التنمية الريفية تزرع السلام في كولومبيا

كانت كالدونو، الواقعة في جبال مقاطعة كاوكا في جنوب غرب كولومبيا، إحدى أشد البلديات تضررا جراء النزاع المسلح في البلاد.

ولكن في أعقاب ثلاثة عقود من العنف، أعاد توقيع اتفاق السلام في عام 2016 الأمل لمجتمعات كالدونو من الشعوب الأصلية والفلاحين والمنحدرين من أصول أفريقية بمستقبل أفضل.

وللمساهمة في هذا المسعى، تعاونت منظمة الأغذية والزراعة ووكالة التجديد الإقليمي مع مجتمعات كالدونو في العديد من المشاريع الإنتاجية والزراعية التي اتسمت بالجدوى الاقتصادية والاستدامة البيئية على حد سواء.

وتحقيقًا لهذه الغاية، عززت المنظمة والوكالة القدرات الاجتماعية وقدرات ريادة الأعمال للمنظمات، وقدمتا المساعدة التقنية، ودعمتا روابط السوق لتشجيع التنمية والاستثمار على المستوى المحلي.

ووجهت منظمة الأغذية والزراعة جهودها نحو التنمية الريفية، حيث عززت القدرات الإنتاجية لمجتمعات الشعوب الأصلية والمزارعين والمنحدرين من أصل أفريقي من خلال المساعدة التقنية والاستثمارات في البنى التحتية كي لا تضطر هذه المجتمعات إلى التخلي عن جذورها، وإنما كي تتمكن، بدلا من ذلك، من تحقيق الازدهار لأسرها ضمن أراضيها.

وبين يوليو/تموز 2017 وديسمبر/كانون الأول 2019، قدمت الشراكة بين المنظمة ووكالة التجديد الإقليمي الدعم لأكثر من 000 1 أسرة في بلدية كالدونو، مما عاد بفوائد غير مباشرة على حوالي 000 5 أسرة.

ونفذت المنظمة ووكالة التجديد الإقليمي استراتيجية إقليمية لسلاسل القيمة سمحت بتنشيط الاقتصاد المحلي. وأسندت الاستراتيجية الأولوية لمصادر الدخل والتوظيف الرئيسية في البلدية، وهي إنتاج البن، والفيك، وقصب السكر، وتوت العليق، والتي تتمتع جميعها بالقدرة على تحقيق عوائد أعلى للمساحة المزروعة.

الحمض النووي لشعوب ناسا-بايز الأصلية

شكّل الفيك – وهو عبارة عن ألياف نباتية موطنها كولومبيا وتعتبر الحمض النووي لشعوب ناسا-بايز الأصلية – إحدى السلع التي روجت لها الشراكة بين منظمة الأغذية والزراعة ووكالة التجديد الإقليمي.

وتُعدّ مقاطعة كاوكا أكبر منتج للفيك في كولومبيا: وقد مكّن الدعم الذي قدمته الشراكة بين المنظمة ووكالة التجديد الإقليمي 132 أسرة منتجة للفيك من تحسين عمليات الحصاد وما بعد الحصاد والارتقاء بممارساتها الزراعية والبيئية.

وكانت مساحة قدرها خمسة وسبعون هكتارًا من الفيك بمثابة مركز العملية التي تواصل اتساعها حتى يومنا هذا، وذلك من خلال تكرارها بين عائلات المنتجين على نطاق البلدية، والتي وسّعت زراعة هذا المحصول لتشمل 83 هكتارًا إضافيًا من الأراضي.

وجرى تعزيز الإنتاج عبر توفير ثماني آلات لتقشير الفيك و68 نظامًا لمعالجة المياه تم الحصول عليها من خلال المشروع، والتي تعتبر، إلى جانب المعرفة والخبرة المكتسبة، الأصول الإنتاجية الرئيسية في الوقت الراهن.

وأدى نجاح هذه المبادرة إلى ولادة شراكة تجارية بين مجتمعات كالدونو وشركتين للتعبئة، هما EmpaquesdelCauca وEmpaquesdeMedellín، وهي تسوق من خلالهما أكياس ألياف الفيك لتعبئة القهوة والأغذية الأخرى من أجل استخدامها في تجارة الجملة.

قوة دفع كبرى للبنّ

تم تعزيز سلسلة قيمة البنّ التي تمثل النشاط الإنتاجي الرئيسي في المنطقة، من خلال إنشاء المركز الإقليمي للتدريب والأعمال الزراعية الخاصة بالبنّ، الذي تديره جمعية من الدرجة الثانية تم إنشاؤها خصيصا باسم Un Grano para la Paz ]حبة من أجل السلام[. وتضمّ الجمعية تسع جمعيات قاعدية لمزارعي البنّ (خمسة للمزارعين وأربعة للسكان الأصليين)، وتضم ما مجموعه 915 4 منتجًا للبنّ.

وبالإضافة إلى ذلك، تم إنشاء مركزين للتجميع، وتلقت مجموعة من الشباب والنساء التدريب على الممارسات السليمة للحصاد وما بعد الحصاد، فضلًا عن دورة تدريب لمتذوقي القهوة.

ونتيجة لهذا المشروع، وبفضل مثابرة الأسر العاملة في زراعة البنّ، لا تزال جمعية Cauca التعاونية للشعوب الأصلية (Cooperativa Indígena del Cauca - CENCOIC) ، التي تضطلع بإدارة المركز الإقليمي للأعمال الزراعية، تشهد توسعًا مستمرًا. وفي عام 2020، في خضم الجائحة، تمكّن المركز من تصدير 32 حاوية من البنّ إلى 10 بلدان.

إنتاج أرضنا

تضمنت العمليات الأخرى التي دعمتها الشراكة بين منظمة الأغذية والزراعة ووكالة التجديد الإقليمي إعادة تصميم مصنع  Ñuxspa للتجهيز،[1] الذي تديره جمعية مجالس الشعوب الأصلية Ukawe’xs Nasa Çxahb في كالدونو.

وينتج المصنع عصير توت العليق، وعصير البرتقال والأناناس، والماء والمربيات. ومنذ إعادة تصميمه، تمكنت الجمعية – التي يعترف بها 121 مجلسًا للشعوب الأصلية (cabildos) في كاوكا ولديها روابط مع 11 جمعية للشعوب الأصلية - من استيفاء معايير التجهيز وممارسات التصنيع الجيدة، الأمر الذي يسمح لها بالمشاركة في الأسواق المحلية، والإقليمية والوطنية.

وتمكّنت جمعية مجالس الشعوب الأصلية Ukawe’xs Nasa Çxahb من إدخال أصناف جديدة واعتماد عمليات مستدامة في إنتاج قصب السكر على مساحة تبلغ 93 هكتارًا من الأراضي التي تقوم 80 أسرة بزراعتها.

وقد مكّن التعزيز التنظيمي هذه الأسر من الحفاظ على موطئ قدم لها في صناعة الإنتاج؛ وهي تمتلك اليوم أيضا 46 متجرًا للأدوات و43 صندوقًا للأسمدة من أجل إنتاج الأسمدة العضوية من المنتجات الثانوية لقصب السكر، بالإضافة إلى مطحنتين اثنتين وآلات لقصب السكر.

وقد ساهمت هذه التدخلات مجتمعة بشكل كبير في الاقتصاد المحلي وعززت إعادة بناء النسيج الاجتماعي القيّم لكالدونو.