NERC 2004




المؤتمر الإقليمي السادس والعشرون للشرق الأدنى

الدوحة، دولة قطر، 13 - 17 مارس/آذار 2004

دور التمويل الصغير في التنمية الزراعية والريفية في إقليم الشرق الأدنى

بيان المحتويات

 

الفقرات

أولا- معلومات أساسية

1-4

ثانيا- دور التمويل الصغير والقيود والتحديات التي تواجهه في الوقت الحالي

5-9

ثالثا- التمويل الصغير في إقليم الشرق الأدنى

10-13

رابعا- توصيات بشأن تطوير مؤسسات التمويل الصغير والريفي
في إقليم الشرق الأدنى

14-22

أولا- معلومات أساسية

1- يشهد إقليم الشرق الأدنى أعلى معدل توسع حضري في العالم. ومع ذلك، فإن سكان الريف لا يزالون يمثلون أغلب سكان البلدان غير المنتجة للنفط في الإقليم، إذ يبلغ متوسطهم 60 في المائة من مجموع السكان. إضافة إلى ذلك، يشتغل في قطاع الزراعة ما متوسطه 60 - 80 في المائة من القوة العاملة، في الإقليم، ويسهم هذا القطاع بأكبر نصيب في إجمالي الناتج الوطني (مصطفي، 1999). ويلاحظ أن نسبة مهمة من الإنتاج الزراعي ينتجها صغار ومتوسطو المنتجين الذين يمثلون ما بين 50 و80 في المائة من مجموع المزارعين. وفي ضوء حجم وأهمية هذا القطاع، لا تزال الاستثمارات الزراعية تمثل هدفا للسياسات السليمة في إقليم الشرق الأدنى. ولهذا فإن التنمية المستدامة للمؤسسات المالية التي تتيح رأس المال العامل وقروض الاستثمار بمعدلات تنافسية وتوفر تسهيلات للودائع المأمونة والمضمونة للمزارعين، لاتزال أمرا حيويا لتحقيق نمو اقتصادي متواصل في الإقليم. ولكن إقليم الشرق الأدنى، شأنه شأن العديد من سائر الأقاليم في العالم، يحمل تركة مثقلة من تاريخ طويل لهيمنة مصارف التنمية الحكومية المسيطر عليها من قبل الدولة وذات الأداء المتدني والخدمات المحدودة لصغار المزارعين.

2- وعلى وجه العموم، فلا تتوافر لدى صغار المزارعين والمشاريع الريفية الإمكانات للحصول على الخدمات المالية الرسمية. وهناك ندرة في المعطيات المالية الملائمة والمؤسسات التمويلية السليمة والمستدامة لتقديم هذه الخدمات. وهذا الوضع ناجم عن: ارتفاع تكاليف المعاملات الذي يترافق مع ضآلة مقادير القروض وكثرة تجزؤ الأسواق المالية وتقديم التسهيلات الائتمانية للأنشطة الاقتصادية الزراعية المحفوفة بالمخاطر. ومن بين المعوقات الأخرى التي تقيد الإمدادات للتمويل الزراعي ما يلي: ضآلة إمكانات المزارعين في الوصول إلى منافذ التسويق المجزية لتصريف منتجاتهم الزراعية، والافتقار إلى الضمانات المصرفية التقليدية لدى صغار المزارعين. ويتفاقم هذا الوضع على وجه الخصوص بسبب اشتداد وتعدد المخاطر في الزراعة دون وجود آليات ملائمة لإدارة هذه المخاطر والحد منها. وإن الاختلالات على مستوى الاقتصاد الكلي والتدخلات السياسية في الأسواق المالية الريفية تقلل من سلامة ومصداقية المؤسسات المالية العامة الرسمية وإمكانات استدامتها. والأنظمة القانونية غير الوافية وغير القابلة للتطبيق لا تفضي إلى تطوير خدمات التسليف وغيرها من الخدمات المالية التي تفيد نسبة كبيرة من سكان الريف. بالإضافة إلى هذا فإن تنفيذ أنظمة مصرفية معتمدة على العرض وليس الطلب تعتبر من المقيدات الأساسية لتطوير نظام مصرفي فعال لصغار المزارعين.

3- وخلال السنوات العشرين الأخيرة، تضاءل تدريجيا أداء مصارف التنمية الزراعية في إقليم الشرق الأدنى، الأمر الذي أدى إلى تراجع شديد في القروض الرسمية لصغار ومتوسطي المزارعين، كما أدى إلى تقليص التنمية الزراعية وأعاق النمو الاقتصادي في القطاع الزراعي. وإن تزايد القلق إزاء انحسار مصادر التمويل الزراعي قد برز من جديد، كقضية إنمائية مهمة، فيما بين الباحثين والمهنيين والجهات المانحة وصانعي السياسات (Gonzalez-Vega 2003). ويبرز في صدارة هذه المخاوف سؤال عمن سيملأ فجوة تقديم الخدمات المالية لسكان الريف وخصوصا صغار المزارعين. فالتمويل الصغير، في ضوء نجاحه الواضح في إقراض المشروعات الصغيرة في العديد من أنحاء العالم، غالبا ما يعتبر واحدة من الاستراتيجيات الأكثر تفضيلا.

4- وتحاول هذه الوثيقة إلقاء بعض الضوء على القضايا المتصلة بالتمويل الصغير والريفي. وفي مستهل هذه الوثيقة، نقدم عرضا موجزا لدور التمويل الصغير في توسيع نطاق خدمات القروض الزراعية. وبعد ذلك، تتضمن الوثيقة مناقشة لواقع التمويل الصغير في إقليم الشرق الأدنى. وتخلص الوثيقة إلى اقتراح توصيات لصانعي السياسات والجهات المانحة لتطوير التمويل الصغير والريفي في إقليم الشرق الأدنى.

ثانيا- دور التمويل الصغير والقيود والتحديات التي تواجهه في الوقت الحالي

5- يمثل التمويل الصغير استراتيجية مهمة في زيادة إمكانات ذوي الدخل المنخفض في الحصول على الخدمات المالية. وتتيح خدمات التمويل الصغير للعملاء تراكم الأصول وتيسير الاستهلاك والاستثمار في الأنشطة الاقتصادية الحضرية والريفية (في الزراعة وخارجها). ويمكن تجميع مؤسسات التمويل الصغير، التي تقدم أساسا هذه القروض إلى بعض حصائل المدخرات، على النحو التالي: نظم لإقراض المجموعات التضامنية تستند على المسؤولية المشتركة؛ وبرامج القروض الإفرادية؛ والتضامنيات/ والتعاونيات للمدخرات والقروض؛ والنظم المصرفية القروية المسيرة ذاتيا والتي تستند إلى وقائع المجتمع المحلي.

6- وقد عالجت مؤسسات التمويل الصغير، بحلول مبتكرة وناجحة، بعض القضايا الأكثر تحديا فيما يتعلق بتقديم الخدمات المالية لذوي الدخل المنخفض. ومن بين استراتيجيات هذه المؤسسات ما يلي: (أ) حل مشكلة الافتقار إلى الضمانات التقليدية باستخدام بدائل ضمان تستند إلى المجموعة أو إلى الصفات الشخصية للفرد؛ (ب) تطبيق معدلات مرتفعة في تسديد واسترجاع القروض من خلال تجميعات متكررة ومنتظمة للتسديد واستخدام الضغوط الاجتماعية والوعود بتكرار القروض؛ (ج) تخفيض التكاليف المرتفعة للمعاملات بتحويل بعض مصاريف التقييم والإشراف إلى مستوى المجموعة وبزيادة إمكانات الحصول على الخدمات؛ (د) تقديم حوافز للعاملين لزيادة إمكانات الوصول إلى المقترضين والاسترداد للقروض؛ (هـ) تقديم مدخرات وغيرها من الخدمات المطلوبة التي تلبي احتياجات صغار العملاء.

7- ولقد أنشئت في العديد من المناطق المؤسسات الإقليمية والقطرية للتمويل الصغير لتمثل المصالح الجماعية للعاملين في القطاع مقابل الجهات المانحة والحكومات. فعلى سبيل المثال، تمثل شبكة التمويل الصغير في أفريقيا شبكة إقليمية أنشئت حديثا تضم مؤسسات التمويل الصغير على المستوى القطري في أفريقيا. وتهدف هذه الشبكة إلى دعم قطاع التمويل الصغير في أفريقيا وتمكين الفنيين من تبادل الخبرات على أسس أفضل واستخدام معايير الأداء المشتركة وتطبيق السياسات التي تيسر تطور التمويل الصغير في أفريقيا.

8- ومع أن معظم خبرات التمويل الصغير قد تحققت في المدن حيث تتاح الفرص لنطاق أوسع للدخل المتنوع، إلا أن بعض مؤسسات التمويل الصغير، كالاتحادات الائتمانية والمصارف الخاصة الريفية والقروية، قد خدمت بنجاح العملاء في الريف. وبفضل معطيات التمويل الصغير الابتكارية، والخدمات التي تم تكييفها تبعا للواقع الريفي، فقد تغلبت مؤسسات التمويل الصغير القطرية على التحديات المتعلقة بالمعلومات والحوافز والعقود المتأصلة في معظم المعاملات المالية). ومن جهة أخرى، فإن مؤسسات التمويل الصغير العاملة في المناطق الريفية قد قلصت، حتى الآن، عملياتها فيما يتعلق بالتسليف الزراعي، نظرا للمخاطر المتأصلة في هذه الأنشطة. ويتطلب الإقراض الريفي مزيدا من الجهود والخبرة الفنية أكثر مما يتطلبه الإقراض في المدن نظرا لازدياد تشابك المؤسسات الأسرية الريفية والتي تتميز بتنوع وتقلب مصادر دخلها.

9- ونظرا لضآلة الخبرة في التسليف الزراعي لدى معظم مؤسسات التمويل الصغير، فإن دور هذا التمويل في توسيع التمويل الزراعي يجب معالجته بقدر أكبر من الحيطة. وهكذا، فإن تصميم سياسات ملائمة بشأن الاقتصاد الكلي وإنشاء إطار سليم من الناحيتين القانونية والتنظيمية يعتبران أمرين ضروريين لتعزيز قطاع مالي كفوء مجهز لخدمة عملاء الريف. وإن التوسع في تقديم القروض الزراعية من جانب مؤسسات التمويل الصغير لا يمكن أن ينجح إلا إذا ما ترافق مع خدمات مالية أخرى وتجسد في استراتيجية تحسن الأداء العام للأسواق المالية الريفية عموما. وعندما توضع هذه الإصلاحات قيد التنفيذ، فإن مؤسسات التمويل الصغير الأكثر استقرارا والتي أثبتت أنها تستطيع بنجاح إدارة حافظات الإقراض الصغير في المدن للإقراض الزراعي، هي وحدها التي يمكن أن توسع بصورة تدريجية إمكانات وصولها إلى القطاع الريفي.

ثالثا- التمويل الصغير في إقليم الشرق الأدنى(1)

10- تبين الدراسة التي أعدها البنك الدولي(2) عن التمويل الصغير أن إقليم الشرق الأدنى يواجه تحديات في استنباط نشاط سليم للتمويل الصغير. وتفتقر مؤسسات التمويل الصغير في هذا الإقليم للخبرات والإطلاع العام على أفضل تطبيقات التمويل الصغير على الصعيد العالمي، الأمر الذي يحد من مقدرتها على التعلم من خبرات الآخرين. كذلك فإن التقلبات السياسية وعدم الاستقرار في مجال الاقتصاد الكلي في بعض البلدان قد قلصت من تطور هذا النشاط. كما أن القيود الاجتماعية والثقافية والدينية كمسألة فرض فوائد على القروض وهو ما يعتبر تعارضا مع أحكام الشريعة الإسلامية تمثل أيضا تحديا لهذا النشاط. كذلك فإن الافتقار إلى المرافق الأساسية الملائمة وخصوصا في المناطق الريفية يعد عقبة أخرى تواجه نشاط التمويل الصغير في الإقليم. ولا يبدو الإطار القانوني والتشريعي عاملا معيقا رئيسيا لتطور هذا النشاط في معظم البلدان، ذلك لأن القوانين كتلك التي تقيد أنشطة المنظمات غير الحكومية وسقوف معدلات الفائدة وقيود أحجام القروض نادرا ما تنفذ. ومن جهة أخرى، تبدو هناك حاجة كبيرة إلى إعادة النظر في الإطار التشريعي الحالي في معظم البلدان لتعزيز تطوير نشاط فعال للتمويل الصغير.

11- تكشف دراسة البنك الدولي المشار إليها أن مؤسسات التمويل الصغير في الإقليم تمثل طائفة واسعة من الأشكال المؤسسية كالمنظمات غير الحكومية وكيانات التسليف الصغير غير الهادفة للربح والمصارف الحكومية والمصارف التجارية والأجهزة التابعة التي تقدم مثل هذا التمويل. وتعد مصر أكبر بلدان الإقليم من حيث نشاط التمويل الصغير المتطور، ذلك لأن حافظتها للقروض القائمـة وعدد المقترضين يمثلون 57 في المائـة و56 في المائة، على
_______________________________________

(1) المعلومات الواردة في هذه الفقرة مستقاة، في معظمها، من دراسة أعدها البنك الدولي عن التمويل الصغير في إقليم الشرق الأدنى Making Microfinance Work in the Middle East and North Africa. World Bank, 1997.

(2) استعرضت هذه الدراسة 60 مؤسسة للتمويل الصغير في مصر، إيران، الأردن، لبنان، المغرب، تونس، سورية، الضفة الغربية وقطاع غزة، واليمن، وهي تمثل 90 في المائة من أنشطة هذا التمويل الصغير في الإقليم

التوالي، من مجموع سوق التمويل الصغير في الإقليم. كذلك هناك مجال كبير للتوسع في الإقليم، ذلك لأن خدمات التمويل الصغير لا تغطي سوى 2.4 في المائة من الطلب الفعلي. وتقدم معظم مؤسسات التمويل الصغير في الإقليم مجرد خدمات تسليفية مع بعض المدخرات الإلزامية أو أن القروض تمثل جزءا من مجموعة كاملة من الأنشطة الخيرية. وإن المديونية المشتركة للمجموعة هي الأسلوب المنتشر للإقراض في معظم بلدان الإقليم باستثناء مصر وتونس حيث تقدم أيضا القروض الافرادية. وتستهدف معظم مؤسسات التمويل الصغير الرجال والنساء على السواء لكن بعضها يركز بصورة خاصة على النساء لترويج مشاركتهن في التنمية الاقتصادية.

12- ولا تزال إمكانية الاستدامة أكبر التحديات التي يواجهها معظم مؤسسات التمويل الصغير في إقليم الشرق الأدنى. ذلك أن مجرد ثلاث من مؤسسات التمويل الصغير الستين التي تم استعراضها قد حققت المستوى الأول لإمكانية الاستدامة وهو تغطية جميع تكاليف التشغيل. ومما يعيق إمكانية الاستدامة، ضآلة نوعية حافظة القروض وعدم كفاية أنظمة الإقراض وإجراءاتها ومتطلبات الإبلاغ الكثيرة التي تطلبها الجهات المانحة. قد أمكن تسوية نوعية الحافظات بفرض ضريبة على جمع القروض، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع شديد في معدلات القروض المستحقة وهو ما تجاوز 70 في المائة في بعض مؤسسات التمويل الصغير في الأردن. كذلك فإن بعض مؤسسات التمويل الصغير تدعم معدلات فائدتها وتمنح مهلا طويلة للتسديد الأمر الذي يؤدي إلى استنزاف رأس المال على المدى الطويل. كما أن معظم مؤسسات التمويل الصغير هزيلة من الناحية المؤسسية وتفتقر إلى بيان واضح عن مهمامها، وإلى أعضاء أكفاء في مجال إدارتها، وإلى موظفين ذوي خبرة في هذا المجال من التمويل، بالإضافة لافتقارها إلى نظام لمعلومات الإدارة يوفر معلومات دقيقة في مواعيدها بشأن رصد وتقييم مدى تقدم مؤسسات التمويل الصغير وسلامتها المالية العامة. علاوة على ذلك، فإن معظم مؤسسات التمويل الصغير تفتقر إلى نظم المراقبة الداخلية أو إلى نظم تحفيز الموظفين في حين أن قرارات منح القروض تتخذ بصورة مركزية وتثقلها إجراءات بيروقراطية.

13- كما توضح دراسة البنك الدولي المذكورة آنفاً أن مؤسسات التمويل الصغير لا تتبع أفضل الممارسات، الأمر الذي يؤدي إلى هزال شديد في القدرة المؤسسية لمعظم هذه المؤسسات في الإقليم. ويبرز هذا الضعف الحاجة إلى استثمارات في رأس المال البشري وتطوير النظم إذا ما أريد لمؤسسات التمويل الصغير أن تلعب دورا في النشاط الاقتصادي في الإقليم. وعلى مؤسسات التمويل هذه في الإقليم أن تتعلم الكثير من الممارسات الناجحة على الصعيد العالمي.

رابعا- توصيات بشأن تطوير مؤسسات التمويل الصغير والريفي في إقليم الشرق الأدنى

(1) إن البلدان الأعضاء مدعوة إلى مراعاة ما يلي:

14- يجب الاهتمام أولا بإيجاد بيئة مواتية تركز على بلورة سياسات مستقرة للاقتصاد الكلي ومناخ ملائم للنشاط الاقتصادي الذي يعزز فرص الاستثمار أمام صغار المزارعين. ويجب أن تركز سياسات الاقتصاد الكلي بوجه خاص على مكافحة العجز والتضخم في ميزانية الحكومة والتخلص من الاختلالات في أسعار الصرف وتحرير تجارة الواردات والصادرات والسوق المحلية وتحرير الأسعار واستنباط إطار ملائم للقوانين والتشريعات.

15- ولا تزال في إقليم الشرق الأدنى تدخلات حكومية شديدة وذلك في مختلف القطاعات الاقتصادية. لذلك، فإن من الواجب إيلاء اهتمام خاص لتعزيز تطوير نشاط القطاع الخاص والقطاع الزراعي، ويجب أن تتركز السياسات على جعل الزراعة أكثر ربحية. وإن وجود سياسات ملائمة واستثمارات في البنية الأساسية وخدمات دعم الإنتاج كالطرق والأسواق والتخزين وخدمات البحوث والإرشاد، كلها تعتبر أمورا مهمة لجعل الزراعة أكثر ربحية.

16- ينبغي لسياسات التمويل الريفية، بوجه عام، أن تروج تطوير طائفة من الوسطاء الماليين لتلبية الطلبات الخاصة لمجموعة واسعة من العملاء كالمزارعين ومنظمي الأعمال الزراعية وغيرهم من سكان الريف. ويمكن، بوجه خاص، دعم تجربة وترويج المنتجات والتقنيات المالية المبتكرة والملائمة لفائدة العملاء في الريف. وفي حالة التمويل الزراعي، يمكن للوسطاء غير الماليين كموردي للموارد والمعدات والعاملين في المستودعات والتجار والنشطاء الزراعيين أن يلعبوا دورا مهما في تمويل الإنتاج الزراعي، كما قد تود الحكومات تسهيل تنمية الزراعة بالتعاقد وغير ذلك من الترتيبات المناسبة فيما يتعلق بالتجارة والائتمان من خلال عقد اللقاءات بين النشطاء الزراعيين ومنظمات صغار المزارعين.

17- أما في مجال تنظيم المؤسسات المالية والإشراف عليها، فيتعين على منظمي المصارف في الشرق الأدنى أن يستنبطوا إجازات خاصة وإطارا للمؤسسات المالية غير المصرفية. وهذا من شأنه أن يتيح للوسطاء الماليين الصغار والتجديديين تشغيل وتطوير منتجات لفائدة الشرائح السوقية التي لا تخدمها المصارف التجارية على نحو جيد. ومن الأفكار الابتكارية في هذا المجال ما يلي: إلغاء اللوائح التي تؤدي إلى نتائج عكسية وإدخال الإجراءات التي يمكن من خلالها تدعيم التنظيم والإشراف باستخدام قوى السوق لترويج المساءلة، وزيادة عدد موظفي الإشراف المتمرسين.

(2) وينبغي للمنظمة وسائر الجهات المانحة أن تراعي ما يلي:

18- ينبغي توافر الاستثمارات في بناء القدرات مع التركيز على استخدام أفضل أساليب التمويل الصغير لتعزيز نمو وتطوير نشاط هذا التمويل في الإقليم. وينبغي أن يتركز بناء القدرات على مساعدة مؤسسات التمويل الصغير في: (أ) اختيار مجالس إدارة أكفاء وأعضاء مؤهلين في الإدارة وموظفين متمرسين؛ (ب) بيانات واضحة بالمهام التي تحقق الاستدامة واسعة النطاق؛ (ج) التدريب في مجال الإدارة المالية والمحاسبة مع إيلاء اهتمام شديد للتمسك بمعدلات التقشف؛ (د) إنشاء نظم فعالة لإدارة المعلومات؛ (هـ) تطوير خدمات ومعطيات جديدة خصوصا تلك التي تستهدف العملاء في الريف؛ (و) إنشاء نظم لتحفيز الموظفين لتعزيز الأساليب الفعالة لاسترداد القروض.

19- ويلزم بناء القدرات لدى القائمين بالتدريب المحليين في مجال التمويل الصغير.

"إن الافتقار إلى قدرات التدريب المحلية للتمويل الصغير قد سبب في نقص قدرات الإدارة في معظم مؤسسات هذا التمويل في إقليم الشرق الأدنى. وينبغي ترجمة المواد الموجودة المتعلقة بأفضل أساليب التمويل الصغير إلى اللغتين العربية والفرنسية ونشرها وتوزيعها. كما يجب تكييف هذه المواد تبعا لاحتياجات السوق المحلية.

20- ويجب إنشاء مؤسسات جديدة للتمويل الصغير خصوصا تلك التي تستهدف الجماعات المحرومة وتلك التي لا تتلقى الخدمات الكافية كالنساء وغيرهن من العملاء من فقراء الريف. وينبغي تكرار برامج قروض المجموعات الناجحة التي طبقت في غزة داخل البلد وفي بقية بلدان الإقليم. كما يجب الاحتذاء بالممارسات الناجحة على المستوى العالمي التي حققتها مصارف القرى واتحادات التوفير والتسليف والصناديق المحلية متجددة الموارد والصناديق الاجتماعية وذلك عند وضع برامج التمويل الجديدة التي تفيد المرأة وغيرها من فقراء الريف.

21- وإن من شأن إنشاء اتحادات قطرية وإقليمية للتمويل الصغير أن يساعد في ترويج تطوير نشاط هذا التمويل في الإقليم. وينبغي لمثل هذه الاتحادات أن تعزز تبادل المعلومات والخبرات وأيضا تنفيذ الأنشطة المشتركة ذات الاهتمام المتبادل. ومن أهم الأنشطة التي يتعين على هذه الاتحادات أن تركز عليها ما يلي: (أ) وضع معايير لهذا النشاط؛ (ب) استنباط أفضل الاستراتيجيات التطبيقية التي تلائم الإقليم؛ (ج) تنظيم زيارات ميدانية للاتحادات الناجحة في مجال التمويل الصغير ضمن الإقليم وخارجه؛ (د) تحبيذ التمويل الصغير داخل الحكومات المحلية والوطنية؛ (هـ) تسهيل تجربة المنتجات والخدمات الجديدة وخصوصا تلك التي تستهدف صغار المزارعين وغيرهم من فقراء الريف ذوي الدخل المحدود؛ (و) تنظيم حلقات عمل فنية تتناول الموضوعات الرئيسية في مجال التمويل الصغير.

22- ويمكن لمصارف التنمية التجارية والزراعية وخصوصا تلك التي تم إصلاحها أن تلعب دورا مهما في توسيع تقديم الخدمات المالية الفعالة للعملاء في الريف. وباستطاعة المصارف الرسمية أن توجد علاقات مع بقية المؤسسات الريفية ومؤسسات التمويل الصغير بتزويدها بالموارد لتقديم القروض لأعضائها المرتقبين من العملاء. ووفقا لهذه الاستراتيجية تستطيع المصارف أن توسع نطاقها ونشاطها بأسلوب يحقق المردودية. وإضافة إلى ذلك، تستطيع المصارف تخفيض معطياتها وخدماتها بإيجاد مديرية متخصصة بالريف وبالتمويل الصغير ضمن هياكلها لتخدم بصورة مباشرة عملاء الريف كصغار المزارعين والمنظمين على المستوى الصغير ومؤسسات التصنيع الزراعي وموردي المدخلات وتجار الجملة والقائمين على المستودعات. وإن مبادرات مثل هذه من شأنها أن تزيد إمكانات الوساطة المالية لدى المصارف التي ترغب في التوسع وتستطيعه لتصل إلى هذه الأسواق.

المراجع

- Brandsma, J. and R. Chaouali (1997). Making Microfinance Work in the Middle East and North Africa. The World Bank, Washington, D.C.

- Buchenau, J. (2003). “Innovative Products and Adaptations for Rural Finance.” Paper for “Paving the Way Forward: An International Conference on Best Practices in Rural Finance.” Washington, D.C., 2-4 June 2003.

- Coffey, E. (1998). Agricultural Finance: Getting the Policies Right. FAO/GTZ Agricultural Finance Revisited (AFR) Series: No. 2. Rome, Italy.

- Gonzalez-Vega, C. (2003). “Deepening Rural Financial Markets: Macroeconomic, Policy and Political Dimensions.” Paper for “Paving the Way Forward: An International Conference on Best Practices in Rural Finance.” Washington, D.C., 2-4 June 2003.

- Klein, B. et al. (1999). Better Practices in Agricultural Lending. FAO/GTZ Agricultural Finance Revisited (AFR) Series: No. 3. Rome, Italy.

- Mustafa, M.R. (1999). Some Features of Rural Finance in the Near East and North Africa Region: Studies and Remarks. NENARACA. Amman, Jordan.

- Roberts, R.A.J. and A. Hannig (1998). Agricultural Finance Revisited: Why. FAO/GTZ Agricultural Finance Revisited (AFR) Series: No. 1. Rome, Italy.