Food and Agriculture Organization of the United NationsFood and Agriculture Organization of the United Nations

الفريكة: الطبق القديم الذي يشكل القوة الدافعة لمستقبل النساء الريفيات في لبنان


القمح الأخضر يحوّل النساء في قلب سهل البقاع إلى رائدات أعمال

Share on Facebook Share on X Share on Linkedin

تقوم النساء اللبنانيات بحصد القمح الأخضر وحرقه من ثمّ لتحويله إلى طبق لذيذ يعرف بالفريكة. وتساهم إعادة إدخال هذه الحبوب التقليدية المغذية إلى أنماطهنّ الغذائية في إتاحة فرص اقتصادية جديدة لهنّ في منطقة تستشري فيها البطالة. © Women of Deir al-Ahmar Association

11/04/2023

مة حبوب غذائية مميزة ومغذية تولد من النار. ويسميها البعض "الفَريك" أو "فريك" ولكنّ اسمها الحقيقي هو "الفريكة"، وهي كلمة مشتقة من فعل "فرك" في اللغة العربية ومعناه "جرش".

وتقوم السيدة نورما قُزَح رحمة وابنتاها التوأم، مثلهن مثل غيرهن من المزارعات في سهل البقاع اللبناني، بحصاد هذا القمح القاسي قبل أن ينضج بالكامل. وتقمن بتكديسه وتجفيفه تحت الشمس، ومن ثم تشعلن النار عليه بعناية لكي تحترق الأعواد والقشور فقط.

وتسمح نسبة الرطوبة العالية في البذور اليافعة لهذه الأخيرة بأن تتحمل النار وتتحوّل بعد جرشها جرشًا شديدًا إلى حبوب خضراء  لذيذة ذات طعم مدخّن: إنها "الفريكة".

وتشكّل هذه الحبوب التي هي من أحد المكونات القديمة في المأكولات المشرقية ومنطقة شمال أفريقيا والتي لا تزال تحظى بشعبية كبيرة في العديد من بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط، المكون الأمثل لإعداد أطباق الأرزّ البخاري والمقليات والريزوتو والشورباء أو لخلطها ببساطة مع الدجاج والسمك وغيرها من أنواع اللحوم.

وقد شهد سهل البقاع الذي كان في أحد الأيام صومعة قمح الإمبراطورية الرومانية، طفرة جديدة في الآونة الأخيرة في زراعة الفريكة في حقوله، ويعود ذلك جزئيًا إلى مجموعة من النساء الريفيات اللواتي أدركن قيمتها التغذوية والثقافية والاقتصادية.

بدعم من حكومة كندا ووزارة الزراعة اللبنانية ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، تعلّمت النساء الريفيات في دير الأحمر كيفية زراعة القمح الأخضر وحصاده وشويه لتحويله إلى طبق الفريكة الشهير. © Women of Deir al-Ahmar Association

فرصة جديدة

لقد تشكلت رابطة سيدات دير الأحمر منذ أكثر من عقدين من الزمن عندما بدأ الوضع الاقتصادي يتأزم في المنطقة مع ارتفاع مستويات هجرة الشباب وتهميش دور المرأة في قطاع الإنتاج.

وأرادت الرابطة تحسين مستوى عيش النساء وأسرهن في بلدة دير الأحمر، على أمل المساعدة على تهيئة مزيد من الفرص الاقتصادية.

ووجدت الرابطة في الفريكة فرصة لتحقيق ذلك. ولإعادة إدخال هذه الحبوب إلى المنطقة، تعاونت الرابطة مع وزارة الزراعة اللبنانية من أجل تنظيم حلقات عمل لكي يتسنى للنساء تعلّم الطريقة التقليدية لتجهيز القمح الأخضر وإعداد طبق الفريكة منه.

ومن ثم عملت الرابطة على تطوير سلسلة الإنتاج على مراحل عدة وحصلت بفضل دعم منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة على المعدات اللازمة لشوي القمح الأخضر وتجهيزه وتعبئته.

وما فتئت الرابطة تتوسع سنة بعد سنة وتحاول تحسين جودة منتجاتها وكميتها، الأمر الذي جعل بلدة دير الأحمر وجهة مقصودة لتذوق الفريكة الشهية المعدة بطرق مبتكرة تشمل السلطات والحلوى.

وجدت النساء في دير الأحمر فرصة اقتصادية في إعادة إدخال الفريكة من أجل تحسين مستوى عيش الأسر في البلدة. © Women of Deir al-Ahmar Association

من الأرض إلى المائدة

بعد المشاركة في حلقة عمل تم تنظيمها في مركز رابطة سيدات دير الأحمر، قامت السيدة نورما قزح رحمة وابنتاها اللتان تساعدانها خلال العطل المدرسية، بزراعة الفريكة للمرة الأولى في حديقتهن المنزلية.

وتقول السيدة نورما: "أنا أدرك الآن قيمتها الاقتصادية والتغذوية... وسأزرع القمح بنفسي هذه السنة في أرضي الخاصة لإنتاج الفريكة لأسرتي ولبيع الفائض بما أن الطلب قوي الآن".

وتعدّ رابطة سيدات دير الأحمر واحدة من بين 255 مجموعة نسائية مستفيدة من مشروع منظمة الأغذية والزراعة الذي تموّله حكومة كندا لدعم التعاونيات والجمعيات والمجموعات النسائية غير الرسمية في القطاع الزراعي والغذائي في لبنان. وإن النساء الأعضاء في الرابطة ملتحقات في مدارس إدارة الأعمال التعاونية الزراعية ويحصلن على التدريب في مجال إدارة الأعمال والتجارة والتسويق والتواصل والمساواة بين الجنسين وغيرها من المجالات.

وبفضل هذا المشروع، أصبحت نساء ريفيات كثيرات في بلدة دير الأحمر الآن صاحبات مشاريع وأعضاء ناشطات في الرابطة. ولقد أتاح المشروع أيضًا غرفة زجاجية حديثة على مقربة من مركز الرابطة لكي تتمكن النساء فيها من تجفيف الفريكة وأنواع أخرى من الفاكهة والخضار.

وتقول السيدة منى عماد، وهي عضو في رابطة سيدات دير الأحمر: "قبل بنائها [الغرفة الزجاجية]، كنا نضطر إلى استئجار موقع أو مرآب لتجفيف الفريكة وحرقها، ولكن بفضل مساعدة منظمة الأغذية والزراعة، أصبحت العملية بكاملها أسهل بكثير".

ولا تقوم النساء الريفيات في لبنان اللواتي كن في غالب الأحيان مقيدات بالعمل المنزلي غير المأجور، بزراعة قمحهن فحسب، بل بتجهيزه وطهيه وبيعه أيضًا في المرافق التابعة لمركز الرابطة. وتأمل هذه الأخيرة في زيادة حجم إنتاج الفريكة وتحسين جودتها وسلامتها وإمكانية تسويقها.

وتقول السيدة قزح رحمة التي تعلّمت أيضًا كيفية إعداد وبيع المربى والمخللات والبرغل (القمح المجروش) والكشك التقليدي لإطعام أسرتها على مدار السنة :"يساعدني هذا العمل على دفع الأقساط المدرسية لابنتي وشراء الأدوية التي نحن بحاجة إليها. وأنا أشجع كل امرأة على زراعة القمح في أرضها".

وتضيف: "بهذه الطريقة يمكننا أن نواجه الأزمة الاقتصادية والشتاء القاسي عندما تقطع الثلوج الطرقات. وبفضل عملنا اليومي، نقوم بتحسين وضعنا الاقتصادي وتحقيق أمننا الغذائي".

روابط تتعلق بالموضوع

ومع أن المرأة في لبنان تمثل ما يصل إلى 43 في المائة من القوة العاملة الزراعية، إلا أن الاعتراف بدورها الهام في الزراعة لا يزال ضعيفًا في البلاد.

وتعمل منظمة الأغذية والزراعة على رفع مستوى الوعي حول المساواة بين الجنسين وبناء قدرات المجتمعات الريفية ومنظمات المزارعين.

ويهدف مشروع دعم التعاونيات والجمعيات النسائية في قطاع الإنتاج الزراعي والغذائي في لبنان الممول من حكومة كندا، إلى تمكين النساء الريفيات في لبنان وتحسين سبل عيشهن من خلال بناء القدرات والمنح والأموال النقدية مقابل العمل. 

لمزيد من المعلومات

الموقع الإلكتروني: الملامح القطرية: لبنان

الموقع الإلكتروني:  منظمة الأغذية والزراعة فى لبنان

موقع المشروع: دعم التعاونيات والجمعيات النسائية في قطاع الإنتاج الزراعي والغذائية في لبنان