تزايد الحاجة إلى تبني رؤية جديدة لمصايد الأسماك وسط تصاعد المخاوف بشأن حالة المحيطات
انطلاق الندوة الدولية للفاو حول استدامة مصايد الأسماك اليوم
18 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، روما - أكد المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) شو دونيو في افتتاح الندوة الدولية للفاو حول استدامة مصايد الأسماك التي تستمر من 18 إلى 21 نوفمبر الجاري أن مصايد الأسماك في العالم تقف اليوم على مفترق طرق حاسم يتطلب من العالم تبني رؤية جديدة لمصايد الأسماك في القرن الحادي والعشرين.
قال شو إنه مع وصول سكان العالم إلى 10 مليار تقريباً بحلول عام 2050 فإن "الأرض وحدها لن تطعمنا، فنحن نحتاج أيضًا إلى إنتاج الأغذية من خلال تربية الأحياء المائية. ولكننا بحاجة إلى القيام بذلك دون المساس بسلامة المحيطات والأنهار ومع تحسين الظروف الاجتماعية لأولئك الذين يعتمدون على مصايد الأسماك، الذين هم في الغالب أفقر الناس في المجتمع".
يعتمد ملايين الناس في جميع أنحاء العالم على الأسماك في غذائهم وفي كسب عيشهم، إذا يحصل الشخص على 20.3 كجم (متوسط نصيب الفرد) من البروتين عالي الجودة والمغذيات الدقيقة الأساسية من الأسماك كل عام. على الصعيد العالمي، يعتمد أكثر من شخص واحد من كل عشرة أشخاص على صيد الأسماك لكسب العيش وإطعام أسرهم.
لكن حالة المحيطات باتت تثير قلقًا بالغًا بسبب التلوث الناجم عن البلاستيك وتأثيرات تغير المناخ وتدهور الموائل والصيد الجائر. وفي هذا الصدد، يتعرض واحد من كل ثلاثة من مخزونات الأسماك البحرية للصيد الجائر مقارنة بمخزون واحد فقط من كل عشرة قبل 40 عامًا، في حين أن الطلب المتزايد على أسماك المياه العذبة يؤثر على استدامة المصايد الداخلية.
وتشير الفاو إلى وجود اتجاه خطير يتمثل في أن مصايد الأسماك في بلدان العالم المتقدمة أصبحت مستدامة بشكل متزايد، ونجحت تلك البلدان في إعادة بناء المخزونات السمكية وتحسين ظروف العاملين في هذا القطاع، ولكن مصايد الأسماك في المناطق النامية لا تتحسن بالسرعة ذاتها.
وفي هذا الصدد، قال المدير العام الفاو: "يتسبب هذا الأمر بخلق فجوة استدامة خطيرة، ويتوجب علينا عكس هذا الاتجاه إذا ما أردنا تحقيق أهداف التنمية المستدامة".
المحيطات والبحار والأنهار والبحيرات باعتبارها مفتاح الحل
لجعل مصايد الأسماك أكثر استدامة، طرح المدير العام للفاو ثلاثة حلول كما هو مبين أدناه.
أولاً، إعادة الاستثمار في برامج استدامة المياه العذبة والبحرية.
ثانياً، الاستثمار في النمو المستدام للمحيطات. فمبادرة النمو الأزرق التي وضعتها المنظمة، على سبيل المثال، تستند إلى تحقيق التوازن بين المبادئ البيئية والاجتماعية والاقتصادية. ويشكل تطوير صناعات مثل تربية الأحياء المائية صفقة رابحة تعود بالفائدة على الكوكب وعلى البشرية.
وثالثاً، ضمان دمج تدابير الحماية الكافية مع الإدارة الفعالة، بما في ذلك معالجة هدر الأغذية في قطاع مصايد الأسماك.
واختتم شو كلمته قائلاً: "نحن بحاجة إلى المزيد من الإرادة السياسية والمزيد من الموارد لتحقيق ذلك. دعونا لا نترك أي منطقة في المحيط متخلفة عن الركب ونحن نسعى لتحقيق الاستدامة. إذا ركزنا علمنا، وروح الابتكار فينا، وتقنياتنا، فسننجح في تأمين وحماية واحدة من أقدم الصناعات الغذائية وأقلها تقديراً لقيمتها. نحن بحاجة إلى أن نسعى إلى تحقيق أهداف كبيرة وأن نقوم بعمل ملموس!"
بدوره، قال بيتر طومسون، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للمحيطات في افتتاح الندوة: "إذا عاملنا المحيطات بالاحترام الذي تستحقه فإنها ستغفر لنا طرقنا الحمقاء وتغذي نفسها وتفعل ما فعلته دائمًا في الماضي، وهو أنها مصدر الحياة العظيم على كوكب الأرض".
وأكد طومسون أن أربعة من المقاصد العشرة للهدف 14 من أهداف التنمية المستدامة ستنضج في عام 2020، "ولذلك نحن بحاجة إلى فعل كل ما نستطيع فعله لإنجاح هذه المقاصد جميعها".
وللسيطرة على الصيد غير القانوني وضمان تحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2020، حث طومسون البلدان التي لم توقع على اتفاق الفاو بشأن تدابير دولة الميناء على القيام بذلك.
كما حث المستهلكين على طلب ضمانات في المطاعم ومحلات السوبر ماركت بأنهم لا يشترون مأكولات بحرية مسروقة.
وفي الختام، أكد المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للمحيطات على أهمية عام 2020، واصفًا إياه بأنه "العام الذي سنبرم فيه صفقة جديدة مع الطبيعة"، حيث ستعقد الفعاليات التالية: مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات لتعزيز العمل الخاص بالمحيطات، ومؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي لوضع إطار التنوع البيولوجي لما بعد عام 2020، والمؤتمر العالمي لحفظ الطبيعة الذي ينظمه الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، وقمة الأمم المتحدة السادسة والعشرين لتغير المناخ حيث ستضع الأطراف في اتفاقية باريس استجابة دولية لحالة الطوارئ المناخية.
كما أرسل تيجاني محمد باندي، رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، رسالة فيديو لدعم الندوة.
واشتملت قائمة المتحدثين الرئيسيين في افتتاح الندوة على التالية أسماؤهم: مايكل بينتارد، وزير الزراعة والموارد البحرية في جزر البهاما؛ هارالد توم نيسفيك، وزير مصايد الأسماك والمأكولات البحرية في النرويج؛ ريكاردو سيراو سانتوس، وزير البحر في البرتغال؛ منى محرز، نائب وزير الزراعة في مصر؛ وريبيكا جاين أرغو، صيادة أسماك من ولاية ألاسكا.
ارتفاع استهلاك الأسماك وتجارتها وغيرها من الحقائق والأرقام
في الخطاب الفني الرئيسي لافتتاح الندوة، أشار مدير مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في الفاو مانويل بارانج إلى ما يلي:
• في الوقت الذي كان فيه عدد السكان ينمو بمعدل 1.5 بالمائة سنويًا منذ عام 1960، زاد استهلاك البروتين الحيواني بنسبة 2.5 بالمائة، وزاد معه استهلاك الأسماك بنسبة 3 بالمائة.
• في عام 2017، وفرت مصايد الأسماك 173 مليون طن من المنتجات السمكية، منها 153 مليونًا للاستهلاك البشري المباشر، أي بزيادة قدرها سبعة أضعاف عن عام 1950.
• تعد منتجات الأسماك واحدة من أكثر السلع الغذائية المتداولة، وتتجاوز تجارة الأغذية من جميع الحيوانات على اليابسة مجتمعة. في عام 2017، بلغت صادرات المنتجات السمكية رقماً قياسياً وصل 156 مليار دولار.
• منذ منتصف سبعينيات القرن المنصرم، زادت البلدان النامية من صافي عائداتها المالية من الأسماك من نحو صفر إلى أكثر من 40 مليار دولار في السنة.
• تعتبر الأسماك مهمة بشكل خاص في البلدان التي تعاني من عجز في الغذاء. ومن بين أكبر 30 دولة مستهلكة للأسماك، هناك 17 دولة تعاني من عجز غذائي ودخل منخفض، وخاصة في إفريقيا وآسيا وأوقيانوسيا.
• يعيش حوالي 95 بالمائة من الأشخاص الذين يعتمدون على مصايد الأسماك لكسب عيشهم في أفريقيا وآسيا. والغالبية العظمى منهم هم من ملاك المشاريع الصغيرة، الذين يكافحون من أجل كسب عيشهم في واحدة من أصعب المهن وأخطرها على الأرض. في عام 2019، تم تصنيف الصيد التجاري في المرتبة الثانية من بين أكثر المهن التي تخلف ضحايا على الأرض.
وفي هذا الإطار، قال بارانج: "تتمثل الجبهة الجديدة في هذا القطاع في معالجة البعد الاجتماعي لسلاسل قيمة المصايد، بما في ذلك ضمان ظروف العمل اللائقة، وتبني النُهج القائمة على حقوق الإنسان، والحصول على الخدمات الصحية والاجتماعية، وغيرها من الأمور. نحن بحاجة إلى ضمان الاستدامة الاجتماعية والمسؤولية الاجتماعية على طول سلاسل القيمة في قطاع الأسماك."
نبذة عن الندوة الدولية للفاو حول استدامة مصايد الأسماك
تجمع الندوة نخبة من المشاركين من العاملين والمعنين بقطاع المصايد للبحث في حالة مصايد الأسماك العالمية والإقليمية، والنظر في كيفية جعل موارد المصايد أكثر استدامة. وتغطي الندوة مجموعة واسعة من الموضوعات التي تشمل إدارة مصايد الأسماك في مواجهة تغير المناخ، واستخدام التكنولوجيات الناشئة، وتحسين سلسلة القيمة.
وستطلق الفاو ومرصد صيد الأسماك العالمي ومركز AZTI وسلطة صيد الأسماك في سيسشل على هامش الندوة أطلساً عالمياً بشأن استخدام أنظمة التعرف الآلي (AIS) لمراقبة نشاط الصيد، الذي يعتبر الأول من نوعه، وذلك يوم 19 نوفمبر/تشرين الثاني.
