Food and Agriculture Organization of the United NationsFood and Agriculture Organization of the United Nations

نساء ريفيات عراقيات منتجات للألبان يُعِدن بناء سبل كسب عيشهن في المنطقة التي زارها قداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس


منظمة الأغذية والزراعة والاتحاد الأوروبي يعززان سبل كسب العيش الزراعية بعد النزاع الذي دارت رحاه في شمال العراق

Share on Facebook Share on X Share on Linkedin

تعيد ضحى وأفراد أسرتها إعادة بناء مشروعهم التجاري لإنتاج الألبان بعد النزاع الذي دارت رحاه في البلاد. إذ يقدّم لهم مشروع مشترك بين المنظمة والاتحاد الأوروبي الدعم اللازم لتحسين جودة الحليب وإعادة تأهيل وحدة تجهيز الألبان المنزلية التي يملكونها. ©FAO/Chedly Kayouli

12/03/2021

قام قداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس، خلال الفترة من 5 إلى 8 مارس/آذار 2021، بزيارة تاريخية إلى العراق حاملاً معه إلى البلاد رسائل أمل وسلام. وقد تفقد البابا فرنسيس، خلال زيارته، مناطق مزّق أشلاءها النزاع، وعانت فيها المجتمعات الريفية الضعيفة الأمرّين للبقاء على قيد الحياة. وتُعتبر محافظة نينوى، الواقعة في شمال العراق، من بين المناطق التي خضعت لسيطرة مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش).

وتعرب السيدة ضحى نجم شيث، إحدى منتجات الألبان العديدات اللواتي أُجبرن على التخلي عن منازلهن ومزارعهن وأحلامهن جراء النزاع، بالقول "لقد منحونا بضع ساعات فقط للمغادرة".

وتعتبر محافظة نينوى "سلة غذاء" العراق، إذ تنتج معظم الحبوب في البلاد، بما يشمل 20 إلى 30 في المائة من القمح. كما أنها تعدّ مركزًا مهمًا للإنتاج الحيواني. غير أن احتلال داعش لهذه الأراضي خلال الفترة الممتدة بين عامي 2014 و2017 قد أجبر ما يزيد عن مليون شخص على النزوح، ينحدر السواد الأعظم منهم من المناطق الريفية، فضلاً عما خلّفه هذا الاحتلال من أضرار جسيمة في قطاع الزراعة.

واسترسلت ضحى، والدموع تكاد تنهمر من عينيها، قائلة "لقد عادوا وهددونا بقوة السلاح في حال لم نغادر... وبعد إصرارهم، أذعنا لهم وتركنا البيت. وتوجهتُ بصحبة أبنائي ووالدَي زوجي إلى بيت (شقيقه)... بينما بقي زوجي بالقرب من زريبة الجاموس يشاهد ما يحدث. فكسروا بعد ذلك باب الزريبة لإدخال مدفع كبير".

ولا يزال المزارعون، ولا سيما منتجو الألبان من النساء، يكافحون من أجل التعافي بعدما وجدوا عند عودتهم إلى بيوتهم بنية تحتية مدمرة، وأصولًا منهوبة وماشية مسروقة أو مفقودة أو مذبوحة.

إن ضحى وأسرتها من بين الأسر الريفية الكثيرة في هذه المنطقة التي اعتمدت على إنتاج الحليب كمصدر رئيسي للدخل، ويجب عليها الآن إعادة بناء كل ما فقدته جراء النزاع.

يكاد معظم منتجي الألبان في المناطق الريفية في محافظة نينوى لا يتمتعون بإمكانية الوصول إلى مرافق التبريد على امتداد سلسلة قيمة الحليب، ممّا يجعل النساء يبذلن جهدًا أكبر من أجل تجهيز الحليب بسرعة للحد من فواقده. ©FAO/Chedly Kayouli

من هذا المنطلق، تعمل المنظمة والاتحاد الأوروبي مع منتجي الألبان في المناطق الريفية بهدف إعادة تأهيل وحدات التجهيز المنزلية التقليدية، وتنشيط إنتاج الألبان في البلاد، واستعادة سبل كسب العيش. كما يسعى المشروع إلى تزويد النساء الريفيات في هذه المناطق المتضررة بمقومات تمكينهنّ، لأن إنتاج الألبان غالبًا ما كان العمل الذي يقمن به وما شكّل مصدر كسب لقمة عيشهن.

ورغم المساهمة الكبيرة التي تقدمها النساء، فإنّ عملهنّ غالبًا ما لا يقدر حق قدره، والأدهى من ذلك أنه يكاد يكون غير منظور في المناطق الريفية في العراق. وتؤدي النساء دورًا رئيسيًا في تجهيز منتجات الألبان التقليدية وهناك طلب محلي كبير، غير أن ما يكمن وراء ذلك من عمل تضطلع به النساء، لا يحظى إلّا بالقليل من الاعتراف.

ويصرّح السيد الشاذلي كيولي، كبير خبراء المنظمة في سلسلة قيمة الماشية، قائلًا "يُجمِع العراقيون على حبّهم للقيمر، قشطة الحليب المخثرة العراقية المميزة، وغيرها من منتجات الألبان المحلية التقليدية، مثل الزبدة والسمن واللبن وأنواع مختلفة من الجبن الأبيض. ولكنّ القليل منهم يدرك أن منتجات الألبان تنتجها في الغالب نساء ريفيات".

وفي معظم الحالات، تتعرض النساء للتهميش والاستبعاد بسبب ما هو سائد من عادات وتقاليد. فالنساء لا يعانين من الأمية فحسب، بل يفتقرن أيضًا في غالب الأحيان إلى فرص الحصول على أشكال التدريب والتكنولوجيا الجديدة. وما زالت النساء في المناطق الريفية يواجهن عراقيل هيكلية مستحكمة تستبعدهنّ من عمليات صنع القرار على المستويات كافةً، ممّا يعيق أمنهنّ الاقتصادي واستقلاليتهنّ الشخصية. وهذا المشروع يغيّر هذا الوضع بالعمل مباشرة مع النساء لتزويدهن بما يحتجنه من لوازم وتدريب.

تعتبر النساء أهم منتجي منتجات الألبان التي تتمتع بشعبية في مختلف ربوع العراق. ولكن جرت العادة على ألّا يقدر عملهن حق قدره أو أن يتعرض للإهمال. ©FAO/Chedly Kayouli

ترتسم ابتسامة على محيّا ضحى وهي تستذكر حياتها من قبل، "كنت أربي الجواميس: أُعدّ لها العلف في الصباح الباكر قبل شروق الشمس. وكنت أحلب الجاموس، وأضع الحليب في حاويات معدة لهذا الغرض، واستخرج القيمر من ذلك الحليب لبيعه في أسواق المدينة... لقد كان لحياتي بين الأعمال المنزلية وتربية الجاموس في الحظيرة، طعمٌ حلوٌ".

أما الأمر الآن فبات يتعلق بإعادة البناء. لقد بدأ المشروع بتزويد ضحى بالعلف الأخضر لجواميسها، والذي يعتبر علفًا أفضل لإنتاج الحليب. كما ساعدها على تحويل مطبخها المتواضع إلى مصنع لإنتاج الألبان في المنزل، وقدّم لها المعدات اللازمة لمساعدتها على تحويل الحليب إلى منتجات ذات قيمة أعلى مثل القيمر والزبادي. وستمكِّنها هذه المعدات الجديدة للألبان المصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ من توفير الوقت، وكذلك من ضمان إنتاج على درجة أكبر من الصحة والنظافة الصحية.

وضحى هي واحدة من 2 000 من النساء اللواتي يستفدن من هذا المشروع الذي يموّله الاتحاد الأوروبي بهدف تحسين التجهيز التقليدي لمنتجات الألبان. كما يأخذ المشروع على عاتقه إعادة تأهيل 35 وحدة منزلية لجمع الحليب وتبريده وتجهيزه وتسويقه. ويؤدي توفير اللوازم جنبًا إلى جنب مع المساعدة الفنية وخدمات بناء القدرات إلى ضمان نتائج مجدية للمجتمعات المحلية، ليس فقط من حيث توفير منتجات ألبان أفضل جودة وإنما أيضًا من حيث خلق فرص عمل في المجتمعات الريفية.

وعندما سُئلت ضحى عن تجربتها في العمل مع منظمة الأغذية والزراعة ووزارة الزراعة العراقية، أوضحت قائلة "لقد طرق الأمل باب داري صباح أحد الأيام. فهؤلاء الناس بلغتهم قصتنا، ما تعرّضنا له في تلك الفترة، فقرروا مدّ يد العون لنا وإحياء حلمنا".

دورة تدريبية في بلدة قراقوش

استضاف المشروع المشترك بين المنظمة والاتحاد الأوروبي، بعد الزيارة التي قام بها قداسة الحبر الأعظم البابا فرانسيس لبلدة قراقوش، دورة تدريبية على تطوير محاصيل العلف في هذه البلدة. وشارك في هذه الدورة التدريبية السيد واميث يوحنا وزوجته السيدة روا مرزينا جوزيف، وهما أسرة مسيحية من هذه المنطقة، و34 مزارعًا آخر من البلدات المجاورة. وقد تلقى كل المزارعين بذورًا جديدة للنهوض بمزيج مغذٍ بدرجة أكثر من محاصيل العلف. وتُعد السيدة روا من بين 2 000 من النساء اللواتي حصلن على معدات جديدة وتدريب من أجل تحسين جودة منتجات الألبان الخاصة بهم.

والجدير بالذكر أن المنظمة تعمل في سياقات ما بعد الأزمات من أجل استعادة الاكتفاء الذاتي والكرامة، وإعادة بناء سبل كسب العيش الزراعية وتوفير مقومات تمكين النساء في المناطق الريفية. وبفضل هذا المشروع الذي يؤدي إلى تحسين سلاسل قيمة منتجات الألبان وإعادة تنشيط الإنتاج الحيواني في العراق، تساهم المنظمة والاتحاد الأوروبي في زرع بذور الأمل في نفوس العائدين في العراق.

وقد صرّح قداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس خلال الزيارة التي قام بها لنينوى قائلًا "إلّا أننا، اليوم، نعيد تأكيد قناعتنا بأن روح الأخوّة أكثر ديمومة من قتل الإنسان لأخيه الإنسان، وبأنّ الرجاء أقوى من الكراهية، وبأن السلام أقوى من الحرب". وكانت رسالته بشأن إعادة البناء موجّهة للجميع، وتجد صداها في ما تتخذه المنظمة من إجراءات هادفة إلى مساعدة البلاد على النهوض.

روابط تتعلق بالموضوع

للمزيد من المعلومات

الموقع الإلكتروني: الملامح القطرية: العراق

الموقع الإلكتروني: عمل المنظمة في مجال القدرة على الصمود