شذا ثورة: كيف ساعد الاتصال من أجل التنمية جمعيتَي MVIWAMA وMVIWARUSHA على تحويل قطاع إنتاج العسل في جمهورية تنزانيا المتّحدة

في ربوع الطبيعة الخصبة في جمهورية تنزانيا المتحدة حيث يمتزج الهواء بعطر الأزهار، يفوح شذا ثورة رقيقًا. ويقود برنامج مرفق الغابات والمزارع زمام هذا التحوّل وتتولى تنفيذه منظمتان متفانيتان في عملهما، هما جمعية مزارعي أشجار موفيندي (MVIWAMA) ومجموعة مزارعي أروشا (MVIWARUSHA). وهما تعملان معًا على إعادة تشكيل سلسة قيمة العسل وتحقيق الازدهار والاستدامة لمجتمعاتهما المحلية، من خلال الاعتماد على الدور المحوري للتواصل الفعّال.  

وعملت جمعية MVIWAMA التي أُنشئت أساسًا لدعم مزارعي الأشجار من أصحاب الحيازات الصغيرة، على توسيع نطاق أنشطتها لتشمل تربية النحل ولإدراجها في الحراجة الزراعية على نحو سلس. وتعتني Anna Mwakalinga وهي مربية نحل متمرّسة بمَنحَلَتها الكائنة بين أشجار الأوكاليبتوس العمّلاقة والأشجار المحلية. وبدأت مسيرتها في تربية النحل بدورة تدريبية نظّمتها جمعية MVIWAMA بدعمٍ من برنامج مرفق الغابات والمزارع. وهي تتذكّر قائلةً "كنّا نجمع العسل في السابق بالطريقة التقليدية، وغالبًا ما كنّا نؤذي خلايا النحل ونربك النحل. أمّا اليوم وبفضل التقنيات الحديثة، فقد تضاعف محصولنا وأصبح ذا جودة عالية."  

وقد أرست جمعية MVIWAMA، بالإضافة إلى توفير التدريب، نموذجًا تعاونيًا يقوم على جمع الموارد وتبادل المعارف وعلى ضمان استفادة جميع الأعضاء. وفتحت هذه القوة الجماعية الأبواب أمام أسواق جديدة. وأصبح عسل جمعية MVIWAMA، بفضل استراتيجيات التسويق والتعليب الجيدة، يزيّن رفوف المحال التجارية الإقليمية ويُباع بأسعار أعلى ويلقى استحسان زبائن مخلصين. 

وأسهم التواصل الفعّال إسهامًا أساسيًا في نجاح الجمعية. واستنادًا إلى النُهُج التشاركية للاتصال من أجل التنمية، أنشأت الاجتماعات وحلقات العمل المنتظمة التي يتولى تيسيرها برنامج مرفق الغابات والمزارع منصةً لتبادل المعارف وتسوية المشاكل المشتركة. وأبقت مجموعات تطبيق WhatsApp والبرامج الإذاعية المجتمعية أفراد المجتمعات المحلية على اطّلاع على اتجاهات السوق وفرص التدريب المتاحة والتغييرات في السياسات. وتمكّن المزارعون بفضل هذا التدفق للمعلومات من اتخاذ قرارات مستنيرة ومن التأقلم بسرعة مع الظروف المتغيّرة.  

وأدّت مبادئ الاتصال من أجل التنمية دورًا بارزًا في تحقيق هذه النجاحات، إذ إنها تركّز على عمليات التواصل التشاركية التي تُشرك جميع أصحاب المصلحة في عمليات اتخاذ القرارات. ومن خلال ضمان مشاركة أفراد المجتمعات المحلية مشاركةً فاعلةً عوضًا عن تلقيهم المعلومات فحسب، يمكن لمبادرات، مثل مبادرة MVIWAMA، تعزيز مستوى أكبر من المشاركة والمسؤولية بين المشاركين. 

وفي مدينة Arusha النابضة بالحياة، ترتقي مجموعة MVIWARUSHA بسلسلة قيمة العسل إلى مستوى أعلى. فقد اعتمدت هذه المجموعة من المزارعين المقدامين تربية النحل نشاطًا رئيسيًا وأضافت إليه لمسةً خاصةً من خلال التركيز بشدّة على القيمة المضافة. وهنا أيضًا مثّل الاتصال من أجل التنمية عاملًا مساعدًا.  

ورافقنا John Mollel، وهو شاب مندفع وعضو في مجموعة MVIWARUSHA، في جولة إلى مرفق تجهيز العسل الحافل بالحيوية والنشاط. وشرح لنا قائلًا "نحن لا نبيع العسل فحسب؛ بل نصنع منتجات تلبي احتياجات أسواق متنوّعة". ونرى برطمانات العسل ذات العلامات الأنيقة مرصوفةً على الرفوف، إلى جانب الشموع المصنوعة من شمع النحل، وصبغ العَكبر، ومستحضرات التجميل المصنوعة من العسل. ويحدث هذا التنويع تغيّرًا جذريًا، حيث يوفر مصادر جديدة للدخل ويقلّل من الاعتماد على مبيعات العسل الخام. 

وكانت الطريق المؤدّية إلى هذا الإنجاز محفوفةً بالعقبات، فقد واجه المزارعون في بادئ الأمر مشاكل متعلّقة بمراقبة الجودة والوصول إلى الأسواق. ولكن مجموعة MVIWARUSHA طبّقت، بفضل دعم برنامج مرفق الغابات والمزارع، معايير صارمة بشأن الجودة واستكشفت خيارات إصدار الشهادات، مثل العلامة العضوية وعلامة التجارة العادلة. ولا تُؤدي هذه الشهادات إلى ضمان جودة المنتجات فحسب، بل أيضًا إلى استقطاب المشترين المميّزين على الصعيدين المحلي والدولي.  

ومثّل نهج الاتصال من أجل التنمية محورًا أساسيًا لتقدّم مجموعة MVIWARUSHA، التي استعانت باجتماعات أفراد المجتمعات المحلية وبوسائل التواصل عبر الهاتف المحمول ووسائل التواصل الاجتماعي من أجل تنسيق الأنشطة وتبادل الممارسات الجيدة ونشر المعلومات المهمة. وساعدت التحديثات المنتظمة بشأن أحوال السوق وتفضيلات المستهلكين أعضاء المجموعة في تصميم استراتيجيات الإنتاج والتسويق على نحو أكثر كفاءةً. وعلاوةً على ذلك، أسهمت مشاركة المجموعة في الأسواق والمعارض الإقليمية في التعرّف إليها أكثر وتوفير فرص جديدة للتواصل مع الآخرين، وهو أمرٌ ضروريٌ من أجل نمو الأعمال التجارية.  

ولا تتعلّق قصتا جمعيتَي MVIWAMA وMVIWARUSHA بإنتاج العسل فحسب؛ بل أيضًا بالتمكين والقدرة على الصمود والتنمية المستدامة. فهما تجسدان كيف أنه من شأن الدعم المحدد الأهداف والتواصل الفعّال والعمل الجماعي إحداث تحوّل في سُبُل كسب العيش وتغيير دائم. وفي حين تواصل جمهورية تنزانيا المتحدة مسيرتها نحو التنمية المستدامة، تحذو مجتمعات محلية أخرى حذو منتجي العسل مستلهمةً من قصة نجاحهم.