التعليق على الصورة: ستحدّد الأشهر المقبلة مدى قدرة المنتجين الريفيين على مواصلة الإنتاج خلال فصل الشتاء وحتى الموسم المقبل.
©FAO/Anastasiia Borodaienko
كييف - مع استمرار الحرب، يواجه العديد من المزارعين والأسر الزراعية الريفية في أوكرانيا صعوبة في الوصول إلى أراضيهم بسبب الألغام والافتقار إلى الموارد المالية اللازمة لشراء المدخلات الزراعية التي يحتاجون إليها. وتُحذّر منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) من أنّه من دون دعم عاجل ومستمر، قد لا تتمكن آلاف الأسر الريفية من الزراعة أو الحصاد في الوقت المحدد، مما يُهدد الأمن الغذائي الوطني وسبل العيش الريفية. وهناك حاجة ماسة إلى دعم عاجل لمساعدة هذه الأسر على الوصول الآمن إلى حقولها والحصول على موارد الإنتاج الأساسية مثل البذور والأسمدة ومرافق التخزين والطاقة.
وتتطلب تلبية احتياجات المجتمعات الريفية في أوكرانيا أكثر من مجرد مساعدة طارئة، لا بل استجابة مستدامة وجيّدة التنسيق لدعم النظم الزراعية والغذائية. وستحدد الأشهر المقبلة مدى قدرة المنتجين الريفيين على مواصلة الإنتاج خلال فصل الشتاء وحتى الموسم المقبل.
وفي جميع أنحاء البلاد، لا تزال الأسر المعيشية الريفية التي يترأس كبار السن أو ربات البيوت الكثير منها، تعتمد على الزراعة لتأمين قوتها. ويقوم أفرادها بزراعة الخضروات، ورعاية بقرة واحدة أو مجموعة صغيرة من الدجاج، وزراعة قطع صغيرة من الأرض غالبًا تحت وابل القصف، من دون أن تتوفر لهم الكهرباء، ورغم الوصول المحدود إلى الأسواق والإمدادات. وما كان في السابق جزءًا روتينيًا من عمل هذه الأسر المعيشية، أصبح الآن عاملًا يهدد الحياة في بعض المناطق.
وصرّح السيد Rein Paulsen، مدير مكتب حالات الطوارئ والقدرة على الصمود في المنظمة، خلال زيارته الأخيرة لإقليم زابوريزكا في أوكرانيا: "مع استمرار تأثير الحرب على ملايين الأشخاص، تظل المجتمعات المحلية الريفية في الخطوط الأمامية من بين الأكثر ضعفًا والأقل استفادة من الدعم. وهذه الأسر تريد أن تكون قادرة على إعالة نفسها. وتريد البقاء في أراضيها. لذا يشكل الدعم الزراعي الطارئ وسيلة فعّالة لتمكينها من ذلك".
ووفقًا للتقييم السريع الرابع للأضرار والاحتياجات الذي أجرته حكومة أوكرانيا والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، تكبّد قطاع الزراعة في أوكرانيا خسائر وأضرارًا بلغت 83.9 مليارات دولار، بالإضافة إلى 1.6 مليارات دولار في قطاع الريّ. وتتحمل الأسر المعيشية الريفية وصغار المزارعين النصيب الأكبر من هذا التأثير، وقد اضطروا إلى التكيف مع هذا الوضع، إذ يواجهون تلوث الأراضي ونقص العمالة وارتفاع تكاليف المدخلات وانقطاع التيار الكهربائي. ولا تزال آلاف الأسر تفتقر إلى الأدوات الأساسية والمدخلات والخدمات اللازمة للحفاظ على إنتاجها وحماية سبل عيشها.
ومنذ عام 2022، قدّمت المنظمة الدعم إلى أكثر من 000 250 أسرة ريفية من خلال تزويدها ببذور للخضروات، وأعلاف للحيوانات، وصيصان عمرها يوم واحد، ومساعدات نقدية، وقسائم. وتلقّى أكثر من 000 15 مزارع بذورًا للمحاصيل، ومرافق تخزين مؤقتة، ومساعدة مالية. كما عملت المنظمة مع شركائها لمسح الأراضي المزروعة بالألغام، واستعادة إمكانية الوصول إلى الحقول الزراعية، ودعم النظم الوطنية للرصد والتعافي.
وعلى الرغم من حجم المساعدة التي جرى تقديمها بالفعل، لا تزال هناك حاجة إلى المزيد، إذ إن العديد من الأسر الريفية معرضة لخطر التخلّف عن الركب. وستبقى قدرتها على الزراعة والحصاد والتعافي هشة ما لم يقدّم لها دعم مستدام.
وأكّد السيد Paulsen قائلاً: "هذا العمل لا غنى عنه مطلقًا. فالزراعة هي نسيج المجتمع الريفي. وهي ليست مجرد وسيلة لكسب العيش، وإنّما أسلوب حياة. والأسر الريفية الضعيفة متمسكة بأراضيها. وهي بحاجة إلى الدعم ليس فقط للبقاء على قيد الحياة، وإنما أيضًا للازدهار وإعادة البناء."
ولا يزال نقص التمويل يحدّ من التنفيذ الكامل لخطة المنظمة بشأن الاستجابة لحالات الطوارئ والتعافي المبكر للفترة 2025-2026. وتدعو المنظمة، في ظل القيود التمويلية العالمية، الجهات المانحة والشركاء إلى مضاعفة الدعم لأسر المزارعين في أوكرانيا، إذ إنّ دورها بالنسبة إلى الأمن الغذائي الوطني والاقتصادات المحلية والتعافي على الأمد الطويل أمر لا غنى عنه.
وتواصل المنظمة تقديم مساعدات محددة الأهداف بالتنسيق الوثيق مع السلطات الوطنية والشركاء لضمان تعافي النظم الزراعية والغذائية وسبل العيش الريفية في أوكرانيا، وتكيفها والحفاظ على قدرتها على الصمود حتى في أحلك الظروف. وتُكثّف المنظمة في الوقت نفسه جهودها في مجال الدعوة لضمان بقاء احتياجات المجتمعات المحلية الريفية واضحةً وقائمةً على أولويات جدول الأعمال الدولي.
Viktoriia Mykhalchuk أخصائية الاتصالات بشأن أوكرانيا - منظمة الأغذية والزراعة (+38) 098 605 5061 [email protected]