تقرير حالة الأمن الغذائي والتغذية في أوروبا وآسيا الوسطى لعام 2020 الذي يتم إعداده بقيادة منظمة الأغذية والزراعة يقدّم معلومات مفصّلة عن تكاليف اتباع نمط غذائي صحي
بإمكان الأنماط الغذائية الصحية بكلفة ميسورة إحداث تطور إيجابي في مجالي التغذية والاستدامة
12 مايو/أيار 2021، بودابست، هنغاريا - رغم أن الجوع الشديد لم يمثل مشكلة كبرى في أوروبا وآسيا الوسطى خلال السنوات العشرين المنصرمة، فإن هذا الإقليم يشهد بشكل جزئي زيادة في مستوى انعدام الأمن الغذائي المعتدل - الذي يفهم على أنه الحصول غير المنتظم على أغذية مغذية بكمية كافية – ويواجه في الوقت ذاته أيضًا نموًا سريعًا واسع النطاق للبدانة، وهو ما يطرح تحديًا يلقي بظلاله على قدرته على تحقيق الأمن الغذائي وتحسين التغذية، على نحو ما يبرزه الهدف 2 من أهداف التنمية المستدامة.
ويمكن أن يكتسي خفض تكاليف الأنماط الغذائية الصحية أهمية حاسمة لتحسين التغذية والاستدامة.
ويفيد تقرير نظرة إقليميـة عامة حول حالة الأمن الغذائي والتغذية في أوروبا وآسيا الوسطى لعام 2020 أن جائحة
كوفيد-19 قد شكّلت أخطارًا جسيمة هدّدت الأمن الغذائي والتغذية، وخاصة بالنسبة إلى السكان المستضعفين وذوي الدخل المنخفض في الإقليم.
ويعرض التقرير السنوي، الذي اشتركت في إعداده كل من منظمة الأغذية والزراعة ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأوروبا ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، تحليلًا شاملًا لهذا الموضوع، بما يشمل سوء التغذية بجميع أشكاله والأنماط الغذائية الحالية وتكاليف الأنماط الغذائية بالنسبة إلى الأفراد والمجتمع والكوكب.
وما يقض مضجعنا في أوروبا وآسيا الوسطى بشكل عام هو تفاقم الوضع بوتيرة سريعة في بعض بلدان آسيا الوسطى ورابطة الدول المستقلة والقوقاز، ممّا يحول دون تحقيق الإقليم برمته مقاصد أهداف التنمية المستدامة لعام 2030 بشأن انتشار انعدام الأمن الغذائي الشديد والمعتدل.
وصرحّ السيد Vladimir Rakhmanin، المدير العام المساعد والممثل الإقليمي للمنظمة، قائلًا "لقد أبرزت السنة الماضية أن صحتنا وأداء نظمنا الغذائية والزراعية أمران أساسيان وأنه يتعين بذل المزيد من الجهود. وعلينا جميعًا – بما في ذلك صناع القرار والجهات العاملة في مجال التنمية والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية والقطاع الخاص والأفراد – أن ندلو بدلونا لتحقيق هدف القضاء التام على الجوع والأمن الغذائي وتحسين التغذية وعدم ترك أي أحد خلف الركب والنهوض بالزراعة المستدامة".
وأشار السيد John Aylieff، المدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي في آسيا والمحيط الهادئ، قائًلا "يقتضي الحد
من مستويات الجوع وسوء التغذية اتباع نهج لدورة الحياة، مع إيلاء اهتمام خاص للأطفال والمراهقات والأمهات والفئات المستضعفة الأخرى. وإن القضاء التام على الجوع لا يقتصر فحسب على ألّا يتضور المرء جوعًا، بل إنه يقتضي منّا العمل عبر مختلف القطاعات - من الزراعة والحماية الاجتماعية إلى التعليم والصحة - لضمان اتباع نمط غذائي صحي ومتوازن بكلفة ميسورة وفي متناول الجميع أيضًا".
وأكّدت السيدة Olga Algayerova، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة واللجنة الاقتصادية لأوروبا، على أن "المزارعين في الإقليم قد تضرروا أيما ضرر، تبعًا لإنتاجهم ومكان وجودهم، بالاختلالات التي أوجدتها جائحة كوفيد-19، خاصة
في البلدان التي تمر اقتصاداتها بمرحلة انتقالية. وإنّي أناشد الحكومات تقديم ما يكفي من الدعم المالي للمزارعين.
كما أدعوهم إلى الاستفادة على نحو كامل من إجراءات الأمم المتحدة لتسهيل التجارة وعبور الحدود لإبقاء الحدود مفتوحة لتيسير تدفق السلع، خاصة المنتجات الأساسية مثل الأغذية الطازجة".
وفي الوقت الذي تحقّق فيه البلدان تقدمًا في مجال القضاء على التقزم والهزال لدى الأطفال وانخفاض الوزن عند الولادة، يُسجّل اتجاه معاكس بالنسبة إلى فقر الدم والرضاعة الطبيعية الحصرية خلال الأشهر الستة الأولى من الحياة. وتوجد ثغرات في جميع بلدان الإقليم في إطار السياسات بشأن الوقاية من السمنة وفقر الدم الناجم عن نقص الحديد.
وأعرب السيد Afshan Khan، المدير الإقليمي لليونيسف لأوروبا وآسيا الوسطى والمنسق الخاص للاستجابة للاجئين والمهاجرين في أوروبا، قائلًا "تقر اليونيسف بما حققته البلدان من إنجازات مهمة في ما يخص التقزم والهزال لدى الأطفال وانخفاض الوزن عند الولادة. غير أنه سيتعذر على الإقليم، بدون مضاعفة الجهود، الوفاء بالتزاماته لعامي 2025 و2030 بشأن بدانة الأطفال وفقر الدم والرضاعة الطبيعية الحصرية. وتشكّل الأنماط الغذائية الصحية بكلفة ميسورة الأساس الذي يقوم عليه الأمن الغذائي ونتائج التغذية، وقد أدى أثر جائحة كوفيد-19 إلى زيادة ضعف تغذية الأطفال. وباتت في حوزتنا أدلة لتقاسمها مع واضعي السياسات وموردي الأغذية من أجل اتخاذ إجراءات لتحسين الأنماط الغذائية وتعبئة النظم الصحية والتعليمية والاجتماعية للارتقاء بنتائج التغذية للأطفال."
ويعدّ انتشار الوزن الزائد والبدانة مشكلة رئيسية، حتى بين الأطفال، حيث ترتفع معدلات الإصابة بهما بشكل مثير للقلق في معظم بلدان الإقليم. وتفيد منظمة الصحة العالمية أن معدل انتشار الوزن الزائد بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و9 سنوات هو الأعلى في بلدان البحر الأبيض المتوسط.
وصرّح السيد Hans Kluge، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في أوروبا، قائلًا "إن الأشخاص الذين يعانون
من البدانة معرضون بشكل متزايد للعواقب الوخيمة الناجمة عن جائحة كوفيد-19. فقد أماطت هذه الأخيرة أيضًا اللثام عن مدى هشاشة النظم الغذائية وأهمية ضمان حصول جميع الناس، بغض النظر عن مكان عيشهم وكيفية عيشهم،
على أغذية آمنة وصحية ومستدامة. وبالنسبة إلى إقليم أوروبا لمنظمة الصحة العالمية، فهذا أمر في غاية الأهمية بالنظر إلى حالة البدانة المثيرة للقلق – التي تعتبر مرضًا مزمنًا معقدًا في حدّ ذاته وعامل خطر رئيسيًا للأمراض غير المعدية في الإقليم."
وعلاوة على ذلك، يتأثر الإقليم بشدّة بالتحديات التي يطرحها الإفراط في استهلاك الأغذية الغنية بالملح والدهون والسكر وقلة استهلاك الفواكه والخضار. وهذا الأمر يستلزم إجراء تغييرات هيكلية في إنتاج الأغذية واستهلاكها
ضمن النظم الغذائية الحالية. وتشير بيانات منظمة الصحة العالمية إلى أن الأنماط الغذائية غير الصحية تساهم في حوالي 86 في المائة من حالات الوفاة و77 في المائة من عبء الأمراض في الإقليم.
وتوصي منظمة الأغذية والزراعة البلدان، عند وضع استراتيجيات وطنية خاصة بالأمن الغذائي والتغذية، بالنظر
في التبعات البيئية والمناخية للنمط الغذائي المرجعي - غير المدرج حاليًا - وزيادة التثقيف بهذا الشأن.
وأوضح السيد Milan Dacić، رئيس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في أوروبا، قائلًا "إن آثار التغيرات المناخية والبيئية تطرح بشكل متزايد تحديات بالنسبة إلى جهود المبذولة حاليًا في مجال الحوكمة. ويتعين وضع سياسات تدعم الإدارة المستدامة للأراضي، وتقلّل من تلوث الهواء، وتكفل توفير الأغذية للسكان المستضعفين، وتقلّل الفاقد من المحاصيل، وتحد من انبعاثات غازات الدفيئة المرتبطة بالزراعة. وتشكّل الأنشطة التي تنفذها المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بشأن الرصد الطويل الأجل؛ وتبادل البيانات والمعلومات والمعارف؛ وتحسين التنبؤات والتحليلات المحددة السياق دعمًا لا بدّ منه للتخفيف من حدة آثار التغيرات المناخية والبيئية".
وأشار السيد Cheng Fang أيضًا إلى التركيبة غير المواتية للأغذية المتاحة في أسواق أوروبا وآسيا الوسطى. وكما تبين النظرة العامة الإقليمية، فإن مستوى توافر الأغذية الحيوانية المصدر أعلى من المتوسط العالمي، في حين أن مستوى استهلاك الخضار والبقول والأسماك أقل من المتوسط العالمي. ولذلك، ينبغي إيلاء اهتمام متزايد للزراعة المراعية للتغذية التي تيسّر اتباع أنماط غذائية صحية. وتشكّل مبادرات "من المزرعة إلى مائدة الطعام" والاتفاق الأخضر الأوروبي أطر سياسات يمكن أن تيسّر إحداث التغيير المنشود.
وأعرب السيد Fang، خبير اقتصادي في منظمة الأغذية والزراعة والمؤلف الرئيسي للتقرير، قائلًا "يكمن الاستنتاج الرئيسي في أنه رغم التقدم الطيب المحرز في تنويع الأغذية ودفع توافرها في الاتجاه الصحيح، تنبغي إعادة توجيه إنتاج الأغذية والنظم التجارية للسماح باتباع أنماط غذائية صحية. وقد يستلزم ذلك بذل جهود إضافية في مجال تثقيف المستهلكين وتوفير حوافز لزيادة استهلاك أغذية، منها على سبيل الذكر لا الحصر الفواكه والأسماك، لوضع استراتيجيات للتغذية المستدامة والصحية في هذه البلدان".
تكاليف الأنماط الغذائية الصحية
طبقًا لتقرير المنظمة واستنادًا إلى تحليل بيانات تكلفة الأغذية/ القدرة على تحمل تكلفتها من 14 بلدًا مختارًا في أوروبا وآسيا الوسطى، فإن الأنماط الغذائية الصحية مكلفة على العموم، إذ تبلغ تكلفتها في المتوسط خمسة أضعاف تكلفة الأنماط الغذائية التي تلبي الاحتياجات الأساسية من الطاقة فقط بفضل مادة أساسية نشوية.
وأما العوامل التي تكمن وراء هذه التكاليف فتشمل التجارة والنفقات العامة وسياسات الاستثمار على طول سلاسل الإمدادات الغذائية والزراعية. وللتصدي للآثار المترتبة عنها، تدعو المنظمة وبرنامج الأغذية العالمي إلى تخصيص استثمارات مراعية للتغذية، والقيام بتدخلات محدّدة الأهداف، ووضع سياسات وبرامج للحماية الاجتماعية لزيادة القدرة على تحمل تكلفة الأنماط الغذائية الصحية بشكل مستدام. ولبلوغ هذه الغاية، يعرض التقرير تجربة أرمينيا في ما يخص تدابير الحماية الاجتماعية المراعية للتغذية.
وأوضح السيد Fang قائلًا "إن المنافع المتأتية من نمط غذائي مغذي لا تطال الأفراد فحسب، وإنما أيضًا المجتمع برمته. كما يتحمل المجتمع بأكمله تكاليف نمط غذائي".
وعلى العموم، فإن إجمالي التكاليف المرتبطة بالأنماط الغذائية الصحية أقل بكثير من تكاليف أنماط الاستهلاك السائدة حاليًا. فالبيانات المستقاة من المشاريع المنفذة في البلدان التي تمت دراستها تفيد أنه من المتوقع أن تنخفض تكاليف الصحة المباشرة وغير المباشرة بما يصل إلى 97 في المائة وأن تنخفض التكلفة الاجتماعية لانبعاثات غازات الدفيئة بنسبة تتراوح بين 41 و74 في المائة في حال تحوّل السكان إلى أنماط غذائية صحية. ويمكن لهذه المنافع أن تتزايد مع مرور الوقت بفضل الابتكار واعتماد تكنولوجيات جديدة تنطوي على ممارسات الزراعة الذكية مناخيًا.
ويشير السيد Rakhmanin قائلًا "يتيح لنا الزخم الناشئ عن الجائحة فرصة لإعادة التفكير، على سبيل الذكر لا الحصر، في نظمنا الغذائية والزراعية، وإحداث تحوّل من أجل تحسين الأغذية والتغذية بتكلفة أقل بالنسبة إلى البيئة. وتتيح لنا قمة الأمم المتحدة للنظم الغذائية، التي يعقدها الأمين العام للأمم المتحدة في خريف هذا العام، جميعًا فرصة ممتازة لمعالجة
هذه المسألة الهامة".
يمكن الاطلاع على تقرير نظرة إقليميـة عامة حول حالة الأمن الغذائي والتغذية في أوروبا وآسيا الوسطى لعام 2020 – أنماط غذائية صحيّة ميسورة الكلفة لتعزيز الصحة ومعالجة جميع أشكال سوء التغذية على الإنترنت باللغتين الإنجليزية والروسية.
