يمكن لخيار البحر، عندما يستزرع بطريقة مستدامة، تعزيز التنوع البيولوجي وسبل العيش في زنجبار. ©الفاو /ناتالي كابينجا
الطحالب البحرية منتج ثمين بالنسبة إلى المستزرعين في زنجبار البالغ عددهم 000 25 مزارع الذين يعتمدون عليها والذين تشكل النساء 80 في المائة منهم. ولكن تغير المناخ يتسبب في ارتفاع درجات الحرارة، ما يؤدي إلى أضرار جسيمة تطال محيطاتنا. فارتفاع درجة حرارة المياه بات خطرًا حقيقيًا يتهدد إنتاج الطحالب البحرية، ويعيق نموها ويجعلها حساسة للبكتيريا. ولم يعد استزراع الطحالب البحرية، التي تجمعها تلك المستزرعات بهدف التصدير في أغلب الأحيان، عملا مزدهرًا.
ويكمن الخيار الوحيد المتاح في المجازفة في المياه الأبرد والأعمق بكثير، ولكن هنا يمكن للأعشاب البحرية أن تتضرر من التيارات القوية والسواد الأعظم من المزارعين لا يجيد السباحة. وهذا ليس العائق الوحيد الذي يعترض سبيل هؤلاء المستزرعين، فانخفاض الأسعار العالمية للطحالب البحرية جعلهم يعملون ست ساعات في اليوم ليكسبوا 000 1 شلن تنزاني فقط- أي ما يعادل 0.44 من الدولارات الأمريكية- للكيلوغرامين اللذين يتسنّى لهما جمعهما.
وبادرت المنظمة، سعيا منها إلى تذليل هذه الصعوبات، إلى إدخال شكل جديد من سبل العيش وتدريب النساء، اللواتي يتمتعن فعلا بمهارة العمل في المحيطات، على استزراع خيار البحر.
خيار البحر: غذاء شهي مربح
قد لا يكون خيار البحر من نوع Holothuria scabra حسن الشكل ولكنه يدر أرباحًا جمّة. فهذا النوع الرمادي من مغذيات الترشيح، يكسب المزارعين حاليا، رهنا بجودته، ما يصل إلى 100 دولار أمريكي للكيلوغرام الواحد بعد تجفيفه. وثمة طلب كبير عليه في السوق الآسيوية لأن أعداد خيار البحر المحلي تتناقص في شرق آسيا جراء تزايد تلوث المياه الضحلة. ونتيجة لذلك، تسعى الصين إلى استيراد هذا النوع من الأغذية الشهية.
ويكتسي خيار البحر أهمية من نواحٍ أخرى أيضا. فقد اكتشف العلماء أنه يحتوي على مركبات حيوية نشطة يمكن استخدامها لأغراض طبية. وبالإضافة إلى ذلك، كان لخيار البحر أيضا أهمية محورية في الأبحاث المتعلقة بالطريقة التي يمكن بها لميكروبيوم الجهاز الهضمي للكائنات البحرية تعزيز تجديد الخلايا المعوية وإفادة جهاز المناعة. فالميكربيوم يتكون من مجموعة من الميكروبات، بما فيها الباكتيريا والفيروسات والفطريات، التي تضطلع بدور رئيسي في الحفاظ على صحة الأمعاء.
وتطوي هذه المخلوقات الصغيرة أيضا على منافع بيئية. فهي إذا ما استزرعت بطريقة مستدامة، يمكنها تعزيز التنوع البيولوجي في المنطقة، ذلك أنها تمتص المواد الميتة والمرتجعة من قاع البحر وتطرحها، وهي عملية حيوية لاستمرار سلامة الأعشاب البحرية والشعاب المرجانية؛ ما يكتسي أهمية بالغة للسياحة البيئية.
يسار: خيار البحر غير الجذاب ولكن المربح. يمين: خبراء المنظمة يعلّمون عددًا من النساء والرجال المحليين كيفية استزراع خيار البحر بطريقة مستدامة. الصورتان: © الفاو / كريستابل كلارك
كائنات في المتناول ومنخفضة الصيانة
يمكن للمستزرعين جمع صغار خيار البحر، التي تنمو عن طريق عملية الفقس، ووضعها في حظائر محمية حيث يتم رعايتها حتى تصبح كبيرة الحجم بما يكفي لجمعها. وما يجعل استزراع هذه الكائنات في المتناول هو أنها منخفضة الصيانة نسبيا، فطالما يكون العمق والموقع مناسبين، تكون آمنة في الحظائر وبمنأى عن المفترسات.
وأتاحت المنظمة، سعيا منها إلى مساعدة المجتمعات المحلية على اغتنام هذه الفرصة، دعمًا فنيًا ودورة تدريبية في تربية الأحياء المائية وتكنولوجيا الاستزراع من خلال منشأة التفقيس البحرية في زنجبار. وعلى مدى ثلاثة أيام، التحق 60 من مستزرعي الطحالب البحرية، معظمهم من النساء اللواتي لهن معرفة محلية عميقة بالحياة البحرية وإلمام بالعمل في المحيطات، بالدورة التدريبية التي نظمتها المنظمة في خليج على الساحل الشرقي لزنجبار. ولم يتردد المتدربون، من خلال دورات عملية، الخوض في الماء وتعلّم كيفية إنشاء حظائر لخيار البحر لضمان نمو صغار خيار البحر في ظروف مثلى.
السيدة مواناشا، من جزيرة Uzi، هي أم لخمسة أبناء. باتت، بعد وفاة زوجها، تعتمد على استزراع طحالب البحر من أجل بقاء أسرتها. وبالنسبة إليها، كانت الدورة التدريبية لا تقدر بثمن، وتعتقد الآن أن استزراع خيار البحر يمكن أن يوفر مصدر دخل آخر لسكان المنطقة.
وأشارت مشاركة أخرى في الدورة التدريبية، وهي السيدة مونياشا ماكامي، إلى أهمية استزراع خيار البحر بالنسبة إلى المستقبل: "لقد تعلمت الكثير من الأمور الهامة في هذه الدورة التدريبية، وأود حقا القيام بهذا المزيج من استزراع خيار البحر والطحالب لزيادة دخلي. وآمل أن تهتم ابنتي وابني بالمشاركة أيضا".
وتجدر الإشارة إلى أن منشأة التفقيس البحرية في زنجبار تُدعم ماليا من وكالة التعاون الدولي في كوريا. وبفضل الخبرة الفنية التي تتمتع بها المنظمة، يتوقع أن يؤدي هذا المركز إلى تعزيز الاقتصاد الأزرق في زنجبار وربما تنزانيا القارية، بإنتاج مجموعة واسعة من الأنواع البحرية، بما في ذلك أسماك السلماني وسرطان البحر وخيار البحر. ومن المقرر إنشاء منشأة تفقيس وظيفية يمكن أن توفر ملايين اليرقات للمستزرعين البحريين المحليين والإقليميين لتشجيع تنمية تربية الأحياء المائية.
يتراجع إنتاج الطحالب البحرية بسبب تغير المناخ وارتفاع درجة حرارة المياه. تعلّم المنظمة النساء المحليات استزراع خيار البحر الذي يوفر مصدرًا بديلًا للدخل. © الفاو / كريستابل كلارك
نموذج استزراع ينطوي على منافع كثيرة
تقدم المنظمة، بالعمل بشكل وثيق مع منظمة غير حكومية ذات خبرة واسعة في إنشاء مزارع مستدامة لخيار البحر تسمى "Blue Ventures"، يد المساعدة إلى المجتمعات المحلية من أجل تنويع أنشطتها في مجالي الاستزراع وصيد الأسماك للحفاظ على دخل ثابت.
والسيد تيموثي كلوكو خبير في هذا المجال من برنامج تربية الأحياء المائية التي تنفذه منظمة
"Blue Ventures". وإذ يتولى قيادة الدورة التدريبية نيابة عن المنظمة، يوضح قائلًا إن "استزراع خيار البحر يعتبر أحد نماذج تربية الأحياء المائية الإيجابية الصافية القليلة التي أعرفها. فعندما يتم إدخال هذه الحيوانات في المناطق التي تعاني من الصيد المفرط، الكل رابح."
"ويشكل خيار البحر، إلى جانب كونه يتمتع بقدرة أكبر على الصمود وعلى تحمل ارتفاع درجة حرارة المياه مقارنة بالطحالب البحرية التي تستزرع هنا، مهندسًا حاسم الأهمية للنظام الإيكولوجي وهذا يعود بالفائدة على الأشخاص ويؤدي إلى زيادة الإيرادات الناتجة عن بيع الحيوانات الناضجة."
والجدير بالذكر أن هناك سوقًا قوية لخيار البحر الذي يعود بالعديد من المنافع على المنطقة المحلية، إذ يقلّل من الاعتماد على مصايد الأسماك الساحلية المتدهورة ويساعد على التكيّف مع آثار تغير المناخ ويضيف قيمة إلى الموارد البيولوجية المتاحة محليا. وكل ذلك مهم للغاية لبناء اقتصادات بيولوجية محلية قوية وللمساعدة على تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
للمزيد من المعلومات
المنشور: نحو الاقتصاد الحيوي المستدام - الدروس المستفادة من دراسات الحالة
المنشور: آثار تغير المناخ على مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية
الموقع الإلكتروني: المنظمة والاقتصاد الحيوي
الموقع الإلكتروني: المنظمة في تنزانيا