Food and Agriculture Organization of the United NationsFood and Agriculture Organization of the United Nations

جزيرة من ذهب الشوكولاتة


زراعة الكاكاو المستدام واستصلاح الأراضي والغابات المتدهورة في سان تومي وبرينسيبي

Share on Facebook Share on X Share on Linkedin

سان تومي وبرينسيبي، الدولة الجزرية المُغطّاة بالغابات المطيرة ومزارع الكاكاو، غنية بتنوعها البيولوجي لكنها تواجه تزايدًا في تدهور الغابات والأراضي نتيجة التوسّع الزراعي وتغيّر استخدام الأراضي وآثار تغيّر المناخ. FAO/Eduardo Soteras©

17/09/2025

مع بزوغ ضوء الصباح على مزرعة برايا داس كونشاس روشا في جزيرة سان تومي، تسير مجموعة من الأطفال متشابكي الأيدي نحو المدرسة، وحقائبهم على ظهورهم. أربعةٌ منهم هم أطفال السيدة Camila Varela De Carvalho، وهي مزارعة كاكاو تبلغ من العمر 32 عامًا. أمّا الأربعة الآخرون، فهم أبناء شقيقها، الذين تتولى تربيتهم جميعًا.

وما أن ينطلق الأطفال إلى المدرسة، تلتقط السيدة Camila دلوًا وأداة حصاد مصنوعة من غصن خشبي وطرف حادّ وتتجه نحو مزرعتها. وبمجرد وصولها إلى أشجار الكاكاو، تُبعِد الأغصان لتقطف قرون الكاكاو الناضجة. وبشقٍ صغير، تشطر القرن بدقة إلى نصفين بحركة متقنة وهي مهارة صقلتها منذ أن كانت في الثامنة من عمرها.

وتظهر في داخل الثمرة حبّات الكاكاو مغطّاة باللُّب الأبيض، فتجمعها وتضعها في دلْوها. وبمجرد أن تُجفَّف هذه الحبوب وتُخمَّر، تُباع لتتحول إلى شوكولاتة فتدرّ الدخل الذي يعيل أسرتها ومجتمعها.

وتشرح السيدة Camila: "يُحدِث الكاكاو فرقًا كبيرًا في حياتي. فبفضل المال الذي أجنيه من الكاكاو، يمكنني شراء السمك وكل ما أفتقر إليه في منزلنا".

وتزاول السيدة Camila أيضًا، إلى جانب اعتنائها بمزرعتها، ثلاثة وظائف أخرى، بينما يعمل زوجها في وظيفتين اثنتين. ومن بين هذه الوظائف عملها لدى تعاونية إنتاج الكاكاو العضوي وتصديره (CECAB)، وهو المفضّل لديها، حيث تعمل مفتشةً للكاكاو. وتتولى في التعاونية العديد من المهام، من وزن حبوب الكاكاو وفرزها إلى تقليبها بهدف التجفيف.

تعمل مبادرة الإصلاح مع تعاونيات الكاكاو وتدعم مزارعي الكاكاو، لا سيّما المزارِعات مثل السيدة Camila، من خلال تحسين التقنيات وتوفير شهادات الزراعة العضوية والتجارة العادلة. FAO/Eduardo Soteras©

تعتمد سان تومي وبرينسيبي، الدولة الجزرية الواقعة قبالة سواحل غرب أفريقيا، بشكل كبير على إنتاج الكاكاو لدعم سُبل العيش المحلية. فهذه الجزيرة، المكسوّة بالغابات المطيرة ومزارع الكاكاو، غنية بتنوّعها البيولوجي، لكنها تواجه تزايدًا في تدهور الغابات والأراضي نتيجة التوسّع الزراعي والتغيرات في استخدام الأراضي وآثار تغيّر المناخ.

وبالتنسيق مع تعاونيات إنتاج الكاكاو في البلاد، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) والحكومة الوطنية مشروعًا لإصلاح النظم الإيكولوجية الحرجية المتدهورة وتعزيز الإنتاج المستدام للكاكاو في إطار مبادرة الإصلاح.  

وتُقدّم مبادرة الإصلاح، المُمولة من مرفق البيئة العالمية، وبالتعاون مع الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، الدعم لتسعة بلدان في مسيرتها نحو إصلاح النظم الإيكولوجية والمشاهد الطبيعية المتدهورة. وتدعم المبادرة في سان تومي وبرينسيبي مزارعي الكاكاو، لا سيّما المزارعات منهم، من خلال تحسين تقنيات الحراجة الزراعية وتوفير شهادات الزراعة العضوية والتجارة العادلة.

وتعاونت المنظمة مع تعاونية إنتاج الكاكاو العضوي وتصديره، وهي التعاونية التي أصبحت السيدة Camila الآن جزءًا منها.

وتقول: "قبل إنشاء التعاونية، كنا نحصد الكاكاو، وكانت الجرارات تأتي لشرائه... وعندما يبلغ الجرار حمولته القصوى، كانوا بالكاد يشترون أي كمية إضافية من الكاكاو. أما الآن بفضل التعاونية، فمهما كان وقت وصولك، يمكنك بيع محصولك من الكاكاو".

وتأسَّست تعاونية إنتاج الكاكاو العضوي وتصديره في عام 2005 وأصبحت الآن أكبر تعاونية في الجزيرة، تضمّ 37 مجموعة منتجين وتستفيد منها أكثر من 000 2 أسرة.

وبات الآن الدخل الذي تجنيه السيدة Camila من بيع محصول الكاكاو الأعلى غلَّة يُتيح لها تغطية نفقات معيشة أسرتها وتعليم أطفالها، وادخار ما يكفي من المال حتى نهاية العام.

استصلاح أراضي الجزيرة وأشجارها

يقول السيد Faustino Oliveira، المنسق الوطني لمشروع المنظمة: "منذ عام 2019، جرى استصلاح أكثر من 000 8 هكتار من المناطق المخصصة للحراجة الزراعية وقد شارك في هذه الأنشطة 500 3 مزارع". ويهدف المشروع إلى استصلاح 000 36 هكتار، أي ما يعادل ثلث مساحة البلاد، بحلول عام 2030.

وأنشأ المشروع مشاتل لزراعة أشجار الفاكهة المتوطنة وغيرها من أنواع الأشجار. وقد أنتجت هذه المشاتل حتى الآن أكثر من 980 240 شتلة، زُرع معظمها في قطع أرضٍ تعتمد نظام الحراجة الزراعية في كلٍّ من جزيرتي سان تومي وبرينسيبي.

وفي عام 2024، أُدرج نظام الحراجة الزراعية للكاكاو في سان تومي وبرينسيبي ضمن قائمة نظم التراث الزراعي ذات الأهمية العالمية. ففي هذه الحدائق التقليدية، يقوم المزارعون بزراعة نوع فريد ومميز من الكاكاو هو نوع Amelonado، إلى جانب أشجار مثمرة أخرى، فتخلق معًا مشاهد حرجية. وساعد أسلوب الزراعة هذا المتوارث من جيل إلى آخر الأسر، كأسرة السيدة Camila، في المحافظة على خصوبة أراضيها وحماية مصادر المياه ومواجهة التحديات المناخية بفضل قدرتها على الصمود.

كما أنّ الانضمام إلى قائمة نظم التراث الزراعي ذات الأهمية العالمية يفتح الباب أيضًا أمام منح شهادات التجارة العضوية والعادلة ويعزز سلاسل القيمة ويُبرز مكانة مزارعي الكاكاو بقدر أكبر.

بات دخل السيدة Camila من الكاكاو يتيح لها تغطية نفقات معيشة أسرتها وتعليم أطفالها بفضل عملها مع تعاونية إنتاج الكاكاو العضوي وتصديره، وهي أكبر تعاونية للكاكاو في الجزيرة. FAO/Eduardo Soteras

أحلام حلوة

تحلم السيدة Camila في المستقبل بصنع أصناف الشوكولاتة الخاصة بها في مصنع الشوكولاتة الذي أنشأته تعاونية إنتاج الكاكاو العضوي وتصديره لضمان استفادة المزارعين من كل خطوة في سلسلة قيمة الكاكاو.

وتقول السيدة Antonia dos Lantos Neto، مديرة مصنع الشوكولاتة التابع للتعاونية: "إن تحويل منتجهم إلى شوكولاتة يمنحنا شعورًا هائلًا بالرضا، لأنها المرة الأولى التي يكون لشعب سان تومي مصنعهم الخاص".

وقد شاركت السيدة Camila بالفعل، في دورات وجلسات تدريبية حول ريادة مشاريع الأعمال نظّمتها التعاونية من خلال هذا المشروع، حيث تعلّمت كيفية استخدام الأجهزة اللوحية، ووزن الكاكاو، وشحن حبوبه.

ولا يزعجها كون إنتاج الكاكاو في سان تومي مجالًا يهيمن عليه الرجال.

وبينما تمضي قدمًا نحو تحقيق حلمها، توجّه السيدة Camila رسالة إلى زميلاتها المزارعات، قائلة: "أن تكوني امرأة مزارعة يعني أن تكوني مناضلة قوية. وعلينا، نحن المزارعات، أن نواصل العمل دائمًا لضمان عدم حدوث أي نقص في المنتجات في السوق، ولا حتى في التعاونية".

يُشكّل تاريخ 16 أكتوبر/تشرين الأول من كل عام، الذي يصادف يوم الأغذية العالمي، فرصة للاحتفاء بأبطال الأغذية حول العالم. فمن المزارعين وصيادي الأسماك إلى المبتكرين والطهاة، يقود أبطال الأغذية جهودًا محلية وعالمية لإنشاء نظم زراعية وغذائية أكثر استدامة وقدرة على الصمود. ولكن بإمكاننا جميعًا أن نكون أبطالًا للأغذية من خلال احترام الغذاء، والقضاء على المُهدَر، والحد من الاستهلاك غير الضروري. أفعالنا هي مستقبلنا. فلنبنِ معًا مستقبلًا أفضل.