JM 03 1/3
2002


الاجتماع المشترك بين الدورة السابعة والثمانين للجنة البرنامج والدورة التاسعة والتسعين للجنة المالية

روما، 7 مايو/ أيار 2002

استقلال إدارة التقييم ووضعها


معلومات أساسية

1- نظرت لجنة المالية في دورتها المائة (سبتمبر/أيلول 2002) في تقرير المراجع الخارجي المعنون استعراض الضوابط الداخلية للمنظمة، والذي يتضمن توصيته بأن "تدرس المنظمة إمكانية الجمع بين مكتب المفتش العام وإدارة التقييم بغية إنشاء مكتب أو قسم واحد للإشراف"(1). وفيما يتعلق بهذه التوصية، تعهدت الأمانة بتقديم ورقة تتضمن اقتراحات مفصلة عن الموضوع لكي تنظر فيها الدورة المشتركة للجنة المالية ولجنة البرامج في مايو/أيار 2003. وشددت اللجنة المالية على أن الرد الذي تعده الأمانة ينبغي أن يضع في اعتباره تماما شواغل اللجنة فيما يتعلق باستقلال وظيفة التقييم.

2- وتتابع هذه الورقة عمل الأمانة المشار إليه أعلاه، وتقدم ردها المفصل على توصية المراجع الخارجي، وكذلك القضية الأوسع المتعلقة باستقلال وظيفة التقييم، وهو أحد الشواغل التي أبرزها المؤتمر أيضا في دورته الأخيرة (الدورة الحادية والثلاثون، نوفمبر/تشرين الثاني 2001). فعندما نظر المؤتمر في تقرير تقييم البرنامج 2001، قال انه "سوف يكون من الملائم النظر في إنشاء إدارة تقييم مستقلة." (الفقرة 82 من التقرير). ومجمل القول، إن التصدي لهذه المقترحات المختلفة يقتضي دراسة ترتيبات الاستقلال والترتيبات المؤسسية لوظائف التقييم في المنظمة.

مقدمة:
المبادئ العامة للتقييم وتطبيقها في المنظمة

3- أصبح التقييم يمثل التيار الرئيسي فيما بين وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنمائية الدولية خلال العقود الثلاثة الماضية، وهناك الآن توافق عريض في الآراء على المبادئ والممارسات الأساسية. ولغرض دراسة الجوانب الرئيسية لوظائف التقييم في المنظمة، فان المبادئ التي وضعتها لجنة المساعدات الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي تصلح كمعيار ملائم نظرا لأنها توفر الإطار الأشمل والأكثر عولية(2) لأفضل الممارسات فيما بين المنظمات الدولية. وهذه بالتحديد هي الحالة فيما يتعلق بقضية استقلال التقييم.

4- ويعرف التقييم بأنه "تقدير، بصورة منهجية وموضوعية قدر المستطاع، لمشروع أو برنامج أو سياسة يجري تطبيق أي منها أو تم استكمالها، وتصميمها وتنفيذها ونتائجها. والهدف هو تقرير صلاحية الأهداف وتحقيقها، والكفاءة الإنمائية، والفعالية، والأثر، والاستدامة. وينبغي للتقييم أن يقدم معلومات موثوق بها ومفيدة، تتيح إدماج الدروس المستفادة في عملية صنع القرار لكل من الجهات المستفيدة والمانحة"(3) .والأغراض الرئيسية للتقييم هي (أ) "تحسين سياسات وبرامج ومشاريع المعونة في المستقبل عن طريق معلومات مرتدة من الدروس المستفادة" و (ب) "وضع أساس للمساءلة، بما في ذلك توفير معلومات للجمهور". ويلاحظ، على وجه التحديد، أن "فكرة المساءلة للتقييم المشار إليها هنا تتعلق بنتائج التنمية وأثر المساعدة الإنمائية. وهي منفصلة عن المساءلة عن استخدام الأموال العامة بالمعني المحاسبي والقانوني،إذ أن المسؤولية عن الأموال العامة تتحملها عادة مؤسسة خاصة بمراجعة الحسابات".(4)

5- وتشمل مبادئ التقييم التي وضعتها لجنة المساعدات الإنمائية ما يلي: (أ) وضع سياسات تقييم موحدة وواضحة مع تحديد دورها ومسؤولياتها ومكانها المؤسسي؛ (ب) وحياد واستقلال التقييم عن العمليات المتعلقة بتقرير السياسات وتقديم المعونة الإنمائية وإدارتها؛ (ج) وشفافية عملية التقييم، بما في ذلك النشر العام الواسع لنتائج التقييم؛ (د) وتطبيق نتائج التقييم واستخدامها من خلال المعلومات المرتدة لعمليات صنع القرار والعمليات التنفيذية؛ (هـ) وشراكة ومشاركة أصحاب المصلحة المعنيين باستخدام نتائج التقييم؛ (و) وإدماج التقييم في عملية التخطيط.

6- ويمكن تلخيص الممارسات الحالية في المنظمة على النحو التالي مع الإشارة الى هذه المبادئ:

7- وهكذا يمكن القول بأن ممارسات التقييم التابعة للمنظمة تتسق بشكل عام مع مبادئ التقييم الأساسية.

8- غير أنه من الجدير بالملاحظة هنا أن الاعتبارين الرئيسيين، أي الاستقلال، خاصة من حيث الترتيبات التنظيمية وفعالية التقييم في التأثير على القرارات، خاصة من خلال التعلم، يصادفان بعض التناقضات في الواقع، مع بعض التبادلات بين الاثنين فتميل أنواع معينة من الترتيبات التنظيمية الى تقوية أحد الجوانب على حساب الجانب الآخر. ولهذا فانه من المسلم به بشكل عام أنه لا يوجد حل واحد وشامل لهذه القضية - وانما "ينبغي البحث عن حل أمثل يوازن بين جميع هذه المتطلبات".(5) وفي هذا السياق يجري التركيز على النقطتين الرئيستين بصرف النظر عن استخدام ترتيبات معينة: "ينبغي بذل كل جهد لتجنب المساس بعملية التقييم"، و "ينبغي أن تعمل الترتيبات والإجراءات التنظيمية على تسهيل ربط نتائج التقييم بالبرمجة وتقرير السياسات".

الإدماج المقترح لوظيفتي التقييم والإشراف الداخلي
المبرر والتوصية

9- يبدو أن توصية المراجع الخارجي تستند الى استنتاجاته التالية:
  1. "هناك تداخل بين مكتب المفتش العام وبين إدارة التقييم فيما يتعلق بأحد وظائف الإشراف"، وهو ما يعني "التقييم" (الفقرة 17 من التقرير)؛
  2. الصلة الضرورية بين الوحدتين ليست موجودة في الهيكل التنظيمي وإنما تتم فقط بطريقة غير رسمية، وهو ما ينبغي تقويته على أي حال (الفقرتان 18 و 19)؛
  3. الاتجاه العام في منظومة الأمم المتحدة يميل نحو إيجاد مكتب واحد لجميع الوظائف الإشرافية الرئيسية (الرصد، والمراجعة الداخلية، والتفتيش، والتحقيق، والتقييم) كما يتمثل في مكتب الأمم المتحدة للخدمات الإشرافية الداخلية (الفقرتان 20 و 21).

10- ويجري فيما يلي بحث كل من الاستنتاجات الثلاثة.

(1) التداخل بين مكتب المفتش العام وبين إدارة التقييم في وظيفة التقييم:

11- بينما يبدو أن هذا الاستنتاج هو الدافع الرئيسي للتوصية، فانه يستند الى فهم سطحي وضيق نوعا ما للمراجعة والتقييم، من حيث المفهوم والوظيفة العملية على السواء. فتقرير المراجع الخارجي يبني قضيته في الفقرة 17 على إدراج كلمة "التقييم" ضمن الوظائف المعرفة في المادة 1 من ميثاق مكتب المفتش العام. ويقتبس من بين وظائفه الإشارة الى "رصد وتقييم ملاءمة وفعالية نظام الضوابط الداخلية والإدارة المالية واستخدام الأرصدة التابع للمنظمة" (أضيف بالخط المائل). وهكذا، فان "التقييم" في هذا السياق يمثل معنى ضيقا نوعا ما مع التركيز على الإدارة واستخدام الموارد، وهي نقطة يسلم بها المراجع الخارجي، الذي يقول إن "مسؤولية التقييم المسندة الى مكتب المفتش العام محدودة في نطاقها نوعا ما، في حين أن مسؤولية إدارة التقييم تركز بدرجة أكبر على تقدير نتائج البرنامج العادي والميداني." وهذا يشير في الواقع الى بعض الاختلافات الوظيفية بين عمل مكتب المفتش العام وإدارة التقييم.

12- وبينما يشكل التقييم جزءا من الآليات الإشرافية، فان له بعض الوظائف التي تميزه كثيرا عن الأجهزة الإشرافية الأخرى، خاصة تلك التي تركز على الرقابة الداخلية والإدارة المالية. وكما ذكر أعلاه (الفقرة 4)، فان التعريف المقبول بشكل عام للتقييم يضع خطا واضحا بين وظيفتي التقييم والمراجعة، حيث أن الوظيفة الفريدة والرئيسية للتقييم هي التعلم والتحسين. وتمتد الاختلافات أيضا الى معايير التقدير والمنهجيات ذات الصلة التي تطبق. ويمتد التمييز الى ترتيبات المسؤولية: فبينما يعد كلاهما مسؤولا أمام المدير العام فان مسائل المراجعة تتولاها اللجنة المالية في حين أن التقييم تتولاه لجنة البرنامج. وبإختصار، هناك استنتاج بأنه لا يوجد تداخل كبير بين وظيفتي مكتب المفتش العام وإدارة التقييم وبأن العلاقة بين الاثنين في الواقع هي علاقة تكاملية.

(2) الاتصال بين مكتب المفتش العام وإدارة التقييم

13- تعكس الترتيبات المؤسسية الحالية هذه الاختلافات الأساسية في الوظائف الإشرافية للوحدتين. ومع هذا فان الاتصال بين الوحدتين أمر أساسي من أجل تدنية الآثار السلبية المحتملة للتغطية غير المتناسقة للموضوعات وكذلك لضمان التآزر من خلال تكامل الوظيفتين في نفس المواضيع أو مواضيع مماثلة.

14- وهذا أمر مسلم به في البيانات الوظيفية لكلا الوحدتين التي تتضمن مطلب: "الاتصال بالمفتش العام ]أو "رئيس إدارة التقييم" حسب الاقتضاء [، لتجنب الازدواج المحتمل وضمان تكامل برامج العمل، خاصة تلك التي تتناول تقدير فعاليات البرامج الميدانية الأساسية للمنظمة وبرامج المقر الرئيسي."

15- ونتيجة لهذا، تتشاور الوحدتان بصورة متكررة بشأن خطة عمل كل منهما، وتستعين كل منهما في أغلب الأحيان بعمل الأخرى في المواضيع ذات الصلة، وتتقاسمان فرص تدريب الموظفين. غير أنه يوجد دائما مجال لتحسين التعاون بين الوحدتين، بما في ذلك التقاسم الدوري للدروس والقضايا بشأن مواضيع حيوية ذات أهمية مشتركة. والعقبة العملية الرئيسية هنا هي القيود الزمنية، وليس الموقع التنظيمي للوحدتين.

(3) الاتجاه نحو هيكل تنظيمي موحد للوحدتين الإشرافيتين:

16- كما جاء في تقرير المراجع الخارجي، اعتمدت عدة وكالات في الأمم المتحدة هيكلا مؤسسيا موحدا لوظائفها الإشرافية الداخلية يشبه كثيرا الهيكل التنظيمي لمكتب الخدمات الإشرافية التابع للأمم المتحدة (مثل اليونسكو والوكالة الدولية للطاقة الذرية وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة وصندوق الأمم المتحدة للأنشطة السكانية ومنظمة الطيران المدني الدولية والمنظمة البحرية الدولية والمنظمة العالمية للملكية الفكرية): وبينما كان لدى برنامج الأغذية العالمي هذا الهيكل وقت إعداد تقرير المراجع الخارجي، تم أخيرا فصل وحدة التقييم عن المكتب الذي يختص بالمراجعة الداخلية والتفتيش. ولكن في الوقت نفسه اختارت كثير من الوكالات الأخرى في الأمم المتحدة ترتيبات بديلة: ففي بعض الوكالات، تعتبر وحدة التقييم مكتبا قائما بذاته، وتكون مسؤولة عادة أمام رئيس الوكالة (الصندوق الدولي للتنمية الزراعية)6( وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة ومؤسسة الأمم المتحدة للموئل والمستوطنات البشرية وبرنامج الأمم المتحدة المشترك للإيدز وفيروسه)؛ وفي وكالات أخرى، مثل منظمة الأغذية والزراعة، تعد وحدة التقييم جزءا من مكتب أكبر يختص غالبا بوظيفتي التخطيط والبرمجة (منظمة العمل الدولية، ومنظمة الصحة العالمية، ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، والاتحاد الدولي للاتصالات، وجامعة الأمم المتحدة)؛ ولا يزال التقييم في بعض الوكالات الأخرى يحتل موقعا مشتركا مع وحدات تختص بأنشطة التعاون التقني (مثل اليونيدو، وبرنامج الأمم المتحدة لمراقبة المخدرات، ومنظمة التجارة العالمية). واحتفظ البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وكذلك معظم بنوك التنمية الإقليمية، بمكاتب منفصلة للتقييم وهي مسؤولة بشكل مباشر أمام أجهزتها الرئاسية. وبالمثل، فان النمط الأكثر شيوعا فيما بين وكالات المعونة الثنائية هو وجود وحدة تقييم منفصلة، بما في ذلك وكالة التنمية الدولية التابعة للولايات المتحدة، وإدارة التنمية الدولية التابعة للمملكة المتحدة. وهكذا لا يوجد اتجاه واضح لإنشاء هيكل موحدة يجمع بين التقييم والوظائف الإشرافية الأخرى.

مزايا وعيوب إدماج مكتب المفتش العام وإدارة التقييم

17- في حين أن الأسباب التي أوردها تقرير المراجع الخارجي ليست مقنعة تماما، فانه يمكن أيضا دراسة أثار التوصية من منظور موحد. فالمزايا الواضحة لإدماج الوحدتين يمكن أن تكون كما يلي:

  1. سوف يعطي هيكلا مترابطا بصورة ظاهرية للوظائف الإشرافية الداخلية؛
  2. ويمكن أن يؤدي الى مزيد من التآزر بين وظيفتي التقييم ومكتب المفتش العام؛
  3. ومن الممكن أن يساعد على خفض الموارد الإجمالية المخصصة للوحدتين.

18- وبالنسبة للنقطة الأولى، فان الترابط يعد خاصية مراوغة، يصعب تقدير فوائدها في هذه الحالة بالذات. وقد تكون النقطة الثانية هي أبرز الحجج. غير أن تحقيق مثل هذا التآزر سوف يتوقف في التحليل النهائي على الأغراض والقضايا الأساسية التي من المتوقع أن يركز عليها مكتب المفتش العام وإدارة التقييم وكذلك كيفية تنظيم وظائفهما والاضطلاع بها. ومن المشكوك فيه أيضا ما إذا كان من غير الممكن تحقيق نفس الغرض عن طريق زيادة تعزيز العلاقة بين مكتب المفتش العام وإدارة التقييم. وبالنسبة للنقطة الثالثة، من الملاحظ أنه أينما أدمج التقييم في مكتب عام للإشراف الداخلي، فانه يحتفظ عادة بهويته المنفصلة وهذا يرجع أساسا الى الاختلاف في الوظائف والمؤهلات والدراية الفنية للموظفين الذين يقومون بهذه الوظائف. وهكذا، على افتراض أنه سوف يتم الحفاظ على مستويات إنتاجهما، فان هناك مجالا ضئيلا لتحقيق وفورات.

19- وعلى الجانب الآخر، هناك عدة عيوب وصعوبات واضحة:

  1. الصعوبة الأولى تنشأ من الاختلاف الأساسي في غرض وطبيعة وظيفتي الوحدتين، وهو ما ينطوي على مخاطر حقيقية تهدد الإنجاز الفعال لأهم وظائف كل منهما. فالتركيز الأولي للتقييم ينصب على تقديم مقترحات بناءة لإدخال تحسينات وتشجيع التعلم من جانب مديري وموظفي البرامج. ومن الأمور الأساسية أن مديري وموظفي المنظمة يعتبرون عمل التقييم وظيفة بناءة ومفيدة تقوم على التحليل والتقدير الموضوعي والدقيق، وتعززه مصداقية القائم بالتقييم من حيث القدرة على فهم مضمون البرامج والمشاريع المعنية. وهذه الوظائف يصعب أن تتوافق مع الأغراض والوظائف الحقيقية والمتصورة للمراجعة والتفتيش والتحقق، والتي تركز بدرجة أكبر على الالتزام المالي والجوانب التنفيذية؛
  2. ثانيا، سوف يؤدي الإدماج المقترح الى إلغاء الميزة الحقيقية التي توجد في الهيكل الحالي وهي تزويد تخطيط وإدارة البرامج بمعلومات فعالة مرتدة. وقد كان ولا يزال التآزر بين تخطيط وتقييم البرامج أمرا مهما للجهود الناجحة التي تبذلها المنظمة لتقوية التخطيط الاستراتيجي وجودة البرامج والعمليات؛
  3. ثالثا، ان المسؤولية المستقلة حاليا أمام المجلس (عن طريق لجنة البرنامج بالنسبة لتقارير التقييم، واللجنة المالية بالنسبة لتقارير المفتش العام) توضح بشكل ملائم الاختلاف في دور ووظائف الوحدتين واللجنتين المعنيتين. غير أن إدماج مكتب المفتش العام وإدارة التقييم من شأنه أن يجعل ترتيبات المسؤولية المزدوجة للمكتب الواحد أمام كل من اللجنتين أمرا معقدا.

20- وختاما، لا ترى الإدارة أي قيمة عملية مضافة في عملية الإدماج الموصى بها بين مكتب المفتش العام وإدارة التقييم، بل أنها على العكس تشعر بالقلق من المخاطر العديدة التي يمكن أن تهدد التقدم الذي أحرز حتى الآن في النظام الإشرافي للمنظمة. ومن المعتقد أنه يمكن مواصلة تحسين التنسيق بين الوظيفتين عن طريق مزيد من الطرق العملية.

تعزيز استقلال التقييم في المنظمة

21- تدرك الإدارة أن قضية الاستقلال ذات أهمية أساسية في مواصلة تقوية وظيفة التقييم في المنظمة، كما جاء في نشرة المدير العام 2001/33. فالتقييم بطبيعته الخاصة ينطوي على إصدار حكم سليم عن طريق التقدير الدقيق للمعلومات المتاحة ووزن آراء مختلف أصحاب المصلحة. وفي هذا السياق، يعد الاستقلال والموضوعية أمرين حاسمين في إيجاد الإحساس بالشرعية والمصداقية، خاصة في أعين أولئك الذين يتم تقييمهم، عن طريق الإقلال من احتمالات تعارض المصالح والتحيزات المحتملة. وهكذا فان الاستقلال بهذا المعنى يسهم أيضا في تحسين فعالية التقييم لأنه يوفر المصداقية لهذه الوظيفة ويشجع على المزيد من التعلم الإستباقي والمبادرات من أجل إدخال التحسينات.

22- وفيما يتعلق بقضية استقلال التقييم، توجد الدراسة الأكثر منهجية لهذه القضية في تقرير للجنة المساعدات الإنمائية)7(. ويبرز التقرير، بصرف النظر عن بيان السياسات الموحدة، النقاط التالية بوصفها اعتبارات أساسية: (أ) الهيكل التنظيمي لفصل التقييم عن الوظائف المشابهة على أن تكون وحدة التقييم مسؤولة مباشرة أمام كبير مديري المنظمة أو الأفضل أمام رئيسها أو أمام هيئة رئاسية؛ (ب) والحصول على الموارد الخاصة بعمل التقييم والإشراف عليها (القرارات المتعلقة بالميزانية والموظفين)؛ (ج) والسلطة على تخطيط وسير التقييم (اختيار مواضيع التقييم والاختصاصات) وكذلك عملية التقييم (استعراضات تقارير التقييم وتنقيحها)؛ (د) وربط استنتاجات التقييم بالبرنامج وتقرير السياسات. وتستخدم هذه الاعتبارات فيما يلي كمعايير أساسية لمواصلة استعراض قضية استقلال التقييم في المنظمة.

الحالة الراهنة لترتيبات المسؤولية - جوانب الاستقلال

23- الهيكل التنظيمي وترتيبات المسؤولية. يعد الشاغل الرئيسي هو فصل وظيفة التقييم عن الإدارة المسؤولة من أجل تدنية تضارب المصالح المحتمل والتحيزات الأخرى، مما يعني بالنسبة للمنظمة أن تكون إدارة التقييم مسؤولة بصورة مباشرة أمام المدير العام أو أمام المجلس (من خلال لجنة البرنامج). وتوجد إدارة التقييم في مكتب البرنامج والميزانية والتقييم ضمن مكتب المدير العام. ومدير إدارة التقييم مسؤول أمام المدير العام من خلال مدير مكتب البرنامج والميزانية والتقييم، ومن خلال المدير العام أمام المجلس والمؤتمر عن طريق لجنة البرنامج، التي تعد المحاور الرئيسي عن المجلس في أمور التقييم. وكما لوحظ في الفقرة 14 أعلاه، يمثل هذا الوضع الداخلي لإدارة التقييم ترتيبا مشتركا فيما بين وكالات الأمم المتحدة التي تكون فيها وحدات التقييم الرئيسية وحدات داخلية.

24- ويمكن ملاحظة ما يلي في هذا الصدد:

25- الحصول على الموارد والإشراف عليها. يعد هذا في الواقع عاملا رئيسيا لتسهيل الاستقلال في التخطيط وإجراء أعمال التقييم. ومع تزايد الاتجاه نحو التقييمات البرنامجية والمواضيعية، مع الحاجة الى التوسع في استخدام الدراية الفنية الخارجية، أخذت تكلفة عمليات التقييم في التزايد: فأعمال التقييم الرئيسية التي أجريت في فترة السنتين الأخيرة تطلبت ميزانيات كبيرة (000 200 دولار أمريكي الى 000 500 دولار أمريكي لكل تقييم). غير أن الميزانية العادية لإدارة التقييم لم تكن ثابتة، وخاصة لتغطية تكاليف مدخلات المشورة الخارجية لعمل التقييم ذاته وكذلك لعملية استعراض النظير الخارجي. ولهذا فانه يتعين حشد موارد إضافية حسب الحاجة، وبينما تمت تلبية الاحتياجات حتى الآن، فان هذا لا يفضي الى التخطيط المنظم لأعمال التقييم، بما في ذلك التقييمات التي تطلبها الهيئات الرئاسية. ومجمل القول أن قضية الموارد لا تزال مجالا للتحسين، ليس فقط من أجل اعتبارات الاستقلال وانما من أجل جودة وشفافية أعمال التقييم. وفيما يتعلق بسلطة إدارة التقييم في تعيين موظفيها ومستشاريها، فانه لا يوجد أي عائق.

26- السلطة على تخطيط وإجراء التقييم، بما في ذلك عملية التقييم. يعني المعيار الذي وضعته لجنة المساعدات الإنمائية أنه ينبغي أن تكون لإدارة التقييم السلطة والحرية لاختيار مواضيع للتقييم وتقرير الطرق التي يجري بها التقييم. ويخضع برنامج عمل إدارة التقييم لموافقة المدير العام وتخضع تقاريرها لإجراءات الموافقة المعتادة. غير أنه يلزم بعض الإيضاحات:

27- ربط استنتاجات التقييم بالبرنامج وتقرير السياسات. يعني هذا المعيار أنه ينبغي أن تكون لإدارة التقييم سلطة مناسبة ووضع حتى يمكنها التعبير عن حكمها والوصول الى عملية صنع القرار من أجل التأثير على أعمال المتابعة لنتائج التقييم. وهذا يمثل تحديا حقيقيا في أي تقييم، متجاوزا القضية الوحيدة المتعلقة بالاستقلال. غير أنه يمكن القول بأن عمل التقييم الذي تقوم به إدارة التقييم يلقى الاحترام والقبول بشكل عام داخل المنظمة، حتى عندما تكون تقاريرها إنتقادية. وفي هذا الصدد، رحبت لجنة البرنامج بالاتجاه نحو توجيه المزيد من الانتقادات الصريحة في تقارير التقييم الأخيرة. ويأتي مثل هذا الإحساس بالسلطة من الشفافية المتوقعة وجودة التقييم، بما في ذلك الالتزام بالدقة والموضوعية في التحليل، والأحكام المتوازنة، وصلاحية الاستنتاجات والتوصيات. وفيما يتعلق بالوصول الى صنع القرار لأغراض المتابعة، تتيح ممارسة رد الإدارة فرصة طيبة لذلك على مستوى الأمانة. وبالمثل، فان استعراض تقارير التقييم الى جانب رد الإدارة من خلال لجنة البرنامج يسهل التأثير على المتابعة. وفي الحقيقة، غالبا ما تشارك إدارة التقييم في تخطيط إجراءات المتابعة التفصيلية التي يتخذها مديرو البرامج.

28- ويشير التحليل السابق الى أن عملية التقييم في المنظمة، برغم الموقع التنظيمي لإدارة التقييم، يمكن اعتبارها مستقلة بصورة أساسية من حيث المعايير الرئيسية، مع أن قضية الموارد لا تزال قائمة. وقد اعترف المجلس، على سبيل المثال، "بالتحسينات الكبيرة التي أدخلتها المنظمة في مجال التقييم، ليس فقط من حيث حجم التقارير وجودتها، وإنما من حيث النهج البناء تجاه التوصيات"(8). وهكذا يبدو أن الاستقلال التنظيمي في حد ذاته ربما لا يكون بالضرورة العامل الوحيد الأكثر حسما في تطوير نظام سليم ووظيفي للتقييم.

29- وتشير تجربة المنظمة في الواقع الى أن وجود نظام تقييم وظيفي يعتمد كثيرا على عوامل أخرى غير الاستقلال الوظيفي في حد ذاته. وتشمل هذه العوامل: (1) ترتيبات مؤسسية للشفافية، (2) ومصداقية وجودة عمل التقييم بتحليل موضوعي وحكم متوازن، (3) ونوعية فرقة التقييم التي تحظى بالاحترام والثقة، (4) وموقف الإدارة بشكل عام من التحسين والتعلم. ومن المهم في هذا الصدد الاعتراف بالمزايا التي يتيحها وضع إدارة التقييم. وكما لوحظ أعلاه، فان هذا الوضع يسهل التفاعل مع تخطيط وإدارة البرنامج على المستوى الموحد لأغراض التغذية بالمعلومات المرتدة. وبالمثل، يعتبر موظفو إدارة التقييم، كوحدة داخلية، على معرفة بعمل المنظمة وموظفيها، ليس فقط من خلال التقييم وإنما من خلال التعاون مع الموظفين الآخرين في قضايا مشتركة. وهذا يساعد على إيجاد الثقة في موظفي إدارة التقييم وفي عملهم كما يساعد على تقبلهم، مما يسهل إيجاد عملية تشاورية مع مختلف أصحاب المصلحة، وان كان يوفر لها في الوقت نفسه حرية الاحتفاظ باستنتاجاتها وتوصياتها. وتسهم هذه العوامل معا في التعلم الإستباقي من التقييم، ولعل هذا يتحقق بصورة أفضل من موقف ينظر فيه الى نتائج التقييم على أنها مفروضة دون وجود قدر كاف من الثقة بين القائمين بالتقييم ومديري البرامج.

الخيارات المحتملة لتغيير الموقع التنظيمي لإدارة التقييم - تحليل أولي

30- وبالرغم من هذا، ومن أجل التصدي للشواغل التي أعربت عنها الهيئات الرئاسية، يجري هنا استطلاع خيارات محتملة لتحقيق درجة أكبر من الاستقلال التنظيمي عن طريق تغيير موقع إدارة التقييم. ويجري أدناه بحث التصورين المحتملين على وجه التحديد، مع تقدير موجز للمزايا والعيوب المحتملة:

31- ويشير التحليل السابق الى أن التدابير التي تهدف الى تحقيق المزيد من الاستقلال التنظيمي يمكن أن تكون لها تكاليف كبيرة ويحتمل أن تكون لها آثار سلبية على فعالية التقييم. وبصرف النظر على التكاليف المرتبطة بالتغييرات التنظيمية، فان الشاغل الحقيقي سوف يتمثل في المخاطر المحتملة التي تهدد فعالية التقييم من حيث تشجيع إجراء تغييرات وتحسينات تستند الى التعلم التنظيمي، والواقع أن الآراء فيما بين الممارسين تميل الى التحذير من التركيز المفرط على جانب الاستقلال: فهم يعترفون بوجود نوع من المبادلة المهمة بين الاستقلال والفعالية في الدروس المستفادة والتغذية المرتدة من أجل التحسين. وقد أوضح الاستعراض الذي أجرته لجنة المساعدات الإنمائية عام 1998 عن استخدام مبادئها ما يلي: "يمكن المبالغة في مبدأ الاستقلال. وكما أشار مستخدمو التقييمات، فان القدر الكبير من الاستقلال، من الناحية العملية، يمكن أن يؤدي الى آثار عكسية نتيجته ألا تؤخذ توصيات ودروس التقييم بصورة جدية ... وتعد موازنة الحياد والاستقلال مع أهمية تشجيع الإحساس بالملكية من الفنون التي لا يمكن أن توصف ...".(9)

32- وفي ختام هذه المناقشة عن الاستقلال، يمكن ملاحظة ما يلي:

التوصيات

33- يتسق نظام التقييم الحالي بشكل عام مع المبادئ والممارسات التي تتبعها وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية. وقد تطور نظام التقييم في المنظمة في اتجاه تحقيق المزيد من الاستقلال، وإدخال تحسينات عامة في نظام التقييم، بما في ذلك التغذية المرتدة من التقييم، كما اعترفت بذلك الهيئات الرئاسية. وفي هذه العملية، فان الاهتمام الإستباقي من جانب الهيئات الرئاسية، وخاصة من جانب لجنة البرنامج، كان يمثل أيضا أحد العوامل المهمة.

34- وفيما يلي توصيات لكي تنظر فيها اللجنتان: