هل تعلمون أن البيض هو من أكثر الأغذية المسبّبة للحساسية؟ وقد وضع الدستور الغذائي قائمة بالأغذية أو المكونات التي يتعين ذكرها على الغلاف. ©FAO/Cristiano Minichiello
لدى معظمنا علاقة ودية مع الأغذية، بل وحتى علاقة حب معها. فهي تغذّينا وتقوّينا، بل وتجعلنا سعداء أيضًا. ولكن بين الحين والآخر، يوجد نوع واحد من الأغذية أو مجموعة من الأغدية التي تصبح عدوًا لنا، من دون أي خطأ من جانبنا. ويسبّب لنا هذا النوع من الأغذية طفحًا جلديًا، أو يشعرنا بتوعك، أو يودي بنا إلى الوفاة في بعض الحالات القصوى. ويمكن أن تغيّر حالات الحساسية الغذائية أو حالات عدم تحمل الأغذية علاقتنا بالأغذية من علاقة فرح إلى علاقة خوف.
وهذه مسألة عالمية. فقد أصبحت الحساسية الغذائية أكثر شيوعًا في البلدان حول العالم. وفي البلدان المتقدمة، يتزايد انتشار الحساسية الغذائية، وهو ما يؤثّر على حوالي 10 في المائة من السكان. وفي البلدان النامية، التي لم تكن تشهد من قبل حالات من الحساسية الغذائية على نطاق واسع، ارتفع عدد حالات الحساسية الغذائية المبلّغ عنها بشكل واضح.
ويشكّل تحديد مسبّبات الحساسية "ذات الأولوية" وفرض توسيمها على نحو ملائم جزءًا مهمًا من عمل
هيئة الدستور الغذائي، وهي هيئة تابعة لكل من منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية مخصّصة لوضع مواصفات دولية لسلامة الأغذية وجودتها. وفي عام 1999، وضعت هيئة الدستور الغذائي قائمة بالأغذية أو المكوّنات التي ينبغي ذكرها على بطاقات توسيم الأغذية. ومسبّبات الحساسية "ذات الأولوية" هذه هي التي تسبّب حالات الحساسية لدى السكان في جميع أنحاء العالم وتؤدي إلى ردود فعل ملحوظة حتى عند تناولها بكميات صغيرة.
وتعكف المنظمة ومنظمة الصحة العالمية الآن على استعراض التطورات العلمية الجديدة في مجال مسبّبات الحساسية في الأغذية من أجل ضمان تحديث مواصفات الدستور الغذائي وتوجيهاته.
فيما يلي خمسة أشياء ينبغي معرفتها عن مسبّبات الحساسية في الأغذية:
1- الحساسية الغذائية هي استجابة غير طبيعية لجهاز المناعة.
تحدث الحساسية الغذائية عندما يؤدي التعرض لأغذية معيّنة إلى استجابة غير طبيعية لجهاز المناعة. ويمكن أن تحدث التفاعلات التحسسيّة بسرعة، وذلك في غضون بضع دقائق من استهلاك الأغذية أو التعرض لها، أو أنّ ظهورها قد يستغرق عدة ساعات. ولا يمكن التنبؤ بالتفاعلات التحسسيّة التي تتراوح أعراضها من طفح جلدي موضعي خفيف إلى استجابة تحسسيّة شديدة. أما حالات عدم التحمل، مثل عدم تحمل اللاكتوز، فتختلف عن رد الفعل المناعي غير الطبيعي الناجم عن حالة من الحساسية. ولهذا السبب، يتم التعامل معهما كفئتين منفصلتين.
ومع أنّه من المعروف أن بعض حالات الحساسية الغذائية في سن الطفولة تختفي بمرور الوقت، إضافة إلى تحقيق بعض النجاحات في دراسات إزالة الحساسية، فإنه لا يوجد علاج للحساسية الغذائية. وتبقى الوقاية الحلّ الوحيد.
تحدث الحساسية الغذائية عندما يتسبب غذاء معيّن في استجابة غير طبيعية لجهاز المناعة. وتسبّب عادة القشريات والفول السوداني الحساسية، وينبغي ذكر وجودها في الأغذية المعبأة مسبقًا. الصورة إلى اليسار: ©FAO/Miguel Rioppa، الصورة إلى اليمين: ©FAO/Pius Ekpei
2- بعض أنواع الحساسية الغذائية أسوأ من غيرها
إن مسبّبات الحساسية ذات الأولوية التي حدّدها الدستور الغذائي هي الأغذية أو المكونات التي تسبّب الحساسية لدى فئات سكانية متعدّدة حول العالم، ومن المرجح أن تثير ردود فعل تحسسيّة شديدة، حتى عند تناول كميات صغيرة منها.
وتشمل مسبّبات الحساسية هذه "العناصر الثمانية الأهم" أي الحليب والبيض والأسماك والقشريات الرخوية وأشجار الثمار الجوزيّة والفول السوداني والقمح وفول الصويا، إضافة إلى الكبريتيت (بمعدلات تركيز تعادل 10 ملغ/كلغ أو أكثر). وفي الولايات المتحدة، تشكّل "العناصر الثمانية الأهم" حوالي 90 في المائة من جميع حالات الحساسية الغذائية.
وتتّبع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا واليابان وأستراليا ونيوزيلندا جميعها توصيات الدستور الغذائي وتفرض توسيمًا إلزاميًا على مسبّبات الحساسية هذه في الأغذية المعبأة مسبقًا.
3- انتشار الحساسية الغذائية يختلف من بلد إلى أخرى
ترتبط الحساسية الغذائية بالأنماط الغذائية وعادات استهلاك الأغذية. وبالتالي، يمكن أن يختلف انتشار بعض أنواع الحساسية الغذائية من بلد إلى آخر أو من منطقة إلى أخرى. وممّا لا شك فيه أن إدخال أغذية جديدة يؤدي إلى ظهور أنواع جديدة من الحساسية.
على سبيل المثال، أُدخلت فاكهة الكيوي لأول مرة إلى اليابان في ستينات القرن الماضي. وفي الوقت الحاضر، وفقًا لآخر الاستقصاءات، فإن فاكهة الكيوي هي أحد أكبر عشرة أغذية مسبّبة للحساسية في البلاد.
ومع أن الدستور الغذائي قد وضع قائمة دولية بالأغذية أو المكونات التي ينبغي دائمًا ذكرها في بطاقة التوسيم، قد لا تأتي هذه القائمة بالضرورة على ذكر جميع مسبّبات الحساسية في الأغذية التي تؤثّر على فئات سكانية معيّنة. وينبغي للبلدان البحث في سياقاتها الوطنية عن الأغذية المعبأة مسبقًا التي ينبغي توسيمها والكمية الضارة لمسبّبات الحساسية في الأغذية، مع مراعاة العادات الغذائية للبلد.
يساعد الدستور الغذائي البلدان، من خلال إعداد خطوط توجيهية للتوسيم قائمة على العلم، على حماية المستهلكين وضمان ممارسات عادلة في التجارة. ©FAO/Alessandro Penso
4- يمكن أن تساعد النظافة والفحوص المخبرية على الحدّ من مستويات مسبّبات الحساسية في الأغذية والكشف عنها
في معظم الحالات، تشكّل بروتينات محدّدة موجودة في بعض الأغذية سبب المشكلة بالنسبة إلى المستهلكين الذين يعانون من الحساسية. ويمكن أن تكون هذه البروتينات موجودة بشكل طبيعي أو قد تتغيّر في مرحلة التجهيز، على غرار تحميص الفول السوداني الذي يغيّر تركيبة بعض بروتيناته. وإضافة إلى ذلك، قد تكون هذه البروتينات جزءًا من الغذاء نفسه أو أنها قد تظهر بسبب انتقال أحد مسبّبات الحساسية.
ويوصي الدستور الغذائي باتّباع ممارسات النظافة الجيّدة للحدّ بشكل فعال من مخاطر انتقال مسبّبات الحساسية إلى الحد الأدنى. ويشكّل استخدام مجموعة أدوات الفحوص المخبرية وسيلة جيّدة أخرى يمكنها الكشف عن مستويات منخفضة جدًا من البروتينات المسبّبة للحساسية في معظم المنتجات الغذائية. وتمكّن مجموعة الأدوات هذه مصنّعي الأغذية من التأكد بسرعة من نظافة معدّات تجهيز الأغذية بشكل مناسب، مع أن الاستخدام الأمثل لهذه الأدوات يجري على يد فنيين مدرّبين.
5- بطاقات توسيم الأغذية والعناية الواجبة تحمي المستهلكين الذين يعانون من الحساسية
وضعت هيئة الدستور الغذائي "مدونة ممارسات لإدارة الأغذية المسببة للحساسية لمشغلي الأعمال التجارية الغذائية" من أجل تقليل مخاطر انتقال مسبّبات الحساسية إلى حدها الأدنى. ومع ذلك، ورغم بذل أقصى الجهود، قد تبقى مسبّبات الحساسية في الأغذية موجودة عن غير قصد في بعض الأغذية. ومن الأمثلة الجيّدة على ذلك تصنيع الشوكولاته السوداء في خط إنتاج يصنع أيضًا شوكولاته بالحليب. فمن الصعب للغاية إزالة جميع آثار منتجات الألبان. وينبغي استخدام عبارة "قد تحتوي على الحليب" أو عبارة مماثلة من هذا القبيل من أجل تنبيه المستهلكين الذين يعانون من الحساسية بأن المنتج غير مناسب لهم.
وتعمل هيئة الدستور الغذائي على إتاحة توجيهات دولية بشأن هذه البيانات التحذيرية الخاصة بمسبّبات الحساسية؛ ومع ذلك، ينبغي للمستهلكين الذين يعانون من الحساسية التحقق بعناية من بطاقات توسيم المنتجات الغذائية والتنبه إلى هذه الأنواع من البيانات من أجل اتخاذ خيارات غذائية آمنة.
كما أن تنظيم بطاقات توسيم مسبّبات الحساسية في الأغذية أمر فعال ويوفّر منتجات غذائية تجارية آمنة حتى للأفراد الذين يعانون من الحساسية. وفي الوقت الحاضر، تطبق العديد من البلدان أنظمة خاصة بتوسيم مسبّبات الحساسية في الأغذية، ولكنّ نهجها يعتمد إلى حد كبير على السياق الوطني. ومن خلال وضع خطوط توجيهية للتوسيم وإعداد مدونات الممارسة بشأن إدارة مسبّبات الحساسية في الأغذية، يساعد الدستور الغذائي البلدان على حماية المستهلكين وضمان ممارسات عادلة في التجارة.
للمزيد من المعلومات:
الموقع الإلكتروني: الدستور الغذائي
المطبوع: الحساسية الغذائية: عدم ترك أحد خلف الركب (بالإنكليزية)
الموقع الإلكتروني: منظمة الأغذية والزراعة وسلامة الأغذية وجودتها