الفيضانات ثمّ الجراد الصحراوي


المزارعون في وسط الصومال يواجهون تهديدات متتالية

غالبًا ما تشهد القرية التي يعيش فيها علي في وسط الصومال فيضانات، ولكن، في هذه المرة، تسبّب إعصاران أيضًا في تكاثر سريع للجراد، وهو ما يشكل تهديدًا رئيسيًا آخر للأمن الغذائي وسبل عيش المزارعين في هذه المنطقة. ©FAO/Arete/Ismail Taxta

20/01/2021

في ديسمبر/ كانون الأول 2019، ضرب إعصار "باوان" قرية طركينلي في مقاطعة بلد وين، وسط الصومال حيث يعيش علي محمود روباكس. وتسبّبت الأمطار الغزيرة بارتفاع منسوب النهر إلى أعلى مستوى له على الإطلاق، ما أدّى إلى كسر ضفافه ووصول المياه إلى داخل القرية والمناطق المحيطة بها، فغمرت المياه معظم أنحاء المدينة. وتشرّد نحو 000 182 شخص من هذه المنطقة، وغرق البعض فيما بات البعض الآخر في عداد المفقودين.

ولم تكن هذه المرة الأولى التي يواجه فيها علي فيضانًا. فهو الذي عمل كمزارع طيلة حياته، رأي النهر مرات عديدة يطوف ويدّمر محاصيله.

ويقول علي موضحًا: "عندما انتهى الفيضان في العام الماضي، بدأنا زراعة البذور، ثمّ عادت المياه مرة أخرى". وباتت هذه الفيضانات جزءًا لا يتجزأ من حياة المزارعين في مقاطعة بلد وين المنخفضة وإنّما المهمّة اقتصاديًا، التي توفّر الخدمات للمجتمعات الريفية المحيطة بها.

غير أنّ إعصار "باوان" كان قويًا جدًا لدرجة أنّ الأمطار التي تساقطت في أجزاء من الصومال فاقت في غضون بضعة أيام كمية الأمطار التي تتساقط عادةً في سنة كاملة. وكان حجم الفيضانات الذي تسبب به الإعصار أسوأ من الطوفانات المعتادة التي يعاني منها المزارعون مثل علي. وهذه المرّة، جاء الجراد مع المطر.

فالأمطار والرياح عنصران حاسمان يسهمان في تكاثر الجراد الصحراوي وانتشاره بسرعة. وقد أدّى إعصار "باوان" إلى جعل أحوال الطقس ملائمة على نحو أكبر لتكاثر الجراد الصحراوي، ما تسبب في أكبر تفش للجراد الصحراوي في الصومال على مدى أجيال.

ويتّسم الجراد الصحراوي، الذي يعتبر أكثر الآفات المهاجرة فتكًا في العالم، بقدرته على الانتقال بسرعة والسفر وسط الرياح لمسافات تصل إلى 150 كيلومترًا في اليوم.

ويقول علي موضحًا: "في البداية ألحقت المياه الضرر بمزرعتي، ثم جاء الجراد الصحراوي وأكل كل شيء. وبسبب الجراد، فقدنا كل شيء في مزرعتنا. وبات الموسم من دون محاصيل".

يعتمد الصوماليون بمعظمهم على الزراعة البعلية لكسب سبل عيشهم، ولكن غزو الجراد الصحراوي يعني أن بعض المزارعين قد يفقدون 100 في المائة من محاصيلهم. ©FAO/AreteIsmail Taxta

تعتمد الغالبية العظمى من سكّان الصومال على الزراعة لكسب سبل العيش. وتعتمد هذه المجتمعات الزراعية والرعوية بشكل كبير على نظم الإنتاج البعلية، حيث يؤدي توقيت الأمطار ومدّتها وكميّتها دورًا حاسمًا في تجدّد المراعي وإنتاج المحاصيل.

وقال علي: " تعتمد حياتي على الزراعة. فأسرتي تأكل ما نزرعه". 

ولكن، مع تهديدات مثل الجراد الصحراوي، قد يخسر المزارعون ما يصل إلى 100 في المائة من محاصيلهم والعلف، ما يقضي على أمنهم الغذائي وسبل عيشهم واقتصادهم.

وقالت إيرادو أمير عمر، وهي مُزارعة تعيش أيضًا في قرية طركينلي: "في المرة الأولى التي أتى فيها الجراد الصحراوي، كنّا خائفين لأنه كان يطير في كل مكان. وقد حاولنا أشياء مختلفة لإخافته. فأشعلنا حريقًا وقمنا بالضجيج، ورغم ذلك، أكل الجراد نباتاتنا ومحاصيلنا ولم يترك شيئًا في مزارعنا. تمتد مزرعتي على هكتار واحد فقط، وقد دُمّر أكثر من نصفها، حتى الأشجار والنباتات المحيطة قد اختفت الآن."

وقد استغلّت سبل عيش المزارعين والرعاة في الصومال إلى أقصى حد بسبب موجات الجفاف الممتدة وغالبًا الشديدة، والفيضانات فضلًا عن النزاعات وانعدام الأمن. فلا يمكنهم تحمّل أي تهديد آخر يهدد أمنهم الغذائي، ناهيك عن تهديد فتّاك كالجراد الصحراوي.

تزوّد منظمة الأغذية والزراعة المزارعين بالأدوات والبذور وغير ذلك من المواد لمساعدتهم على التعافي من هذه الصدمات، مع دعم الحكومات أيضًا لتنفيذ عمليات واسعة النطاق لمراقبة الجراد. ©FAO/Arete/Ismail Taxta

الاستعداد لمعركة طويلة

في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، وبعد عام تقريبًا على إعصار "باوان" الذي ضرب المنطقة وأدّي إلى الغزو الأوّل للجراد، ضربت عاصفة أخرى من هذا النوع، وكانت الأقوى في تاريخ الصومال، فأدّى إعصار "غاتي" إلى تساقط كمية أمطار فاقت في غضون بضعة أيام كمية الأمطار المتساقطة عادةً في سنيتن كاملتين. وحتى بعد جهود مكافحة الجراد الكبيرة التي لم يسبق لها مثيل في الأشهر السابقة، أدّت هذه الأمطار إلى تكاثر هذه الحشرة الشرسة مرة أخرى في الصومال، وكذلك في إثيوبيا المجاورة.

وتقول Ezana Kassa منسّقة منظمة الأغذية والزراعة في حالات الطوارئ في الصومال: "مع الغزو الأخير لجيل جديد من الجراد الصحراوي، تتعرّض مناطق شاسعة من الأراضي الزراعية والمراعي لخطر التلف. ويمكن أن تترتب على ذلك عواقب وخيمة على سبل العيش الزراعية والزراعية الرعوية والرعوية في سياق يعاني فيه الأمن الغذائي من الضعف بالفعل".

وقد تلقى علي وحوالي 500 2 أسرة معيشية أخرى في مقاطعة بلد وين دعمًا ماليًا نقديًا من منظمة الأغذية والزراعة لمساعدتهم على البقاء في ظل غزوات الجراد الصحراوي. وحصلت الأسر المزارعة أيضًا على بذور وأدوات لإدامة زراعتها على المدى الطويل.

وتقول إيرادو: "وصلت البذور عندما كنّا بأشدّ الحاجة إليها. فأنا لا أملك المال لشراء البذور، ولكن بات بإمكاني الآن على الأقل زراعتها".

ويقول علي: "إن المساعدة التي قدمتها لنا منظمة الأغذية والزراعة بالغة الأهمية لأنّ حياتنا تعتمد على الأرض. آمل في أن تغيّر هذه البذور التي أزرعها حياتي في المستقبل وحياة أفراد أسرتي".

وبالإضافة إلى مساعدة المزارعين مثل علي، تقوم المنظمة، بفضل الدعم السخي من الجهات المانحة، بدعم الحكومات في تعزيز عملياتها لاحتواء الجراد ومواجهة هذا التهديد المتجدّد.

وفي الصومال، تتم الاستجابة للجراد إلى جانب الجهود الجارية التي تبذلها المنظمة لمساعدة المزارعين على تنويع محاصيلهم وزيادة قدرتهم على الصمود أمام الصدمات مثل الفيضانات أو موجات الجفاف. ويشمل ذلك إصلاح سدود الأنهار لاحتواء الفيضانات وتوفير الرعاية البيطرية للحفاظ على سلامة ومتانة الماشية التي يعتمد عليها ملايين الرعاة الصوماليين.

للاطلاع على معلومات محدّثة عن حالة الجراد الصحراوي الراهنة، يمكنكم زيارة موقع منظمة الأغذية والزراعة لمراقبة الجراد الصحراوي.


لمزيد من المعلومات

الموقع الإلكتروني: منظمة الأغذية والزراعة والجراد الصحراوي

الموقع الإلكتروني: منظمة الأغذية والزراعة في حالات الطوارئ: الصومال

الموقع الإلكتروني: الملامح القطرية: الصومال

2. Zero hunger, 8. Decent work and economic growth, 10. Reduced inequalities