من مجرد نبات سام يثير الفضول إلى مكوّن شائع


كيف أصبحت الطماطم معروفة بتعزيز الصحة والأمن الغذائي وسبل كسب العيش

لئن باتت الطماطم في أيامنا هذه مكونًا شائعًا في المطبخ العالمي، فإن الأمر لم يكن دائمًا كذلك! ©FAO/ Alessandro Penso

07/04/2022

سواء أكانت الطماطم موضوعة فوق البيتزا أو مستخدمة في السلطات أو في مهروسة شكل صلصات، فهي أضحت مكونًا رئيسيًا من مكونات المطبخ في مختلف أنحاء العالم. ولكن قد يتملّككم الذهول عندما تعلمون أن الأمر لم يكن دائمًا كذلك!

يعود أصل الطماطم إلى أمريكا الجنوبية. ولئن كان شعب الأزتيك يستهلكها في أمريكا الوسطى منذ عام 700 بعد الميلاد، فإنها لم تصبح مكونًا شائعًا في مطبخ بلدان البحر الأبيض المتوسط إلّا في أوائل القرن التاسع عشر. 

وتحوم حول طريقة وصولها إلى أوروبا نظريات كثيرة، تتمثل إحداها في أنه تم إحضارها إلى القارة العجوز بعد الغزو الإسباني. ومن إسبانيا، انتقلت إلى إيطاليا بفضل ما كان يربط العائلات الحاكمة بعضها ببعض آنذاك من علاقات وثيقة. بينما تذهب نظريات أخريات إلى أن الطماطم وصلت إلى فرنسا من بيرو أو المكسيك.

ومهما كان الأمر، فقد اعتبر الأوروبيون الطماطم بادئ ذي بدء مجرد مادة من مواد الزينة أو نباتًا غريبًا يثير الفضول. وواقع الأمر أن الناس اعتقدوا أنها مادة سامة لأنها، على غرار النباتات الأخرى التي تنتمي إلى الفصيلة الباذنجانية، تحتوي على مادة السولانين، وهو سم عصبي.

وأضحت الطماطم، بعد مرور عدة مئات من السنين، تنتج بصورة تجارية وتستهلك في مختلف أنحاء العالم مع منافع عديدة.

فيا ترى، ما الذي تقدمه الطماطم إذًا لعالمنا الحديث؟ 

(1)    توفير منافع صحية

تعتبر الطماطم من المواد الغذائية الخارقة للعادة، وينطوي تناولها كجزء من نمط غذائي متوازن على الكثير من المنافع الصحية. فحبة طماطم نيئة صغيرة واحدة فقط غنية بالمغذيات ومضادات الأكسدة. وبفضل محتواها العالي من الألياف والبوتاسيوم، بمقدورها تحسين صحة القلب، ما يساعد على الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية. كما تحتوي على فيتامينات كثيرة، منها فيتامين "ج" الذي يقوي جهازنا المناعي وفيتامين "ك" الضروري لتقوية العظام.

إن الطماطم أكثر تنوعًا ممّا تعتقدون. إذ ثمة ما يزيد عن 000 10 نوع، تزوّد المزارعين والمستهلكين بأصناف لزراعتها واستهلاكها على مدار السنة. أعلى اليسار: © FAO/Cristiano Minichiello. أسفل اليمين: ©FAO/ Alessandro Penso

(2)    إتاحة أصناف لزراعتها واستهلاكها على مدار السنة

إذا كنتم تتصورون أن لون الطماطم أحمر فحسب، فأنتم مخطئون! فحتى الكلمة الإيطالية للطماطم، "بومودورو" (أي التفاحة الذهبية)، توحي على ما يبدو بأن الأنواع الأولى من الطماطم التي أدخلت إلى إيطاليا ربما كانت صفراء اللون! 

فالطماطم ثمار متنوعة على نحو مذهل، إذ ثمة حوالي 000 10 نوع مختلف. وخير دليل على ذلك نظام "Horta" الزراعي في فالنسيا بإسبانيا الذي صنفته منظمة الأغذية والزراعة على أنه من نظم التراث الزراعي ذات الأهمية العالمية بالنظر إلى نظامه للري المبتكر والعريق. ويضم هذا الموقع قرابة 000 6 مزرعة من مزارع أصحاب الحيازات الصغيرة يزرع فيها ما لا يقل عن 12 نوعًا من الطماطم. وتشمل هذه الأصناف كلًا من platanitos، والطماطم الصفراء الطويلة، وperlas، والطماطم الصغيرة من نوع الكرز، وmasclefs، والطماطم الخضراء والحمراء والتي على شكل قلب، وطماطم valencianos الكبيرة المحدّبة التي غالبًا ما تستخدم في السلطات.

(3)    دعم سبل كسب العيش

تشكّل الطماطم مصدرًا رئيسيًا للدخل بالنسبة إلى العديد من الأشخاص حول العالم. وينسحب ذلك على المزارعين في موقع آخر من مواقع نظم التراث الزراعي ذات الأهمية العالمية في جبة العليا في تونس. فبفضل نظام الحراجة الزراعية المثير للإعجاب الموجود في هذا الموقع، حيث تتم زراعة الطماطم بإقحامها مع أشجار التين التي توفر لنباتات الطماطم وقاءً وظلًا تشتد الحاجة إليه، يتمكّن المزارعون من إنتاج هذه الطماطم رغم اشتداد درجة الحرارة.

وجرت العادة على أن تتولى النساء في يوليو/حزيران جمع طماطم جبة المعمّرة هذه التي تؤدي دورًا مهمًا للغاية في الاقتصاد المحلي. فهذه الطماطم تعد ثاني أكثر الثمار استهلاكًا على المستوى المحلي بعد التين، وهي تباع في الأسواق المحلية والوطنية، ما يدر دخلًا لا يستهان به لأفراد المجتمع المحلي. 

وتعتبر الطماطم أيضًا سبيلًا مهمًا من سبل كسب العيش لشعب ويكساريتاري (Wixáritari) من الشعوب الأصلية المنحدرة من قرية Mezquitic، وهي قرية صغيرة في ولاية Jalisco في المكسيك. فهذه المنطقة الجبلية تعاني من ندرة الأراضي الصالحة للزراعة والموارد اللازمة لجعل الأراضي منتجة، ويعيش الكثير من السكان في فقر مدقع. 

ولكن المنظمة زوّدت المجتمع المحلي، في عام 2016، ببيوت دفيئة مساحتها 200 متر مربع، ونظام للري بالتنقيط وخزان مياه بسعة 5000 متر مكعب، وهو ما أدى إلى تمكين أفراد المجتمع المحلي من كسب لقمة العيش في قريتهم بدلًا من الاضطرار إلى السفر لأميال للعمل في مزارع أخرى كعمال يومين. 

وأصبح لدى أفراد المجتمع المحلي الآن ثمانية بيوت دفيئة مليئة بصفوف ليس فقط من الطماطم وإنما أيضًا من فلفل سيرانو والهالابينو والخيار والملفوف والكوسا والفاصوليا الخضراء. وثمة كميات من الأغذية تكفي لاستهلاكهم الخاص ولبيعها في السوق، ما يوفر مصدرًا حيويًا للدخل.

إن الطماطم غنية بالمغذيات والفيتامينات ومضادات الأكسدة. ©FAO/Riccardo De Luca

(4)    المساهمة في ضمان الأمن الغذائي

يمكن لبعض الأنواع المعينة من الطماطم التعمير في ظلّ درجات حرارة مرتفعة جدًا، وهو ما يجعلها حاسمة الأهمية بالنسبة إلى الأمن الغذائي، وتوفير دخل وأغذية مغذية للمزارعين عندما يكون إنتاج العديد من المحاصيل الأخرى سيئًا. وتبعًا لذلك، بادرت المنظمة والوكالة الدولية للطاقة الذرية، بالشراكة مع المعهد الوطني للبحوث والإرشاد في مجالي الأغذية والزراعة وباستخدام التكنولوجيا النووية، إلى تطوير أصناف جديدة من الطماطم تتسم بقدرة أكبر على تحمّل الحرارة.

وفي موريشيوس، تزرع الطماطم على مساحة تبلغ 750 هكتارًا بمتوسط إنتاج سنوي قدره 000 11 طن. غير أن ارتفاع درجات الحرارة وتجاوزها 30 درجة - كما يحدث في كثير من الأحيان - يمكن أن يتسبب في إصابة محاصيل الطماطم بإجهاد حراري، ما يسفر عن انخفاض الغلات بنسبة تصل إلى 80 في المائة، وينطوي على تأثير هائل على سبل كسب عيش المزارعين والأمن الغذائي للمجتمع المحلي. 

وظلّت المنظمة والوكالة الدولية للطاقة الذرية تساعدان موريشيوس في تطوير أصناف جديدة من الطماطم قادرة على تحمّل الحرارة. وفي سبتمبر/أيلول 2019، تم إطلاق ثلاثة أصناف جديدة عالية الغلة وتوزيعها على ما يزيد عن 100 مزارع، ويتزايد الطلب عليها باستمرار. وهذه طريقة من بين طرق أخرى استخدمت بها التكنولوجيا النووية في مختلف أنحاء العالم لتطوير أنواع جديدة من المحاصيل تتمتع بقدرة أكبر على الصمود في وجه تغير المناخ وتلبي احتياجات السكان المتزايد عددهم.

ولئن احتفلنا، في عام 2021، بالسنة الدولية للفواكه والخضروات، فإن مديحنا لهذا النوع الرائع من الأغذية يجب ألّا يقف عند هذا الحد! فمن الصحة وسبل كسب العيش إلى التنوع البيولوجي والأمن الغذائي، تعتبر الطماطم خير مثال على ما يمكن للفواكه والخضروات تقديمه لنا.


للمزيد من المعلومات

الموقع الإلكتروني: السنة الدولية للفواكه والخضروات

الموقع الإلكتروني: نظم التراث الزراعي ذات الأهمية العالمية

الموقع الإلكتروني: الوكالة الدولية للطاقة الذرية

2. Zero hunger, 3. Good health and well-being, 8. Decent work and economic growth