الكلمة الافتتاحية بمناسبة الاحتفال بالذكرى السنوية الثمانين لتأسيس منظمة الأغذية والزراعة خلال يوم الأغذية العالمي لعام 2025
للدكتور شو دونيو، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة
16/10/2025
أصحاب الفخامة والمعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
الزملاء والأصدقاء الأعزاء،
صباح الخير من روما!
إنه لشرفٌ عظيم وامتياز لي أن أرحب بكم في المقر الرئيسي للمنظمة اليوم في قلب روما، المدينة الخالدة، فيما نحتفل بيوم الأغذية العالمي والذكرى السنوية الثمانين لتأسيس المنظمة!
هنيئًا لنا جميعًا! وعيد ميلاد سعيد لمنظمة الأغذية والزراعة!
كما يشرّفني جدًا أن أرحب بقادة العالم الموقرين الذين انضموا إلينا اليوم شخصيًا هنا في المقر الرئيسي للمنظمة في روما:
قداسة الحبر الأعظم البابا لاون الرابع عشر،
معالي السيدة Giorgia Meloni، رئيسة وزراء إيطاليا،
معالي السيد Antonio Tajani، نائب رئيسة الوزراء ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي في إيطاليا،
معالي السيد Francesco Lollobrigida، وزير الزراعة والسيادة الغذائية والغابات في إيطاليا،
صاحب الجلالة الملك ليتسي الثالث، ملك ليسوتو، وسفير النوايا الحسنة لدى منظمة الأغذية والزراعة،
صاحبة الجلالة الملكة ليتيسيا، ملكة إسبانيا وسفيرة النوايا الحسنة لدى منظمة الأغذية والزراعة،
سمو الأميرة بسمة بنت علي من الأردن، وسفيرة النوايا الحسنة لدى منظمة الأغذية والزراعة،
فخامة الرئيس Yamandú Orsi Martínez، رئيس جمهورية أوروغواي الشرقية،
معالي السيد Russell Mmiso Dlamini، رئيس وزراء مملكة إسواتيني،
حضرة السيدة Rosangela Lula Da Silva، السيدة الأولى لجمهورية البرازيل الاتحادية،
حضرة السيد Ban Ki-moon، الأمين العام السابق للأمم المتحدة،
معالي السيد Han Jun، وزير الزراعة والشؤون الريفية والمبعوث الخاص لرئيس جمهورية الصين الشعبية فخامة السيد Xi Jinping.
أهلًا بكم جميعًا هنا في روما، وعبر الوسائل الافتراضية من أنحاء العالم كافة:
热烈欢迎
Welcome
Bienvenue
Benvenidos
أهلًا وسهلًا
Dobro poz-halo-vat
Benvenuti
إنّ وجودكم هنا اليوم هو دليل حقيقي على أن الجوع لا يعرف حدودًا وأن تحدي الأمن الغذائي يتطلب الوحدة بين الأمم والشعوب.
ويتعين على قادة العالم والشعوب في كل مكان أن يتّحدوا معًا حول معتقد واحد، ألا وهو أن الحق في الغذاء هو أحد حقوق الإنسان الأساسية، وأن السلام شرطٌ مسبق للأمن الغذائي.
وأودّ أن أرحب بصورة خاصة وبكل تواضع بقداسة الحبر الأعظم البابا لاون الرابع عشر في المقر الرئيسي للمنظمة للمرة الأولى ضمن أسرة الأمم المتحدة.
صاحب القداسة، إنّ حضوركم في هذا الاحتفال بمناسبة يوم الأغذية العالمي والذكرى السنوية الثمانين لتأسيس المنظمة يذكّرنا بأن مكافحة الجوع لا تتعلق بالأغذية فحسب، إنما أيضًا بالكرامة وبإنسانيتنا المشتركة.
كما أن توجيهاتكم تشجعنا على وضع الأشخاص- والإنسانية جمعاء- في صميم كل ما نفعله.
ونحن نستجيب لدعوتكم إلى قيام مجتمع أكثر عدلًا، لا تُهمَل فيه الفئات الفقيرة والأكثر ضعفًا ولا يتم تجاهلها، إنما تكون محور جهودنا المتضافرة.
فنداءكم يلهمنا لنكون أفضل حالًا معًا، ويتعزز من خلا تعاطفنا الجماعي.
وهذه القناعة توطّد أيضًا تفانينا في السعي إلى تحقيق ولاية المنظمة النبيلة لبناء عالمٍ خال من الجوع وسوء التغذية "ومحرر من العوز"- كما كرّسه أعضاؤنا المؤسسون في دستور المنظمة.
ففي المنظمة، ولأكثر من ثمانية العقود، اعترفنا بأنه لا يمكن تحقيق الأمن الغذائي من دون إسناد الأولوية لكرامة الإنسان.
وقد عملنا بلا كلل واضعين نصب عينينا أنه فقط ن خلال ضمان أغذية كافية ومغذية لجميع من يعانون من الجوع وسوء التغذية، يمكننا أن نتخطى انعدام المساواة والفقر في العالم.
فالأغذية لا تغذّي الجسد فحسب، بل تغذي الروح أيضًا، وتعيد الكرامة وتضمن حياةً أفضل ومستقبلًا أفضل للجميع.
هذا هو التطلّع الذي تقوم عليه الأفضليات الأربع للمنظمة من أجل رؤية شاملة ومتكاملة، لا تترك أي أحد خلف الركب.
إنتاج أفضل – للحرص على أن يكون المزارعون مجّهزين لإنتاج المزيد بموارد أقل.
تغذية أفضل - لضمان وصول جميع الأسر إلى أغذية آمنة وصحية ومغذية وميسورة الكلفة.
بيئة أفضل - للحفاظ على أرضنا ومياهنا ونظمنا الإيكولوجية للأجيال المقبلة.
وحياة أفضل - للتأكد من أن جميع الشعوب، وبخاصة الأكثر ضعفًا، يمكنهم العيش في استقرار وبكرامة والتنعّم بالفرص.
وهذه الأفضليات تشكل المسار باتجاه التحوّل العالمي الذي نحتاج إليه، بحيث ترث الأجيال المقبلة عالمًا لا يخلد فيه أي شخص إلى النوم جائعًا.
لقد شدّد صاحب القداسة على أن الفقر متعدد الجوانب ويشمل الأبعاد المادية والاجتماعية والثقافية والروحية.
وفي المنظمة، نقرّ بأن الجوع هو سببٌ ونتيجة معًا للفقر المتعدد الأبعاد، وأنه ينبغي التصدي له من خلال نهجٍ شامل ومشترك بين القطاعات ومتعدد الجوانب يقوم على الدروس المستفادة السابقة، بموازاة اعتماد حلولٍ استشرافية بشكل ملموس في الوقت ذاته.
فتحويل النظم الزراعية والغذائية العالمية لتكون أكثر كفاءة وشمولًا وقدرة على الصمود واستدامةً هو السبيل المجدي الوحيد لمواجهة الجوانب الاقتصادية، والإنسانية، والاجتماعية، والبيئية، للفقر والجوع.
ونحن نحتفل اليوم بلحظةٍ تاريخية.
فقد وُلدت المنظمة من رحم الجوع والحرب والدمار.
وتشارَك مؤسسونا رؤيةً بسيطة: من خلال العمل معًا، يمكننا أن نتغلّب على الجوع.
واليوم، نبقى ثابتين في قناعتنا بأننا نكون أفضل حالًا معًا.
ويجب أن نستفيد من إرث المنظمة لكي نترك لأولادنا وأحفادنا عالمًا خاليًا من الجوع.
بالفعل، كان التقدم الذي أُحرز منذ عام 1945 هائلًا، من 80 في المائة في السابق إلى 8 في المائة في عام 2024، إنما لا زال الجوع واقعًا يعيشه ملايين الأشخاص.
ونحن ندرك أن العالم ينتج أغذيةً كافية للجميع.
غير أن توافر الأغذية وإمكانية الوصول إليها والقدرة على تحمّل كلفتها ليست متكافئة للجميع.
وطيلة ثمانية عقود، وقفت المنظمة إلى جانب رابطة الأمم.
وقد أنجزنا الكثير معًا.
فقد نجحنا في استئصال مرض طاعون البقر الفتاك وساعدنا في استعادة الملايين من سبل العيش.
وأُنشئ الدستور الغذائي لوضع مواصفات دولية من أجل ضمان الأغذية الآمنة للجميع.
وفي أوقات الأزمات الأخيرة، عملنا معًا. فحين اجتاح الجراد الصحراوي شرق أفريقيا عام 2019، تمّ حشد 231 مليون دولار أمريكي، وهو ما سمح بإنقاذ 1.7 مليارات دولار أمريكي من المحاصيل وتأمين الغذاء لأكثر من 40 مليون شخص، حيث تلافينا تداخل الأزمات. وأُعرب عن تقديري للدعم الذي قدّمه جميع الشركاء في العمل معنا، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي وجميع الشركاء الأعضاء الآخرين الذين عملوا معنا.
فهذه النجاحات هي نتيجة العمل معًا؛ وهي دليل على قوة تعددية الأطراف في أفضل حالاتها.
غير أن التاريخ يعلّمنا أن التقدم هشٌ.
فالصدمات المناخية والأمراض والآفات وحالات الانكماش الاقتصادي والآثار المدمرة للنزاعات الممتدة لا تعرف حدودًا، وتقضي على سنواتٍ من التقدم وتُظهر أنه لا يمكن، ولا يجب، أن يواجه أي بلد هذه الأزمات وحده.
ويعمل أكثر من مليار شخص من حول العالم في النظم الزراعية والغذائية التي تؤمّن لنا الغذاء.
ولا يمكننا بناء إرثنا من دون تمكين هؤلاء الذين ينتجون أغذيتنا وأولئك الذين سيرثون النظام من بعدنا.
كذلك، علينا أن نواصل التركيز على تمكين المرأة، فنؤّمن حقوق الأرض للمرأة، ونوفّر لها إمكانية الوصول إلى الائتمانات والتكنولوجيا، ونقرّ بدورها المحوري في إنتاج الأغذية والتغذية.
ويذكّرنا قداسة الحبر الأعظم بما لكرامة المرأة وحقوقها من أهميةٍ جوهرية، خاصة في وجه الفقر والإقصاء.
واليوم، نتطلّع إلى المستقبل الذي بدأ الشباب يرسمون ملامحه بالفعل.
إذ علينا أن نجعل من الزراعة قطاعًا جذابًا للشباب، بحيث نيسّر وصولهم إلى الأراضي والتمويل والأدوات الرقمية.
وعلينا أن نعدّهم ليس للمشاركة فحسب، إنما للقيادة أيضًا. وعلينا أن نعطيهم القلم ليخطّوا به فصلًا جديدًا من فصولهم.
كما علينا أن نعترف بأن الشعوب الأصلية هي شريك أساسي في بناء مستقبل مستدام.
فدورها لا يقتصر على توفير الأغذية لمجتمعاتها المحلية؛ بل يتعلق بالحفاظ على أسس نظمنا الزراعية والغذائية العالمية بحدّ ذاتها.
ومن خلال دعم هذه الشعوب الأصلية، لا نصون حقوق الإنسان فحسب؛ إنما نستثمر أيضًا في الأمن الغذائي للبشرية جمعاء.
كما يتعين علينا أن نعزّز وندعم صغار المزارعين من خلال تزويدهم بالأدوات التي يحتاجون إليها لاكتساب قوة التفاوض، والحدّ من الفاقد ما بعد الحصاد والدخول إلى الأسواق الأكبر حجمًا.
فأصحاب الحيازات الصغيرة ينتجون الجزء الأكبر من الأغذية التي نتناولها، إنما يُتركون دائمًا على هامش المجتمع.
لذا، علينا أن نحرص على أن يكون النساء والشباب والشعوب الأصلية والمزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة هم أبطال إرثنا!
قداسة الحبر الأعظم،
أصحاب الجلالة،
أصحاب الفخامة والمعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
الزملاء والأصدقاء الأعزاء،
احتفالًا بهذه اللحظة وهذا الحدث التاريخيين، نفتح رسميًا أبواب متحف وشبكة الزراعة هنا في المقر الرئيسي للمنظمة. وبفضل بلدنا المضيف وقيادة فخامة الرئيس السيد Mattarella ورئيسة الحكومة معالي السيدة Meloni، ها نحن نحوّل معًا الأقوال إلى أفعال ملموسة.
فالمتحف هو بمثابة منصة تعليمية ديناميكية وشبكة عالمية تجمع بين التراث والتقاليد الزراعية والعلوم والابتكار.
فالمتحف والشبكة يعززان مهمة المنظمة، حيث يستخدمان لغة الفن والثقافة العالمية؛ وهذا سوف يرشد الناس ويُشركهم ويحفزهم على العمل.
وفي يوم الأغذية العالمي الذي نحتفل به اليوم، دعونا نكّرم إنسانيتنا المشتركة، من خلال التفكير معًا والتعلم معًا والمساهمة معًا.
فالتبادل والتعاون هما لغتنا المشتركة، في ظل احترام وفهم متبادلين، من أجل مستقبل أفضل وأكثر أمانًا غذائيًا لجميع سكان هذا الكوكب الصغير.
وفي يوم الأغذية العالمي الذي نحتفل به اليوم، دعونا نؤكد مجددًا على التزامنا بمهمتنا المشتركة إلى حين إنجازها.
فليكن القضاء على الجوع إرثنا الإنساني المشترك.
وفقًا لمقولة صينية 仓廪实,天下安- "عندما تمتلئ مخازن الحبوب، يعمّ السلام المعمورة".
وقداسة البابا يدعونا إلى تصور "حضارة من الحب" لا يكون فيها الفقراء مجرّد متلقين لأعمال الخير، بل يضطلعون بدور محوري لرسم ملامح مجتمع أفضل.
وهذا يتطلب منا وضع سياسات تعزز العدالة والمساواة، والتغيير على المستوى الشخصي باعتباره حجر الأساس للتحوّل.
دعونا نستجيب اليوم لهذه الدعوة.
فهي دعوة تتجاوز الحدود والمعتقدات.
فلنطمح إلى الأفضل معًا.
ولنكرّم 80 عامًا من التقدم بالعمل على تأمين 80 عامًا مقبلًا من الغذاء والكرامة والأمل لجميع الشعوب، في كل مكان - من دون ترك أي أحد خلف الركب.
وشكرًا على حسن إصغائكم.