صغار المزارعين الأسريين ينتجون حوالي ثلث الأغذية في العالم

بحوث جديدة لمنظمة الأغذية والزراعة تركّز على مساهمات المزارعين الذين يملكون أقل من هكتارين

23 أبريل/نيسان 2021، روما - ينتج أصحاب الحيازات الصغيرة في العالم حوالي ثلث الأغذية على الصعيد العالمي، وفقًا للبحوث الجديدة المفصّلة لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة.

تمتد خمسة من أصل كل ستة مزارع في العالم على أقلّ من هكتارين، وتشغّل نسبة 12 في المائة فقط من مجمل الأراضي الزراعية، وتنتج 35 في المائة تقريبًا من الأغذية في العالم، وفقًا لدراسة تمّ نشرها في "تنمية العالم". بالفعل، تختلف مساهمات أصحاب الحيازات الصغيرة في إمدادات الأغذية إلى حدّ كبير بين البلدان، حيث تبلغ حصة الصين منها نسبة مرتفعة تصل إلى 80 في المائة في حين تنخفض إلى دون العشرة في المائة في البرازيل ونيجيريا. وهذا التحليل يلقي الضوء على أهمية تحسين البيانات واتساقها لحصول صانعي السياسات على صورة أكثر تفصيلًا ودقة للأنشطة الزراعية.

وقال السيد Marco Sánchez، نائب مدير شعبة اقتصاد النظم الزراعية والغذائية في المنظمة والذي شارك في كتابة هذه المقالة مع Sarah Lowder وRaffaele Bertini اللذين كانا إلى جانب المنظمة خلال هذا البحث: "من الضرورة بمكان أن نتلافى استخدام مصطلحي المزارع الأسرية والمزارع الصغيرة بصورة تبادلية، إذ أن أغلبية المزارع الأسرية صغيرة غير أن بعضها أكبر حجمًا وحتى كبير جدًا".

وفي عام 2014، احتسب تقرير رئيسي للمنظمة أن تسعًا من أصل عشرة من المزارع في العالم البالغ عددها 570 مليون مزرعة هي مزارع أسرية وتنتج حوالي 80 في المائة من الأغذية في العالم. ويرمي البحث الجديد بعنوان- "أي مزارع توفّر الأغذية للعالم وهل أصبحت الأراضي الزراعية أكثر تركزًا؟"- إلى توضيح أحجام المزارع القائمة.

وتشير التقديرات المحدّثة إلى وجود أكثر من 608 ملايين مزرعة أسرية من حول العالم، تشغل ما بين 70 و80 في المائة من الأراضي الزراعية في العالم وتنتج 80 في المائة تقريبًا من الأغذية في العالم من حيث القيمة. ويستخلص البحث الجديد تقديرات لأحجام المزارع: تبلغ مساحة حوالي 70 في المائة من جميع المزارع التي تشغّل 7 في المائة فقط من الأراضي الزراعية، أقل من هكتار واحد، في حين يتراوح حجم 14 في المائة من المزارع، التي تقوم على نسبة 4 في المائة من الأراضي، بين هكتار وهكتارين و10 في المائة من جميع المزارع التي تشغل 6 في المائة من الأراضي هي ما بين هكتارين وخمسة هكتارات.

وفي هذه الأثناء، إن نسبة واحد في المائة من المزارع الأكبر حجمًا في العالم- أكبر من 50 هكتارًا- تشغّل أكثر من 70 في المائة من الأراضي الزراعية في العالم، حيث يقوم 40 في المائة تقريبًا من الأراضي الزراعية على مزارع تفوق مساحتها 000 1 هكتار.

لماذا من المهم الاطلاع على حجم المزارع

هذه التفاصيل الدقيقة هامة للمنظمات الدولية وصانعي السياسات الذين يرمون إلى تطوير السياسات العامة والاستثمارات من أجل دعم الزراعة الأسرية، لزيادة إنتاجية أصحاب الحيازات الصغيرة وتحسين سبل العيش الريفية، كما أقّره عقد الأمم المتحدة للزراعة الأسرية للفترة 2019-2028. وهي تساعد أيضًا في تحسين التوعية إزاء حالة المزارع المتوسطة والكبيرة الحجم التي تؤدي دورًا حاسمًا في تحقيق الهدف 1 (القضاء على الفقر)، و2 (القضاء على الجوع)، و10 (معالجة أوجه انعدام المساواة) و12 (تحقيق أنماط إنتاج أكثر استدامة) من أهداف التنمية المستدامة.

ومن المؤكد أن الاختلافات الإقليمية الكبيرة تسلّط الضوء على أهمية المستويات العامة للتنمية الاقتصادية. فحجم المزرعة يزداد عادةً مع ارتفاع متوسط مستويات الدخل الوطنية، حيث أن 99 في المائة من المزارع في البلدان المرتفعة الدخل أكبر من خمسة هكتارات مقارنةً بنسبة 28 في المائة فقط في البلدان المنخفضة الدخل.

كما أن العوامل الإقليمية والمحلية ذات دلالة. فالحيازات الصغيرة تشغل مساحة أكبر من الأراضي الزراعية مقارنةً بالمتوسط العالمي في أقاليم مثل جنوب آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
غير أن حجم المزرعة لا يرتبط دومًا بإنتاج سلع محددة. ففي منغوليا على سبيل المثال، إن المزارع غير المملوكة من الأسر إنما المنظّمة كوحدات أعمال ومنظمات تمثل 90 في المائة من إنتاج القمح. وفي تنزانيا، هناك عدد قليل فقط من المزارع الكبيرة التي تشغل 7 في المائة فقط من الأراضي الزراعية، غير أنها مسؤولة عن 80 في المائة من إنتاج القمح في البلاد وعن 63 في المائة من إنتاج الشاي فيها.

كذلك، ينبغي فهم التغييرات في حجم المزرعة في ظلّ السياق المحلي. ويبدو مثلًا أن الزيادة في المزارع المتوسطة الحجم في زامبيا تُعزى إلى السكان الحضريين الذين يتقاضون رواتب وليس إلى أصحاب حيازات صغيرة يزيدون مساحات الأراضي التي يتحكّمون بها. ومن المثير للاهتمام أن عدد الحيازات الصغيرة ازداد في البرازيل والولايات المتحدة الأمريكية- وهما قوّتان زراعيّتان- حتى وإن ازدادت حصة الأراضي الزراعية التي تتحكّم بها المزارع الكبيرة. ويقول الكاتب إن تحديد ما إذا كان ذلك يعكس تناميًا في انعدام المساواة أو فورةً في الأغذية التي يتمّ إنتاجها واستهلاكها محليًا يستوجب مزيدًا من الدراسة.

الفجوات في البيانات

في حين أن البحث الجديد - ومجموعات البيانات الغنية والمتاحة للعموم - يوفّر أكبر قدر من المعلومات الوافية المتاحة اليوم، فهو يعاني من عقبات جراء وجود بيانات متفاوتة وقديمة العهد في أغلب الأحيان.
ويقول المؤلف إنه يمكن تحسين "التقديرات التقريبية المستندة إلى افتراضات سخية" من خلال توفير قدر أكبر من البيانات على الصعيد القطري بشأن الإنتاج، وحجم المزارع، وأنواع السلع، وطرق العمل السائدة فضلًا عن البيانات بشأن الدخل ومساكن المالكين، مع الإشارة إلى أن المعلومات عن الإنتاج بحسب حجم المزرعة متاحة فقط بالنسبة إلى بلدان قليلة جدًا اليوم.

ويشير المؤلف إلى أن جزءًا كبيرًا من البيانات المتاحة ينبثق من تقارير التعدادات الزراعية، الموحّدة في البرنامج العالمي للمنظمة للتعداد الزراعي، في حين أن الحصول على بيانات أوّلية في التعداد الزراعي قد يضفي مزيدًا من الدقة. كما أن للتعدادات حدود خاصة وأن بعض البلدان لم يجرِ أي تعداد منذ عقود من الزمن فيما تستثني بلدان أخرى من التعداد الكيانات غير الأسرية التي تشغّل المزارع.

Photo: ©FAO/Cristina Aldehuela
مزارع في غانا.