنّ بعض البلدان تفوّض قسماً من عمليات المراقبة إلى أجهزة خاصة معتمدة من قبل الإدارة.

(5) توزيع المسؤوليات: استناداً إلى النهج التقليدي المعتاد، تساند الإدارات الرسمية المسؤولية عن جودة المنتجات من حيث سلامتها وهي تمارس رقابة أولية على المنتج النهائي وأحياناً على شروط الإنتاج. ويسود هذا المفهوم في الكثير من البلدان، أقلّه في السوق المحلية.

وعلى المستوى المتوسط، يكون المشغّلون مسؤولين عن جودة المنتجات التي يطرحونها في الأسواق، في حين تبقى الرقابة الأولية من صلاحيات الإدارات الرسمية.

أخيراً، يسود اتجاه حالي إلى تقاسم المسؤوليات بين (1) المشغّلين المسؤولين عن جودة المنتجات التي يطرحونها في الأسواق من حيث سلامتها والذين يجدر بهم اتخاذ تدابير وقائية تقوم بشكل أساسي على نظم تحليل المخاطر ونقاط الرقابة الحرجة؛ (2) السلطات العامة التي تمارس رقابة ثانوية تقضي بالتحقق من الإجراءات التي يتخذها المشغّلون؛ (3) المستهلكين حتى، نظراً إلى أهمية مراحل ما بعد الشراء (الحفظ والتجهيز) حرصاً على جودة الأغذية من حيث سلامتها.

وتوجد جميع الأوضاع الوسيطة في الواقع، ولا تحدث التطورات إلا تدريجياً في الميدان.

(6) استناداً إلى ما تقدّم، يمكن الإشارة إلى نقاط الضعف المتكررة التالية:

رابعاً- العاملون المعنيون

تعمل فئات متعددة من العاملين في الإدارات المعنية بالمراقبة. وتختلف إلى حد كبير المصطلحات المستخدمة في كل من البلدان وكذلك مستويات التدريب والمسؤوليات الموازية لكل منها.

ونميّز بوجه عام بين فئتين من العاملين:

وتؤثر بعض خصائص مكانة هؤلاء العاملين على سياسات التدريب.

المكانة والتوظيف

يكون العاملون المشاركون في عمليات المراقبة في معظم الأحيان موظفين حكوميين (أو متعاقدون بموجب عقود لمدة محددة)، عملاً بمبدأ استقلالية العمل العام عن الضغوطات السياسية والاقتصادية. لكن في بعض البلدان، يوظّف عاملو الإشراف بموجب عقود خاصة، فيكون عندها تعيينهم وبقاؤهم رهناً بالسلطة السياسية. وفي الدول التي تطبّق نظام اللامركزية، يتم توظيف العاملين في معظم الأوقات على مستوى المنطقة أو على المستوى المحلي، بالنسبة إلى العاملين الفنيين (الموظفين)، وأحياناً لأغراض الدعم أيضاً. ومن جهة أخرى، تستخدم العديد من البلدان موظفين متفرّغين بنصف دوام لاستكمال العدد اللازم من الموظفين في الإدارات المعنية بالمراقبة، لاسيما لعمليات التفتيش في المسالخ (البيطرية). إلا أنهم لا يشكلون الركيزة الأساسية للنظام وإن كان معظم العاملين يستخدمون في بعض البلدان بنصف دوام مع ما قد يستتبع ذلك من تضارب في المصالح.

التنقل والتقدم المهني

تتيح بعض النظم المجال للعاملين للتنقل بين الاختصاصات و/أو المناطق وهذا أمر مشجّع وإلزامي حتى في سبيل التقدم المهني، خاصة لأغراض الدعم. وتشجّع على ذلك عمليات التوظيف على النطاق القطري وفي الإدارات الواسعة الاختصاصات. وتساهم القدرة على التنقّل، بوصفها عاملاً محفّزاً، في توحيد الممارسات والتنسيق. وفي المقابل، في بعض الحالات الأخرى (عمليات التوظيف على نطاق محلي، الإدارات المحدودة الاختصاصات ...)، تنحصر إمكانات التنقل لا بل تكاد تكون معدومة. وهذه الحالات التي تعتبر عاملاً من عوامــل الاستقرار وتسخيــر المعــارف، لا تخلُ من خطر الإصابة بالملل وفقدان الحوافز ولكن التضارب أحياناً. وأخيراً، يصاب العاملون والإدارات بعدم الاستقرار نتيجة حركات التنقل الاعتباطية والمكثّفة عند حدوث تغيرات سياسية كما هو الحال في بعض البلدان.

خامساً- أنواع التدريب الراهنة

خامساً-1 التدريب الأولي المسبق والمهني

التدريب الأولي المسبق هو المستوى المحدد كشرط لازم كي يكون المرشّح أهلاً للتوظيف. يشمل التدريب الأولي المهني أو ما بعد التوظيف التدريب المحدد الذي قد يوفّره رب العمل قبل تسلم المهام.

(أ) الكوادر

التدريب المسبق

تشترط جميع البلدان الحصول على شهادة تعليم عالٍ لتوظيف الكوادر (تكون عادة الشهادة الثانوية العامة + 5 إلى 6 سنوات من التحصيل العلمي). فيكون لديهم بالتالي تدريب علمي من مستوى جيد وجامعي وغير محدد. وفي معظم الحالات، تكون هذه الشهادة كافية لبدء العمل (مع أنّ ذلك قد يستوجب أحياناً خبرة مهنيّة لبضع سنوات).

لكنّ الأمر لا يخلو من النواقص بالنسبة إلى المهارات اللازمة للعمل في الإدارات الرسمية.

فالأطباء البيطريون مثلاً، الذين يتلقون تدريباً للعمل في العيادات ولتشخيص الأمراض، لديهم خبرة واسعة ومنوّعة في مجال نظافة الأغذية. وتوفّر بعض الجامعات مستوى تعليمياً رفيعاً في حين لا تملك جامعات أخرى حصصاً دراسية بهذا الشأن. وتضاف أحياناً إلى الاختلافات بين بلد وآخر، الاختلافات بين جامعات البلد الواحد أو بين الأطباء البيطريين الذين تابعوا دراستهم في الخارج في بلدان مختلفة. لذا، فرضت بعض البلدان متابعة وحدات دراسية اختيارية محددة في جامعات الطب البيطري للراغبين في الالتحاق بالخدمة العامة أو لتولي مناصب مسؤولة. بينما تلجأ بلدان أخرى إلى التدريب ما بعد التوظيف.

التدريب المهني ما بعد التوظيف

الهدف من هذا التدريب الذي يوصي به ويتحمل نفقاته رب العمل هو استكمال التدريب العلمي المسبق بمعلومات فنية وإدارية محددة خاصة بالعمل في المجال العام وبسلامة الأغذية.

والتدريب المهني ما بعد التوظيف مجهول في بلدان كثيرة يتمّ فيها التعلّم من خلال الدخول إلى معترك العمل. وتنظّم بعض الإدارات دورات تدريبية قصيرة تتراوح مدتها بين بضعة أيام إلى بضعة أسابيع، وتقدّم عرضاً عن الإدارات المركزية وتوعية قانونية. وإنّ فرض فترة اختبار قبل التثبيت في الوظيفة تتراوح بين 6 و12 و24 شهراً عادة شائعة، سواء ترافقت أم لا مع تدريب لمدة قصيرة ومع رعاية في بعض الحالات.

ويبدو أّن بلداناً قليلة فقط تقدم التدريب المهني ما بعد التوظيف لفترة طويلة لكوادر الخدمة العامة. ففي فرنسا مثلاً، يدرّب الكوادر في مجال الطب البيطري في إدارات الخدمات البيطرية منذ عام 1973 في مدرسة متخصصة في مرحلة التعليم الجامعي الثالثة هي.المدرسة الوطنية للخدمات البيطرية والتدريب مفتوح للأجانب أيضاً ويمتد لسنة واحدة أو لسنتين؛ ويتناول الجوانب الفنية (نظام تحليل المخاطر ونقاط المراقبة الحرجة، البيئة، علم الأوبئة، ضمان الجودة...)، والإدارية (القانون، الاقتصاد، السياسات الدولية...)، والتشغيلية. ويعدّ هذا النوع من التدريب المتدرّبين لشغل وظائف متنوعة.

ويمكن من خلال هذا النوع من التدريب تلبية شروط النظام الجديد الذي أُقرّ في عام 2004 والذي يحدد الاحتياجات على صعيد توظيف الأطباء البيطريين في القطاع الرسمي: يتعيّن عليهم الخضوع لاختبار يشمل مجموعة واسعة من المواضيع الفنية والإدارية (يعود للدول الأعضاء أن تقرر أساليب التدريب لكل منها) ومتابعة 200 ساعة تدريب عملي تحت إشراف مدرِّب.

(ب) المساعدون

تنطبق نفس الاختلافات في النُهج بالنسبة إلى الكوادر على معاونيهم تبعاً للثقافة الإدارية في البلدان المعنية.

التدريب المسبق

يلاحظ وجود قدر كبير من التفاوت، بدءاً بالتوظيف بعد الحصول على شهادة جامعية (الشهادة الثانوية العامة + سنتان من التحصيل العلمي)، مروراً بعدم امتلاك المؤهلات الأساسية، وصولاً إلى الحصول على الشهادة الثانوية العامة. وتتنوّع المسؤوليات أيضاً. فلدى بعض البلدان دفاتر شروط للوظائف العامة يُشترط فيها امتلاك "التدريب المناسب"، الذي يجري تقييمه على ضوء الوظيفة التي ينبغي ملؤها.

التدريب المهني ما بعد التوظيف

التدريب المهني ما بعد التوظيف أكثر شيوعاً لهؤلاء العاملين. وهو يستهدف عادة وظيفة محددة داخل الإدارة المعنية بالمراقبة (التفتيش في المسالخ مثلاً). ونادراً ما تشمل جميع مجالات اختصاص الإدارات التي يمكن الالتحاق بها.

ويشير تحديدا النظام الذي أقره مؤخرا الاتحاد الأوروبي إلى ضرورة أن يخضع هؤلاء العاملون لتدريب نظري لمدة 600 ساعة (وفق برنامج محدد) ولتدريب عملي لمدة 300 ساعة، قبل الخضوع لاختبار الكفاءة. وستزداد ساعات التدريب إلى 400 1 ساعة في عام 2010.

خامساً-2 التدريب المستمر

الهدف من التدريب المستمر هو المحافظة على مهارات العاملين في ظل تطوّر التقنيات أو إطار العمل الإداري أو إلى تنميتها في سبيل التقدم المهني.

والتدريب المهني غير موجود في الكثير من البلدان، لاسيما في البلدان النامية. وبالكاد تكون وحدات التدريب منظّمة في كل حالة على حدة في إطار برامج التعاون الثنائية الأطراف أو الدولية.

وتكون الوحدة الأساسية عادة في هذا النوع من التدريب دورة تمتد على بضعة أيام وتتمحور حول موضوع ذي فائدة مهنية ملموسة.

ويختلف إلى حد كبير تصوّر التدريب المستمر. فهو يندرج في بعض البلدان ضمن سياسة شاملة ويتبع برمجة سنوية - أو لعدة سنوات، تقررها الوزارة التي تشكل ربّ العمل والتي توصي بتوفير تدريب مؤسسي. فإما أن تنظّم الإدارة تلك الدورات مباشرة، وإما أن توكل ذلك إلى الجامعات والمدارس المتخصصة أو الجمعيات المهنية استناداً إلى دفاتر شروط محددة. وهذا النهج السهل الانتشار في الدول التي تطبّق نظاماً مركزياً، موجود أيضاً في بعض الدول التي تطبّق نظام اللامركزية والتي يكون فيها تدريب العاملين في الإدارات الفرعية أداة للقيادة والاتساق.

ويتطوّر التدريب في معظم الأحيان بشكل مختلف خاصة عندما يخضع لقانون السوق ويندرج ضمن منطق العرض. والدورات التدريبية التي يدفع ثمنها رب العمل أو العامل نفسه تتولى أمرها جامعــــات أو مختبــرات. وهي لا تحمل دائماً رسائل مؤسسية ولا تخلو من خطر نقل رسائل متضاربة.

وفي الدول التي تطبق نظام اللامركزية، كثيراً ما تقرر كل إدارة من الإدارات الفرعية العمل المناسب لها بما يتسق وسياستها الخاصة ومن دون توحيد عمودي أو أفقي.

وتعتبر المشاركة في وحدات تدريب تنظمها بلدان أخرى، أو على المستوى الدولي، جزءاً لا يتجزأ من سياسة التدريب في بعض البلدان، لاسيما الدول الصغيرة التي تعتمد على العرض من البلدان المجاورة.

ويمكن للتدريب المستمر أن يكون اختيارياً ومجانياً للعامل، حيث أنه يُعتبر إلى حد ما حقاً أكثر منه واجباً. وعلى عكس ذلك، يكون إلزامياً أحياناً من حيث المبدأ فقط بالنسبة إلى بعض وحدات التدريب المحددة ولعدد قليل من الأيام في السنة، أو ربما عن طريق نظام يقضي بتجميع النقاط لفترة معينة. كما أنه قد يشكل محطة لا بد منها للنفاذ إلى بعض الوظائف.

ويتحمل رب العمل عادة النفقات المالية. في حين تجبر بعض النظم العامل نفسه على تمويل كل أو جزء من الدورات التدريبية الإلزامية.

سادساً- نقاط للبحث

تؤثر جميع النقاط التي تناولها البحث بشكل مباشر أو غير مباشر على سياسات التدريب: السياق العام، تنظيم الإدارات التي يُلحق بها العاملون، مكانة العاملين، قدرتهم على التنقل، شروط توظيفهم وسوى ذلك.

ملاحظة: سوف تعطى الأولوية لموضوع تدريب الكوادر ما لم يُشر إلى خلاف ذلك. والكوادر بفعل مسؤولياتهم وقدرتهم الأكبر على التنقل، يشكلون بالفعل الجمهور الأصعب. ويُستنتج بالمقارنة معهم وضع العاملين الآخرين.

الحدود

يندرج تدريب العاملين المولجين مراقبة سلامة الأغذية ضمن إطار سياسي واقتصادي واجتماعي ومؤسسي ومالي وقانوني. وهو لن يتأثر لا بنقص البنى الأساسية (المسالخ، المختبرات)، ولا الموظفين ولا الموارد اللوجستية (الآليات والوقود وموازين الحرارة وأجهزة الحاسوب ...) أو المالية ولا بالقيود الناجمة عن تنظيم سياسي أو ميداني معيّن. ولا بد للبحث من أخذ هذه الحدود في الحسبان، خاصة لمعرفة الأولويات على صعيدي المواضيع والتنظيم وللمضي قدماً تبعاً لمسارات التقدّم المتاحة.

لكن لا بد من أن تتوافر بعض الشروط المسبقة وفي طليعتها إرادة سياسية راسخة وإطار قانوني محدد (يقوم على توزيع الاختصاصات بين مختلف الإدارات والسلطات الموكلة إلى المراقِب، وغيرها)، ونصوص وقواعد متوافرة ومحدّثة، وبالنسبة إلى الجوانب المؤسسية كافة، عقيدة واضحة يمكن تناقلها (فالتدريب لا يولّد المعرفة بل يتناقلها).

الأهداف

يسعى التدريب بالدرجة الأولى إلى تمكين العاملين من اكتساب المعرفة والأدوات والدراية اللازمة لتأدية مهامهم في الإدارة الملحقين بها.

إلا أنّ التأثيرات قد تكون على مستوى آخر.

فإذا ما أمكنت قيادة التدريب على المستوى المطلوب، يكون أداة لإدارة الخدمات. وهي الوسيط الرئيسي للقيم ولثقافة مشتركة ولتسخير المهارات. وعلى التدريب أن يسعى إلى تنسيق الممارسات وإلى جعلها تتطوّر بشكل متوازٍ. ومن خلال الفهم المتبادل والتحلي برؤية مشتركة للرهانات، يسهّل التدريب المبادلات بين الإدارة المركزية والإدارات التابعة لها أو الإدارات الفرعية الميدانية. وهو يسمح بعدم حصر نشاط الإدارات. ومن الأدوات الأكثر استعمالاً، التدريب ما بعد التوظيف والندوات لتبادل المعلومات والتمرّس واختلاط المشاركين في التدريب المستمر (بين الإدارات وبين الوزارات ...) والمدرّبين.

كما يشكل التدريب وسيلة مميزة لإدارة الموارد البشرية. والهدف منه بالدرجة الأولى هو توفير ما يلزم للعاملين للقيام بعمل فعّال ومناسب وبالتالي قيّم. وإنّ المجانية والطابع الإلزامي (لاسيما لدورات محددة) هما خياران أساسيان. وسيتمثل الإصغاء إلى العاملين باتخاذ إجراءات لمعرفة الاحتياجات ولإرساء آليات للتشاور. ويمكن أخذ التدريب بعين الاعتبار لأغراض الترقيات والعلاوات ولمواكبة سياسة التنقّل.

مراحل التدريب

نميّز بوجه عام بين نوعين من المعارف الواجب تناقلها:

ويمكن اكتسابها وفق طرق رئيسية ثلاث (النقطة الخامسة)، هي التـدريب الأولـي المسبق والتدريـب المهنـي ما بعد التوظيف والتدريب المستمر.

المعارف العلمية والفنية

من الناحية النظرية، بإمكان رب العمل أن يحدد المستوى الذي يراه مناسباً عند التوظيف. فقد يشترط على الأطباء البيطريين مثلاً أن يكونوا قد تابعوا وحدات تدريبية محددة في جامعات الطب البيطري، إن وجدت. وعلى ذلك، لا يجب استبعاد العمل على محتوى التدريب الجامعي المسبق، لاسيما عن طريق الاعتراف الدولي بالشهادات.

ومن الناحية العملية، يبقى التوظيف رهناً بالتعليم الذي توفره الجامعات المعنية وبمدى قدرة القطاع العام على جذب الشباب من حملة الشهادات. وفي معظم البلدان، تستوجب النواقص التي تظهر عند التوظيف الارتقاء بمستوى التحصيل العلمي.

وتختلف الحلول الممكنة بحسب السياق. والشرط الأساسي لذلك هو أن يكون العاملون قد خضعوا لتدريب علمي يمكّنهم من التعامل بالعمق مع إشكالية سلامة الأغذية ومنتجات الصناعات الغذائية. وإنّ الارتقاء بمستوى التحصيل العلمي للأطباء البيطريين لضمان سلامة الأغذية الحيوانية المصدر عملية سهلة نسبياً، بما أنّ تدريبهم الأساسي كان في مجالات علم الإنتاج الحيواني وتشريح الحيوانات والأمراض وعلم الفيسيولوجيا والميكروبيولوجيا وسواها من المجالات.

والتدريب ما بعد التوظيف هو النظام الأنسب للارتقاء بمستوى التحصيل العلمي. وفي الحالات المثلى، يجب أن يمتدّ التدريب على فترة طويلة وأن يكمّل المعارف الأكاديمية المكتسبة من خلال التمرّس في العمل الميداني. ويمكن أن يتركز ذلك على اختصاص أو على نوع معيّن من المواد الغذائية إذا كانت الوظيفة الشاغرة محددة سلفاً.

التدريب المتخصص المرتبط بصفة الموظف الرسمي

يفترض بالموظف الرسمي أن يملك معارف إدارية ودراية متنوعة ومكمّلة لتدريبه الفني في بعض المجالات مثل القانون (المدني، الإداري، الجزائي) والاقتصاد والمالية والسياسات الرسمية القطرية والدولية.

ويمكن اكتساب فوائد كثيرة إذا أعقبت فترة التدريب عملية التوظيف، إن من حيث الفعالية أو من حيث اكتساب هوية مهنية. وإذا كانت فترة التدريب طويلة بما فيه الكفاية، فإنها تعطي المزيد من الأدوات ومن المنافذ للبحث وثقافة تستفيد منها الإدارات وتسهّل عمليات التنقّل والتحديثات اللاحقة. أما إذا كان التدريب لفترة قصيرة، فهو يستهدف المهارات الفورية اللازمة. ويتمثّل الحد الفاصل طبعاً في التكاليف بالنسبة إلى الإدارة التي أوصت بالتدريب، سواء أكان الطلاب مأجورين أم لا أثناء التدريب.

التدريب المستمر

أصبح تحديث المعارف ضرورياً في ظلّ تسارع التطورات على الصعيد العلمي والفني والتنظيمي والدولي.

ويتطوّر المفهوم التقليدي للتدريب المستمر تدريجياً نحو مفهوم "التعلّم مدى الحياة". ونظراً إلى تطوّر المعارف والمهن، فإنّ التدريب المكتسب في مستهلّ الحياة المهنية لن يكون كافياً للمحافظة على نفس الأداء طوال الحياة المهنية: يصمم التدريب في بداية الأمر على اعتبار أنه سيستكمل في سياق الحياة المهنية.

ومن الناحية العملية، تبقى التصورات التقليدية مجدية من خلال دورات قصيرة وموجهة إلى هدف محدد وقلما يحصل المتدرّب فيها على شهادة في نهايتها. وعند إرساء أو اتباع سياسة تدريب مستمر، تؤخذ العوامل التاريخية بعين الاعتبار إلى جانب الاحتياجات المستجدة، بما يمكّن من الارتقاء بمستوى المعارف الأساسية للعاملين.

التنظيم

البنى

يمتاز تدريب الكبار بالعديد من المميزات الخاصة. فبالإضافة إلى توجيه رسالة أكاديمية أو مؤسسية، ينبغي الانتقال من النظريات إلى الواقع من أجل التأثير على السلوك المهني. ومن المفيد لذلك، مراعاة توقعات العاملين، بالإضافة إلى احتياجات الجهة الموصية. ويمكن تكليف جهاز مختص بعملية التنظيم لأنها قادرة أكثر من غيرها على مراعاة طلبات الطرفين. ويتولى رب العمل تحديد المهارات الأساسية المطلوبة (ما العمل الواجب إتقانه)، في حين يتعيّن على الجهاز المعني بالتدريب تحويل تلك المهارات إلى مراجع تربوية (ما الذي يجب تعلّمه لإتقان العمل).

ويجوز الاعتراف بالمهارات المكتسبة (الشهادة) إذا كانت فترة التدريب كافية.

المدرِّبون

في حالتي التدريب الأولي والمستمر، الذي تنظّمه إحدى الإدارات أو الجامعات أو مدارس الإدارة، من المفيد جداً تنويع المدرّبين: أساتذة في مادة علوم الأحياء (أطباء بيطريون، خبراء في التقانات، خبراء في النظافة خبراء في السُمية، خبراء في التغذية، علماء في الكيمياء الحيوية...)، والقانون والاقتصاد والإدارة والعلوم الاجتماعية؛ ممثلو الإدارات (الوزارة رب العمل، فضلاً عن وزارات العدل والتجارة والمالية والداخلية ...)؛ باحثون؛ مشغّلون في القطاع الخاص ....

ويمكن تجنّب الإكثار من الدورات عن طريق تدريب المدرّبين من داخل الإدارة المعنية بالمراقبة والذين يتدخلون باستمرار. وبعدما يتم اختيارهم استناداً إلى مهاراتهم الفنية في المجال المعني وإلى حوافزهم، يتلقون تدريباً مباشراً ذا منحى تربوي. وعليهم عندها الاعتماد على مساعدات معتادة (الشفافيات المصورة، الشفافيات بالصوت والصورة، كتيّب المدرِّب، كتيِّب المتدرِّب ...) حرصاً على اتساق الرسالة الموجّهة.

وتشكل الندوات لتبادل التجارب عن موضوع معيّن (إدارة الأزمات مثلاً...) فرصة لتسخير المعارف ولإبراز الخبرة المكتسبة.

التدريب الميداني

في معظم الحالات، لا يدرّب العاملون على مهنتهم الجديدة إلا من خلال انخراطهم التام في الإدارة الملحقين بها. ومن شأن هذا أن يؤدي إلى استمرار العادات السيئة والأخطاء والانعزالية وتباين النُهج المتّبعة في مختلف الإدارات. وهو يبلغ حده الأقصى في الإدارات الصغيرة لاسيما في البلدان النامية عند إلحاق أحد الكوادر غير المدربين والمجهزين بالقدر الكافي بمنطقة معزولة؛ في حين أنه كان بالإمكان توفير تدريب رفيع المستوى لذلك العامل بما يمكّنه من الاضطلاع بمختلف المهام والمسؤوليات الملقاة على عاتقه....

ويمكن تحقيق حد أدنى من التأقلم من خلال العمل لفترة وجيزة في إدارة مرجع، لاسيما في الإدارة المركزية.

كما يساعد الإشراف أيضاً على مواكبة العاملين الجدد. وينبغي أن يكون المشرفون متطوعين، وأن يتم اختيارهم إذا أمكن ذلك من خارج الهرم الإداري (من إدارة أخرى مثلاً) وأن يجري تدريبهم على تأدية هذا الدور.

عندما تكلّف الكوادر المختصة بالطب البيطري أو المهندسون بتدريب المساعدين في إدارتهم، عن طريق التدريب الأولي أو المستمر (بعد أن يتلقوا تدريباً بأنفسهم)، ينبغي الحرص على حسن تنظيم مرحلة التدريب هذه. وتكمن الحدود في غياب التدريب التربوي للكوادر وفي عدم وجود البعد الكافي.

المساعِدات - التدريب عن بعد

تلعب مساعدات التدريب دوراً أساسياً طبعاً في التدريب الذاتي، ولمساندة الدورات التدريبية على يد مدرّبين. ومن المتوقع أن تنجم تطورات كثيرة عن تقانات المعلومات والاتصالات الجديدة رغم الحاجة إلى إعداد مضامين محددة. ولا يلحظ عادة التدريب عن بُعد وقتاً خاصاً بالمدرّبين. ويصطدم تطوّره في الوقت الراهن في البلدان النامية بمدى توافر المعدات المعلوماتية وضعفها.

ولا يعني هذا الاستغناء عن المراجع الكتابية التقليدية، لاسيما بالنسبة إلى الكوادر الذين اعتادوا على العمل الشخصي (النصوص المعيارية، المذكرات التفسيرية، الكتب).

وينبغي في نهاية المطاف إيجاد التكامل المطلوب بين الطرق التقليدية وتقانات المعلومات والاتصالات الجديدة.

الاشتراكات

إنّ تكاليف التدريب مرتفعة نسبياً سواء أكانت موجهة إلى جمهور محدود أو إلى جمهور عريض. من هنا أهمية القيام بخيارات منطقية وفعّالة والسعي إلى تحقيق تأثيرات محفِّزة وإلى التعميم.... وتتعدد الخيارات الممكنة لذلك (تدريب المدرّبين، التدريب التراتبي، الإشراف، تقانات المعلومات والاتصالات الجديدة، المشاركة في دورات تنظمها بلدان أخرى).

وتشكل مشاريع التنظيم التي تتخطى السلطات القومية مرحلة إضافية. ومنها مثلاً:

وتبحث بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والجهات المانحة في أسلوب التعامل الإقليمي مع التدريب في مجال سلامة الأغذية. وهذا الأسلوب الذي يتسق وإنشاء أسواق إقليمية مشتركة هو أسلوب مستدام من خلال تحرره من التغيرات في السياسات القطرية. وقد يتمّ في نهاية المطاف إنشاء جهاز إقليمي للمفتشين البيطريين المختصين في سلامة الأغذية في إطار الاتحاد النقدي والاقتصادي لغرب أفريقيا. وتتولى مدرسة العلوم والطب البيطري المشتركة بين الدول في داكار توفير التدريب الأولي للأطباء البيطريين في الإقليم.

ملاحظة: تعاني البلدان النامية من نقص صارخ أحياناً في الإمكانات، في حين تمارس الإدارات في معظم الأحيان رقابة أوليّة. وإذا لم يكن تطبيق نُهج أكاديمي لنظام تحليل المخاطر ونقاط الرقابة الحرجة مناسباً للصناعات التقليدية، قد تشكل على عكس ذلك طريقة عمل النظام لتحديد المشاكل الأولى بالعناية والتوصل إلى حلول مجدية لها، فرصة هامة بشرط تكييف الأنظمة وتوفير التدريب الملائم للعاملين المعنيين. ويمكن بالتالي الالتزام بمنهجية موحّدة لمجالي التطبيق الرئيسيين للنظام الصحي واللذين يختلفان إلى حد كبير أحياناً في البلدان النامية: من جهة التأثيرات الاقتصادية، خاصة في إطار المبادلات الدولية، ومن جهة أخرى الصحة العامة للسكان، خاصة على الصعيدين المحلي أو القطري. ومما لا شك فيه أنّ هذا النوع من البحث والتدريب الابتكاري الناجم عنه يتخطى نطاق السلطات القطرية.

المواضيع

تختلف إلى حد كبير مهارات الموظفين في الإدارات المعنية بمراقبة سلامة الأغذية. وتستخلص مواضيع التدريب من تحليل للعوامل المتعددة، بما في ذلك، في التدريب الأولي، السياق الاقتصادي، الأحكام القانونية السارية (عمليات المراقبة الأولية أو الثانوية مثلاً)، مهمات الموظف المستقبلية (في الإدارة)، مستوى الانطلاق، المهارات المهنية المرتقبة (المراجع المهنية)، وموارد التدريب التي يمكن تعبئتها. ويسري نفس التحليل على التدريب المستمر، بما في ذلك الإمكانات التي تمتدّ على عدة سنوات.

يحدد مستوى المعارف الواجب اكتسابها بحسب كل حالة:

وعلى سبيل المثال، فإنّ صياغة محضر تستوجب الإتقان بالنسبة إلى العامل الميداني، ولا تستدعي إلا إلماماً أو معرفة أولية حتى بالنسبة إلى العامل في الإدارة المركزية. كذلك، ينبغي أن يتقن مفاوِض دولي الاتفاق بشأن تدابير الصحة والصحة النباتية، في حين يبقى من مستوى المعرفة الأولية بالنسبة إلى العامل الميداني.

بعض الأمثلة غير الحصريّة:

المعارف الفنية (التي قد تتركّز على صناعة معيّنة أو حتى على مرحلة من مراحلها):

تبعاً للمستجدات وللوضع الراهن في كل بلد:

المعارف الإدارية:

الدراية

سادساً- خلاصة

تكمن قيمة أي جهاز من الأجهزة بالدرجة الأولى في النساء والرجال الذين يتألف منهم، إلا في بعض الحالات الاستثنائية. ويشكل الاستثمار في الموارد البشرية، لاسيما في التدريب الأولي والمستمر للعاملين، أساس إدارة الإدارات المعنية بالمراقبة.

والتدريب هو إحدى الأدوات المسخّرة في سبيل تحقيق الأهداف المرجوّة من الجهاز أو من نظام المراقبة. وهو يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعناصر المكوّنة للسياق وفي طليعتها القيود المالية. وبالتالي، حتى ولو أمكن استخلاص توجهات عامة بشكل مطلق (التدريب لفترة طويلة ما بعد التوظيف، مثلاً)، تصبح وهمية نظراً إلى كلفتها العالية في الكثير من البلدان، خاصة البلدان النامية منها. وليست هناك حلول عالمية بل إمكانات حلول وحلول ينبغي تكييفها بالشكل الأمثل بحسب البلد أو الإقليم.

ومن الخصائص المميِّزة في مجال سلامة الأغذية السياق العالمي الذي يؤدي، منذ التحوّل الذي أعقب نفاذ اتفاقات منظمة التجارة العالمية، إلى تقارب النُهج (تحميل المسؤولية إلى المهنيين، نظام تحليل المخاطر ونقاط الرقابة الحرجة، عمليات المراقبة الثانوية، وسوى ذلك) وبالتالي، إبراز المشاغل المشتركة. ومن شأن وجود احتياجات مشتركة على صعيد تدريب الموظفين أن يؤدي إلى تطوير المبادلات، وحتى إلى التوصل إلى حلول مبتكرة تتخطى السلطات القومية.

وإنّ البلدان النامية والبلدان الأقل نمواً أكثر عرضة من غيرها للمشاكل الصحية ومنها نظافة الأغذية: فالشروط الصحية والمناخية تترافق مع التقاليد ومع عدم كفاية الإمكانات والموظفين المؤهلين. ولابد من مراعاة هذه الخصائص في إطار عولمة المبادلات. وينبغي في مجال التدريب أكثر من أي مجال آخر الانطلاق من الاحتياجات الملموسة على الأرض واحترام الخصائص الثقافية كي يكون الوقع المتوخى ملموساً ومستداماً.

وتعتمد بلدان كثيرة على المهارات المكتسبة أثناء التدريب الأولي لإجراء عمليات المراقبة الرسمية والتي لا تبدو كافية في جميع الأحوال نظراً إلى الطابع الخاص لهذه المهمات. وإنّ عمليات التدريب على اكتساب المعارف هي الأسهل من حيث التنظيم وبالتالي الأكثر شيوعاً، في حين أنّ تصميم تلك الخاصة بالمهارات والدراية أدقّ منها. وكي تكون عمليات التدريب مجدية، لابد لها من إتباع شكل محدد ومن الاستمرار لفترة معيّنة. وليست هناك تجارب كافية في هذا المجال.

يمكن الطلب من المؤلف الحصول على المراجع والببليوغرافيا.


1. المنظمة العالمية لصحة الحيوان/المكتب الدولي للأوبئة الحيوانية.

2. أنظر مثلاً: الدستور الغذائي، الخطوط التوجيهية CAC/GL N°26 (الفقرات 24 وما يليها والفقرتان 43 و47 والملحق) والوثيقة CAC/GL N°34 (الملحق) - المكتب الدولي للأوبئة الحيوانية: مدونة الصحة الدولية للحيوانات البرية (الفصل 1-3-3: تقييم الخدمات البيطرية).

3. غالباً ما تكون إدارة أخرى مسؤولة عن مراقبة نقاط البيع.

4. قد يكون جهاز آخر مسؤولاً عن النباتات ومنتجات مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية.

5. مثلاً: النمسا (2002)، بلجيكا (2003)، بوليفيا (2000)، كندا (1997)، أسبانيا، هولندا وسواها من البلدان.

6. لا يتم التطرّق إلى المهارات الإدارية أو الشخصية على أهميّتها.