الوكالات العالمية تدعو إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتجنُّب استنزاف المياه الجوفية بلا رجعة
صدور "رؤية جديدة وإطار عالمي للعمل" حول حوكمة شؤون المياه الجوفية
10 إبريل|نيسان 2015، دايغو، كوريا الجنوبية / روما / واشنطن العاصمة -- دعا كل من "الفاو"، و"اليونسكو"، والبنك الدولي، ومرفق البيئة العالمي (GEF)، والرابطة الدولية لعلماء الهيدرولجيا (IAH)، إلى اتخاذ إجراءات على صعيد المجتمع الدولي لمعالجة النضوب المتزايد على نحو خطير والتدهور المتواصل لموارد المياه الجوفية المحدودة على ظهر الكوكب.
وقبيل اجتماعات منتدى المياه العالمي السابع في كوريا الجنوبية 17-12) إبريل|نيسان)، اقترحت المنظمات الخمس جملة مبادئ يمكن للحكومات أن تطبّقها من أجل النهوض بإدارة المياه الجوفية. ومن هذا المنظور تمثل "الرؤية العالمية المشتركة لعام 2030: الإطار العالمي للعمل" دعوة جريئة لتدابير جماعية من قبل الحكومات والمجتمع الدولي بغية ضمان الاستخدام المستدام للمياه الجوفية.
ومنذ فترة بعيدة ظلت حوكمة شؤون المياه الجوفية محل إهمال من جانب السياسات، مما تمخض عن تدهور واستنزاف هذا المورد الحيوي. وعلى مدى نصف قرن تضاعفت عمليات سحب المياه الجوفية العالمية ثلاث مرات، في حين أن أكثر من ربع كميات السحب الحالية غير قابلة للاستدامة. وإذ يهدد تلوث المياه الجوفية البشر والبيئة على نطاق واسع اليوم تعاني معظم طبقات المياه الجوفية في المناطق الحضرية من مشكلات الصرف الصحي، بينما تتعرض طبقات المياه الجوفية الساحلية إلى تسرب المياه المالحة... ناهيك عن أن التلوث الصناعي والمبيدات الحشرية والأسمدة تتسرب أيضاً إلى أرصدة المياه الجوفية.
وتتوزع أرصدة المياه الجوفية المتجددة على نحو غير متكافئ بين الأقاليم والمناطق، في حين تتعرض بعض المناطق القليلة الأمطار طبيعياً، إلى الخطر أكثر من غيرها. وفي أجزاء كبيرة من الصين والهند وباكستان وبنغلاديش وإيران والولايات المتحدة والمكسيك وأوروبا، بلغت كثافة سحب المياه الجوفية ذروتها بالفعل، مما يهدد بنضوب احتياطيات المياه العذبة في وقت تعد فيه الأرصدة الطبيعية المختزنة للمياه الجوفية حاسمة للحفاظ على الأمن المائي وللتأقلم مع التقلبات المناخية.
وقال الخبير جُنيد أحمد، كبير مدراء مجموعة البنك الدولي للممارسات المائية العالمية، أن "البشرية سعت منذ قديم الأزل إلى الحصول على المياه من التربة... حيث انتقلنا من مجتمعات القرى المقامة حول الآبار، إلى المدن والبُنى الصناعية المقامة حول طبقات المياه الجوفية". وأضاف، "وإذ تعلمنا كيف نحفر آبار أعمق من أي وقت مضى، وكيف نضخ كميات أكبر باستمرار من ذي قبل بل وأن نحوّل الصحارى إلى سلال لإنتاج الخبز... لم نأبه برفع معدل إعادة تكوّن أرصدة المياه في الطبقات الجوفية؛ ولذا لا ينبغي لنا أن نفاجأ عندما نجد الآبار جافة. وبقدر ما استثمرنا في المضخات والمحاصيل، فالآن علينا أن نستثمر في حوكمة موارد المياه الجوفية".
ولا غنى عن المياه الجوفية للحد من انتشار الفقر وتحقيق الازدهار المشترك... سواء كمورد يتيح أكثر من ثلث الإمدادات البلدية والصناعية، أو كمصدر يغطى احتياجات نحو 40 في المائة من الزراعة المروية على سطح الكوكب. وتملك المياه الجوفية إمكانية توفير مصدر محسن لمياه الشرب، للملايين من سكان الريف والحضر الفقراء. كما تعتمد أعداد ضخمة من المزارعين الفقراء وأسرهم على مواردها لري محاصيلهم وتوفير سبل معيشتهم.
لذا، تشكّل "الرؤية العالمية المشتركة لعام 2030: الإطار العالمي للعمل" إطاراً عاماً مواتياً بما يتضمنه من مبادئ توجيهية لتدابير منسقة بين الحكومات والمنظمات.
وذكر الخبير ناوكو إيشي، الرئيس التنفيذي ورئيس مرفق البيئة العالمي (GEF)، أن "الإدارة المستدامة للمياه الجوفية هي مفتاح الحفاظ على النظم البيئية والتكيف إزاء تغير المناخ"؛ وأضاف "ولم يعد بالوسع الآن أن نتخذ هذا المصدر غير المرئي ولكن الحيوي كأمر مسلم به. فثمة ضرورة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان توافره على المدى الطويل. ونحن نتطلع إلى التكاتف مع الوكالات الشريكة والبلدان، لضمان أن تملك الأجيال القادمة مياهاً للشرب، ولإنتاج الغذاء، وتلبية متطلبات المدن والطاقة والاستخدامات الصناعية".
وكاستجابة لإلحاحيّة الوضع الراهن، وأيضاً كثمرة لأربع سنوات من المشاورات فيما بين أصحاب الشأن لدى أكثر من 100 بلد، تركز هذه المبادئ على الأطر القانونية والمؤسسية والسياسات والخطط، فضلاً عن هياكل المعلومات والمحفِّزات للإدارة الفعالة والسليمة لموارد المياه الجوفية.
في نفس الوقت، تشير المبادئ الجديدة في ذاتها إلى تعزُّز التعاون بين مؤسسات المجتمع الدولي... بغية الإحاطة بالمعوقات التي تحول إلى اليوم دون الإدارة المحسنة لموارد المياه الجوفية والعمل على معالجة التحديات الإقليمية الرئيسية للبلدان والمناطق.
وأكد د. مجاهد عاشوري، مدير شعبة الأراضي والمياه لدى منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "فاو"، أن "الحاجة تمس إلى العمل الجماعي والمنسق لحماية طبقات المياه الجوفية وإطالة عمرها". وحذر من أن "تكلفة التقاعس عن العمل يمكن أن تصبح هائلة"، مضيفاً أن "الرؤية وإطار العمل هما دعوة ملحّة موجهة إلى صنّاع القرار، من أجل المباشرة الآن واختطاط السياسات الملائمة والمساعدة على بلوغ الأهداف المشتركة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية على الصعيد العالمي".
وصرح المدير العام لمنظمة "اليونسكو" السيدة إيرينا بوكوفا، بأن "حوكمة المياه الجوفية لكي تصبح واقعاً ملموساً، لا بد من تعزيز التعاون بين البلدان ولا سيما فيما يخص طبقات المياه الجوفية العابرة للحدود".
