CFS/2003/7





لجنة الأمن الغذائي العالمي

الدورة التاسعة والعشرون

روما، من 12 الى 16 مايو - أيار 2003

الدورة الأولى لجماعة العمل الحكومية الدولية المعنية بوضع مجموعة خطوط توجيهية طوعية لدعم الإعمال المطرد للحق في غذاء كاف في سياق الأمن الغذائي القطري



أولا - مقدمة
ثانيا- أنواع الكوارث الطبيعية وحدوثها
ثالثا- تأثير الكوارث
رابعا- استراتيجية لتقليل التعرض للكوارث الطبيعية ومخاطرها
خامسا- الاستنتاجات والتوصيات

تاسعا - توصيات معروضة على لجنة الأمن الغذائي لدراستها



أولا - مقدمة


1- عندمــا لاحــظ رؤســاء الدول والحكومات الذين شاركوا في مؤتمر القمة العالمي للأغذية في نوفمبر/ تشرين الثاني 1996 الآثار المعاكسة الفورية والطويلة الأجل للكوارث في تفاقم انعدام الأمن الغذائي وانتشار الفقر، فقد التزموا "... بالسعي إلى تلافى الكوارث الطبيعية وحالات الطوارئ التي من صنع الإنسان وأن يكونوا مستعدين لمواجهتها، وأن يلبوا الاحتياجات العارضة والطارئة من الأغذية بطرق تشجع على الانتعاش والإحياء والتنمية والقدرة على تلبية الاحتياجات في المستقبل"1.

2- وفي مؤتمر القمة العالمي للأغذية: خمس سنوات بعد الانعقاد، في شهر يونيو/ حزيران من العام الماضي، أكد رؤساء الدول والحكومات من جديد "... ينبغي أن نعزز الإجراءات القطرية والدولية من أجل التأهب للحالات غير المنظورة والطارئة، وتحسين فعالية الإجراءات التي تتخذ في حالات الطوارئ، سواء عن طريق التدخلات الغذائية أو غيرها" وأكدوا على أنه لابد من إدماج هذه الإجراءات في الجهود التي يبذلها كل المعنيين بالتنمية المستدامة من أجل تحقيق الأمن الغذائي، وأعلنوا أنهم "...ملتزمون، من خلال التنمية الاقتصادية، بألا تظهر المجاعات مرة أخرى، وذلك باستخدام نظم الإنذار المبكر ومساعدات الطوارئ. "2

3- إذا كانت مساعدات الطوارئ لتلافي شقاء البشر تظل أمرا ضروريا، فلابد في نفس الوقت من زيادة التركيز على تخفيف وطأة الكوارث الطبيعية وتلافيها من جانب الحكومات الوطنية والمجتمع الدولي. فبرامج السياسات لتخفيف الكوارث وتحقيق الأمن الغذائي، ليست متطابقة دائما، وإن كانت قد تكمل بعضها البعض. فمالم توضع الكوارث الطبيعية داخل تدابير منسقة للتخفيف منها بصورة فعالة ضمن جهود التنمية، فإنها تصبح عقبة كؤود أمام تحقيق هدف مؤتمر القمة العالمي للأغذية بتخفيض عدد من يعانون من نقص التغذية إلى النصف، وكذلك تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية قبل عام 2015.

4- وقد أعدت هذه الوثيقة كوثيقة معلومات أساسية لمناقشات اللجنة حول حدوث الكوارث وتأثيرها على الأمن الغذائي والتخفيف من حدة الفقر على المدى البعيد. ويتناول القسم الثاني أنماط الكوارث وحدوثها، بينما يحلل القسم الثالث تأثير الكوارث في المديين القريب والبعيد، ويستعرض القسم الرابع انعكاسات السياسات والاستراتيجيات لتخفيف تأثير الكوارث، تمشيا مع الالتزامات والتوصيات الواردة في خطة عمل مؤتمر القمة العالمي للأغذية. ويضع القسم الخامس أمام اللجنة بعض التوصيات المحددة للعمل من جانب الحكومات الوطنية والمجتمع الدولي.

1- خطة عمل مؤتمر القمة العالمي للأغذية، الالتزامات.
2- إعلان مؤتمر القمة العالمي للأغذية: خمس سنوات بعد الانعقاد، الفقرة 18.

ثانيا- أنواع الكوارث الطبيعية وحدوثها


ألف- أنواع الكوارث

5- تحدث الكوارث الطبيعية نتيجة لحدوث أخطار طبيعية في مناطق حساسة، الأمر الذي يسفر عن أضرار هائلة، وانقطاع سبل المعيشة، وربما حدوث خسائر في الأرواح، مع ترك المجتمعات المتضررة عاجزة عن القيام بمهامها المعتادة. وعند تحليل تأثير الكوارث على الأمن الغذائي، من المفيد التفرقة بين الكوارث الناجمة عن أسباب جغرافية طبيعية وبين تلك الناجمة عن أسباب مائية وجوية. فالمجموعة الأولى تشمل الزلازل وموجات المد، وثورة البراكين، بينما تشمل تلك التي تنتمي إلى أسباب مائية وجوية: الفيضانات، والأعاصير المدارية، والعواصف، والجفاف. والأرجح أن يكون لهذا النوع الأخير من الكوارث أضرارا أوسع انتشارا على الزراعة والأنشطة المرتبطة بالأغذية. أما الأخطار البيولوجية 3 مثل انتشار الأوبئة، أو الأمراض المعدية في النبات والحيوان، فيشار إليها أيضا باعتبارها أخطارا طبيعية.

6- ومن الممكن أن تحدث الكوارث لأسباب مخاطر التقانات أو الحوادث الصناعية، التي قد تحدث بسبب إجراءات خطرة أو انهيار البنيات الأساسية. كما أن تدهور البيئة هو شكل آخر من أشكال الظواهر التي يسببها الإنسان، والذي يضر بقاعدة الموارد الطبيعية أو يحدث تغييرات معاكسة في العمليات الطبيعية للنظم الايكولوجية. فتدهور البيئة يزيد من تكرار ومن حدة الأخطار الطبيعية 4 بالإضافة إلى تعريضه المجتمعات المحلية الحساسة للخطر. فطبقا للنتائج التي توصلت إليها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، فإنه إذا كانت العوامل التي من صنع الإنسان لا تغير من نطاق الأخطار الجغرافية الطبيعية، فإن تغيرات المناخ تؤثر على وتيرة وحدة الأخطار المائية-الجوية.

7- وإذا كانت أغلب الأخطار الطبيعية قد يتعذر تلافيها، فإن الأضرار التي تسببها يمكن تلافيها أو على الأقل التقليل منها إلى أدنى حد. فقد يرجع تعرض البلدان والمجتمعات إلى كارثة بعينها إلى موقع هذه البلدان والجماعات وضعف بيئتها، ولكن النشاط الإنساني يساهم أيضا في تواتر الأخطار وحدتها. فالنمو السكاني في شبه المناطق القاحلة مثلا، يشجع على التوسع في الزراعة والرعي في الأراضي الحدية، الأمر الذي قد يؤدي إلى المزيد من تدهور قاعدة الموارد الطبيعية. وبالمثل، فإن المعيشة فوق المنحدرات الشديدة تؤدي في أغلب الأحيان إلى تغيير طبيعة الأرض بطرق ضارة، ويزيد من تعرض المجتمعات المحلية إلى الكوارث. فبعض الأنشطة مثل قطع الأشجار، لاسيما في مناطق المنحدرات الشديدة، يؤدي إلى تآكل التربة، ويقلل من قدرتها على امتصاص الرطوبة، ويزيد من تعرضها إلى الفيضانات الكاسحة التي تدمر المنازل والحقول المزروعة عند سقوط أي أمطار غزيرة. كما أن تدهور الموارد الطبيعية، وانعدام المرونة في النظم الايكولوجية، وضياع التنوع البيولوجي، كلها عوامل تساهم في زيادة التعرض للكوارث. وفي ظل مثل هذه الظروف، فإن عدم وجود إدارة مناسبة للبيئة، وآليات لتخطيط وتنظيم استخدام الأراضي، يمكن أن يفاقم من تعرض البلدان والمجتمعات المحلية للكوارث. وهناك قلق على نطاق واسع من أن الإدارة السيئة للموارد والأساليب الزراعية، التي تساهم في تدهور الموارد، قد تجعل البلدان والمجتمعات المحلية أكثر تعرضا للكوارث المتكررة.

8- وتزيد عملية تغير المناخ أيضا من تعرض البلدان للكوارث، مشكلة تهديدا كبيرا لنظم معيشة السكان،ولتطلعات التنمية في البلدان النامية. فارتفاع سطح البحر بسبب ظاهرة الاحترار العالمي، بدأ بالفعل يقتطع مناطق ساحلية تتركز فيها تجمعات سكانية وبنيات أساسية مهمة. كما أن الفيضانات الساحلية تغرق المزارع وتخلط مياه الشرب بالملح، الأمر الذي أرغم بعض سكان الجزر على هجر منازلهم إلى الأبد. ففي جزر مارشال، عاد المزارعون إلى زراعة محاصيلهم في براميل الزيوت القديمة تلافيا لزراعتها في التربة المالحة. وفي أرخبيل كارتيريت بالقرب من بابوا غينيا الجديدة، أدى ارتفاع سطح البحر إلى اختفاء جزيرة كاملة تاركا وراءه 500 1 نسمة يعتمدون بصورة مستمرة على المعونة الغذائية التي تأتيهم من الجزيرة الأم5.

باء- حدوث الكوارث

9- حدثت زيادة كبيرة في الكوارث في السنوات الأخيرة، سواء من حيث العدد أو من حيث أعداد المتضررين وحجم الخسائر المادية. ويبين الشكل 1 اتجاها مستمرا نحو زيادة الكوارث في الفترة 1975-2002. فخلال 15 عاما (1975-1990) زاد عدد الكوارث بأكثر من أربعة أمثال. وشهدت السنوات الأخيرة من التسعينات بالذات، كوارث طبيعية هائلة في العديد من البلدان.

10- وتضاعف عدد السكان المتضررين - سواء الجرحى أو الجوعى أو من أصبحوا بلا مأوى - ثلاثة أمثال ليصل إلى ملياري نسمة خلال السنوات العشر الماضية، بينما زاد عدد المهددين بالخطر بعدد يتراوح بين 70 و80 مليون نسمة سنويا 6 وازدادت الخسائر الاقتصادية المباشرة خمس مرات لتصل إلى 629 مليار دولار في التسعينات. ورغم ذلك، فإن عدد القتلى بسبب الكوارث خلال التسعينات كان 000 800 نسمة مقابل ما يقرب من مليوني نسمة في السبعينات 7 ويرجع الانخفاض في عدد الضحايا - ضمن عوامل أخرى بالطبع - إلى التحسن الذي طرأ على نظم الإنذار المبكر والتوقعات، وبرامج التأهب لمواجهة الكوارث، بالإضافة إلى نظم الاتصالات المحسنة في كثير من البلدان.

3 - هذا النوع من الأخطار معروف تماما، ولكنه يستبعد في أغلب الأحيان من قواعد البيانات الخاصة بالكوارث الطبيعية.
4 - بعض الكوارث قد تكون لأسباب طبيعية أو من صنع الإنسان (مثل حرائق الغابات والتصحر) وهذه يمكن اعتبارها لأسباب مائية جوية أو لتدهور البيئة
5 - تقرير عن الكوارث في العالم عام 2002.
6 - ISDR: الحياة مع الخطر - استعراض عالمي للحد من الكوارث www.unisdr.org.
7 - الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، التقرير العالمي عن الكوارث عام 2002.

الشكل 1: حدوث الكوارث (المتوسط السنوي) - 1975-2001

المصدر: EM-DAT: OFDA/CRED (2002) (http://www.cred.be/).

11- ويبين حدوث الأخطار تفاوتا جغرافيا ملموسا كما يتبين من الجدول 1. فالبيانات الموجودة في الجدول تشير إلى أنه خلال تلك الفترة تعرضت آسيا إلى كوارث طبيعية هائلة العدد (حيث حدث بها 41 في المائة تقريبا من مجموع الكوارث) يليها أفريقيا (30 في المائة تقريبا) ثم الأمريكتين (16 في المائة) فأوروبا (10 في المائة) وأوسيانيا (3 في المائة).

12- هناك علاقة واضحة بين التعرض للكوارث وبين مستوى التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتقنية. ففيما بين عامي 1990 و1998، حدث 94 في المائة تقريبا من الكوارث الطبيعية الرئيسية البالغ عددها 568 كارثة، وأكثر من 97 في المائة من جميع حالات الوفاة المرتبطة بالكوارث الطبيعية، في البلدان النامية . كما تشير البيانات إلى أن حدوث الكوارث كان أكثر في بلدان الدخل المنخفض عنه في بلدان الدخل المتوسط. وبصورة خاصة، كان عدد الكوارث المائية الجوية يزيد بنسبة 68 في المائة (والجفاف ثلاثة أمثال) في بلدان الدخل المنخفض عن بلدان الدخل المتوسط. وتؤكد الدراسة التي تجري الآن حول التعرض للكوارث - والتي تقوم على التحليل الإحصائي المتنوع - العلاقة الإيجابية بين ارتفاع مستوى التنمية الاقتصادية وبين انخفاض التعرض للكوارث.

13- ونظرة ثاقبة على البلدان التي بها نسب مرتفعة من السكان الذين يعانون من نقص التغذية، تبين أن أغلب هذه البلدان مازال يتضرر من تكرار الكوارث الطبيعية. فهناك 51 بلدا على الأقل من بين تلك البلدان التي تصنف على أن 20 في المائة من سكانها أو أكثر يعانون من نقص التغذية، تعرض كل منها لعدد يتراوح بين أربعة وثمانية كوارث ضخمة خلال العشرين عاما الماضية. ومن بين هذه البلدان في آسيا، بنغلاديش التي تعرضت لثمانية كوارث أضرت بأعداد تتراوح بين 11.5 إلى 73 مليون نسمة. كما تعرضت كمبوديا لعشر كوارث، وتراوح عدد المتضررين فيها بين 0.3 مليون و3.4 مليون نسمة. وفي أفريقيا، تعرضت إثيوبيا لعشر كوارث وتراوح عدد المتضررين بين 3.8 و10.5 مليون، وتعرضت كينيا أيضا لثمانية كوارث ضخمة أضرت بعدد يتراوح بين 0.3 و6.5 مليون. وفي أمريكا اللاتينية، تعرضت هندوراس لأربعة كوارث وتراوح عدد المتضررين بين 0.084 و2.1 مليون، ونيكاراغوا لتسع كوارث أضرت بأعداد تتراوح بين 0.08 و0.87 مليون. ولاشك أن أوضاع الأمن الغذائي في الكثير من البلدان المتضررة من الكوارث المتكررة قد تفاقمت، لاسيما في أفريقيا، مع الحروب والنزاعات الأهلية هناك. كما أن انتشار مرض فيروس المناعة البشرية/ نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) يفاقم من التأثير المضاعف للمشكلات الهيكلية وصدمات الكوارث، الأمر الذي يجعل انعدام الأمن الغذائي والفقر الأسري يزدادان سوءا في كثير من البلدان.

الجدول 1:توزيع الكوارث في العالم (بحسب النوع والإقليم) - 1975-2001

نوع الكارثةأفريقياالأمريكتينآسياأوروباأوسيانياالمجموعالنسبة المئوي
مائية - جوية      44.7
جفاف2638212323225134.9
مجاعة4511620640.6
فيضانات33148575924571189118.0
عواصف113538738228163178016.9
حرائق15795268212352.2
موجات حرارة حادة850768552242.1
جغرافية - طبيعية      9.9
زلازل25114278114345655.4
براكين114348781171.1
موجات مد021312180.2
انهيارات أرضية198216753133343.2
أخطار بيولوجية      7.4
آفات5231011670.6
أوبئة386741913286916.6
غير طبيعية      38.2
حوادث صناعية6014936013447076.7
حوادث نقل645451116634922263325.0
حوادث متنوعة92112365101116816.5
النسبة المئوية29.716.240.910.42.8100100

المصدر: Data from EM-DAT http://www.cred.be/

14- يرتبط اتجاه الكوارث الطبيعية نحو التزايد بالحقيقة القائلة بأن أعدادا متزايدة من المجتمعات أصبحت معرضة بصورة متزايدة إلى هذه الظواهر، بسبب الأنشطة البشرية أحيانا. فانتشار الفقر على نطاق واسع يرغم السكان على القيام بأنشطة تدر دخلا من أجل البقاء على قيد الحياة، مثل قطع الأشجار أو الزراعة في المناطق الحدية، وهو ما يؤدي إلى تدهور الموارد في نهاية الأمر. وبالإضافة إلى ذلك، فإن بعض الأنشطة الإنمائية مثل إزالة الغابات للحصول على خشبها أو لشق الطرق، يعرض استدامة الموارد الطبيعية للخطر، كما أنه يعتبر عنصرا من العناصر التي تساهم في كثرة حدوث الكوارث الطبيعية وزيادة حدتها. كما أن تدهور البيئة يساهم في الحد من إمكانية التخلص من نتائج الكوارث واستئناف الحياة الطبيعية.

ثالثا- تأثير الكوارث


ألف- الكوارث تعطل عملية التنمية وتزيد من الفقر وانعدام الأمن الغذائي

15- خلال التسعينات، كان متوسط التكاليف السنوية للكوارث الطبيعية 70 مليار دولار، تتزايد بسرعة. والطريقة التي كانت تقدر بها هذه التكاليف عادة - وهي حساب التكاليف المباشرة للأمراض التي تلحق بالبنية الأساسية والمعدات والمخزونات - تسفر عن خسائر اقتصادية كبيرة للبلدان المتقدمة، سواء بالأرقام المطلقة أو بحساب نصيب الفرد منها. ورغم عدم وجود تقارير وافية عن الخسائر الاقتصادية في البلدان النامية، فإن مثل هذه الخسائر تكون كبيرة في هذه البلدان بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي، موحية بذلك بخسائر جسيمة في الدخل والعمالة، وانخفاض الطلب على الإنتاج الزراعي والصناعي، وانخفاض مستوى الاستثمار أيضا. وكمثال، فإن الخسائر الاقتصادية للولايات المتحدة من إعصار النينيو في 1997/1998 قدرت بنحو 1.96 مليار دولار، أي 0.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بمبلغ 2.9 مليون دولار لخسائر إكوادور، وهو ما يمثل 14.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، مع الإيحاء بتكلفة أعلى بكثير من أجل إحياء هذا الاقتصاد. كما أن أغلب البلدان النامية ليست به آليات مثل التأمين على المحاصيل، أو المساعدات اللازمة لاستقرار الزراعة، أو التأمين على المباني والممتلكات، أو مساعدات عامة من أجل عودة الأسر والاقتصاد بسرعة إلى حالتهما الطبيعية، والنتيجة هي أن القضاء على تأثير الكوارث يأخذ وقتا أطول.

16- وتأثيرات الكوارث المائية والجوية على الاقتصاد تكون خطيرة للغاية في حالة الاقتصاد الذي تشكل فيه الزراعة نسبة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي. فالصدمات المتكررة تقلل في أغلب الأحيان من معدلات النمو في الأجل الطويل. كما أن تأثير الكوارث الطبيعية على المالية العامة يحتمل أن يكون مرتفعا، سواء بالنسبة لخلق اضطراب في الإيرادات والمصروفات أو في تقليل الاستثمار العام من أجل التنمية في المدى الطويل .9

17- ويبين التدفق في الشكل رقم 2 انتقال صدمة الجفاف إلى مختلف جوانب الاقتصاد 10 ويتضح التأثير المعاكس للجفاف بصورة أساسية من خلال الإنتاج الزراعي والحيواني. كما أن الجفاف يؤدي إلى تقليل كميات المياه في الخزانات، وبالتالي في توليد الطاقة الكهرمائية. فمع قلة الأمطار، يتراجع إنتاج المحاصيل الغذائية وسلع التصدير والمستلزمات الزراعية والمواد الخام ونقص الإمدادات الغذائية وما يترتب عليه من ارتفاع الأسعار ينطوي على تفاقم فوري لحالة الأمن الغذائي بالنسبة لصغار المزارعين الذين يعيشون على الزراعة المعيشية ودون المعيشية، وكذلك الفقراء من سكان الريف غير الزراعيين، والأسر الحضرية الفقيرة. ويؤدي انخفاض سلع التصدير إلى نقص الإيرادات من النقد الأجنبي، بالتالي قدرة البلد على الاستيراد . ولاشك أن مثل هذه الصدمات قد تزيد من المشكلات القائمة بالنسبة للاقتصاد العام، مثل عجز الميزانية، وأعباء الدين الخارجي، واضطراب سير العملة.

18- وعندما ينخفض إنتاج المواد الزراعية الخام والمدخلات الزراعية، يكون الجفاف قد أثر أيضا على القطاع الصناعي وقلل من إنتاج السلع التحويلية وتوافرها. ونتيجة لذلك، قد تضطر الصناعات المحلية أن تعمل بجزء من طاقتها وأن تستغني عن بعض العاملين فيها. وخسارة فرص العمل في الصناعات الزراعية وغير الزراعية، مصحوبا بارتفاع أسعار السلع الغذائية وغير الغذائية لن يحول هؤلاء الذين يفقدون عملهم ودخلهم إلى المعاناة من انعدام الأمن الغذائي فحسب، بل وسيؤدي أيضا إلى انخفاض عام في القدرة الشرائية للمستهلكين مع احتمال حدوث كساد في الاقتصاد وانخفاض حجم الاستثمارات سواء في القطاع الزراعي أو غير الزراعي، الأمر الذي يفضي في11 النهاية إلى تباطؤ عملية التنمية بشكل عام. وهو ما يوحي بأن من فقدوا وظائفهم سيظلون عاطلين عن العمل، لينضموا إلى طابور البطالة الهيكلية وليعيشوا في ظل حالة من الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

19- والدراسات التحليلية عن تأثير الكوارث على الاقتصاد والأمن الغذائي على المدى البعيد، هي دراسات محدودة عادة. فهناك دراسة عن تأثير الكوارث في أفريقيا الجنوبية - وهي منطقة تعاني من حالة الجفاف المتكررة - تبين أن الجفاف الذي حدث في عام 1992، والذي كان أسوأ جفاف منذ 50 عاما، أدى إلى انخفاض الإنتاج التجميعي من الحبوب في البلدان العشر المتضررة (أنغولا وبوتسوانا وليسوتو ومالي وموزامبيق وناميبيا وسوازيلند وتنزانيا وزامبيا وزمبابوي) بنحو 10 ملايين طن، وهو ما يعني خسائر في الإنتاج تقدر بنحو 1.2 مليار دولار. وقد أضر هذا الجفاف بنحو 16 مليون نسمة في البلدان العشر، وهو نفس العدد الذي يتضرر من تكرار حالات الجفاف.

20- كما أظهرت الدراسة أن الجفاف الذي حدث في 1991-1992 أدى إلى تباطؤ النمو الاقتصادي العام في ملاوي وجنوب أفريقيا وزامبيا وزمبابوي. فقد انخفض الإنتاج الصناعي في زمبابوي بنسبة 9.5 في المائة وانخفضت عائدات التصدير من الصناعات بنسبة 6 في المائة، وكان السبب الرئيسي في ذلك هو الجفاف. كما أضر الجفاف بالقطاع الصناعي بطرق متفاوتة، مثل نقص إمدادات المدخلات، وانخفاض الطلب على المستلزمات الزراعية والسلع الاستهلاكية الأساسية مثل الملابس والأحذية، بالإضافة إلى نقص المياه والكهرباء . وعلى المستوى الإقليمي، انخفض الناتج المحلي الإجمالي من الزراعة بنسبة 25 في المائة تقريبا، بينما انخفض الناتج المحلي الإجمالي الكلي بنسبة 2.3 في المائة، رغم التعويض الذي جاء من قطاع استخراج المعادن وبرامج الإغاثة الضخمة والمساعدات الخارجية. ونظرا لتأثيرات الجفاف الشديد الذي تلا ذلك في 1994/1995، مع عوامل أخرى غير مواتية، فإن هذه البلدان لم تحقق سوى تقدما متواضعا في الحد من انعدام الأمن الغذائي قبل أزمة الجفاف الحالية في 2002-2003. وفي بعض البلدان - وفي مقدمتها أنغولا وبوتسوانا وموزامبيق وزامبيا وزمبابوي، زادت أعداد من يعانون من نقص الأغذية خلال الفترة الواقعة بين 1990-1992 و1998-2000 .

21- وكان تأثير الكوارث في بعض البلدان والأقاليم الأخرى حادا على الناتج المحلي الإجمالي وعلى تباطؤ النمو. ففي عام 1982 انخفض الناتج المحلي الإجمالي في بيرو بنسبة 12 في المائة، كان نصفها يرجع إلى الفيضانات التي سببها إعصار النينيو في تلك السنة. وفي هندوراس، كانت الخسائر والأضرار التي سببها الإعصار ميتش تعادل 70 في المائة تقريبا من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما وصفه تقرير الكوارث في العالم عام 2002 بأنه "عاد بالتنمية الاقتصادية لهندوراس 20 عاما إلى الوراء". وأسفرت الأحداث المناخية المرتبطة بإعصار النينيو في 1997-1998، عن خسائر قدرت بنسبة 16 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي من الزراعة في إكوادور، لتقضي بذلك على ثلاث سنوات من النمو في هذا القطاع. وفي آسيا، حيث تحدث 70 في المائة من حالات الفيضان في العالم، قدر متوسط التكاليف السنوية للفيضانات في السنوات العشر الأخيرة بنحو 15 مليار دولار، في الوقت الذي بلغت فيه خسائر البنية الأساسية 65 في المائة .

22- وما تخفيه هذه الأرقام الاقتصادية ليس مجرد تدمير الأصول المنتجة والبنية الأساسية الحيوية وخسارة النظم المعيشية، بل وانعكاساتها على التنمية الاقتصادية وعلى تزايد الفقر. وبشكل عام، فإن الفقراء هم عادة الضحية الأولى للكوارث الطبيعية، لا لأنهم يعيشون في مناطق حدية معرضة بصورة مباشرة إلى التغيرات البيئية فحسب، بل ولأنهم أقل قدرة من حيث الأصول المالية وغير المالية على حماية أنفسهم. فعندما تنزل الكوارث تكون الأسر الفقيرة هي أكثر من يعاني من الخسائر النسبية في الأصول المادية والاجتماعية، الأمر الذي يزيدهم فقرا على فقرهم. وهذه الخسائر التي تمنى بها أصولهم، قد تدخلهم مصيدة الفقر وانعدام الأمن الغذائي إلى الأبد.

9 - Benson and Clay, "Economic and Social Impacts of Natural Disasters: an assessment of their effects and options for mitigation: synthesis report". Overseas Development Institute, London, 2003 (draft)
10 - يمكن تطبيق هذا الشكل أيضا على أنواع أخرى من الكوارث
11 - إذا كانت المنطقة وسكانها المتضررين من الجفاف صغيرة بالنسبة إلى اقتصاد البلد، فعند عودة الأمطار الطبيعية، يمكن تحقيق الانتعاش بسرعة خاصة بالنسبة لاستئناف إنتاج السلع مع دورات الزراعة السنوية، بشرط أن يكون لدى المزارعين المستلزمات والأدوات الزراعية اللازمة لاستئناف نشاطهم الزراعي. أما في الحالات التي يضر فيها الجفاف بالثروة الحيوانية وإنتاج محاصيل تستغرق دورة إنتاجها عدة سنوات مثل قصب السكر والبن، فإن الانتعاش يكون بطيئا.
12 - وثيقة البنك الدولي التقنية رقم 401.
13 - منظمة الأغذية والزراعة، حالة انعدام الأمن الغذائي في العالم، 2002.
14 - تقرير البنك الدولي عن التنمية 2000/2001.

الشكل 2: انتقال صدمة الجفاف إلى مختلف جوانب الاقتصاد

(المصدر: وثيقة البنك الدولي التقنية رقم 401

باء - الكوارث تزيد الفقراء فقرا

23- كثيرا ما يصاحب انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بسبب الكوارث المائية والجوية، خسائر في فرص العمل والحصول على دخل في القطاعات المتضررة. وبناء على ذلك، فإن الكوارث واسعة النطاق قد تزيد من عمق الفقر وانتشاره في البلدان النامية المتضررة (الإطار 1). والحاجة إلى تجديد البنيات الأساسية المدمرة يعني أيضا أن على الحكومات أن تحول مواردها من الأهداف الإنمائية على المدى البعيد، الأمر الذي يهدد الجهود المبذولة لتخفيف وطأة الفقر وتحقيق الأمن الغذائي

الإطار 1

بنغلاديش: تأثير فيضانات عام 1998

إلى جانب التأثيرات المباشرة الواضحة نسبيا مثل تدمير المنازل وتجريف المحاصيل، والتأثيرات الاقتصادية غير المباشرة المتمثلة في الاستغناء عن العمال، فقد كان للفيضانات تأثيرات أخرى على الفقراء:

  • كان أكبر تأثير نسبي للكوارث على الأسر التي تعتمد على العمل بأجر، لاسيما العمل الزراعي.
  • كان الفقراء أكثر تضررا من الفيضان لأنهم يملكون أصولا قليلة لتغطية المصروفات اللازمة أثناء الكارثة، وواجهوا مشقة كبيرة في العودة إلى مستوى معيشتهم قبل الكارثة.
  • الفقراء الذين فقدوا فرص الحصول على دخل بسبب الفيضان، اعتمدوا اعتمادا شديدا على الاقتراض (من المرابين أساسا) لتغطية احتياجاتهم المادية بعد الفيضان.
  • انخفض عدد الفقراء الذين يعتمدون على الاقتراض بمرور الوقت، الأمر الذي يشير إلى أن تأثير الكارثة بدأ يتراجع ببطء.
  • ساءت حالة الأمن الغذائي للفقراء الذين كانوا يعتمدون على الشراء لتغطية احتياجاتهم الغذائية في أعقاب الفيضان بسبب صعوبة شراء الأغذية (عدم وجود دخل يمكن إنفاقه مع ارتفاع الأسعار) أكثر منه بسبب نقص الأغذية (لاسيما الأرز) في الأسواق.
  • ساءت الأحوال الصحية (الإصابة بالأمراض وسوء التغذية) بعد الفيضان. فالمناطق التي كانت أشد تضررا من غيرها بلغت نسبة الأسر المتضررة نتيجة إصابة عائلها الرئيسي بالمرض ارتفعت من 10 في المائة قبل الفيضان إلى 38 في المائة في أكتوبر/ تشرين الأول 1998، ولم تعد إلى مستوياتها المعتادة إلا بعد ستة أشهر.

المصدر: Kelly and Choudhury, 2002; del Ninno and others,2001; Helen Keller International,2001.

24 - عند حدوث حالات طوارئ، تلجأ الأسر عادة إلى بيع ممتلكاتها، مثل الحيوانات أو الممتلكات الأخرى، لسد احتياجاتها من أغذية الطوارئ. وفي الحالات الحادة، يهاجر السكان بحثا عن فرصة عمل أو أي مساعدة. وأشد ما يلحق بالأسر الفقيرة من أضرار هو ما يحدث لها في حالات الإصابة والعجز، مما يؤثر على قدرتها على العمل، وهو كل ما تملكه من حطام الدنيا. ولاشك أن توقف نظم المعيشة مع فشل المحاصيل الحاد والمتكرر يقود الأسر والمجتمعات المحلية إلى مزيد من الفقر (الإطار 2).

الإطار 2

إثيوبيا: الكوارث واستنزاف ممتلكات الأسرة

كشفت البحوث التي أجريت في أوقات الجفاف في ويلو الجنوبية وهي منطقة معرضة للجفاف في إثيوبيا، أن الجفاف يؤثر على ممتلكات الأسر بصورة مختلفة. فالأسرة الغنية تحصل على مزيد من الممتلكات أو تحافظ على ممتلكاتها (من الحيوانات والنقود والمعدات) عن طريق شراء الممتلكات من الأسر الفقيرة بأقل من قيمتها، والمحافظة على ممتلكاتها ومنتجاتها بعيدة عن الأسواق ذات القيمة المنخفضة. أما الأسر الفقيرة في ممتلكاتها، فإنها تجد نفسها في وضع تتراجع فيه قيمة ممتلكاتها الهزيلة مع كساد الأسواق بالنسبة لهذه السلع، وانخفاض أجور عملهم، وارتفاع تكاليف الاقتراض، وقلة فرص الدخول إلى الشبكات الاجتماعية ومؤسسات الدعم أثناء فترات الاستنزاف الهائل.

وهناك مجموعة من الباحثين تقوم بدراسة جديدة حول هذه الملاحظة المجردة. فهذه المجموعة تدرس "الفرض" القائل أن الأسر الغنية بممتلكاتها ستعيد تراكم الأصول التي استهلكتها بمعدلات أسرع، بينما الأسر الفقيرة في ممتلكاتهـا قد لا تستطيع مطلقا إعادة تراكم الأصول التي استهلكتها حتى بعد مرور وقت طويل. وسوف تجد الأسر الفقيرة نفسها في مصيدة الفقر دون أي فرصة للخروج منه. وتساعد المعونات الغذائية الكثير من الأسر خلال الفترة التالية على الفور للكوارث الطبيعية، بينما قد تجد بعض الأسر أنها لن تستطيع مطلقا الخروج من دائرة الفقر التي وجدت نفسها بداخلها.

المصدر: http:/www.basis.wsc.edu.

25- ونتيجة للكوارث، يحدث تدهور في الأوضاع التغذوية للمجموعات المعرضة للخطر، لاسيما الأطفال. وتبين من الدراسات التي أجريت حول تأثير حالات الجفاف التي حدثت في زمبابوي في 1994-1995 أن النساء والأطفال كانوا أكثر من تأثر بحالات الجفاف هذه. وكان التأثير مؤقتا على صحة النساء (كما قيست بوزن الجسم). فعندما سقطت أمطار جيدة في السنة التالية استعدن ما فقدنه من وزن. أما بالنسبة للأطفال الذين تتراوح أعماهم بين 12 -24 شهرا، فربما ترك الجفاف تأثيرا دائما. فقد فقد هؤلاء الأطفال ما بين 1.5 - 2 سم من نموهم الطولي. وكان التأثير أكثر حدة على أطفال الأسر التي لا تملك أي حيوانات، وهي الشئ الرئيسي للأسرة لكي تحافظ على استهلاكها من الأغذية في السنوات العجاف.

26- ومع تفاقم مستوى الفقر وانعدام الأمن الغذائي، تصبح المجتمعات المحلية أكثر تعرضا للكوارث من قبل، الأمر الذي يجعل السكان المتضررين يدخلون في "دائرة الفقرة المفرغة" ويعيشون في ظل انعدام الأمن الغذائي لآجال طويلة. هكذا يتضح أن الكوارث قد تضر بالمزيج الاقتصادي والاجتماعي العام للمجتمعات. فطبقا لما جاء في تقرير الكوارث في العالم 2001، فإن "بعض الأماكن التي تتعرض بصورة مستمرة إلى كوارث طبيعية/ "غير طبيعية" أصبحت خارجة عن القانون وتمثل تهديدا للأمن" 15 لتخلق بذلك بيئة غير مواتية للأنشطة الإنمائية.

15 الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، تقرير عن الكوارث في العالم 2001.

رابعا- استراتيجية لتقليل التعرض للكوارث الطبيعية ومخاطرها


27- لا يمكن كسر العلاقة الدورية بين الفقر وتدهور البيئة وزيادة حدوث الكوارث إلا عن طريق استراتيجية قطرية سليمة للتنمية، تجمع السياسات والبرامج قصيرة الأجل وطويلة الأجل مع هدف مزدوج لتقليل التعرض للكوارث الطبيعية والإسراع بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة.

28- وسوف تتفاوت طبيعة الاستراتيجيات القطرية ومضمونها بحسب نوع الخطر/ الكارثة التي يتعرض لها البلد، وتوافر الموارد البشرية وغير البشرية، وقوة المؤسسات الموجودة في البلد. ورغم ذلك، فقد يتوافر في هذه الاستراتيجيات عناصر مشتركة من حيث النهج والهدف. فمن بين أهداف استراتيجيات تقليل أخطار الكوارث:

29- ولكي تكون هذه الاستراتيجيات فعالة وتحقق الأهداف السابق ذكرها، فلابد أن يكون لها نهجا من شعبتين: (أ) إجراءات قصيرة الأجل للاستجابة السريعة والفعالة عند حدوث الكارثة؛ (ب) إجراءات طويلة الأجل لتقليل التعرض للكوارث وضمان التنمية المستدامة السريعة.

ألف- الإجراءات قصيرة الأجل

30- من بين عناصر أي استراتيجية قصيرة الأجل لإدارة الكوارث:

31- الإنذار المبكر والتنبؤ: هو نظام لإعطاء معلومات مسبقة حول احتمال حـدوث كارثة متوقعـــة، وهو عنصـر لا غنى عنه في أي استراتيجية للتخفيف من الكوارث وإدارتها. وهذا النظام مفيد في لفت أنظار صناع السياسات وإثارة الوعي العام والتأهب لتلافي الكوارث أو تخفيف تأثيراتها. وإذا كان من الممكن توفير وقت طويل قبل حدوث بعض الأخطار مثل الجفاف، فإن هذا الوقت يكون قصيرا نسبيا بالنسبة لأنواع أخرى من الكوارث، وإن كان قد حدث تحسن ملموس في التنبؤ بالأخطار نتيجة تطور التقانات في هذا المجال. فاستخدام الأقمار الصناعية للحصول على معلومات مسبقة عن توقيت العواصف الاستوائية ومكانها، ضاعف من فترة التحذير من 24 ساعة عام 1990 إلى 48 ساعة عام 1999، بينما تحسنت فترة التحذير من الأعاصير من 8 أو تسع دقائق إلى 17 دقيقة. ويبدو أن الإنذار المبكر بالنسبة للعواصف الاستوائية قد تحسن بصورة ملموسة بالنسبة لفترة التحذير بحيث يمكن نقل السكان وممتلكاتهم من المناطق التي ستضربها هذه العواصف. ويكتسب ذلك أهمية خاصة بالنسبة لإنقاذ المزارعين وصيادي الأسماك الذين يعملون في المناطق الساحلية المهددة بالخطر. ومع تحسن المعلومات وفهم الظواهر الطبيعية، حدث تحسن في وضع معايير لمواجهة الكوارث في كثير من أنحاء العالم.

32- تقدير المخاطر: ويشمل معلومات كمية ونوعية تفصيلية، مع فهم لأخطار الكارثة، أي انعكاساتها الطبيعية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية، والآثار التي قد تنجم عنها. ويشمل ذلك الاستخدام المستمر للمعلومات لتحديد احتمال حدوث بعض الحوادث ومدى جسامة نتائجها المحتملة. وقد يشتمل ذلك على الأنشطة التالية:

33- والعنصر الثالث المهم في إدارة الكوارث في الأجل القصير، هو برنامج التأهب لمواجهة الكارثة، والذي يحدد الإجراءات التي ستتخذ، والمسؤوليات والترتيبات المؤسسية، وكذلك الموارد والسياسات والإجراءات التي ينبغي تجهيزها، وتشغيلها عند حدوث الكارثة. وينطوي ذلك على إدارة إمدادات كافية لحالة الطوارئ (أغذية وأدوية ومواد أخرى) في مواقع استراتيجية، والإبقاء على آليات طارئة للتمويل، وخطة للوجيستيات التي قد يحتاجها الأمر.

34- أوضحت مختلف التجارب القطرية أن برامج التأهب السليمة لمواجهة الكوارث تلعب دورا رئيسيا في التقليل من الخســائر في الأرواح والممتلكات أثنــاء الكوارث. فعنـدما ضرب الإعصار ميتشيل كوبا في نوفمـبر/ تشرين الثـاني 2001 - وهو أقوى عاصفة تتعرض لها كوبا منذ عـام 1944 - تكفلت برامج التأهـب والتخطيـط الفعالة لمواجهة الكارثــة لإجلاء 000 700 شخص إلى ملاجئ للطوارئ في الوقت المناسب. وعندما تعرضت موزامبيق لسنتين متتاليتيــن من الفيضانــات، نجحت الخطـط المحلية والقطرية المعـدة إعدادا جيدا في إنقــاذ 000 34 شخـص من الغــرق. وفي بنغلاديش، عندمـا تعرضت لإعصار قوي في عام 1997، نجح برنامج التأهب لمواجهة هذا الإعصار في إجلاء 000 000 1 شخص إلى أماكن آمنة، وكانت الخسائر في الأرواح أقل من 200، مقابل 000 500 لقوا حتفهم في فيضانات 1970. ولاشك أن انخفاض عدد حالات الوفاة في العالم بسبب الكوارث في التسعينات مقارنة بالعقود السابقة، إنما يرجع إلى برامج التأهب هذه.

باء- الإجراءات طويلة الأجل

35- على المدى البعيد، نجد أن استراتيجيات التنمية الزراعية المستدامة والسريعة التي تنطوي على خطط للحد من الكوارث وتدابير لتخفيف آثارها، هي أكثر الطرق نجاحا للحد من التعرض للكوارث على المستويين المحلي والقطري. فالدراسات المتوافرة تشير إلى أن جزءا لا يكاد يذكر من الأموال التي تنفق على الكوارث، يستخدم في الاستثمار من أجل تقليل التعرض لهذه الكوارث. كما أظهرت البحوث أن مبلغ 40 مليار دولار الذي أنفق على تخفيف حدة الكوارث كان يمكن أن يقلل الخسائر الاقتصادية في العالم بنحو 280 مليار دولار، لو أن هذا المبلغ استثمر في مشروعات طويلة الأجل تقلل من تعرض المجتمعات المحلية للكوارث.

36- إن التنمية الزراعية الناجحة التي تقوم على قاعدة عريضة مع خطط فعالة لتخفيف آثار الكوارث ضمانا لاستدامة قاعدة الموارد وعملية التنمية، بإمكانها أن تقلل من التعرض للكوارث عن طريق:
(1) تخفيف وطأة الفقر بإيجاد فرص للعمل وتوليد دخل في المناطق الريفية؛
(2) تحفيز النمو الاقتصادي العام، إذ أن الزراعة في كثير من بلدان الدخل المنخفض، هي القطاع الرائد الذي له ارتباطات وتأثيرات مضاعفة على جميع فروع الاقتصاد؛
(3) تنويع قاعدة الاقتصاد بتحفيز نمو القطاعات الأخرى وزيادة نصيبها في الناتج المحلي الإجمالي، مع تقليل نصيب الزراعة باعتبارها أكثر القطاعات حساسية إلى الكوارث المائية والجوية؛
(4) العمل على زيادة الدخل، وزيادة قدرة الأسر والمجتمعات المحلية والبلد ككل على تحمل تأثير الكوارث؛
(5) النهوض بقدرة المجتمعات المحلية من أجل تحسين المحافظة على الموارد الطبيعية واستدامتها.

الإطار 3

تقليل الاضطرابات التي تسببها الكوارث في بلدان الجزر الصغيرة في البحر الكاريبي

مازالت اقتصاديات الجزر الصغيرة التي تتعرض كثيرا للكوارث شرقي البحر الكاريبي تعاني بصورة دورية من آثار الأعاصير الاستوائية. ولكن الاضطرابات التي تسفر عنها هذه الكوارث أصبحت أقل حدة، وأقصر تأثيرا، ولم تعد تشكل تهديدا للأمن الغذائي على المدى البعيد. وكمثال، فإن دومينيكا لم تحتج إلى معونات غذائية دولية في أعقاب الإعصار المدمر الذي تعرضت له في عام 1979. فهناك مجموعة مناسبة من التطورات ساهمت في تقليل التعرض للكوارث، منها التنوع الاقتصادي، وقدر من توزيع المخاطر على نطاق أوسع، وخطط لحماية البنية الأساسية. ومن بين العوامل التي قللت من التعرض للكوارث:

إدخال تغييرات هيكلية في الاقتصاد: حيث انخفض نصيب الزراعة في الاقتصاد بسرعة (انخفض بمقدار النصف في دومينيكا ليصبح 19 في المائة فقط فيما بين عامي 1977 و1997) بينما زاد نصيب الصناعة والسياحة والخدمات المالية، وزاد نصيبها في الناتج المحلي الإجمالي.

توزيع المخاطر: تحمي خطة WINCROP الإجبارية للتأمين على محصول الموز، وهي الخطة التي وضعها في 1987-1988 مجلس تسويق الموز في الجزر الأربع المواجهة للريح (وهي دومينيكا وغرينادا وغرينادين وسانت لوسيا) مزارعي الموز، بتقديم تعويضات مالية جزئية في حالة فشل المحصول بسبب العواصف.

الاستثمار في تخفيف وطأة الكوارث: تصميم معايير للبنيات الأساسية الجديدة والموسعة، وإصلاح المرافق التي دمرتها الكوارث قلل تدريجيا من التعرض للأخطار.

حصر نتائج الكوارث على نطاق محدد عادة: وتتمتع الأسر أيضا بقدر من المرونة في الاقتصاد المفتوح الذي يسمح نسبيا بحراك العمال وتحويل الدخول.

المصدر: Benson and Clay, 2001; OAS, 1996, 1997,1999.

37- ينبغي أن يكون التخطيط لاستخدام الأراضي هو الأساس في أي جهود قطرية لتخفيف وطأة الكوارث الطبيعية. فبمجرد صياغة خطط مناسبة، يصبح أمامنا عدد من النهج الزراعية والحرجية والسمكية يمكن تطبيقها عمليا للحد من التعرض للكوارث وزيادة المرونة في مواجهتها. فإدماج استراتيجيات الحد من أخطار الكوارث في خطط التنمية، يكفل بذل الجهود لتخفيف وطأة الكوارث بصورة مستمرة، وبالتالي الحد من أي انقطاع محتمل لجهود التنمية بسبب تكرار الكوارث. ولاشك أن إجراءات التخفيف من الكوارث تتفاوت بحسب نوع الكارثة.

38- فإجراءات التخفيف من آثار الكوارث التي ينبغي اتخاذها في البلدان المعرضة للجفاف تشمل ما يلي:

39 في المناطق المعرضة للفيضانات والأعاصير، يستحسن أن تتضمن إجراءات تخفيف وطأة الكوارث المتعلقة بالزراعة ما يلي:

40- أما بالنسبة للمساكن والمستوطنات، فيستحسن أن تشمل إجراءات التخفيف من وطأة الكوارث ما يلي:

41- للتخفيف من تأثير الزلازل، لجأ عدد كبير من البلدان إلى وضع معايير ونظم للبناء لكي تطبقها شركات الإنشاءات، لحماية المباني من تأثير الزلازل. ولكن العديد من البلدان مازال عليها أن تفعل ذلك.

42- طبقا لما جاء في تقرير الأمم المتحدة المعنون "العيش مع الخطر - استعراض عالمي لمبادرات الحد من الكوارث" ، فقد اتخذ العديد من البلدان خطوات لإدخال عملية الحد من خطر الكوارث في تخطيطها القطري للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. وبدأت بعض البلدان، وفي مقدمتها الصين، في التنفيذ التدريجي لخططها القطرية للحد من الكوارث في إطار خططها العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. وفي كثير من البلدان الأخرى، نجد أنه في الوقت الذي يوجد فيه إطار أساسي لاستراتيجية الحد من أخطار الكوارث، فإن عملية إدماج هذا الإطار وتنفيذه في سياسات وبرامج التنمية الوطنية مازال يمثل تحديا لهذه البلدان.

خامسا- الاستنتاجات والتوصيات


43- إلى جانب ما تحدثه الكوارث من خسائر مفاجئة في الأرواح، ومآس إنسانية، وتدمير للممتلكات، فإنها تزيد من الفقر ومن انعدام الأمن الغذائي، بل وتعطل في أغلب الأحيان الجهود المبذولة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. فتكرار حدوث الكوارث الطبيعية في كثير من البلدان النامية يشكل خطرا من أن الهدف الذي وضعه مؤتمر القمة العالمي للأغذية بتخفيض عدد من يعانون من نقص التغذية إلى النصف والأهداف الإنمائية الأخرى للألفية لن تتحقق بحلول عام 2015، ما لم تبذل جهود منسقة على المستويين القطري والدولي للتقليل من حدوث الكوارث والإسراع بالتنمية المستدامة. فالشواهد المادية المتوافرة توحي بأنه ما لم تكن هناك برامج ناجحة لتلافي تأثير الكوارث أو الحد من هذا التأثير، فمن المحتمل أن يزداد الفقر انتشارا وحدة في كثير من بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض. ولن يقتصر الأمر على زيادة عدد الفقراء، بل إن الفقر سيصبح أكثر قسوة في كثير من هذه البلدان.

44- وتيسيرا للتقدم في اتجاه تحقيق الهدف الرئيسي لمؤتمر القمة العالمي للأغذية والأهداف الإنمائية للألفية، قد ترى اللجنة إصدار التوصيات التالية لكي تنفذها الدول الأعضاء والمجتمع الدولي.

45- تمشيا مع الالتزام الخامس من خطة العمل الصادرة عن مؤتمر القمة العالمي للأغذية والفقرة 18 من الإعلان الصادر عن مؤتمر القمة العالمي للأغذية: خمس سنوات بعد الانعقاد، ينبغي للدول الأعضاء أن تقوم بما يلي:

46- على المجتمع الدولي أن يواصل دعمه للجهود القطرية والمحلية من أجل تقليل التعرض للكوارث في البلدان النامية، وذلك عن طريق: