منظمة الأغذية والزراعة قيد الاستعراض: تحويل النظم الزراعية والغذائية هو مفتاح الحلّ بالنسبة إلى المناخ والتنوع البيولوجي والأراضي
بغداد، موريتانيا. نساء من المجتمع المحلي يقمن بزراعة البذور يدوياً
FAO / Giulio Napolitano ©
خلال عام عُقدت فيه مؤتمرات الأطراف الرئيسية التي ركّزت على أبعاد الأزمة البيئية، أظهرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) كيف أن تحويل النظم الزراعية والغذائية يمكن، بل ويجب، أن يؤدي دورًا محوريًا في التصدي للتحديات المترابطة المتمثلة في تغيّر المناخ وفقدان التنوع البيولوجي وتدهور الأراضي وانعدام الأمن الغذائي. وقد ناصرت المنظمة رسالة واضحة ومتسقة عبر المنتديات العالمية مفادها أنّ حلول النظم الزراعية والغذائية هي الحلول من أجل المناخ والتنوع البيولوجي والأراضي.
ويؤدي تغيّر المناخ إلى تفاقم فقدان التنوع البيولوجي وتدهور الأراضي، ممّا يؤثر على الإنتاجية الزراعية ويساهم في انعدام الأمن الغذائي. وتؤدي بدورها الممارسات الزراعية غير المستدامة، إلى إزالة الغابات وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري وفقدان النظم الإيكولوجية الحيوية. ويتطلّب كسر هذه الحلقة المفرغة اتخاذ إجراءات عاجلة. ويوفّر الاستثمار في النظم الزراعية والغذائية المستدامة والقادرة على الصمود مدخلًا فعالًا للتصدي لهذه التحديات بشكل متزامن.
وقد شكلت هذه الرسالة جوهر مشاركة المنظمة في المنتديات الدولية الرئيسية في عام 2024، مثل الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ (الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف)، والدورة السادسة عشرة لمؤتمر الأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي، والدورة السادسة عشرة لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (الدورة السادسة عشرة لمؤتمر الأطراف)، والتي كانت بمثابة منصات حاسمة للتحاور والإعراب عن الالتزامات على المستوى العالمي.
وقال السيد شو دونيو، المدير العام للمنظمة خلال الأسبوع الرفيع المستوى للدورة السادسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة "إنّ هناك نسبة مقلقة تبلغ 40 في المائة من سكان العالم معرضّة بشدة لمخاطر أزمة المناخ. وتشكّل الأحوال الجوية القصوى أحد الدوافع الرئيسية للجوع، إذ يقاسي الجوع أكثر من 730 مليون شخص، فضلًا عن انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية بجميع أشكاله. ويمكن للنظم الزراعية والغذائية القادرة على الصمود والممارسات الزراعية المستدامة أن توفّر حلولًا للتحديات المترابطة المتمثلة في الأغذية والمياه والأراضي والتنوع البيولوجي".
وقد تمثلت الرسالة المتسقة والمتماسكة طوال العام في أنّنا بحاجة إلى إنتاج المزيد بموارد أقل: فنحن بحاجة إلى إنتاج ما يكفي من الأغذية لإطعام عدد متزايد من السكان باستخدام قدر أقل من المدخلات الزراعية ومن الآثار السلبية على البيئة التي تقوّض على المدى الطويل الأمن الغذائي والتنمية المستدامة. ولتحقيق ذلك، نحتاج إلى ضمان تحقيق الأفضليات الأربع أي إنتاج أفضل، وتغذية أفضل، وبيئة أفضل، وحياة أفضل، من دون ترك أي أحد خلف الركب.
ومن قاعات الأمم المتحدة إلى حقول العديد من البلدان الأعضاء التي تدعمها المنظمة بالمساعدة والخبرة الفنيتين، والتي يزيد عددها عن 190 بلدًا عضوًا، أظهرت المنظمة كيف يمكن للنظم الزراعية والغذائية القادرة على الصمود والمستدامة أن تساعدنا في معالجة آثار أزمة المناخ، وحماية التنوع البيولوجي، وضمان حصول الجميع على أغذية آمنة ومغذّية. ويشكّل هذا أحد العناصر الأساسية في الإطار الاستراتيجي للمنظمة للفترة 2022-2031، وهو عنصر محوري في تنفيذ استراتيجية وخطة عمل المنظمة الخاصتين بتغيّر المناخ.
إدماج النظم الزراعية والغذائية في جداول الأعمال الوطنية
تقرّ المنظمة بأن تحويل الالتزامات العالمية إلى إجراءات وطنية أمر حاسم الأهمية من أجل تحقيق تقدّم حقيقي في تحويل النظم الزراعية والغذائية لجعلها أكثر استدامة ومتكيّفة مع المناخ المتغيّر، وهي المنظمة التي يمكن الاستعانة بها لتوفير الخبرات المهنية اللازمة للقيام بذلك.
وتعمل المنظمة بشكل وثيق مع البلدان من أجل إدماج الزراعة القادرة على الصمود والمستدامة والأمن الغذائي في خططها الوطنية، بما في ذلك دعم إعداد وتنفيذ المساهمات المحددة وطنيًا من أجل العمل المناخي (هناك جولة محدّثة يُتوخى عقدها بحلول عام 2025) والاستراتيجيات وخطط العمل الوطنية بشأن التنوع البيولوجي.
وتعمل المنظمة في الوقت نفسه على كفالة أن تتضمن الخطط والممارسات الزراعية الوطنية الاستخدام المستدام للتنوع البيولوجي، والتكيّف مع تغيّر المناخ والتخفيف من آثاره، والإدارة المتكاملة والمستدامة للأراضي والتربة والمياه. ويضمن مدخل العمل المزدوج هذا اعتبار النُظم الزراعية والغذائية عنصرًا محوريًا في الجهود الوطنية الرامية إلى تحقيق أهداف الاستدامة.
وفي الدورة التاسعة والعشرين لمؤتمر الأطراف التي انعقدت في أذربيجان، ساعدت مشاركة المنظمة الفعالة في قمة قادة العالم، والأحداث الرفيعة المستوى، وفي غرف المفاوضات، على إبراز الدور الحاسم للنظم الزراعية والغذائية في التصدي لأزمة المناخ. وقادت المنظمة برنامجًا شاملًا وأصدرت مطبوعات رئيسية تبرِز الحاجة الملحة إلى زيادة الاستثمارات الهادفة في النظم الزراعية والغذائية من أجل دفع التحول المستدام والتكيّف مع المناخ.
وقدّمت المنظمة أيضًا تحليلًا جديدًا للمساهمات المحددة وطنيًا، كشف عن الفجوات الغذائية والزراعية في مجالات التخفيف والتكيف والتمويل ضمن خطط العمل المناخية الوطنية، وسلّط الضوء على ضرورة إدماج النظم الزراعية والغذائية في الجيل القادم من المساهمات المحددة وطنيًا، بالنسبة إلى البلدان من أجل تحقيق أهداف اتفاق باريس.
وفي الاجتماع الدولي، تعاونت المنظمة أيضًا مع رئاسة الدورة التاسعة والعشرين لمؤتمر الأطراف من أجل إطلاقمبادرة باكو هارمونيا للمناخ من أجل المزارعين. وستكون هذه المبادرة، المدعومة من شراكة الأغذية والزراعة من أجل التحول المستدام (FAST) التي تقودها المنظمة والتي أُطلقت في عام 2022، بمثابة منصة لمؤتمر الأطراف من أجل تنسيق العمل المناخي من خلال النظم الزراعية والغذائية، وتمكين المزارعين باعتبارهم عناصر فاعلة في العمل المناخي. وقادت المنظمة أيضًا المناقشات التي دارت في يوم الأغذية والزراعة والمياه، وعرضت حلولًا للتمويل والابتكار والشراكة من أجل العمل المناخي من خلال النظم الزراعية والغذائية.
ولا تزال المنظمة ملتزمة بدعم البلدان للحصول على التمويل المناخي، وتطوير الجيل القادم من المساهمات المحددة وطنيًا الطموحة للغاية بالنسبة إلى العمل المناخي في سياق النظم الزراعية والغذائية، وتنفيذ التزاماتها المناخية، لا سيما في الوقت الذي تستعد فيه البلدان للدورة الثلاثين لمؤتمر الأطراف التي ستُعقد في البرازيل في عام 2025.
وفي الوقت نفسه، أبرزت مشاركة المنظمة في الدورة السادسة عشرة لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي في كولومبيا الدور الحاسم للاستخدام المستدام للتنوع البيولوجي والزراعة المستدامة في التنفيذ الناجح لإطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي (الإطار العالمي للتنوع البيولوجي).
وفي هذا السياق، أطلقت المنظمة مبادرة دعم الاستراتيجيات وخطط العمل الوطنية الزراعية للتنوع البيولوجي من أجل توفير دعم موجّه للحكومات في شتى القطاعات الزراعية والغذائية من أجل تسريع إدماج الحلول الزراعية والغذائية في خطط التنوع البيولوجي، وتنفيذها، وتحقيق الإطار العالمي للتنوع البيولوجي. وأدّت المنظمة دورًا حيويًا في المناقشات المتعلّقة بحقوق الشعوب الأصلية في ما يخص التنوع البيولوجي واستخدام معلومات التسلسل الرقميّة، وخصوصًا للموارد الوراثية للأغذية والزراعة.
وفي عام 2025، ستستضيف المنظمة في مقرها الرئيسي في روما الدورة المستأنفة للدورة السادسة عشرة لمؤتمر الأطراف، والتي ستكون فرصة مهمة لتأكيد الأهمية المركزية للاستخدام المستدام للتنوع البيولوجي والزراعة، والحاجة إلى توفير التمويل والدعم الذي يصل إلى المجتمعات الريفية والزراعية التي تعتمد على التنوع البيولوجي وترعاه.
ورغم وجود اعتراف متزايد بأهمية تحويل النظم الزراعية والغذائية لتحقيق التطلّعات والخطط والالتزامات المتعلقة بالمناخ والتنوع البيولوجي وتدهور الأراضي، إلا أنّ الإجراءات الوطنية، المدعومة بالتمويل والتكنولوجيا والقدرات، هي في نهاية المطاف العناصر الحاسمة من أجل تحقيق أهداف اتفاق باريس والإطار العالمي للتنوع البيولوجي. وتواصل المنظمة العمل من أجل تحقيق الاعتراف الكامل بالنظم الزراعية والغذائية كمصادر للحلول الرئيسية في شتى الاتفاقات البيئية المتعددة الأطراف، وإدراجها ضمن الخطط الوطنية.
باكستان - آثار الفيضانات. © منظمة الأغذية والزراعة/عاصم حفيظ
تمويل العمل المناخي والبيئي من خلال تحويل النظم الزراعية والغذائية
يعتبر التمويل عاملًا أساسيًا لتحويل هذه الالتزامات والخطط إلى واقع ملموس، وتدرك المنظمة أن هناك حاجة إلى استثمارات كبيرة في الزراعة لأنّها تمثل النافذة التي يمكن من خلالها التصدي لتحديات المناخ والتنوع البيولوجي وتدهور الأراضي وتحقيق تحويل النظم الغذائية الزراعية العالمية. وفي عام 2024، عزّزت المنظمة شراكاتها بشكل فاعل مع آليات التمويل الرئيسية، بما في ذلك الصندوق الأخضر للمناخ ومرفق البيئة العالمية، من أجل توجيه الموارد الحيوية نحو هذا الهدف.
وواصلت المنظمة دعم البلدان من أجل تطوير مبادرات مقنعة والتعامل مع تعقيدات التمويل الدولي للمناخ والبيئة، وضمان ضخ الاستثمارات التي تمسّ الحاجة إليها في المشاريع التي تعزّز الزراعة المراعية للمناخ، والإدارة المستدامة للأراضي والتربة والمياه، وصون التنوع البيولوجي.
وعلى سبيل المثال، عرض المدير العام للمنظمة مبادرتين بارزتين في الدورة التاسعة والعشرين لمؤتمر الأطراف هما موافقة الصندوق الأخضر للمناخ على تمويل مشروعين تحويليين بقيمة 134 مليون دولار، من أجل دعم تكيف المجتمعات المحلية الزراعية الضعيفة في الصومال والعراق وتعزيز قدرتها على الصمود في وجه تغير المناخ. وستمكّن هاتان المبادرتان اللتين تقودهما المنظمة ملايين المزارعين والرعاة من التكيّف مع الآثار المتصاعدة لأزمة المناخ، بما في ذلك الجفاف والفيضانات وندرة المياه في هذين البلدين الهشين.
وقامت المنظمة والصندوق الأخضر للمناخ، منذ الشراكة التي عقداها في عام 2016، بزيادة الاستثمارات المناخية في المشاريع العالية التأثير التي من شأنها أن تجعل قطاعات الزراعة والحراجة ومصايد الأسماك أكثر كفاءة وشمولًا وقدرة على الصمود واستدامة. وتتجاوز في الوقت الحالي حافظة الصندوق الأخضر للمناخ التي دعمت المنظمة البلدان للحصول عليها 1.3 مليارات دولار.
وعلى نحو مماثل، وعلى هامش الدورة السادسة عشرة لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر التي انعقدت في الرياض، المملكة العربية السعودية، شاركت المنظمة في إطلاق البرنامج المتكامل بشأن النظم الغذائية. وسيوجّه البرنامج 282 مليون دولار من تمويل مرفق البيئة العالمية وما يُقدر بنحو 1.8 مليارات دولار من التمويل المشترك في 32 بلدًا نحو الفوائد البيئية العالمية للتنوع البيولوجي والأراضي وتغيّر المناخ، إلى جانب الفوائد الاجتماعية والاقتصادية من أجل النهوض بالأمن الغذائي والتغذية وسُبل العيش.
ومن الأمور البارزة الأخرى في عام 2024، ساعدت المنظمة أيضًا 28 بلدًا في الحصول على تمويل بقيمة 70 مليون دولار من مرفق البيئة العالمية من أجل معالجة الاستدامة الحضرية وإدارة المياه الجوفية وفقدان التنوع البيولوجي وتغير المناخ وتدهور الأراضي. كما وافق الصندوق على 48 مشروعًا تقودها المنظمة وتبلغ قيمتها حوالي 2.9 مليارات دولار، ستؤدي دورًا محوريًا في تعزيز التحول المستدام للنظم الزراعية والغذائية من أجل القضاء على الجوع والحفاظ على البيئة.
وتتجاوز حاليًا حافظة مرفق البيئة العالمية القائمة لدى المنظمة 1.4 مليارات دولار أمريكي، وهي تساعد أكثر من 120 بلدًا من خلال مشاريع تستجيب للأولويات المحلية وتحقّق منافع بيئية عالمية وتنهض بتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
مناصرة الانتقال العادل
دعا تقرير المنظمة المناخ المجحف الذي صدر في مطلع عام 2024 إلى الانتقال العادل إلى مستقبل قادر على الصمود في وجه تغيّر المناخ يعطي الأولوية للمساواة والشمول. وحدّد التقرير حجم الخسائر المالية غير المتناسبة التي تواجهها المرأة الريفية بسبب أزمة المناخ، وسلّط الضوء على زيادة ضعفها مقارنة بالرجل، وشدّد على الآثار على قطاعات متعددة والحلول التمكينية. ويوفّر هذا النهج القائم على البيانات حجة اقتصادية واجتماعية دامغة لزيادة الاستثمارات في السياسات والبرامج المناخية المراعية للمنظور الجنساني التي تعالج أوجه عدم المساواة القائمة وتمكّن المرأة في النظم الزراعية والغذائية.
وقال المدير العالم للمنظمة السيد شو دونيو "إنّ الاختلافات الاجتماعية القائمة على أساس الموقع والثروة ونوع الجنس والعمر لها أثر قوي، غير مفهوم بشكل جيد، على ضعف سكان الريف أمام آثار أزمة المناخ. وتسلّط هذه النتائج الضوء على الحاجة الملحة إلى تخصيص المزيد من الموارد المالية والاهتمام على مستوى السياسات بقضايا الشمول والقدرة على الصمود في الإجراءات المناخية العالمية والوطنية".
وتقرّ المنظمة بأن الانتقال إلى نظم زراعية وغذائية مستدامة يجب أن يكون عادلًا وشاملًا، بما يضمن عدم إهمال أي أحد. وفي عام 2024، عملت المنظمة بشكل فاعل على تعزيز الانتقال العادل، وشدّدت على أهمية الإنصاف الاجتماعي والمساواة بين الجنسين في تشكيل مستقبل الأغذية والزراعة. وقد تردّد صدى رسالة المنظمة بوضوح في المناقشات الوزارية الرفيعة المستوى بشأن الانتقال العادل التي دارت في الدورة التاسعة والعشرين لمؤتمر الأطراف.
Video
The Unjust Climate
The unequal impacts of climate change on countries, communities, and individuals undeniably pose a critical global challenge.
Video
Not deserting deserts: Scaling land restoration through innovation
In Mauritania rising temperatures are fuelling Sahara expansion ...
عرض قصص النجاح وتعزيز تبادل المعارف
تأكيدًا لأهمية التعهّد بالالتزامات وترجمة الأقوال إلى أفعال من أجل تحويل النظم الزراعية والغذائية، واصلت المنظمة الترويج للحلول التي تقدم فوائد متعددة في مجالات المناخ والتنوع البيولوجي والأراضي والأمن الغذائي، بالتوازي مع تعزيز التنمية الريفية. وهذا أمر يعود بالفائدة على كل من الأشخاص وكوكب الأرض.
وطوال عام 2024، سلّطت المنظمة الضوء على قصص ملهِمة من جميع أنحاء العالم تعرض الفوائد الملموسة للممارسات الزراعية والغذائية المستدامة وتؤكّد الدور الحاسم للتنمية الريفية.
ففي كولومبيا على سبيل المثال، تناصر المنظمة التنمية الريفية من خلال مبادرات مختلفة تساهم في تحقيق أهداف التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيّف معه. وتعزّز هذه المبادرات سُبل العيش المستدامة، بالتوازي مع تعزيز احتباس الكربون والحفاظ على التنوع البيولوجي من خلال ممارسات مثل الحراجة الزراعية والتربية المستدامة للماشية. ومن خلال دمج الأشجار في المناظر الطبيعية الزراعية، يعمل المزارعون على تحسين سلامة التربة وتنويع دخلهم وزيادة قدرتهم على الصمود في مواجهة أزمة المناخ.
ومن إصلاح الأراضي المتدهورة في منطقة الأمازون إلى مساعدة المزارعين على مكافحة التصحر في أفريقيا، عرضت المنظمة كيف أنّ العديد من هذه الحلول تحدِث بالفعل فرقًا في حياة الأشخاص وتساهم في تحقيق مستقبل أكثر استدامة. ومن خلال مشاركة قصص النجاح هذه وتعزيز تبادل المعارف، تهدف المنظمة إلى إلهام المزيد من العمل وتسريع وتيرة الانتقال العالمي نحو نظم زراعية وغذائية مستدامة (يمكن الاطلاع على جميع القصص هنا).
وهناك مثال آخر على الحلول في محور الترابط بين المناخ والغذاء والزراعة مكرّس في برنامج نظم التراث الزراعي ذات الأهمية العالمية. ففي عام 2024، أقرّت المنظمة بثلاثة مواقع جديدة في إندونيسيا وسان تومي وبرينسيبي والنمسا. وتعرض هذه المواقع الممارسات المستدامة التي تساهم في القدرة على الصمود في وجه تغير المناخ وصون التنوع البيولوجي والأمن الغذائي. ومن خلال الاعتراف بنظم التراث هذه والحفاظ عليها، والتي يصل عددها حاليًا إلى 89 نظامًا في 28 بلدًا، تسعى المنظمة إلى ضمان مستقبل مستدام للزراعة ولكوكب الأرض وحماية المعارف التقليدية وتعزيز الممارسات المستدامة. وفي عام 2025، تطمح المنظمة إلى جعل عدد النظم يصل إلى 100 موقع في جميع أنحاء العالم.
ومن خلال ربط الأهداف العالمية بالعمل المحلي، وتعبئة الموارد الحيوية، وتشجيع الانتقال العادل، تساعد المنظمة على بناء عالم أكثر استدامة وإنصافًا وقدرة على الصمود لفائدة الجميع. وبينما نسير قدمًا، سيشكّل استمرار قيادة المنظمة وتعاونها مع الشركاء أمرًا حاسمًا لضمان أن تؤدي النظم الزراعية والغذائية دورًا محوريًا في تحقيق مستقبل مستدام للأشخاص ولكوكب الأرض، وفي تحقيق الأفضليات الأربع أي إنتاج أفضل، وتغذية أفضل، وبيئة أفضل، وحياة أفضل للجميع - من دون ترك أي أحد خلف الركب.