28/03/2018 بين تلال جنوب المكسيك المتداخلة، تقع قرية سان لورينزو التي تعيش فيها تقريباً 50 عائلة لاجئة فرت من الحرب الأهلية في غواتيمالا.
وبحسب تقديرات المنظمة المكسيكية لعون اللاجئين "COMAR" هرب أكثر من 45,000 شخص إلى المكسيك في فترة الثمانينيات، معظمهم من قرى ومقاطعات منطقتي هويتينانغو وكويتزالتينانغو في غواتيمالا.
وكان نيكولاس غوميز دومينغو، وهو من السكان "الشوج" الأصليين، يبلغ من العمر 11 عاما عندما عبر الحدود مع والديه وأخوته الأربعة. وكانت زوجته إميليا فيليبي خوسيه، من شعوب أكاتينكا الأصلية، تبلغ من العمر حينذاك ثمانية أعوام.
لقد عاشا لحظات مروعة ومخيفة، لا يمكن لنيكولاس أو زوجته نسيانها أبداً.
"كنا نخيم في المراعي بعد الفرار. مات بعض أقربائنا نتيجة استمرار تعرضنا للهجوم أثناء فرارنا... كنا ننام على الأشجار وتحت المطر."
هذا ما قالته إيميليا وهي تتذكر ما حدث معها وعيناها السوداويتان تتحركان باستمرار يملئهما نفس الرعب والخوف الذي عاشته قبل 35 عاماً.
وأكمل نيكولاس: "خلال سنوات حياتنا الأولى في المكسيك لم نكن نعلم ما الذي سيحدث".
ويضيف: "أقمنا أولاً في سانتياغو إل فيرتيس. لم نكن نعلم ما الذي سيحدث، وما إذا كنا سنبقى هناك أم لا. كنا ننتظر أن يتحسن الوضع في بلدنا حتى نتمكن من العودة. ولكن ذلك لم يحدث. لقد نشأنا في سانتياغو إل فيرتيس، وانتقلنا لاحقاً إلى سان لورينزو".
وهناك التقى نيكولاس بإيميليا. كلاهما لاجئان تعلما التكيف والاندماج مع المجتمع المحيط بهما. عاشا لسنوات عديدة في خوف من أن يتعرف الناس إلى هويتهما الأصلية من خلال لباسهما التقليدي أو طريقة تحدثهما. لم يرغبا في أن يكتشف أمرهما ويعادا إلى غواتيمالا.
من لاجئين إلى مزارعين مزدهرين
بدأت حياة إيميليا ونيكولاس بالتغير في 2005 عندما أصبح بإمكانهما المشاركة في البرامج الحكومية.
وبدعم من الحكومة المكسيكية وأبرشية سان كريستوبال ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تمكنت عائلة إميليا ونيكولاس إلى جانب 22 أسرة غواتيمالية أخرى من شراء 78 هكتارا من الأراضي.
وفي عام 2011، شاركا في "المشروع الاستراتيجي للأمن الغذائي"، وهو مشروع تنفذه الحكومة بدعم من منظمة الفاو يهدف إلى تطوير أكثر المجتمعات فقراً وتهميشاً في المكسيك، وكانت سان لورينزو مطابقة تماماً لهذه المعايير.
وبفضل هذا المشروع، تمكن نيكولاس وإيميليا من البدء بتربية الدجاج والخنازير والأرانب والغنم وزراعة الخضراوات والفواكه، وشاركا أيضاً في برامج تعاونيات المزارعين لتعزيز تخطيط وبيع منتجاتهم.
تقول إيميليا: "لم أتخيل أبداً أنني سأعمل مع غيري من السيدات اللاجئات. لقد تغيرت حياتنا بالفعل منذ أن شاركنا في المشروع."
تقوم إميليا ونيكولاس بإنجاز أغلب أعمال المزرعة معاً. غير أنها تعتني أكثر بالحيوانات كالدجاج والخنازير وتفضل محاصيل الأفوكادو والفاصولياء. يستيقظ نيكولاس في الصباح الباكر كل يوم، ليعتني بالغنم والأبقار قبل أن تنضم إليه زوجته وغيرها من العاملين في حقول الذرة والفاصولياء.
ويمارس المزارعون الزراعة بنظام "ميلبا"، وهو أحد أنواع الزراعة الشائعة في أمريكا الوسطى، والذي يقوم على أساس زراعة الحقل بمحاصيل متعددة كالذرة والفاصولياء والأفوكادو.
وبعد أن بدآ في المشروع، عاد ابنهما الأكبر، ماتياس، الذي كان قد هاجر إلى الولايات المتحدة للبحث عن عمل، لينضم إليهما في لعمل.
يقول ماتياس: "لا داعي للهجرة بحثاً عن عمل بعد الآن. يمكننا البقاء هنا وبناء بلدنا"
يمكنك التعرف على المزيد عن عمل منظمة الفاو في المكسيك.