إطلاق إطار إقليمي جديد في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا في خطوة جريئة لاستعادة النظم الإيكولوجية

©منظمة الأغذية والزراعة/سليمان أحمد
في سياق تعاون واسع لإعادة تنشيط جهود استعادة النظم الإيكولوجية، وتعزيز الأداء التنموي في جميع أنحاء منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، كشفت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة)، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، وجامعة الدول العربية، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر عن مبادرة جديدة بعنوان "إطار التعهد الإقليمي للاستعادة والاستثمار في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا".
وتتواءم هذه المبادرة الرائدة مع عقد الأمم المتحدة لاستعادة النظام الإيكولوجي (2021-2030) وتهدف إلى إرساء معايير جديدة للتعاون الإقليمي في مجال الإدارة البيئية التي تدعم أهداف التنمية المستدامة.
يشار إلى أن حكومات المنطقة تواجه تحديات تنموية متعددة، بما في ذلك توفير المزيد من فرص العمل، والتزايد الكبير في عدد السكان، مما يؤكد حاجتها الملحة لإيجاد طرق مبتكرة لتحسين مصادر النمو الاقتصادي وتنويعها. وإلى جانب هذه التحديات، تعاني منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا من تدهور شديد للأراضي يؤثر على 45 في المائة من مناطقها الزراعية ويؤدي إلى تفاقم مشاكل ندرة المياه.
ورغم الادراك العالمي المتزايد بأن التغلب على هذه التحديات يتطلب عمل الشركاء معاً بشكل عاجل وأكثر كفاءة لتعزيز التنمية واستعادة النظم الإيكولوجية، إلا إن العقبة الرئيسية هي محدودية الحوافز التي تشجعهم على ذلك.
نموذج مبتكر لتعزيز التعاون في مجال معالجة التحديات البيئية والتنموية من خلال الاستفادة من المزايا التي يتمتع بها الشركاء (المالية والمعرفية).
يهدف "إطار التعهد الإقليمي للاستعادة والاستثمار في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا" إلى معالجة هذه التحديات عن طريق السعي إلى تحقيق هدفين متداخلين:
- تعزيز مسارات التنمية الفعالة والمستدامة في جميع أنحاء المنطقة من خلال مواءمة أهداف التنمية الوطنية مع نهج شامل لاستعادة النظام الإيكولوجي يتبنى أهداف اتفاقيات ريو الثلاث بشأن التنوع البيولوجي وتغير المناخ والتصحر.
- استكشاف أشكال الشراكة والفرص المبتكرة لتحديد مجموعة من المبادرات التي يمكنها الاستفادة من المزايا النسبية لموارد الشركاء (المالية والمعرفية) بأفضل طريقة ممكنة ووضعها قيد التجربة.
ومن خلال الحوارات التعاونية مع الكيانات الحكومية والشركاء من القطاع الخاص وشبكات المجتمع المدني والمؤسسات المالية الدولية والجهات المانحة الدولية، تهدف المبادرة إلى بناء وتوطيد شبكة داعمة من الشركاء وابتكار طرق جديدة لممارسة الأعمال من شأنها أن تدفع عجلة التغيير التحويلي نحو الأمام.
المجالات ذات الأهمية العالمية للتنوع البيولوجي الأرضي والكربون والمياه. خريطة أنشأها مكتب منظمة الأغذية والزراعة الإقليمي للشرق الأدنى وشمال أفريقيا، استناداً إلى: Jung/ M.، Arnell، A.، de Lamo، X.، García-Rangel، S.، Lewis، M.، Mark، J.، … Visconti، P. (2020). المجالات ذات الأهمية العالمية للتنوع البيولوجي الأرضي والكربون والمياه. BioRxiv. https://doi.org/10.1101/2020.04.16.021444. تم الوصول إليها من خلال مختبر التنوع البيولوجي التابع للأمم المتحدة.
نهج مرحلي يركز على الاستفادة بشكل أكثر فعالية من معرفة الشركاء وأداة تمويلية لخفض المخاطر والتخفيف منها وزيادة العائدات المستدامة على الاستثمار. تتكون مبادرة " إطار التعهد الإقليمي للاستعادة والاستثمار في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا" من مرحلتين رئيسيتين:
- المرحلة الأولى: تتضمن إنشاء قاعدة أدلة مشتركة لدعم المبادرة. وسيجري إعداد تقرير مسح مشترك بين الشركاء والتحقق من صحته من خلال سلسلة من المشاورات عبر مجموعة واسعة من الشركاء المشاركين في جهود التنمية واستعادة النظم الإيكولوجية في المنطقة. ولضمان قوة قاعدة الأدلة ومشاركتها، سيستفيد التقرير من الأبحاث الحالية التي يجريها الشركاء وأفضل الممارسات التي يتبعونها في جميع النظم الإيكولوجية.
- يتبنى تقرير المسح المشترك نهجاً متمايزاً للمساعدة في معالجة مشكلة عدم التجانس في المنطقة، حيث تُصنف البلدان على أساس مجموعة من معايير المخاطر والقدرة على الصمود بما في ذلك ضائقة الديون ومخاطر النزاع وتدهور الأراضي والتوقعات الديموغرافية والأمن الغذائي واتجاهات النزوح القسري.
- المرحلة الثانية: تركز على وضع سياق لركائز الاستثمار الإقليمي التي تدعم الإطار، وتحدد البلدان التي يقع عليها الاختيار لتجربة المبادرات التي يمكن توسيع نطاقها وتكرارها في جميع أنحاء المنطقة. والهدف من ذلك هو إعداد واعتماد برنامج إقليمي تحويلي مدعوم بالمعرفة المبتكرة والبنية المالية (أي التمويل المختلط) لتقاسم المخاطر والتخفيف منها بشكل أكثر فعالية سعياً لتحقيق عوائد مستدامة على الاستثمار تعزز أهداف التنمية الاجتماعية والاقتصادية والاستعادة قصيرة وطويلة الأجل بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة وعقد الأمم المتحدة لاستعادة النظام الإيكولوجي واتفاقيات ريو.
نحو خطة جديدة للعمل التعاوني الإقليمي
فيما يجري العمل حالياً على مراحل التطوير والتحقق، يشعر أصحاب المصلحة بالتفاؤل بشأن إمكانات التحول التي ستنتج عن هذه المبادرة. فمن خلال مواءمة الجهود الإقليمية مع أهداف الاستعادة العالمية، من المتوقع أن يؤدي إطار التعهد دوراً حاسماً في تعزيز التنمية المستدامة من خلال استعادة النظم الإيكولوجية.
ومع انطلاق منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا في هذا المسار الطموح، فإن الشراكة بين منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة والإسكوا وجامعة الدول العربية واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، تبشر بعهد جديد من العمل المشترك للشركاء الجدد والحاليين في ظل نهج تعاوني لتعزيز أولويات التنمية والبيئة بطريقة شاملة تعزز استخدام شبكات المعرفة والأدوات المالية للشركاء بطريقة أكثر فعالية. إن إطار التعهد الإقليمي للاستعادة والاستثمار في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا لا يعد فقط بمعالجة التحديات التنموية والبيئية الحرجة بشكل فعال، بل يهدف كذلك إلى إلهام نموذج للتعاون الإقليمي قابل للتكرار في دول أخرى.
للمزيد عن هذا الموضوع
الرجاء الاتصال: [email protected]