شاهد السيد Dandakoye الأراضي المحيطة بقريته وهي تتدهور بالكامل على مدى عقدين من الزمن. وشهد اختفاء الغطاء النباتي والحياة البرية. وحين وصلت آلية إصلاح الغابات والمناظر الطبيعية التي تنفذها منظمة الأغذية والزراعة إلى مجتمعه المحلي، أصبح رئيس اللجنة الهادفة إلى تنفيذ الحلول. ©FAO
شهد السيد Dandakoye، وهو في الثانية والخمسين من العمر ومتزوج ولديه سبعة أطفال، تغييرات مدمرة طرأت على الأراضي المحيطة بقريته ساكي كوارا تيغي. وهي تقع في الإقليم الغربي من النيجر وتحتضنها مستجمعات المياه في هضبة غورو تايا الواقعة في بلدة كولو الحضرية.
وكانت هذه المنطقة قبل نحو 25 عامًا موطنًا لغابات ومراعٍ وافرة. ويقول السيد Dandakoye مستذكرًا: "كانت هذه الهضبة تمثل العصر الذهبي لسعة العيش في مجتمعنا المحلي. وكنت، حالي حال السكان الآخرين في قرية ساكي كوارا تيغي، أحصل على الفواكه والأعشاب الصالحة للأكل وحطب الوقود والبيض والأخشاب والصمغ العربي واللحوم البرية من هذه المنطقة". وكانت الغابة في ذلك الوقت مأوى للزرافات والظباء والدجاج الحبشي والورل والأرانب البرية والسناجب ولطيف واسع من الطيور المتنوعة.
وخلال بضع سنوات، كانت الآثار المدمرة الناجمة عن تغير المناخ والأنشطة البشرية الجائرة قد استنزفت النظم الإيكولوجية كالنار في الهشيم، ووجد السيد Dandakoye وأفراد مجتمعه أنفسهم في أرض متدهورة خلت من الغطاء النباتي والحياة البرية. وما زاد الطين بلة، أنه بعد زوال الأشجار والنباتات التي تحافظ على التربة، رأى تهديدًا إضافيًا محدقًا بقريته يتمثل في تآكل التربة بفعل المياه والرياح.
وقد سببت هذه التغيرات انخفاضًا شديدًا في الإنتاج الزراعي والحيواني في مجتمعه المحلي. وانطلاقًا من قلقه من هذا الوضع، كان يطرح الموضوع في كل اجتماع ينعقد على مستوى القرية والبلدة، أملًا منه في أن يجد في أحد الأيام حلًا من أجل عكس هذا الاتجاه.
وفي عام 2018، وصلت آلية إصلاح الغابات والمناظر الطبيعية التي تنفذها منظمة الأغذية والزراعة إلى مجتمعه المحلي واختارته رئيسًا للجنة الإدارة تقديرًا لدأبه على إيجاد الحلول.
وقامت المنظمة بتدريبه هو وأعضاء آخرين في اللجنة على تقنيات إصلاح الأراضي، مثل حفر أشكال هلالية في التربة من أجل حفظ مياه الأمطار؛ وغرس البذور والأشجار؛ وإدارة استخدام المجتمع المحلي للموارد الطبيعية.
وتشكل هذه الأنشطة جزءًا من مبادرة الجدار الأخضر العظيم، وهو البرنامج الرئيسي في أفريقيا الهادف إلى مكافحة تغير المناخ والتصحر ومعالجة انعدام الأمن الغذائي والفقر. وهي تسعى إلى رسم فسيفساء من المناظر الطبيعية المنتجة في أرجاء شمال أفريقيا والساحل والقرن الأفريقي.
تعلّم المجتمع المحلي، بفضل توجيهات منظمة الأغذية والزراعة، تقنيات إصلاح الأراضي. وقد ساعدت هذه التقنيات، مثل حفر أشكال هلالية في التربة من أجل حفظ مياه الأمطار، على إعادة الغطاء النباتي والحياة البرية إلى المنطقة. الصورة إلى اليسار: ©Artisan Prod. الصورة إلى اليمين: ©Souleymane Bokoye
وفي الفترة السابقة لمشروع المنظمة والعمل على استصلاح الأراضي في المنطقة، أطلق السيد Dandakoye حملات توعوية وحملات إعلامية ضمن مجتمعه المحلي بغية إبراز أهمية الغابات وإصلاح المناظر الطبيعية والمنافع المحتملة التي تنطوي عليها.
وقام بعدها بحشد ما يربو على 500 1 فرد من مجتمعه المحلي من أجل المشاركة في أنشطة غرس البذار والزراعة المنفذة في ظل برنامج "النقد مقابل العمل" التابع لمنظمة الأغذية والزراعة. وقد زرع المجتمع المحلي الأعشاب العلفية في هذه المنطقة وغرس الأشجار، مثل شجر العناب والباوباب والنخيل والصمغ، التي تدر منتجات من أجل الاستخدام والاستهلاك البشريين. وجرى استعادة ما مجموعه 213 هكتارًا في 77 يومًا بقيادته، مما وفر للمزارعين دخلًا إجماليًا يقدّر بمبلغ 000 66 دولار أمريكي.
ويشرح السيد Dandakoye قائلًا: "إنّ النساء والرجال في قريتي مسرورون بالعمل على إصلاح الهضبة إدراكًا منهم للمنافع التي ستعود عليهم عندما تعود الأمور إلى طبيعتها كما كانت عليه في الماضي".
نتائج استثنائية
أفضت تلك الإجراءات إلى إحياء المناظر الطبيعية وعادت الحيوانات والنباتات إلى بيئتها.
ولم يصدّق السيد Dandakoye عينيه حين رأى الحياة البرية تعود من جديد. ويقول: "لم أتخيل أنه سيكون من الممكن في أحد الأيام أن نعيش مجددًا في عجائب الماضي"، متأملًا بإعجاب الهضبة التي عادت خضراء وزاخرة بالحيوانات والأشجار المثمرة والأعلاف. ويقول: "إنها الآن قرّة عيني أكثر مما كانت عليه في السابق".
ووظفت لجنة الإدارة حارسًا من أجل الحرص على أمن الموقع وحمايته من قطع الأشجار غير القانوني والحيوانات المخرّبة التي تجتاح المنطقة. ويزور الحارس المنطقة المستصلحة فجر كل يوم تحت إشراف السيد Dandakoye ويتجول في محيطها.
يجري توزيع المنافع العائدة عن المنطقة المستصلحة بالتساوي بين أفراد المجتمع المحلي، مما شجع الجميع على المشاركة. ©Artisan Prod
تشاطر المنافع
قامت منظمة الأغذية والزراعة أيضًا بتوفير التدريب على الحفاظ الدائم على المنطقة المستصلحة كما وفّرت الآلية المؤدية إلى تشاطر المنافع الناجمة عنها بصورة منصفة، مما يحفّز مشاركة المجتمع المحلي.
وتقسّم موارد المنطقة إلى أربعة أقسام. فيقدّم القسم الأول إلى مجلس بلدية كولو الحضرية. ويُستخدم القسم الثاني للحفاظ على المنطقة؛ في حين يُخصص القسم الثالث من أجل عمل لجنة الإدارة ويوزع القسم الرابع على المجتمع المحلي.
ويجري توزيع المنافع العائدة عن المنطقة المستصلحة بالتساوي بين أفراد المجتمع المحلي من دون تمييز، ويحرص السيد Dandakoye على أن تنفذ جميع الإجراءات بشفافية وإنصاف. وهو يقول: "لقد شجع هذا النهج جميع أفراد المجتمع المحلي على المشاركة في تأمين المنطقة واستدامتها تمامًا كما حقولهم أو مواشيهم".
وقد كسب السيد Dandakoye المال من هذه الأنشطة حاله حال الأفراد الآخرين في المجتمع المحلي، واستخدمه في شراء الأغذية والملابس لعائلته وتسديد ثمن مستلزمات مدارس أطفاله ورسومها. وعلاوة على الدخل الذي يتلقاه، فهو يتشاطر الأغذية التي ينتجها هذا الموقع مع الآخرين.
ويريد السيد Dandakoye أن يؤمّن الموقع ويديم الاستثمارات بالتعاون الوثيق مع السلطات الإدارية المحلية والزعماء العرفيين والدينيين في المنطقة ومع بلدة كولو الحضرية.
ونظرًا إلى المنافع التي تدرها الغابة المستصلحة، يعتزم السيد Dandakoye استخدام جميع الوسائل من أجل الحفاظ عليها وحمايتها لما فيه صالح أجيال الحاضر والمستقبل.
وتواصل منظمة الأغذية والزراعة العمل مع المجتمعات في جميع أنحاء النيجر ومنطقة الجدار الأخضر العظيم، وهي موطن لما يزيد عن 230 مليون شخص، على إصلاح الأراضي المتدهورة وتوفير الدخل للمجتمعات المحلية. وبغية تحقيق أهداف مبادرة الجدار الأخضر العظيم، يتعين إصلاح 10 ملايين هكتار كل عام لغاية عام 2030. ويمكن لذلك أن يتحقق عند مشاركة المجتمعات المحلية وبذل الاستثمارات من جانب القطاعين العام والخاص.
للمزيد من المعلومات
الموقع الإلكتروني: الملامح القطرية لمنظمة الأغذية والزراعة: النيجر
الموقع الإلكتروني: آلية إصلاح الغابات والمناظر الطبيعية: النيجر (باللغتين الإنكليزية والفرنسية)
شريط فيديو: إصلاح الغابات والمناظر الطبيعية في الساحل: النيجر مثالًا (باللغة الفرنسية فقط)