روابط الطبيعة غير المرئية والمساهمات التي تقدمها لنا


كيف يضمن التنوع البيولوجي مستقبل غذائنا وأكثر من ذلك بكثير

عندما نذكر التنوع البيولوجي فإننا نعني تنوع الحياة النباتية والحيوانية في العالم. والتنوع الغني للأنواع، والموائل، والموارد الوراثية يعني نظما إيكولوجية أكثر صحة، وأكثر إنتاجية وقدرة على التكيف مع التحديات مثل تغير المناخ ©الفاو/أليبيو كانوا

22/05/2018

شخص شعره مجعد، وآخر شعره مستقيم. شخص تسمّر الشمس جلده، وآخر تحرقه. شخص يمكنه أن يلف شفته، وآخر لا يستطيع ذلك. كل هذا بسبب جيناتنا والاختلافات الموجودة فيها. إنه التنوع، وهو بمثابة توابل الحياة.

وتماما مثل الاختلافات التي بيننا، فإن النباتات والحيوانات لديها اختلافاتها أيضا، والتي قد نراها أو لا نراها. فهناك صنف من الأرز، على سبيل المثال، أكثر مقاومة للفيضانات من صنف آخر. ويمكن لسلالة من الماشية أن تتحمل الجفاف بينما لا تستطيع سلالة أخرى ذلك. وهذا كله بفضل التنوع البيولوجي.

يشير التنوع البيولوجي إلى تنوع الحياة النباتية والحيوانية في العالم. وهو يشمل تنوع الموارد الوراثية، والأنواع، والنظم الإيكولوجية. وعندما يوجد تنوع غني في الأنواع، والموائل، والموارد الوراثية، تكون النظم البيئية أكثر صحة وإنتاجية ويمكن أن تتكيف بشكل أفضل مع التحديات مثل تغير المناخ.  

والتنوع البيولوجي هو أكثر من مجرد التنوع، لأنه أيضا الطريقة التي ترتبط وتتفاعل بها الأنواع، والنباتات، والحيوانات المختلفة. والعالم يتألف من شبكة غير مرئية نادرا ما ندركها. ويمكن لفقدان الأنواع، سواء الحيوانية أو النباتية، أن يغير النظام الإيكولوجي بأكمله. وهذا يعني فقدان الروابط.

فيما يلي 7 من روابط النظام الإيكولوجي والمساهمات التي قد لا تكون على علم بها:

1- الزراعة والتربة الأكثر صحة - عادة ما يتم إلقاء اللوم على الزراعة لتدهور التربة. ومع ذلك، فإن إدارة الزراعة بعناية يمكن فعلا أن تزيد من صحة التربة. وعلى سبيل المثال، تساعد البقول على استعادة حيوية التربة، وهذا بدوره يساعد النباتات الأخرى على النمو بشكل أفضل. هل تعلم أن هناك كائنات حية في ملء ملعقة من التراب أكثر مما يوجد أشخاص على سطح الأرض؟ وهناك حاجة إلى تربة صحية لمساعدة أغذيتنا على النمو، ولامتصاص الكربون من الهواء، ولتوفير الميكروبات، مثل البنسلين، التي تُستمد منها أدويتنا. والقطاعات الزراعية هي أكبر مستخدمي التنوع البيولوجي. وهما يديران معا أكبر المناطق الأرضية، والبحرية، ومناطق المياه العذبة على الأرض، سواء كان التنوع البيولوجي "البري" في الغابات، ومصايد الأسماك، أو التنوع البيولوجي "المدجن" في نظم الإنتاج. وإذا ما تمت إدارة الزراعة على نحو مستدام، فإنه يمكنها أن تساهم في حفظ التنوع البيولوجي، ووظائف النظام الإيكولوجي الهامة.  

2- التغذية وتغير المناخ - إن التنوع البيولوجي الزراعي، بما في ذلك الأقارب البرية للمحاصيل، أمر أساسي للتعامل مع مناخ متغير، وتأمين مستقبلنا من الغذاء. ويوفر هذا التنوع للزراعة أنواع محاصيل وسلالات ماشية يمكنها أن تتكيف بشكل أفضل مع التغيرات في درجات الحرارة، وهطول الأمطار، وظواهر الطقس المتطرفة. كما أنه من المهم أيضا في عصر التغيير هذا استكشاف أنواع أخرى من المحاصيل. فمن بين حوالي 000 400 نوع من النباتات التي تم تحديدها، من المعروف أن 000 30 منها صالحة للأكل. ولكن حتى هذا التاريخ، لم يستخدم سوى 000 6 نوع كغذاء. ولا يزرع في جميع أنحاء العالم، سوى 150 من المحاصيل على نطاق كبير! ومما يثير الدهشة أن ثلاثة محاصيل فقط (الذرة، والقمح، والأرز) توفر ما يقرب من 60 في المائة من البروتين والسعرات الحرارية التي نحتاجها يوميا. ونحن بحاجة لتوسيع نظامنا الغذائي لاستكشاف بعض الأصناف الأخرى التي يمكن أن تكون مغذية أكثر، وأن تتأقلم بشكل أفضل مع التغيرات في مناخنا. 

إذا ما تمت إدارة الزراعة على نحو مستدام، فإنه يمكنها أن تساهم في حفظ التنوع البيولوجي، ووظائف النظام الإيكولوجي الهامة. اليسار: © الفاو/ ليانا جون؛ اليمين: © بلدية بوتيكاس

3- الثروة الحيوانية والبذور - من الواضح أننا نعرف أهمية الثروة الحيوانية كمصدر للغذاء. وفي الواقع، توفر ثلاثة أنواع فقط من الحيوانات - الأبقار، والخنازير، والدجاج - أغلبية السعرات الحرارية في النظام الغذائي للإنسان، ولكنك على الأرجح لم تكن تعلم أنها تساعد النباتات على النمو أيضا! ففي أثناء الرعي، وتدوير المغذيات من خلال إنتاج السماد، يمكن للثروة الحيوانية في الواقع أن تساعد على توزيع البذور. وكثيرا ما نسمع عن انقراض الأنواع البرية، ولكن سلالات الماشية تأثرت كذلك. فقد انقرضت حوالي 150 سلالة من الماشية ما بين عامي 2000 و2018.

4- الغابات والمياه النظيفة والهواء الأنقى - تعد الغابات واحدة من أهم مصادر التنوع البيولوجي التي تأوي موائل متنوعة للنباتات، والحيوانات، والكائنات الدقيقة. وهناك ما يقرب من 000 60 نوع من أنواع الأشجار في العالم. والغابات لا تحمي الأنواع المختلفة فحسب، بل وتعمل أيضا كمرشحات طبيعية تساعد على تنقية مصادر مياهنا. كما أنها تقوم بامتصاص وتخزين الكربون، وتنظيف وتبريد الهواء. وفقدان الغابات يعني فقدان مصادر المياه العذبة. وحاليا، تقلصت مساحة الغابات الطبيعية حول العالم من حوالي 10.6 مليون هكتار في تسعينات القرن الماضي إلى 6.5 مليون هكتار بين عامي 2010 و2015. واستعادة الغابات تساعد على ضمان مياه أنظف وهواء أنقى، بالإضافة إلى الحفاظ على الموائل لمجموعة كبيرة من الأنواع.

5- الغابات التي تدار بطريقة سيئة وانخفاض مخزونات الأسماك - هل فكرت يوما بأن الغابات والأسماك مرتبطة بعضها ببعض؟ حسنا، إنهما كذلك! فعندما تكون إدارة الغابات سيئة، يصبح تدفق المياه غير منتظم. ويتدفق المزيد من الترسبات في اتجاه مجرى النهر، بينما تجري كميات أقل من المياه العذبة إلى المصادر المائية الأخرى مثل البحيرات والمحيطات. وهذا يؤثر سلبا على مصايد الأسماك، مما يؤثر على صحة أنواع معينة من الأسماك أو يتسبب بموتها. وهذا يعني أن هناك كمية أقل من الأسماك للاستهلاك البشري. كما يعني أيضا أن الأسر التي تعتمد على صيد الأسماك لكسب رزقها ستواجه صعوبة في إعالة أسرها. وتوفر الأسماك 20 في المائة من البروتين الحيواني لنحو 3 مليارات نسمة، ويعتمد حوالي 200 مليون شخص على مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية من أجل كسب رزقهم. ومن كان يعلم أن تدمير الغابات يمكن أن يدمر بالفعل سبل عيش الصيادين؟ أو أن الإفراط في صيد أنواع معينة من الأسماك آكلة العشب يمكن أن يقلل من انتشار بذور الأشجار؟

6- المنغروف وفيضانات أقل - المنغروف وأنواع أخرى من النباتات الساحلية، مثل الأعشاب البحرية والمستنقعات المالحة، يمكن أن تثبت الأراضي الساحلية وتحد من حجم الأمواج، مما يقلل من احتمالات أو أثر الفيضانات الساحلية. وفي الواقع، تعمل الغابات والأراضي الزراعية على الحد من المخاطر والأضرار الناجمة عن الفيضانات، والعواصف، والتسونامي، والانهيارات الثلجية، والانهيارات الأرضية، والجفاف. ويُعد التوسع في تربية الأحياء المائية أحد الأسباب الرئيسية لإزالة غابات المنغروف. وبشكل عام، يؤثر تنامي المجتمعات، وزيادة تنمية البنية الأساسية، وتلوث المياه، والسياحة المستهترة، وارتفاع حموضة الماء كلها على الغطاء النباتي الساحلي الذي يعني في نهاية المطاف تأثيرات أقوى للكوارث الطبيعية.

التنوع البيولوجي ضروري لتأمين مستقبل غذائنا وتغذيتنا. ©الفاو/ كلاوديو جوزمان

7- الأمن الغذائي والتنوع البيولوجي - إن التنوع البيولوجي للحيوانات، أو الأسماك، أو المحاصيل هو في الواقع ضرورة كامنة لإنتاجنا الغذائي وأمننا الغذائي. ونحن نحتاج لمجموعة متنوعة من المحاصيل، بعضها أكثر تغذية، أو أسرع نموا، وبعضها يتكيف بشكل أفضل مع الجفاف، أو درجات الحرارة المرتفعة، والبعض الآخر يحتاج إلى كميات أقل من المياه، لمواجهة تحديات تغير المناخ، وتزايد السكان. ولا يقتصر الأمر على مجرد أصناف المحاصيل، بل إن التنوع في التربة يساعد النباتات على النمو، والتنوع في الملقّحات يساعد النباتات على التكاثر وإنتاج الفواكه والخضروات التي نحتاجها كثيرا؛ وتنوع الحشرات التي يعد بعضها عدوا طبيعيا للآفات التي يمكنها مهاجمة الإنتاج الزراعي. وكما يتبين فإن التنوع البيولوجي ضروري لتأمين مستقبل غذائنا وتغذيتنا.

يجب أن يكون التنوع البيولوجي جزءا من طريقة تفكيرنا في الطبيعة، ورفاه الإنسان، وصحته. ويجب أن يكون جزءا من منظورنا، وسياساتنا وقوانيننا. ومن المهم بالنسبة للفاو أن تجعل التنوع البيولوجي مفهوما معروفا ويسهل التعرف عليه. وكجزء من التزامها بالتنوع البيولوجي، تدعم الفاو البلدان في تأسيس الحوكمة الرشيدة، والأطر التمكينية، وحوافز الحماية لإدراج التنوع البيولوجي في جميع جداول الأعمال.  

إن اعتبار كل ما تقدمه الطبيعة للعالم أمرا مسلما به يهدد مستقبلنا ومستقبل البيئة. والفاو تعمل على ضمان أخذ التنوع البيولوجي في الاعتبار على جميع المستويات حتى نثمّن ما يبدو غير مرئي ونجعله معروفا

لمعرفة المزيد

الزراعة المستدامة من أجل التنوع البيولوجي

عمل المنظمة في مجال التنوع البيولوجي

المعاهدة الدولية بشأن الموارد الوراثية للأغذية والزراعة

الشعور بالامتنان تجاه الملقّحات

المحيطات: حلفائنا ضد تغير المناخ

بناء مدن أكثر اخضرارا: تسع فوائد لأشجار المدن

منشور مناظر طبيعية لمدى الحياة

 


2. Zero hunger, 12. Responsible consumption and production