الملاحظات الافتتاحية لمناسبة اليوم الدولي للشاي لعام 2025
للدكتور شو دونيو، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة
21/05/2025
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
حضرات محبّي الشاي والأصدقاء الأعزاء،
يسرّني للغاية افتتاح الاحتفال السادس باليوم الدولي للشاي!
فالشاي، في أنحاء العالم كافة، أكثر من شراب - بل هو رمزٌ للمجتمع المحلي والثقافة والاستمرارية.
من التقاليد القديمة إلى العادات الحديثة، يربط الشاي بين الأجيال ويعبر الحدود ويولّد لحظاتٍ من التواصل والطمأنينة.
أكنّا نتحدث عن أناقته كمشروب احتفالي أو عن الراحة التي يجلبها فنجان صباحي أو عن دفء إبريق من الشاي يتشاركه الأصدقاء، يشكل الشاي طقسًا يوميًا يوحّدنا في تنوعنا.
وللشاي تاريخ طويل يمتد لأكثر من 000 5 سنة. يرقى منشؤه إلى الصين حيث كان شرابًا طبيًا قبل أن ينتشر في أصقاع العالم عبر الطرقات التجارية مثل طريق الحرير، ولاحقًا أقام الاستعمار مزارع شاي في الهند وسري لانكا وعبر أنحاء أفريقيا.
واليوم، أصبحت تقاليد مثل طقوس الشاي الصينية وطقوس الشاي اليابانية و"جلسات شاي بعد الظهر" البريطانية ركائز أساسية في الإرث الثقافي، وظاهرة عالمية توحدّ الناس.
إنما إضافة إلى الغنى الثقافي للشاي، فهو بمثابة حبل الخلاص لملايين الأشخاص.
فالشاي يمثل إحدى ركائز الاقتصادات الريفية، خاصة في البلدان المنخفضة الدخل، ومصدرًا حيويًا للعمل والدخل للمزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة وأسرهم.
ويتم بالفعل إنتاج أكثر من 60 في المائة من الشاي في العالم من جانب أصحاب الحيازات الصغيرة وكثيرون منهم نساء وشباب غالبًا ما يعيشون في بعض أنحاء العالم الأكثر عرضة للمخاطر.
وبالتالي فإن دعمهم ليس مسألة عدالة فحسب، إنما هو أيضًا لتأمين مستقبل سلسلة القيمة بكاملها لأن الانتشار الاقتصادي لقطاع الشاي يمتد على قطاعات متعددة - من المزرعة إلى الفنجان.
ويشكل اليوم الشاي الشراب الثاني الأكثر استهلاكًا في العالم، مدفوعًا بالبلدان المنتجة الرئيسية مثل الصين والهند وكينيا.
وفي عام 2023، قُدّرت قيمة قطاع الشاي العالمي بأكثر من 50 مليار دولار أمريكي ومن المتوقع أن تتخطى 90 مليار دولار أمريكي في السنوات الخمس المقبلة.
وهذه الأرقام تعكس الأثر الهائل لهذا القطاع والمسؤولية التي نتشاطرها جميعًا من أجل دعمه.
لكن وحتى وإن كنا نحتفل بأهمية الشاي، علينا أيضًا أن نتصدى للتحديات التي يواجهها قطاع الشاي مثل تقلّب الأسعار وتدني الإنتاجية والوصول المحدود إلى الأسواق والائتمانات والتكنولوجيا غير الكافية والأحداث المناخية القصوى.
يجب أن نحوّل هذه التحديات إلى فرص!
ولكي ننجح في ذلك، يقيم قطاع الشاي الحديث توازنًا بين الاتجاهات الصحيّة - من خلال منتجات مثل شاي الأعشاب والماتشا- وتحديات مثل تغير المناخ وممارسات العمل العادلة.
كما أن الابتكارات في الزراعة العضوية، وسياحة الشاي واستراتيجيات التسويق القوية تتعايش مع مكافحة تقلبات الأسعار والتهديدات البيئية.
فالابتكارات والاستثمارات والسياسات الشاملة أساسية.
لذا، علينا أن نناصر قطاعًا للشاي يكون قادرًا على الصمود وقابلًا للحياة من الناحية الاقتصادية ومسؤولًا من الناحية الاجتماعية.
وبالنسبة إلى العديد من البلدان المنخفضة الدخل، يتسم الدخل المتأتي من قطاع الشاي بأهمية حيوية لضمان الأمن الغذائي ودعم الاقتصادات الريفية وتعزيز القدرة على الصمود في وجه الصدمات.
حضرات السيدات والسادة،
أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، إقرارًا منها بالدور الحيوي للشاي، وبدعمٍ من منظمة الأغذية والزراعة وأعضائها، 21 مايو/أيار اليوم الدولي للشاي.
في هذا اليوم، نحتفل بدور الشاي في الربط بين الثقافات ومساندة سبل العيش وإثراء طقوسنا اليومية.
إنه يوم يكرّم المزارعين والتقاليد المختلفة، ويذكّرنا بأن كل فنجان شاي يكتنف إرث البشرية المشتركة.
وفي ظل تطوّر الصناعة، تكمن جاذبية الشاي الخالدة في قدرته على التكيّف والحفاظ في الوقت ذاته على روحه - إنه شراب بسيط إنما عميق يستمر في توحيد العالم.
وفيما نحتفل بهذا اليوم للمرة السادسة، دعونا نفكّر أيضًا بالتحوّل الأوسع نطاقًا للنظم الزراعية والغذائية في العالم، وهو مجال تركيز أساسي في الإطار الاستراتيجي للمنظمة للفترة 2022-2031.
بالفعل، سوف يساهم بناء قطاع للشاي أكثر كفاءة وشمولًا وقدرة على الصمود واستدامة بشكل مباشر في تحقيق الأفضليات الأربع أي إنتاج أفضل وتغذية أفضل وبيئة أفضل وحياة أفضل، من دون ترك أي أحد خلف الركب.
واليوم الدولي للشاي هو اللحظة التي نكرّم فيها الأيادي والقلوب الكامنة وراء كل فنجان من الشاي، ونؤكد فيها من جديد التزامنا بتأمين مستقبل عادل ومستدام للأجيال المقبلة.
والمنظمة مستعدة لمواصلة العمل مع جميع الشركاء لتعزيز دور الشاي كمحفّز للشمول والمسؤولية المشتركة عبر الثقافات والأجيال.
أتمنى لكم يومًا دوليًا سعيدًا للشاي لعام 2025!
استمتعوا بفنجان شاي وبما ينطوي عليه من غنى وكمال الحياة!
وشكرًا على حسن إصغائكم.